شرح حديث لما كذبتني قريش قمت في الحجر فجلا الله لي بيت المقدس فطفقت
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
كانتْ حادِثةُ الإسْراءِ والمِعراجِ آيةً مِن آياتِ اللهِ سُبحانَه وتعالَى لنَبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ يُثبِّتُ فُؤادَه، ويُقوِّي يَقينَه، فكانت مُعجِزةً ظاهِرةً، لكنَّ قُرَيشًا أبَتْ أنْ تُصدِّقَ ذلك، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدْ أُسْريَ به لَيلةَ الإسْراءِ إلى بَيتِ المَقدِسِ، فصلَّى فيه رَكعَتَينِ، كما عندَ مُسلمٍ مِن حَديثِ أنَسٍ رَضيَ اللهُ عنه.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه لمَّا ذَكَر لقُريشٍ أنَّه أُسرِيَ به -والإسراءُ السَّيرُ ليلًا- مِن البيتِ الحَرامِ إلى بَيتِ المقدسِ في لَيلةٍ واحدةٍ، وكانتِ الرِّحْلةُ بيْنَ مكَّةَ والقُدسِ وَقتَئذٍ تَستَغرِقُ عدَّةَ شُهورٍ؛ كذَّبوه، وسَخِروا مِنه، وسَألوه أنْ يَصِفَ لهُم بَيتَ المَقدِسِ؛ وذلك لأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يَسبِقْ في عِلمِهم أنَّه قدْ ذهَب إلى بيتِ المَقدِسِ في رِحْلةٍ أو سَفرٍ، وكان مِن قُرَيشٍ مَن سافَرَ إلى بَيتِ المَقدِسِ، فطَلَبوا منه وَصْفَه لبَيتِ المَقدِسِ تَعْجيزًا له، فقامَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الحِجْرِ، وهو البِناءُ الدَّائريُّ الَّذي حَولَ الكَعْبةِ مِن النَّاحيةِ المُقابِلةِ للحَجرِ الأسوَدِ، والرُّكنِ اليَمانيِ، وهو على شَكلِ نِصفِ دائرةٍ يُلاصِقُ الرُّكنَينِ الشَّاميَّ والعِراقيَّ، وهذا الحِجْرُ جُزءٌ مِن الكَعْبةِ، ولكنْ لَمَّا هُدِمَتِ الكَعبةُ، وبَنَتْها قُريشٌ؛ لم تَسَعْهمُ النَّفقةُ، فاقْتَصَروا على هذا البِناءِ.
فأظهَرَ اللهُ عزَّ وجلَّ لنَبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكشَف له الحُجُبَ بَيْنه وبيْنَ المسجِدِ حتَّى رَآه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وبَدأَ يُخبِرُهم عن مَعالِمِه وبِنائِه، وهو صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَنظُرُ إليه، فشَاهَدَه، ورَأى آياتِه، فأخبَرَ بها عَن مُعايَنةٍ قَريبةٍ؛ فهذا أبلَغُ ممَّا لو كان قدْ عَلِم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حينَ دخَلَه أنَّ قُرَيشًا سَتَسألُه، ويَطوفُه طَوافَ مُستَثبِتٍ لآثارِه.
وفي الحَديثِ: أنَّ مِنَ المُعجِزاتِ الظَّاهرةِ كَشْفَ الحِجابِ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى رَأى بَيتَ المَقدِسِ، وتمكَّنَ مِن وَصفِه كأنَّه ماثِلٌ بيْن يدَيْه.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم