تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون ..

  1. تفسير السعدي
  2. تفسير البغوي
  3. التفسير الوسيط
  4. تفسير ابن كثير
  5. تفسير الطبري
الفسير الوسيط | التفسير الوسيط للقرآن الكريم للطنطاوي | تأليف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (المتوفى: 1431هـ) : ويعتبر هذا التفسير من التفاسير الحديثة و القيمة لطلاب العلم و الباحثين في تفسير القرآن العظيم بأسلوب منهجي سهل و عبارة مفهومة, تفسير الآية 28 من سورةآل عمران - التفسير الوسيط .
  
   

﴿ لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾
[ سورة آل عمران: 28]

معنى و تفسير الآية 28 من سورة آل عمران : لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون .


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تفسير السعدي : لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون


وهذا نهي من الله تعالى للمؤمنين عن موالاة الكافرين بالمحبة والنصرة والاستعانة بهم على أمر من أمور المسلمين، وتوعد على ذلك فقال: ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء أي: فقد انقطع عن الله، وليس له في دين الله نصيب، لأن موالاة الكافرين لا تجتمع مع الإيمان، لأن الإيمان يأمر بموالاة الله وموالاة أوليائه المؤمنين المتعاونين على إقامة دين الله وجهاد أعدائه، قال تعالى: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض فمن والى - الكافرين من دون المؤمنين الذين يريدون أن يطفؤا نور الله ويفتنوا أولياءه خرج من حزب المؤمنين، وصار من حزب الكافرين، قال تعالى: ومن يتولهم منكم فإنه منهم وفي هذه الآية دليل على الابتعاد عن الكفار وعن معاشرتهم وصداقتهم، والميل إليهم والركون إليهم، وأنه لا يجوز أن يولى كافر ولاية من ولايات المسلمين، ولا يستعان به على الأمور التي هي مصالح لعموم المسلمين.
قال الله تعالى: إلا أن تتقوا منهم تقاة أي: تخافوهم على أنفسكم فيحل لكم أن تفعلوا ما تعصمون به دماءكم من التقية باللسان وإظهار ما به تحصل التقية.
ثم قال تعالى: ويحذركم الله نفسه أي: فلا تتعرضوا لسخطه بارتكاب معاصيه فيعاقبكم على ذلك وإلى الله المصير أي: مرجع العباد ليوم التناد، فيحصي أعمالهم ويحاسبهم عليها ويجازيهم، فإياكم أن تفعلوا من الأعمال القباح ما تستحقون به العقوبة، واعملوا ما به يحصل الأجر والمثوبة،

تفسير البغوي : مضمون الآية 28 من سورة آل عمران


قوله عز وجل : ( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ) قال ابن عباس رضي الله عنه : كان الحجاج بن عمرو بن أبي الحقيق وقيس بن زيد ( يظنون ) بنفر من الأنصار ليفتنوهم عن دينهم ، فقال رفاعة بن المنذر وعبد الله بن جبير وسعيد بن خيثمة لأولئك النفر : اجتنبوا هؤلاء اليهود لا يفتنونكم عن دينكم ، فأبى أولئك النفر إلا مباطنتهم فأنزل الله تعالى هذه الآيةوقال مقاتل : نزلت في حاطب بن أبي بلتعة وغيره وكانوا يظهرون المودة لكفار مكة .
وقال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما نزلت في المنافقين عبد الله بن أبي وأصحابه كانوا يتولون اليهود والمشركين ويأتونهم بالأخبار ويرجون أن يكون لهم الظفر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل هذه الآية ، ونهى المؤمنين عن مثل [ فعلهم ] .
قوله تعالى : ( ومن يفعل ذلك ) أي موالاة الكفار في نقل الأخبار إليهم وإظهارهم على عورة المسلمين ( فليس من الله في شيء ) [ أي ليس من دين الله في شيء ] ثم استثنى فقال ( إلا أن تتقوا منهم تقاة ) يعني : إلا أن تخافوا منهم مخافة ، قرأ مجاهد ويعقوب " تقية " على وزن بقية لأنهم كتبوها بالياء ولم يكتبوها بالألف ، مثل حصاة ونواة ، وهي مصدر يقال تقيته تقاة وتقى تقية وتقوى فإذا قلت اتقيت كان المصدر الاتقاء ، وإنما قال تتقوا من الاتقاء ثم قال : تقاة ولم يقل اتقاء لأن معنى اللفظين إذا كان واحدا يجوز إخراج مصدر أحدهما على لفظ الآخر كقوله تعالى : " وتبتل إليه تبتيلا " ( 8 - المزمل ) ومعنى الآية : أن الله تعالى نهى المؤمنين عن موالاة الكفار ومداهنتهم ومباطنتهم إلا أن يكون الكفار غالبين ظاهرين ، أو يكون المؤمن في قوم كفار يخافهم فيداريهم باللسان وقلبه مطمئن بالإيمان دفعا عن نفسه من غير أن يستحل دما حراما أو مالا حراما ، أو يظهر الكفار على عورة المسلمين ، والتقية لا تكون إلا مع خوف القتل وسلامة النية ، قال الله تعالى : " إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان " ( 106 - النحل ) ثم هذا رخصة ، فلو صبر حتى قتل فله أجر عظيم وأنكر قوم التقية [ اليوم ] قال معاذ بن جبل ومجاهد : كانت التقية في [ بدو ] الإسلام قبل استحكام الدين وقوة المسلمين ، وأما اليوم فقد أعز الله الإسلام فليس ينبغي لأهل الإسلام أن يتقوا من عدوهم ، وقال يحيى البكاء : قلت لسعيد بن جبير في أيام الحجاج : إن الحسن كان يقول لكم التقية باللسان والقلب مطمئن بالإيمان؟ فقال سعيد : ليس في الإسلام تقية إنما التقية في أهل الحرب ( ويحذركم الله نفسه ) أي يخوفكم الله عقوبته على موالاة الكفار وارتكاب المنهي عنه ومخالفة المأمور ( وإلى الله المصير ) .

التفسير الوسيط : لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون


أورد المفسرون في سبب نزول هذه الآية روايات:منها أن جماعة من اليهود كانوا يصادقون جماعة من الأنصار ليفتنوهم عن دينهم فقال رفاعة ابن المنذر، وعبد الله بن جبير، وسعيد بن خيثمة لأولئك النفر من الأنصار: اجتنبوا هؤلاء اليهود واحذروا ملازمتهم ومباطنتهم لئلا يفتنوكم عن دينكم، فأبى أولئك النفر إلا مباطنتهم وملازمتهم، فأنزل الله-تبارك وتعالى- هذه الآية».
وقوله أَوْلِياءَ جمع ولى، والولاء والتوالي- كما يقول الراغب: أن يحصل شيئان فصاعدا حصولا ليس بينهما ما ليس منهما، ويستعار ذلك للقرب من حيث المكان، ومن حيث النسبة ومن حيث الدين ومن حيث الصداقة والنصرة والاعتقاد.
والولاية- بكسر الواو- النصرة والولاية- بفتحها- تولى الأمر، وقيل هما بمعنى واحد» .
و «لا» ناهية.
والفعل «يتخذ» مجزوم بها، وهو متعد لمفعولين:أولهما: الْكافِرِينَ.
وثانيهما: أَوْلِياءَ.
والمعنى: لا يحل للمؤمنين أن يتخذوا الكافرين أولياء ونصراء، بل عليهم أن يراعوا ما فيه مصلحة الإسلام والمسلمين، وأن يقدموها على ما بينهم وبين الكفار من قرابة أو صداقة أو غير ذلك من ألوان الصلات لأن في تقديم مصلحة الكافرين على مصلحة المؤمنين تقديما للكفر على الإيمان ومن شأن المؤمن الصادق في إيمانه أن لا يصدر منه ذلك.
وقد ورد مثل هذا النهى في كثير من الآيات ومن ذلك قوله- تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ .
وقوله-تبارك وتعالى- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ، بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ .
قال الآلوسى: وقوله مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ حال من الفاعل، أى متجاوزين المؤمنين إلى الكافرين استقلالا أو اشتراكا، ولا مفهوم لهذا الظرف إما لأنه ورد في قوم بأعيانهم والوا الكافر دون المؤمنين فهو لبيان الواقع.
أو لأن ذكره للإشارة إلى أن الحقيق بالموالاة هم المؤمنون، وفي موالاتهم مندوحة عن موالاة الكفار» .
قالوا: والموالاة الممنوعة هي التي يكون فيها خذلان للدين أو إيذاء لأهله أو إضافة لمصالحهم، وأما ما عدا ذلك كالتجارة وغيرها من ضروب المعاملات الدنيوية فلا تدخل في ذلك النهى، لأنها ليست معاملة فيها أذى للإسلام والمسلمين».
وكرر- سبحانه - لفظ «المؤمنين» بأداة التعريف أل للإشارة إلى أن الثاني هو عين الأول، وفي ذلك إشعار بأن المؤمنين الذين يتخذون الكافرين أولياء ونصراء، يتركون أنفسهم ويهملونها ويتخذون من عدوهم نهاية لها.
ثم قال-تبارك وتعالى- وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ أى: ومن يتخذ الكافرين أولياء وأنصارا من دون المؤمنين، فإنه في هذه الحالة يكون بعيدا عن ولايته الله، ومنسلخا منها رأسا وليس بينه وبين الله صلة تذكر.
فاسم الإشارة ذلِكَ يعود على الاتخاذ المفهوم من الفعل يتخذ.
والتنوين في شَيْءٍ للتحقير أى ليس في شيء يصح أن يطلق عليه اسم الولاية، لأن موالاة الولي وموالاة عدوه متنافيان كما قال الشاعر:تود عدوى ثم تزعم أننى ...
صديقك ليس النوك عنك بعازب و «من» شرطية، ويَفْعَلْ فعل الشرط، وجوابه «فليس من الله في شيء» واسم ليس ضمير يعود على «من» وقوله فِي شَيْءٍ خبرها.
أى فليس الموالي في شيء كائن من الله-تبارك وتعالى- والجملة معترضة بين المستثنى والمستثنى منه.
وقال- سبحانه - فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ ولم يقل «فليس من ولاية الله» للإشعار بأن من اختار مناصرة المشركين وموالاتهم فقد ترك ذات الله-تبارك وتعالى- وكان مؤثرا لقوة الكفار على قوة العزيز الجبار، فهو في هذه الحالة يعاند الله نفسه، ثم استثنى- سبحانه - من أحوال النهى حال التقية فقال: إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وقوله: تَتَّقُوا من الاتقاء بمعنى تجنب المكروه، وعدى بمن لتضمينه معنى تخافوا وتُقاةً مصدر تقيته- كرميته- بمعنى اتقيته ووزنه فعلة ويجمع على تقى: كرطبة ورطب.
وأصل تقاة: وقية من الوقاية.
فأبدلت الواو المضمومة تاء والياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها.
والاستثناء مفرغ من عموم الأحوال، والتقدير: لا تتخذوا أيها المؤمنون الكافرين أولياء في أى حال من الأحوال إلا في حال اتقائكم منهم أى إلا أن تخافوا منهم مخافة.
أو إلا أن تخافوا من جهتهم أمرا يجب اتقاؤه من الضرر في النفس أو المال أو العرض.
كأن يكون الكفار غالبين ظاهرين.
أو كنتم في قوم كفار فيرخص لكم في مداراتهم باللسان، على ألا تنطوى قلوبكم على شيء من مودتهم، بل تدارونهم وأنتم لهم كارهون.
وألا تعملوا ما هو محرم كشرب الخمر، أو اطلاعهم على عورات المسلمين أو الانحياز إليهم في مجافاة بعض المسلمين، وإذن فلا رخصة إلا في المداراة باللسان.
ثم ختم- سبحانه - الآية بهذا التهديد الشديد حيث قال-تبارك وتعالى- وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ.
والتحذير: هو التخويف لأجل الحذر واليقظة، من أن يقع الإنسان في قول أو عمل منهى عنه.
ونفسه: منصوب على نزع الخافض.
والمصير: المرجع والمآب.
أى: ويحذركم الله-تبارك وتعالى- من نفسه أى من عقابه وانتقامه، وإليه- سبحانه - مرجعكم ومصيركم فيحاسبكم على أعمالكم.
وقوله وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ فيه ما فيه من التهديد والتخويف من موالاة الكافرين، لأن التحذير من ذات الله، يقتضى الخوف ووقوع الرهبة في النفس من الذات العلية، وذلك كما يقال: - والله المثل الأعلى- احذر الأسد، فإن هذا القائل يريد أن ذات الأسد في كل أحوالها موهوبة، ولأن كلمة «نفس» تقال لتأكيد التعبير عن الذات.
أى أن التحذير قد جاءكم من الله-تبارك وتعالى- لا من غيره فعليكم أن تمتثلوا أمره، فإن إليه وحده المآل وانتهاء أمر العباد.
وسيجازيهم على أعمالهم بما يستحقون فاحذروا التعرض لعقابه، وقوله وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ تذييل مقرر لمضمون ما قبله ومحقق لوقوعه.
هذا، ولبعض العلماء كلام طويل عن التقية- وهي أن يظهر الإنسان خلاف ما يبطن مخافة الأذى الشديد- فقد قال الآلوسى ما ملخصه:«وفي الآية دليل على مشروعية التقية، وعرفوها بالمحافظة على النفس أو العرض من شر الأعداء..والعدو قسمان:الأول: من كانت عداوته مبنية على اختلاف الدين كالكافر والمسلم.
والثاني: من كانت عداوته مبنية على أغراض دنيوية كالمال والمتاع والإمارة، ومن هنا صارت التقية قسمين:أما القسم الأول فالحكم الشرعي فيه أن كل مؤمن وقع في محل لا يمكن له فيه أن يظهر دينه لتعرض المخالفين له بالعداوة فإنه يجب عليه أن يهاجر من ذلك المكان إلى مكان يستطيع فيه أن يظهر دينه، إلا إذا كان ممن لهم عذر شرعي كالنساء والصبيان والعجزة فقد قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً.
إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ، وَكانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُوراً.
وإذا كان التخويف بالقتل ونحوه جاز له المكث والموافقة لهم ظاهرا بقدر الضرورة مع السعى في حيلة للخروج والفرار بدينه.
والموافقة لهم حينئذ رخصة، وإظهار ما في قلبه عزيمة فلو مات مات شهيدا بدليل ما روى من أن مسيلمة الكذاب أخذ رجلين من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال لأحدهما: «أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال: نعم، نعم، نعم فقال له: أتشهد أنى رسول الله؟ قال: نعم.
ثم دعا الثاني فقال له أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال نعم.
فقال له: أتشهد أنى رسول الله؟ قال إنى أصم، قالها ثلاثا، فضرب عنقه، فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «أما هذا المقتول فقد مضى على صدقه ويقينه فهنيئا له.
وأما الآخر فقد قبل رخصة الله فلا تبعة عليه» .
وأما القسم الثاني وهو من كانت عداوته بسبب المال والإمارة وما إلى ذلك، فقد اختلف في وجوب هجرة صاحبه، فقال بعضهم تجب لأن الله قد نهى عن إضاعة المال.
وقال آخرون لا تجب، لأنها لمصلحة دنيوية ولا يعود على من تركها نقصان في الدين.
وعد قوم من باب التقية الجائزة مداراة الكفار والفسقة والظلمة وإلانة الكلام لهم والتبسم في وجوههم لكف أذاهم وصيانة العرض منهم- بشرط أن لا تكون هذه المداراة مخالفة لأصول الدين وتعاليمه- فإن كانت مخالفة لذلك فلا تجوز.
روى البخاري عن عائشة قالت: استأذن رجل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأنا عنده فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بئس أخو العشيرة، ثم أذن له فألان له القول، فقلت يا رسول الله قلت ما قلت ثم ألنت له القول؟ فقال: «يا عائشة إن من شر الناس من يتركه الناس اتقاء فحشه» إلى غير ذلك من الأحاديث.
لكن لا تنبغي المداراة إلى حيث يخدش الدين، ويرتكب المنكر، وتسيء الظنون».
ثم يبين- سبحانه - أنه عليم بالظواهر والبواطن، وأمر بأن يكثروا من العمل الصالح الذي ينفعهم يوم القيامة، وأن يلتزموا طاعة الله ورسوله لكي يسعدوا في دينهم ودنياهم، وأن يراقبوا الله-تبارك وتعالى- في أقوالهم وأعمالهم لأنه- سبحانه - لا تخفى عليه خافية فقال تعالى:

تفسير ابن كثير : شرح الآية 28 من سورة آل عمران


نهى الله ، تبارك وتعالى ، عباده المؤمنين أن يوالوا الكافرين ، وأن يتخذوهم أولياء يسرون إليهم بالمودة من دون المؤمنين ، ثم توعد على ذلك فقال : ( ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء ) أي : من يرتكب نهي الله في هذا فقد برئ من الله كما قال : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا ) [ النساء : 144 ] وقال [ تعالى ] ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم [ إن الله لا يهدي القوم الظالمين ] ) [ المائدة : 51 ] .[ وقال تعالى ] ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة ) إلى أن قال : ( ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل ) [ الممتحنة : 1 ] وقال تعالى - بعد ذكر موالاة المؤمنين للمؤمنين من المهاجرين والأنصار والأعراب - : ( والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ) [ الأنفال : 73 ] .وقوله : ( إلا أن تتقوا منهم تقاة ) أي : إلا من خاف في بعض البلدان أو الأوقات من شرهم ، فله أن يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته ، كما حكاه البخاري عن أبي الدرداء أنه قال : " إنا لنكشر في وجوه أقوام وقلوبنا تلعنهم " .وقال الثوري : قال ابن عباس ، رضي الله عنهما : ليس التقية بالعمل إنما التقية باللسان ، وكذا رواه العوفي عن ابن عباس : إنما التقية باللسان ، وكذا قال أبو العالية ، وأبو الشعثاء والضحاك ، والربيع بن أنس . ويؤيد ما قالوه قول الله تعالى : ( من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان [ ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم ] ) [ النحل : 106 ] .وقال البخاري : قال الحسن : التقية إلى يوم القيامة .ثم قال تعالى : ( ويحذركم الله نفسه ) أي : يحذركم نقمته ، أي مخالفته وسطوته في عذابه لمن والى أعداءه وعادى أولياءه .ثم قال تعالى : ( وإلى الله المصير ) أي : إليه المرجع والمنقلب ، فيجازي كل عامل بعمله .قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا سويد بن سعيد ، حدثنا مسلم بن خالد ، عن ابن أبي حسين ، عن عبد الرحمن بن سابط ، عن عمرو بن ميمون [ بن مهران ] قال : قام فينا معاذ بن جبل فقال : يا بني أود ، إني رسول رسول الله إليكم ، تعلمون أن المعاد [ إلى الله ] إلى الجنة أو إلى النار .

تفسير الطبري : معنى الآية 28 من سورة آل عمران


القول في تأويل قوله : لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةًقال أبو جعفر: وهذا نهيٌ من الله عز وجل المؤمنين أن يتخذوا الكفارَ أعوانًا وأنصارًا وظهورًا، ولذلك كسر " يتخذِ"، لأنه في موضع جزمٌ بالنهي، ولكنه كسر " الذال " منه، للساكن الذي لقيه وهي ساكنة.
(61)* * *ومعنى ذلك: لا تتخذوا، أيها المؤمنون، الكفارَ ظهرًا وأنصارًا توالونهم على دينهم، وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين، (62) وتدلُّونهم على عوراتهم، فإنه مَنْ يفعل ذلك =" فليس من الله في شيء "، يعني بذلك: فقد برئ من الله وبرئ الله منه، بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر =" إلا أن تتقوا منهم تقاة "، إلا أن تكونوا في سلطانهم فتخافوهم على أنفسكم، فتظهروا لهم الولاية بألسنتكم، وتضمروا لهم العداوة، ولا تشايعوهم على ما هم عليه من الكفر، ولا تعينوهم على مُسلم بفعل، كما:-6825 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي، عن ابن عباس قوله: " لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين "، قال: نهى الله سبحانه المؤمنين أن يُلاطفوا الكفار أو يتخذوهم وليجةً من دون المؤمنين، إلا أن يكون الكفارُ عليهم ظاهرين، فيظهرون لهم اللُّطف، ويخالفونهم في الدين.
وذلك قوله: " إلا أن تتقوا منهم تقاةً".
6826 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثني محمد بن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان الحجاجُ بن عمرو حليفُ كعب بن الأشرف، وابن أبي الحقيق، وقيس بن زيد، قد بَطَنوا بنفر من الأنصار ليفتنوهم عن دينهم، فقال رفاعة بن المنذر بن زَنْبَر، (63) وعبد الله بن جبير، وسعد بن خيثمة، لأولئك النفر: اجتنبوا هؤلاء اليهود، واحذروا لزومهم ومباطنتهم لا يفتنوكم عن دينكم! فأبى أولئك النفر إلا مُباطنتهم ولزومهم، فأنزل الله عز وجل: " لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين " إلى قوله: وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .
(64)6827 - حدثنا محمد بن سنان قال، حدثنا أبو بكر الحنفي قال، حدثنا عباد بن منصور، عن الحسن في قوله: " لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين "، يقول: لا يتخذ المؤمن كافرًا وليًّا من دون المؤمنين.
(65)6828 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " لا يتخذ المؤمنون الكافرين " إلى " إلا أن تتقوا منهم تقاة "، أما " أولياء " فيواليهم في دينهم، ويظهرهم على عورة المؤمنين، فمن فعل هذا فهو مشرك، فقد برئ الله منه = إلا أن يتقي تقاةً، فهو يظهر الولاية لهم في دينهم، والبراءةَ من المؤمنين.
6829 - حدثني المثنى قال، حدثنا قبيصة بن عقبة قال، حدثنا سفيان، عن ابن جريج، عمن حدثه، عن ابن عباس: " إلا أن تتقوا منهم تقاة "، قال: التقاة التكلم باللسان، وقلبُه مطمئن بالإيمان.
6830 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا حفص بن عمر قال، حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة في قوله: " إلا أن تتقوا منهم تقاة "، قال: ما لم يُهرِق دم مسلم، وما لم يستحلّ ماله.
6831 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين "، إلا مصانعةً في الدنيا ومُخالقة.
(66)6832 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
6833 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: " لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين " إلى " إلا أن تتقوا منهم تقاة "، قال: قال أبو العالية: التقيَّة باللسان وليس بالعمل.
6834 - حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ قال، أخبرنا عُبيد قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: " إلا أن تتقوا منهم تقاة "، قال: التقيةُ باللسان.
مَنْ حُمل على أمر يتكلم به وهو لله معصيةٌ، فتكلم مخافةً على نفسه، وقلبه مطمئن بالإيمان، فلا إثم عليه، إنما التقيَّة باللسان.
6835 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله: " إلا أن تتقوا منهم تقاة "، فالتقية باللسان.
مَنْ حُمل على أمر يتكلم به وهو معصية لله، فيتكلم به مخافة الناس وقلبه مطمئن بالإيمان، فإن ذلك لا يضره.
إنما التقية باللسان.
* * *وقال آخرون: معنى: " إلا أن تتقوا منهم تقاة "، إلا أن يكون بينك وبينه قرابة.
ذكر من قال ذلك:6836 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين إلا أن تتقوا منهم تقيَّة "، نهى الله المؤمنين أن يوادّوا الكفار أو يتولَّوْهم دون المؤمنين.
وقال الله: " إلا أن تتقوا منهم تقيَّة "، (67) الرحم من المشركين، من غير أن يتولوهم في دينهم، إلا أن يَصل رحمًا له في المشركين.
6837 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء "، قال: لا يحل لمؤمن أن يتخذ كافرًا وليًّا في دينه، وقوله: " إلا أن تتقوا منهم تقاة "، قال: أن يكون بينك وبينه قرابة، فتصله لذلك.
6838 - حدثني محمد بن سنان قال، حدثنا أبو بكر الحنفي قال، حدثنا عباد بن منصور، عن الحسن في قوله: " إلا أن تتقوا منهم تقاة "، قال: صاحبهم في الدنيا معروفًا، الرحم وغيره.
فأما في الدّين فلا.
* * *قال أبو جعفر: وهذا الذي قاله قتادة تأويلٌ له وجه، وليس بالوجه الذي يدل عليه ظاهر الآية: إلا أن تتقوا من الكافرين تقاة= فالأغلب من معاني هذا الكلام: إلا أن تخافوا منهم مخافةً.
فالتقية التي ذكرها الله في هذه الآية.
إنما هي تقية من الكفار لا من غيرهم.
ووجَّهه قتادة إلى أن تأويله: إلا أن تتقوا الله من أجل القرابة التي بينكم وبينهم تقاة، فتصلون رحمها.
وليس ذلك الغالب على معنى الكلام.
والتأويلُ في القرآن على الأغلب الظاهر من معروف كلام العرب المستعمَل فيهم.
* * *وقد اختلفت القرأة في قراءة قوله: " إلا أن تتقوا منهم تقاة "فقرأ ذلك عامة قرأة الأمصار: ( إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً )، على تقدير " فُعَلة " مثل: " تُخَمة، وتؤَدَة وتُكأة "، من " اتقيت ".
* * *وقرأ ذلك آخرون: ( إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تَقِيَّةً )، على مثال " فعيلة ".
* * *قال أبو جعفر: والقراءة التي هي القراءةُ عندنا، قراءةُ من قرأها: " إلا أن تتقوا منهم تُقاة "، لثبوت حجة ذلك بأنه القراءةُ الصحيحة، بالنقل المستفيض الذي يمتنع منه الخطأ.
* * *القول في تأويل قوله عز وجل : وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28)قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك، ويخوّفكم الله من نفسه أن تَرْكبوا معاصيه، أو توالوا أعداءه، فإن لله مرجعكم وَمصيركم بعد مماتكم، ويوم حشركم لموقف الحساب = (68) يعنى بذلك: متى صرتم إليه وقد خالفتم ما أمركم به، وأتيتم ما نهاكم عنهُ من اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين، نالكم من عقاب ربكم ما لا قِبَل لكم به، يقول: فاتقوه واحذرُوه أن ينالكم ذلك منه، فإنه شديد العقاب.
------------------------الهوامش :(61) انظر معاني القرآن للفراء 1: 205.
(62) انظر تفسير"الولي" و"الأولياء" فيما سلف 2: 489 ، 564 / ثم: 5: 424 / 6: 141 ، 142 = والقول في"من دون" فيما سلف 2: 489.
(63) في المطبوعة: "بن زبير" ، وصححته من سيرة ابن هشام ، ومن ترجمته في الإصابة.
وتسميته"رفاعة بن عبد المنذر" ، ولكن هكذا جاء هنا ، وكذلك في تفسير البغوي ، وأظنه خطأ ، فلم يذكروا ذلك في ترجمته.
(64) الأثر: 6826- لم أجده في سيرة ابن هشام التي بين أيدينا من سيرة ابن إسحاق.
وقوله: "بطنوا بنفر من الأنصار" ، يقال: "بطن فلان بفلان يبطن بطونًا وبطانة" إذا كان خاصًا به ، ذا علم بداخلة أمره ، مؤانسًا له ، مطلعًا على سره ، ومنه المباطنة.
(65) الأثر: 6827- انظر التعليق عل الأثر السالف رقم: 6822.
(66) خالق الناس يخالقهم مخالقة: عاشرهم على أخلاقهم ، مثل"تخلق" ، أي: تصنع وتجمل وتحسن.
(67) في المطبوعة في هذا الموضع"تقاة" ، وهي في المخطوطة: "تقية" بتشديد الياء بالقلم ، وكذلك أثبتها ، وهي إحدى القراءتين كما سيذكر الطبري بعد.
(68) انظر تفسير"المصير" فيما سلف 3: 56 / 6: 128.

لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير

سورة : آل عمران - الأية : ( 28 )  - الجزء : ( 3 )  -  الصفحة: ( 53 ) - عدد الأيات : ( 200 )

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن
  2. تفسير: والحب ذو العصف والريحان
  3. تفسير: ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا
  4. تفسير: ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا
  5. تفسير: أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات
  6. تفسير: قال أو لو جئتك بشيء مبين
  7. تفسير: ومن يهد الله فما له من مضل أليس الله بعزيز ذي انتقام
  8. تفسير: فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين
  9. تفسير: يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داود شكرا
  10. تفسير: وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين

تحميل سورة آل عمران mp3 :

سورة آل عمران mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة آل عمران

سورة آل عمران بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة آل عمران بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة آل عمران بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة آل عمران بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة آل عمران بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة آل عمران بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة آل عمران بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة آل عمران بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة آل عمران بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة آل عمران بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب