تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : وقد نـزل عليكم في الكتاب أن إذا ..

  1. تفسير السعدي
  2. تفسير البغوي
  3. التفسير الوسيط
  4. تفسير ابن كثير
  5. تفسير الطبري
الفسير الوسيط | التفسير الوسيط للقرآن الكريم للطنطاوي | تأليف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (المتوفى: 1431هـ) : ويعتبر هذا التفسير من التفاسير الحديثة و القيمة لطلاب العلم و الباحثين في تفسير القرآن العظيم بأسلوب منهجي سهل و عبارة مفهومة, تفسير الآية 140 من سورةالنساء - التفسير الوسيط .
  
   

﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا﴾
[ سورة النساء: 140]

معنى و تفسير الآية 140 من سورة النساء : وقد نـزل عليكم في الكتاب أن إذا .


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تفسير السعدي : وقد نـزل عليكم في الكتاب أن إذا


أي: وقد بيَّن الله لكم فيما أنزل عليكم حكمه الشرعي عند حضور مجالس الكفر والمعاصي أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا أي: يستهان بها.
وذلك أن الواجب على كل مكلف في آيات الله الإيمان بها وتعظيمها وإجلالها وتفخيمها، وهذا المقصود بإنزالها، وهو الذي خَلَق الله الخَلْق لأجله، فضد الإيمان الكفر بها، وضد تعظيمها الاستهزاء بها واحتقارها، ويدخل في ذلك مجادلة الكفار والمنافقين لإبطال آيات الله ونصر كفرهم.
وكذلك المبتدعون على اختلاف أنواعهم، فإن احتجاجهم على باطلهم يتضمن الاستهانة بآيات الله لأنها لا تدل إلا على حق، ولا تستلزم إلا صدقا، بل وكذلك يدخل فيه حضور مجالس المعاصي والفسوق التي يستهان فيها بأوامر الله ونواهيه، وتقتحم حدوده التي حدها لعباده ومنتهى هذا النهي عن القعود معهم حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ أي: غير الكفر بآيات الله والاستهزاء بها.
إِنَّكُمْ إِذًا أي: إن قعدتم معهم في الحال المذكورة مِثْلُهُمْ لأنكم رضيتم بكفرهم واستهزائهم، والراضي بالمعصية كالفاعل لها، والحاصل أن من حضر مجلسا يعصى الله به، فإنه يتعين عليه الإنكار عليهم مع القدرة، أو القيام مع عدمها.
إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا كما اجتمعوا على الكفر والموالاة ولا ينفع الكافرين مجرد كونهم في الظاهر مع المؤمنين كما قال تعالى: يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ إلى آخر الآيات.

تفسير البغوي : مضمون الآية 140 من سورة النساء


( وقد نزل عليكم في الكتاب ) قرأ عاصم ويعقوب " نزل " بفتح النون والزاي ، أي : نزل الله ، وقرأ الآخرون " نزل " بضم النون وكسر الزاي ، أي : عليكم يا معشر المسلمين ، ( أن إذا سمعتم آيات الله ) يعني القرآن ، ( يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم ) يعني : مع الذي يستهزئون ، ( حتى يخوضوا في حديث غيره ) أي : يأخذوا في حديث غير الاستهزاء بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن ، وهذا إشارة إلى ما أنزل الله في سورة الأنعام " وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره " ( الأنعام - 68 ) .
وقال الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما : دخل في هذه الآية كل محدث في الدين وكل مبتدع إلى يوم القيامة ، ( إنكم إذا مثلهم ) أي : إن قعدتم عندهم وهم يخوضون ويستهزئون ورضيتم به فأنتم كفار مثلهم ، وإن خاضوا في حديث غيره فلا بأس بالقعود معهم مع الكراهة ، وقال الحسن : لا يجوز القعود معهم وإن خاضوا في حديث غيره ، لقوله تعالى : ( وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين ) والأكثرون على الأول .
وآية الأنعام مكية وهذه مدنية والمتأخر أولى : ( إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا )

التفسير الوسيط : وقد نـزل عليكم في الكتاب أن إذا


ثم نهى - سبحانه - المسلمين عن مخالطة الكافرين بآيات الله والمستهزئين بها فقال: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ ٱللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ .
أى: وقد نزل الله عليكم - أيها المؤمنون - فى كتابه المحكم أنكم إذا سمعتم آيات الله يكفر بها الكافرون، ويستهزئ بهم المستهزئون، فعليكم فى هذه الأحوال أن تتركوا مجالسهم، وأن تعرضوا عنهم حتى يتكلموا فى حديث آخر سوى الكفر بآيات الله والاستهزاء بها.
قال صاحب الكشاف: والمراد بالمنزل عليهم فى الكتاب: هو ما نزل عليهم فى مكة من قوله - تعالى -: وَإِذَا رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِيۤ آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وذلك أن المشركين كانوا يخوضون فى ذكر القرآن فى مجالسهم فيستهزئون به، فنهى - سبحانه - المسلمين عن القعود معهم ما داموا خائضين فيه.
وكان أحبار اليهود بالمدينة يفعلون نحو فعل المشركين، فنهوا أن يقعدوا معهم كما نهوا - قبل ذلك - عن مجالسة المشركين بمكة.
وأن فى قوله إِذَا سَمِعْتُمْ تفسيرية، لأن نَزَّلَ تضمن معنى القول دون حروفه.
وجعلها بعضهم مخففة من الثقيلة واسمها ضمير شأن مقدر أى أنه إذا سمعتم.
وقدره بعضهم ضمير المخاطبين أى أنكم إذا سمعتم، وخبرهما جملة الشرط والجزاء.
وقوله يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا جملتان فى موضع الحال من الآيات.
وأضاف - سبحانه - الآيات إليه، لتهويل أمرها، والتشنيع على من كفر أو استهزأ بها.
والضمير فى قوله مَعَهُمْ يعود إلى الكافرين والمستهزئين المدلول عليهم بقوله: يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ فكأنه قيل: لا تقعدوا - أيها المؤمنون - مع الكافرين بآيات الله والمستهزئين بها.
والضمير فى قوله غَيْرِهِ يعود إلى تحدثهم بالكفر والاستهزاء أى: حتى يخوضوا فى حديث سوى حديثهم المتعلق بالكفر بآيات الله والاستهزاء بها.
وقوله إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ تعليل للنهى عن القعود معهم.
أى: أيها المؤمنون - إن استمعتم إلى الكفار والمنافقين وهم يعلنون الكفر بآيات الله - تعالى - والاستهزاء بها، كنتم معهم فى الاستهانة بآيات الله وشركاء لهم فى آثامهم، لأن الراضى بالكفر بآيات الله وبالاستهزاء بها.
يكون بعيدا عن حقيقة الإِيمان، ومستحقا للعقوبة من الله - تعالى -.
قال صاحب الكشاف، فإن قلت: لم يكونوا مثلهم بالمجالسة إليهم فى وقت الخوض؟ قلت: لأنهم إذا لم ينكروا عليهم كانوا راضين.
والراضى بالكفر كافر فإن قلت: فهلا كان المسلمون بمكة - حين كانوا يجالسون الخائضين من المشركين - منافقين؟ قلت: لأنهم كانوا لا ينكرون لعجزهم.
وهؤلاء لم ينكروا مع قدرتهم فكان ترك الإِنكار لرضاهم.
وقال القرطبى: فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصى إذا ظهر منهم منكر، لأن من لم يتجنبهم فقد رضى فعلهم، والرضا بالكفر كفر.
قال الله - تعالى - إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ .
فكل من جلس فى مجلس معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم فى الوزر سواء.
وينبغى أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها، فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغى أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية.
وقد روى عن عمر بن عبد العزيز أنه أخذ قوما يشربون الخمر، فقيل له عن أحد الحاضرين: إنه صائم.
فحمل عليه الأدب وقرأ عليه هذه الآية إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ أى أن الرضا بالمعصية معصية.
ولهذا يؤاخذ الفاعل والراضى بعقوبة العاصى حتى يهكلوا جميعا.
وهذه المماثلة ليست فى جميع الصفات ولكنه إلزام شبه بحكم الظاهر من المقارنة.
ثم ختم - سبحانه - الآية الكريمة بالوعيد الشديد للكافرين والمنافقين فقال: إِنَّ ٱللَّهَ جَامِعُ ٱلْمُنَافِقِينَ وَٱلْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً لأن هذين الفريقين كما اجتمعوا فى الدنيا على الكفر بآيات الله والاستهزاء بها والتواصى بالشرور والآثام، فسيجمعهم الله جميعاً فى جهنم يوم القيامة، بسبب ما قدمت أيديهم من جرائم ومنكرات.
فأنت ترى أن الآية الكريمة تنهى المؤمنين عن مجالسة الكافرين بآيات الله والمستهزئين بها، لأن أول الشر سماع الشر، ولأن أول مراتب ضعف الإِيمان أن تفتر حماسة المؤمن فى الدفاع عن الحق الذى آمن به.
ومن علامات المؤمن الصادق أنه متى سمع استهزاء بتعاليم دينه فعليه إما أن ينبرى للدفاع عن هذه التعاليم بشجاعة وحماسة وقوله تدمغ الباطل وأهله وتفضح كل معتد أثيم.. وإما أن يقاطع المجالس التى لا يحترم فيها دين الله.
أما السكوت عن ذلك باسم التغاضى أو التسامح أو المرونة.
أو بغير ذلك من الأسماء، فهذا أو مراتب النفاق الذى يؤدى إلى خزى الدنيا وعذاب الآخرة.

تفسير ابن كثير : شرح الآية 140 من سورة النساء


وقوله [ تعالى ] ( وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم ) أي : إذا ارتكبتم النهي بعد وصوله إليكم ، ورضيتم بالجلوس معهم في المكان الذي يكفر فيه بآيات الله ويستهزأ وينتقص بها ، وأقررتموهم على ذلك ، فقد شاركتموهم في الذي هم فيه . فلهذا قال تعالى : ( إنكم إذا مثلهم ) [ أي ] في المأثم ، كما جاء في الحديث : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر " .والذي أحيل عليه في هذه الآية من النهي في ذلك ، هو قوله تعالى في سورة الأنعام ، وهي مكية : ( وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم [ حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين ] ) [ الأنعام : 68 ] قال مقاتل بن حيان : نسخت هذه الآية التي في الأنعام . يعني نسخ قوله : ( إنكم إذا مثلهم ) لقوله ( وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يتقون ) [ الأنعام : 69 ] .وقوله : ( إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا ) أي : كما أشركوهم في الكفر ، كذلك شارك الله بينهم في الخلود في نار جهنم أبدا ، وجمع بينهم في دار العقوبة والنكال ، والقيود والأغلال . وشراب الحميم والغسلين لا الزلال .

تفسير الطبري : معنى الآية 140 من سورة النساء


القول في تأويل قوله : وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ = الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين، =" وقد نزل عليكم في الكتاب "، يقول: أخبر من اتخذ من هؤلاء المنافقين الكفار أنصارًا وأولياءَ بعد ما نزل عليهم من القرآن،" أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره "، يعني: بعد ما علموا نَهْي الله عن مجالسة الكفار الذين يكفرون بحجج الله وآيِ كتابه ويستهزئون بها=" حتى يخوضوا في حديث غيره "، يعني بقوله: " يخوضوا "، يتحدثوا حديثًا غيره= بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا .
(51)وقوله: " إنكم إذًا مثلهم "، يعني: وقد نزل عليكم أنكم إن جالستم من يكفر بآيات الله ويستهزئ بها وأنتم تسمعون، فأنتم مثله= يعني: فأنتم إن لم تقوموا عنهم في تلك الحال، مثلُهم في فعلهم، لأنكم قد عصيتم الله بجلوسكم معهم وأنتم تسمعون آياتِ الله يكفر بها ويستهزأ بها، كما عصوه باستهزائهم بآيات الله.
فقد أتيتم من معصية الله نحو الذي أتَوْه منها، فأنتم إذًا مثلهم في ركوبكم معصية الله، وإتيانكم ما نهاكم الله عنه.
* * *وفي هذه الآية، الدلالة الواضحة على النهي عن مجالسة أهل الباطل من كل نوع، من المبتدعة والفسَقة، عند خوضهم في باطلهم.
* * *وبنحو ذلك كان جماعة من الأئمة الماضين يقولون، (52) تأوُّلا منهم هذه الآية أنه مرادٌ بها النهي عن مشاهدة كل باطل عند خوض أهله فيه.
*ذكر من قال ذلك:10708- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا يزيد بن هارون، عن العوام بن حوشب، عن إبراهيم التيمي، عن أبي وائل، قال: إن الرجل ليتكلم بالكلمة في المجلس من الكَذب ليُضحك بها جلساءَه، فيسخط الله عليهم.
قال: فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي، فقال: صدق أبو وائل، أو ليس ذلك في كتاب الله: " أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذًا مثلهم "؟10709- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن إدريس، عن العلاء بن المنهال، عن هشام بن عروة قال: أخذ عمر بن عبد العزيز قومًا على شرابٍ فضربهم، وفيهم صائم، فقالوا: إنّ هذا صائم! فتلا " فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذًا مثلُهم ".
10710- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها "، وقوله: وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ، [سورة الأنعام: 153] ، وقوله: أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ [سورة الشورى: 13] ، ونحو هذا من القرآن.
قال: أمر الله المؤمنين بالجماعة، ونهاهم عن الاختلاف والفرقة، وأخبرهم: إنما هلك من كان قبلكم بالمِراء والخصومات في دين الله.
* * *وقوله: " إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعًا "، يقول: إن الله جامع الفريقين من أهل الكفر والنفاق في القيامة في النار، فموفِّق بينهم في عقابه في جهنم وأليم عذابه، كما اتفقوا في الدنيا فاجتمعوا على عداوة المؤمنين، وتوَازرُوا على التخذيل عن دين الله= وعن الذي ارتضاهُ وأمر به= وأهلِه.
(53)* * *واختلفت القرأة في قراءة قوله: " وقد نزل عليكم في الكتاب ".
فقرأ ذلك عامة القرأة بضم " النون " وتثقيل " الزاي" وتشديدها، على وجْه ما لم يُسَمَّ فاعله.
* * *وقرأ بعض الكوفيين بفتح " النون " وتشديد " الزاي"، على معنى: وقد نزل الله عليكم.
* * *وقرأ بعض المكيين: ( وَقَدْ نزلَ عَلَيْكُمْ ) بفتح " النون "، وتخفيف " الزاي"، بمعنى: وقد جاءكم من الله أن إذا سمعتم.
* * *قال أبو جعفر: وليس في هذه القراءات الثلاث وجه يبعد معناه مما يحتمله الكلام.
غير أن الذي أختارُ القراءة به، قراءة من قرأ: ( وَقَدْ نُزِّلَ ) بضم " النون " وتشديد " الزاي"، على وجه ما لم يسم فاعله.
لأن معنى الكلام فيه التقديم على ما وصفت قبل، (54) على معنى: الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ =" وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها " إلى قوله: " حديث غيره "= أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ .
فقوله: فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ، يعني التأخير، فلذلك كان ضم " النون " من قوله: " نزل " أصوب عندنا في هذا الموضع.
* * *وكذلك اختلفوا في قراءة قوله (55) وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ .
فقرأه بفتح ( نزلَ ) و ( أَنزلَ ) أكثر القرأة، بمعنى: والكتاب الذي نزل الله على رسوله، والكتاب الذي أنزل من قبل.
* * *وقرأ ذلك بعض قرأة البصرة بضمه في الحرفين كليهما، (56) بمعنى ما لم يسم فاعله.
* * *وهما متقاربتا المعنى.
غير أن الفتح في ذلك أعجبُ إليَّ من الضم، لأن ذكر الله قد جرى قبل ذلك في قوله: آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ .
* * *----------------الهوامش :(51) أراد أبو جعفر بهذه الفقرة أن يبين أن قوله في الآية الأولى: "بأن لهم عذابًا أليمًا" ، مقدم ومعناه التأخير ، فلذلك قال في أول الكلام"بشر المنافقين" ثم استطرد في ذكر الآيتين بعدها ، ثم ختمها بختام الأولى.
(52) في المطبوعة: "كان جماعة من الأمة الماضية" ، والصواب من المخطوطة.
(53) قوله: "وأهله" مجرور معطوف على قوله"عن دين الله" والسياق: "عن دين الله .
.
.
وعن أهله".
(54) انظر ما سلف ص: 320 وتعليق: 1.
(55) في المطبوعة: "وكذا اختلفوا" ، وأثبت ما في المخطوطة.
وذكر هذه القراءة ، كان ينبغي أن يكون في موضعه عند آخر تفسير الآية ، كما جرى عليه منهجه في كل ما سلف.
وانظر ص: 313 تعليق: 1.
(56) في المطبوعة: "كلاهما" ، والصواب في المخطوطة.

وقد نـزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا

سورة : النساء - الأية : ( 140 )  - الجزء : ( 5 )  -  الصفحة: ( 100 ) - عدد الأيات : ( 176 )

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: في جنات يتساءلون
  2. تفسير: وألقت ما فيها وتخلت
  3. تفسير: قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره
  4. تفسير: ما كذب الفؤاد ما رأى
  5. تفسير: فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن
  6. تفسير: يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين
  7. تفسير: وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق
  8. تفسير: لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير
  9. تفسير: فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى
  10. تفسير: فأما إن كان من المقربين

تحميل سورة النساء mp3 :

سورة النساء mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة النساء

سورة النساء بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة النساء بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة النساء بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة النساء بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة النساء بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة النساء بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة النساء بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة النساء بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة النساء بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة النساء بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب