شرح حديث إن الله يحب ثلاثة ويبغض ثلاثة فذكر الحديث إلى أن قال
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
كانَ النبيُّ صَلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ يُرَبِّي أصحابَه على الفَضائِلِ والبُعدِ عنِ الرَّذائِلِ، وكَثيرًا ما كانَ يُحَذِّرُهم مِن سَيِّئِ الصِّفاتِ وقَبيحِ الأعمالِ، وكانَ صَلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ شَديدَ الحِرصِ على كُلِّ ما يُقَرِّبُهم مِنَ الآخِرةِ.
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النبيُّ صَلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ
اللهَ يُحِبُّ ثَلاثةً، ويُبغِضُ ثَلاثةً"، ثَلاثةَ أصنافٍ مِنَ الناسِ، "فذَكَرَ الحَديثَ"، وتَمامُه كما عِندَ الطَّبَرانيِّ وغَيرِه أنَّه ذَكَرَ الثَّلاثةَ الذين يُحِبُّهم
اللهُ، وهمُ: "الرَّجُلُ يَلْقَى العَدوَّ في فِئةٍ"، في جَماعةٍ مِن أصحابِه المُقاتِلينَ المُجاهِدينَ "فيَنصُبُ لهم نَحرَه"، كَأنَّه يَفدي أصحابَه برَقَبَتِه ورُوحِه؛ فيَتقَدَّمُ لِلعَدوِّ "حتى يُقتَلَ أو يُفتَحَ لِأصحابِه"، والصِّنفُ الثاني: "والقَومُ يُسافِرونَ فيَطُولُ سُراهم"، وهو سَيرُهم باللَّيلِ، "حتى يُحِبُّوا أن يَمَسُّوا الأرضَ"؛ لِلرَّاحةِ والنَّومِ "فيَنزِلونَ" عن دَوابِّهم "فيَتنَحَّى أحَدُهم" ويَأخُذُ جانِبًا لِنَفْسِه "فيُصَلِّي" وهم نيامٌ، كَأنَّه يَحرُسُهم، "حتى يُوقِظَهم" في الصَّباحِ، أو بَعدَ نَومِهم "لِرَحِيلِهم" وذَهابِهم مِن ذلك المَكانِ، والصِّنفُ الثالِثُ: "والرَّجُلُ يَكُونُ له الجارُ" السُّوءُ "يُؤذِيه جارُه فيَصبِرُ على أذاهُ حتى يُفَرِّقَ بَينَهما مَوتٌ أو ظَعْنٌ"، بمعنى: حتى يُفَرِّقَ
اللهُ بَينَه وبَينَ جارِه السَّيِّئِ بمَوتِ أحَدِهما أو تَرْكِه لِلمَكانِ إلى مَكانٍ آخَرَ.
"قُلتُ: فمَنِ الثَّلاثةُ الذين يُبغِضُهمُ
اللهُ؟" وهمُ الذين يَكرَهُهمُ
اللهُ، ومَن كَرِهَه يُعذِّبُه ويُحِلُّه دارَ الهَوانِ، وأوَّلُ الذين يُبغِضُهمُ
اللهُ: "المُختالُ الفَخورُ"، وهو المُتكَبِّرُ المُتغَطرِسُ الذي يَتكَبَّرُ على الخَلقِ بلا داعٍ، ولا رادِعٍ، "وأنتم تَجِدونَه في كِتابِ
اللهِ المُنَزَّلِ:
{ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } [
لقمان: 18 ]، "والبَخيلُ المَنَّانُ"، وهو الذي يَبخَلُ بمالِه، ولا يُنفِقُ منه -كما يُحِبُّ
اللهُ- بالصَّدَقاتِ وعَمَلِ البِرِّ، وإذا أنفَقَ منه شَيئًا فإنَّه يَمُنُّ على الآخِذِ، "والتَّاجِرُ أوِ البائِعُ الحَلَّافُ"، الذي يُكثِرُ الحَلِفَ على سِلعَتِه وهو كاذِبٌ، ولَفظةُ
( الحَلَّافُ )، صِيغةُ مُبالَغةٍ؛ فأفادَ ذلك أنَّه اعتادَ هذا الأمْرَ وأكْثَرَ منه في تِجارَتِه؛ لِيُنفِقَ سِلعَتَه بالأيْمانِ؛ فيَتَهاوَنُ بأيْمانِ
اللهِ، ويُغرِّرُ المشتَريَ.
وفي الحَديثِ: إثباتُ صِفَتَيِ الحُبِّ والبُغضِ للهِ عَزَّ وجَلَّ.
وفيه: بَيانُ فَضيلةِ الإحسانِ إلى الجارِ، والصَّبرِ على أذاه.
وفيه: بَيانُ فَضلِ الجِهادِ والتَّضحيةِ بالنَّفْسِ في سَبيلِ
اللهِ.
وفيه: تَحذيرٌ مِنَ الأخلاقِ السَّيِّئةِ، مِثلَ البُخلِ والكَذِبِ والحَلِفِ الكاذِبِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم