تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن ..

  1. تفسير السعدي
  2. تفسير البغوي
  3. التفسير الوسيط
  4. تفسير ابن كثير
  5. تفسير الطبري
الفسير الوسيط | التفسير الوسيط للقرآن الكريم للطنطاوي | تأليف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (المتوفى: 1431هـ) : ويعتبر هذا التفسير من التفاسير الحديثة و القيمة لطلاب العلم و الباحثين في تفسير القرآن العظيم بأسلوب منهجي سهل و عبارة مفهومة, تفسير الآية 6 من سورةالنساء - التفسير الوسيط .
  
   

﴿ وَابْتَلُوا الْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ۖ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُوا ۚ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ ۖ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا﴾
[ سورة النساء: 6]

معنى و تفسير الآية 6 من سورة النساء : وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن .


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تفسير السعدي : وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن


الابتلاء: هو الاختبار والامتحان، وذلك بأن يدفع لليتيم المقارب للرشد، الممكن رشده، شيئا من ماله، ويتصرف فيه التصرف اللائق بحاله، فيتبين بذلك رشده من سفهه، فإن استمر غير محسن للتصرف لم يدفع إليه ماله، بل هو باق على سفهه، ولو بلغ عمرا كثيرا.
فإن تبين رشده وصلاحه في ماله وبلغ النكاح فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ كاملة موفرة.
وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا أي: مجاوزة للحد الحلال الذي أباحه الله لكم من أموالكم، إلى الحرام الذي حرمه الله عليكم من أموالهم.
وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا أي: ولا تأكلوها في حال صغرهم التي لا يمكنهم فيها أخذها منكم، ولا منعكم من أكلها، تبادرون بذلك أن يكبروا، فيأخذوها منكم ويمنعوكم منها.
وهذا من الأمور الواقعة من كثير من الأولياء، الذين ليس عندهم خوف من الله، ولا رحمة ومحبة للمولى عليهم، يرون هذه الحال حال فرصة فيغتنمونها ويتعجلون ما حرم الله عليهم، فنهى الله تعالى عن هذه الحالة بخصوصها.

تفسير البغوي : مضمون الآية 6 من سورة النساء


قوله تعالى : ( وابتلوا اليتامى ) الآية نزلت في ثابت بن رفاعة وفي عمه ، وذلك أن رفاعة توفي وترك ابنه ثابتا وهو صغير ، فجاء عمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال : إن ابن أخي يتيم في حجري ، فما يحل لي من ماله ومتى أدفع إليه ماله؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية ( وابتلوا اليتامى ) اختبروهم في عقولهم وأديانهم وحفظهم أموالهم ، ( حتى إذا بلغوا النكاح ) أي : مبلغ الرجال والنساء ، ( فإن آنستم ) أبصرتم ، ( منهم رشدا ) فقال المفسرون يعني : عقلا وصلاحا في الدين وحفظا للمال وعلما بما يصلحه .
وقال سعيد بن جبير ومجاهد والشعبي : لا يدفع إليه ماله وإن كان شيخا حتى يؤنس منه رشده .
والابتلاء يختلف باختلاف أحوالهم فإن كان ممن يتصرف في السوق فيدفع الولي إليه شيئا يسيرا من المال وينظر في تصرفه وإن كان ممن لا يتصرف في السوق فيتخبره في نفقة داره ، والإنفاق على عبيده وأجرائه ، وتختبر المرأة في أمر بيتها وحفظ متاعها وغزلها واستغزالها ، فإذا رأى حسن تدبيره ، وتصرفه في الأمور مرارا =يغلب على القلب رشده ، دفع المال إليه .
واعلم أن الله تعالى علق زوال الحجر عن الصغير وجواز دفع المال إليه بشيئين : بالبلوغ والرشد ، فالبلوغ يكون بأحد ( أشياء أربعة ) ، اثنان يشترك فيهما الرجال والنساء ، واثنان تختصان بالنساء :فما يشترك فيه الرجال والنساء أحدهما السن ، والثاني الاحتلام ، أما السن فإذا استكمل المولود خمس عشرة سنة حكم ببلوغه غلاما كان أو جارية ، لما أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب ، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، أنا أبو العباس الأصم ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم عام أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة ، فردني ، ثم عرضت عليه عام الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني ، قال نافع : فحدثت بهذا الحديث عمر بن عبد العزيز ، فقال : هذا فرق بين المقاتلة والذرية ، وكتب أن يفرض لابن خمس عشرة سنة في المقاتلة ، ومن لم يبلغها في الذرية .
وهذا قول أكثر أهل العلم .
وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى : بلوغ الجارية باستكمال سبع عشرة ، وبلوغ الغلام باستكمال ثماني عشرة سنة .
وأما الاحتلام فنعني به نزول المني سواء كان بالاحتلام أو بالجماع ، أو غيرهما ، فإذا وجدت ذلك بعد استكمال تسع سنين من أيهما كان حكم ببلوغه ، لقوله تعالى : ( وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ في الجزية حين بعثه إلى اليمن : " خذ من كل حالم دينارا " .
وأما الإنبات ، وهو نبات الشعر الخشن حول الفرج : فهو بلوغ في أولاد المشركين ، لما روي عن عطية القرظي قال : كنت من سبي قريظة ، فكانوا ينظرون فمن =أنبت الشعر قتل ، ومن لم ينبت لم يقتل ، فكنت ممن لم ينبت .
وهل يكون ذلك بلوغا في أولاد المسلمين؟ فيه قولان ، أحدهما : يكون بلوغا كما في أولاد الكفار ، والثاني : لا يكون بلوغا لأنه يمكن الوقوف على مواليد المسلمين بالرجوع إلى آبائهم ، وفي الكفار لا يوقف على مواليدهم ، ولا يقبل قول آبائهم فيه لكفرهم ، فجعل الإنبات الذي هو أمارة البلوغ بلوغا في حقهم .
وأما ما يختص بالنساء : فالحيض والحبل ، فإذا حاضت المرأة بعد استكمال تسع سنين يحكم ببلوغها ، وكذلك إذا ولدت يحكم ببلوغها قبل الوضع بستة أشهر لأنها أقل مدة الحمل .
وأما الرشد : فهو أن يكون مصلحا في دينه وماله ، فالصلاح في الدين هو أن يكون مجتنبا عن الفواحش والمعاصي التي تسقط العدالة ، والصلاح في المال هو أن لا يكون مبذرا ، والتبذير : هو أن ينفق ماله فيما لا يكون فيه محمدة دنيوية ولا مثوبة أخروية ، أو لا يحسن التصرف فيها ، فيغبن في البيوع فإذا بلغ الصبي وهو مفسد في دينه وغير مصلح لماله ، دام الحجر عليه ، ولا يدفع إليه ماله ولا ينفذ تصرفه .
وعند أبي حنيفة رضي الله عنه إذا كان مصلحا لماله زال الحجر عنه وإن كان مفسدا في دينه ، وإذا كان مفسدا لماله قال : لا يدفع إليه المال حتى يبلغ خمسا وعشرين سنة ، غير أن تصرفه يكون نافذا قبله .
والقرآن حجة لمن استدام الحجر عليه ، لأن الله تعالى قال : ( حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ) أمر بدفع المال إليهم بعد البلوغ وإيناس الرشد ، والفاسق لا يكون رشيدا وبعد بلوغه خمسا وعشرين سنة ، وهو مفسد لماله بالاتفاق غير رشيد ، فوجب أن لا يجوز دفع المال إليه كما قبل بلوغ هذا السن .
وإذا بلغ وأونس منه الرشد ، زال الحجر عنه ، ودفع إليه المال رجلا كان أو امرأة تزوج أو لم يتزوج .
وعند مالك رحمه الله تعالى : إن كانت امرأة لا يدفع المال إليها ما لم تتزوج ، فإذا تزوجت دفع إليها ، ولكن لا ينفذ تصرفها إلا بإذن الزوج ، ما لم تكبر وتجرب .
فإذا بلغ الصبي رشيدا وزال الحجر عنه ثم عاد سفيها ، نظر : فإن عاد مبذرا لماله حجر عليه ، وإن عاد مفسدا في دينه فعلى وجهين : أحدهما : يعاد الحجر عليه كما يستدام الحجر عليه إذا بلغ بهذه الصفة ، والثاني : لا يعاد لأن حكم الدوام أقوى من حكم الابتداء .
وعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى : لا حجر على الحر العاقل البالغ بحال ، والدليل على إثبات الحجر من اتفاق الصحابة رضي الله عنهم ما روي عن هشام بن عروة عن أبيه أن عبد الله بن جعفر ابتاع أرضا سبخة بستين ألف درهم ، فقال علي : لآتين عثمان فلأحجرن عليك فأتى ابن جعفر الزبير فأعلمه بذلك [ فقال الزبير : أنا شريكك في بيعتك ، فأتى علي عثمان وقال : احجر على هذا ] ، فقال الزبير : أنا شريكه ، فقال عثمان : كيف أحجر على رجل في بيع شريكه فيه الزبير ، فكان ذلك اتفاقا منهم على جواز الحجر حتى احتال الزبير في دفعه .
قوله تعالى : ( ولا تأكلوها ) يا معشر الأولياء ( إسرافا ) بغير حق ، ( وبدارا ) أي مبادرة ( أن يكبروا ) ( أن ) في محل النصب ، يعني : لا تبادروا كبرهم ورشدهم حذرا من أن يبلغوا فيلزمكم تسليمها إليهم ، ثم بين ما يحل لهم من مالهم فقال : ( ومن كان غنيا فليستعفف ) أي ليمتنع من مال اليتيم فلا يرزأه قليلا ولا كثيرا ، والعفة : الامتناع مما لا يحل ( ومن كان فقيرا ) محتاجا إلى مال اليتيم وهو يحفظه ويتعهده فليأكل بالمعروف .
أخبرنا محمد بن الحسن المروزي ، أخبرنا أبو سهل محمد بن عمر السجزي ، أخبرنا الإمام أبو سليمان الخطابي ، أخبرنا أبو بكر بن داسة التمار ، أخبرنا أبو داؤد السجستاني ، أخبرنا حميد بن مسعدة ، أن خالد بن الحارث حدثهم أخبرنا حسين يعني المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني فقير وليس لي شيء ولي يتيم؟ فقال : " كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مبادر ولا متأثل " .
واختلفوا في أنه هل يلزمه القضاء؟ فذهب بعضهم إلى أنه يقضي إذا أيسر ، وهو المراد من قوله ( فليأكل بالمعروف ) فالمعروف القرض ، أي : يستقرض من مال اليتيم إذا احتاج إليه ، فإذا أيسر قضاه ، وهو قول مجاهد وسعيد بن جبير ، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : إني أنزلت نفسي من مال الله تعالى بمنزلة مال اليتيم : إن استغنيت استعففت وإن افتقرت أكلت بالمعروف ، فإذا أيسرت قضيت .
وقال الشعبي : لا يأكله إلا أن يضطر إليه كما يضطر إلى الميتة .
وقال قوم : لا قضاء عليه .
ثم اختلفوا في كيفية هذا الأكل بالمعروف ، فقال عطاء وعكرمة : يأكل بأطراف أصابعه ، ولا يسرف ولا يكتسي منه ، ولا يلبس الكتان ولا الحلل ، ولكن ما سد الجوعة ووارى العورة .
وقال الحسن وجماعة : يأكل من ثمر نخيله ولبن مواشيه بالمعروف ولا قضاء عليه ، فأما الذهب والفضة فلا؛ فإن أخذ شيئا منه رده .
وقال الكلبي : المعروف ركوب الدابة وخدمة الخادم ، وليس له أن يأكل من ماله شيئا .
أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أخبرنا زاهر بن أحمد ، أنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنا أبو مصعب ، عن مالك ، عن يحيى بن سعيد ، أنه قال سمعت القاسم بن محمد يقول : جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن لي يتيما وإن له إبلا أفأشرب من لبن إبله؟ فقال : إن كنت تبغي ضالة إبله وتهنأ جرباها وتليط حوضها وتسقيها يوم وردها فاشرب غير مضر بنسل ولا ناهك في الحلب .
وقال بعضهم : والمعروف أن يأخذ من جميع ماله بقدر قيامه وأجرة عمله ، ولا قضاء عليه ، وهو قول عائشة وجماعة من أهل العلم .
قوله تعالى : ( فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم ) هذا أمر إرشاد ، ليس بواجب ، أمر الولي بالإشهاد على دفع المال إلى اليتيم بعدما بلغ لتزول عنه التهمة وتنقطع الخصومة ، ( وكفى بالله حسيبا ) محاسبا ومجازيا وشاهدا .

التفسير الوسيط : وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن


وقوله-تبارك وتعالى- وَابْتَلُوا من الابتلاء بمعنى الاختبار والامتحان.
والخطاب للأولياء والأوصياء وكل من له صلة باليتامى.
والمراد ببلوغ النكاح هنا: بلوغ الحلم المذكور في قوله-تبارك وتعالى-: وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا وقوله آنَسْتُمْ أى تبينتم وشاهدتم وأحسستم.
قال القرطبي: آنَسْتُمْ أى أبصرتم ورأيتم ومنه قوله-تبارك وتعالى-: فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً أى أبصر ورأى.
وتقول العرب: اذهب فاستأنس هل ترى أحدا.
معناه: تبصر.
وقيل: آنست وأحسست ووجدت بمعنى واحد .
والمعنى: عليكم أيها الأولياء والأوصياء أن تختبروا اليتامى، وذلك بتتبع أحوالهم في الاهتداء إلى ضبط الأمور، وحسن التصرف في الأموال وبتمرينهم على ما يليق بأحوالهم حتى لا يجيء وقت بلوغهم إلا وقد صار في قدرتهم أن يصرفوا أموالهم تصريفا حسنا.
فإن شاهدتم وأحسستم منهم رُشْداً أى صلاحا في عقولهم، وحفظا لأموالهم، فادفعوها إليهم من غير تأخير أو مماطلة.
وحَتَّى هنا للغاية، وهي داخلة على الجملة، فهي تبين نهاية الصغر، والجملة التي دخلت عليها ظرفية في معنى الشرط.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت: كيف نظم الكلام؟ قلت: ما بعد حَتَّى إلى قوله:فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ جعل غاية للابتلاء، وهي حَتَّى التي تقع بعدها الجمل.
والجملة الواقعة بعدها جملة شرطية، لأن إذا متضمنة معنى الشرط.
وفعل الشرط بَلَغُوا النِّكاحَ وقوله فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ جملة من شرط وجزاء واقعة جوابا للشرط الأول الذي هو إذا بلغوا النكاح.
فكأنه قيل: وابتلوا اليتامى إلى وقت بلوغهم، فاستحقاقهم دفع أموالهم إليهم بشرط إيناس الرشد منهم.
فإن قلت: فما معنى تنكير الرشد؟ قلت: معناه نوعا من الرشد وهو الرشد في التصرف والتجارة.
أو طرفا من الرشد ومخيلة من مخايله حتى لا ينتظر به تمام الرشد» .
ثم نهى- سبحانه - الأوصياء وغيرهم عن الطمع في شيء من مال اليتامى فقال-تبارك وتعالى-:وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا.
أى: ادفعوا أيها الأولياء والأوصياء إلى اليتامى أموالهم من غير تأخير عن حد البلوغ، ولا تأكلوها مسرفين في الأكل ومبادرين بالأخذ خشية أن يكبروا، بأن تفرطوا في إنفاقها وتقولوا: ننفقها كما تريد قبل أن يكبر اليتامى فينتزعوها من أيدينا.
والإسراف في الأصل- كما يقول الآلوسى- تجاوز الحد المباح إلى ما لم يبح.
وربما كان ذلك في الإفراط وربما كان في التقصير.
غير أنه إذا كان في الإفراط منه يقال: أسرف يسرف إسرافا.
وإذا كان في التقصير يقال: سرف يسرف سرفا».
وقوله بِداراً مفاعلة من البدر وهو العجلة إلى الشيء والمسارعة إليه.
وهما- أى قوله إِسْرافاً وَبِداراً منصوبان على الحال من الفاعل في قوله تَأْكُلُوها أى: ولا تأكلوها مسرفين ومبادرين كبرهم.
أو منصوبان على أنهما مفعول لأجله، أى ولا تأكلوها لإسرافكم ومبادرتكم كبرهم.
والمراد من هذه الجملة الكريمة بيان أشنع الأحوال التي تقع من الأوصياء أو الأولياء وهي أن يأكلوا أموال اليتامى بإسراف وتعجل مخافة أن يبلغ الأيتام رشدهم، فتؤخذ من أولئك الأوصياء تلك الأموال لترد إلى أصحابها وهم اليتامى بعد أن يبلغوا سن الرشد.
ثم بين- سبحانه - ما ينبغي على الوصي إن كان غنيا وما ينبغي له إن كان فقيرا فقال:وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ.
والاستعفاف عن الشيء تركه.
يقال: عف الرجل عن الشيء واستعف إذا أمسك عنه.
والعفة: الامتناع عما لا يحل.
أى: ومن كان من الأولياء أو الأوصياء على أموال اليتامى غنيا فليستعفف أى فليتنزه عن أكل مال اليتيم، وليقنع بما أعطاه الله من رزق وفير إشفاقا على مال اليتيم.
ومن كان فقيرا من هؤلاء الأوصياء فليأكل بالمعروف، بأن يأخذ من مال اليتيم على قدر حاجته الضرورية وأجر سعيه وخدمته له.
فقد روى أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنى فقير ليس لي شيء ولي يتيم.
قال فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مبادر ولا متأثل» .
أى غير مسرف في الأخذ، ولا مبادر أى متعجل، ولا جامع منه ما يتجاوز حاجتك.
ثم بين- سبحانه - ما ينبغي على الأوصياء عند انتهاء وصايتهم على اليتامى وعند دفع أموالهم إليهم فقال: فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً.
أى: فإذا أردتم أيها الأولياء أن تدفعوا إلى اليتامى أموالهم التي تحت أيديكم بعد البلوغ والرشد، فأشهدوا عليهم عند الدفع بأنهم قبضوها وبرئت عنها ذممكم، لأن هذا الإشهاد أبعد عن التهمة، وأنفى للخصومة، وأدخل في الأمانة وبراءة الساحة.
وقوله-تبارك وتعالى- وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً أى كفى بالله محاسبا لكم على أعمالكم وشاهدا عليكم في أقوالكم وأفعالكم، ومجازيا إياكم بما تستحقون من خير أو شر، لأنه- سبحانه - لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.
وإنكم إن أفلتم من حساب الناس في الدنيا فلن تفلتوا من حساب الله الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، فعليكم أن تتحروا الحلال في كل تصرفاتكم.
ففي هذا التذييل وعيد شديد لكل جاحد لحق غيره، ولكل معتد على أموال الناس وحقوقهم، ولا سيما اليتامى الذين فقدوا الناصر والمعين.
هذا، وقد أخذ العلماء من هذه الآية الكريمة جملة من الأحكام منها:1- أن على الأوصياء أن يختبروا اليتامى بتتبع أحوالهم في الاهتداء إلى ضبط الأموال وحسن التصرف فيها، وأن يمرونهم على ذلك بحسب ما يليق بأحوالهم.
ويرى جمهور العلماء أن هذا الاختبار يكون قبل البلوغ.
ويرى بعضهم أن هذا الاختبار يكون بعد البلوغ.
وقد قال القرطبي في بيان كيفية هذا الاختبار ما ملخصه: لا بأس في أن يدفع الولي إلى اليتيم شيئا من ماله يبيح له التصرف فيه، فإن نماه وحسن النظر فيه فقد وقع الاختبار، ووجب على الوصي تسليم جميع ماله إليه- أى بعد بلوغه- وإن أساء النظر وجب عليه إمساك المال عنه..وقال جماعة من الفقهاء: الصغير لا يخلو من أن يكون غلاما أو جارية، فإن كان غلاما رد النظر إليه في نفقة الدار شهرا، وأعطاه شيئا نزرا ليتصرف فيه ليعرف كيف تدبيره وتصرفه، وهو مع ذلك يراعيه لئلا يتلفه، فإذا رآه متوخيا الإصلاح سلم إليه ماله عند البلوغ وأشهد عليه.
وإن كان جارية رد إليها ما يرد إلى ربة البيت من تدبير بيتها والنظر فيه فإن رآها رشيدة سلم إليها مالها وأشهد عليها وإلا بقيا تحت الحجر» «1» .
وقد بنى الإمام أبو حنيفة على هذا الاختبار أن تصرفات الصبى العاقل المميز بإذن الولي صحيحة، لأن ذلك الاختبار إنما يحصل إذا أذن له الولي في البيع والشراء- مثلا- وهذا يقتضى صحة تصرفاته.
ويرى الإمام الشافعى أن الاختبار لا يقتضى الإذن في التصرف ولا يتوقف عليه، بل يكون الاختبار بدون التصرف على حسب ما يليق بحال الصبى فابن التاجر- مثلا- يختبر في البيع والشراء إلى حيث يتوقف الأمر على العقد وحينئذ يعقد الولي إن أراد.
2- كذلك أخذ العلماء من هذه الآية أن الأوصياء لا يدفعون أموال اليتامى إليهم إلا بتحقيق أمرين:أحدهما: بلوغ النكاح.
والثاني: إيناس الرشد.
والمراد ببلوغ النكاح بلوغ وقته وهو التزوج، وهو كناية عن الخروج من حالة الصبا للذكر والأنثى، بأن توجد المظاهر التي تدل على الرجولة في الغلام، والتي تدل على مبلغ بلوغ النساء في الفتاة، وذلك يكون بالاحتلام أو بالحيض بالنسبة للفتاة أو ببلوغ سن معينة قدرها بعضهم بخمس عشرة سنة بالنسبة للذكر والأنثى على السواء.
وقدرها أبو حنيفة بسبع عشرة سنة بالنسبة للفتاة، وبثماني عشرة سنة بالنسبة للفتى.
ومن بلاغة القرآن الكريم أنه عبر عن حالة البلوغ بقوله: حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ لأن هذا الوقت يختلف باختلاف البلاد في الحرارة والبرودة، وباختلاف أمزجة أهل البلد الواحد في القوة والضعف، والصحة والمرض.
والمراد بإيناس الرشد: أن يتبين الأولياء من اليتامى الصلاح في العقل والخلق والتصرف في الأموال.
ويرى جمهور العلماء أن اليتيم لا يدفع إليه ماله مهما بلغت سنه ما لم يؤنس منه الرشد لأن الله-تبارك وتعالى- يقول: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً.
ويقول: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ ومعنى ذلك أنه إذا لم يؤنس منهم الرشد لا تدفع إليهم أموالهم، بل يستمرون تحت ولاية الأولياء عليهم لأنهم لا يزالون سفهاء لم يتبين رشدهم.
وقد خالف الإمام أبو حنيفة جمهور الفقهاء فقال.
لا يدفع إلى اليتيم ماله إذا بلغ ولم يؤنس منه الرشد حتى يبلغ خمسا وعشرين سنة، فإذا بلغها عاقلا ولو غير رشيد فليس لأحد عليه سبيل، ويجب أن يدفع الوصي إليه ماله ولو كان فاسقا أو مبذرا.
قالوا: وإنما اختار أبو حنيفة هذه السن لأن مدة بلوغ الذكر عنده ثماني عشرة سنة، فإذا زيد عليها سبع سنين- وهي مدة معتبرة في تغير أحوال الإنسان- فعند ذلك يدفع إليه ماله أونس منه الرشد أو لم يؤنس، لأن اسم الرشد واقع على العقل في الجملة، والله-تبارك وتعالى- شرط رشدا منكرا ولم يشترط سائر ضروب الرشد، فاقتضى ظاهر الآية أنه لما حصل العقل فقد حصل ما هو الشرط المذكور في هذه الآية .
3- كذلك أخذ العلماء من هذه الآية الكريمة أن الوصي على اليتيم إذا كان غنيا فعليه أن يتحرى العفاف.
وألا يأخذ شيئا من مال اليتيم، لأن أخذه مع غناه يتنافى مع العفاف الذي يجب أن يتحلى به الأوصياء، ويعتبر من باب الطمع في مال اليتيم.
أما إذا كان الوصي فقيرا فقد أذن الله له أن يأكل من مال اليتيم بالمعروف أى بالقدر الذي تقتضيه حاجته الضرورية، ولا يستنكره الشرع ولا العقل.
وقد بسط الإمام الرازي القول في هذه المسألة فقال ما ملخصه: اختلف العلماء في أن الوصي هل له أن ينتفع بمال اليتيم أولا؟فمنهم من يرى أن للوصي أن يأخذ من مال اليتيم بقدر أجر عمله لأن قوله-تبارك وتعالى- وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً مشعر بأن له أن يأكل بقدر الحاجة.
ولأن قوله-تبارك وتعالى-إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً يدل على أن مال اليتيم قد يؤكل ظلما وغير ظلم، ولو لم يكن ذلك لم يكن لقوله إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً فائدة.
فهذا يدل على أن للوصي المحتاج أن يأكل من ماله بالمعروف.
ولأن الوصي لما تكفل بإصلاح مهمات الصبى وجب أن يتمكن من أن يأكل من ماله بقدر عمله قياسا على الساعى في أخذ الصدقات وجمعها فإنه يضرب له في تلك الصدقات بسهم فكذا هاهنا.
ومنهم من يرى أن له أن يأخذ بقدر ما يحتاج إليه من مال اليتيم قرضا، ثم إذا أيسر قضاه، وإن مات ولم يقدر على القضاء بأن كان معسرا فلا شيء عليه».
ويشهد لهذا الرأى قول عمر بن الخطاب- رضى الله عنه-: إنى أنزلت نفسي من هذا المال منزلة والى اليتيم.
إن استغنيت استعففت.
وإن احتجت استقرضت.
فإذا أيسرت قضيت».
4- كذلك من الأحكام التي أخذها العلماء من هذه الآية أن على الأوصياء عند ما يدفعون أموال اليتامى إليهم أن يشهدوا على دفعها، منعا للخصومات والمنازعات، وإبراء لذمة الأوصياء، ولكي يكون اليتامى على بينة من أمرهم.
وقد اختلف العلماء في أن الوصي إذا ادعى بعد بلوغ اليتيم أنه قد دفع إليه ماله هل يصدق؟ وكذلك إذا قال: أنفقت عليه في صغره هل يصدق؟أما الشافعية والمالكية والحنابلة فيرون أنه لا يصدق لأن الآية الكريمة تقول: فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وقوله فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ أمر.
وظاهر الأمر أنه للوجوب.
وليس معنى الوجوب هنا أنه يأثم إذا لم يشهد.
بل معناه أن الاشهاد لا بد منه في براءة ذمته بأن يدفع له ماله أمام رجلين أو رجل وامرأتين حتى إذا دفع المال ولم يشهد ثم طالبه اليتيم فحينئذ يكون القول ما قاله اليتيم بعد أن يقسم على أن الوصي لم يدفع إليه ماله.
ويرى الإمام أبو حنيفة أن الأمر في قوله- قوله- فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ للندب.
وأن الوصي إذا ادعى ذلك يصدق ويكتفى في تصديقه بيمينه لأنه أمين لم تعرف خيانته، إذ لو عرفت خيانته لعزل.
والأمين يصدق باليمين إذا كان هناك خلاف بينه وبين من ائتمنه.
ولأن قوله-تبارك وتعالى- بعد ذلك وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً يؤيد أن البينة ليست لازمة إذ معناه أنه لا شاهد أفضل من الله-تبارك وتعالى- فيما بينكم وبينهم.
ثم شرع- سبحانه - في بيان أحكام المواريث بعد أن بين الأحكام التي تتعلق بأموال اليتامى فساق- سبحانه - قاعدة عامة لأصل التوريث في الإسلام هي أن الرجال لا يختصون بالميراث، بل للنساء معهم حظ مقسوم، ونصيب مفروض، سواء أكان الشيء الموروث قليلا أم كثيرا فقال تعالى:

تفسير ابن كثير : شرح الآية 6 من سورة النساء


وقوله تعالى : ( وابتلوا اليتامى ) قال ابن عباس ، ومجاهد ، والحسن ، والسدي ، ومقاتل بن حيان : أي اختبروهم ( حتى إذا بلغوا النكاح ) قال مجاهد : يعني : الحلم . قال الجمهور من العلماء : البلوغ في الغلام تارة يكون بالحلم ، وهو أن يرى في منامه ما ينزل به الماء الدافق الذي يكون منه الولد . وقد روى أبو داود في سننه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، قال : حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يتم بعد احتلام ولا صمات يوم إلى الليل " .وفي الحديث الآخر عن عائشة وغيرها من الصحابة ، رضي الله عنهم ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " رفع القلم عن ثلاثة : عن الصبي حتى يحتلم ، وعن النائم حتى يستيقظ ، وعن المجنون حتى يفيق " أو يستكمل خمس عشرة سنة ، وأخذوا ذلك من الحديث الثابت في الصحيحين عن عبد الله بن عمر قال : عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة ، فلم يجزني ، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني ، فقال أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز - لما بلغه هذا الحديث - إن هذا الفرق بين الصغير والكبير .واختلفوا في إنبات الشعر الخشن حول الفرج ، وهو الشعرة ، هل تدل على بلوغ أم لا ؟ على ثلاثة أقوال ، يفرق في الثالث بين صبيان المسلمين ، فلا يدل على ذلك لاحتمال المعالجة ، وبين صبيان أهل الذمة فيكون بلوغا في حقهم ; لأنه لا يتعجل بها إلا ضرب الجزية عليه ، فلا يعالجها . والصحيح أنها بلوغ في حق الجميع لأن هذا أمر جبلي يستوي فيه الناس ، واحتمال المعالجة بعيد ، ثم قد دلت السنة على ذلك في الحديث الذي رواه الإمام أحمد ، عن عطية القرظي ، رضي الله عنه قال : عرضنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قريظة فكان من أنبت قتل ، ومن لم ينبت خلي سبيله ، فكنت فيمن لم ينبت ، فخلى سبيلي .وقد أخرجه أهل السنن الأربعة بنحوه وقال الترمذي : حسن صحيح . وإنما كان كذلك; لأن سعد بن معاذ ، رضي الله عنه ، كان قد حكم فيهم بقتل المقاتلة وسبي الذرية .وقال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب " الغريب " : حدثنا ابن علية ، عن إسماعيل بن أمية ، عن محمد بن يحيى بن حيان ، عن عمر : أن غلاما ابتهر جارية في شعره ، فقال عمر ، رضي الله عنه : انظروا إليه . فلم يوجد أنبت ، فدرأ عنه الحد . قال أبو عبيد : ابتهرها : أي قذفها ، والابتهار أن يقول : فعلت بها وهو كاذب فإن كان صادقا فهو الابتيار ، قال الكميت في شعره .قبيح بمثلي نعت الفتاة إما ابتهارا وإما ابتياراوقوله : ( فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ) قال سعيد بن جبير : يعني : صلاحا في دينهم وحفظا لأموالهم . وكذا روي عن ابن عباس ، والحسن البصري ، وغير واحد من الأئمة . وهكذا قال الفقهاء متى بلغ الغلام مصلحا لدينه وماله ، انفك الحجر عنه ، فيسلم إليه ماله الذي تحت يد وليه بطريقه .وقوله : ( ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ) ينهى تعالى عن أكل أموال اليتامى من غير حاجة ضرورية إسرافا ومبادرة قبل بلوغهم .ثم قال تعالى : ( ومن كان غنيا فليستعفف ) [ أي ] من كان في غنية عن مال اليتيم فليستعفف عنه ، ولا يأكل منه شيئا . قال الشعبي : هو عليه كالميتة والدم .( ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف ) قال ابن أبي حاتم : حدثنا الأشج ، حدثنا عبد الله بن سليمان ، حدثنا هشام ، عن أبيه ، عن عائشة : ( ومن كان غنيا فليستعفف ) نزلت في مال اليتيم .وحدثنا الأشج وهارون بن إسحاق قالا حدثنا عبدة بن سليمان ، عن هشام ، عن أبيه ، عن . . ، قالت : نزلت في والي اليتيم الذي يقوم عليه ويصلحه إذا كان محتاجا أن يأكل منه .وحدثنا أبي ، حدثنا محمد بن سعيد الأصبهاني ، حدثنا علي بن مسهر ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : أنزلت هذه الآية في والي اليتيم ( ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف ) بقدر قيامه عليه .ورواه البخاري عن إسحاق عن عبد الله بن نمير ، عن هشام ، به .قال الفقهاء : له أن يأكل أقل الأمرين : أجرة مثله أو قدر حاجته . واختلفوا : هل يرد إذا أيسر ، على قولين : أحدهما : لا; لأنه أكل بأجرة عمله وكان فقيرا . وهذا هو الصحيح عند أصحاب الشافعي; لأن الآية أباحت الأكل من غير بدل . وقد قال الإمام أحمد :حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا حسين ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده : أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ليس لي مال ، ولي يتيم ؟ فقال : " كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مبذر ولا متأثل مالا ومن غير أن تقي مالك - أو قال : تفدي مالك - بماله " شك حسين .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو خالد الأحمر ، حدثنا حسين المكتب ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن عندي يتيما عنده مال - وليس عنده شيء ما - آكل من ماله ؟ قال : " بالمعروف غير مسرف " .ورواه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه من حديث حسين المعلم به .وروى أبو حاتم ابن حبان في صحيحه ، وابن مردويه في تفسيره من حديث يعلى بن مهدي ، عن جعفر بن سليمان ، عن أبي عامر الخزاز ، عن عمرو بن دينار ، عن جابر : أن رجلا قال : يا رسول الله ، فيم أضرب يتيمي ؟ قال : ما كنت ضاربا منه ولدك ، غير واق مالك بماله ، ولا متأثل منه مالا .وقال ابن جرير : حدثنا الحسن بن يحيى ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا الثوري ، عن يحيى بن سعيد ، عن القاسم بن محمد قال : جاء أعرابي إلى ابن عباس فقال : إن في حجري أيتاما ، وإن لهم إبلا ولي إبل ، وأنا أمنح في إبلي وأفقر ، فماذا يحل لي من ألبانها ؟ فقال : إن كنت تبغي ضالتها وتهنأ جرباها ، وتلوط حوضها ، وتسقي عليها ، فاشرب غير مضر بنسل ، ولا ناهك في الحلب .ورواه مالك في موطئه ، عن يحيى بن سعيد به .وبهذا القول - وهو عدم أداء البدل - يقول عطاء بن أبي رباح ، وعكرمة ، وإبراهيم النخعي ، وعطية العوفي ، والحسن البصري .والثاني : نعم; لأن مال اليتيم على الحظر ، وإنما أبيح للحاجة ، فيرد بدله كأكل مال الغير للمضطر عند الحاجة . وقد قال أبو بكر ابن أبي الدنيا : حدثنا ابن خيثمة ، حدثنا وكيع ، عن سفيان وإسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن حارثة بن مضرب قال : قال عمر [ بن الخطاب ] رضي الله عنه : إنى أنزلت نفسي من هذا المال بمنزلة والي اليتيم ، إن استغنيت استعففت ، وإن احتجت استقرضت ، فإذا أيسرت قضيت .طريق أخرى : قال سعيد بن منصور : حدثنا أبو الأحوص ، عن أبي إسحاق ، عن البراء قال : قال لي عمر ، رضي الله عنه : إني أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة والي اليتيم ، إن احتجت أخذت منه ، فإذا أيسرت رددته ، وإن استغنيت استعففت .إسناد صحيح وروى البيهقي عن ابن عباس نحو ذلك . وهكذا رواه ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ( ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف ) يعني : القرض . قال : وروي عن عبيدة ، وأبي العالية ، وأبي وائل ، وسعيد بن جبير - في إحدى الروايات - ومجاهد ، والضحاك ، والسدي نحو ذلك . وروي من طريق السدي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله : ( فليأكل بالمعروف ) قال : يأكل بثلاث أصابع .ثم قال : حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا ابن مهدي ، حدثنا سفيان ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس : ( ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف ) قال : يأكل من ماله ، يقوت على يتيمه حتى لا يحتاج إلى مال اليتيم . قال : وروي عن مجاهد وميمون بن مهران في إحدى الروايات والحكم نحو ذلك .وقال عامر الشعبي : لا يأكل منه إلا أن يضطر إليه ، كما يضطر إلى [ أكل ] الميتة ، فإن أكل منه قضاه . رواه ابن أبي حاتم .وقال ابن وهب : حدثني نافع بن أبي نعيم القارئ قال : سألت يحيى بن سعيد الأنصاري وربيعة عن قول الله : ( فليأكل بالمعروف ) فقالا ذلك في اليتيم ، إن كان فقيرا أنفق عليه بقدر فقره ، ولم يكن للولي منه شيء .وهذا بعيد من السياق; لأنه قال : ( ومن كان غنيا فليستعفف ) يعني : من الأولياء ( ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف ) أي : منهم ( فليأكل بالمعروف ) أي : بالتي هي أحسن ، كما قال في الآية الأخرى : ( ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده ) [ الإسراء : 34 ] أي : لا تقربوه إلا مصلحين له ، وإن احتجتم إليه أكلتم منه بالمعروف .وقوله : ( فإذا دفعتم إليهم أموالهم ) يعني : بعد بلوغهم الحلم وإيناس الرشد [ منهم ] فحينئذ سلموهم أموالهم ، فإذا دفعتم إليهم أموالهم ( فأشهدوا عليهم ) وهذا أمر الله تعالى للأولياء أن يشهدوا على الأيتام إذا بلغوا الحلم وسلموا إليهم أموالهم; لئلا يقع من بعضهم جحود وإنكار لما قبضه وتسلمه .ثم قال : ( وكفى بالله حسيبا ) أي : وكفى بالله محاسبا وشهيدا ورقيبا على الأولياء في حال نظرهم للأيتام ، وحال تسليمهم للأموال : هل هي كاملة موفرة ، أو منقوصة مبخوسة مدخلة مروج حسابها مدلس أمورها ؟ الله عالم بذلك كله . ولهذا ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يا أبا ذر ، إني أراك ضعيفا ، وإني أحب لك ما أحب لنفسي ، لا تأمرن على اثنين ، ولا تلين مال يتيم " .

تفسير الطبري : معنى الآية 6 من سورة النساء


القول في تأويل قوله جل ثناؤه : وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَقال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " وابتلوا اليتامى "، واختبروا عقول يتاماكم في أفهامهم، وصلاحهم في أديانهم، وإصلاحهم أموالهم، كما:-8571 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة والحسن في قوله: " وابتلوا اليتامى "، قالا يقول: اختبروا اليتامى.
8572 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: أما " ابتلوا اليتامى "، فجرِّبوا عقولهم.
8573 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " وابتلوا اليتامى "، قال: عقولهم.
8574 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبدالله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " وابتلوا اليتامى "، قال: اختبروهم.
8575 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح "، قال: اختبروه في رأيه وفي عقله كيف هو.
إذا عُرِف أنه قد أُنِس منه رُشد، دفع ليه ماله.
قال: وذلك بعد الاحتلام.
* * *قال أبو جعفر: وقد دللنا فيما مضى قبل على أن معنى " الابتلاء " الاختبار، بما فيه الكفاية عن إعادته.
(116)* * *وأمّا قوله: " إذا بلغوا النكاح "، فإنه يعني: إذا بلغوا الحلم: كما:-8576 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " حتى إذا بلغوا النكاح "، حتى إذا احتلموا.
8577 - حدثني علي بن داود قال، حدثنا عبدالله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: " حتى إذا بلغوا النكاح "، قال: عند الحلم.
8578 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " حتى إذا بلغوا النكاح "، قال: الحلم.
* * *القول في تأويل قوله : فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًاقال أبو جعفر: يعني قوله: " فإن آنستم منهم رُشدًا "، فإن وجدتم منهم وعرفتم، كما:-8579 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: " فإن آنستم منهم رشدًا "، قال: عرفتم منهم.
* * *يقال: "آنست من فلان خيرًا- وبِرًا "= (117) بمد الألف=" إيناسًا "، و " أنست به آنَسُ أُنْسًا "، بقصر ألفها، إذا ألِفه.
* * *وقد ذكر أنها في قراءة عبدالله: ( فإن أحسيتم منهم رشدا )، (118) بمعنى: أحسستم، أي: وجدتم.
* * *واختلف أهل التأويل في معنى: " الرشد " الذي ذكره الله في هذه الآية.
(119)فقال بعضهم: معنى " الرشد " في هذا الموضع، العقل والصلاح في الدين.
* ذكر من قال ذلك:8580 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " فإن آنستم منهم رشدًا "، عقولا وصلاحًا.
8581 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " فإن آنستم منهم رشدًا "، يقول: صلاحًا في عقله ودينه.
* * *وقال آخرون: معنى ذلك: صلاحًا في دينهم، وإصلاحًا لأموالهم.
* ذكر من قال ذلك:8582 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثني أبي، عن مبارك، عن الحسن قال: رشدًا في الدين، وصلاحًا، وحفظًا للمال.
8583 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: " فإن آنستم منهم رشدًا "، في حالهم، والإصلاحَ في أموالهم.
* * *وقال آخرون: بل ذلك العقلُ، خاصة.
* ذكر من قال ذلك:8584 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد قال: لا ندفع إلى اليتيم ماله وإن أخذ بلحيته، (120) وإن كان شيخًا، حتى يؤنس منه رشده، العقل.
8585 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد: "آنستم منهم رشدًا "، قال: العقل.
8586 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا أبو شبرمة، عن الشعبي قال: سمعته يقول: إن الرجل ليأخُذُ بلحيته وما بلغ رُشده.
(121)* * *وقال آخرون: بل هو الصلاح والعلم بما يصلحه.
* ذكر من قال ذلك:8587 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج: " فإن آنستم منهم رشدًا "، قال: صلاحًا وعلمًا بما يصلحه.
* * *قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال عندي بمعنى " الرشد " في هذا الموضع، العقل وإصلاح المال (122) = لإجماع الجميع على أنه إذا كان كذلك، لم يكن ممن يستحق الحجرَ عليه في ماله، وحَوْزَ ما في يده عنه، وإن كان فاجرًا في دينه.
وإذْ كان ذلك إجماعًا من الجميع، فكذلك حكمه إذا بلغ وله مال في يَدي وصيِّ أبيه، أو في يد حاكم قد وَلي ماله لطفولته= واجبٌ عليه تسليم ماله إليه، إذا كان عاقلا بالغًا، مصلحًا لماله= غير مفسد، لأن المعنى الذي به يستحق أن يولَّى على ماله الذي هو في يده، هو المعنى الذي به يستحق أن يمنع يده من ماله الذي هو في يد وليّ، (123) فإنه لا فرق بين ذلك.
وفي إجماعهم على أنه غير جائز حيازة ما في يده في حال صحة عقله وإصلاح ما في يده، الدليلُ الواضح على أنه غير جائز منْع يده مما هو له في مثل ذلك الحال، وإن كان قبل ذلك في يد غيره، لا فرْق بينهما.
ومن فرَّق بين ذلك، عُكِس عليه القول في ذلك، وسئل الفرق بينهما من أصل أو نظير، فلن يقول في أحدهما قولا إلا ألزم في الآخر مثله.
فإذ كان ما وصفنا من الجميع إجماعًا، (124) فبيُّنٌ أن " الرشد " الذي به يستحق اليتيم، إذا بلغ فأونس منه، دَفْعَ ماله إليه، ما قلنا من صحة عقله وإصلاح ماله.
* * *القول في تأويل قوله جل ثناؤه : فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًاقال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره ولاةَ أموال اليتامى.
يقول الله لهم: فإذا بلغ أيتامكم الحلم، فآنستم منهم عقلا وإصلاحًا لأموالهم، فادفعوا إليهم أموالهم، ولا تحبسوها عنهم.
* * *وأما قوله: " فلا تأكلوها إسرافًا "، يعني: بغير ما أباحه الله لك، (125) كما:-8588 - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة والحسن: " ولا تأكلوها إسرافًا "، يقول: لا تسرف فيها.
8589 - حدثنا محمد بن الحسين قال، (126) حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " ولا تأكلوها إسرافًا "، قال: يسرف في الأكل.
وأصل " الإسراف ": تجاوز الحد المباح إلى ما لم يُبَحْ.
وربما كان ذلك في الإفراط، وربما كان في التقصير.
غير أنه إذا كان في الإفراط، فاللغة المستعملة فيه أن يقال: " أسْرف يُسرف إسرافًا "= وإذا كان كذلك في التقصير، فالكلام منه: " سَرِف يَسْرَفُ سَرَفًا "، يقال: " مررت بكم فسَرَفْتكم "، يراد منه: فسهوت عنكم وأخطأتكم، كما قال الشاعر: (127)أَعْطَوْا هُنَيْدَةَ يَحْدُوهَا ثَمَانِيَةٌمَا فِي عَطَائِهِمُ مَنٌّ وَلا سَرَفُ (128)يعني بقوله: " ولا سرف "، لا خطأ فيه، يراد به: أنهم يصيبون مواضع العطاء فلا يخطئونها.
* * *القول في تأويل قوله : وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُواقال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " وبدارًا "، ومبادرة.
وهو مصدر من قول القائل: " بادرت هذا الأمر مبادرة وبِدارًا ".
* * *وإنما يعني بذلك جل ثناؤه ولاةَ أموال اليتامى.
يقول لهم: لا تأكلوا أموالهم إسرافًا -يعني ما أباح الله لكم أكله- ولا مبادرة منكم بلوغَهم وإيناسَ الرشد منهم، حذرًا أن يبلغوا فيلزمكم تسليمه إليهم، كما:-8590 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " إسرافًا وبدارًا "، يعني: أكل مال اليتيم مبادرًا أن يبلغ، فيحول بينه وبين ماله.
8591 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة والحسن: " ولا تأكلوها إسرافًا وبدارًا "، يقول: لا تسرف فيها ولا تبادره.
(129)8592 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " وبدارًا "، تبادرًا أن يكبروا فيأخذوا أموالهم.
8593 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " إسرافًا وبدارًا "، قال: هذه لولي اليتيم يأكله، جعلوا له أن يأكل معه، إذا لم يجد شيئًا يضع يده معه، فيذهب يؤخره، يقول: " لا أدفع إليه ماله "، وجعلتَ تأكله تشتهي أكله، لأنك إذا لم تدفعه إليه لك فيه نصيب، وإذا دفعته إليه فليس لك فيه نصيب.
(130)* * *وموضع " أن " في قوله: " أن يكبروا " نصبٌ ب" المبادرة "، لأن معنى الكلام: لا تأكلوها مبادرة كِبرهم.
(131)* * *القول في تأويل قوله : وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِقال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: " ومن كان غنيًّا "، من ولاة أموال اليتامى على أموالهم، فليستعفف بماله عن أكلها -بغير الإسراف والبدار أن يكبروا- بما أباح الله له أكلها به، كما:-8594 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش =وابن أبي ليلى، عن الحكم= عن مقسم، عن ابن عباس في قوله: " ومن كان غنيًّا فليستعفف "، قال: بغناه من ماله، (132) حتى يستغنى عن مال اليتيم.
8595 - وبه قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم في قوله: " ومن كان غنيًّا فليستعفف " بغناه.
8596 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن ليث، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس في قوله: " ومن كان غنيًا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، قال: من مال نفسه، ومن كان فقيرًا منهم، إليها محتاجًا، فليأكل بالمعروف.
* * *قال أبو جعفر: ثم اختلف أهل التأويل في" المعروف " الذي أذن الله جل ثناؤه لولاة أموالهم أكلها به، إذا كانوا أهل فقر وحاجة إليها.
(133)فقال بعضهم: ذلك هو القرضُ يستقرضه من ماله ثم يقضيه.
* ذكر من قال ذلك:8597 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن سفيان وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مُضَرِّب قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إنّي أنزلت مالَ الله تعالى مني بمنزلة مال اليتيم، إن استغنيت استعففت، وإن افتقرت أكلت بالمعروف، فإذا أيسرت قضيت.
(134)8598 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن عطية، عن زهير، عن العلاء بن المسيب، عن حماد، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: " ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، قال: وهو القرض.
8599 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر قال، سمعت يونس، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة السلماني، أنه قال في هذه الآية: " ومن كان غنيًا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، قال: الذي ينفق من مال اليتيم، يكون عليه قرضًا.
8600 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا سلمة بن علقمة، عن محمد بن سيرين قال، سألت عبيدة عن قوله: " ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، قال: إنما هو قرض، ألا ترى أنه قال: فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ ؟ قال: فظننت أنه قالها برأيه.
8601 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا هشام، عن محمد، عن عبيدة في قوله: " ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، وهو عليه قرض.
8602 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم، عن سلمة بن علقمة، عن ابن سيرين، عن عبيدة في قوله: " ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، قال: المعروف القرض، ألا ترى إلى قوله: فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ ؟ (135)8603 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، حدثنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن عبيدة= مثل حديث هشام.
(136)8604 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: " ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، يعني القرض.
8605 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: " ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، يقول: إن كان غنيًّا، فلا يحل له من مال اليتيم أن يأكل منه شيئًا، وإن كان فقيرًا فليستقرض منه، فإذا وجد مَيْسرة فليعطه ما استقرض منه، فذلك أكله بالمعروف.
8606 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، سمعت أبي يذكر، عن حماد، عن سعيد بن جبير قال: يأكل قرضًا بالمعروف.
(137)8607 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا حجاج، عن سعيد بن جبير قال: هو القرض، ما أصاب منه من شيء قضاه إذا أيسر= يعني قوله: " ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف ".
8608 - حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن هشام الدستوائي قال، حدثنا حماد قال، سألت سعيد بن جبير عن هذه الآية: " ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، قال: إن أخذ من ماله قدر قوته قرضًا، فإن أيسر بعدُ قضاه، وإن حضره الموت ولم يوسر، تحلَّله من اليتيم.
وإن كان صغيرًا تحلله من وليه.
(138)8609 - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا شعبة، عن حماد، عن سعيد بن جبير: فليأكل قرضًا.
(139)8610 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن حماد، عن سعيد بن جبير: " ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، قال: هو القرض.
8611 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عمرو بن أبي قيس، عن عطاء بن السائب، عن الشعبي: " ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، قال: لا يأكله إلا أن يضطر إليه كما يضطر إلى الميتة، فإن أكل منه شيئًا قضاه.
8612 - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا شعبة، عن عبدالله بن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " فليأكل بالمعروف "، قال: قرضًا.
8613 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن عبدالله بن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
8614 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " فليأكل بالمعروف "، قال: سَلفًا من مال يتيمه.
8615 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد= وعن حماد، عن سعيد بن جبير=" فليأكل بالمعروف "، قالا هو القرض= قال الثوري: وقاله الحكم أيضًا، ألا ترى أنه قال: فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ ؟8616 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، حدثنا حجاج، عن مجاهد قال:هو القرض، ما أصاب منه من شيء قضاه إذا أيسر= يعني: " ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف ".
8617 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: " فليأكل بالمعروف "، قال: القرض، ألا ترى إلى قوله: فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ؟8618 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن عاصم، عن أبي وائل قال: قرضًا.
8619 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن الحكم، عن سعيد بن جبير قال: إذا احتاج الوليُّ أو افتقر فلم يجد شيئًا، أكل من مال اليتيم وكَتَبه، فإن أيسر قضاه، وإن لم يوسر حتى تحضره الوفاة، دعا اليتيمَ فاستحلَّ منه ما أكل.
8620 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، من مال اليتيم، بغير إسراف ولا قضاءَ عليه فيما أكل منه.
* * *واختلف قائلو هذا القول في معنى: " أكل ذلك بالمعروف ".
فقال بعضهم: أن يأكل من طعامه بأطراف الأصابع، ولا يلبس منه.
* ذكر من قال ذلك:8621 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان، عن السدي قال، أخبرني من سمع ابن عباس يقول: " ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، قال: بأطراف أصابعه.
8622 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عبيد الله الأشجعي، عن سفيان، عن السدي، عمن سمع ابن عباس يقول، فذكر مثله.
(140)8623 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، يقول: " فمن كان غنيًا " مَنْ وَلِيَ مال اليتيم، فليستعفف عن أكله (141) =" ومن كان فقيرًا "، مَنْ وَلِيَ مال اليتيم، فليأكل معه بأصابعه، لا يسرف في الأكل، ولا يلبس.
8624 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا حرمي بن عمارة قال، حدثنا شعبة، عن عمارة، عن عكرمة في مال اليتيم: يدُك مع أيديهم، ولا تتخذ منه قَلَنْسُوة.
8625 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء وعكرمة قالا تضع يدك مع يده.
* * *وقال آخرون: بل " المعروف " في ذلك: أن يأكل ما يسدُّ جوعه، ويلبس ما وارَى العورة.
* ذكر من قال ذلك:8626 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم قال: إن المعروف ليس بِلبس الكتَّان ولا الحُلَل، ولكن ما سدَّ الجوع ووارى العورة.
8627 - حدثنا بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: كان يقال: ليس المعروف بلبس الكتان والحلل، ولكن المعروفَ ما سد الجوع ووارى العورة.
8628 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن مغيرة، عن إبراهيم نحوه.
8629 - حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا الوليد بن مسلم قال، حدثنا أبو معبد قال: سئل مكحول عن وَالي اليتيم، ما أكله بالمعروف إذا كان فقيرًا؟ قال: يده مع يده.
قيل له: فالكسوة؟ قال: يلبس من ثيابه، فأما أن يتخذ من ماله مالا لنفسه فلا.
8630 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا الأشجعي، عن سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم في قوله: " فليأكل بالمعروف "، قال: ما سد الجوع ووارى العورة.
أما إنه ليس لَبُوس الكتان والحلل.
(142)* * *وقال آخرون: بل ذلك " المعروف "، أكل تمْره، وشرب رِسْل ماشيته، (143) بقيامه على ذلك، فأما الذهب والفضة، فليس له أخذ شيء منهما إلا على وجه القرض.
* ذكر من قال ذلك:8631 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن القاسم بن محمد قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: إن في حجري أموالَ أيتام؟ وهو يستأذنه أن يصيب منها، فقال ابن عباس: ألست تبغي ضالتها؟ (144) قال: بلى! قال: ألست تهنأ جَرْباها؟ (145) قال: بلى! قال: ألست تَلُطُّ حياضها؟ (146) قال: بلى! قال: ألست تَفْرِط عليها يوم وِرْدها؟ (147) قال: بلى! قال: فأصِبْ من رسلها= يعني: من لبنها.
8632 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد قال: جاء أعرابي إلى ابن عباس فقال: إن في حجري أيتامًا، وإن لهم إبلا ولي إبل، وأنا أمنح في إبلي وأفقر، (148) فماذا يحلّ لي من ألبانها؟ قال: إن كنت تبغي ضالتها، وتهنأ جرباها، وتلوط حوضها، (149) وتسقى عليها، (150) فاشرب غير مُضرّ بنسل، (151) ولا ناهكٍ في الحلب.
(152)8633 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود، عن أبي العالية في هذه الآية: " ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، قال: من فَضل الرِّسل والتمرة.
(153)8634 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا داود، عن أبي العالية في والي مال اليتيم قال: يأكل من رسل الماشية ومن التمرة لقيامه عليه، ولا يأكل من المال.
وقال: ألا ترى أنه قال: فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ؟8635 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال سمعت داود، عن رُفيع أبي العالية قال: رُخّص لولي اليتيم أن يصيب من الرِّسل ويأكل من التمرة، وأما الذهب والفضة فلا بد أن تردّ.
ثم قرأ: فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ، ألا ترى أنه قال: " لا بد من أن يدفع "؟ (154)8636 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا عوف، عن الحسن أنه قال: إنما كانت أموالهم إذْ ذاك النخل والماشية، (155) فرخّص لهم إذا كان أحدهم محتاجًا أن يصيب من الرِّسْل.
8637 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا إسماعيل بن سالم، عن الشعبي في قوله: " ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، قال: إذا كان فقيرًا أكل من التمر، (156) وشرب من اللبن، وأصاب من الرسل.
8638 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، ذكر لنا أن عَمَّ ثابت بن رفاعة =وثابت يومئذ يتيمٌ في حجره= من الأنصار، أتى نبيّ الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله، إن ابن أخي يتيمٌ في حجري، فما يحلُّ لي من ماله؟ قال: أن تأكل بالمعروف، من غير أن تقي مالك بماله، ولا تتخذ من ماله وَفْرًا.
(157) وكان اليتيم يكون له الحائط من النخل، (158) فيقوم وليه على صلاحه وَسقيه، فيصيب من تمرته، (159) أو تكون له الماشية، فيقوم وليه على صلاحها، أو يلي علاجها ومؤونتها، فيصيب من جُزَازها وَعوارضها ورِسْلها.
(160) فأما رقاب المال وأصول المال، (161) فليس له أن يستهلكه.
(162)8639 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد ابن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: " ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، يعني ركوب الدابة وخدمة الخادم.
فإن أخذ من ماله قرضًا في غنى، فعليه أن يؤديه، وليس له أن يأكل من ماله شيئا.
* * *وقال آخرون منهم: له أن يأكل من جميع المال، إذا كان يلي ذلك، وإن أتى على المال، ولا قضاء عليه.
* ذكر من قال ذلك:8640 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا إسماعيل بن صبيح، عن أبي أوَيس، عن يحيى بن سعيد وربيعة جميعًا، عن القاسم بن محمد قال: سئل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عما يصلُح لوليّ اليتيم قال: إن كان غنيًّا فليستعفف، وإن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف.
(163)8641 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرنا يحيى بن أيوب، عن محمد بن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن أبيه: أن عمر بن الخطاب كان يقول: يحل لوليِّ الأمر ما يحلّ لولي اليتيم: " من كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف ".
8642 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا الفضل بن عطية، عن عطاء بن أبي رباح في قوله: " ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، قال: إذا احتاج فليأكل بالمعروف، فإن أيسر بعد ذلك فلا قضاء عليه.
8643 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن البصري قالا ذكر الله تبارك وتعالى مال اليتامى فقال: " ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، ومعروفُ ذلك: أن يتقي الله في يتيمه.
8644 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن إبراهيم: أنه كان لا يرى قضاءً على وليّ اليتيم إذا أكل وهو محتاجٌ.
8645 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن مغيرة، عن حماد، عن إبراهيم: " فليأكل بالمعروف "، في الوصي، قال: لا قضاء عليه.
8646 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن منصور، عن إبراهيم أنه قال في هذه الآية: " ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، قال: إذا عمل فيه وليُّ اليتيم أكل بالمعروف.
8647 - حدثنا بشر بن محمد قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: كان الحسن يقول: إذا احتاج أكل بالمعروف من المال طُعْمَةً من الله له.
(164)8648 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن الحسن البصري قال: قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن في حجري يتيمًا، أفأضربه؟ قال: فيما كنت ضاربًا منه ولدك؟ قال: أفأصيب من ماله؟ قال: بالمعروف، غير متأثِّل مالا ولا واقٍ مالك بماله.
(165)8649 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن ابن أبي نجيح، عن الزبير بن موسى، عن الحسن البصري، مثله.
(166)8650 - حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن عطاء أنه قال: يضع يده مع أيديهم فيأكل معهم، كقَدْر خدمته وقَدْرِ عمله.
8651 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: والي اليتيم، إذا كان محتاجًا، يأكل بالمعروف لقيامه بماله.
8652 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، وسألته عن قول الله تبارك وتعالى: " ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، قال: إن استغنى كفَّ، وإن كان فقيرًا أكل بالمعروف.
قال: أكل بيده معهم، لِقيامه على أموالهم، وحفظه إياها، يأكل مما يأكلون منه.
وإن استغنى كفَّ عنه ولم يأكل منه شيئًا.
* * *قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: " المعروف " الذي عناه الله تبارك وتعالى في قوله: " ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، أكل مال اليتيم عند الضرورة والحاجة إليه، على وجه الاستقراض منه= فأما على غير ذلك الوجه، فغير جائز له أكله.
(167)وذلك أن الجميع مجمعون على أن والي اليتيم لا يملك من مال يتيمه إلا القيام بمصلحته.
فلما كان إجماعًا منهم أنه غير مالكه، (168) وكان غيرَ جائز لأحد أن يستهلك مال أحد غيره، يتيمًا كان ربُّ المال أو مدركًا رشيدًا= وكان عليه إن تعدَّى فاستهلكه بأكل أو غيره، ضمانه لمن استهلكه عليه، بإجماع من الجميع= وكان والي اليتيم سبيلُه سبيل غيره في أنه لا يملك مال يتيمه = (169) كان كذلك حكمه فيما يلزمه من قضائه إذا أكل منه، سبيلُه سبيلُ غيره، وإن فارقه في أنّ له الاستقراضَ منه عند الحاجة إليه، كما له الاستقراض عليه عند حاجته إلى ما يستقرض عليه، إذا كان قيِّمًا بما فيه مصلحته.
* * *ولا معنى لقول من قال: " إنما عنى بالمعروف في هذا الموضع، أكل والي اليتيم من مال اليتيم، لقيامه عليه على وجه الاعتياض على عَمله وسعيه ".
لأنّ لوالي اليتيم أن يؤاجر نفسه منه للقيام بأموره، إذا كان اليتيم محتاجًا إلى ذلك بأجرة معلومة، كما يستأجر له غيره من الأجَراء، وكما يشتري له مَن يعينه، (170) غنيًّا كان الوالي أو فقيرًا.
وإذ كان ذلك كذلك= وكان الله تعالى ذكره قد دل بقوله: " ومن كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "، على أن أكل مال اليتيم إنما أذن لمن أذن له من وُلاته في حال الفقر والحاجة= وكانت الحالُ التي للولاة أن يُؤجروا أنفسهم من الأيتام مع حاجة الأيتام إلى الأجراء، غير مخصوص بها حال غِنًى ولا حال فقر = (171) كان معلومًا أن المعنى الذي أبيح لهم من أموال أيتامهم في كل أحوالهم، غير المعنى الذي أبيح لهم ذلك فيه في حال دون حال.
ومن أبى ما قلنا، ممن زعم أن لولي اليتيم أكل مال يتيمه عند حاجته إليه على غير وجه القرض، استدلالا بهذه الآية= قيل له: أمجمَعٌ على أن الذي قلت تأويل قوله: " ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف "؟فإن قال: لا!قيل له: فما برهانك على أن ذلك تأويله، وقد علمت أنه غيرُ مالك مالَ يتيمه؟فإن قال: لأن الله أذن له بأكله!قيل له: أذن له بأكله مطلقًا أم بشرط؟ (172)فإن قال: بشرطٍ، وهو أن يأكله بالمعروف.
قيل له: وما ذلك " المعروف "؟ وقد علمت القائلين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الخالفين أن ذلك هو أكله قرضًا وسلَفًا؟ويقال لهم أيضًا مع ذلك: أرأيت المولَّى عليهم في أموالهم من المجانين والمعاتيه، ألولاة أموالهم أن يأكلوا من أموالهم عند حاجتهم إليه على غير وجه القرض لا الاعتياض من قيامهم بها، كما قلتم ذلك في أموال اليتامى فأبحتموها لهم؟ فإن قالوا: ذلك لهم= خرجوا من قول جميع الحجة.
وإن قالوا: ليس ذلك لهم.
قيل لهم: فما الفرق بين أموالهم وأموال اليتامى، وحكمُ ولاتهم واحدٌ: في أنهم ولاة أموال غيرهم؟فلن يقولوا في أحدهما شيئًا إلا ألزموا في الآخر مثله.
(173)ويُسألون كذلك عن المحجور عليه: هل لمن يلي ماله أن يأكل ماله عند حاجته إليه؟ نحو سؤالِنَاهُمْ عن أموال المجانين والمعاتيه.
* * *القول في تأويل قوله عز وجل : فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْقال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وإذا دفعتم، يا معشرَ ولاة أموال اليتامى، إلى اليتامى أموالهم=" فأشهدوا عليهم "، يقول: فأشهدوا على الأيتام باستيفائهم ذلك منكم، ودفعكموه إليهم، كما:-8653 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم "، يقول: إذا دفع إلى اليتيم ماله، فليدفعه إليه بالشهود، كما أمره الله تعالى.
* * *القول في تأويل قوله : وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (6)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وكفى بالله كافيًا من الشهود الذين يشهدهم والي اليتيم على دفعه مال يتيمه إليه، كما:-8654 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " وكفى بالله حسيبًا "، يقول: شهيدًا.
* * *يقال منه: " قد أحسبني الذي عندي"، يراد به: كفاني.
وسمع من العرب: " لأحْسِبَنَّكم من الأسودين "= يعني به: من الماء والتمر (174) =" والمُحْسِب " من الرجال: المرتفع الحسب،" والمُحْسَب "، المكفِيُّ.
(175)* * *---------------الهوامش :(116) انظر تفسير"الابتلاء" فيما سلف 2: 49 / 3: 7 ، 220 / 5: 339 / 7: 297 ، 325 ، 454.
(117) في المطبوعة: "آنست من فلان خيرًا وقرئ بمد الألف" ، لم يحسن قراءة"وبرًا" في المخطوطة ، فأفسد الكلام إفسادًا.
(118) في معاني القرآن للفراء 1: 257: "فإن أحستم" بسين واحدة ساكنة ، وفي بعض نسخه كما في تفسير الطبري ، أما في المخطوطة فقد كتب في الموضعين: "أحسستم" بسينين ، وهو خطأ ، والصواب ما في المطبوعة ، وما في معاني القرآن للفراء.
(119) انظر تفسير"الرشد" فيما سلف 3: 482 / 5: 416.
(120) قوله: "أخذ بلحيته" يعني: الشيب أخذ بلحيته ، وانظر الأثر التالي: 8586.
(121) الأثر: 8586-"أبو شبرمة" كنية"ابن شبرمة" ، وهو القاضي الفقيه المفتي"عبد الله بن شبرمة بن حسان الضبي".
وكان عفيفًا حازمًا عاقلا فقيها ، يشبه النساك ، ثقة في الحديث ، شاعرًا ، حسن الخلق ، جوادا.
.
هكذا وصفوه رحمه الله.
(122) انظر التعليق السالف ص: 576 ، تعليق: 1 ، في مراجع تفسير"الرشد".
(123) في المخطوطة والمطبوعة: "في يد ولي" ، والصواب حذف هذه الهاء ، فإنه مفسدة للكلام ولو قرئت: "في يد وليه" لكانت جيدة.
(124) في المطبوعة: "فإن كان ما وصفنا" ، والصواب من المخطوطة.
(125) في المطبوعة: "أباحه الله لكم" بالجمع ، وأثبت ما في المخطوطة.
وانظر تفسير "أكل المال" فيما سلف 3: 548- 551 / 7: 528.
(126) الأثر: 8589-"محمد بن الحسين بن موسى بن أبي حنين الكوفي" ، مضت ترجمته برقم: 7120 ، وكان في المخطوطة والمطبوعة: "محمد بن الحسن" ، وهو خطأ ، فهذا إسناد دائر في التفسير.
(127) هو جرير.
(128) ديوانه: 389 ، وطبقات فحول الشعراء: 359 ، والاشتقاق: 241 ، واللسان (هند) (سرف) ، وغيرها ، وسيأتي في التفسير 8: 46 / 30: 159 (بولاق) ، من قصيدته التي مدح بها يزيد بن عبد الملك ، وهجا آل المهلب ، يقول ليزيد ، قبله:أرْجُو الفَوَاضِلَ إِنَّ الله فَضَّلَكُمْيَا قَبْل نَفْسِكَ لاقَى نَفْسِيَ التَّلَفُمَا مَنْ جَفَانَا إذَا حَاجَاتُنَا نَزَلَتْكَمنْ لَنَا عِنْدَه التكْرِيمُ واللَّطَفُكَمْ قَد نَزَلْتُ بِكُمْ ضَيْفًا، فَتُلْحِفُنِيفَضْلَ اللِّحَافِ، وَنِعْمَ الفَضْلُ يُلْتَحَفُوقوله: "هنيدة" اسم لكل مئة من الإبل ، لا تصرف ، ولا تدخلها الألف واللام ، ولا تجمع ، ولا واحد لها من جنسها.
و"هند" مثلها في المعنى ، وبه سميت المرأة فيما أرجح ، تساق في مهرها مئة من الإبل ، من كرامتها وعزها ورغبة الأزواج فيها لشرفها.
وقوله: "ثمانية" أي ثمانية من العبيد يقومون بأمرها.
(129) في المطبوعة: "ولا تبادر" بغير هاء في آخره ، وأثبت ما في المخطوطة.
(130) كانت هذه الجملة في المخطوطة هكذا فاسدة الكتابة غير منقوطة: "هذه لولى اليتيم يأكله جعلوا له أن يأكل معه إذا لم يجد سببا يضع معه يده ، فذهب دوحره يقول لا أدفع إليه ماله وجعلت تأكله لسهى أكله ، لأنك لم تدفعه إليه.
.
.
" ، وهي فاسدة.
أما المطبوعة فقد صححها وكتب: "هذه لولي اليتيم خاصة وجعل له" ، وأساء فيما قرأ وفيما كتب.
ثم كتب"فيذهب بوجهه" مكان"يؤخره" ، وقد أساء.
ثم زاد"إن" في قوله: "لأنك لم تدفعه إليه"فجعلها""لأنك إن لم تدفعه إليه" ، وقد أصاب ، ولكني آثرت"إذا".
(131) انظر معاني القرآن للفراء 1: 257.
(132) في المطبوعة والمخطوطة: "لغناه عن ماله" ، والصواب بالباء.
(133) انظر تفسير"المعروف" فيما سلف ص: 573 تعليق: 2 ، والمراجع هناك.
(134) الأثر: 8597-"حارثة بن مضرب الكوفي" ، روى عن عمر ، وعلي ، وروى عنه أبو إسحاق السبيعي.
مترجم في التهذيب ، والكبير 2 / 1 / 87 ، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 255.
وكان في المخطوطة والمطبوعة: "حارثة بن مصرف" ، وهو خطأ وتصحيف.
(135) الأثر: 8602-"سلمة بن علقمة التميمي" ، روى عن محمد بن سيرين.
ثقة.
مترجم في التهذيب.
وكان في المخطوطة والمطبوعة: "سلمة عن علقمة" ، وهو خطأ ، وانظر الإسناد السالف رقم: 8600 ، جاء على الصواب.
(136) يعني رقم: 8601.
(137) الأثر: 8606-"ابن إدريس" هو"عبد الله بن إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي" شيخ أبي كريب ، مضى مرارًا.
وكان في المطبوعة والمخطوطة"أبو إدريس" ، وهو خطأ.
و"أبوه" هو"إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي" ، روى عن أبيه ، وأبي إسحاق السبيعي ، وسماك بن حرب وغيرهم.
مترجم في التهذيب.
وكان في المخطوطة"سمعت أبي بكر" ، والصواب ما في المطبوعة.
(138) في المخطوطة: "حلله من وليه" ، ولعلها"حلله منه وليه" ، والذي في المطبوعة موافق للسياق.
(139) في المخطوطة: "فلا يأكل قرضًا" ، وهو خطأ ، والصواب ما في المطبوعة.
(140) الأثر: 8622-"عبيد الله الأشجعي" هو"عبيد الله بن عبيد الرحمن الأشجعي".
قال ابن معين: "ما كان بالكوفة أعلم بسيفان الثوري من الأشجعي".
وهو ثقة مأمون.
مترجم في التهذيب.
وكان في المطبوعة: "عبد الله الأشجعي" ، وهو خطأ.
(141) في المطبوعة: "فليستعفف عن ماله" ، وأثبت الصواب من المخطوطة.
(142) الأثر: 8630-"الأشجعي" ، هو"عبيد الله بن عبيد الرحمن الأشجعي" ، مضى قريبًا في التعليق على الأثر رقم: 8622.
(143) "الرسل" (بكسر الراء وسكون السين): اللبن.
(144) "بغى الضالة بغاء وبغية وبغاية" (كلها بضم الباء): نشدها وطلبها.
(145) هنأ البعير الأجرب يهنؤه ، إذا طلاه بالهناء (بكسر الهاء) ، وهو القطران ، يعالج به من الجرب.
(146) "لط الحوض يلطه لطًا": ألصقه بالطين حتى يسد خلله ، قال ابن الأثير: "كذا جاء في الموطأ" انظر الموطأ: 934 ، ويشير به إلى الرواية الأخرى"تلوط" ، كما ستأتي في الأثر التالي.
وكان في المطبوعة هنا"تليط".
، وهي صواب أيضًا ، جاء في رواية حديث أشراط الساعة: "ولتقومن وهو يليط حوضه ، " أي يطينه أيضًا.
ولكنها لم تجيء في المخطوطة ولا في مكان غيره أعرفه.
(147) "فرط يفرط فرطًا": إذ سبق الواردة الإبل إلى الماء ، فهيأ لها الأرسان والدلاء ، وملأ الحياض واستقى لهم.
و"يوم الورد" بكسر الراء ، وهو يومها الذي ترد فيه الماء.
وكان في المطبوعة: "يوم ورودها" ، وهي صحيحة المعنى ، والذي في المخطوطة هو محض الصواب.
(148) "منح الشاة والناقة يمنحها منحًا": أعارها من لا ناقة له ، يأخذ من لبنها ويرعى عليها.
ثم يردها عليه.
و"أفقرت فلانًا بعيرًا" إذا أعرته بعيرًا يركب ظهره في سفره ثم يرده إليك ، وهو من"فقار" الظهر ، أي ما انتضد من عظام الصلب من لدن الكاهل إلى العجب.
(149) "لاطه الحوض يلوطه لوطًا": طلاه بالطين وملسه.
انظر التعليق السالف ص: 588 ، رقم: 5.
(150) في المخطوطة: "وتسعى عليها" وهو خطأ ، ورواية الموطأ: "وتسقيها يوم وردها".
(151) "نهكت الناقة حلبًا أنهكها" ، إذا بالغت في حلبها ونقصها ، فلم يبق في ضرعها لبن.
و"الحلب" (بفتح الحاء واللام) و"الحلب" (بسكون اللام) و"الحلاب" مصدر"حلب الشاء والإبل والبقر يحلبها": إذا استخرج ما في ضرعها من اللبن.
(152) الأثران: 8631 ، 8632- رواه مالك في الموطأ من طريق"يحيى بن سعيد ، عن القاسم بن محمد" كرواية الأثر الثاني هنا ، مع اختلاف في بعض اللفظ ، وأبو جعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ: 93 ، ونسبه السيوطي في الدر المنثور 1: 122 ، إلى مالك ، وسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والنحاس في ناسخه.
(153) في المطبوعة: "والثمرة" بالثاء المثلثة ، وأثبت ما في المخطوطة هنا ، وستأتي بالمثلثة في المخطوطة في الآثار التالية ، ولكن صوابها"بالتاء" ، وانظر حجتنا في ذلك في الأثر رقم: 8636.
(154) الأثر -8635-"رفيع بن مهران الرياحي" ، "أبو العالية" مضى برقم: 44 ، 184 ومواضع غيرها ، وكان في المخطوطة والمطبوعة هنا"رفيع عن أبي العالية" بزيادة"عن" وهو خطأ محض.
(155) في المطبوعة: "أدخال النخل والماشية" ، وفي المخطوطة: "ادحال" ، ولم أجد لشيء من ذلك معنى ، مع تقليبها على أكثر وجوه التصحيف ، ثم هديت إلى أن أرجح أن يكون صوابها ما أثبت ، وكأن الناسخ رأي"ذال": "ذاك" متصلة بألفها فظنها"حاء" ، فكتب"الكاف" المتطرفة "لامًا" والذي أثبته هو حاق السياق إن شاء الله.
(156) في المطبوعة: "من الثمر" بالثاء المثلثة ، وأثبت ما في المخطوطة ، وانظر التعليق السالف ص: 589 ، رقم: 6.
(157) "وفر ماله وفرًا": حاطه حتى يكثر ويصير وافرًا ، يعني: أن يتأثل مالا لنفسه ويجمعه من مال يتيمه.
(158) "الحائط" البستان من النخل ، إذا كان عليه حائط ، وهو الجدار ، فإذا لم يحيط فهو"ضاحية".
(159) في المطبوعة: "ثمرته" ، والصواب من المخطوطة ، وانظر ص589 تعليق: 6 والتعليق السالف: 3.
(160) الجزاز والجزازة (بضم الجيم) والجزز (بفتحتين) والجزة (بكسر الجيم وتشديد الزاي) ، وجمعها جزز (بكسر ففتح): هو ما يجزه من صوف الشاة وغيرها.
ورواية اللسان والفائق للزمخشري"جززها" جمع"جزة".
"والعوارض" جمع عارضة ، وهي الشاة أو البعير تصيبه آفة أو كسر أو داء فيذبحونها ، ومن هجائهم: "بنو فلان لا يأكلون إلا العوارض" ، أي: لا ينحرون الإبل إلا من داء يصيبها.
"والرسل" اللبن.
(161) "رقاب المال" يعني من الأنعام ، و"أصول المال" يعني من النخيل.
(162) الأثر: 8638- ذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة ، في ترجمة"ثابت بن رفاعة" ، ولم ينسبه لابن جرير ، ونسبه لابن مندة ، وابن فتحون ، من طريق عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة ، وقال: "هذا مرسل ، رجاله ثقات".
(163) الأثر: 8640-"إسماعيل بن صبيح اليشكري" مضى برقم: 2996.
و"أبو أويس" هو: "عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي" ، ابن عم مالك وصهره على أخته ، قال ابن معين: "صدوق ، وليس بحجة".
وقال أبو حاتم: "يكتب حديثه ، ولا يحتج به ، وليس بالقوي".
مترجم في التهذيب.
وكان في المطبوعة: "عن أبي إدريس" ، وهو خطأ ، صوابه من المخطوطة.
(164) "طعمة" (بضم فسكون): رزق ومأكلة ، يقال: "جعل السلطان ناحية كذا طعمة لفلان" أي: مأكلة يأكل منها كما يأكل من كسبه.
(165) "تأثل مالا": اتخذ أصل مال يجمعه ويثبته ويخزنه.
(166) الأثر: 8649-"الزبير بن موسى بن ميناء المكي" ، روى عن جابر ، وسعيد بن جبير ، وعمرو بن دينار ، وعمر بن عبد العزيز ، وغيرهم.
روى عنه ابن جريج ، والثوري ، وابن أبي نجيح.
مترجم في التهذيب.
وأخشى أن يكون: "أخبرنا الثوري وابن أبي نجيح".
(167) في المخطوطة"له أكلها" ، وهو من سهو الناسخ.
(168) في المخطوطة: "إجماعًا منه" ، وهو أيضًا من سهو الناسخ.
(169) السياق: "فلما كان إجماعًا منهم.
.
.
كان كذلك حكمه.
.
.
" وما بينهما عطف وفصل.
(170) في المطبوعة: "وكما يشتري له من نصيبه" ، ولا معنى لذلك ، وهي في المخطوطة غير بينة ، واجتهدت قراءتها كما أثبتها ، أي يشتري له رقيقًا يعينه.
(171) السياق: "وإذ كان ذلك كذلك.
.
.
كان معلومًا.
.
.
" ، وما بينهما عطف وفصل.
(172) في المخطوطة: " أذن له بأكله مطلقًا بشرط بشرط" ، وهو سهو ناسخ ، والصواب ما في المطبوعة.
(173) في المطبوعة والمخطوطة: "فلن يقولوا في أحدهم" ، وهو خطأ ، صوابه ما أثبت.
(174) قيل في شرح هذه الكلمة: "أي: لأوسعن عليكم" ، وهو بمعنى الكفاية.
(175) وانظر تفسير"حسبه" فيما سلف 4: 244 / 7: 405.

وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا

سورة : النساء - الأية : ( 6 )  - الجزء : ( 4 )  -  الصفحة: ( 77 ) - عدد الأيات : ( 176 )

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمي الصلاة ومما رزقناهم ينفقون
  2. تفسير: إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب
  3. تفسير: يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من
  4. تفسير: كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين
  5. تفسير: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون
  6. تفسير: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو
  7. تفسير: لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون
  8. تفسير: وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون
  9. تفسير: وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين
  10. تفسير: وأنـزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون

تحميل سورة النساء mp3 :

سورة النساء mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة النساء

سورة النساء بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة النساء بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة النساء بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة النساء بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة النساء بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة النساء بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة النساء بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة النساء بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة النساء بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة النساء بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

معروف , الله , حسيب , رشد ,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب