تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات ..
﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا﴾
[ سورة الكهف: 46]
معنى و تفسير الآية 46 من سورة الكهف : المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات .
تفسير الجلالين | التفسير الميسر | تفسير السعدي |
تفسير البغوي | التفسير الوسيط | تفسير ابن كثير |
تفسير الطبري | تفسير القرطبي | إعراب الآية |
تفسير السعدي : المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات
أن المال والبنين، زينة الحياة الدنيا،- أي: ليس وراء ذلك شيء، وأن الذي يبقى للإنسان وينفعه ويسره، الباقيات الصالحات، وهذا يشمل جميع الطاعات الواجبة والمستحبة من حقوق الله، وحقوق عباده، من صلاة، وزكاة، وصدقة، وحج، وعمرة، وتسبيح، وتحميد، وتهليل، وتكبير، وقراءة، وطلب علم نافع، وأمر بمعروف، ونهي عن منكر، وصلة رحم، وبر والدين، وقيام بحق الزوجات، والمماليك، والبهائم، وجميع وجوه الإحسان إلى الخلق، كل هذا من الباقيات الصالحات، فهذه خير عند الله ثوابا وخير أملا، فثوابها يبقى، ويتضاعف على الآباد، ويؤمل أجرها وبرها ونفعها عند الحاجة، فهذه التي ينبغي أن يتنافس بها المتنافسون، ويستبق إليها العاملون، ويجد في تحصيلها المجتهدون، وتأمل كيف لما ضرب الله مثل الدنيا وحالها واضمحلالها ذكر أن الذي فيها نوعان: نوع من زينتها، يتمتع به قليلا، ثم يزول بلا فائدة تعود لصاحبه، بل ربما لحقته مضرته وهو المال والبنون ونوع يبقى وينفع صاحبه على الدوام، وهي الباقيات الصالحات.
تفسير البغوي : مضمون الآية 46 من سورة الكهف
( المال والبنون ) التي يفتخر بها عتبة وأصحابه الأغنياء ( زينة الحياة الدنيا ) ليست من زاد الآخرة .قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : المال والبنون حرث الدنيا والأعمال الصالحة حرث الآخرة وقد يجمعها الله لأقوام .( والباقيات الصالحات ) اختلفوا فيها فقال ابن عباس وعكرمة ومجاهد : هي قول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر . وقد روينا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أفضل الكلام أربع كلمات : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر " .أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد الحنفي أنبأنا أبو بكر محمد بن الحسن الحيري أخبرنا أبو جعفر عبد الله بن إسماعيل الهاشمي أنبأنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إلي مما طلعت عليه الشمس " .أخبرنا عبد الواحد المليحي أنبأنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان أنبأنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار أنبأنا حميد بن زنجويه حدثنا عثمان عن أبي صالح حدثنا ابن لهيعة حدثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " استكثروا من الباقيات الصالحات " قيل: وما هن يا رسول الله؟ [ قال : " الملة " قيل: وما هي يا رسول الله ] قال : " التكبير والتهليل والتسبيح والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " .وقال سعيد بن جبير ومسروق وإبراهيم : " والباقيات الصالحات " هي : الصلوات الخمس . ويروى هذا عن ابن عباس .وعنه رواية أخرى : أنها الأعمال الصالحة وهو قول قتادة .قوله تعالى ( خير عند ربك ثوابا ) أي جزاء . المراد : ( وخير أملا ) أي ما يأمله الإنسان .
التفسير الوسيط : المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات
ثم بين- سبحانه - القيمة الحقيقة للمال وللبنين فقال: الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا.والمال: اسم لكل ما يتموله الإنسان ويتملكه من النقود والعقار والحرث والأنعام.. إلخ والبنون: جمع ابن.والزينة: مصدر. والمراد بها هنا، ما في الشيء من محاسن ترغب الإنسان في حبه.أى: المال والبنون زينة يتزين بها الإنسان في هذه الحياة الدنيا، ويتباهى بها على غيره.وإنما كانا كذلك، لأن في المال- كما يقول القرطبي- جمالا ونفعا، وفي البنين قوة ودفعا.قال الآلوسى: وتقديم المال على البنين- مع كونهم أعز منه عند أكثر الناس لعراقته فيما نيط به من الزينة والإمداد وغير ذلك.. ولأنه زينة بدونهم من غير عكس فإن من له بنون بغير مال فهو في أضيق حال..» .وفي التعبير بقوله- سبحانه - زينة، بيان بديع. وتعبير دقيق لحقيقتهما، فهما زينة وليسا قيمة، فلا يصح أن توزن بهما أقدار الناس، وإنما توزن أقدار الناس بالإيمان والعمل الصالح، كما قال-تبارك وتعالى- إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ.ولذا جاء التعقيب منه- سبحانه - بقوله: وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلًا.أى: المال والبنون زينة يتزين ويتفاخر بها كثير من الناس في هذه الحياة الدنيا، وإذا كان الأمر كذلك في عرف كثير منهم. فإن الأقوال الطيبة، والأعمال الحسنة، هي الباقيات الصالحات، التي تبقى ثمارها للإنسان، وتكون عند الله-تبارك وتعالى- خَيْرٌ من الأموال والأولاد، ثوابا وجزاء وأجرا وَخَيْرٌ أَمَلًا حيث ينال بها صاحبها في الآخرة ما كان يؤمله ويرجوه في الدنيا من فوز بنعيم الجنة، أما المال والبنون فكثيرا ما يكونان فتنة.وقد ساق الإمام ابن كثير جملة من الآثار في تعيين المراد بالباقيات الصالحات فقال: قال ابن عباس وسعيد بن جبير وغير واحد من السلف: والباقيات الصالحات: الصلوات الخمس.وقال عطاء بن أبى رياح وسعيد بن جبير عن ابن عباس: وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ:سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.. .ويبدو لنا أن قوله-تبارك وتعالى-: وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ لفظ عام، يشمل كل قول، أو عمل يرضى الله- عز وجل - ويدخل في ذلك دخولا أوليا: الصلوات الخمس وغيرها مما ذكره المفسرون من أقوال.وسمى- سبحانه - ما يرضيه. من أقوال، وأعمال بالباقيات الصالحات لأنها باقية لصاحبها غير زائلة ولا فانية، بخلاف زينة الحياة الدنيا فإنها زائلة فانية.قال الإمام ابن جرير- رحمه الله- وأولى الأقوال بالصواب قول من قال: هن جميع أعمال الخير.. لأن ذلك كله من الصالحات التي تبقى لصاحبها في الآخرة، وعليها يجازىويثاب. وإن الله- عز وجل - لم يخصص من قوله وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ.. بعضا دون بعض في كتاب، ولا بخبر عن رسوله الله صلى الله عليه وسلم .ثم انتقلت السورة الكريمة إلى الحديث عن أهوال يوم القيامة، ذلك اليوم الذي تنفع فيه الباقيات الصالحات، وليس الأموال ولا الأولاد، فقال-تبارك وتعالى-:
تفسير ابن كثير : شرح الآية 46 من سورة الكهف
وقوله : { المال والبنون زينة الحياة الدنيا } كقوله { زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب } [ آل عمران : 14 ] ، وقال تعالى : { إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم } [ التغابن : 15 ] أي: الإقبال عليه والتفرغ لعبادته ، خير لكم من اشتغالكم بهم والجمع لهم ، والشفقة المفرطة عليهم ؛ ولهذا قال : { والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا } قال ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، وغير واحد من السلف : " الباقيات الصالحات " الصلوات الخمس .
وقال عطاء بن أبي رباح ، وسعيد بن جبير ، عن ابن عباس : " الباقيات الصالحات " سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر .
وهكذا سئل أمير المؤمنين عثمان بن عفان - رضي الله عنه - عن : " الباقيات الصالحات " ما هي ؟ فقال : هي لا إله إلا الله ، وسبحان الله ، والحمد لله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
رواه الإمام أحمد :
حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ ، حدثنا حيوة ، أنبأنا أبو عقيل ، أنه سمع الحارث مولى عثمان - رضي الله عنه - يقول : جلس عثمان يوما وجلسنا معه ، فجاءه المؤذن ، فدعا بماء في إناء ، أظنه أنه سيكون فيه مد ، فتوضأ ثم قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وضوئي هذا ، ثم قال : " من توضأ وضوئي هذا ، ثم قام فصلى صلاة الظهر ، غفر له ما كان بينها وبين الصبح ، ثم صلى العصر غفر له ما بينها وبين الظهر ، ثم صلى المغرب غفر له ما بينها وبين العصر ، ثم صلى العشاء غفر له ما بينها وبين المغرب ، ثم لعله يبيت يتمرغ ليلته ، ثم إن قام فتوضأ وصلى صلاة الصبح ، غفر له ما بينها وبين صلاة العشاء وهي الحسنات يذهبن السيئات " قالوا : هذه الحسنات فما الباقيات الصالحات يا عثمان ؟ قال : هي لا إله إلا الله ، وسبحان الله ، والحمد لله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله تفرد به .
وروى مالك ، عن عمارة بن عبد الله بن صياد عن سعيد بن المسيب قال : " الباقيات الصالحات " سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وقال محمد بن عجلان ، عن عمارة قال : سألني سعيد بن المسيب عن " الباقيات الصالحات " فقلت : الصلاة والصيام . قال : لم تصب . فقلت : الزكاة والحج . فقال : لم تصب ، ولكنهن الكلمات الخمس : لا إله إلا الله ، والله أكبر ، وسبحان الله ، والحمد لله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وقال ابن جريج : أخبرني عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن نافع عن سرجس ، أنه أخبره أنه سأل ابن عمر عن : { والباقيات الصالحات } قال : لا إله إلا الله ، والله أكبر ، [ وسبحان الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله . قال ابن جريج : وقال عطاء بن أبي رباح مثل ذلك .
وقال مجاهد : { والباقيات الصالحات } سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ] .
وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن الحسن وقتادة في قوله : " الباقيات الصالحات " قال : لا إله إلا الله ، والله أكبر ، والحمد لله ، وسبحان الله ، هن الباقيات الصالحات .
قال ابن جرير : وجدت في كتابي عن الحسن بن الصباح البزار ، عن أبي نصر التمار ، عن عبد العزيز بن مسلم ، عن محمد بن عجلان ، عن سعيد المقبري ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، من الباقيات الصالحات " .
قال : وحدثني يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرنا عمرو بن الحارث أن دراجا أبا السمح حدثه ، عن ابن الهيثم ، عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " استكثروا من الباقيات الصالحات " . قيل : وما هي يا رسول الله ؟ قال : " الملة " . قيل : وما هي يا رسول الله ؟ قال : " التكبير ، والتهليل ، والتسبيح ، والحمد لله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله " .
وهكذا رواه أحمد ، من حديث دراج ، به .
وبه قال ابن وهب : أخبرني أبو صخر أن عبد الله بن عبد الرحمن ، مولى سالم بن عبد الله حدثه قال : أرسلني سالم إلى محمد بن كعب القرظي ، فقال : قل له : القني عند زاوية القبر فإن لي إليك حاجة . قال : فالتقيا ، فسلم أحدهما على الآخر ، ثم قال سالم : ما تعد الباقيات الصالحات ؟ فقال : لا إله إلا الله ، وسبحان الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، فقال له سالم : متى جعلت فيها " لا حول ولا قوة إلا بالله ؟ " فقال : ما زلت أجعلها . قال : فراجعه مرتين أو ثلاثا ، فلم ينزع ، قال فأبيت قال سالم : أجل فأبيت فإن أبا أيوب الأنصاري حدثني أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم هو يقول : " عرج بي إلى السماء فأريت إبراهيم عليه السلام ، فقال : يا جبريل من هذا معك ؟ فقال : محمد فرحب بي وسهل ، ثم قال : مر أمتك فلتكثر من غراس الجنة ، فإن تربتها طيبة وأرضها واسعة . فقلت : وما غراس الجنة ؟ قال : لا حول ولا قوة إلا بالله "
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن يزيد ، عن العوام ، حدثني رجل من الأنصار ، من آل النعمان بن بشير ، قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونحن في المسجد بعد صلاة العشاء ، فرفع بصره إلى السماء ثم خفض ، حتى ظننا أنه قد حدث في السماء شيء ، ثم قال : " أما إنه سيكون بعدي أمراء ، يكذبون ويظلمون ، فمن صدقهم بكذبهم ومالأهم على ظلمهم ، فليس مني ولا أنا منه ، ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يمالئهم فهو مني وأنا منه . ألا وإن " سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر هن الباقيات الصالحات "
وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا أبان ، حدثنا يحيى بن كثير ، عن زيد ، عن أبي سلام [ عن ] مولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم [ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ] قال : " بخ بخ لخمس ما أثقلهن في الميزان : لا إله إلا الله ، والله أكبر ، وسبحان الله ، والحمد لله ، والولد الصالح يتوفى فيحتسبه والده " . وقال : " بخ بخ لخمس من لقي الله مستيقنا بهن ، دخل الجنة : يؤمن بالله ، واليوم الآخر ، وبالجنة وبالنار ، وبالبعث بعد الموت ، وبالحساب
وقال الإمام أحمد : حدثنا روح ، حدثنا الأوزاعي ، عن حسان بن عطية قال : كان شداد بن أوس رضي الله عنه ، [ في سفر ] فنزل منزلا فقال لغلامه : " ائتنا بالشفرة نعبث بها " . فأنكرت عليه ، فقال : ما تكلمت بكلمة منذ أسلمت إلا وأنا أخطمها وأزمها غير كلمتي هذه . فلا تحفظوها علي واحفظوا ما أقول لكم : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إذا كنز الناس الذهب والفضة فاكنزوا هؤلاء الكلمات : اللهم إني أسألك الثبات في الأمر ، والعزيمة على الرشد ، وأسألك شكر نعمتك ، وأسألك حسن عبادتك ، وأسألك قلبا سليما ، وأسألك لسانا صادقا ، وأسألك من خير ما تعلم وأعوذ بك من شر ما تعلم ، وأستغفرك لما تعلم ، إنك أنت علام الغيوب "
ثم رواه أيضا النسائي من وجه آخر عن شداد ، بنحوه
وقال الطبراني : حدثنا عبد الله بن ناجية ، حدثنا محمد بن سعد العوفي ، حدثني أبي ، حدثنا عمر بن الحسين ، عن يونس بن نفيع الجدلي ، عن سعد بن جنادة - رضي الله عنه - قال : كنت في أول من أتى النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الطائف ، فخرجت من أهلي من السراة غدوة ، فأتيت منى عند العصر ، فتصاعدت في الجبل ثم هبطت ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأسلمت ، وعلمني : { قل هو الله أحد } و { إذا زلزلت } وعلمني هؤلاء الكلمات : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، وقال : " هن الباقيات الصالحات " . وبهذا الإسناد : " من قام من الليل فتوضأ ومضمض فاه ، ثم قال : سبحان الله مائة مرة ، والحمد لله مائة مرة ، والله أكبر مائة مرة ، ولا إله إلا الله مائة مرة ، غفرت ذنوبه إلا الدماء فإنها لا تبطل "
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : { والباقيات الصالحات } قال : هي ذكر الله ، قول : لا إله إلا الله ، والله أكبر ، وسبحان الله ، والحمد لله ، وتبارك الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وأستغفر الله ، وصلى الله على رسول الله ، والصيام ، والصلاة ، والحج ، والصدقة ، والعتق ، والجهاد ، والصلة ، وجميع أعمال الحسنات . وهن الباقيات الصالحات ، التي تبقى لأهلها في الجنة ، ما دامت السموات والأرض .
وقال العوفي ، عن ابن عباس : هن الكلام الطيب .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : هي الأعمال الصالحة كلها . واختاره ابن جرير ، رحمه الله .
تفسير الطبري : معنى الآية 46 من سورة الكهف
القول في تأويل قوله تعالى : الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلا ( 46 )يقول تعالى ذكره: المال والبنون أيها الناس التي يفخر بها عيينة والأقرع، ويتكبران بها على سلمان وخباب وصهيب، مما يتزين به في الحياة الدنيا، وليسا من عداد الآخرة ( وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا ) يقول: وما يعمل سلمان وخباب وصهيب من طاعة الله، ودعائهم ربهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه، الباقي لهم من الأعمال الصالحة بعد فناء الحياة الدنيا، خير يا محمد عند ربك ثوابا من المال والبنين التي يفتخر هؤلاء المشركون بها، التي تفنى، فلا تبقى لأهلها( وَخَيْرٌ أَمَلا ) يقول: وما يؤمل من ذلك سلمان وصهيب وخباب، خير مما يؤمل عيينة والأقرع من أموالهما وأولادهما. وهذه الآيات لمن لدن قوله: وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ إلى هذا الموضع، ذُكر أنها نزلت في عيينة والأقرع.* ذكر من قال ذلك:حدثنا الحسين بن عمرو العنقزي، قال: ثنا أبي، قال: ثنا أسباط بن نصر، عن السدّي، عن أبي سعيد الأزدي، وكان قارئ الأزد، عن أبي الكنود، عن خباب في قوله: وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ ثم ذكر القصة التي ذكرناها في سورة الأنعام في قصة عيينة والأقرع، إلى قوله: وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا قال: عيينة والأقرع وَاتَّبَعَ هَوَاهُ قال: قال: ثم قال ضرب لهم مثلا رجلين، ومثل الحياة الدنيا.واختلف أهل التأويل في المعني بالباقيات الصالحات، اختلافهم في المعنى بالدعاء الذي وصف جلّ ثناؤه به الذين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن طردهم، وأمره بالصبر معهم، فقال بعضهم: هي الصلوات الخمس ، وقال بعضهم: هي ذكر الله بالتسبيح والتقديس والتهليل، ونحو ذلك ، وقال بعضهم: هي العمل بطاعة الله ، وقال بعضهم: الكلام الطيب.* ذكر من قال:هي الصلوات الخمس:حدثني محمد بن إبراهيم الأنماطي، قال: ثنا يعقوب بن كاسب، قال: ثنا عبد الله بن عبد الله الأموي قال: سمعت عبد الله بن يزيد بن هرمز ، يحدّث عن عبيد الله بن عتبة، عن ابن عباس أنه قال: الباقيات الصالحات: الصلوات الخمس.حدثني زريق بن إسحاق، قال : ثنا قبيصة عن سفيان، عن عبد الله بن مسلم، عن سعيد بن جبير، في قوله ( وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ ) قال: الصلوات الخمس.حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي، قال ثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن الأعمش، عن أبي إسحاق عن عمرو بن شُرَحبيل في هذه الآية ( وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ ) قال: هي الصلوات المكتوبات.حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن عبد الله بن مسلم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: الباقيات الصالحات: الصلوات الخمس.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان عن الحسن بن عبد الله، عن إبراهيم، قال ( وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ ) الصلوات الخمس.* حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة ( وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ ) قال: الصلوات الخمس.* ذكر من قال: هنّ ذكر الله بالتسبيح والتحميد ونحو ذلك: حدثنا ابن حميد وعبد الله بن أبي زياد ومحمد بن عمارة الأسدي، قالوا: ثنا عبد الله بن يزيد، قال: أخبرنا حيوة. قال: أخبرنا أبو عقيل زهرة بن معبد القرشي من بني تيم من رهط أبي بكر الصديق، أنه سمع الحارث مولى عثمان بن عفان، يقول: قيل لعثمان: ما الباقيات الصالحات؟ قال: هنّ لا إله إلا الله، سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ولا حول ولا قوّة إلا بالله.حدثني سعد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: ثنا أبو زرعة، قال: ثنا حيوة، قال: ثنا أبو عقيل زهرة بن معبد، أنه سمع الحارث مولى عثمان بن عفان يقول: قيل لعثمان بن عفان: ما الباقيات الصالحات؟ قال: هي لا إله إلا الله، وسبحان الله وبحمده، والله أكبر، والحمد لله، ولا حول ولا قوّة إلا بالله.حدثني ابن عبد الرحيم البرْقي، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا نافع بن يزيد ورشدين بن سعد، قالا ثنا زهرة بن معبد، قال: سمعت الحارث مولى عثمان بن عفان يقول: قالوا لعثمان: ما الباقيات الصالحات؟ فذكر مثله.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن عبد الله بن مسلم بن هرمز، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله: ( وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ ) قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن إدريس، قال: سمعت عبد الملك، عن عطاء، عن ابن عباس، في قوله ( وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ ) قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.حدثنا أبو كريب، قال: ثنا طلق بن غنام، عن زائدة، عن عبد الملك، عن عطاء ، عن ابن عباس، مثله.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا مالك، عن عمارة بن عبد الله بن صياد، عن سعيد بن المسيب، قال: ( وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ ) : سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوّة إلا بالله.حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قال: أخبرني عبد الله بن عثمان بن خُشَيم ، عن نافع بن سرجس، أنه أخبره أنه سأل ابن عمر عن الباقيات الصالحات، قال: لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، ولا حول ولا قوّة إلا بالله. قال ابن جريج، وقال عطاء بن أبي رَباح مثل ذلك.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال : ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، قال: الباقيات الصالحات: 0 سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن منصور، عن مجاهد، بنحوه.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، في قوله ( وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ ) قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني أبو صخر : أن عبد الله بن عبد الرحمن، مولى سالم بن عبد الله، حدثه قال: أرسلني سالم بن محمد بن كعب القُرَظي، فقال: قل له الْقَنِي عند زاوية القبر، فإن لي إليك حاجة، قال: فالتقيا، فسلم أحدهما على الآخر ، ثم قال سالم: ما تعدّ الباقيات الصالحات؟ فقال: لا إله إلا الله، والحمد لله، وسبحان الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوّة إلا بالله، فقال له سالم: متى جعلت فيها لا حول ولا قوة إلا بالله؟ فقال: ما زلت أجعلها، قال: فراجعه مرّتين أو ثلاثا فلم ينزع ، قال: فأثبت، قال سالم: أجل، فأثبت فإن أبا أيوب الأنصاري حدثني أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: " عُرِجَ بِي إلى السَّماءِ فَأُرِيتُ إبْرَاهِيمَ، فقالَ: يا جبْريلُ مَنْ هَذَا مَعَكَ؟ فقالَ: مُحَمَّد، فَرَحَّبَ بِي وَسَهَّلَ، ثُمَّ قَالَ: مُرْ أُمَّتَكَ فَلْتُكْثِرْ مِنْ غِرَاسِ الجَنَّةِ، فإنَّ تُرْبَتَهَا طَيِّبَةٌ، وأرْضُها وَاسِعَةٌ، فَقُلْتُ: وَما غِرَاسُ الجَنَّةِ؟ قالَ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلا باللهِ ".وجدت في كتابي عن الحسن بن الصبَّاح البَزَّار، عن أبي نصر التمار، عن عبد العزيز بن مسلم، عن محمد بن عجلان، عن سعيد المَقُبْري، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سُبْحَانَ اللهِ، والحَمْدُ للهِ، ولا إلهَ إلا اللهُ، واللهُ أكْبَرُ مِنَ الباقِياتِ الصَّالِحاتِ ".حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الحسن وقتادة، في قوله: ( وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ ) قال: لا إله إلا الله، والله أكبر، والحمد لله، وسبحان الله، هنّ الباقيات الصالحات.حدثني يونس، قال : أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنا عمرو بن الحارث، أن دراجا أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخُدريّ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اسْتَكْثِرُوا مِنَ الباقِياتِ الصَّالِحاتِ، قيل: وما هي يا رسول الله؟ قال: المِلَّة، قيل: وما هي يا رسول الله؟ قال: " التَّكْبِيرُ والتَّهْلِيلُ والتَّسْبِيحُ، والحَمْدُ، ولا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلا باللهِ".حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني مالك، عن عمارة بن صياد، أنه سمع سعيد بن المسيب يقول في الباقيات الصالحات: إنها قول العبد: الله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.حدثني ابن البَرْقي، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرنا يحيى بن أيوب، قال: ثني ابن عَجْلان، عن عمارة بن صياد، قال: سألني سعيد بن المسيب، عن الباقيات الصالحات، فقلت: الصلاة والصيام، قال: لم تصب ، فقلت : الزكاة والحج، فقال: لم تصب، ولكنهنّ الكلمات الخمس: لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.* ذكر من قال: هي العمل بطاعة الله عزّ وجلّ: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس ( وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلا ) قال: الأعمال الصالحة: سبحان الله ، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.حدثني عليّ ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ ) قال: هي ذكر الله قول لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، وتبارك الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وأستغفر الله، وصلى الله على رسول الله والصيام والصلاة والحجّ والصدقة والعتق والجهاد والصلة، وجميع أعمال الحسنات، وهنّ الباقيات الصالحات، التي تبقى لأهلها في الجنة ما دامت السماوات والأرض.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلا ) قال: الأعمال الصالحة.* ذكر من قال: هي الكلم الطيب: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ ) قال: الكلام الطيب.وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: هنّ جميع أعمال الخير، كالذي رُوي عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس، لأن ذلك كله من الصالحات التي تبقى لصاحبها في الآخرة، وعليها يجازى ويُثاب، وإن الله عزّ ذكره لم يخصص من قوله ( وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا ) بعضا دون بعض في كتاب، ولا بخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.فإن ظنّ ظانّ أن ذلك مخصوص بالخبر الذي رويناه عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإن ذلك بخلاف ما ظن، وذلك أن الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما ورد بأن قول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، هنّ من الباقيات الصالحات، ولم يقل: هنّ جميع الباقيات الصالحات، ولا كلّ الباقيات الصالحات ، وجائز أن تكون هذه باقيات صالحات، وغيرها من أعمال البرّ أيضا باقيات صالحات.
تفسير آيات من القرآن الكريم
- تفسير: حتى إذا جاءوا قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أماذا كنتم تعملون
- تفسير: وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا
- تفسير: فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون
- تفسير: اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون
- تفسير: ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون
- تفسير: كلا والقمر
- تفسير: ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين
- تفسير: فلما جاء سليمان قال أتمدونن بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم
- تفسير: وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا ثم تاب الله عليهم ثم عموا وصموا كثير منهم
- تفسير: وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين
تحميل سورة الكهف mp3 :
سورة الكهف mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الكهف
ماهر المعيقلي
سعد الغامدي
عبد الباسط
أحمد العجمي
المنشاوي
الحصري
مشاري العفاسي
ناصر القطامي
فارس عباد
ياسر الدوسري
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب