كتاب النبي ﷺ إلى هرقل عظيم الروم - الأحاديث الصحيحة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الكتب الستة

باب كتاب النبي ﷺ إلى هرقل عظيم الروم

عن أبي سفيان بن حرب، أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش، وكانوا تجارا بالشام في المدة التي كان رسول الله ﷺ مادَّ فيها أبا سفيان وكفار قريش، فأتوه وهم بإيلياء، فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم، ثم دعاهم ودعا بترجمانه، فقال:
أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ فقال أبو سفيان: فقلت: أنا أقربهم نسبا. فقال: أدنوه مني، وقربوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره. ثم قال لترجمانه: قل لهم: إني سائل هذا عن هذا الرجل، فإن كَذَبَني فكَذِّبوه. فوالله لولا الحياء من أن يأثروا علي كذبا لكذبت عنه. ثم كان أول ما سألني عنه أن قال: كيف نسبه فيكم؟ قلت: هو فينا ذو نسب. قال: فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله؟ قلت: لا. قال: فهل كان من آبائه من مَلِكٍ؟ قلت: لا. قال: فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ فقلت: بل ضعفاؤهم. قال: أيزيدون أم ينقصون؟ قلت: بل يزيدون. قال: فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ قلت: لا. قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا. قال: فهل يغدر؟ قلت: لا، ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها. قال: ولم تمكني كلمة أدخل فيها شيئا غير هذه الكلمة. قال: فهل قاتلتموه؟ قلت: نعم. قال: فكيف كان قتالكم إياه؟ قلت: الحرب بيننا وبينه سجال، ينال منا وننال منه. قال: ماذا يأمركم؟ قلت: يقول: اعبدوا الله وحده، ولا تشركوا به شيئا، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة والزكاة والصدق والعفاف والصلة. فقال للترجمان: قل له: سألتك عن نسبه، فذكرت أنه فيكم ذو نسب، فكذلك الرسل تبعث في نسب قومها. وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول، فذكرت أن لا، فقلت: لو كان أحد قال هذا القول قبله لقلت رجل يأتسي بقول قيل قبله. وسألتك هل كان من آبائه من ملك، فذكرت أن لا، قلت: فلو كان من آبائه من ملك قلت: رجل يطلب ملك أبيه. وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال، فذكرت أن لا، فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله. وسألتك أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم، فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه، وهم أتباع الرسل. وسألتك أيزيدون أم ينقصون، فذكرت أنهم يزيدون، وكذلك أمر الإيمان حتى يتم. وسألتك أيرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه، فذكرت أن لا، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب. وسألتك هل يغدر، فذكرت أن لا، وكذلك الرسل لا تغدر. وسألتك بما يأمركم، فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله، ولا تشركوا به شيئا، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف، فإن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتين، وقد كنت أعلم أنه خارج لم أكن أظن أنه منكم، فلو أني أعلم أني أخلص إليه
لتجشمت لقاءه، ولو كنت عنده لغَسَلْتُ عن قدمه. ثم دعا بكتاب رسول الله ﷺ الذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى، فدفعه إلى هرقل، فقرأه فإذا فيه: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم: سلام على من اتبع الهدى، أما بعد! فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين، و﴿يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ٦٤] قال أبو سفيان: فلما قال ما قال، وفرغ من قراءة الكتاب، كثر عنده الصخب، وارتفعت الأصوات، وأخرجنا. فقلت لأصحابي حين أخرجنا: لقد أَمِرَ أمْرُ ابن أبي كبشة، إنه يخافه ملك بني الأصفر، فما زلت موقنا أنه سيظهر حتى أدخل الله علي الإسلام.
وكان ابن الناظور صاحب إيلياء وهرقل أسقفا على نصارى الشام، يحدث أن هرقل حين قدم إيلياء، أصبح يوما خبيث النفس، فقال بعض بطارقته: قد استنكرنا هيئتك. قال ابن الناظور: وكان هرقل حَزَّاءً ينظر في النجوم، فقال لهم حين سألوه: إني رأيت الليلة حين نظرت في النجوم ملك الختان قد ظهر، فمن يختتن من هذه الأمة؟ قالوا: ليس يختتن إلا اليهود، فلا يُهِمَّنَّك شأنهم، واكتب إلى مداين ملكك، فيقتلوا من فيهم من اليهود، فبينما هم على أمرهم أتي هرقل برجل أرسل به ملك غسان يخبر عن خبر رسول الله ﷺ، فلما استخبره هرقل قال: اذهبوا فانظروا أمختتن هو أم لا؟ فنظروا إليه، فحدثوه أنه مختتن، وسأله عن العرب، فقال: هم يختتنون. فقال هرقل: هذا ملك هذه الأمة قد ظهر. ثم كتب هرقل إلى صاحب له برومية، وكان نظيره في العلم، وسار هرقل إلى حمص، فلم يرم حمصَ حتى أتاه كتاب من صاحبه يوافق رأي هرقل على خروج النبي ﷺ، وأنه نبي، فأذن هرقل لعظماء الروم في دسكرة له بحمص، ثم أمر بأبوابها فغُلِّقت، ثم اطَّلع فقال: يا معشر الروم، هل لكم في الفلاح والرشد، وأن يثبت ملككم، فتبايعوا هذا النبي؟ فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب، فوجدوها قد غُلِّقَت، فلما رأى هرقل نفرتهم، وأيس من الإيمان، قال: ردوهم عليَّ. وقال: إني قلت مقالتي آنفا أختبر بها شدتكم على دينكم، فقد رأيت، فسجدوا له ورضوا عنه، فكان ذلك آخر شأن هرقل.

متفق عليه: رواه البخاري في بدء الوحي (٧) ومسلم في الجهاد والسير (١٧٧٣: ٧٤) كلاهما
من طريق الزهري قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، أن عبد الله بن عباس أخبره، أن أبا سفيان أخبره، فذكره، والسياق للبخاري.
قوله: «مادَّ فيها» أي صالحهم على ترك القتال.
قوله: «أسقفا» لفظ معرب، ومعناه عالم النصارى أو رئيسهم الديني.
قوله: «حزاء» أي كاهنا يخبر عن المغيبات.
قوله: «إثم الأريسيين» جمع أريسي وهو الفلاح، والمراد به أتباعه من أهل مملكته.
قوله: «بطارقته» جمع بطريق، وهم خواص دولته وأهل مشورته.
قوله: «دسكرة» أي قصر حوله، أو فيه منازل للخدم وأشباههم.
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: «من ينطلق بصحيفتي هذه إلى قيصر وله الجنة؟» فقال رجل من القوم: وإن لم أقتل؟ قال: «وإن لم تقتل»، فانطلق الرجل به فوافق قيصر وهو يأتي بيت المقدس قد جعل له بساط لا يمشي عليه غيره، فرمى بالكتاب على البساط وتنحى، فلما انتهى قيصر إلى الكتاب أخذه، ثم دعا رأس الجاثليق، فأقرأه، فقال: ما علمي في هذا الكتاب إلا كعلمك، فنادى قيصر: من صاحب الكتاب؟ فهو آمن فجاء الرجل، فقال: إذا أنا قدمت فأتني، فلما قدم أتاه، فأمر قيصر بأبواب قصره فغلقت، ثم أمر مناديا ينادي: ألا إن قيصر قد اتبع محمدًا ﷺ وترك النصرانية، فأقبل جنده وقد تسلحوا حتى أطافوا بقصره، فقال لرسول رسول الله ﷺ: قد ترى أني خائف على مملكتي، ثم أمر مناديا فنادى: ألا إن قيصر قد رضي عنكم، وإنما خبركم لينظر كيف صبركم على دينكم فارجعوا، فانصرفوا، وكتب قيصر إلى رسول الله ﷺ: إني مسلم وبعث إليه بدنانير، فقال رسول الله ﷺ حين قرأ الكتاب: «كذب عدو الله ليس بمسلم، وهو على النصرانية» وقسم الدنانير.

صحيح: رواه ابن حبان (٤٥٠٤) عن محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف، قال: حدثنا أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم صاعقة، قال: حدثنا علي بن بحر، قال: حدثنا مروان بن معاوية الفزاري، قال: حدثنا حميد، عن أنس بن مالك، فذكره. وإسناده صحيح.

أبواب الكتاب (عرض 50 باباً حول الباب الحالي)

الباب الحالي في المركز 650 من أصل 659 باباً

معلومات عن حديث: كتاب النبي ﷺ إلى هرقل عظيم الروم

  • 📜 حديث عن كتاب النبي ﷺ إلى هرقل عظيم الروم

    أحاديث نبوية شريفة تتعلق بـ كتاب النبي ﷺ إلى هرقل عظيم الروم من مصادر موثوقة.

  • 🔍 صحة حديث كتاب النبي ﷺ إلى هرقل عظيم الروم

    تحقق من درجة أحاديث كتاب النبي ﷺ إلى هرقل عظيم الروم (صحيح، حسن، ضعيف).

  • 📖 تخريج حديث كتاب النبي ﷺ إلى هرقل عظيم الروم

    تخريج علمي لأسانيد أحاديث كتاب النبي ﷺ إلى هرقل عظيم الروم ومصادرها.

  • 📚 أحاديث عن كتاب النبي ﷺ إلى هرقل عظيم الروم

    مجموعة شاملة من الأحاديث النبوية في موضوع كتاب النبي ﷺ إلى هرقل عظيم الروم.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Friday, August 22, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب