تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه ..
﴿ وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ﴾
[ سورة فصلت: 5]
معنى و تفسير الآية 5 من سورة فصلت : وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه .
تفسير الجلالين | التفسير الميسر | تفسير السعدي |
تفسير البغوي | التفسير الوسيط | تفسير ابن كثير |
تفسير الطبري | تفسير القرطبي | إعراب الآية |
تفسير السعدي : وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه
{ وَقَالُوا }- أي: هؤلاء المعرضون عنه، مبينين عدم انتفاعهم به، بسد الأبواب الموصلة إليه: { قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ }- أي: أغطية مغشاة { مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ }- أي: صمم فلا نسمع لك { وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ } فلا نراك.القصد من ذلك، أنهم أظهروا الإعراض عنه، من كل وجه، وأظهروا بغضه، والرضا بما هم عليه، ولهذا قالوا: { فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ }- أي: كما رضيت بالعمل بدينك، فإننا راضون كل الرضا، بالعمل في ديننا، وهذا من أعظم الخذلان، حيث رضوا بالضلال عن الهدى، واستبدلوا الكفر بالإيمان، وباعوا الآخرة بالدنيا.
تفسير البغوي : مضمون الآية 5 من سورة فصلت
( وقالوا ) يعني مشركي مكة ، ( قلوبنا في أكنة ) في أغطية ، ( مما تدعونا إليه ) فلا نفقه ما تقول ، ( وفي آذاننا وقر ) صمم فلا نسمع ما تقول ، والمعنى : إنا في ترك القبول عندك بمنزلة من لا يفهم ولا يسمع ، ( ومن بيننا وبينك حجاب ) خلاف في الدين وحاجز في الملة فلا نوافقك على ما تقول ، ( فاعمل ) أنت على دينك ، ( إننا عاملون ) على ديننا .
التفسير الوسيط : وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه
ثم حكى - سبحانه - أقوالهم التى تدل على توغلهم فى الكفر والعناد فقال : { وَقَالُواْ قُلُوبُنَا في أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فاعمل إِنَّنَا عَامِلُونَ } ، والأكنة : جمع كنان وهو الغطاء للشئ . و { وَقْرٌ } الصمم الذى يحول بين الإِنسان وبين سماع ما يقال له .والحجاب : من الحجب بمعنى الستر لأنه يمنع المشاهدة ، ومنه قيل للبواب حاجب ، لأنه يمنع من الدخول .أى : وقال الكافرون للنبى صلى الله عليه وسلم على سبيل تيئيسه من إيمانهم : إن قلوبنا قد كستها أغطية متكاثفة جعلتها لا تفقه ما تقوله لنا ، وما تدعونا إليه ، وإن آذاننا فيها صمم يحول بيننا وبين سماع حديثك ، وإن من بيننا ومن بينك حاجزا غليظا يحجب التواصل والتلاقى بيننا وبينك ، وما دام حالنا وحالك كذلك فاعمل ما شئت فيما يتعلق بدينك ، ونحن من جانبنا سنعمل ما شئنا فيما يتعلق بديننا .وهذه الأقوال التى حكاها القرآن عنهم ، تدل على أنهم قوم قد بلغوا أقصى درجات الجحود والعناد : فقلوبهم قد أغلقت عن إدراك الحق ، وأسماعهم قد صمت عن سماعه ، وأشخاصهم قد أبت الاقتراب من شخص الرسول صلى الله عليه وسلم الذى يحمل لهم الخير والنور ، وما حملهم على ذلك إلا اتباعهم للهوى والشيطان .وصدق الله إذ يقول : { فَلَمَّا زاغوا أَزَاغَ الله قُلُوبَهُمْ والله لاَ يَهْدِي القوم الفاسقين }.
تفسير ابن كثير : شرح الآية 5 من سورة فصلت
{ وقالوا قلوبنا في أكنة } أي: في غلف مغطاة { مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر } أي: صمم عما جئتنا به ، { ومن بيننا وبينك حجاب } فلا يصل إلينا شيء مما تقول ، { فاعمل إننا عاملون } أي: اعمل أنت على طريقتك ، ونحن على طريقتنا لا نتابعك .
قال الإمام العلم عبد بن حميد في مسنده : حدثني ابن أبي شيبة ، حدثنا علي بن مسهر عن الأجلح ، عن الذيال بن حرملة الأسدي عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال : اجتمعت قريش يوما فقالوا : انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر ، فليأت هذا الرجل الذي قد فرق جماعتنا ، وشتت أمرنا ، وعاب ديننا ، فليكلمه ولننظر ماذا يرد عليه ؟ فقالوا : ما نعلم أحدا غير عتبة بن ربيعة . فقالوا : أنت يا أبا الوليد . فأتاه عتبة فقال : يا محمد ، أنت خير أم عبد الله ؟ فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : أنت خير أم عبد المطلب ؟ فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : فإن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك ، فقد عبدوا الآلهة التي عبت ، وإن كنت تزعم أنك خير منهم فتكلم حتى نسمع قولك ، إنا والله ما رأينا سخلة قط أشأم على قومك منك ; فرقت جماعتنا ، وشتت أمرنا ، وعبت ديننا ، وفضحتنا في العرب ، حتى لقد طار فيهم أن في قريش ساحرا ، وأن في قريش كاهنا . والله ما ننظر إلا مثل صيحة الحبلى أن يقوم بعضنا إلى بعض بالسيوف ، حتى نتفانى - أيها الرجل - إن كان إنما بك الحاجة جمعنا لك حتى تكون أغنى قريش رجلا ، وإن كان إنما بك الباءة فاختر أي نساء قريش [ شئت ] فلنزوجك عشرا . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " فرغت ؟ " قال : نعم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : { بسم الله الرحمن الرحيم . حم تنزيل من الرحمن الرحيم } حتى بلغ : { فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود } فقال عتبة : حسبك ! حسبك ! ما عندك غير هذا ؟ قال : " لا " فرجع إلى قريش فقالوا : ما وراءك ؟ قال : ما تركت شيئا أرى أنكم تكلمونه به إلا كلمته . قالوا : فهل أجابك ؟ [ قال : نعم ، قالوا : فما قال ؟ ] قال : لا والذي نصبها بنية ما فهمت شيئا مما قال ، غير أنه أنذركم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود . قالوا : ويلك ! يكلمك الرجل بالعربية ما تدري ما قال ؟ ! قال : لا والله ما فهمت شيئا مما قال غير ذكر الصاعقة .
وهكذا رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده عن أبي بكر بن أبي شيبة بإسناده مثله سواء .
وقد ساقه البغوي في تفسيره بسنده عن محمد بن فضيل ، عن الأجلح - وهو ابن عبد الله الكندي [ الكوفي ] وقد ضعف بعض الشيء - عن الذيال بن حرملة ، عن جابر ، فذكر الحديث إلى قوله : { فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود } فأمسك عتبة على فيه ، وناشده بالرحم ، ورجع إلى أهله ولم يخرج إلى قريش واحتبس عنهم . فقال أبو جهل : يا معشر قريش ، والله ما نرى عتبة إلا قد صبا إلى محمد ، وأعجبه طعامه ، وما ذاك إلا من حاجة [ قد ] أصابته ، فانطلقوا بنا إليه . فانطلقوا إليه فقال أبو جهل : يا عتبة ، ما حبسك عنا إلا أنك صبوت إلى محمد وأعجبك طعامه ، فإن كانت لك حاجة جمعنا لك من أموالنا ما يغنيك عن طعام محمد . فغضب عتبة ، وأقسم ألا يكلم محمدا أبدا ، وقال : والله لقد علمتم أني من أكثر قريش مالا ولكني أتيته وقصصت عليه [ القصة ] فأجابني بشيء والله ما هو بشعر ولا كهانة ولا سحر ، وقرأ السورة إلى قوله : { فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود } فأمسكت بفيه ، وناشدته بالرحم أن يكف ، وقد علمتم أن محمدا إذا قال شيئا لم يكذب ، فخشيت أن ينزل بكم العذاب .
وهذا السياق أشبه من سياق البزار وأبي يعلى ، والله أعلم .
وقد أورد هذه القصة الإمام محمد بن إسحاق بن يسار في كتاب السيرة على خلاف هذا النمط ، فقال :
حدثني يزيد بن زياد ، عن محمد بن كعب القرظي قال : حدثت أن عتبة بن ربيعة - وكان سيدا - قال يوما وهو جالس في نادي قريش ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس في المسجد وحده : يا معشر قريش ألا أقوم إلى محمد فأكلمه وأعرض عليه أمورا لعله يقبل بعضها ، فنعطيه أيها شاء ويكف عنا ؟ وذلك حين أسلم حمزة ، ورأوا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزيدون ويكثرون ، فقالوا : بلى يا أبا الوليد ، فقم إليه فكلمه . فقام إليه عتبة حتى جلس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا ابن أخي ، إنك منا حيث قد علمت من السطة في العشيرة ، والمكان في النسب ، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم ، فرقت به جماعتهم ، وسفهت به أحلامهم ، وعبت به آلهتهم ودينهم ، وكفرت به من مضى من آبائهم ، فاسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها لعلك تقبل منا بعضها . قال : فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " قل يا أبا الوليد أسمع " . قال : يا ابن أخي ، إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون من أكثرنا أموالا . وإن كنت تريد به شرفا سودناك علينا ، حتى لا نقطع أمرا دونك . وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا . وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا تراه لا تستطيع رده عن نفسك ، طلبنا لك الطب ، وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه ، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه - أو كما قال له - حتى إذا فرغ عتبة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستمع منه قال : " أفرغت يا أبا الوليد ؟ " قال : نعم . قال : " فاستمع مني " قال : أفعل . قال : { بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون } ثم مضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها يقرؤها عليه . فلما سمع عتبة أنصت لها وألقى يديه خلف ظهره معتمدا عليهما يسمع منه ، ثم انتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى السجدة منها ، فسجد ثم قال : " قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت ، فأنت وذاك ، فقام عتبة إلى أصحابه ، فقال بعضهم لبعض : أقسم - يحلف بالله - لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به . فلما جلس إليهم قالوا : ما وراءك يا أبا الوليد ؟ قال : ورائي أني قد سمعت قولا والله ما سمعت مثله قط ، والله ما هو بالسحر ولا بالشعر ولا بالكهانة . يا معشر قريش ، أطيعوني واجعلوها لي ، خلوا بين الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه ، فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت نبأ ، فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم ، وإن يظهر على العرب فملكه ملككم ، وعزه عزكم ، وكنتم أسعد الناس به . قالوا : سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه ! قال : هذا رأيي فيه ، فاصنعوا ما بدا لكم .
وهذا السياق أشبه من الذي قبله ، والله أعلم .
تفسير الطبري : معنى الآية 5 من سورة فصلت
القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ ( 5 )يقول تعالى ذكره: وقال هؤلاء المشركون المعرضون عن آيات الله من مشركي قريش إذ دعاهم محمد نبيّ الله إلى الإقرار بتوحيد الله وتصديق ما في هذا القرآن من أمر الله ونهيه, وسائر ما أنزل فيه ( قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ ) يقول: في أغطية ( مِمَّا تَدْعُونَا ) يا محمد ( إِلَيْهِ ) من توحيد الله, وتصديقك فيما جئتنا به, لا نفقه ما تقول ( وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ ) وهو الثقل, لا نسمع ما تدعونا إليه استثقالا لما يدعو إليه وكراهة له. وقد مضى البيان قبل عن معاني هذه الأحرف بشواهده, وذكر ما قال أهل التأويل فيه, فكرهنا إعادة ذلك في هذا الموضع.وقد: حدثني محمد بن عمرو قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: ( قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ ) قال: عليها أغطية كالجَعْبة للنَّبْل.حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, قوله: ( وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ ) قال: عليها أغطية ( وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ ) قال: صمم.وقوله: ( وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ ) يقولون: ومن بيننا وبينك يا محمد ساتر لا نجتمع من أجله نحن وأنت, فيرى بعضنا بعضا, وذلك الحجاب هو اختلافهم في الدين, لأن دينهم كان عبادة الأوثان, ودين محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عبادة الله وحده لا شريك له, فذلك هو الحجاب الذي زعموا أنه بينهم وبين نبيّ الله, وذلك هو خلاف بعضهم بعضا في الدين.وأدخلت " من " في قوله ( وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ ) والمعنى: وبيننا وبينكَ حِجابٌ, توكيدا للكلام.
تفسير آيات من القرآن الكريم
- تفسير: وأتيناك بالحق وإنا لصادقون
- تفسير: ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا
- تفسير: أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون
- تفسير: ما عندكم ينفد وما عند الله باق ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون
- تفسير: فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون
- تفسير: ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن
- تفسير: حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم
- تفسير: وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد
- تفسير: فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون
- تفسير: فوسوس إليه الشيطان قال ياآدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى
تحميل سورة فصلت mp3 :
سورة فصلت mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة فصلت
ماهر المعيقلي
سعد الغامدي
عبد الباسط
أحمد العجمي
المنشاوي
الحصري
مشاري العفاسي
ناصر القطامي
فارس عباد
ياسر الدوسري
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب