سورة البقرة مدنية | رقم السورة: 2 - عدد آياتها : 286 عدد كلماتها : 6,144 - اسمها بالأنجليزي : The Cow
سورة البقرة | للقراءة من المصحف بخط كبير واضح
استماع mp3 | الجلالين&الميسر | تفسير الشوكاني |
إعراب الصفحة | تفسير ابن كثير | تفسير القرطبي |
التفسير المختصر | تفسير الطبري | تفسير السعدي |
تفسير الشنقيطي تفسير الصفحة 2 من المصحف
تفسير أضواء البيان - صفحة القرآن رقم 2
{الۤمۤ * ذَٰلِكَ ٱلْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلوٰةَ وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ * وَٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِٱلأْخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُوْلَـٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ * إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }
صرح في هذه الآية بأن هذا القرءان {هُدًى لّلْمُتَّقِينَ}، ويفهم من مفهوم الآية ـــ أعني مفهوم المخالفة المعروف بدليل الخطاب ـــ أن غير المتقين ليس هذا القرءان هدى لهم ، وصرح بهذا المفهوم في آيات أخر كقوله : {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ هُدًى وَشِفَاء وَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِى ءاذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى} وقوله : {وَنُنَزّلُ مِنَ ٱلْقُرْءانِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ ٱلظَّـٰلِمِينَ إَلاَّ خَسَارً} وقوله : {وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـٰذِهِ إِيمَـٰناً فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَـٰناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّ} وقوله تعالىٰ: {وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبّكَ طُغْيَـٰناً وَكُفْر}.
ومعلوم أن المراد بالهدى في هذه الآية الهدى الخاص الذي هو التفضل بالتوفيق إلى دين الحق ، لا الهدى العام ، الذي هو إيضاح الحق.
{وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ} عبر في هذه الآية الكريمة «بمن» التبعيضية الدالة على أنه ينفق لوجه اللَّه بعض ماله لا كله . ولم يبين هنا القدر الذي ينبغي إنفاقه ، والذي ينبغي إمساكه . ولكنه بيَّن في مواضع أخر أن القدر الذي ينبغي إنفاقه : هو الزائد على الحاجة وسد الخلة التي لا بد منها ، وذلك كقوله : {يَسْـئَلُونَكَ عَنِ ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ قُلْ} ، والمراد بالعفو : الزائد على قدر الحاجة التي لا بد منها على أصح التفسيرات ، وهو مذهب الجمهور .
ومنه قوله تعالىٰ : {حَتَّىٰ عَفَو}، أي: كثروا وكثرت أموالهم وأولادهم .
وقال بعض العلماء : العفو نقيض الجهد ، وهو أن ينفق ما لا يبلغ إنفاقه منه الجهد واستفراغ الوسع . ومنه قول الشاعر :
خذي العفو مني تستديمي مودتي ولا تنطقي في سورتي حين أغضب
وهذا القول راجح إلى ما ذكرنا ، وبقية الأقوال ضعيفة .
وقوله تعالىٰ : {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ ٱلْبَسْطِ}، فنهاه عن البخل بقوله : {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ} . ونهاه عن الإسراف بقوله : {وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ ٱلْبَسْطِ} ، فيتعين الوسط بين الأمرين . كما بينه بقوله : {وَٱلَّذِينَ إِذَا أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَام} فيجب على المنفق أن يفرق بين الجود والتبذير ، وبين البخل والاقتصاد . فالجود : غير التبذير ، والاقتصاد : غير البخل . فالمنع في محل الإعطاء مذموم . وقد نهى اللَّه عنه نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله : {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ} ، والإعطاء في محل المنع مذموم أيضًا وقد نهى اللَّه عنه نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله :
{وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ ٱلْبَسْطِ} . وقد قال الشاعر : لا تمدحن ابن عباد وإن هطلت يداه كالمزن حتى تخجل الديما
فإنها فلتات من وساوسه يعطي ويمنع لا بخلاً ولا كرما
وقد بين تعالىٰ في مواضع أخر : أن الإنفاق المحمود لا يكون كذلك ، إلا إذا كان مصرفه الذي صرف فيه مما يرضي اللَّه . كقوله تعالىٰ : {قُلْ مَا أَنفَقْتُم مّنْ خَيْرٍ فَلِلْوٰلِدَيْنِ وَٱلاْقْرَبِينَ} ، وصرح بأن الإنفاق فيما لا يرضي اللَّه حسرة على صاحبه في قوله : {فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً} ، وقد قال الشاعر: إن الصنيعة لا تعد صنيعة حتى يصاب بها طريق المصنع
فإن قيل : هذا الذي قررتم يقتضي أن الإنفاق المحمود هو إنفاق ما زاد على الحاجة الضرورية ، مع أن اللَّه تعالىٰ أثنى على قوم بالإنفاق وهم في حاجة إلى ما أنفقوا ، وذلك في قوله : {وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ} .
فالظاهر في الجواب ــ واللَّه تعالىٰ أعلم ــ هو ما ذكره بعض العلماء من أن لكل مقام مقالاً ، ففي بعض الأحوال يكون الإيثار ممنوعًا . وذلك كما إذا كانت على المنفق نفقات واجبة . كنفقة الزوجات ونحوها فتبرع بالإنفاق في غير واجب وترك الفرض لقوله صلى الله عليه وسلم : « وابدأ بمن تعول » ، وكأن يكون لا صبر عنده عن سؤال الناس فينفق ماله ويرجع إلى الناس يسألهم مالهم ، فلا يجوز له ذلك ، وإلايثار فيما إذا كان لم يضيع نفقة واجبة وكان واثقًا من نفسه بالصبر والتعفف وعدم السؤال .
وأما على القول بأن قوله تعالىٰ : {وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ} يعني به الزكاة . فالأمر واضح ، والعلم عند اللَّه تعالىٰ .
تفسير أضواء البيان - صفحة القرآن رقم 2
{الۤمۤ * ذَٰلِكَ ٱلْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلوٰةَ وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ * وَٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِٱلأْخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُوْلَـٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ * إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }
صرح في هذه الآية بأن هذا القرءان {هُدًى لّلْمُتَّقِينَ}، ويفهم من مفهوم الآية ـــ أعني مفهوم المخالفة المعروف بدليل الخطاب ـــ أن غير المتقين ليس هذا القرءان هدى لهم ، وصرح بهذا المفهوم في آيات أخر كقوله : {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ هُدًى وَشِفَاء وَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِى ءاذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى} وقوله : {وَنُنَزّلُ مِنَ ٱلْقُرْءانِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ ٱلظَّـٰلِمِينَ إَلاَّ خَسَارً} وقوله : {وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـٰذِهِ إِيمَـٰناً فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَـٰناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّ} وقوله تعالىٰ: {وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبّكَ طُغْيَـٰناً وَكُفْر}.
ومعلوم أن المراد بالهدى في هذه الآية الهدى الخاص الذي هو التفضل بالتوفيق إلى دين الحق ، لا الهدى العام ، الذي هو إيضاح الحق.
{وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ} عبر في هذه الآية الكريمة «بمن» التبعيضية الدالة على أنه ينفق لوجه اللَّه بعض ماله لا كله . ولم يبين هنا القدر الذي ينبغي إنفاقه ، والذي ينبغي إمساكه . ولكنه بيَّن في مواضع أخر أن القدر الذي ينبغي إنفاقه : هو الزائد على الحاجة وسد الخلة التي لا بد منها ، وذلك كقوله : {يَسْـئَلُونَكَ عَنِ ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ قُلْ} ، والمراد بالعفو : الزائد على قدر الحاجة التي لا بد منها على أصح التفسيرات ، وهو مذهب الجمهور .
ومنه قوله تعالىٰ : {حَتَّىٰ عَفَو}، أي: كثروا وكثرت أموالهم وأولادهم .
وقال بعض العلماء : العفو نقيض الجهد ، وهو أن ينفق ما لا يبلغ إنفاقه منه الجهد واستفراغ الوسع . ومنه قول الشاعر :
خذي العفو مني تستديمي مودتي ولا تنطقي في سورتي حين أغضب
وهذا القول راجح إلى ما ذكرنا ، وبقية الأقوال ضعيفة .
وقوله تعالىٰ : {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ ٱلْبَسْطِ}، فنهاه عن البخل بقوله : {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ} . ونهاه عن الإسراف بقوله : {وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ ٱلْبَسْطِ} ، فيتعين الوسط بين الأمرين . كما بينه بقوله : {وَٱلَّذِينَ إِذَا أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَام} فيجب على المنفق أن يفرق بين الجود والتبذير ، وبين البخل والاقتصاد . فالجود : غير التبذير ، والاقتصاد : غير البخل . فالمنع في محل الإعطاء مذموم . وقد نهى اللَّه عنه نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله : {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ} ، والإعطاء في محل المنع مذموم أيضًا وقد نهى اللَّه عنه نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله :
{وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ ٱلْبَسْطِ} . وقد قال الشاعر : لا تمدحن ابن عباد وإن هطلت يداه كالمزن حتى تخجل الديما
فإنها فلتات من وساوسه يعطي ويمنع لا بخلاً ولا كرما
وقد بين تعالىٰ في مواضع أخر : أن الإنفاق المحمود لا يكون كذلك ، إلا إذا كان مصرفه الذي صرف فيه مما يرضي اللَّه . كقوله تعالىٰ : {قُلْ مَا أَنفَقْتُم مّنْ خَيْرٍ فَلِلْوٰلِدَيْنِ وَٱلاْقْرَبِينَ} ، وصرح بأن الإنفاق فيما لا يرضي اللَّه حسرة على صاحبه في قوله : {فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً} ، وقد قال الشاعر: إن الصنيعة لا تعد صنيعة حتى يصاب بها طريق المصنع
فإن قيل : هذا الذي قررتم يقتضي أن الإنفاق المحمود هو إنفاق ما زاد على الحاجة الضرورية ، مع أن اللَّه تعالىٰ أثنى على قوم بالإنفاق وهم في حاجة إلى ما أنفقوا ، وذلك في قوله : {وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ} .
فالظاهر في الجواب ــ واللَّه تعالىٰ أعلم ــ هو ما ذكره بعض العلماء من أن لكل مقام مقالاً ، ففي بعض الأحوال يكون الإيثار ممنوعًا . وذلك كما إذا كانت على المنفق نفقات واجبة . كنفقة الزوجات ونحوها فتبرع بالإنفاق في غير واجب وترك الفرض لقوله صلى الله عليه وسلم : « وابدأ بمن تعول » ، وكأن يكون لا صبر عنده عن سؤال الناس فينفق ماله ويرجع إلى الناس يسألهم مالهم ، فلا يجوز له ذلك ، وإلايثار فيما إذا كان لم يضيع نفقة واجبة وكان واثقًا من نفسه بالصبر والتعفف وعدم السؤال .
وأما على القول بأن قوله تعالىٰ : {وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ} يعني به الزكاة . فالأمر واضح ، والعلم عند اللَّه تعالىٰ .
شكرا لدعمكم
تم تأسيس موقع سورة قرآن كبادرة متواضعة بهدف خدمة الكتاب العزيز و السنة المطهرة و الاهتمام بطلاب العلم و تيسير العلوم الشرعية على منهاج الكتاب و السنة , وإننا سعيدون بدعمكم لنا و نقدّر حرصكم على استمرارنا و نسأل الله تعالى أن يتقبل منا و يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم .
تحميل المصحف الشريف
الصفحة رقم 2 تحميل و استماع mp3