سورة القارعة | سورة التكاثر | للقراءة من المصحف بخط كبير واضح
استماع mp3 | الجلالين&الميسر | تفسير الشوكاني |
إعراب الصفحة | تفسير ابن كثير | تفسير القرطبي |
التفسير المختصر | تفسير الطبري | تفسير السعدي |
تفسير ابن كثير تفسير الصفحة 600 من المصحف
( سورة القارعة )
الآيات ( 101 1 11 )
مقدمة تفسير سورة القارعة بسم الله الرحمن الرحيم سورة القارعة وهي
مكية القارعة من أسماء يوم القيامة كالحاقة والطامة والصاخة والغاشية وغير ذلك ثم قال تعالى معظما أمرها ومهولا لشأنها ( وما أدراك ما القارعة ) ثم فسر ذلك بقوله ( يوم يكون الناس كالفراش المبثوث ) أي في انتشارهم وتفرقهم وذهابهم ومجيئهم من حيرتهم مما هم فيه كأنهم فراش مبثوث كما قال تعالى في الآية الأخرى ( كأنهم جراد منتشر ) وقوله تعالى ( وتكون الجبال كالعهن المنفوش ) يعني قد صارت كأنها الصوف المنفوش الذي قد شرع في الذهاب والتمزق قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والحسن وقتادة وعطاء الخرساني والضحاك والسدي ( العهن ) الصوف ثم أخبر تعالى عما يؤول إليه عمل العاملين وما يصيرون إليه من الكرامة والإهانة بحسب أعمالهم فقال ( فأما من ثقلت موازينه ) أي رجحت حسناته على سيئاته ( فهو في عيشة راضية ) يعني في الجنة ( وأما من خفت موازينه ) أي رجحت سيئاته على حسناته وقوله تعالى ( فأمه هاوية ) قيل معناه فهو ساقط هاو بأم رأسه في نار جهنم وعبر عنه بأمه يعني دماغه روي نحو هذا عن بن عباس وعكرمة وأبي صالح وقتادة قال قتادة يهوي في النار على رأسه وكذا قال أبو صالح يهوون في النار على رؤوسهم وقيل معناه فأمه التي يرجع إليها ويصير في المعاد إليها هاوية وهي اسم من أسماء النار قال بن جرير وإنما قيل للهاوية أمه لأنه لا مأوى له غيرها وقال بن زيد الهاوية النار هي أمه ومأواه التي يرجع إليها ويأوى إليها وقرأ ( ومأواهم النار ) قال بن أبي حاتم وروي عن قتادة أنه قال هي النار وهي مأواهم ولهذا قال تعالى مفسرا للهاوية ( وما أدراك ماهيه نار حامية ) قال بن جرير حدثنا بن عبد الأعلى حدثنا بن ثور عن معمر عن الأشعث بن عبد الله الأعمى قال إذا مات المؤمن ذهب بروحه إلى أرواح المؤمنين فيقولون روحوا أخاكم فإنه كان في غم الدنيا قال ويسألونه ما فعل فلان فيقول مات أو جاءكم فيقولون ذهب به إلى أمه الهاوية وقد رواه بن مردويه من طريق أنس بن مالك مرفوعا بأبسط من هذا وقد أوردناه في كتاب صفة النار أجارنا الله تعالى منها بمنه وكرمه وقوله تعالى ( نار حامية ) أي حارة شديدة الحر قوية اللهب والسعير قال أبو مصعب 2098 عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي قال نار بني آدم التي توقدون جزء من سبعين جزءا من نار جهنم قالوا يا رسول الله إن كانت لكافية فقال إنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا ورواه البخاري 3265 عن إسماعيل بن أبي أويس عن مالك ورواه مسلم 2843 عن قتيبة عن المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد به وفي بعض ألفاظه أنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها وقال الإمام أحمد 2467 حدثنا عبد الرحمن حدثنا حماد وهو بن سلمة عن محمد بن زياد سمعت أبا هريرة يقول سمعت أبا القاسم يقول نار بني آدم التي توقدون جزء من سبعين جزءا من نار جهنم فقال رجل إن كانت لكافية فقال لقد فضلت عليها بتسعة وستين جزءا حرا فحرا تفرد به أحمد من هذا الوجه وهو على شرط مسلم وروى الإمام أحمد أيضا 2244 حدثنا سفيان عن أبي الزياد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي وعمرو عن يحيى بن جعدة إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم وضربت بالبحر مرتين ولولا ذلك ما جعل الله فيها منفعة لأحد وهذا على شرط الصحيحين ولم يخرجوه من هذا الوجه وقد رواه مسلم في صحيحه من طريق ورواه البزار من حديث عبد الله بن مسعود وأبي سعيد الخدري ناركم هذه جزء من سبعين جزءا وقد قال الإمام أحمد 2379 حدثنا قتيبة حدثنا عبد العزيز هو بن محمد الدراوردي عن سهل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال هذه النار جزء من مائة جزء من جهنم تفرد به أيضا من هذا الوجه وهو على شرط مسلم أيضا وقال أبو القاسم الطبراني حدثنا أحمد بن عمرو الخلال حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي حدثنا معن بن عيسى القزاز عن مالك عن عمه أبي سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله أتدرون
مامثل ناركم هذه من نار جهنم لهي أشد سوادا من دخان ناركم هذه بسبعين ضعفا وقد رواه أبو مصعب 2099 عن مالك ولم يرفعه وروى الترمذي 2591 وبن ماجة 4320 عن عباس الدوري عن يحيى بن أبي بكير حدثنا شريك عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله أوقد على النار ألف سنة حتى احمرت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت فهي سوداء مظلمة وقد روي هذا من حديث أنس وعمر بن الخطاب وجاء في الحديث عند الإمام أحمد من طريق أبي عثمان النهدي عن أنس 313 وأبي نضرة المعبدي عن أبي سعيد 2432 وعجلان مولى المشمعل عن أبي هريرة عن النبي أنه قال إن أهون أهل النار عذابا من له نعلان يغلي منهما دماغه وثبت في الصحيحين أن رسول الله قال اشتكت النار إلى ربها فقالت يا رب أكل بعضي بعضا فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف فأشد ما تجدون في الشتاء من بردها وأشد ما تجدون في الصيف من حرها وفي الصحيحين إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم آخر تفسير
( سورة التكاثر )
الآيات ( 102 1 8 )
مقدمة تفسير سورة التكاثر بسم الله الرحمن الرحيم سورة التكاثر وهي
مكية يقول تعالى أشغلكم حب الدنيا ونعيمها وزهرتها عن طلب الآخرة وابتغائها وتمادى بكم ذلك حتى جاءكم الموت وزرتم المقابر وصرتم من أهلها قال بن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا زكريا بن يحيى الوقاد المصري حدثني خالد بن عبد الدائم عن بن زيد بن أسلم عن أبيه قال قال رسول الله ( ألهاكم التكاثر ) عن الطاعة ( حتى زرتم المقابر ) حتى يأتيكم الموت وقال الحسن البصري ألهاكم التكاثر في الأموال والأولاد وفي صحيح البخاري في الرقاق 6440 منه وقال أخبرنا أبو الوليد حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك عن أبي بن كعب قال كنا نرى هذا من القرآن حتى نزلت ( ألهاكم التكاثر ) يعني لو كان لأبن آدم واد من ذهب وقال الإمام أحمد 424 حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة سمعت قتادة يحدث عن مطرف يعني بن عبد الله بن الشخير عن أبيه قال انتهيت إلى رسول الله وهو يقول ( ألهاكم التكاثر ) يقول بن آدم مالي مالي وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت ورواه مسلم 2958 والترمذي 2342 والنسائي 6238 من طريق شعبة به وقال مسلم في صحيحه 2959 حدثنا سويد بن سعيد حدثنا حفص بن ميسرة عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله يقول العبد مالي مالي وإنما له من ماله ثلاث ما أكل فأفنى أو لبس فأبلى أو تصدق فاقتنى وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس تفرد به مسلم وقال البخاري 6514 حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم سمع أنس بن مالك يقول قال رسول الله يتبع الميت ثلاثة فيرجع اثنان ويبقى معه واحد يتبعه أهله وماله وعمله فيرجع أهله وماله ويبقى عمله وكذا رواه مسلم 2960 والترمذي 2379 والنسائي 453 من حديث سفيان بن عيينة به وقال الإمام أحمد 3115 حدثنا يحيى عن شعبة حدثنا قتادة عن أنس أن النبي قال يهرم بن آدم ويبقى معه اثنتان الحرص والأمل أخرجاه في الصحيحين وذكر الحافظ بن عساكر في ترجمة الأحنف بن قيس واسمه الضحاك أنه رأى في يد رجل درهما فقال لمن هذا الدرهم فقال الرجل لي فقال إنما هو لك إذا أنفقته في أجر أو ابتغاء شكر ثم أنشد الأحنف متمثلا قول الشاعر
أنت للمال إذا أمسكته فإذا أنفقته فالمال لك
وقال بن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو أسامة قال صالح بن حيان حدثني عن بن بريدة في قوله ( ألهاكم التكاثر ) قال نزلت في قبيلتين من قبائل الأنصار في بني حارثة وبني الحارث تفاخروا وتكاثروا فقالت إحداهما
فيكم مثل فلان بن فلان وفلان وقال الآخرون مثل ذلك تفاخروا بالأحياء ثم قالوا إنطلقوا بنا إلى القبور فجعلت إحدى الطائفتين تقول فيكم مثل فلان يشيرون إلى القبور ومثل فلان وفعل الآخرون مثل ذلك فأنزل الله ( ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر ) لقد كان لكم فيما رأيتم عبرة وشغل وقال قتادة ( ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر ) كانوا يقولون نحن أكثر من بني فلان ونحن أعد من بني فلان وهم كل يوم يتساقطون إلى آخرهم والله مازالوا كذلك حتى صاروا من أهل القبور كلهم والصحيح أن المراد بقوله زرتم المقابر أي صرتم إليها ودفنتم فيها كما جاء في الصحيح أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم دخل على رجل من الأعراب يعوده فقال لا بأس طهور إن شاء الله فقال قلت طهور بل هي حمى تفور على شيخ كبير تزيره القبور قال فنعم إذن وقال بن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا محمد بن سعيد الأصبهاني أخبرنا حكام بن سالم الرازي عن عمرو بن أبي قيس عن الحجاج عن المنهال عن زر بن حبيش عن علي قال ما زلنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت ( ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر ) ورواه الترمذي 3355 عن أبي كريب عن حكام بن سالم به وقال غريب وقال بن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا سلمة بن داود العرضي حدثنا أبو المليح الرقي عن ميمون بن مهران قال كنت جالسا عند عمر بن عبد العزيز فقرأ ( ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر ) فلبث هنيهة ثم قال يا ميمون ما أرى المقابر إلا زيارة وما للزائر بد من أن يرجع إلى منزله قال أبو محمد يعني أن يرجع إلى منزله أي إلى جنة أو إلى نار وهكذا ذكر أن بعض الأعراب سمع رجلا يتلو هذه الآية ( حتى زرتم المقابر ) فقال بعث اليوم ورب الكعبة أي إن الزائر سيرحل من مقامه ذلك إلى غيره وقوله تعالى ( كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون ) قال الحسن البصري هذا وعيد بعد وعيد وقال الضحاك ( كلا سوف تعلمون ) يعني أيها الكفار ( ثم كلا سوف تعلمون ) يعني أيها المؤمنون وقوله تعالى ( كلا لو تعلمون علم اليقين ) أي لو علمتم حق العلم لما ألهاكم التكاثر عن طلب الدار الآخرة حتى صرتم إلى المقابر ثم قال ( لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين ) هذا تفسير الوعيد المتقدم وهو قوله ( كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون ) توعدهم بهذا الحال وهو رؤية أهل النار التي إذا زفرت زفرة واحدة خر كل ملك مقرب ونبي مرسل على ركبتيه من المهابة والعظمة ومعاينة الأهوال على ما جاء به الأثر المروي في ذلك وقوله تعالى ( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ) أي ثم لتسألن يومئذ عن شكر ما أنعم الله به عليكم من الصحة والأمن والرزق وغير ذلك ما إذا قابلتم به نعمه من شكره وعبادته وقال بن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا زكريا بن يحيى الجزار المقرئ حدثنا عبد الله بن عيسى أبو خالد الجزار حدثنا يونس بن عبيد عن عكرمة عن بن عباس أنه سمع عمر بن الخطاب يقول خرج رسول الله عند الظهيرة فوجد أبا بكر في المسجد فقال ما أخرجك هذه الساعة فقال أخرجني الذي أخرجك يا رسول الله قال وجاء عمر بن الخطاب فقال ما أخرجك يا بن الخطاب قال أخرجني الذي أخرجكما قال فقعد عمر وأقبل رسول الله يحدثهما ثم قال هل بكما من قوة تنطلقان إلى هذا النخل فتصيبان طعاما وشرابا وظلا قلنا نعم قال مروا بنا إلى منزل بن التيهان أبي الهيثم الأنصاري قال فتقدم رسول الله بين أيدينا فسلم واستأذن ثلاث مرات وأم الهيثم من وراء الباب تسمع الكلام تريد أن يزيدها رسول الله من السلام فلما أراد أن ينصرف خرجت أم الهيثم تسعى خلفهم فقالت يا رسول الله قد والله سمعت تسليمك ولكن أردت أن تزيدني من سلامك فقال لها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم خيرا ثم قال أين أبو الهيثم لا أراه قالت يا رسول الله هو قريب ذهب يستعذب الماء أدخلوا فإنه يأتي الساعة إن شاء الله فبسطت بساطا تحت شجرة فجاء أبو الهيثم ففرح بهم وقرت عيناه بهم فصعد على نخلة فصرم لهم أعذاقا فقال له رسول الله حسبك يا أبا الهيثم فقال يا رسول الله تأكلون من بسره ومن رطبه ومن تذنوبه ثم أتاهم بماء فشربوا عليه فقال رسول الله هذا من النعيم الذي تسألون عنه هذا غريب من هذا الوجه وقال بن جرير حدثني الحسين بن علي الصدائي حدثنا الوليد بن القاسم عن يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال بينما أبو بكر وعمر جالسان إذ جاءهما النبي فقال ما أجلسكما قالا والذي
بعثك بالحق ما أخرجنا من بيوتنا إلا الجوع قال والذي بعثني بالحق ما أخرجني غيره فانطلقوا حتى أتوا بيت رجل من الأنصار فاستقبلتهم المرأة فقال لها النبي أين فلان فقالت ذهب يستعذب لنا ماء فجاء صاحبهم يحمل قربته فقال مرحبا ما زار العباد شيء أفضل من نبي زارني اليوم فعلق قربته بكرب نخلة وانطلق فجاءهم بعذق فقال النبي ألا كنت اجتنيت فقال أحببت أن تكونوا الذين تختارون على أعينكم ثم أخذ الشفرة فقال له النبي إياك والحلوب فذبح لهم يومئذ فأكلوا فقال له النبي لتسألن عن هذا يوم القيامة أخرجكم من بيوتكم الجوع فلم ترجعوا حتى أصبتم هذا فهذا من النعيم ورواه مسلم 2038 من حديث يزيد بن كيسان به ورواه أبو يعلى 78 وبن ماجة 3181 من حديث المحاربي عن يحيى بن عبيد الله عن أبيه عن أبي هريرة عن أبي بكر الصديق به وقد رواه أهل السنن الأربعة من حديث عبد الملك بن عمير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه بنحو من هذا السياق وهذه القصة وقال الإمام أحمد 581 حدثنا سريج حدثنا حشرج عن أبي نضرة عن أبي عسيب يعني مولى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال خرج رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ليلا فمر بي فدعاني فخرجت إليه ثم مر بأبي بكر فدعاه فخرج إليه ثم مر بعمر فدعاه فخرج إليه فانطلق حتى دخل حائطا لبعض الأنصار فقال لصاحب الحائط أطعمنا فجاء بعذق فوضعه فأكل رسول الله وأصحابه ثم دعا بماء بارد فشرب وقال لتسئلن عن هذا يوم القيامة قال فأخذ عمر العذق فضرب به الأرض حتى تناثر البسر قبل رسول الله ثم قال يا رسول الله إنا لمسؤلون عن هذا يوم القيامة قال نعم إلا من ثلاثة خرقة لف بها الرجل عورته أو كسرة سد بها جوعته أو جحر يدخل فيه من الحر والقر تفرد به أحمد وقال الإمام أحمد 3351 حدثنا عبد الصمد حدثنا حماد حدثنا عمار سمعت جابر بن عبد الله يقول أكل رسول الله وأبو بكر وعمر رطبا وشربوا ماء فقال رسول الله هذا من النعيم الذي تسألون عنه ورواه النسائي 6246 من حديث حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن جابر به وقال الإمام أحمد حدثنا أحمد 5429 حدثنا يزيد حدثنا محمد بن عمرو عن صفوان بن سليم عن محمود بن الربيع قال لما نزلت ( ألهاكم التكاثر ) فقرأ حتى بلغ ( لتسئلن يومئذ عن النعيم ) قالوا يا رسول الله عن أي نعيم نسأل وإنما هما الأسودان الماء والتمر وسيوفنا على رقابنا والعدو حاضر فعن أي نعيم نسأل قال أما إن ذلك سيكون وقال أحمد 5372 حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو حدثنا عبد الله بن سليمان حدثنا معاذ بن عبد الله بن حبيب عن أبيه عن عمه قال كنا في مجلس فطلع علينا النبي وعلى رأسه أثر ماء فقلنا يا رسول الله نراك طيب النفس قال أجل قال ثم خاض الناس في ذكر الغنى فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لا بأس بالغنى لمن اتقى الله والصحة لمن اتقى الله خير من الغنى وطيب النفس من النعيم ورواه بن ماجة 2141 عن أبي بكر بن أبي شيبة عن خالد بن مخلد عن عبد الله بن سليمان به وقال الترمذي 3358 حدثنا عبد بن حميد حدثنا شبابة عن عبد الله بن العلاء عن الضحاك بن عبد الرحمن بن عزرب الأشعري قال سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول قال النبي إن أول ما يسئل عنه يعني يوم القيامة العبد من النعيم أن يقال له ألم نصح لك بدنك ونروك من الماء البارد تفرد به الترمذي ورواه بن حبان في صحيحه 7364 من طريق الوليد بن مسلم عن عبد الله بن العلاء بن زبير به وقال بن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا مسدد حدثنا سفيان عن محمد بن عمرو عن يحيى بن حاطب عن عبد الله بن الزبير قال قال الزبير لما نزلت ( ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم ) قالوا يا رسول الله لأي نعيم نسئل عنه وإنما هما الأسودان التمر والماء قال إن ذلك سيكون وقد رواه الترمذي 3356 وبن ماجة 4158 من حديث سفيان هو بن عيينة به ورواه أحمد 1164 عنه وقال الترمذي حسن وقال بن أبي حاتم حدثنا أبو عبد الله الظهراني حدثنا حفص بن عمر العدني عن الحكم بن أبان عن عكرمة قال لما نزلت هذه الآية ( ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم ) قال الصحابة يا رسول الله وأي نعيم نحن فيه وإنما نأكل في أنصاف بطوننا خبز الشعير فأوحى الله إلى نبيه قل لهم أليس تحتذون النعال وتشربون الماء البارد فهذا من النعيم وقال بن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا محمد بن سليمان بن الأصبهاني عن بن أبي ليلى
أظنه عن عامر عن بن مسعود عن النبي في قوله ( ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم ) قال الأمن والصحة وقال زيد بن أسلم عن رسول الله ( ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم ) يعني شبع البطون وبارد الشراب وظلال المساكن واعتدال الخلق ولذة النوم رواه بن أبي حاتم بإسناده المتقدم عنه في أول السورة وقال سعيد بن جبير حتى عن شربة عسل وقال مجاهد عن كل لذة من لذات الدنيا وقال الحسن البصري من النعيم الغداء والعشاء وقال أبو قلابة من النعيم أكل السمن والعسل بالخبز النقي وقول مجاهد أشمل هذه الأقوال وقال علي بن أبي طلحة عن بن عباس ( ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم ) قال النعيم صحة الأبدان والأسماع والأبصار يسأل الله العباد فيما استعملوها وهو أعلم بذلك منهم وهو قوله تعالى ( إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا ) وثبت في صحيح البخاري 6412 وسنن الترمذي 2304 والنسائي وبن ماجة 4170 من حديث عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن أبيه عن بن عباس قال قال رسول الله نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ومعنى هذا أنهم مقصرون في شكر هاتين النعمتين لا يقومون بواجبهما ومن لا يقوم بحق ما وجب عليه فهو مغبون وقال الحافظ أبو بكر البزار 3646 حدثنا القاسم بن محمد بن يحيى المروزي حدثنا علي بن الحسين بن شقيق حدثنا أبو حمزة عن ليث عن أبي فزارة عن يزيد بن الأصم عن بن عباس قال قال رسول الله ما فوق الإزار وظل الحائط وخبز يحاسب به العبد يوم القيامة أو يسأل عنه ثم قال لا نعرفه إلا بهذا الإسناد وقال الإمام أحمد 2492 حدثنا بهز وعفان قالا حدثنا حماد قال عفان في حديثه قال إسحاق بن عبد الله عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال يقول الله عز وجل قال عفان يوم القيامة يا بن آدم حملتك على الخيل والإبل وزوجتك النساء وجعلتك تربع وترأس فأين شكر ذلك تفرد به من هذا الوجه
تفسير ابن كثير - صفحة القرآن رقم 600
600 : تفسير الصفحة رقم 600 من القرآن الكريم( سورة القارعة )
الآيات ( 101 1 11 )
مقدمة تفسير سورة القارعة بسم الله الرحمن الرحيم سورة القارعة وهي
مكية القارعة من أسماء يوم القيامة كالحاقة والطامة والصاخة والغاشية وغير ذلك ثم قال تعالى معظما أمرها ومهولا لشأنها ( وما أدراك ما القارعة ) ثم فسر ذلك بقوله ( يوم يكون الناس كالفراش المبثوث ) أي في انتشارهم وتفرقهم وذهابهم ومجيئهم من حيرتهم مما هم فيه كأنهم فراش مبثوث كما قال تعالى في الآية الأخرى ( كأنهم جراد منتشر ) وقوله تعالى ( وتكون الجبال كالعهن المنفوش ) يعني قد صارت كأنها الصوف المنفوش الذي قد شرع في الذهاب والتمزق قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والحسن وقتادة وعطاء الخرساني والضحاك والسدي ( العهن ) الصوف ثم أخبر تعالى عما يؤول إليه عمل العاملين وما يصيرون إليه من الكرامة والإهانة بحسب أعمالهم فقال ( فأما من ثقلت موازينه ) أي رجحت حسناته على سيئاته ( فهو في عيشة راضية ) يعني في الجنة ( وأما من خفت موازينه ) أي رجحت سيئاته على حسناته وقوله تعالى ( فأمه هاوية ) قيل معناه فهو ساقط هاو بأم رأسه في نار جهنم وعبر عنه بأمه يعني دماغه روي نحو هذا عن بن عباس وعكرمة وأبي صالح وقتادة قال قتادة يهوي في النار على رأسه وكذا قال أبو صالح يهوون في النار على رؤوسهم وقيل معناه فأمه التي يرجع إليها ويصير في المعاد إليها هاوية وهي اسم من أسماء النار قال بن جرير وإنما قيل للهاوية أمه لأنه لا مأوى له غيرها وقال بن زيد الهاوية النار هي أمه ومأواه التي يرجع إليها ويأوى إليها وقرأ ( ومأواهم النار ) قال بن أبي حاتم وروي عن قتادة أنه قال هي النار وهي مأواهم ولهذا قال تعالى مفسرا للهاوية ( وما أدراك ماهيه نار حامية ) قال بن جرير حدثنا بن عبد الأعلى حدثنا بن ثور عن معمر عن الأشعث بن عبد الله الأعمى قال إذا مات المؤمن ذهب بروحه إلى أرواح المؤمنين فيقولون روحوا أخاكم فإنه كان في غم الدنيا قال ويسألونه ما فعل فلان فيقول مات أو جاءكم فيقولون ذهب به إلى أمه الهاوية وقد رواه بن مردويه من طريق أنس بن مالك مرفوعا بأبسط من هذا وقد أوردناه في كتاب صفة النار أجارنا الله تعالى منها بمنه وكرمه وقوله تعالى ( نار حامية ) أي حارة شديدة الحر قوية اللهب والسعير قال أبو مصعب 2098 عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي قال نار بني آدم التي توقدون جزء من سبعين جزءا من نار جهنم قالوا يا رسول الله إن كانت لكافية فقال إنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا ورواه البخاري 3265 عن إسماعيل بن أبي أويس عن مالك ورواه مسلم 2843 عن قتيبة عن المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد به وفي بعض ألفاظه أنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها وقال الإمام أحمد 2467 حدثنا عبد الرحمن حدثنا حماد وهو بن سلمة عن محمد بن زياد سمعت أبا هريرة يقول سمعت أبا القاسم يقول نار بني آدم التي توقدون جزء من سبعين جزءا من نار جهنم فقال رجل إن كانت لكافية فقال لقد فضلت عليها بتسعة وستين جزءا حرا فحرا تفرد به أحمد من هذا الوجه وهو على شرط مسلم وروى الإمام أحمد أيضا 2244 حدثنا سفيان عن أبي الزياد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي وعمرو عن يحيى بن جعدة إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم وضربت بالبحر مرتين ولولا ذلك ما جعل الله فيها منفعة لأحد وهذا على شرط الصحيحين ولم يخرجوه من هذا الوجه وقد رواه مسلم في صحيحه من طريق ورواه البزار من حديث عبد الله بن مسعود وأبي سعيد الخدري ناركم هذه جزء من سبعين جزءا وقد قال الإمام أحمد 2379 حدثنا قتيبة حدثنا عبد العزيز هو بن محمد الدراوردي عن سهل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال هذه النار جزء من مائة جزء من جهنم تفرد به أيضا من هذا الوجه وهو على شرط مسلم أيضا وقال أبو القاسم الطبراني حدثنا أحمد بن عمرو الخلال حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي حدثنا معن بن عيسى القزاز عن مالك عن عمه أبي سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله أتدرون
مامثل ناركم هذه من نار جهنم لهي أشد سوادا من دخان ناركم هذه بسبعين ضعفا وقد رواه أبو مصعب 2099 عن مالك ولم يرفعه وروى الترمذي 2591 وبن ماجة 4320 عن عباس الدوري عن يحيى بن أبي بكير حدثنا شريك عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله أوقد على النار ألف سنة حتى احمرت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت فهي سوداء مظلمة وقد روي هذا من حديث أنس وعمر بن الخطاب وجاء في الحديث عند الإمام أحمد من طريق أبي عثمان النهدي عن أنس 313 وأبي نضرة المعبدي عن أبي سعيد 2432 وعجلان مولى المشمعل عن أبي هريرة عن النبي أنه قال إن أهون أهل النار عذابا من له نعلان يغلي منهما دماغه وثبت في الصحيحين أن رسول الله قال اشتكت النار إلى ربها فقالت يا رب أكل بعضي بعضا فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف فأشد ما تجدون في الشتاء من بردها وأشد ما تجدون في الصيف من حرها وفي الصحيحين إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم آخر تفسير
( سورة التكاثر )
الآيات ( 102 1 8 )
مقدمة تفسير سورة التكاثر بسم الله الرحمن الرحيم سورة التكاثر وهي
مكية يقول تعالى أشغلكم حب الدنيا ونعيمها وزهرتها عن طلب الآخرة وابتغائها وتمادى بكم ذلك حتى جاءكم الموت وزرتم المقابر وصرتم من أهلها قال بن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا زكريا بن يحيى الوقاد المصري حدثني خالد بن عبد الدائم عن بن زيد بن أسلم عن أبيه قال قال رسول الله ( ألهاكم التكاثر ) عن الطاعة ( حتى زرتم المقابر ) حتى يأتيكم الموت وقال الحسن البصري ألهاكم التكاثر في الأموال والأولاد وفي صحيح البخاري في الرقاق 6440 منه وقال أخبرنا أبو الوليد حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك عن أبي بن كعب قال كنا نرى هذا من القرآن حتى نزلت ( ألهاكم التكاثر ) يعني لو كان لأبن آدم واد من ذهب وقال الإمام أحمد 424 حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة سمعت قتادة يحدث عن مطرف يعني بن عبد الله بن الشخير عن أبيه قال انتهيت إلى رسول الله وهو يقول ( ألهاكم التكاثر ) يقول بن آدم مالي مالي وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت ورواه مسلم 2958 والترمذي 2342 والنسائي 6238 من طريق شعبة به وقال مسلم في صحيحه 2959 حدثنا سويد بن سعيد حدثنا حفص بن ميسرة عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله يقول العبد مالي مالي وإنما له من ماله ثلاث ما أكل فأفنى أو لبس فأبلى أو تصدق فاقتنى وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس تفرد به مسلم وقال البخاري 6514 حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم سمع أنس بن مالك يقول قال رسول الله يتبع الميت ثلاثة فيرجع اثنان ويبقى معه واحد يتبعه أهله وماله وعمله فيرجع أهله وماله ويبقى عمله وكذا رواه مسلم 2960 والترمذي 2379 والنسائي 453 من حديث سفيان بن عيينة به وقال الإمام أحمد 3115 حدثنا يحيى عن شعبة حدثنا قتادة عن أنس أن النبي قال يهرم بن آدم ويبقى معه اثنتان الحرص والأمل أخرجاه في الصحيحين وذكر الحافظ بن عساكر في ترجمة الأحنف بن قيس واسمه الضحاك أنه رأى في يد رجل درهما فقال لمن هذا الدرهم فقال الرجل لي فقال إنما هو لك إذا أنفقته في أجر أو ابتغاء شكر ثم أنشد الأحنف متمثلا قول الشاعر
أنت للمال إذا أمسكته فإذا أنفقته فالمال لك
وقال بن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو أسامة قال صالح بن حيان حدثني عن بن بريدة في قوله ( ألهاكم التكاثر ) قال نزلت في قبيلتين من قبائل الأنصار في بني حارثة وبني الحارث تفاخروا وتكاثروا فقالت إحداهما
فيكم مثل فلان بن فلان وفلان وقال الآخرون مثل ذلك تفاخروا بالأحياء ثم قالوا إنطلقوا بنا إلى القبور فجعلت إحدى الطائفتين تقول فيكم مثل فلان يشيرون إلى القبور ومثل فلان وفعل الآخرون مثل ذلك فأنزل الله ( ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر ) لقد كان لكم فيما رأيتم عبرة وشغل وقال قتادة ( ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر ) كانوا يقولون نحن أكثر من بني فلان ونحن أعد من بني فلان وهم كل يوم يتساقطون إلى آخرهم والله مازالوا كذلك حتى صاروا من أهل القبور كلهم والصحيح أن المراد بقوله زرتم المقابر أي صرتم إليها ودفنتم فيها كما جاء في الصحيح أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم دخل على رجل من الأعراب يعوده فقال لا بأس طهور إن شاء الله فقال قلت طهور بل هي حمى تفور على شيخ كبير تزيره القبور قال فنعم إذن وقال بن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا محمد بن سعيد الأصبهاني أخبرنا حكام بن سالم الرازي عن عمرو بن أبي قيس عن الحجاج عن المنهال عن زر بن حبيش عن علي قال ما زلنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت ( ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر ) ورواه الترمذي 3355 عن أبي كريب عن حكام بن سالم به وقال غريب وقال بن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا سلمة بن داود العرضي حدثنا أبو المليح الرقي عن ميمون بن مهران قال كنت جالسا عند عمر بن عبد العزيز فقرأ ( ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر ) فلبث هنيهة ثم قال يا ميمون ما أرى المقابر إلا زيارة وما للزائر بد من أن يرجع إلى منزله قال أبو محمد يعني أن يرجع إلى منزله أي إلى جنة أو إلى نار وهكذا ذكر أن بعض الأعراب سمع رجلا يتلو هذه الآية ( حتى زرتم المقابر ) فقال بعث اليوم ورب الكعبة أي إن الزائر سيرحل من مقامه ذلك إلى غيره وقوله تعالى ( كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون ) قال الحسن البصري هذا وعيد بعد وعيد وقال الضحاك ( كلا سوف تعلمون ) يعني أيها الكفار ( ثم كلا سوف تعلمون ) يعني أيها المؤمنون وقوله تعالى ( كلا لو تعلمون علم اليقين ) أي لو علمتم حق العلم لما ألهاكم التكاثر عن طلب الدار الآخرة حتى صرتم إلى المقابر ثم قال ( لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين ) هذا تفسير الوعيد المتقدم وهو قوله ( كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون ) توعدهم بهذا الحال وهو رؤية أهل النار التي إذا زفرت زفرة واحدة خر كل ملك مقرب ونبي مرسل على ركبتيه من المهابة والعظمة ومعاينة الأهوال على ما جاء به الأثر المروي في ذلك وقوله تعالى ( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ) أي ثم لتسألن يومئذ عن شكر ما أنعم الله به عليكم من الصحة والأمن والرزق وغير ذلك ما إذا قابلتم به نعمه من شكره وعبادته وقال بن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا زكريا بن يحيى الجزار المقرئ حدثنا عبد الله بن عيسى أبو خالد الجزار حدثنا يونس بن عبيد عن عكرمة عن بن عباس أنه سمع عمر بن الخطاب يقول خرج رسول الله عند الظهيرة فوجد أبا بكر في المسجد فقال ما أخرجك هذه الساعة فقال أخرجني الذي أخرجك يا رسول الله قال وجاء عمر بن الخطاب فقال ما أخرجك يا بن الخطاب قال أخرجني الذي أخرجكما قال فقعد عمر وأقبل رسول الله يحدثهما ثم قال هل بكما من قوة تنطلقان إلى هذا النخل فتصيبان طعاما وشرابا وظلا قلنا نعم قال مروا بنا إلى منزل بن التيهان أبي الهيثم الأنصاري قال فتقدم رسول الله بين أيدينا فسلم واستأذن ثلاث مرات وأم الهيثم من وراء الباب تسمع الكلام تريد أن يزيدها رسول الله من السلام فلما أراد أن ينصرف خرجت أم الهيثم تسعى خلفهم فقالت يا رسول الله قد والله سمعت تسليمك ولكن أردت أن تزيدني من سلامك فقال لها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم خيرا ثم قال أين أبو الهيثم لا أراه قالت يا رسول الله هو قريب ذهب يستعذب الماء أدخلوا فإنه يأتي الساعة إن شاء الله فبسطت بساطا تحت شجرة فجاء أبو الهيثم ففرح بهم وقرت عيناه بهم فصعد على نخلة فصرم لهم أعذاقا فقال له رسول الله حسبك يا أبا الهيثم فقال يا رسول الله تأكلون من بسره ومن رطبه ومن تذنوبه ثم أتاهم بماء فشربوا عليه فقال رسول الله هذا من النعيم الذي تسألون عنه هذا غريب من هذا الوجه وقال بن جرير حدثني الحسين بن علي الصدائي حدثنا الوليد بن القاسم عن يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال بينما أبو بكر وعمر جالسان إذ جاءهما النبي فقال ما أجلسكما قالا والذي
بعثك بالحق ما أخرجنا من بيوتنا إلا الجوع قال والذي بعثني بالحق ما أخرجني غيره فانطلقوا حتى أتوا بيت رجل من الأنصار فاستقبلتهم المرأة فقال لها النبي أين فلان فقالت ذهب يستعذب لنا ماء فجاء صاحبهم يحمل قربته فقال مرحبا ما زار العباد شيء أفضل من نبي زارني اليوم فعلق قربته بكرب نخلة وانطلق فجاءهم بعذق فقال النبي ألا كنت اجتنيت فقال أحببت أن تكونوا الذين تختارون على أعينكم ثم أخذ الشفرة فقال له النبي إياك والحلوب فذبح لهم يومئذ فأكلوا فقال له النبي لتسألن عن هذا يوم القيامة أخرجكم من بيوتكم الجوع فلم ترجعوا حتى أصبتم هذا فهذا من النعيم ورواه مسلم 2038 من حديث يزيد بن كيسان به ورواه أبو يعلى 78 وبن ماجة 3181 من حديث المحاربي عن يحيى بن عبيد الله عن أبيه عن أبي هريرة عن أبي بكر الصديق به وقد رواه أهل السنن الأربعة من حديث عبد الملك بن عمير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه بنحو من هذا السياق وهذه القصة وقال الإمام أحمد 581 حدثنا سريج حدثنا حشرج عن أبي نضرة عن أبي عسيب يعني مولى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال خرج رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ليلا فمر بي فدعاني فخرجت إليه ثم مر بأبي بكر فدعاه فخرج إليه ثم مر بعمر فدعاه فخرج إليه فانطلق حتى دخل حائطا لبعض الأنصار فقال لصاحب الحائط أطعمنا فجاء بعذق فوضعه فأكل رسول الله وأصحابه ثم دعا بماء بارد فشرب وقال لتسئلن عن هذا يوم القيامة قال فأخذ عمر العذق فضرب به الأرض حتى تناثر البسر قبل رسول الله ثم قال يا رسول الله إنا لمسؤلون عن هذا يوم القيامة قال نعم إلا من ثلاثة خرقة لف بها الرجل عورته أو كسرة سد بها جوعته أو جحر يدخل فيه من الحر والقر تفرد به أحمد وقال الإمام أحمد 3351 حدثنا عبد الصمد حدثنا حماد حدثنا عمار سمعت جابر بن عبد الله يقول أكل رسول الله وأبو بكر وعمر رطبا وشربوا ماء فقال رسول الله هذا من النعيم الذي تسألون عنه ورواه النسائي 6246 من حديث حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن جابر به وقال الإمام أحمد حدثنا أحمد 5429 حدثنا يزيد حدثنا محمد بن عمرو عن صفوان بن سليم عن محمود بن الربيع قال لما نزلت ( ألهاكم التكاثر ) فقرأ حتى بلغ ( لتسئلن يومئذ عن النعيم ) قالوا يا رسول الله عن أي نعيم نسأل وإنما هما الأسودان الماء والتمر وسيوفنا على رقابنا والعدو حاضر فعن أي نعيم نسأل قال أما إن ذلك سيكون وقال أحمد 5372 حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو حدثنا عبد الله بن سليمان حدثنا معاذ بن عبد الله بن حبيب عن أبيه عن عمه قال كنا في مجلس فطلع علينا النبي وعلى رأسه أثر ماء فقلنا يا رسول الله نراك طيب النفس قال أجل قال ثم خاض الناس في ذكر الغنى فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لا بأس بالغنى لمن اتقى الله والصحة لمن اتقى الله خير من الغنى وطيب النفس من النعيم ورواه بن ماجة 2141 عن أبي بكر بن أبي شيبة عن خالد بن مخلد عن عبد الله بن سليمان به وقال الترمذي 3358 حدثنا عبد بن حميد حدثنا شبابة عن عبد الله بن العلاء عن الضحاك بن عبد الرحمن بن عزرب الأشعري قال سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول قال النبي إن أول ما يسئل عنه يعني يوم القيامة العبد من النعيم أن يقال له ألم نصح لك بدنك ونروك من الماء البارد تفرد به الترمذي ورواه بن حبان في صحيحه 7364 من طريق الوليد بن مسلم عن عبد الله بن العلاء بن زبير به وقال بن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا مسدد حدثنا سفيان عن محمد بن عمرو عن يحيى بن حاطب عن عبد الله بن الزبير قال قال الزبير لما نزلت ( ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم ) قالوا يا رسول الله لأي نعيم نسئل عنه وإنما هما الأسودان التمر والماء قال إن ذلك سيكون وقد رواه الترمذي 3356 وبن ماجة 4158 من حديث سفيان هو بن عيينة به ورواه أحمد 1164 عنه وقال الترمذي حسن وقال بن أبي حاتم حدثنا أبو عبد الله الظهراني حدثنا حفص بن عمر العدني عن الحكم بن أبان عن عكرمة قال لما نزلت هذه الآية ( ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم ) قال الصحابة يا رسول الله وأي نعيم نحن فيه وإنما نأكل في أنصاف بطوننا خبز الشعير فأوحى الله إلى نبيه قل لهم أليس تحتذون النعال وتشربون الماء البارد فهذا من النعيم وقال بن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا محمد بن سليمان بن الأصبهاني عن بن أبي ليلى
أظنه عن عامر عن بن مسعود عن النبي في قوله ( ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم ) قال الأمن والصحة وقال زيد بن أسلم عن رسول الله ( ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم ) يعني شبع البطون وبارد الشراب وظلال المساكن واعتدال الخلق ولذة النوم رواه بن أبي حاتم بإسناده المتقدم عنه في أول السورة وقال سعيد بن جبير حتى عن شربة عسل وقال مجاهد عن كل لذة من لذات الدنيا وقال الحسن البصري من النعيم الغداء والعشاء وقال أبو قلابة من النعيم أكل السمن والعسل بالخبز النقي وقول مجاهد أشمل هذه الأقوال وقال علي بن أبي طلحة عن بن عباس ( ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم ) قال النعيم صحة الأبدان والأسماع والأبصار يسأل الله العباد فيما استعملوها وهو أعلم بذلك منهم وهو قوله تعالى ( إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا ) وثبت في صحيح البخاري 6412 وسنن الترمذي 2304 والنسائي وبن ماجة 4170 من حديث عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن أبيه عن بن عباس قال قال رسول الله نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ومعنى هذا أنهم مقصرون في شكر هاتين النعمتين لا يقومون بواجبهما ومن لا يقوم بحق ما وجب عليه فهو مغبون وقال الحافظ أبو بكر البزار 3646 حدثنا القاسم بن محمد بن يحيى المروزي حدثنا علي بن الحسين بن شقيق حدثنا أبو حمزة عن ليث عن أبي فزارة عن يزيد بن الأصم عن بن عباس قال قال رسول الله ما فوق الإزار وظل الحائط وخبز يحاسب به العبد يوم القيامة أو يسأل عنه ثم قال لا نعرفه إلا بهذا الإسناد وقال الإمام أحمد 2492 حدثنا بهز وعفان قالا حدثنا حماد قال عفان في حديثه قال إسحاق بن عبد الله عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال يقول الله عز وجل قال عفان يوم القيامة يا بن آدم حملتك على الخيل والإبل وزوجتك النساء وجعلتك تربع وترأس فأين شكر ذلك تفرد به من هذا الوجه
الصفحة رقم 600 من المصحف تحميل و استماع mp3