شرح حديث
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
كانَتْ أُمُّ المُؤمِنينَ مَيمونةُ بِنتُ الحارِثِ الهِلاليَّةُ ذاتَ فَضلٍ، وقد كانَ لها خَصائِصُ تُمَيِّزُها مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقد وَهَبتْ نَفْسَها له، وجَعَلتْ أمْرَها لِلعبَّاسِ بنِ عَبدِ المُطَّلِبِ، فزَوَّجَها النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقد حَفِظَتِ الكَثيرَ مِنَ السُّنَّةِ النَّبويَّةِ، وقد أخبَرَها النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ببَعضِ ما يَكونُ لها عِندَ مَوتِها، كما يُبَيِّنُ هذا الحَديثُ، وفيه يقولُ يَزيدُ بنُ الأصَمِّ، وهو ابنُ أُختِ مَيمونةَ رَضيَ اللهُ عنها: "ثَقُلتْ مَيمونةُ زَوجُ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّمَ"، يَعني: مَرِضتْ مَرَضَ المَوتِ "وليس عِندَها مِن بَني أخيها"، يَعني: لم يَكُنْ عِندَها أحَدٌ مِن مَحارِمِها، مِثلَ يَزيدَ بنِ الأصَمِّ، وعَبدِ اللهِ بنِ شَدَّادٍ، وعَبدِ اللهِ بنِ العَبَّاسِ، أبناءِ أخواتِها، "فقالَتْ: أخرِجوني مِن مَكَّةَ"، فاجعَلوني خارِجَ حُدودِها؛ وذلك حتى لا تَنقَطِعَ هِجرَتُها، "فإنِّي لا أموتُ بها؛ إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّمَ أخبَرَني أنِّي لا أموتُ بمَكَّةَ"، وإخبارُه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَقٌّ، فأرادَتْ أنْ تُحَقِّقَ قَولَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "فحَمَلوها حتى أتَوْا بها سَرِفَ" وهو مَوضِعٌ يَبعُدُ عن مَكَّةَ حَوالَيْ 10 كم مِن مَكَّةَ، وقيلَ: على بُعْدِ 16 كم، وقيلَ غَيرُ ذلك، "إلى الشَّجَرةِ التي بَنى بها رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّمَ تَحتَها في مَوضِعِ الفَيْئةِ"، وهو مَوضِعُ الظِّلِّ تَحتَ الشَّجَرةِ، وكانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قد تَزوَّجَها عامَ عُمرةِ القَضاءِ في طَريقِ مَكَّةَ، قَبلَ أنْ يُحرِمَ, وظَهَرَ أمْرُ تَزويجِها بَعدَ أنْ أحْرَمَ، ثم بَنى بها وهو حَلالٌ في المُراجَعةِ بسَرِفَ، قالَ يَزيدُ بنُ الأصَمِّ: "فماتَتْ؛ فلَمَّا وَضَعْناها في لَحْدِها"، واللَّحدُ: الشَّقُّ الذي يُعمَلُ في جانِبِ القَبرِ بقَدْرِ ما يَسَعُ المَيِّتَ؛ فيُوضَعُ فيه، ثم يُنصَبُ عليه اللَّبِنُ، وسُمِّيَ الشَّقُّ في جانِبِ القَبرِ لَحدًا؛ لِأنَّه أُمِيلَ به عن وَسَطِ القَبرِ، "أخَذتُ رِدائي فوَضَعتُها تَحتَ خَدِّها في اللَّحدِ"، وذلك أنَّ رَأْسَها قد مالَ، كما في رِوايةِ ابنِ حِبَّانَ، "فأخَذَه ابنُ عَبَّاسٍ فرَمَى به"، ووَضَعَ مَكانَه قِطعةً مِنَ الصَّخرِ، كما في رِوايةِ الحاكِمِ، وذلك أنَّ الثَّوبَ أبْقى وأنفَعُ لِلحَيِّ مِنَ المَيِّتِ، وقد ماتَتْ سَنةَ إحدى وخَمسينَ، وقيلَ: سَنةَ ثَلاثٍ وسِتِّينَ، وقيلَ: سَنةَ سِتٍّ وسِتِّينَ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم