الآية 58 من سورة النور مكتوبة بالتشكيل

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ۚ مِّن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ۚ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ ۚ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ ۚ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾
[ النور: 58]

سورة : النور - An-Nur  - الجزء : ( 18 )  -  الصفحة: ( 357 )

O you who believe! Let your legal slaves and slave-girls, and those among you who have not come to the age of puberty ask your permission (before they come to your presence) on three occasions; before Fajr (morning) prayer, and while you put off your clothes for the noonday (rest), and after the 'Isha' (late-night) prayer. (These) three times are of privacy for you, other than these times there is no sin on you or on them to move about, attending (helping) you each other. Thus Allah makes clear the Ayat (the Verses of this Quran, showing proofs for the legal aspects of permission for visits, etc.) to you. And Allah is All-Knowing, All-Wise.


جناح : حرج في الدخول بلا استئذان

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه مُروا عبيدكم وإماءكم، والأطفال الأحرار دون سن الاحتلام أن يستأذنوا عند الدخول عليكم في أوقات عوراتكم الثلاثة: من قبل صلاة الفجر؛ لأنه وقت الخروج من ثياب النوم ولبس ثياب اليقظة، ووقت خلع الثياب للقيلولة في الظهيرة، ومن بعد صلاة العشاء؛ لأنه وقت للنوم، وهذه الأوقات الثلاثة عورات لكم، يقل فيها التستر، أما فيما سواها فلا حرج إذا دخلوا بغير إذن؛ لحاجتهم في الدخول عليكم، طوافون عليكم للخدمة، وكما بيَّن الله لكم أحكام الاستئذان يبيِّن لكم آياته وأحكامه وحججه وشرائع دينه. والله عليم بما يصلح خلقه، حكيم في تدبيره أمورهم.

ياأيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم - تفسير السعدي

أمر المؤمنين أن يستأذنهم مماليكهم، والذين لم يبلغوا الحلم منهم.
قد ذكر الله حكمته وأنه ثلاث عورات للمستأذن عليهم، وقت نومهم بالليل بعد العشاء، وعند انتباههم قبل صلاة الفجر، فهذا -في الغالب- أن النائم يستعمل للنوم في الليل ثوبا غير ثوبه المعتاد، وأما نوم النهار، فلما كان في الغالب قليلا، قد ينام فيه العبد بثيابه المعتادة، قيده بقوله: { وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ }- أي: للقائلة، وسط النهار.ففي ثلاثة هذه الأحوال، يكون المماليك والأولاد الصغار كغيرهم، لا يمكنون من الدخول إلا بإذن، وأما ما عدا هذه الأحوال الثلاثة فقال: { لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ }- أي: ليسوا كغيرهم، فإنهم يحتاج إليهم دائما، فيشق الاستئذان منهم في كل وقت، ولهذا قال: { طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ }- أي: يترددون عليكم في قضاء أشغالكم وحوائجكم.{ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ } بيانا مقرونا بحكمته، ليتأكد ويتقوى ويعرف به رحمة شارعه وحكمته، ولهذا قال: { وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ْ} له العلم المحيط بالواجبات والمستحيلات والممكنات، والحكمة التي وضعت كل شيء موضعه، فأعطى كل مخلوق خلقه اللائق به، وأعطى كل حكم شرعي حكمه اللائق به، ومنه هذه الأحكام التي بينها وبين مآخذها وحسنها.

تفسير الآية 58 - سورة النور

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

ياأيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم : الآية رقم 58 من سورة النور

 سورة النور الآية رقم 58

ياأيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم - مكتوبة

الآية 58 من سورة النور بالرسم العثماني


﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِيَسۡتَـٔۡذِنكُمُ ٱلَّذِينَ مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُمۡ وَٱلَّذِينَ لَمۡ يَبۡلُغُواْ ٱلۡحُلُمَ مِنكُمۡ ثَلَٰثَ مَرَّٰتٖۚ مِّن قَبۡلِ صَلَوٰةِ ٱلۡفَجۡرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ ٱلظَّهِيرَةِ وَمِنۢ بَعۡدِ صَلَوٰةِ ٱلۡعِشَآءِۚ ثَلَٰثُ عَوۡرَٰتٖ لَّكُمۡۚ لَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ وَلَا عَلَيۡهِمۡ جُنَاحُۢ بَعۡدَهُنَّۚ طَوَّٰفُونَ عَلَيۡكُم بَعۡضُكُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ  ﴾ [ النور: 58]


﴿ ياأيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم ﴾ [ النور: 58]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة النور An-Nur الآية رقم 58 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 58 من النور صوت mp3


تدبر الآية: ياأيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم

لا يُعفى الصغير العاقل من الالتزام بما يأمره به الشارع ممَّا فيه مصلحة له ولغيره؛ ألا تراه يأمره بالاستئذان في بعض الأوقات؟ يؤدِّب العليم الخبير المؤمنين بهذه الآداب وهو يريد أن يبني أمة سليمة الأخلاق، نقية الصدور، مهذبة المشاعر، طاهرة القلوب، نظيفة التصورات.
يحرِص الإسلام على أن يكونَ المسلم في هيئة حسنة أمام الناس، وألا يبدوَ منه ما يَشينه بينهم، فما أعظمَ هذا الدينَ في تزيين أهله بين الآخرين! حدَّد الله أوقاتًا للصغار لا يدخلون فيها على الوالدين حفظًا للأبصار، فكيف بمن يتركهم أمام الشاشات التي تُكشف فيها العورات، ويُعرض فيها ما يغري بالفواحش والمنكرات؟! تأمَّل كيف يجمع الإسلام في تعاليمه بين التستر والتأدب بآدابه، وبين السماحة وإزالة الحرج في الأوقات غير المحظورة، دون أن يلغي الحدود المعلومة.
مقام هذه الآداب هو من مقامات علم الله بنفوس البشر وما يصلحها، ومن مقامات حكمته في علاج النفوس والقلوب وما ينفعها.

ذكر المفسرون في سبب نزول قوله-تبارك وتعالى-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ ...
روايات منها: أن امرأة يقال لها أسماء بنت أبى مرثد، دخل عليها غلام كبير لها، في وقت كرهت دخوله فيه، فأتت النبي صلّى الله عليه وسلّم فقالت: يا رسول الله، إن خدمنا وغلماننا يدخلون علينا في حال نكرهها، فأنزل الله تعالى هذه الآية:ومنها ما روى من أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم بعث في وقت الظهيرة غلاما من الأنصار يقال له مدلج، إلى عمر بن الخطاب، فدق الغلام الباب على عمر- وكان نائما- فاستيقظ، وجلس فانكشف منه شيء فقال عمر: لوددت أن الله-تبارك وتعالى- نهى آباءنا وأبناءنا وخدمنا عن الدخول علينا في هذه الساعة إلا بإذن ثم انطلق عمر مع الغلام إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فوجد هذه الآية قد نزلت فخر ساجدا لله-تبارك وتعالى- .
وقد صدرت الآية الكريمة بندائهم بصفة الإيمان.
لحضهم على الامتثال لما اشتملت عليه من آداب قويمة.
وتوجيهات حكيمة.
واللام في قوله لِيَسْتَأْذِنْكُمُ هي لام الأمر والمراد بما ملكت أيمانهم: الأرقاء سواء أكانوا ذكورا أم إناثا، ويدخل فيهم الخدم ومن على شاكلتهم.
والمراد بالذين لم يبلغوا الحلم.
الأطفال الذين في سن الصبا ولم يصلوا إلى سن البلوغ إلا أنهم يعرفون معنى العورة ويميزون بين ما يصح الاطلاع عليه وما لا يصح.
والمعنى: يا من آمنتم بالله حق الإيمان من الرجال، والنساء، عليكم أن تمنعوا مماليككم وخدمكم وصبيانكم الذين لم يبلغوا سن البلوغ، من الدخول عليكم في مضاجعكم بغير إذن في هذه الأوقات الثلاثة، خشية أن يطلعوا منكم على ما لا يصح الاطلاع عليه.
فقوله-تبارك وتعالى-: ثَلاثَ مَرَّاتٍ تحديد للأوقات المنهي عن الدخول فيها بدون استئذان، أى: ثلاث أوقات في اليوم والليلة.
ثم بين- سبحانه - هذه الأوقات فقال: مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وذلك لأن هذا الوقت يقوم فيه الإنسان من النوم عادة، وقد يكون متخففا من ثيابه.
ولا يجب أن يراه أحد وهو على تلك الحالة.
وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ أى: وحين تخلعون ثيابكم وتطرحونها في وقت الظهيرة، عند شدة الحر، لأجل التخفيف منها وارتداء ثياب أخرى أرق من تلك الثياب، طلبا للراحة واستعدادا للنوم.
وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ لأن هذا الوقت يتجرد فيه الإنسان من ثياب اليقظة، ليتخذ ثيابا أخرى للنوم.
وقوله- سبحانه -: ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ خبر مبتدأ محذوف، والعورات: جمع عورة.
وتطلق على ما يجب ستره من الإنسان، وهي- كما يقول الراغب- مأخوذة من العار، وذلك لأن المظهر لها يلحقه العار والذم بسبب ذلك.
أى: هذه الأوقات من ثلاث عورات كائنة لكم- فعليكم أن تعودوا مماليككم وخدمكم وصبيانكم.
على الاستئذان عند إرادة الدخول عليكم فيها، لأنها أوقات يغلب فيها اختلاء الرجل بأهله، كما يغلب فيها التخفف من الثياب، وانكشاف ما يجب ستره.
وقوله- سبحانه -: لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ بيان لمظهر من مظاهر التيسير في شريعة الإسلام.
أى: وليس عليكم أيها المؤمنون والمؤمنات، ولا عليهم، أى: أرقائكم وصبيانكم «جناح» أى: حرج أو إثم في الدخول بدون استئذان «بعدهن» أى: بعد كل وقت من تلك الأوقات الثلاثة.
وقوله-تبارك وتعالى- طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ تعليل لبيان العذر المرخص في ترك الاستئذان في غير الأوقات التي حددها الله-تبارك وتعالى-.
أى: لا حرج في دخول مماليككم وصبيانكم عليكم في غير هذه الأوقات بدون استئذان لأنهم تكثر حاجتهم في التردد عليكم، وأنتم كذلك لا غنى لكم عنهم فأنتم وهم يطوف بعضكم على بعض لقضاء المصالح في كثير من الأوقات.
وبذلك يجمع الإسلام في تعاليمه بين التستر والاحتشام والتأدب بآدابه القويمة، وبين السماحة وإزالة الحرج والمشقة.
ثم ختم- سبحانه - الآية الكريمة بقوله: كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ.
أى: مثل هذا البيان الحكيم يبين الله-تبارك وتعالى- لكم الآيات التي توصلكم متى تمسكتم بها، إلى طريق الخير والسعادة، والله- عز وجل - عليم بما يصلح عباده، حكيم في كل ما يأمر به، أو ينهى عنه.
وهكذا تسوق لنا الآية الكريمة ألوانا من الأدب السامي، الذي يجعل الكبار والصغار يعيشون عيشة فاضلة، عامرة بالطهر والعفاف والحياء، والنقاء من كل ما يجرح الشعور، ومن كل تصور يتنافى مع الخلق الكريم.
قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيمفيه سبعة مسائل :الأولى : قال العلماء ، هذه الآية خاصة والتي قبلها عامة ؛ لأنه قال : ياأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ثم خص هنا فقال : ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم فخص في هذه الآية بعض المستأذنين ، وكذلك أيضا يتأول القول في الأولى في جميع الأوقات عموما .
وخص في هذه الآية بعض الأوقات ، فلا يدخل فيها عبد ولا أمة ؛ وغدا كان أو ذا منظر إلا بعد الاستئذان .
قال مقاتل : نزلت في أسماء بنت مرثد ، دخل عليها غلام لها كبير ، فاشتكت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ فنزلت عليه الآية .
وقيل : سبب نزولها دخول مدلج على عمر ؛ وسيأتي .
الثانية : اختلف العلماء في المراد بقوله تعالى : ليستأذنكم على ستة أقوال :الأول : أنها منسوخة ، قاله ابن المسيب ، وابن جبير .
الثاني : أنها ندب غير واجبة ؛ قاله أبو قلابة ، قال : إنما أمروا بهذا نظرا لهم .
الثالث : عنى بها النساء ؛ قاله أبو عبد الرحمن السلمي .
[ الرابع ] : وقال ابن عمر : هي في الرجال دون النساء .
وهو القول الرابع .
الخامس : كان ذلك واجبا ، إذ كانوا لا غلق لهم ولا أبواب ، ولو عاد الحال لعاد الوجوب حكاه المهدوي ، عن ابن عباس .
السادس : أنها محكمة واجبة ثابتة على الرجال والنساء ؛ وهو قول أكثر أهل العلم ؛ منهم القاسم ، وجابر بن زيد ، والشعبي .
وأضعفها قول السلمي لأن ( الذين ) لا يكون للنساء في كلام العرب ، إنما يكون للنساء - اللاتي واللواتي - وقول ابن عمر يستحسنه أهل النظر ، لأن ( الذين ) للرجال في كلام العرب ، وإن كان يجوز أن يدخل معهم النساء فإنما يقع ذلك بدليل ، والكلام على ظاهره ، غير أن في إسناده ليث بن أبي سليم .
وأما قول ابن عباس فروى أبو داود ، عن عبيد الله بن أبي يزيد سمع ابن عباس يقول : آية لم يؤمر بها أكثر الناس آية الاستئذان وإني لآمر جاريتي هذه تستأذن علي .
قال أبو داود : وكذلك رواه عطاء ، عن ابن عباس ( يأمر به ) .
وروى عكرمة أن نفرا من أهل العراق قالوا : يا ابن عباس ، كيف ترى في هذه الآية التي أمرنا فيها بما أمرنا ولا يعمل بها أحد ، قول الله - عز وجل - يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم .
قال أبو داود : قرأ القعنبي إلى ( عليم حكيم ) قال ابن عباس : إن الله حليم رحيم بالمؤمنين يحب الستر ، وكان الناس ليس لبيوتهم ستور ولا حجال ، فربما دخل الخادم ، أو الولد ، أو يتيمة الرجل والرجل على أهله ، فأمرهم الله بالاستئذان في تلك العورات ، فجاءهم الله بالستور والخير ، فلم أر أحدا يعمل بذلك بعد .
قلت : هذا متن حسن ، وهو يرد قول سعيد ، وابن جبير ؛ فإنه ليس فيه دليل على نسخ الآية ، ولكن على أنها كانت على حال ثم زالت ، فإن كان مثل ذلك الحال فحكمها قائم كما كان ، بل حكمها لليوم ثابت في كثير من مساكن المسلمين في البوادي والصحاري ونحوها .
وروى وكيع ، عن سفيان ، عن موسى بن أبي عائشة ، عن الشعبي ياأيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم قال : ليست بمنسوخة .
قلت : إن الناس لا يعملون بها ؛ قال : الله - عز وجل - المستعان .
الثالثة : قال بعض أهل العلم : إن الاستئذان ثلاثا مأخوذ من قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات قال يزيد : ثلاث دفعات .
قال : فورد القرآن في المماليك والصبيان ، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجميع .
قال ابن عبد البر : ما قاله من هذا وإن كان له وجه فإنه غير معروف عن العلماء في تفسير الآية التي نزع بها ، والذي عليه جمهورهم في قوله : ثلاث مرات أي في ثلاث أوقات .
ويدل على صحة هذا القول ذكره فيها من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء .
الرابعة : أدب الله - عز وجل - عباده في هذه الآية بأن يكون العبيد إذ لا بال لهم ، والأطفال الذين لم يبلغوا الحلم إلا أنهم عقلوا معاني الكشفة ونحوها ، يستأذنون على أهليهم في هذه الأوقات الثلاثة ، وهي الأوقات التي تقتضي عادة الناس الانكشاف فيها ، وملازمة التعري .
فما قبل الفجر وقت انتهاء النوم ، ووقت الخروج من ثياب النوم ولبس ثياب النهار .
ووقت القائلة وقت التجرد أيضا ، وهي الظهيرة ، لأن النهار يظهر فيها إذا علا شعاعه واشتد حره .
وبعد صلاة العشاء وقت التعري للنوم ؛ فالتكشف غالب في هذه الأوقات .
يروى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث غلاما من الأنصار يقال له مدلج إلى عمر بن الخطاب ظهيرة ليدعوه ، فوجده نائما قد أغلق عليه الباب ، فدق عليه الغلام الباب فناداه ، ودخل ، فاستيقظ عمر وجلس فانكشف منه شيء ، فقال عمر : وددت أن الله نهى أبناءنا ، ونساءنا ، وخدمنا عن الدخول علينا في هذه الساعات إلا بإذن ؛ ثم انطلق إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجد هذه الآية قد أنزلت ، فخر ساجدا شكرا لله .
وهي مكية .
الخامسة : قوله تعالى : والذين لم يبلغوا الحلم منكم أي الذين لم يحتلموا من أحراركم ؛ قاله مجاهد .
وذكر إسماعيل بن إسحاق كان يقول : ليستأذنكم الذين لم يبلغوا الحلم مما ملكت أيمانكم ، على التقديم والتأخير ، وأن الآية في الإماء .
وقرأ الجمهور بضم اللام ، وسكنها الحسن بن أبي الحسن لثقل الضمة ، وكان أبو عمرو يستحسنها .
و ثلاث مرات نصب على الظرف ؛ لأنهم لم يؤمروا بالاستئذان ثلاثا ، إنما أمروا بالاستئذان في ثلاثة مواطن ، والظرفية في ( ثلاث ) بينة : من قبل صلاة الفجر ، وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ، ومن بعد صلاة العشاء .
وقد مضى معناه .
ولا يجب أن يستأذن ثلاث مرات في كل وقت .
ثلاث عورات لكم قرأ جمهور السبعة ثلاث عورات برفع ( ثلاث ) .
وقرأ حمزة ، والكسائي ، وأبو بكر ، عن عاصم ( ثلاث ) بالنصب على البدل من الظرف في قوله : ( ثلاث مرات ) .
قال أبو حاتم : النصب ضعيف مردود .
وقال الفراء : الرفع أحب إلي .
قال : وإنما اخترت الرفع لأن المعنى : هذه الخصال ثلاث عورات .
والرفع عند الكسائي بالابتداء ، والخبر عنده ما بعده ، ولم يقل بالعائد ، وقال نصا بالابتداء .
قال : والعورات الساعات التي تكون فيها العورة ؛ إلا أنه قرأ بالنصب ، والنصب فيه قولان : أحدهما : أنه مردود على قوله ثلاث مرات ؛ ولهذا استبعده الفراء .
وقال الزجاج : المعنى ليستأذنكم أوقات ثلاث عورات ؛ فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه .
و ( عورات ) جمع عورة ، وبابه في الصحيح أن يجيء على فعلات ( بفتح العين ) كجفنة وجفنات ، ونحو ذلك ، وسكنوا العين في المعتل كبيضة وبيضات ؛ لأن فتحه داع إلى اعتلاله فلم يفتح لذلك ؛ فأما قول الشاعر :أبو بيضات رائح متأوب رفيق بمسح المنكبين سبوحفشاذ .
السادسة : قوله تعالى : ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن أي في الدخول من غير أن يستأذنوا وإن كنتم متبذلين .
( طوافون ) بمعنى هم طوافون .
قال الفراء : كقولك في الكلام إنما هم خدمكم وطوافون عليكم .
وأجاز الفراء نصب ( طوافين ) لأنه نكرة ، والمضمر في ( عليكم ) معرفة .
ولا يجيز البصريون أن يكون حالا من المضمرين اللذين في ( عليكم ) وفي ( بعضكم ) لاختلاف العاملين .
ولا يجوز مررت بزيد ، ونزلت على عمرو العاقلين ، على النعت لهما .
فمعنى طوافون عليكم أي يطوفون عليكم وتطوفون عليهم ؛ ومنه الحديث في الهرة إنما هي من الطوافين عليكم أو الطوافات .
فمنع في الثلاث العورات من دخولهم علينا ؛ لأن حقيقة العورة كل شيء لا مانع دونه ، ومنه قوله : إن بيوتنا عورة أي سهلة للمدخل ، فبين العلة الموجبة للإذن ، وهي الخلوة في حال العورة ؛ فتعين امتثاله وتعذر نسخه .
ثم رفع الجناح بقوله : ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض أي يطوف بعضكم على بعض .
كذلك يبين الله لكم الآيات الكاف في موضع نصب ؛ أي يبين الله لكم آياته الدالة على متعبداته بيانا مثل ما يبين لكم هذه الأشياء .
والله عليم حكيم تقدم .
السابعة : قوله تعالى : ومن بعد صلاة العشاء يريد العتمة .
وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم ألا إنها العشاء وهم يعتمون بالإبل .
وفي رواية فإنها في كتاب الله العشاء وإنها تعتم بحلاب الإبل .
وفي البخاري عن أبي برزة : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤخر العشاء .
وقال أنس : أخر النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء .
وهذا يدل على العشاء الأولى .
وفي الصحيح : فصلاها ، يعني العصر بين العشاءين المغرب والعشاء .
وفي الموطأ وغيره : ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا .
وفي مسلم ، عن جابر بن سمرة قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الصلوات نحوا من صلاتكم ، وكان يؤخر العتمة بعد صلاتكم شيئا ، وكان يخف الصلاة .
وقال القاضي أبو بكر بن العربي : وهذه أخبار متعارضة ، لا يعلم منها الأول من الآخر بالتاريخ ، ونهيه - عليه السلام - عن تسمية المغرب عشاء ، وعن تسمية العشاء عتمة ثابت ، فلا مرد له من أقوال الصحابة فضلا عمن عداهم .
وقد كان ابن عمر يقول : من قال صلاة العتمة فقد أثم .
وقال ابن القاسم : قال مالك : ومن بعد صلاة العشاء فالله سماها صلاة العشاء فأحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تسمى بما سماها الله تعالى به ويعلمها الإنسان أهله وولده ، ولا يقال عتمة إلا عند خطاب من لا يفهم وقد قال حسان :وكانت لا يزال بها أنيس خلال مروجها نعم وشاءفدع هذا ولكن من لطيف يؤرقني إذا ذهب العشاءوقد قيل : إن هذا النهي عن اتباع الأعراب في تسميتهم العشاء عتمة ، إنما كان لئلا يعدل بها عما سماها الله تعالى في كتابه إذ قال : ومن بعد صلاة العشاء ؛ فكأنه نهي إرشاد إلى ما هو الأولى ، وليس على جهة التحريم ، ولا على أن تسميتها العتمة لا يجوز .
ألا ترى أنه قد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أطلق عليها ذلك ، وقد أباح تسميتها بذلك أبو بكر ، وعمر - رضي الله عنهما - .
وقيل : إنما نهى عن ذلك تنزيها لهذه العبادة الشريفة الدينية عن أن يطلق عليها ما هو اسم لفعلة دنيوية ، وهي الحلبة التي كانوا يحلبونها في ذلك الوقت ويسمونها العتمة ؛ ويشهد لهذا قوله : ( فإنها تعتم بحلاب الإبل ) .
الثامنة : روى ابن ماجه في سننه ، حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن عمارة بن غزية ، عن أنس بن مالك ، عن عمر بن الخطاب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول : من صلى في جماعة أربعين ليلة لا تفوته الركعة الأولى من صلاة العشاء كتب الله بها عتقا من النار .
وفي صحيح مسلم ، عن عثمان بن عفان قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله .
وروى الدارقطني في سننه ، عن سبيع ، أو تبيع ، عن كعب قال : ( من توضأ فأحسن الوضوء وصلى العشاء الآخرة وصلى بعدها أربع ركعات فأتم ركوعهن وسجودهن ويعلم ما يقترئ فيهن كن له بمنزلة ليلة القدر ) .


شرح المفردات و معاني الكلمات : آمنوا , ليستأذنكم , ملكت , أيمانكم , يبلغوا , الحلم , ثلاث , مرات , صلاة , الفجر , تضعون , ثيابكم , الظهيرة , صلاة , العشاء , ثلاث , عورات , جناح , بعدهن , طوافون , بعضكم , بعض , يبين , الله , الآيات , الله , عليم , حكيم ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. وفرش مرفوعة
  2. فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود
  3. ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل
  4. لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون
  5. تبت يدا أبي لهب وتب
  6. يوم لا ينفع مال ولا بنون
  7. وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين
  8. لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين
  9. وإذا أنـزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولو الطول منهم وقالوا ذرنا
  10. وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم

تحميل سورة النور mp3 :

سورة النور mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة النور

سورة النور بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة النور بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة النور بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة النور بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة النور بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة النور بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة النور بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة النور بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة النور بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة النور بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 18, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب