تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ..
﴿ وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا ۚ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ ۖ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾
[ سورة الأنعام: 109]
معنى و تفسير الآية 109 من سورة الأنعام : وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية .
تفسير الجلالين | التفسير الميسر | تفسير السعدي |
تفسير البغوي | التفسير الوسيط | تفسير ابن كثير |
تفسير الطبري | تفسير القرطبي | إعراب الآية |
تفسير السعدي : وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية
أي: وأقسم المشركون المكذبون للرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
{ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ }- أي: قسما اجتهدوا فيه وأكدوه.
{ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ } تدل على صدق محمد صلى الله عليه وسلم { لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا } وهذا الكلام الذي صدر منهم، لم يكن قصدهم فيه الرشاد، وإنما قصدهم دفع الاعتراض عليهم، ورد ما جاء به الرسول قطعا، فإن الله أيد رسوله صلى الله عليه وسلم، بالآيات البينات، والأدلة الواضحات، التي -عند الالتفات لها- لا تبقي أدنى شبهة ولا إشكال في صحة ما جاء به، فطلبهم -بعد ذلك- للآيات من باب التعنت، الذي لا يلزم إجابته، بل قد يكون المنع من إجابتهم أصلح لهم، فإن الله جرت سنته في عباده، أن المقترحين للآيات على رسلهم، إذا جاءتهم، فلم يؤمنوا بها -أنه يعاجلهم بالعقوبة، ولهذا قال: { قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ }- أي: هو الذي يرسلها إذا شاء، ويمنعها إذا شاء، ليس لي من الأمر شيء، فطلبكم مني الآيات ظلم، وطلب لما لا أملك، وإنما توجهون إلي توضيح ما جئتكم به، وتصديقه، وقد حصل، ومع ذلك، فليس معلوما، أنهم إذا جاءتهم الآيات يؤمنون ويصدقون، بل الغالب ممن هذه حاله، أنه لا يؤمن، ولهذا قال: { وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ }
تفسير البغوي : مضمون الآية 109 من سورة الأنعام
قوله عز وجل : ( وأقسموا بالله جهد أيمانهم ) الآية . قال محمد بن كعب القرظي والكلبي : قالت قريش يا محمد إنك تخبرنا أن موسى كان معه عصى يضرب بها الحجر فينفجر منه اثنتا عشرة عينا ، وتخبرنا أن عيسى عليه السلام كان يحيي الموتى فأتنا من الآيات حتى نصدقك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي شيء تحبون؟ قالوا : تجعل لنا الصفا ذهبا أو ابعث لنا بعض أمواتنا حتى نسأله عنك أحق ما تقول أم باطل ، أو أرنا الملائكة يشهدون لك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإن فعلت بعض ما تقولون أتصدقونني؟ قالوا : نعم والله لئن فعلت لنتبعنك أجمعين ، وسأل المسلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزلها عليهم حتى يؤمنوا ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الله أن يجعل الصفا ذهبا فجاءه جبريل عليه السلام ، فقال له : اختر ما شئت إن شئت أصبح ذهبا ولكن إن لم يصدقوا عذبتهم ، وإن شئت تركتهم حتى يتوب تائبهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بل يتوب تائبهم ، فأنزل الله عز وجل : ( وأقسموا بالله جهد أيمانهم ) أي : حلفوا بالله جهد أيمانهم ، أي : بجهد أيمانهم ، يعني أوكد ما قدروا عليه من الأيمان وأشدها .قال الكلبي ومقاتل : إذا حلف الرجل بالله ، فهو جهد يمينه .( لئن جاءتهم آية ) كما جاءت من قبلهم من الأمم ، ( ليؤمنن بها قل ) يا محمد ، ( إنما الآيات عند الله ) والله قادر على إنزالها ، ( وما يشعركم ) وما يدريكم .واختلفوا في المخاطبين بقوله ( وما يشعركم ) فقال بعضهم : الخطاب للمشركين الذين أقسموا .وقال بعضهم : الخطاب للمؤمنين .وقوله تعالى : ( أنها إذا جاءت لا يؤمنون ) قرأ ابن كثير وأهل البصرة وأبو بكر عن عاصم " إنها " بكسر الألف على الابتداء ، وقالوا : تم الكلام عند قوله ( وما يشعركم ) فمن جعل الخطاب للمشركين قال : معناه : وما يشعركم أيها [ المشركون ] أنها لو جاءت آمنتم؟ ومن جعل الخطاب للمؤمنين قال معناه : وما يشعركم أيها المؤمنون أنها لو جاءت آمنوا؟ لأن المسلمين كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله حتى يريهم ما اقترحوا حتى يؤمنوا فخاطبهم بقوله : ( وما يشعركم ) ثم ابتدأ فقال جل ذكره : ( أنها إذا جاءت لا يؤمنون ) وهذا في قوم مخصوصين [ حكم الله عليهم بأنهم لا يؤمنون ] ، وقرأ الآخرون : " أنها " بفتح الألف وجعلوا الخطاب للمؤمنين ، واختلفوا في قوله : ( لا يؤمنون ) فقال الكسائي : ( لا ) صلة ، ومعنى الآية : وما يشعركم أيها المؤمنون أن الآيات إذا جاءت المشركين يؤمنون؟ كقوله تعالى " وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون " ( الأنبياء ، 95 ) ، أي : يرجعون وقيل: إنها بمعنى لعل ، وكذلك هو في قراءة أبي ، تقول العرب : اذهب إلى السوق أنك تشتري شيئا ، أي : لعلك ، وقال عدي بن زيد :أعاذل ما يدريك أن منيتي إلى ساعة في اليوم أو في ضحى الغدأي : لعل منيتي ، وقيل: فيه حذف وتقديره : وما يشعركم أنها إذا جاءت [ يؤمنون أو لا يؤمنون؟ وقرأ ابن عامر وحمزة " لا تؤمنون " بالتاء على الخطاب للكفار واعتبروا بقراءة أبي : إذا جاءتكم ] لا تؤمنون ، وقرأ الآخرون بالياء على الخبر ، دليلها قراءة الأعمش : أنها إذا جاءتهم لا يؤمنون .
التفسير الوسيط : وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية
ثم حكى القرآن بعض المقترحات المتعنتة التي كان يقترحها المشركون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ.الجهد: الوسع والطاقة من جهد نفسه يجهدها في الأمر إذا بلغ أقصى وسعها وطاقتها فيه.وهو مصدر في موضع الحال.أى: وأقسم أولئك المشركون بالله مجتهدين في أيمانهم، مؤكدين إياها بأقصى ألوان التأكيد، معلنين أنهم لئن جاءتهم آية من الآيات الكونية التي اقترحوها عليك يا محمد ليؤمنن بها أنها من عند الله وأنك صادق فيما تبلغه عن ربك.وقد لقن الله-تبارك وتعالى- رسوله صلى الله عليه وسلم الرد المفحم لهم فقال: قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ.أى: قل لهم يا محمد إن هذه الآيات التي اقترحتموها تعنتا وعنادا مردها إلى الله، فهو وحدهالقادر عليها والمتصرف فيها حسب مشيئته وحكمته، إن شاء أنزلها وإن شاء منعها، أما أنا فليس ذلك إلىّ.أخرج ابن جرير- بسنده- عن محمد بن كعب القرظي قال: كلم نفر من قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا له، يا محمد، تخبرنا أن موسى كان معه عصا ضرب بها الحجر، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، وتخبرنا أن عيسى كان يحيى الموتى، وتخبرنا أن ثمود كانت لهم ناقة فأتنا بآية من هذه الآيات حتى نصدقك، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أى شيء تحبون أن آتيكم به» ؟ قالوا، تجعل لنا الصفا ذهبا، فقال لهم «فإن فعلت تصدقوني» ؟ قالوا نعم. والله لئن فعلت لنتبعنك أجمعون فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو فجاءه جبريل فقال، إن شئت أصبح الصفا ذهبا على أن يعذبهم الله إذا لم يؤمنوا، وإن شئت فاتركهم حتى يتوب تائبهم، فقال صلى الله عليه وسلم «بل أتركهم حتى يتوب تائبهم» ، فأنزل الله-تبارك وتعالى- قوله: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ. إلى قوله وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ .وقوله: وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ.أى: وما يدريكم أيها المؤمنون الراغبون في إنزال هذه الآيات طمعا في إسلام هؤلاء المشركين أنها إذا جاءت لا يؤمنون أى: إذا جاءت هذه الآيات فأنا أعلم أنهم لا يؤمنون وأنتم لا تعلمون ذلك ولذا توقعتم إيمانهم ورغبتم في نزول الآيات.فالخطاب هنا للمؤمنين، والاستفهام في معنى النفي، وهو إخبار عنهم بعدم العلم وليس للإنكار عليهم.أى: إنكم أيها المؤمنون ليس عندكم شيء من أسباب الشعور بهذا الأمر الغيبى الذي لا يعلمه إلا علام الغيوب وهو أنهم لا يؤمنون إن جاءتهم الآيات التي يقترحونها على رسول الله صلى الله عليه وسلم تعنتا وجهلا.قال صاحب الكشاف: وَما يُشْعِرُكُمْ وما يدريكم أَنَّها أى الآية التي تقترحونها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ يعنى أنا أعلم أنها إذا جاءت لا يؤمنون بها وأنتم لا تدرون بذلك، وذلك أن المؤمنين كانوا يطمعون في إيمانهم إذا جاءت تلك الآية ويتمنون مجيئها، فقال- عز وجل - وما يدريكم أنهم لا يؤمنون، وقيل: إنها بمعنى «لعل» من قول العرب: ائت السوق أنك تشترى حمارا.وقال امرؤ القيس.عوجا على الطلل المحيل لأننا ... نبكي الديار كما بكى ابن خذامأى: لعلنا نبكي الديار.وقرئ بكسر «إنها» على أن الكلام قد تم قبله بمعنى: وما يشعركم ما يكون منهم؟ ثم أخبرهم بعلمه فيهم فقال: إنها إذا جاءت لا يؤمنون البتة» .
تفسير ابن كثير : شرح الآية 109 من سورة الأنعام
يقول تعالى إخبارا عن المشركين : إنهم أقسموا بالله جهد أيمانهم ، أي: حلفوا أيمانا مؤكدة { لئن جاءتهم آية } أي: معجزة وخارق ، { ليؤمنن بها } أي: ليصدقنها ، { قل إنما الآيات عند الله } أي: قل يا محمد لهؤلاء الذين يسألونك الآيات تعنتا وكفرا وعنادا ، لا على سبيل الهدى والاسترشاد : إنما مرجع هذه الآيات إلى الله ، إن شاء أجابكم ، وإن شاء ترككم ، كما قال ، قال ابن جرير :
حدثنا هناد حدثنا يونس بن بكير ، حدثنا أبو معشر ، عن محمد بن كعب القرظي قال : كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا ، فقالوا : يا محمد ، تخبرنا أن موسى كان معه عصا يضرب بها الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا ، وتخبرنا أن عيسى كان يحيي الموتى ، وتخبرنا أن ثمود كانت لهم ناقة ، فأتنا من الآيات حتى نصدقك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أي شيء تحبون أن آتيكم به؟ " قالوا : تجعل لنا الصفا ذهبا . فقال لهم : " فإن فعلت تصدقوني؟ " قالوا : نعم ، والله لئن فعلت لنتبعك أجمعين . فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ، فجاءه جبريل ، عليه السلام ، فقال له : لك ما شئت ، إن شئت أصبح الصفا ذهبا ، ولئن أرسل آية فلم يصدقوا عند ذلك ليعذبنهم ، وإن شئت فاتركهم حتى يتوب تائبهم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل يتوب تائبهم " فأنزل الله : { وأقسموا بالله } إلى قوله تعالى { يجهلون } .
وهذا مرسل وله شواهد من وجوه أخر . وقال الله تعالى : { وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا } [ الإسراء : 59 ] .
وقوله تعالى : { وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون } قيل : المخاطب ب { وما يشعركم } المشركون ، وإليه ذهب مجاهد كأنه يقول لهم : وما يدريكم بصدقكم في هذه الأيمان التي تقسمون بها . وعلى هذا فالقراءة : " إنها إذا جاءت لا يؤمنون " بكسر " إنها " على استئناف الخبر عنهم بنفي الإيمان عند مجيء الآيات التي طلبوها ، وقراءة بعضهم : " أنها إذا جاءت لا تؤمنون " بالتاء المثناة من فوق .
وقيل : المخاطب بقوله : { وما يشعركم } - المؤمنون ، أي: وما يدريكم أيها المؤمنون ، وعلى هذا فيجوز في } إنها } الكسر كالأول والفتح على أنه معمول { يشعركم } . وعلى هذا فتكون " لا " في قوله : { أنها إذا جاءت لا يؤمنون } صلة كما في قوله : { ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك } [ الأعراف : 12 ] ، وقوله { وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون } [ الأنبياء : 95 ] . أي: ما منعك أن تسجد إذ أمرتك ، وحرام أنهم يرجعون . وتقديره في هذه الآية : وما يدريكم - أيها المؤمنون الذين تودون لهم ذلك حرصا على إيمانهم - أنها إذا جاءتهم الآيات يؤمنون .
وقال بعضهم : " أنها " بمعنى لعلها .
قال ابن جرير : وذكروا أن ذلك كذلك في قراءة أبي بن كعب . قال : وقد ذكر عن العرب سماعا : " اذهب إلى السوق أنك تشتري لي شيئا " بمعنى : لعلك تشتري .
قال : وقد قيل : إن قول عدي بن زيد العبادي من هذا :
أعاذل ما يدريك أن منيتي إلى ساعة في اليوم أو في ضحى الغد
وقد اختار هذا القول ابن جرير وذكر عليه شواهد من أشعار العرب والله تعالى أعلم .
تفسير الطبري : معنى الآية 109 من سورة الأنعام
القول في تأويل قوله تعالى : وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ ( 109 )قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وحلف بالله هؤلاء العادلون بالله جَهْد حَلِفهم, وذلك أوكدُ ما قدروا عليه من الأيمان وأصعبُها وأشدُّها ( 53 ) =( لئن جاءتهم آية )، يقول: قالوا: نقسم بالله لئن جاءتنا آية تصدِّق ما تقول، يا محمد، مثلُ الذي جاء مَنْ قبلنا من الأمم =( ليؤمنن بها )، يقول: قالوا: لنصدقن بمجيئها بك, وأنك لله رسولٌ مرسل, وأنّ ما جئتنا به حقُّ من عند الله .وقيل: " ليؤمنن بها ", فأخرج الخبر عن " الآية "، والمعنى لمجيء الآية .يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم: ( قل إنما الآيات عند الله )، وهو القادر على إتيانكم بها دون كل أحد من خلقه =( وما يشعركم )، يقول: وما يدريكم ( 54 ) =( أنها إذا جاءت لا يؤمنون ) ؟* * *وذكر أن الذين سألوه الآية من قومه، هم الذين آيس الله نبيَّه من إيمانهم من مشركي قومه .* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .* ذكر من قال ذلك:13744- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله: ( لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها )، إلى قوله: يَجْهَلُونَ ، سألت قريش محمدًا أن يأتيهم بآية, واستحلفهم: ليؤمننّ بها .13745- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح: ( لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها )، ثم ذكر مثله .13746- حدثنا هناد قال، حدثنا يونس بن بكير قال، حدثنا أبو معشر, عن محمد بن كعب القرظي قال: كلّم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قريشًا, ( 55 ) فقالوا: يا محمد، تخبرنا أن موسى كان معه عصًا يضرب بها الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينًا, وتخبرنا أنّ عيسى كان يحيي الموتى, وتخبرنا أن ثَمُود كانت لهم ناقة، فأتنا بشيء من الآيات حتى نصدقك ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أيَّ شيء تحبُّون أن آتيكم به؟ قالوا: تجعَلُ لنا الصَّفَا ذهبًا. فقال لهم: فإن فعلت تصدقوني؟ قالوا: نعم والله، لئن فعلت لنتبعنّك أجمعين ! ( 56 ) فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو, فجاءه جبريل عليه السلام فقال له: لك ما شئت، ( 57 ) إن شئتَ أصبح ذهبًا, ولئن أرسل آيةً فلم يصدقوا عند ذلك لنعذبنَّهم, وإن شئت فأنْدِحْهُم حتى يتوب تائبهم . ( 58 ) فقال: بل يتوب تائبهم . فأنزل الله تعالى: ( وأقسموا بالله ) إلى قوله: يَجْهَلُونَ .* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَقال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في المخاطبين بقوله: ( وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون ).فقال بعضهم: خوطب بقوله: ( وما يشعركم ) المشركون المقسمون بالله، لئن جاءتهم آية ليؤمنن= وانتهى الخبر عند قوله: ( وما يشعركم )، ثم استُؤنف الحكم عليهم بأنهم لا يؤمنون عند مجيئها استئنافًا مبتدأ .* * ** ذكر من قال ذلك:13747- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله: ( وما يشعركم )، قال: ما يدريكم . قال: ثم أخبر عنهم أنهم لا يؤمنون .13748- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: ( وما يشعركم )، وما يدريكم=" أنها إذا جاءت "، قال: أوجب عليهم أنها إذا جاءت لا يؤمنون .13749- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال، سمعت عبد الله بن زيد يقول: إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ , ثم يستأنف فيقول: إنها إذا جاءت لا يؤمنون .13750- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد قوله: " إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ " ، وما يدريكم أنكم تؤمنون إذا جاءت. ثم استقبل يخبر عنهم فقال: إذا جاءت لا يؤمنون .* * *وعلى هذا التأويل قراءةُ من قرأ ذلك بكسر ألف: " إنَّها "، على أن قوله: " إِنَّهَا إِذَا جَاءَتَ لا يُؤْمِنُون "، خبر مبتدأ منقطعٌ عن الأول.* * *وممن قرأ ذلك كذلك، بعضُ قرأة المكيين والبصريين .* * *وقال آخرون منهم: بل ذلك خطابٌ من الله نبيَّه صلى الله عليه وسلم وأصحابه. قالوا: وذلك أنّ الذين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي بآيةٍ, المؤمنون به . قالوا: وإنما كان سببَ مسألتهم إيّاه ذلك، أن المشركين حَلَفوا أنّ الآية إذا جاءت آمنوا واتبعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: سل يا رسول الله ربك ذلك ! فسأل, فأنزل الله فيهم وفي مسألتهم إياه ذلك: " قُلْ " للمؤمنين بك يا محمد=" إنما الآيات عند الله وما يشعركم "، أيها المؤمنون بأن الآيات إذا جاءت هؤلاء المشركين بالله، أنهم لا يؤمنون به= ففتحوا " الألف " من " أنّ " .* * *ومن قرأ ذلك كذلك، عامة قرأة أهل المدينة والكوفة, وقالوا: أدخلت " لا " في قوله: ( لا يؤمنون ) صلة, ( 59 ) كما أدخلت في قوله: مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ ، [ سورة الأعراف: 12 ]، وفي قوله: وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ ، [ سورة الأنبياء: 95 ]، وإنما المعنى: وحرام عليهم أن يرجعوا= وما منعك أن تسجُد .* * *وقد تأوَّل قوم قرؤوا، ذلك بفتح " الألف " من ( أنها ) بمعنى: لعلها. وذكروا أن ذلك كذلك في قراءة أبيّ بن كعب .* * *وقد ذكر عن العرب سماعًا منها: " اذهب إلى السوق أنك تشتري لي شيئًا ", بمعنى: لعلك تشتري. ( 60 )وقد قيل: إن قول عدي بن زيد العِبَاديّ:أَعَاذِلَ, مَا يُدْرِيكِ أَنَّ مَنِيَّتِيإلَى سَاعَةٍ فِي الْيَومِ أَوْ فِي ضُحَى الغَدِ ( 61 )بمعنى: لعل منيَّتي; وقد أنشدوا في بيت دريد بن الصمة: ( 62 )ذَرِينِي أُطَوِّفْ فِي البِلادِ لأَنَّنِيأَرَى مَا تَرَيْنَ أَوْ بَخِيلا مُخَلَّدَا ( 63 )بمعنى: لعلني . والذي أنشدني أصحابُنا عن الفراء: " لعلَّني أَرَى ما ترَيْن " . وقد أنشد أيضًا بيتُ توبة بن الحميِّر:لَعَلَّك يَا تَيْسًا نزا فيِ مَرِيرَةٍمُعَذِّبُ لَيْلَى أَنْ تَرَانِي أَزُورُهَا ( 64 )" لهَنَّك يا تيسًا ", بمعنى: " لأنّك " التي في معنى " لعلك "، وأنشد بيت أبي النجم العجليّ:قُلْتُ لِشَيْبَانَ ادْنُ مِنْ لِقَائِهِأَنَّا نُغَدِّي القَوْمَ مِنْ شِوَائِهِ ( 65 )بمعنى: ( 66 ) لعلنا نغدِّي القوم .* * *قال أبو جعفر: وأولى التأويلات في ذلك بتأويل الآية, قولُ من قال: ذلك خطاب من الله للمؤمنين به من أصحاب رسوله= أعنى قوله: ( وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون ) = وأن قوله: " أنها "، بمعنى: لعلَّها .وإنما كان ذلك أولى تأويلاته بالصواب، لاستفاضة القراءة في قرأة الأمصار بالياء من قوله: ( لا يؤمنون ) .ولو كان قوله: ( وما يشعركم ) خطابًا للمشركين, لكانت القراءة في قوله: ( لا يؤمنون )، بالتاء, وذلك، وإن كان قد قرأه بعض قرأة المكيين كذلك, فقراءةٌ خارجة عما عليه قرأة الأمصار, وكفى بخلاف جميعهم لها دليلا على ذهابها وشذوذها . ( 67 )* * *وإنما معنى الكلام: وما يدريكم، أيها المؤمنون، لعل الآيات إذا جاءت هؤلاء المشركين لا يؤمنون، فيعاجلوا بالنقمة والعذاب عند ذلك، ولا يؤخَّروا به .-
الهوامش :( 53 ) انظر ( ( أقسم )) و ( ( جهد أيمانهم )) فيما سلف 10 : 407 - 409 ، ولم يفسرهما .( 54 ) انظر تفسير ( ( أشعر )) فيما سلف 11 : 316 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك . وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 204 .( 55 ) في المطبوعة : ( ( قريش )) بالرفع ، والصواب من المخطوطة .( 56 ) في المطبوعة : ( ( أجمعون )) ، والصواب من المخطوطة .( 57 ) في المطبوعة أسقط ( ( له )) ، وهي في المخطوطة .( 58 ) في المطبوعة : ( ( فاتركهم حتى يتوب تائبهم )) ، وفي المخطوطة : ( ( ما نرحهم )) ، غير منقوطة ، ورجحت أن صواب ما أثبت ، وإن كنت لم أجد هذا الحرف في كتب اللغة ، وهو عندي من قولهم : ( ( ندحت الشيء ندحا )) ، إذ أوسعته وأفسحته ، ومنه قيل : ( ( إن لك في هذا الأمر ندحة )) ( بضم النون وفتحها وسكون الدال ) و( ( مندوحة )) ، أي : سعة وفسحة . فقولهم : ( ( أندحهم )) ، أي : أفسح لهم ، واجعل لهم مندوحة في هذا الأمر حتى يتوب تائبهم . وهو حق المعنى إن شاء الله ، والقياس يعين عليه .( 59 ) ( ( الصلة )) . الزيادة ، والإلغاء ، انظر فهارس المصطلحات .( 60 ) انظر في هذا معاني القرآن للفراء 1 : 349 ، 350 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 204 .( 61 ) جمهرة أشعار العرب 103 ، اللسان ( أنن ) ، وغيرهما . من قصيدة له حكيمة ، يقول قبله : وعَاذِلَةٍ هَبَّتْ بِلَيْلٍ تَلُوُمُنِيفَلَمَّا غَلَتْ فِي الَّلوْمِ قُلْتُ لها : اقْصِديأعَاذِلَ ، إن اللَّوْمَ في غير كُنْهِهِعَلَيّ ثُنًى ، مِنْ غَيِّكِ المُتَرَدِّدِأعَاذِلَ ، إنَّ الجهْل مِنْ لَذَّةِ الفَتَىوَإنَّ المَنَايَا لِلرِّجَالِ بِمَرْصَدِأعَاذِلَ ، مَا أَدْنَى الرشادَ مِنَ الفَتَىوأَبْعَدَهُ مِنْهُ إِذَا لَمْ يُسَدَّدِأعَاذِلَ ، من تُكْتَبْ لَهُ النَّارُ يَلْقَهَاكِفِاحًا ، وَمَنْ يُكْتَبْ لَهُ الفَوْزُ يُسْعَدِأَعَاذِلَ ، قد لاقيتُ ما يَزَغُ الفتىوَطَابَقْتُ في الحِجْلَيْنِ مَشْيَ المُقيَّدِ( 62 ) في المطبوعة : ( ( وقد أنشدوني )) ، وأثبت ما في المخطوطة .( 63 ) هكذا جاء البيت في المخطوطة والمطبوعة ، وهو خطأ من أبي جعفر ، أو من الفراء ، بلا شك فإن الشطر الأخير من هذا الشعر ، هو من شعر حطائط بن يعفر ، وقد خرجته آنفًا 3 : 78 ، واستوفيت الكلام عنه هناك ، وأشرت إلى الموضع من اختلاف الشعر . وأما قوله : ( ( ذريتي أطوف واستوفيت الكلام عنه هناك ، وأشرت إلى هذا الموضع من اختلاف الشعر . وأما قوله : (( ذريني أطوف في البلاد لعلني )) ، فهو كثير في أشعارهم ، وأما شعر دريد بن الصمة الذي لاشك فيه ، فهو هذا :ذَرِينِي أُطَوِّفْ فِي البِلادِ لَعَلَّنِيألاَُقِي بِإثْرٍ ثُلةً من مُحَارِبٍولعل أبا جعفر نسي ، فكتب ما كتب . وشعر دريد هذا مروي في الأصمعيات ص12 ( ص : 119 ، طبعة المعارف ) ، من قصيدة قالها بعد مقتل أخيه عبد الله ، ذكر فيها ما أصاب خضر محارب من القتل والاستئصال ، يقول قبله :فَلَيْتَ قُبُورًا بالمَخَاضَةِ أَخْبَرَتْفَتُخْبِرَ عَنَّا الخُضْرَ ، خُضْرَ مُحَارِبِرَدَسْنَاهُمُ بِالخَيْلِ حَتى تَملأََّتْعَوَافِي الضِّبَاعِ وَالذِّئَابِ السَّوَاغِبِذَرِينِي أُطَوِّف. .. .. .. .. .. .. ... . . . . . . . . . . . . . . . . . .( 64 ) من قصيدة فيما جمعته من شعره ، وسيبويه 1 : 312 . يقول ذلك لزوج ليلى الأخيلية صاحبته ، يتوعده لمنعه من زيارتها ، وتعذيبه في سببه ، ويجعله كالتيس ينزو في حبله . وقوله ( ( في مريرة )) ، ( ( المريرة )) الحبل المفتول المحكم الفتل .( 65 ) المعاني الكبير لابن قتيبة : 393 ، الخزانة 3 : 591 ، وروايتها ( ( كما نغدي )) قال ابن قتيبه : ( قال أبو المجم وذكر ظليما . .. (( شيبان )) ابنه ، قلت له : اركب في طلبه . ( ( كما )) بمعنى ( ( كيما )) ، يقول : كيما نصيده فنغدي القوم به مشويًا ) .وكان البيت في المخطوطة غير منقوط ، وفي المطبوعة : ( ( قلت لسيبان )) ، وهو خطأ . وفيها وفي المخطوطة : ( ( من سرايه )) ، والصواب ما أثبت .( 66 ) في المطبوعة : ( ( يعني )) ، وأثبت ما في المخطوطة .( 67 ) قوله : ( ( ذهابها )) ، أي هلاكها وفسادها .
تفسير آيات من القرآن الكريم
- تفسير: إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنـزل الله سكينته على رسوله وعلى
- تفسير: فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون
- تفسير: والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون
- تفسير: كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون
- تفسير: ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون
- تفسير: وآخر من شكله أزواج
- تفسير: وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا
- تفسير: إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينـزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز
- تفسير: كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون
- تفسير: لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين
تحميل سورة الأنعام mp3 :
سورة الأنعام mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الأنعام
ماهر المعيقلي
سعد الغامدي
عبد الباسط
أحمد العجمي
المنشاوي
الحصري
مشاري العفاسي
ناصر القطامي
فارس عباد
ياسر الدوسري
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب