﴿ ثُمَّ أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأْتُوكُمْ أُسَارَىٰ تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ ۚ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ۚ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾
[ البقرة: 85]

سورة : البقرة - Al-Baqarah  - الجزء : ( 1 )  -  الصفحة: ( 13 )

After this, it is you who kill one another and drive out a party of you from their homes, assist (their enemies) against them, in sin and transgression. And if they come to you as captives, you ransom them, although their expulsion was forbidden to you. Then do you believe in a part of the Scripture and reject the rest? Then what is the recompense of those who do so among you, except disgrace in the life of this world, and on the Day of Resurrection they shall be consigned to the most grievous torment. And Allah is not unaware of what you do.


تظاهرون عليهم : تتعاونون عليهم
أُسارى : مأسورين
تفادوهم : تخرجوهم من الأسر بإعطاء الفدية
خزي : هوان و فضيحة و عقوبة

ثم أنتم يا هؤلاء يقتل بعضكم بعضًا، ويُخرج بعضكم بعضًا من ديارهم، ويَتَقَوَّى كل فريق منكم على إخوانه بالأعداء بغيًا وعدوانًا. وأن يأتوكم أسارى في يد الأعداء سعيتم في تحريرهم من الأسر، بدفع الفدية، مع أنه محرم عليكم إخراجهم من ديارهم. ما أقبح ما تفعلون حين تؤمنون ببعض أحكام التوراة وتكفرون ببعضها! فليس جزاء مَن يفعل ذلك منكم إلا ذُلا وفضيحة في الدنيا. ويوم القيامة يردُّهم الله إلى أفظع العذاب في النار. وما الله بغافل عما تعملون.

ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم - تفسير السعدي

وهذا الفعل المذكور في هذه الآية, فعل للذين كانوا في زمن الوحي بالمدينة، وذلك أن الأوس والخزرج - وهم الأنصار - كانوا قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم مشركين, وكانوا يقتتلون على عادة الجاهلية، فنزلت عليهم الفرق الثلاث من فرق اليهود, بنو قريظة, وبنو النضير, وبنو قينقاع، فكل فرقة منهم حالفت فرقة من أهل المدينة.
فكانوا إذا اقتتلوا أعان اليهودي حليفه على مقاتليه الذين تعينهم الفرقة الأخرى من اليهود, فيقتل اليهودي اليهودي, ويخرجه من دياره إذا حصل جلاء ونهب، ثم إذا وضعت الحرب أوزارها, وكان قد حصل أسارى بين الطائفتين فدى بعضهم بعضا.
والأمور الثلاثة كلها قد فرضت عليهم، ففرض عليهم أن لا يسفك بعضهم دم بعض, ولا يخرج بعضهم بعضا، وإذا وجدوا أسيرا منهم, وجب عليهم فداؤه، فعملوا بالأخير وتركوا الأولين, فأنكر الله عليهم ذلك فقال: { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ } وهو فداء الأسير { وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ } وهو القتل والإخراج.
وفيها أكبر دليل على أن الإيمان يقتضي فعل الأوامر واجتناب النواهي، وأن المأمورات من الإيمان، قال تعالى: { فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } وقد وقع ذلك فأخزاهم الله, وسلط رسوله عليهم, فقتل من قتل, وسبى من سبى منهم, وأجلى من أجلى.
{ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ }- أي: أعظمه { وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } ثم أخبر تعالى عن السبب الذي أوجب لهم الكفر ببعض الكتاب, والإيمان ببعضه فقال: { أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ } توهموا أنهم إن لم يعينوا حلفاءهم حصل لهم عار, فاختاروا النار على العار، فلهذا قال: { فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ } بل هو باق على شدته, ولا يحصل لهم راحة بوقت من الأوقات، { وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ }- أي: يدفع عنهم مكروه

تفسير الآية 85 - سورة البقرة

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا : الآية رقم 85 من سورة البقرة

 سورة البقرة الآية رقم 85

ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم - مكتوبة

الآية 85 من سورة البقرة بالرسم العثماني


﴿ ثُمَّ أَنتُمۡ هَٰٓؤُلَآءِ تَقۡتُلُونَ أَنفُسَكُمۡ وَتُخۡرِجُونَ فَرِيقٗا مِّنكُم مِّن دِيَٰرِهِمۡ تَظَٰهَرُونَ عَلَيۡهِم بِٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ وَإِن يَأۡتُوكُمۡ أُسَٰرَىٰ تُفَٰدُوهُمۡ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيۡكُمۡ إِخۡرَاجُهُمۡۚ أَفَتُؤۡمِنُونَ بِبَعۡضِ ٱلۡكِتَٰبِ وَتَكۡفُرُونَ بِبَعۡضٖۚ فَمَا جَزَآءُ مَن يَفۡعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمۡ إِلَّا خِزۡيٞ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰٓ أَشَدِّ ٱلۡعَذَابِۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ  ﴾ [ البقرة: 85]


﴿ ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون ﴾ [ البقرة: 85]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة البقرة Al-Baqarah الآية رقم 85 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 85 من البقرة صوت mp3


تدبر الآية: ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم

قد جنى على نفسه، واستجلب سخَطَ الله ومَقتَه، مَن أقام الله الحجَّةَ عليه من نفسه بإقراره، ثم خالف أمرَه وارتكب ما حرَّمه عليه.
في ذمِّ القرآن لهؤلاء القوم عِظةٌ بليغة؛ إن من يسعى في حرب إخوانه والتنكيل بهم لا يرفع عنه الإثمَ ولا يغسل العارَ دعوتُه لإغاثة من تبقَّى منهم! مَن آمن ببعض الكتاب وكفر ببعضه من هذه الأمَّة فليس بمنأى عن عاقبة اليهود، خزيٌ في الحياة، وعذابٌ بعد الممات، ومَن عَقَل ذلك تجنَّب أسبابه.
اعلم أنك مهما غفَلت عن الله فإنه سبحانه ليس بغافلٍ عنك طَرفةَ عين، فاستحضِر اطِّلاعَه عليك، ومراقبته إيَّاك، لتكونَ من المفلحين.

لقد بين القرآن الكريم بعد ذلك أنهم نقضوا عهودهم، وارتكبوا ما نهوا عن ارتكابه، فقال تعالى: ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ.. أى: ثم أنتم- يا معشر اليهود- بعد اعترافكم بالميثاق، والتزامكم به، نقضتم عهودكم، وارتكبتم في حق إخوانكم ما نهيتم عنه، من القتل والإخراج، وفعلتم ما لا يليق بالعقلاء، ومن يحترم المواثيق.
ولما كان قتل بعضهم لبعض، وإخراجهم من أماكنهم يحتاج إلى قوة وغلبة، بين- سبحانه - أنهم يرتكبون ذلك وهم متعاونون عليه بالشرور ومجاوزة الحدود، فقال تعالى: تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ تظاهرون: من التظاهر وهو التعاون، وأصله من الظهر، كأن المتعاونين يسند كل واحد منهم ظهره إلى الآخر.
والمعنى: تتعاونون على قتل إخوانكم وإخراجهم من ديارهم مع من ليسوا من أقاربكم وليسوا من دينكم، وأنتم مرتكبون ذلك الإثم والعدوان.
وقوله تعالى: وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ بيان لتناقضهم وتفريقهم لأحكام الله تعالى.
وأسارى: جمع أسير بمعنى مأسور، وهو من يؤخذ على سبيل القهر فيشد بالإسار وهو القد- بكسر القاف-، والقد: سير يقد من جلد غير مدبوغ.
وتفادوهم: تنقذوهم من الأسر بالفداء، يقال: فاداه وفداه: أعطى فداءه فأنقذه.
أى: أنتم- يا معشر اليهود- إن وجدتم الذين قاتلتموهم وأخرجتموهم من ديارهم أسرى تسعون في فكاكهم، وتبذلون عرضا لإطلاقهم، والشأن أن قتلهم وإخراجهم محرم عليكم كتركهم أسرى في أيدى أعدائكم، فلماذا لم تتبعوا حكم التوراة في النهى عن قتالهم وإخراجهم كما اتبعتم حكمها في مفاداتهم؟وصدرت الجملة الكريمة «وهو محرم عليكم إخراجهم» بضمير الشأن للاهتمام بها.
والعناية بشأنها، وإظهار أن هذا التحريم أمر مقرر مشهور لديهم، وليس خافيا عليهم.
وقوله تعالى: أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ توبيخ وتقريع لهم على تفريقهم بين أحكام الله.
والمعنى: أفتتبعون أحكام كتابكم في فداء الأسرى، ولا تتبعونها في نهيكم عن قتال إخوانكم وإخراجهم من ديارهم؟ فالاستفهام للإنكار والتوبيخ على التفريق بين أحكامه-تبارك وتعالى- بالإيمان ببعضها والكفر بالبعض الآخر.
وبعض الكتاب الذي آمنوا به هو ما حرم عليهم من ترك الأسرى في أيدى عدوهم، وبعضه الذي كفروا به ما حرم عليهم من القتل والإخراج من الديار، فالإنكار منصب على جمعهم بين الكفر والإيمان.
قال فضيلة المرحوم للشيخ محمد الخضر حسين: «وإنما سمى- سبحانه - عصيانهم بالقتل والإخراج من الديار كفرا لأن من عصى أمر الله-تبارك وتعالى- بحكم عملي معتقدا أن الحكمة والصلاح فيما فعله، بحيث يتعاطاه دون أن يكون في قلبه أثر من التحرج، ودون أن يأخذه ندم وحزن من أجل ما ارتكب.
فقد خرج بهذه الحالة النفسية عن سبيل المؤمنين، وفي الآية الكريمة دليل واضح على أن الذي يؤمن ببعض ما تقرر في الدين بالدليل القاطع ويكفر ببعضه، يدخل في زمرة الكافرين لأن الإيمان كل لا يتجزأ» .
ثم بين- سبحانه - العقاب الدنيوي والأخروى الذي استحقه أولئك المفرقون لأحكامه فقال تعالى: فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا، وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ اسم الإشارة {ذلك} مشار به إلى القتل والإخراج من الديار، اللذين نقضوا بهما عهد الله بغيا وكفرا والخزي في الدنيا هو الهوان والمقت والعقوبة ومن مظاهره: ما لحق اليهود بعد تلك الحروب من المذلة بإجلاء بنى قينقاع والنضير عن ديارهم، وقتل بنى قريظة وفتح خيبر، وما لحقهم بعد ذلك من هوان وصغار، وتلك سنة الله في كل أمة لا تتمسك بدينها ولا تربط شئونها بأحكام شريعتها وآدابها.
ولما كان البعض قد يتوهم أن خزيهم في الدنيا قد يكون سببا في تخفيف العذاب عنهم في الأخرى، نفى- سبحانه - هذا التوهم، وبين أنهم يوم القيامة سيصيرون إلى ما هو أشد منه.
لأن الله-تبارك وتعالى- ليس ساهيا عن أعمالهم حتى يترك مجازاتهم عليها.
فالمراد من نفى الغفلة نفى ما يتسبب عنها من ترك المجازاة لهم على شرورهم.
وفي ذلك دليل على أن الله-تبارك وتعالى- يعاقب الحائدين عن طريقه المستقيم، بعقوبات في الدنيا، وفي الآخرة، جزاء طغيانهم، وإصرارهم على السيئات.
قوله تعالى : ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرونقوله تعالى : ثم أنتم هؤلاء أنتم في موضع رفع بالابتداء ، ولا يعرب ; لأنه مضمر .
وضمت التاء من أنتم لأنها كانت مفتوحة إذا خاطبت واحدا مذكرا ، ومكسورة إذا خاطبت واحدة مؤنثة ، فلما ثنيت أو جمعت لم يبق إلا الضمة .
( هؤلاء ) قال القتبي : التقدير يا هؤلاء .
قال النحاس : هذا خطأ على قول سيبويه ، ولا يجوز هذا أقبل .
وقال الزجاج : هؤلاء بمعنى الذين .
وتقتلون داخل في الصلة ، أي ثم أنتم الذين تقتلون .
وقيل : هؤلاء رفع بالابتداء ، وأنتم خبر مقدم ، وتقتلون حال من أولاء .
وقيل : هؤلاء نصب بإضمار أعني .
وقرأ الزهري " تقتلون " بضم التاء مشددا ، وكذلك " فلم تقتلون أنبياء الله " .
وهذه الآية خطاب للمواجهين لا يحتمل رده إلى الأسلاف .
نزلت في بني قينقاع وقريظة والنضير من اليهود ، وكانت بنو قينقاع أعداء قريظة ، وكانت الأوس حلفاء بني قينقاع ، والخزرج حلفاء بني قريظة .
والنضير والأوس والخزرج إخوان ، وقريظة والنضير أيضا إخوان ، ثم افترقوا فكانوا يقتتلون ، ثم يرتفع الحرب فيفدون أسراهم ، فعيرهم الله بذلك فقال : وإن يأتوكم أسارى تفادوهم .
قوله تعالى : تظاهرون عليهم معنى تظاهرون تتعاونون ، مشتق من الظهر ; لأن بعضهم يقوي بعضا فيكون له كالظهر ، ومنه قول الشاعر :تظاهرتم أستاه بيت تجمعت على واحد لا زلتم قرن واحدوالإثم : الفعل الذي يستحق عليه صاحبه الذم .
والعدوان : الإفراط في الظلم والتجاوز فيه .
وقرأ أهل المدينة وأهل مكة " تظاهرون " بالتشديد ، يدغمون التاء في الظاء لقربها منها ، والأصل تتظاهرون .
وقرأ الكوفيون تظاهرون مخففا ، حذفوا التاء الثانية لدلالة الأولى عليها ، وكذا وإن تظاهرا عليه .
وقرأ قتادة " تظهرون عليهم " وكله راجع إلى معنى التعاون ، ومنه : وكان الكافر على ربه ظهيرا وقوله : والملائكة بعد ذلك ظهير فاعلمه .
قوله تعالى : وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهمفيه ست مسائل : الأولى : قوله تعالى : وإن يأتوكم أسارى شرط وجوابه : تفادوهم وأسارى نصب على الحال .
قال أبو عبيد وكان أبو عمرو يقول : ما صار في أيديهم فهم الأسارى ، وما جاء مستأسرا فهم الأسرى .
ولا يعرف أهل اللغة ما قال أبو عمرو ، إنما هو كما تقول : سكارى وسكرى .
وقراءة الجماعة أسارى ما عدا حمزة فإنه قرأ " أسرى " على فعلى ، جمع أسير بمعنى مأسور ، والباب - في تكسيره إذا كان كذلك - فعلى ، كما تقول : قتيل وقتلى ، وجريح وجرحى .
قال أبو حاتم : ولا يجوز أسارى .
وقال الزجاج : يقال أسارى كما يقال سكارى ، وفعالى هو الأصل ، وفعالى داخلة عليها .
وحكي عن محمد بن يزيد قال : يقال أسير وأسراء ، كظريف وظرفاء .
قال ابن فارس : يقال في جمع أسير أسرى وأسارى ، وقرئ بهما .
وقيل : أسارى ( بفتح الهمزة ) وليست بالعالية .
الثانية : الأسير مشتق من الإسار ، وهو القد الذي يشد به المحمل فسمي أسيرا ; لأنه يشد وثاقه ، والعرب تقول : قد أسر قتبه ، أي شده ، ثم سمي كل أخيذ أسيرا وإن لم يؤسر ، وقال الأعشى :وقيدني الشعر في بيته كما قيد الآسرات الحماراأي أنا في بيته ، يريد بذلك بلوغه النهاية فيه .
فأما الأسر في قوله عز وجل : وشددنا أسرهم فهو الخلق .
وأسرة الرجل رهطه ; لأنه يتقوى بهم .
الثالثة : تفادوهم كذا قرأ نافع وحمزة والكسائي .
والباقون " تفدوهم " من الفداء .
والفداء : طلب الفدية في الأسير الذي في أيديهم .
قال الجوهري : " الفداء إذا كسر أوله يمد ويقصر ، وإذا فتح فهو مقصور ، يقال : قم فدى لك أبي .
ومن العرب من يكسر " فداء " بالتنوين إذا جاور لام الجر خاصة ، فيقول : فداء لك ، لأنه نكرة يريدون به معنى الدعاء .
وأنشد الأصمعي للنابغة :مهلا فداء لك الأقوام كلهم وما أثمر من مال ومن ولدويقال : فداه وفاداه إذا أعطى فداءه فأنقذه .
وفداه بنفسه ، وفداه يفديه إذا قال : جعلت فداك .
وتفادوا ، أي فدى بعضهم بعضا " .
والفدية والفدى والفداء كله بمعنى واحد .
وفاديت نفسي إذا أطلقتها بعد أن دفعت شيئا ، بمعنى فديت ، ومنه قول العباس للنبي صلى الله عليه وسلم : فاديت نفسي وفاديت عقيلا .
وهما فعلان يتعديان إلى مفعولين الثاني منهما بحرف الجر ، تقول : فديت نفسي بمالي وفاديته بمالي ، قال الشاعر :قفي فادي أسيرك إن قومي وقومك ما أرى لهم اجتماعاالرابعة : قوله تعالى : وهو محرم عليكم إخراجهم هو مبتدأ وهو كناية عن الإخراج ، ومحرم خبره ، وإخراجهم بدل من هو وإن شئت كان كناية عن الحديث والقصة ، والجملة التي بعده خبره ، أي والأمر محرم عليكم إخراجهم .
فإخراجهم مبتدأ ثان .
ومحرم خبره ، والجملة خبر عن هو ، وفي " محرم " ضمير ما لم يسم فاعله يعود على الإخراج .
ويجوز أن يكون محرم مبتدأ ، وإخراجهم مفعول ما لم يسم فاعله يسد مسد خبر " محرم " ، والجملة خبر عن هو .
وزعم الفراء أن هو عماد ، وهذا عند البصريين خطأ لا معنى له ; لأن العماد لا يكون في أول الكلام .
ويقرأ " وهو " بسكون الهاء لثقل الضمة ، كما قال الشاعر :فهو لا تنمي رميته ماله لا عد من نفرهوكذلك إن جئت باللام وثم ، وقد تقدم .
قال علماؤنا : كان الله تعالى قد أخذ عليهم أربعة عهود : ترك القتل ، وترك الإخراج ، وترك المظاهرة ، وفداء أساراهم ، فأعرضوا عن كل ما أمروا به إلا الفداء ، فوبخهم الله على ذلك توبيخا يتلى فقال : أفتؤمنون ببعض الكتاب وهو التوراة وتكفرون ببعض ! !قلت : ولعمر الله لقد أعرضنا نحن عن الجميع بالفتن فتظاهر بعضنا على بعض ! ليت بالمسلمين ، بل بالكافرين ! حتى تركنا إخواننا أذلاء صاغرين يجري عليهم حكم المشركين ، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ! .
قال علماؤنا : فداء الأسارى واجب وإن لم يبق درهم واحد .
قال ابن خويز منداد : تضمنت الآية وجوب فك الأسرى ، وبذلك وردت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فك الأسارى وأمر بفكهم ، وجرى بذلك عمل المسلمين وانعقد به الإجماع .
ويجب فك الأسارى من بيت المال ، فإن لم يكن فهو فرض على كافة المسلمين ، ومن قام به منهم أسقط الفرض عن الباقين .
وسيأتي .
الخامسة : قوله تعالى : فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ابتداء وخبر .
والخزي الهوان .
قال الجوهري : وخزي - بالكسر - يخزى خزيا إذا ذل وهان .
قال ابن السكيت : وقع في بلية .
وأخزاه الله ، وخزي أيضا يخزى خزاية إذا استحيا ، فهو خزيان .
وقوم خزايا وامرأة خزيا .
السادسة : قوله تعالى : ويوم القيامة يردون يردون بالياء قراءة العامة ، وقرأ الحسن " تردون " بالتاء على الخطاب .
إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون تقدم القول فيه وكذلك أولئك الذين اشتروا الآية فلا معنى لإعادته .
يوم منصوب ب يردون


شرح المفردات و معاني الكلمات : أنتم , تقتلون , أنفسكم , تخرجون , فريقا , ديارهم , تظاهرون , الإثم , العدوان , يأتوكم , أسارى , تفادوهم , محرم , إخراجهم , أفتؤمنون , ببعض , الكتاب , وتكفرون , ببعض , جزاء , يفعل , خزي , الحياة , الدنيا , يوم , القيامة , يردون , أشد , العذاب , الله , غافل , تعملون , تظاهرون+عليهم+بالإثم+والعدوان , الإثم+والعدوان , وإن+يأتوكم+أسارى+تفادوهم , أفتؤمنون+ببعض+الكتاب+وتكفرون+ببعض , الحياة+الدنيا , يوم+القيامة , أشد+العذاب , وما+الله+بغافل+عما+تعملون ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون
  2. ياأيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعا
  3. فذكر إنما أنت مذكر
  4. بديع السموات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون
  5. قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي
  6. أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين
  7. وللآخرة خير لك من الأولى
  8. والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون
  9. فبدل الذين ظلموا منهم قولا غير الذي قيل لهم فأرسلنا عليهم رجزا من السماء بما
  10. فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق

تحميل سورة البقرة mp3 :

سورة البقرة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة البقرة

سورة البقرة بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة البقرة بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة البقرة بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة البقرة بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة البقرة بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة البقرة بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة البقرة بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة البقرة بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة البقرة بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة البقرة بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Saturday, November 23, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب