تفسير القرآن | باقة من أهم تفاسير القرآن الكريم المختصرة و الموجزة التي تعطي الوصف الشامل لمعنى الآيات الكريمات : سبعة تفاسير معتبرة لكل آية من كتاب الله تعالى , [ الحجرات: 14] .
﴿ ۞ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾
﴿ ۞ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾
[ سورة الحجرات: 14]
القول في تفسير قوله تعالى : قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان ..
تفسير الجلالين | التفسير الميسر | تفسير السعدي |
تفسير البغوي | التفسير الوسيط | تفسير ابن كثير |
تفسير الطبري | تفسير القرطبي | إعراب الآية |
التفسير الميسر : قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا
قالت الأعراب (وهم البدو): آمنا بالله ورسوله إيمانًا كاملا قل لهم -أيها النبي-: لا تدَّعوا لأنفسكم الإيمان الكامل، ولكن قولوا: أسلمنا، ولم يدخل بعدُ الإيمان في قلوبكم، وإن تطيعوا الله ورسوله لا ينقصكم من ثواب أعمالكم شيئًا. إن الله غفور لمن تاب مِن ذنوبه، رحيم به. وفي الآية زجر لمن يُظهر الإيمان، ومتابعة السنة، وأعماله تشهد بخلاف ذلك.
المختصر في التفسير : شرح المعنى باختصار
قال بعض أهل البادية لما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم : آمنّا بالله وبرسوله.
قل لهم - أيها الرسول -: لم تؤمنوا، ولكن قولوا: استسلمنا وانقدنا، ولم يدخل الإيمان في قلوبكم بعدُ، ويُتوقع له أن يدخلها، وإن تطيعوا - أيها الأعراب - الله ورسوله في الإيمان والعمل الصالح، واجتناب المحرمات، لا ينقصكم الله شيئًا من ثواب أعمالكم، إن الله غفور لمن تاب من عباده، رحيم بهم.
تفسير الجلالين : معنى و تأويل الآية 14
«قالت الأعراب» نفر من بني أسد «آمنا» صدقنا بقلوبنا «قل» لهم «لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا» انقدنا ظاهرا «ولما» أي: لم «يدخل الإيمان في قلوبكم» إلى الآن لكنه يتوقع منكم «وإن تطيعوا الله ورسوله» بالإيمان وغيره «لا يَأْلِتْكُمْ» بالهمز وتركه وبإبداله ألفا: لا ينقصكم «من أعمالكم» أي من ثوابها «شيئا إن الله غفور» للمؤمنين «رحيم» بهم.
تفسير السعدي : قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا
يخبر تعالى عن مقالة الأعراب، الذين دخلوا في الإسلام في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، دخولاً من غير بصيرة، ولا قيام بما يجب ويقتضيه الإيمان، أنهم ادعوا مع هذا وقالوا: آمنا- أي: إيمانًا كاملاً، مستوفيًا لجميع أموره هذا موجب هذا الكلام، فأمر الله رسوله، أن يرد عليهم، فقال: { قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا }- أي: لا تدعوا لأنفسكم مقام الإيمان، ظاهرًا، وباطنًا، كاملاً.{ وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا }- أي: دخلنا في الإسلام، واقتصروا على ذلك.{ و } السبب في ذلك، أنه { لَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ } وإنما آمنتم خوفًا، أو رجاء، أو نحو ذلك، مما هو السبب في إيمانكم، فلذلك لم تدخل بشاشة الإيمان في قلوبكم، وفي قوله: { وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ }- أي: وقت هذا الكلام، الذي صدر منكم فكان فيه إشارة إلى أحوالهم بعد ذلك، فإن كثيرًا منهم، من الله عليهم بالإيمان الحقيقي، والجهاد في سبيل الله، { وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ } بفعل خير، أو ترك شر { لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا }- أي: لا ينقصكم منها، مثقال ذرة، بل يوفيكم إياها، أكمل ما تكون لا تفقدون منها، صغيرًا، ولا كبيرًا، { إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }- أي: غفور لمن تاب إليه وأناب، رحيم به، حيث قبل توبته.
تفسير البغوي : مضمون الآية 14 من سورة الحجرات
قوله - عز وجل - : ( قالت الأعراب آمنا ) الآية ، نزلت في نفر من بني أسد بن خزيمة قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سنة جدبة فأظهروا الإسلام ولم يكونوا مؤمنين في السر ، فأفسدوا طرق المدينة بالعذرات وأغلوا أسعارها وكانوا يغدون ويروحون إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقولون : أتتك العرب بأنفسها على ظهور رواحلها ، وجئناك بالأثقال والعيال والذراري ، ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان وبنو فلان ، يمنون على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ويريدون الصدقة ، ويقولون : أعطنا ، فأنزل الله فيهم هذه الآية .وقال السدي : نزلت في الأعراب الذين ذكرهم الله في سورة الفتح ، وهم أعراب جهينة ومزينة وأسلم وأشجع وغفار ، كانوا يقولون : آمنا ليأمنوا على أنفسهم وأموالهم ، فلما استنفروا إلى الحديبية تخلفوا ، فأنزل الله - عز وجل - " قالت الأعراب آمنا " صدقنا .( قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ) انقدنا واستسلمنا مخافة القتل والسبي ( ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ) فأخبر أن حقيقة الإيمان التصديق بالقلب ، وأن الإقرار باللسان وإظهار شرائعه بالأبدان لا يكون إيمانا دون التصديق بالقلب والإخلاص .أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا محمد بن غرير الزهري ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صالح ، عن ابن شهاب ، أخبرني عامر بن سعد ، عن أبيه قال : أعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رهطا وأنا جالس فيهم ، قال : فترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهم رجلا لم يعطه وهو أعجبهم إلي ، فقمت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ فساررته ] ، فقلت : ما لك عن فلان ؟ والله إني لأراه مؤمنا ، قال : أو مسلما ، قال : فسكت قليلا ثم غلبني ما أعلم منه ، فقلت : يا رسول الله ما لك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمنا ؟ قال : أو مسلما ، قال : " إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكب في النار على وجهه " .فالإسلام هو الدخول في السلم وهو الانقياد والطاعة ، يقال : أسلم الرجل إذا دخل في السلم كما يقال : أشتى الرجل إذا دخل في الشتاء ، وأصاف إذا دخل في الصيف ، وأربع إذا دخل في الربيع ، فمن الإسلام ما هو طاعة على الحقيقة باللسان ، والأبدان والجنان ، كقوله - عز وجل - لإبراهيم عليه السلام : " أسلم قال أسلمت لرب العالمين " ( البقرة - 131 ) ، ومنه ما هو انقياد باللسان دون القلب ، وذلك قوله : ( ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ) .( وإن تطيعوا الله ورسوله ) ظاهرا وباطنا سرا وعلانية . قال ابن عباس تخلصوا الإيمان ( لا يلتكم ) قرأ أبو عمرو " يألتكم " بالألف لقوله تعالى : " وما ألتناهم " ( الطور - 21 ) والآخرون بغير ألف ، وهما لغتان ، معناهما : لا ينقصكم ، يقال : ألت يألت ألتا ولات يليت ليتا إذا نقص ، ( من أعمالكم شيئا ) أي لا ينقص من ثواب أعمالكم شيئا ( إن الله غفور رحيم ) .
التفسير الوسيط : ويستفاد من هذه الآية
والأعراب: اسم جنس لبدو العرب، واحده أعرابى، وهم الذين يسكنون البادية.والمراد بهم هنا جماعة منهم لا كلهم، لأن منهم، مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَواتِ الرَّسُولِ، أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ قال الآلوسى: قال مجاهد: نزلت هذه الآيات في بنى أسد، وهم قبيلة كانت تسكن بجوار المدينة، أظهروا الإسلام، وقلوبهم دغلة، إنما يحبون المغانم وعرض الدنيا.. ويروى أنهم قدموا المدينة في سنة مجدبة، فأظهروا الشهادتين، وكانوا يقولون لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم:جئناك بالأثقال والعيال، ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان.. يمنون بذلك على النبي صلّى الله عليه وسلّم .وقوله- سبحانه -: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا من الإيمان، وهو التصديق القلبي، والإذعان النفسي والعمل بما يقتضيه هذا الإيمان من طاعة لله-تبارك وتعالى- ولرسوله صلّى الله عليه وسلّم.وقوله: أَسْلَمْنا من الإسلام بمعنى الاستسلام والانقياد الظاهري بالجوارح، دون أن يخالط الإيمان شغاف قلوبهم. أى: قالت الأعراب لك- أيها الرسول الكريم- آمنا وصدقنا بقلوبنا لكل ما جئت به، وامتثلنا لما تأمرنا به وتنهانا عنه.قل لهم لَمْ تُؤْمِنُوا أى: لم تصدقوا تصديقا صحيحا عن اعتقاد قلب وخلوص نية..وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا أى: ولكن قولوا نطقنا بكلمة الإسلام، واستسلمنا لما تدعونا إليه استسلاما ظاهريا طمعا في الغنائم، أو خوفا من القتل.قال صاحب الكشاف: فإن قلت: ما وجه قوله-تبارك وتعالى-: قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا والذي يقتضيه نظم الكلام أن يقال: قل لا تقولوا آمنا، ولكن قولوا أسلمنا ...قلت: أفاد هذا النظم تكذيب دعواهم أولا، ودفع ما انتحلوه، فقيل: قل لم تؤمنوا، وروعي في هذا النوع من التكذيب أدب حسن حين لم يصرح بلفظه، حيث لم يقل: كذبتم، ووضع، «لم تؤمنوا» الذي هو نفى ما ادعوا إثباته موضعه..واستغنى بالجملة التي هي «لم تؤمنوا» عن أن يقال: لا تقولوا آمنا، لاستهجان أن يخاطبوا بلفظ مؤداه النهى عن القول بالإيمان.. .وقوله: وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ جملة حالية من ضمير، «قولوا» و «لما» لفظ يفيد توقع حصول الشيء الذي لم يتم حصوله.أى: قولوا أسلمنا والحال أنه لم يستقر الإيمان في قلوبكم بعد، فإنه لو استقر في قلوبكم لما سلكتم هذا المسلك، ولما مننتم على الرسول صلّى الله عليه وسلّم بإسلامكم.قال الإمام ابن كثير ما ملخصه: وقد استفيد من هذه الآية الكريمة: أن الإيمان أخص من الإسلام كما هو مذهب أهل السنة والجماعة، ويدل عليه حديث جبريل، حين سأل عن الإسلام. ثم عن الإيمان.. فترقى من الأعم إلى الأخص.كما يدل على ذلك حديث الصحيحين عن سعد بن أبى وقاص، أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أعطى رجلا ولم يعط آخر. فقال سعد: يا رسول الله، مالك عن فلان إنى لأراه مؤمنا، فقال: «أو مسلما» ..فقد فرق صلّى الله عليه وسلّم بين المؤمن والمسلم. فدل على أن الإيمان أخص من الإسلام.كما دل هنا عن أن هؤلاء الأعراب المذكورين في هذه الآية، إنما هم مسلمون لم يستحكم الإيمان في قلوبهم. فادعوا لأنفسهم مقاما أعلى مما وصلوا إليه، فأدبوا بذلك.. .ثم أرشدهم- سبحانه - إلى ما يكمل إيمانهم فقال: وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.ومعنى: «لا يلتكم» لا ينقصكم. يقال: لات فلان فلانا حقه- كباع- إذا نقصه.أى: وإن تطيعوا الله-تبارك وتعالى- ورسوله، بأن تخلصوا العبادة، وتتركوا المن والطمع، لا ينقصكم- سبحانه - من أجور أعمالكم شيئا، إن الله-تبارك وتعالى- واسع المغفرة والرحمة لعباده التائبين توبة صادقة نصوحا.
قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا: تفسير ابن كثير
يقول تعالى منكرا على الأعراب الذين أول ما دخلوا في الإسلام ادعوا لأنفسهم مقام الإيمان ، ولم يتمكن الإيمان في قلوبهم بعد : { قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم } . وقد استفيد من هذه الآية الكريمة : أن الإيمان أخص من الإسلام كما هو مذهب أهل السنة والجماعة ، ويدل عليه حديث جبريل ، عليه السلام ، حين سأل عن الإسلام ، ثم عن الإيمان ، ثم عن الإحسان ، فترقى من الأعم إلى الأخص ، ثم للأخص منه .
قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه قال : أعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجالا ولم يعط رجلا منهم شيئا ، فقال سعد : يا رسول الله ، أعطيت فلانا وفلانا ولم تعط فلانا شيئا ، وهو مؤمن ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أو مسلم " حتى أعادها سعد ثلاثا ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : " أو مسلم " ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إني لأعطي رجالا وأدع من هو أحب إلي منهم فلم أعطه شيئا ; مخافة أن يكبوا في النار على وجوههم " .
أخرجاه في الصحيحين من حديث الزهري ، به .
فقد فرق النبي - صلى الله عليه وسلم - بين المسلم والمؤمن ، فدل على أن الإيمان أخص من الإسلام . وقد قررنا ذلك بأدلته في أول شرح كتاب الإيمان من " صحيح البخاري " ولله الحمد والمنة . ودل ذلك على أن ذاك الرجل كان مسلما ليس منافقا ; لأنه تركه من العطاء ووكله إلى ما هو فيه من الإسلام ، فدل هذا على أن هؤلاء الأعراب المذكورين في هذه الآية ليسوا بمنافقين ، وإنما هم مسلمون لم يستحكم الإيمان في قلوبهم ، فادعوا لأنفسهم مقاما أعلى مما وصلوا إليه ، فأدبوا في ذلك . وهذا معنى قول ابن عباس وإبراهيم النخعي ، وقتادة ، واختاره ابن جرير . وإنما قلنا هذا لأن البخاري رحمه الله ذهب إلى أن هؤلاء كانوا منافقين يظهرون الإيمان وليسوا كذلك . وقد روي عن سعيد بن جبير ، ومجاهد ، وابن زيد أنهم قالوا في قوله : { ولكن قولوا أسلمنا } أي: استسلمنا خوف القتل والسباء . قال مجاهد : نزلت في بني أسد بن خزيمة . وقال قتادة : نزلت في قوم امتنوا بإيمانهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
والصحيح الأول أنهم قوم ادعوا لأنفسهم مقام الإيمان ، ولم يحصل لهم بعد ، فأدبوا وأعلموا أن ذلك لم يصلوا إليه بعد ، ولو كانوا منافقين لعنفوا وفضحوا ، كما ذكر المنافقون في سورة براءة . وإنما قيل لهؤلاء تأديبا : { قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم } أي: لم تصلوا إلى حقيقة الإيمان بعد .
ثم قال : { وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم [ شيئا ] } أي: لا ينقصكم من أجوركم شيئا ، كقوله : { وما ألتناهم من عملهم من شيء } [ الطور : 21 ] .
وقوله : { إن الله غفور رحيم } أي: لمن تاب إليه وأناب .
تفسير القرطبي : معنى الآية 14 من سورة الحجرات
قوله تعالى : قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم .نزلت في أعراب من بني أسد بن خزيمة قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سنة جدبة وأظهروا الشهادتين ولم يكونوا مؤمنين في السر . وأفسدوا طرق المدينة بالعذرات وأغلوا أسعارها ، وكانوا يقولون لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أتيناك بالأثقال والعيال ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان فأعطنا من الصدقة ، وجعلوا يمنون عليه فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية . وقال ابن عباس : نزلت في أعراب أرادوا أن يتسموا باسم الهجرة قبل أن يهاجروا ، فأعلم الله أن لهم أسماء الأعراب لا أسماء المهاجرين . وقال السدي : نزلت في الأعراب المذكورين في سورة الفتح : أعراب مزينة وجهينة وأسلم وغفار والديل وأشجع ، قالوا آمنا ليأمنوا على أنفسهم وأموالهم ، فلما استنفروا إلى المدينة تخلفوا ، فنزلت .وبالجملة فالآية خاصة لبعض الأعراب ; لأن منهم من يؤمن بالله واليوم الآخر كما وصف الله تعالى . ومعنى ولكن قولوا أسلمنا أي : استسلمنا خوف القتل والسبي ، وهذه صفة المنافقين ; لأنهم أسلموا في ظاهر إيمانهم ولم تؤمن قلوبهم ، وحقيقة الإيمان التصديق بالقلب . وأما الإسلام فقبول ما أتى به النبي - صلى الله عليه وسلم - في الظاهر ، وذلك يحقن الدم .وإن تطيعوا الله ورسوله يعني إن تخلصوا الإيمان لا يلتكم أي : لا ينقصكم . من أعمالكم شيئا لاته يليته ويلوته : نقصه . وقرأ أبو عمرو ( لا يألتكم ) بالهمزة ، من ألت يألت ألتا ، وهو اختيار أبي حاتم ، اعتبارا بقوله تعالى : وما ألتناهم من عملهم من شيء قال الشاعر :أبلغ بني ثعل عني مغلغلة جهد الرسالة لا ألتا ولا كذباواختار الأولى أبو عبيد . قال رؤبة :وليلة ذات ندى سريت ولم يلتني عن سراها ليتأي : لم يمنعني عن سراها مانع ، وكذلك ألاته عن وجهه ، فعل وأفعل بمعنى . ويقال أيضا : ما ألاته من عمله شيئا ، أي : ما نقصه ، مثل ألته ، قاله الفراء . وأنشد [ للشاعر عدي بن زيد ] :ويأكلن ما أعنى الولي فلم يلت كأن بحافات النهاء المزارعاقوله : فلم يلت أي : لم ينقص منه شيئا . وأعنى بمعنى أنبت ، يقال : ما أعنت الأرض شيئا ، أي : ما أنبتت . والولي المطر بعد الوسمي ، سمي وليا لأنه يلي الوسمي . ولم يقل : لا يألتاكم ، لأن طاعة الله تعالى طاعة الرسول .
English | Türkçe | Indonesia |
Русский | Français | فارسی |
تفسير | انجليزي | اعراب |
تفسير آيات من القرآن الكريم
- تفسير: للسائل والمحروم
- تفسير: إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون
- تفسير: فلا أقسم بما تبصرون
- تفسير: ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون
- تفسير: قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا
- تفسير: قل كونوا حجارة أو حديدا
- تفسير: ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيء عالمين
- تفسير: وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا
- تفسير: وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم إن الإنسان لكفور
- تفسير: أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين
تحميل سورة الحجرات mp3 :
سورة الحجرات mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الحجرات
ماهر المعيقلي
سعد الغامدي
عبد الباسط
أحمد العجمي
المنشاوي
الحصري
مشاري العفاسي
ناصر القطامي
فارس عباد
ياسر الدوسري
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب