شرح حديث عن قتادة خمس وستون يعني عمر أبي بكر الصديق
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَرى ما لا يَراه غَيرُه، وكان الوَحيُ يُطلِعُه على بَعضِ ما يَحدُثُ في قابِلِ الزَّمانِ إجْمالًا أو تَفْصيلًا؛ ولذلك فقدْ حذَّرَنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن الفِتَنِ الَّتي سَتقَعُ، وعلَّمَنا كَيف نَتَّقِيها بالتَّمسُّكِ بالحقِّ، وهو كِتابُ اللهِ، وسُنَّةُ نَبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي أُسامةُ بنُ زَيدٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أشرَفَ -أي: أقبَلَ فنَظَر مِن مَكانٍ عالٍ- على أُطُمٍ مِنَ الآطامِ، أي: حِصنٍ مِن حُصونِ المَدينةِ، فقال لأصْحابِه: «هلْ ترَوْنَ ما أرى؟» أي: ما كُشِفَ لي، فأبصَرْتُ ذلك عِيانًا، «أرى الفِتنَ تقَعُ خِلالَ بُيوتِكم»، أي: بيْنَها، وفي نَواحيها، مثلَما يقَعُ المَطرُ في مواقِعِه، ووَجهُ التَّشْبيهِ بيْن وُقوعِ الفِتنِ ونُزولِ قَطْرِ المَطرِ: الكَثرةُ، والعُمومُ، والتَّتابُعُ، أي: إنَّها لكَثيرةٌ وتعُمُّ النَّاسَ لا تَختَصُّ بها طائفةٌ، وقيلَ: هو إشارةٌ إلى الحُروبِ الواقِعةِ فيها، كوَقْعةِ الحَرَّةِ وغيرِها.
وقيلَ: إنَّما اختصَّتِ المَدينةُ بذلك؛ لأنَّ قَتْلَ عُثمانَ رَضيَ اللهُ عنه كان بها، ثمَّ انتشَرَتِ الفِتنُ في البِلادِ بعْدَ ذلك، فالقِتالُ بالجَمَلِ وبصِفِّينَ كان بسَببِ قَتْلِ عُثمانَ، والقِتالُ بالنَّهرَوانِ كان بسَببِ التَّحكيمِ بصِفِّينَ، وكلُّ قِتالٍ وقَعَ في ذلك العَصرِ إنَّما توَلَّدَ عن شَيءٍ مِن ذلك، أو عن شَيءٍ تولَّدَ عنه.
وفي الحَديثِ: عَلامةٌ مِن عَلاماتِ نُبوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بإخْبارِه عن أُمورٍ غَيْبيَّةٍ.
وفيه: الإخْبارُ بوُقوعِ الفِتنِ؛ للتَّحْذيرِ منها، وليَتأهَّبَ النَّاسُ لها، فلا يَخوضوا فيها، ويَسأَلوا اللهَ الصَّبرَ والنَّجاةَ مِن شَرِّها.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم