تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل ..
﴿ إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ﴾
[ سورة طه: 15]
معنى و تفسير الآية 15 من سورة طه : إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل .
تفسير الجلالين | التفسير الميسر | تفسير السعدي |
تفسير البغوي | التفسير الوسيط | تفسير ابن كثير |
تفسير الطبري | تفسير القرطبي | إعراب الآية |
تفسير السعدي : إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل
إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أي: لا بد من وقوعها أَكَادُ أُخْفِيهَا أي: عن نفسي كما في بعض القراءات، كقوله تعالى: يَسْأَلَكَ الناس عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ الله وقال: وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ فعلمها قد أخفاه عن الخلائق كلهم، فلا يعلمها ملك مقرب، ولا نبي مرسل، والحكمة في إتيان الساعة لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى من الخير والشر، فهي الباب لدار الجزاء لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى
تفسير البغوي : مضمون الآية 15 من سورة طه
( إن الساعة آتية أكاد أخفيها ) قيل معناه إن الساعة آتية أخفيها . و " أكاد " : صلة . وأكثر المفسرين قالوا : معناه : أكاد أخفيها من نفسي ، وكذلك في مصحف أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود : أكاد أخفيها من نفسي فكيف يعلمها مخلوق .وفي بعض القراءات : فكيف أظهرها لكم . وذكر ذلك على عادة العرب إذا بالغوا في كتمان الشيء يقولون : كتمت سرك من نفسي ، أي : أخفيته غاية الإخفاء ، والله عز اسمه لا يخفى عليه شيء .وقال الأخفش : أكاد : أي : أريد ، ومعنى الآية : أن الساعة آتية أريد أخفيها .والمعنى في إخفائها التهويل والتخويف ، لأنهم إذا لم يعلموا متى تقوم الساعة كانوا على حذر منها كل وقت .وقرأ الحسن بفتح الألف ، أي : أظهرها . يقال : خفيت الشيء : إذا أظهرته ، وأخفيته : إذا سترته .قوله تعالى : ( لتجزى كل نفس بما تسعى ) أي : بما تعمل من خير وشر .
التفسير الوسيط : إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل
ثم بين- سبحانه - أن الساعة آتية لا ريب فيها فقال: إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها وَاتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى.أى: إن الساعة التي هي وقت البعث والحساب والثواب والعقاب، آتية أى: كائنة وحاصلة لا شك فيها.وقوله أَكادُ أُخْفِيها أى: أقرب أن أخفى وقتها ولا أظهره لا إجمالا ولا تفصيلا، ولولا أن في إطلاع أصفيائى على بعض علاماتها فائدة، لما تحدثت عنها.قالوا: «والحكمة في إخفاء الساعة وإخفاء وقت الموت، أن الله-تبارك وتعالى- وعد بعدم قبول التوبة عند قربهما، فلو عرف وقت الموت لاشتغل الإنسان بالمعصية إلى قرب ذلك الوقت ثم يتوب، فيتخلص من عقاب المعصية فتعريف الموت كالإغراء بفعل المعصية، وهو لا يجوز .قال الآلوسى ما ملخصه: وقوله: أَكادُ أُخْفِيها أقرب أن أخفى الساعة ولا أظهرها، بأن أقول إنها آتية.. أو أريد إخفاء وقتها المعين وعدم إظهاره.. فكاد بمعنى أراد، وإلى هذا ذهب الأخفش وغيره.. وروى عن ابن عباس أن المعنى: أكاد أخفيها من نفسي، فكيف أظهركم عليها.. وهذا محمول على ما جرت به عادة العرب من أن أحدهم إذا أراد المبالغة في كتمان الشيء قال: كدت أخفيه عن نفسي.وقال أبو على: المعنى أكاد أظهرها بأن أوقعها، وهذا بناء على أن أخفيها من ألفاظ السلب بمعنى أزيل خفاءها.. .ويبدو لنا أن الإخفاء هنا على حقيقته، وأن المقصود من الآية الكريمة إخفاء وقت مجيء الساعة عن الناس. حتى يكونوا على استعداد لمجيئها عن طريق العمل الصالح الذي ينفعهم يوم القيامة.فحكمة الله-تبارك وتعالى- اقتضت إخفاء وقت الساعة، وعدم إطلاع أحد عليها إلا بالمقدار الذي يأذن الله-تبارك وتعالى- به لرسله.قال الإمام ابن جرير ما ملخصه: «والذي هو أولى بتأويل الآية من القول: قول من قال معناه: أكاد أخفيها من نفسي.. لأن المعروف من معنى الإخفاء في كلام العرب: الستر.يقال: قد أخفيت الشيء إذا سترته.. وإنما اخترنا هذا القول على غيره لموافقته أقوال أهل العلم من الصحابة والتابعين.. .وقوله: لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى متعلق بآتية، وجملة أَكادُ أُخْفِيها معترضة بينهما.أى: إن الساعة آنية لا ريب فيها، لكي تجزى كل نفس على حسب سعيها وعملها في الدنيا.قال-تبارك وتعالى-: وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ، فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً .وقال- سبحانه -: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ.
تفسير ابن كثير : شرح الآية 15 من سورة طه
وقوله : ( إن الساعة آتية ) أي : قائمة لا محالة ، وكائنة لا بد منها .وقوله : ( أكاد أخفيها ) قال الضحاك ، عن ابن عباس : أنه كان يقرؤها : " أكاد أخفيها من نفسي " ، يقول : لأنها لا تخفى من نفس الله أبدا .وقال سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : من نفسه . وكذا قال مجاهد ، وأبو صالح ، ويحيى بن رافع .وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( أكاد أخفيها ) يقول : لا أطلع عليها أحدا غيري .وقال السدي : ليس أحد من أهل السماوات والأرض إلا قد أخفى الله عنه علم الساعة ، وهي في قراءة ابن مسعود : " إني أكاد أخفيها من نفسي " ، يقول : كتمتها عن الخلائق ، حتى لو استطعت أن أكتمها من نفسي لفعلت .وقال قتادة : ( أكاد أخفيها ) وهي في بعض القراءة " أخفيها من نفسي ، ولعمري لقد أخفاها الله من الملائكة المقربين ، ومن الأنبياء والمرسلين .قلت : وهذا كقوله تعالى : ( قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله ) [ النمل : 65 ] وقال : ( ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة ) [ الأعراف : 187 ] أي : ثقل علمها على أهل السماوات والأرض .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة حدثنا منجاب ، حدثنا أبو نميلة ، حدثني محمد بن سهل الأسدي ، عن وقاء قال : أقرأنيها سعيد بن جبير ( أكاد أخفيها ) ، يعني : بنصب الألف وخفض الفاء ، يقول : أظهرها ، ثم قال أما سمعت قول الشاعر :دأب شهرين ثم شهرا دميكا بأريكين يخفيان غميراوقال الأسدي : الغمير نبت رطب ، ينبت في خلال يبس . والأريكين : موضع ، والدميك : الشهر التام . وهذا الشعر لكعب بن زهير .وقوله سبحانه وتعالى : ( لتجزى كل نفس بما تسعى ) أي : أقيمها لا محالة ، لأجزي كل عامل بعمله ، ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) [ الزلزلة : 7 ، 8 ] و ( إنما تجزون ما كنتم تعملون ) [ الطور : 16 ] .
تفسير الطبري : معنى الآية 15 من سورة طه
القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15)يقول تعالى ذكره: إن الساعة التي يبعث الله فيها الخلائق من قبورهم لموقف القيامة جائية ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) فعلى ضمّ الألف من أخفيها قراءة جميع قرّاء أمصار الإسلام، بمعنى: أكاد أخفيها من نفسي، لئلا يطلع عليها أحد، وبذلك جاء تأويل أكثر أهل العلم.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) يقول: لا أظهر عليها أحدا غيري.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا ) قال: لا تأتيكم إلا بغتة.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد ( إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا ) قال: من نفسي.حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) قال: من نفسي.حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) قال: من نفسي.حدثني عبد الأعلى بن واصل، قال: ثنا محمد بن عبيد الطنافسي، قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح، في قوله ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) قال: يخفيها من نفسه.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) وهي في بعض القراءة: أخفيها من نفسي. ولعمري لقد أخفاها الله من الملائكة المقربين، ومن الأنبياء المرسلين.حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، قال: في بعض الحروف: ( إنَّ السَّاعَةَ آتِيهٌ أَكَادُ أُخْفِيها مِنْ نَفْسِي).وقال آخرون: إنما هو: ( أكادُ أَخْفِيها) بفتح الألف من أخفيها بمعنى: أظهرها.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا محمد بن سهل، قال: سألني رجل في المسجد عن هذا البيت.دَابَ شَهْرَيْنِ ثُمَّ شَهْرًا دَمِيكًابِأرِيكينِ يَخْفِيان غَمِيرًا (3)فقلت: يظهران، فقال ورقاء بن إياس وهو خلفي: أقرأنيها سعيد بن جبير ( أكادُ أَخْفِيها) بنصب الألف ، وقد رُوي عن سعيد بن جبير وفاق لقول الآخرين الذين قالوا: معناه: أكاد أخفيها من نفسي.* ذكر الرواية عنه بذلك: حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن عطاء، عن سعيد بن جبير ومنصور، عن مجاهد، قالا( إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا ) قالا من نفسي.حدثني عبيد بن إسماعيل الهباري، قال: ثنا ابن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) قال: من نفسي.قال أبو جعفر: والذي هو أولى بتأويل الآية من القول، قول من قال: معناه: أكاد أخفيها من نفسي، لأن تأويل أهل التأويل بذلك جاء، والذي ذُكر عن سعيد بن جبير من قراءة ذلك بفتح الألف قراءة لا أستجيز القراءة بها لخلافها قراءة الحجة التي لا يجوز خلافها فيما جاءت به نقلا مستفيضا.فإن قال قائل: ولم وجهت تأويل قوله ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) بضم الألف إلى معنى: أكاد أخفيها من نفسي، دون توجيهه إلى معنى: أكاد أظهرها، وقد علمت أن للإخفاء في كلام العرب وجهين: أحدهما الإظهار، والآخر الكتمان، وأن الإظهار في هذا الموضع أشبه بمعنى الكلام، إذ كان الإخفاء من نفسه يكاد عند السامعين أن يستحيل معناه، إذ كان محالا أن يخفي أحد عن نفسه شيئا هو به عالم، والله تعالى ذكره لا يخفى عليه خافية؟ قيل: الأمر في ذلك بخلاف ما ظننت، وإنما وجَّهنا معنى (أُخْفِيها) بضمّ الألف إلى معنى: أسترها من نفسي، لأن المعروف من معنى الإخفاء في كلام العرب: الستر. يقال: قد أخفيت الشيء: إذا سترته، وأن الذين وجَّهوا معناه إلى الإظهار، اعتمدوا على بيت لامرئ القيس ابن عابس الكندي.حُدثت عن معمر بن المثنى أنه قال: أنشدنيه أبو الخطاب، عن أهله في بلده:فإنْ تُدْفِنُوا الدَّاءَ لا نُخْفِهِوإنْ تَبْعَثُوا الحَرْبَ لا نَقْعُد (4)بضمّ النون من لا نخفه، ومعناه: لا نظهره، فكان اعتمادهم في توجيه الإخفاء في هذا الموضع إلى الإظهار على ما ذكروا من سماعهم هذا البيت، على ما وصفت من ضم النون من نخفه، وقد أنشدني الثقة عن الفرّاء:فإنْ تَدْفِنُوا الدَّاءَ لا نَخْفِهِبفتح النون من نخفه، من خفيته أخفيه، وهو أولى بالصواب لأنه المعروف من كلام العرب.فإذا كان ذلك كذلك، وكان الفتح في الألف من أخفيها غير جائز عندنا لما ذكرنا، ثبت وصحّ الوجه الآخر، وهو أن معنى ذلك. أكاد استرها من نفسي.وأما وجه صحة القول في ذلك، فهو أن الله تعالى ذكره خاطب بالقرآن العرب على ما يعرفونه من كلامهم وجرى به خطابهم بينهم، فلما كان معروفا في كلامهم أن يقول أحدهم إذا أراد المبالغة في الخبر عن إخفائه شيئا هو له مسرّ: قد كدت أن أخفي هذا الأمر عن نفسي من شدّة استسراري به، ولو قدرت أخفيه عن نفسي أخفيته، خاطبهم على حسب ما قد جرى به استعمالهم في ذلك من الكلام بينهم، وما قد عرفوه في منطقهم وقد قيل في ذلك أقوال غير ما قلنا. وإنما اخترنا هذا القول على غيره من الأقوال لموافقة أقوال أهل العلم من الصحابة والتابعين، إذ كنا لا نستجيز الخلاف عليهم، فيما استفاض القول به منهم، وجاء عنهم مجيئا يقطع العذر، فأما الذين قالوا في ذلك غير قولنا ممن قال فيه على وجه الانتزاع من كلام العرب، من غير أن يعزوه إلى إمام من الصحابة أو التابعين، وعلى وجه يحتمل الكلام من غير وجهه المعروف، فإنهم اختلفوا في معناه بينهم، فقال بعضهم: يحتمل معناه: أريد أخفيها، قال: وذلك معروف في اللغة، وذُكر أنه حُكي عن العرب أنهم يقولون: أولئك أصحابي الذين أكاد أنزل عليهم، وقال: معناه: لا أنزل إلا عليهم. قال: وحُكي: أكاد أبرح منزلي: أي ما أبرح منزلي، واحتجّ ببيت أنشده لبعض الشعراء:كادَتْ وكِدْتُ وتِلكَ خَيْرُ إرَادَةٍلَوْ عادَ مِنْ عَهْد الصَّبابَةِ ما مَضَى (5)وقال: يريد: بكادت: أرادت، قال: فيكون المعنى: أريد أخفيها لتجزى كلّ نفس بما تسعى. قال: ومما يُشبه ذلك قول زيد الخيل:سريع إلى الهَيْجاءِ شاكٍ سِلاحُهُفَمَا أنْ تَكادُ قِرْنُهُ يَتَنَفَّسُ (6)وقال: كأنه قال: فما يتنفس قرنه، وإلا ضعف المعنى; قال: وقال ذو الرُّمَّة:إذا غَيَّرَ النَّأْيُ المُحِبِّينَ لَمْ يَكَدْرَسِيسُ الهَوَى مِنْ حُبّ مَيَّةَ يَبْرَحُ (7)قال: وليس المعنى: لم يكد يبرح: أي بعد يُسر، ويبرح بعد عُسر; وإنما المعنى: لم يبرح، أو لم يرد يبرح، وإلا ضعف المعنى; قال: وكذلك قول أبي النجم:وإنْ أتاكَ نَعِيّ فانْدُبَنَّ أباقَدْ كَادَ يَضطْلِعُ الأعْداءَ والخُطَبَا (8)وقال: يكون المعنى: قد اضطلع الأعداء، وإلا لم يكن مدحا إذا أراد كاد ولم يرد يفعل.وقال آخرون: بل معنى ذلك: إن الساعة آتية أكاد، قال: وانتهى الخبر عند قوله أكاد لأن معناه: أكاد أن آتي بها، قال: ثم ابتدأ فقال: ولكني أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى، قال: وذلك نظير قول ابن ضابي:هَمَمَتُ وَلَمْ أفْعَلْ وكِدْتُ ولَيْتَنِيتَرَكْتُ على عثمانَ تَبْكِي أقارِبُهُ (9)فقال: كدت، ومعناه: كدت أفعل.وقال آخرون: معنى (أُخفيها) أظهرها، وقالوا: الإخفاء والإسرار قد توجههما العرب إلى معنى الإظهار، واستشهد بعضهم لقيله ذلك ببيت الفرزدق:فَلَمَّا رأى الحَجَّاجَ جَرَّدَ سَيْفَهُأسَرَّ الحَرُورِيُّ الّذِي كانَ أضْمَرَا (10)وقال: عنى بقوله: أسرّ: أظهر. قال: وقد يجوز أن يكون معنى قوله وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ وأظهروها، قال: وذلك أنهم قالوا: يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا . وقال جميع هؤلاء الذين حكينا قولهم جائز أن يكون قول من قال: معنى ذلك: أكاد أخفيها من نفسي، أن يكون أراد: أخفيها من قبلي ومن عندي، وكلّ هذه الأقوال التي ذكرنا عمن ذكرنا توجيه منهم للكلام إلى غير وجهه المعروف، وغير جائز توجيه معاني كلام الله إلى غير الأغلب عليه من وجوهه عند المخاطبين به، ففي ذلك مع خلافهم تأويل أهل العلم فيه شاهد عدل على خطأ ما ذهبوا إليه فيه.وقوله ( لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى ) يقول تعالى ذكره: إن الساعة آتية لتجزى كلّ نفس: يقول: لتثاب كل نفس امتحنها ربها بالعبادة في الدنيا بما تسعى، يقول: بما تعمل من خير وشرّ، وطاعة ومعصية .----------------------الهوامش :(3) البيت لكعب ( اللسان ، والتاج ، دمك ) قالا : يقال أقمت عنده شهرًا دميكا ، أي شهر تامًّا ، قال كعب : " داب شهرين ثم شهرًا دميكًا " أه . ولم يذكر الشطر الثاني من البيت . وفي ( معجم ما استعجم للبكري ص 144 ) قال أبو عبيدة : أريك في بلاد ذبيان . قال : وهما أريكان : أريك الأسود ، وأريك الأبيض ، والأريك : الجبل الصغير ويخيفان : بفتح الياء يخرجان والغير : له معاني كثيرة ، منها في تاج العروس : الغمير ، كأمير : حب البهمي الساقط من سنبله حين ييبس ، أو نبات أخضر قد غمره اليبس . . إلخ .(4) البيت لامرئ القيس بن عابس الكندي . استشهد به صاحب ( اللسان : خفا ) على أن قوله لا نخفه ، بفتح النون أي لا نظهره . وكذا ترى قوله تعالى : " أكاد أخفيها " أي أظهرها ، حكاه اللحياني ، عن الكسائي ، عن محمد بن سهل ، عن سعيد بن جبير . أه . قال في اللسان : يقال خفيت الشيء : أظهرته واستخرجته ، يقال خفي المطر الفئار : إذا أخرجهن من أنفاقهن ، أي من جحرتهن . قال امرئ القيس يصف فرسا :خفاهن من أنفاقهن كأنماخفاهن ودق من عشي مجلبوخفيت الشيء أخفيه : كتمته ، وهو من الأضداد ، وأخفيت الشيء : سترته وكتمته ، ورواية المؤلف البيت كما في معاني القرآن للفراء . وفي ( اللسان ؛ : خفا ) : " فإن تكتموا السر لا نخفه " .(5) البيت في ( اللسان : كيد ) قال : ويقال : فلان يكيد أمرا ما أدري ما هو ؟ إذا كان يريغه ، ويحتال له ، ويسعى له . وقال : " بلغوا الأمر الذي كادوا " : يريد : طلبوا أو أرادوا ، وأنشد أبو بكر في كاد بمعنى أراد ، للأفوه :فإن تجمع أوتاد وأعمدةوساكن بلغوا الأمر الذي كادواأراد : الذي أرادوا ، وأنشد :كادت وكدت وتلك خير إرادةلو ( كان ) من أمر الصبابة ما مضىقال : معناه : ما أرادت ، قال : ويحتمله قوله تعالى : لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا لأن الذي عاين من الظلمات آيسه من التأمل ليده ، والإبصار إليها ، والبيت شاهد على أن كاد بمعنى أراد ، استشهد به المؤلف عند قوله تعالى : أَكَادُ أُخْفِيهَا .(6) البيت لزيد الخيل كما قال المؤلف . واستشهد به صاحب ( اللسان : كاد ) على أن كاد قد تجيء صلة في الكلام . قال : وتكون كاد صلة للكلام ( زائدة ) ، أجاز ذلك الأخفش وقطرب وأبو حاتم ، واحتج قطرب بقول الشاعر : " سريع . . إلخ " . معناه : ما يتنفس قرنه ، ولكن أبا جعفر الطبري جعله شبيهًا بالشاهد السابق عليه ، وتوجيه قطرب لهذا الشاهد أوضح وأحسن ، وإن التي قبل يكاد : زائدة ، أو نافية مؤكدة لما النافية قبلها .(7) هذا البيت من حائية ذي الرمة المشهورة ( ديوان طبعة كيمبردج سنة 1919 ص 78 ) قال شارحه : النأي البعد ، رسيس الهوى : مسه ، وما خفي منه ، أو أوله ، ويقال : لم يجد رسيس الحمى ، واستشهد المؤلف بالبيت على أن المعنى فيه : لم يبرح - أو لم يرد يبرح ؛ وعلى هذا يكون الفعل ( يكاد ) زائدًا في الكلام ، وقد جاء في ( اللسان : رسس ) رواية أخرى للبيت ، تؤيد ما ذهب إليه المؤلف ، من أن المعنى على زيادة ( يكاد ) ، وهي :إذا غَيَّرَ النَّأْيُ المُحِبِّينَ لَمْ يَكَدْرَسِيسُ الهَوَى مِنْ حُبّ مَيَّةَ يَبْرَحُوهذه الرواية هي التي عدل إليها الشاعر ، حين خطأه ابن شبرمة قاضي البصرة لما سمعه ينشد القصيدة في المربد. ولكن المحققين قالوا إن بديهة ذي الرمة في الرواية الأولى ، كانت أجود من روايته ، ( في الرواية الثانية ) . وقد بين العلامة المحقق رضي الله الديلي الأستراباذي : محمد بن الحسن ، صواب الرواية الأولى ، بأن معنى لم يكد : لم يقرب وأن نفي مقاربة الشيء أبلغ من نفي الشيء فيكون معنى البيت : إذا غير البعاد قلوب المحبين ، فبعاد مية عني لا يذهب بما أحس لها من حب ثابت مقيم ولا يقارب أن يذهب به . ( وانظر شرح الرضي على كافية ابن الحاجب ، طبعة الآستانة 2 : 306 أفعال المقاربة ) . وقد أبطل الرضي زعم من زعم من النحاة أن " نفي كاد إثبات وأن إثباته نفي " وهو كلام نفيس دال على ذكائه ودقة فهمه .(8) البيت لأبي النجم كما قال المؤلف ، والشاهد في قوله " كاد يضطلع " فقد ذهب المؤلف أن معناه : قد اضطلع الأعداء وإلا لم يكن مدحا إذا أراد كاد . ولم يرد يفعل ، وعلى التخريج للبيت يكون الفعل ( كاد ) صلة ( زائدة ) ، مثل الشاهدين السابقين عليه عنده . ويضطلع الأعداء : أي يضطلع بهم وبالخطب ، أسقط البا ، فعدى الفعل بنفسه إلى المعمول الذي كان مجرورا بالباء قبل إسقاطها . يقال اضطلع بحمله ، أي قوي عليه ونهض به . وهو من الضلاعة أي القوة . وفي ( اللسان : ضلع ) : واضطلع الحمل أي احتمله أضلاعه . وقال ابن السكيت : يقال : هو مضطلع بحمله ، أي قوي على حمله ، وهو مفتعل مج الضلاعة . والنعي : الناعي الذي يخبر بموت من مات .(9) البيت لضابئ ابن الحارث البرجمي ، حبسه الخليفة عثمان ، لأنه كان فاحشا ، هجا قوما فأراد عثمان تأديبه ، فلما دعي ليؤدب ، شد سكينا في ساقه ، ليقتل بها عثمان ، فعثر عليه ، ثم ضرب وأعيد إلى السجن حتى مات فيه . والبيت من مقطوعة لأمية له أنشدها أبو العباس المبرد انظر ( رغبة الآمل ، بشرح الكامل للمرصفي 4 : 91 ) .فلا تتبعيني إن هلكت ملامةفليس بعار قتل من لا أقاتلههممت ولم أفعل وكدت وليتنيتركت على عثمان تبكي حلائلهوالشاهد في قوله : كدت ، أي كدت أفعل ما هممت به من قتل عثمان . وهو نظير ما في القرآن ( إن الساعة آتية أكاد ) ذهب قوم إلى أن معناه : أكاد أن آتي بها . ثم ابتدأ فقال : ولكني أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى والبيت لضابئ لا لابنه كما قال المؤلف .(10) لم أجد هذا البيت في ديوان الفرزدق ،وهو من شواهد أبي عبيدة ( اللسان : سرر ) قال : أسررت الشيء : أخفيته ، وأسررته : أعلنته ، ومن الإظهار قوله تعالى : ( وأسروا الندامة لما رأوا العذاب ) أي أظهروها . وأنشد الفرزدق * فلما رأى الحجاج جرد سيفه *البيت . قال شمر : لم أجد هذا البيت للفرزدق وما قال غير أبي عبيدة في قوله " وأسروا الندامة " أي أظهروها . قال : ولم أسمع ذلك لغيره . قال الأزهري : وأهل اللغة أنكروا أبي عبيدة أشد الإنكار . وقيل : أسروا الندامة : يعني : الرؤساء من المشركين أسروا الندامة في سفلتهم الذين أضلوهم ، وأسروها : أخفوها وكذلك قال الزجاج ، وهو قول المفسرين . والحروري : الخارجي نسبة إلى حروراء ، وهو أول مجتمعاتهم لما نابذوا أمير المؤمنين عليا ، وأظهروا التحكيم " لا حكم إلا لله " . فسموا المحكمة ، والحرورية ، والخوارج .
تفسير آيات من القرآن الكريم
- تفسير: وما خلق الذكر والأنثى
- تفسير: قل إنما العلم عند الله وإنما أنا نذير مبين
- تفسير: لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين
- تفسير: وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء
- تفسير: ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب
- تفسير: وقل إني أنا النذير المبين
- تفسير: ثم يوم القيامة يخزيهم ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم قال الذين أوتوا العلم
- تفسير: كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية
- تفسير: فلما جاءها نودي أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين
- تفسير: فإذا نقر في الناقور
تحميل سورة طه mp3 :
سورة طه mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة طه
ماهر المعيقلي
سعد الغامدي
عبد الباسط
أحمد العجمي
المنشاوي
الحصري
مشاري العفاسي
ناصر القطامي
فارس عباد
ياسر الدوسري
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب