﴿ وَابْتَلُوا الْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ۖ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُوا ۚ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ ۖ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا﴾
[ النساء: 6]

سورة : النساء - An-Nisa  - الجزء : ( 4 )  -  الصفحة: ( 77 )

And try orphans (as regards their intelligence) until they reach the age of marriage; if then you find sound judgement in them, release their property to them, but consume it not wastefully, and hastily fearing that they should grow up, and whoever amongst guardians is rich, he should take no wages, but if he is poor, let him have for himself what is just and reasonable (according to his work). And when you release their property to them, take witness in their presence; and Allah is All-Sufficient in taking account.


ابْتلوا اليتامى : اختبروهم في الإهتداء لِحُسن التّصرّف في أموالهم قبل البلوغ
آنسْتُم : علِمتم و تبيّنتم
رُشدا : اهتداءً لِحُسن التّصرف في الأموال
بدارًا أن يكبَروا : مُبادرين كبرَهم و رُشدهم
فليستعفف : فليكفّ عن أكل أموالهم
حسيبًا : مُحاسبا لكم أو شهيدا

واختبروا مَن تحت أيديكم من اليتامى لمعرفة قدرتهم على حسن التصرف في أموالهم، حتى إذا وصلوا إلى سن البلوغ، وعَلمتم منهم صلاحًا في دينهم، وقدرة على حفظ أموالهم، فسلِّموها لهم، ولا تعتدوا عليها بإنفاقها في غير موضعها إسرافًا ومبادرة لأكلها قبل أن يأخذوها منكم. ومَن كان صاحب مال منكم فليستعفف بغناه، ولا يأخذ من مال اليتيم شيئًا، ومن كان فقيرًا فليأخذ بقدر حاجته عند الضرورة. فإذا علمتم أنهم قادرون على حفظ أموالهم بعد بلوغهم الحُلُم وسلمتموها إليهم، فأَشْهِدوا عليهم؛ ضمانًا لوصول حقهم كاملا إليهم؛ لئلا ينكروا ذلك. ويكفيكم أن الله شاهد عليكم، ومحاسب لكم على ما فعلتم.

وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم - تفسير السعدي

الابتلاء: هو الاختبار والامتحان، وذلك بأن يدفع لليتيم المقارب للرشد، الممكن رشده، شيئا من ماله، ويتصرف فيه التصرف اللائق بحاله، فيتبين بذلك رشده من سفهه، فإن استمر غير محسن للتصرف لم يدفع إليه ماله، بل هو باق على سفهه، ولو بلغ عمرا كثيرا.
فإن تبين رشده وصلاحه في ماله وبلغ النكاح { فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ } كاملة موفرة.
{ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا }- أي: مجاوزة للحد الحلال الذي أباحه الله لكم من أموالكم، إلى الحرام الذي حرمه الله عليكم من أموالهم.
{ وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا }- أي: ولا تأكلوها في حال صغرهم التي لا يمكنهم فيها أخذها منكم، ولا منعكم من أكلها، تبادرون بذلك أن يكبروا، فيأخذوها منكم ويمنعوكم منها.
وهذا من الأمور الواقعة من كثير من الأولياء، الذين ليس عندهم خوف من الله، ولا رحمة ومحبة للمولى عليهم، يرون هذه الحال حال فرصة فيغتنمونها ويتعجلون ما حرم الله عليهم، فنهى الله تعالى عن هذه الحالة بخصوصها.

تفسير الآية 6 - سورة النساء

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن : الآية رقم 6 من سورة النساء

 سورة النساء الآية رقم 6

وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم - مكتوبة

الآية 6 من سورة النساء بالرسم العثماني


﴿ وَٱبۡتَلُواْ ٱلۡيَتَٰمَىٰ حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغُواْ ٱلنِّكَاحَ فَإِنۡ ءَانَسۡتُم مِّنۡهُمۡ رُشۡدٗا فَٱدۡفَعُوٓاْ إِلَيۡهِمۡ أَمۡوَٰلَهُمۡۖ وَلَا تَأۡكُلُوهَآ إِسۡرَافٗا وَبِدَارًا أَن يَكۡبَرُواْۚ وَمَن كَانَ غَنِيّٗا فَلۡيَسۡتَعۡفِفۡۖ وَمَن كَانَ فَقِيرٗا فَلۡيَأۡكُلۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ فَإِذَا دَفَعۡتُمۡ إِلَيۡهِمۡ أَمۡوَٰلَهُمۡ فَأَشۡهِدُواْ عَلَيۡهِمۡۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيبٗا  ﴾ [ النساء: 6]


﴿ وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا ﴾ [ النساء: 6]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة النساء An-Nisa الآية رقم 6 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 6 من النساء صوت mp3


تدبر الآية: وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم

إذا كان بلوغُ سنِّ النكاح مَظِنَّةَ الرُّشد والتدبير، فإن على المربِّي الناجح مراعاةَ تأهيل الجيل في هذا العمر لإدارة شؤونهم.
حسن التصرُّف في المال مِعيارٌ يميَّز به الرشيدُ العاقل، من السَّفيه الجاهل.
المال أمانةٌ عظيمة، فإذا استُودِعَ الإنسان مالَ يتيمٍ أو سفيهٍ فليُحسن تصرُّفه فيه، فلا يمنع حقًّا منه، ولا ينفقه فيما لا يُرضي اللهَ تعالى.

وقوله-تبارك وتعالى- وَابْتَلُوا من الابتلاء بمعنى الاختبار والامتحان.
والخطاب للأولياء والأوصياء وكل من له صلة باليتامى.
والمراد ببلوغ النكاح هنا: بلوغ الحلم المذكور في قوله-تبارك وتعالى-: وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا وقوله آنَسْتُمْ أى تبينتم وشاهدتم وأحسستم.
قال القرطبي: آنَسْتُمْ أى أبصرتم ورأيتم ومنه قوله-تبارك وتعالى-: فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً أى أبصر ورأى.
وتقول العرب: اذهب فاستأنس هل ترى أحدا.
معناه: تبصر.
وقيل: آنست وأحسست ووجدت بمعنى واحد .
والمعنى: عليكم أيها الأولياء والأوصياء أن تختبروا اليتامى، وذلك بتتبع أحوالهم في الاهتداء إلى ضبط الأمور، وحسن التصرف في الأموال وبتمرينهم على ما يليق بأحوالهم حتى لا يجيء وقت بلوغهم إلا وقد صار في قدرتهم أن يصرفوا أموالهم تصريفا حسنا.
فإن شاهدتم وأحسستم منهم رُشْداً أى صلاحا في عقولهم، وحفظا لأموالهم، فادفعوها إليهم من غير تأخير أو مماطلة.
وحَتَّى هنا للغاية، وهي داخلة على الجملة، فهي تبين نهاية الصغر، والجملة التي دخلت عليها ظرفية في معنى الشرط.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت: كيف نظم الكلام؟ قلت: ما بعد حَتَّى إلى قوله:فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ جعل غاية للابتلاء، وهي حَتَّى التي تقع بعدها الجمل.
والجملة الواقعة بعدها جملة شرطية، لأن إذا متضمنة معنى الشرط.
وفعل الشرط بَلَغُوا النِّكاحَ وقوله فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ جملة من شرط وجزاء واقعة جوابا للشرط الأول الذي هو إذا بلغوا النكاح.
فكأنه قيل: وابتلوا اليتامى إلى وقت بلوغهم، فاستحقاقهم دفع أموالهم إليهم بشرط إيناس الرشد منهم.
فإن قلت: فما معنى تنكير الرشد؟ قلت: معناه نوعا من الرشد وهو الرشد في التصرف والتجارة.
أو طرفا من الرشد ومخيلة من مخايله حتى لا ينتظر به تمام الرشد» .
ثم نهى- سبحانه - الأوصياء وغيرهم عن الطمع في شيء من مال اليتامى فقال-تبارك وتعالى-:وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا.
أى: ادفعوا أيها الأولياء والأوصياء إلى اليتامى أموالهم من غير تأخير عن حد البلوغ، ولا تأكلوها مسرفين في الأكل ومبادرين بالأخذ خشية أن يكبروا، بأن تفرطوا في إنفاقها وتقولوا: ننفقها كما تريد قبل أن يكبر اليتامى فينتزعوها من أيدينا.
والإسراف في الأصل- كما يقول الآلوسى- تجاوز الحد المباح إلى ما لم يبح.
وربما كان ذلك في الإفراط وربما كان في التقصير.
غير أنه إذا كان في الإفراط منه يقال: أسرف يسرف إسرافا.
وإذا كان في التقصير يقال: سرف يسرف سرفا».
وقوله بِداراً مفاعلة من البدر وهو العجلة إلى الشيء والمسارعة إليه.
وهما- أى قوله إِسْرافاً وَبِداراً منصوبان على الحال من الفاعل في قوله تَأْكُلُوها أى: ولا تأكلوها مسرفين ومبادرين كبرهم.
أو منصوبان على أنهما مفعول لأجله، أى ولا تأكلوها لإسرافكم ومبادرتكم كبرهم.
والمراد من هذه الجملة الكريمة بيان أشنع الأحوال التي تقع من الأوصياء أو الأولياء وهي أن يأكلوا أموال اليتامى بإسراف وتعجل مخافة أن يبلغ الأيتام رشدهم، فتؤخذ من أولئك الأوصياء تلك الأموال لترد إلى أصحابها وهم اليتامى بعد أن يبلغوا سن الرشد.
ثم بين- سبحانه - ما ينبغي على الوصي إن كان غنيا وما ينبغي له إن كان فقيرا فقال:وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ.
والاستعفاف عن الشيء تركه.
يقال: عف الرجل عن الشيء واستعف إذا أمسك عنه.
والعفة: الامتناع عما لا يحل.
أى: ومن كان من الأولياء أو الأوصياء على أموال اليتامى غنيا فليستعفف أى فليتنزه عن أكل مال اليتيم، وليقنع بما أعطاه الله من رزق وفير إشفاقا على مال اليتيم.
ومن كان فقيرا من هؤلاء الأوصياء فليأكل بالمعروف، بأن يأخذ من مال اليتيم على قدر حاجته الضرورية وأجر سعيه وخدمته له.
فقد روى أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنى فقير ليس لي شيء ولي يتيم.
قال فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مبادر ولا متأثل» .
أى غير مسرف في الأخذ، ولا مبادر أى متعجل، ولا جامع منه ما يتجاوز حاجتك.
ثم بين- سبحانه - ما ينبغي على الأوصياء عند انتهاء وصايتهم على اليتامى وعند دفع أموالهم إليهم فقال: فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً.
أى: فإذا أردتم أيها الأولياء أن تدفعوا إلى اليتامى أموالهم التي تحت أيديكم بعد البلوغ والرشد، فأشهدوا عليهم عند الدفع بأنهم قبضوها وبرئت عنها ذممكم، لأن هذا الإشهاد أبعد عن التهمة، وأنفى للخصومة، وأدخل في الأمانة وبراءة الساحة.
وقوله-تبارك وتعالى- وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً أى كفى بالله محاسبا لكم على أعمالكم وشاهدا عليكم في أقوالكم وأفعالكم، ومجازيا إياكم بما تستحقون من خير أو شر، لأنه- سبحانه - لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.
وإنكم إن أفلتم من حساب الناس في الدنيا فلن تفلتوا من حساب الله الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، فعليكم أن تتحروا الحلال في كل تصرفاتكم.
ففي هذا التذييل وعيد شديد لكل جاحد لحق غيره، ولكل معتد على أموال الناس وحقوقهم، ولا سيما اليتامى الذين فقدوا الناصر والمعين.
هذا، وقد أخذ العلماء من هذه الآية الكريمة جملة من الأحكام منها:1- أن على الأوصياء أن يختبروا اليتامى بتتبع أحوالهم في الاهتداء إلى ضبط الأموال وحسن التصرف فيها، وأن يمرونهم على ذلك بحسب ما يليق بأحوالهم.
ويرى جمهور العلماء أن هذا الاختبار يكون قبل البلوغ.
ويرى بعضهم أن هذا الاختبار يكون بعد البلوغ.
وقد قال القرطبي في بيان كيفية هذا الاختبار ما ملخصه: لا بأس في أن يدفع الولي إلى اليتيم شيئا من ماله يبيح له التصرف فيه، فإن نماه وحسن النظر فيه فقد وقع الاختبار، ووجب على الوصي تسليم جميع ماله إليه- أى بعد بلوغه- وإن أساء النظر وجب عليه إمساك المال عنه..وقال جماعة من الفقهاء: الصغير لا يخلو من أن يكون غلاما أو جارية، فإن كان غلاما رد النظر إليه في نفقة الدار شهرا، وأعطاه شيئا نزرا ليتصرف فيه ليعرف كيف تدبيره وتصرفه، وهو مع ذلك يراعيه لئلا يتلفه، فإذا رآه متوخيا الإصلاح سلم إليه ماله عند البلوغ وأشهد عليه.
وإن كان جارية رد إليها ما يرد إلى ربة البيت من تدبير بيتها والنظر فيه فإن رآها رشيدة سلم إليها مالها وأشهد عليها وإلا بقيا تحت الحجر» «1» .
وقد بنى الإمام أبو حنيفة على هذا الاختبار أن تصرفات الصبى العاقل المميز بإذن الولي صحيحة، لأن ذلك الاختبار إنما يحصل إذا أذن له الولي في البيع والشراء- مثلا- وهذا يقتضى صحة تصرفاته.
ويرى الإمام الشافعى أن الاختبار لا يقتضى الإذن في التصرف ولا يتوقف عليه، بل يكون الاختبار بدون التصرف على حسب ما يليق بحال الصبى فابن التاجر- مثلا- يختبر في البيع والشراء إلى حيث يتوقف الأمر على العقد وحينئذ يعقد الولي إن أراد.
2- كذلك أخذ العلماء من هذه الآية أن الأوصياء لا يدفعون أموال اليتامى إليهم إلا بتحقيق أمرين:أحدهما: بلوغ النكاح.
والثاني: إيناس الرشد.
والمراد ببلوغ النكاح بلوغ وقته وهو التزوج، وهو كناية عن الخروج من حالة الصبا للذكر والأنثى، بأن توجد المظاهر التي تدل على الرجولة في الغلام، والتي تدل على مبلغ بلوغ النساء في الفتاة، وذلك يكون بالاحتلام أو بالحيض بالنسبة للفتاة أو ببلوغ سن معينة قدرها بعضهم بخمس عشرة سنة بالنسبة للذكر والأنثى على السواء.
وقدرها أبو حنيفة بسبع عشرة سنة بالنسبة للفتاة، وبثماني عشرة سنة بالنسبة للفتى.
ومن بلاغة القرآن الكريم أنه عبر عن حالة البلوغ بقوله: حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ لأن هذا الوقت يختلف باختلاف البلاد في الحرارة والبرودة، وباختلاف أمزجة أهل البلد الواحد في القوة والضعف، والصحة والمرض.
والمراد بإيناس الرشد: أن يتبين الأولياء من اليتامى الصلاح في العقل والخلق والتصرف في الأموال.
ويرى جمهور العلماء أن اليتيم لا يدفع إليه ماله مهما بلغت سنه ما لم يؤنس منه الرشد لأن الله-تبارك وتعالى- يقول: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً.
ويقول: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ ومعنى ذلك أنه إذا لم يؤنس منهم الرشد لا تدفع إليهم أموالهم، بل يستمرون تحت ولاية الأولياء عليهم لأنهم لا يزالون سفهاء لم يتبين رشدهم.
وقد خالف الإمام أبو حنيفة جمهور الفقهاء فقال.
لا يدفع إلى اليتيم ماله إذا بلغ ولم يؤنس منه الرشد حتى يبلغ خمسا وعشرين سنة، فإذا بلغها عاقلا ولو غير رشيد فليس لأحد عليه سبيل، ويجب أن يدفع الوصي إليه ماله ولو كان فاسقا أو مبذرا.
قالوا: وإنما اختار أبو حنيفة هذه السن لأن مدة بلوغ الذكر عنده ثماني عشرة سنة، فإذا زيد عليها سبع سنين- وهي مدة معتبرة في تغير أحوال الإنسان- فعند ذلك يدفع إليه ماله أونس منه الرشد أو لم يؤنس، لأن اسم الرشد واقع على العقل في الجملة، والله-تبارك وتعالى- شرط رشدا منكرا ولم يشترط سائر ضروب الرشد، فاقتضى ظاهر الآية أنه لما حصل العقل فقد حصل ما هو الشرط المذكور في هذه الآية .
3- كذلك أخذ العلماء من هذه الآية الكريمة أن الوصي على اليتيم إذا كان غنيا فعليه أن يتحرى العفاف.
وألا يأخذ شيئا من مال اليتيم، لأن أخذه مع غناه يتنافى مع العفاف الذي يجب أن يتحلى به الأوصياء، ويعتبر من باب الطمع في مال اليتيم.
أما إذا كان الوصي فقيرا فقد أذن الله له أن يأكل من مال اليتيم بالمعروف أى بالقدر الذي تقتضيه حاجته الضرورية، ولا يستنكره الشرع ولا العقل.
وقد بسط الإمام الرازي القول في هذه المسألة فقال ما ملخصه: اختلف العلماء في أن الوصي هل له أن ينتفع بمال اليتيم أولا؟فمنهم من يرى أن للوصي أن يأخذ من مال اليتيم بقدر أجر عمله لأن قوله-تبارك وتعالى- وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً مشعر بأن له أن يأكل بقدر الحاجة.
ولأن قوله-تبارك وتعالى-إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً يدل على أن مال اليتيم قد يؤكل ظلما وغير ظلم، ولو لم يكن ذلك لم يكن لقوله إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً فائدة.
فهذا يدل على أن للوصي المحتاج أن يأكل من ماله بالمعروف.
ولأن الوصي لما تكفل بإصلاح مهمات الصبى وجب أن يتمكن من أن يأكل من ماله بقدر عمله قياسا على الساعى في أخذ الصدقات وجمعها فإنه يضرب له في تلك الصدقات بسهم فكذا هاهنا.
ومنهم من يرى أن له أن يأخذ بقدر ما يحتاج إليه من مال اليتيم قرضا، ثم إذا أيسر قضاه، وإن مات ولم يقدر على القضاء بأن كان معسرا فلا شيء عليه».
ويشهد لهذا الرأى قول عمر بن الخطاب- رضى الله عنه-: إنى أنزلت نفسي من هذا المال منزلة والى اليتيم.
إن استغنيت استعففت.
وإن احتجت استقرضت.
فإذا أيسرت قضيت».
4- كذلك من الأحكام التي أخذها العلماء من هذه الآية أن على الأوصياء عند ما يدفعون أموال اليتامى إليهم أن يشهدوا على دفعها، منعا للخصومات والمنازعات، وإبراء لذمة الأوصياء، ولكي يكون اليتامى على بينة من أمرهم.
وقد اختلف العلماء في أن الوصي إذا ادعى بعد بلوغ اليتيم أنه قد دفع إليه ماله هل يصدق؟ وكذلك إذا قال: أنفقت عليه في صغره هل يصدق؟أما الشافعية والمالكية والحنابلة فيرون أنه لا يصدق لأن الآية الكريمة تقول: فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وقوله فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ أمر.
وظاهر الأمر أنه للوجوب.
وليس معنى الوجوب هنا أنه يأثم إذا لم يشهد.
بل معناه أن الاشهاد لا بد منه في براءة ذمته بأن يدفع له ماله أمام رجلين أو رجل وامرأتين حتى إذا دفع المال ولم يشهد ثم طالبه اليتيم فحينئذ يكون القول ما قاله اليتيم بعد أن يقسم على أن الوصي لم يدفع إليه ماله.
ويرى الإمام أبو حنيفة أن الأمر في قوله- قوله- فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ للندب.
وأن الوصي إذا ادعى ذلك يصدق ويكتفى في تصديقه بيمينه لأنه أمين لم تعرف خيانته، إذ لو عرفت خيانته لعزل.
والأمين يصدق باليمين إذا كان هناك خلاف بينه وبين من ائتمنه.
ولأن قوله-تبارك وتعالى- بعد ذلك وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً يؤيد أن البينة ليست لازمة إذ معناه أنه لا شاهد أفضل من الله-تبارك وتعالى- فيما بينكم وبينهم.
ثم شرع- سبحانه - في بيان أحكام المواريث بعد أن بين الأحكام التي تتعلق بأموال اليتامى فساق- سبحانه - قاعدة عامة لأصل التوريث في الإسلام هي أن الرجال لا يختصون بالميراث، بل للنساء معهم حظ مقسوم، ونصيب مفروض، سواء أكان الشيء الموروث قليلا أم كثيرا فقال تعالى:
قوله تعالى : وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبافيه سبع عشرة مسائل :الأولى : قوله تعالى : وابتلوا اليتامى الابتلاء الاختبار ؛ وقد تقدم .
وهذه الآية خطاب للجميع في بيان كيفية دفع أموالهم .
وقيل : إنها نزلت في ثابت بن رفاعة وفي عمه .
وذلك أن رفاعة توفي وترك ابنه وهو صغير ، فأتى عم ثابت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن ابن أخي يتيم في حجري فما يحل لي من ماله ، ومتى أدفع إليه ماله ؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية .
الثانية : واختلف العلماء في معنى الاختبار ؛ فقيل : هو أن يتأمل الوصي أخلاق يتيمه ، ويستمع إلى أغراضه ، فيحصل له العلم بنجابته ، والمعرفة بالسعي في مصالحه وضبط ماله ، والإهمال لذلك .
فإذا توسم الخير قال علماؤنا وغيرهم : لا بأس أن يدفع إليه شيئا من ماله يبيح له التصرف فيه ، فإن نماه وحسن النظر فيه فقد وقع الاختبار ، ووجب على الوصي تسليم جميع ماله إليه .
وإن أساء النظر فيه وجب عليه إمساك ماله عنده .
وليس في العلماء من يقول : إنه إذا اختبر الصبي فوجده رشيدا ترتفع الولاية عنه ، وأنه يجب دفع ماله إليه وإطلاق يده في التصرف ؛ لقوله تعالى : حتى إذا بلغوا النكاح .
وقال جماعة من الفقهاء : الصغير لا يخلو من أحد أمرين ؛ إما أن يكون غلاما أو جارية ؛ فإن كان غلاما رد النظر إليه في نفقة الدار شهرا ، أو أعطاه شيئا نزرا يتصرف فيه ؛ ليعرف كيف تدبيره وتصرفه ، وهو مع ذلك يراعيه لئلا يتلفه ؛ فإن أتلفه فلا ضمان على الوصي .
فإذا رآه متوخيا سلم إليه ماله وأشهد عليه .
وإن كانت جارية رد إليها ما يرد إلى ربة البيت من تدبير بيتها والنظر فيه ، في الاستغزال والاستقصاء على الغزالات في دفع القطن وأجرته ، واستيفاء الغزل وجودته .
فإن رآها رشيدة سلم أيضا إليها مالها وأشهد عليها .
وإلا بقيا تحت الحجر حتى يؤنس رشدهما .
وقال الحسن ومجاهد وغيرهما : اختبروهم في عقولهم وأديانهم وتنمية أموالهم .
الثالثة : قوله تعالى : حتى إذا بلغوا النكاح أي الحلم ؛ لقوله تعالى : وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم أي البلوغ ، وحال النكاح .
والبلوغ يكون بخمسة أشياء : ثلاثة يشترك فيها الرجال والنساء ، واثنان يختصان بالنساء وهما الحيض والحبل .
فأما الحيض والحبل فلم يختلف العلماء في أنه بلوغ ، وأن الفرائض والأحكام تجب بهما .
واختلفوا في الثلاث ؛ فأما الإنبات والسن فقال الأوزاعي والشافعي وابن حنبل : خمس عشرة سنة بلوغ لمن لم يحتلم .
وهو قول ابن وهب وأصبغ وعبد الملك بن الماجشون وعمر بن عبد العزيز وجماعة من أهل المدينة ، واختاره ابن العربي .
وتجب الحدود والفرائض عندهم على من بلغ هذا السن .
قال أصبغ بن الفرج : والذي نقول به أن حد البلوغ الذي تلزم به الفرائض والحدود خمس عشرة سنة ؛ وذلك أحب ما فيه إلي وأحسنه عندي ؛ لأنه الحد الذي يسهم فيه في الجهاد ولمن حضر القتال .
واحتج بحديث ابن عمر إذ عرض يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة فأجيز ، ولم يجز يوم أحد ؛ لأنه كان ابن أربع عشرة سنة .
أخرجه مسلم .
قال أبو عمر بن عبد البر : هذا فيمن عرف مولده ، وأما من جهل مولده وعدة سنه أو جحده فالعمل فيه بما روى نافع ، عن أسلم ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، أنه كتب إلى أمراء الأجناد : ( ألا تضربوا الجزية إلا على من جرت عليه المواسي ) .
وقال عثمان في غلام سرق : انظروا إن كان قد اخضر مئزره فاقطعوه .
وقال عطية القرظي : عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم بني قريظة ؛ فكل من أنبت منهم قتله بحكم سعد بن معاذ ، ومن لم ينبت منهم استحياه ؛ فكنت فيمن لم ينبت فتركني .
وقال مالك وأبو حنيفة وغيرهما : لا يحكم لمن لم يحتلم حتى يبلغ ما لم يبلغه أحد إلا احتلم ، وذلك سبع عشرة سنة ؛ فيكون عليه حينئذ الحد إذا أتى ما يجب عليه الحد .
وقال مالك مرة : بلوغه أن يغلظ صوته وتنشق أرنبته .
وعن أبي حنيفة رواية أخرى : تسع عشرة سنة ؛ وهي الأشهر .
وقال في الجارية : بلوغها لسبع عشرة سنة وعليها النظر .
وروى اللؤلئي عنه ثمان عشرة سنة .
وقال داود : لا يبلغ بالسن ما لم يحتلم ولو بلغ أربعين سنة .
فأما الإنبات فمنهم من قال : يستدل به على البلوغ ؛ روي عن ابن القاسم وسالم ، وقال مالك مرة ، والشافعي في أحد قوليه ، وبه قال أحمد وإسحاق وأبو ثور .
وقيل : هو بلوغ ؛ إلا أنه يحكم به في الكفار فيقتل من أنبت ويجعل من لم ينبت في الذراري ؛ قاله الشافعي في القول الآخر ؛ لحديث عطية القرظي .
ولا اعتبار بالخضرة والزغب ، وإنما يترتب الحكم على الشعر .
وقال ابن القاسم : سمعت مالكا يقول : العمل عندي على حديث عمر بن الخطاب : لو جرت عليه المواسي لحددته .
قال أصبغ : قال لي ابن القاسم وأحب إلي ألا يقام عليه الحد إلا باجتماع الإنبات والبلوغ .
وقال أبو حنيفة : لا يثبت بالإنبات حكم ، وليس هو ببلوغ ولا دلالة على البلوغ .
وقال الزهري وعطاء : لا حد على من لم يحتلم ؛ وهو قول الشافعي ، ومال إليه مالك مرة ، وقال به بعض أصحابه .
وظاهره عدم اعتبار الإنبات والسن .
قال ابن العربي : " إذا لم يكن حديث ابن عمر دليلا في السن فكل عدد يذكرونه من السنين فإنه دعوى ، والسن التي أجازها رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى من سن لم يعتبرها ، ولا قام في الشرع دليل عليها ، وكذلك اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم الإنبات في بني قريظة ؛ فمن عذيري ممن ترك أمرين اعتبرهما النبي صلى الله عليه وسلم فيتأوله ويعتبر ما لم يعتبره النبي صلى الله عليه وسلم لفظا ، ولا جعل الله له في الشريعة نظرا " .
قلت : هذا قوله هنا ، وقال في سورة الأنفال عكسه ؛ إذ لم يعرج على حديث ابن عمر هناك ، وتأوله كما تأول علماؤنا ، وأن موجبه الفرق بين من يطيق القتال ويسهم له وهو ابن خمس عشرة سنة ، ومن لا يطيقه فلا يسهم له فيجعل في العيال .
وهو الذي فهمه عمر بن عبد العزيز من الحديث .
والله أعلم .
الرابعة : قوله تعالى : فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم أي أبصرتم ورأيتم ؛ ومنه قوله تعالى : آنس من جانب الطور نارا أي أبصر ورأى .
قال الأزهري : تقول العرب اذهب فاستأنس هل ترى أحدا ؛ معناه تبصر .
قال النابغة :كأن رحلي وقد زال النهار بنا يوم الجليل على مستأنس وحدأراد ثورا وحشيا يتبصر هل يرى قانصا فيحذره .
وقيل : آنست وأحسست ووجدت بمعنى واحد ؛ ومنه قوله تعالى : فإن آنستم منهم رشدا أي علمتم .
والأصل فيه أبصرتم .
وقراءة العامة " رشدا " بضم الراء وسكون الشين .
وقرأ السلمي وعيسى والثقفي وابن مسعود رضي الله عنهم " رشدا " بفتح الراء والشين ، وهما لغتان .
وقيل : رشدا مصدر رشد .
ورشدا مصدر رشد ، وكذلك الرشاد .
والله أعلم .
الخامسة : واختلف العلماء في تأويل رشدا فقال الحسن وقتادة وغيرهما : صلاحا في العقل والدين .
وقال ابن عباس والسدي والثوري : ( صلاحا في العقل وحفظ المال ) .
قال سعيد بن جبير والشعبي : إن الرجل ليأخذ بلحيته وما بلغ رشده ؛ فلا يدفع إلى اليتيم ماله وإن كان شيخا حتى يؤنس منه رشده .
وهكذا قال الضحاك : لا يعطى اليتيم وإن بلغ مائة سنة حتى يعلم منه إصلاح ماله .
وقال مجاهد : رشدا يعني في العقل خاصة .
وأكثر العلماء على أن الرشد لا يكون إلا بعد البلوغ ، وعلى أنه إن لم يرشد بعد بلوغ الحلم وإن شاخ لا يزول الحجر عنه ؛ وهو مذهب مالك وغيره .
وقال أبو حنيفة : لا يحجر على الحر البالغ إذا بلغ مبلغ الرجال ، ولو كان أفسق الناس وأشدهم تبذيرا إذا كان عاقلا .
وبه قال زفر بن الهذيل ؛ وهو مذهب النخعي .
واحتجوا في ذلك بما رواه قتادة ، عن أنس أن حبان بن منقذ كان يبتاع وفي عقدته ضعف ، فقيل : يا رسول الله احجر عليه ؛ فإنه يبتاع وفي عقدته ضعف .
فاستدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : لا تبع .
فقال : لا أصبر .
فقال له : فإذا بايعت فقل لا خلابة ولك الخيار ثلاثا .
قالوا : فلما سأله القوم الحجر عليه لما كان في تصرفه من الغبن ولم يفعل عليه السلام ، ثبت أن الحجر لا يجوز .
وهذا لا حجة لهم فيه ؛ لأنه مخصوص بذلك على ما بيناه في البقرة ، فغيره بخلافه .
وقال الشافعي : إن كان مفسدا لماله ودينه ، أو كان مفسدا لماله دون دينه حجر عليه ، وإن كان مفسدا لدينه مصلحا لماله فعلى وجهين : أحدهما يحجر عليه ؛ وهو اختيار أبي العباس بن شريح .
والثاني لا حجر عليه ؛ وهو اختيار إسحاق المروزي ، والأظهر من مذهب الشافعي .
قال الثعلبي : وهذا الذي ذكرناه من الحجر على السفيه قول عثمان وعلي والزبير وعائشة وابن عباس وعبد الله بن جعفر رضوان الله عليهم ، ومن التابعين شريح ، وبه قال الفقهاء : مالك وأهل المدينة والأوزاعي وأهل الشام وأبو يوسف ومحمد وأحمد وإسحاق وأبو ثور .
قال الثعلبي : وادعى أصحابنا الإجماع في هذه المسألة .
السادسة : إذا ثبت هذا فاعلم أن دفع المال يكون بشرطين : إيناس الرشد والبلوغ ، فإن وجد أحدهما دون الآخر لم يجز تسليم المال ، كذلك نص الآية .
وهو رواية ابن القاسم وأشهب وابن وهب عن مالك في الآية .
وهو قول جماعة الفقهاء إلا أبا حنيفة وزفر والنخعي فإنهم أسقطوا إيناس الرشد ببلوغ خمس وعشرين سنة .
قال أبو حنيفة : لكونه جدا وهذا يدل على ضعف قوله ، وضعف ما احتج به أبو بكر الرازي في أحكام القرآن له من استعمال الآيتين حسب ما تقدم ؛ فإن هذا من باب المطلق والمقيد ، والمطلق يرد إلى المقيد باتفاق أهل الأصول .
وماذا يغني كونه جدا إذا كان غير جد ، أي بخت .
إلا أن علماءنا شرطوا في الجارية دخول الزوج بها مع البلوغ ، وحينئذ يقع الابتلاء في الرشد .
ولم يره أبو حنيفة والشافعي ، ورأوا الاختبار في الذكر والأنثى على ما تقدم .
وفرق علماؤنا بينهما بأن قالوا : الأنثى مخالفة للغلام لكونها محجوبة لا تعاني الأمور ولا تبرز لأجل البكارة فلذلك وقف فيها على وجود النكاح ؛ فبه تفهم المقاصد كلها .
والذكر بخلافها ؛ فإنه بتصرفه وملاقاته للناس من أول نشئه إلى بلوغه يحصل له الاختبار ، ويكمل عقله بالبلوغ ، فيحصل له الغرض .
وما قاله الشافعي أصوب ؛ فإن نفس الوطء بإدخال الحشفة لا يزيدها في رشدها إذا كانت عارفة بجميع أمورها ومقاصدها ، غير مبذرة لمالها .
ثم زاد علماؤنا فقالوا : لا بد بعد دخول زوجها من مضي مدة من الزمان تمارس فيها الأحوال .
قال ابن العربي : وذكر علماؤنا في تحديدها أقوالا عديدة ؛ منها الخمسة الأعوام والستة والسبعة في ذات الأب .
وجعلوا في اليتيمة التي لا أب لها ولا وصي عليها عاما واحدا بعد الدخول ، وجعلوا في المولى عليها مؤبدا حتى يثبت رشدها .
وليس في هذا كله دليل ، وتحديد الأعوام في ذات الأب عسير ؛ وأعسر منه تحديد العام في اليتيمة .
وأما تمادي الحجر في المولى عليها حتى يتبين رشدها فيخرجها الوصي عنه ، أو يخرجها الحكم منه فهو ظاهر القرآن .
والمقصود من هذا كله داخل تحت قوله تعالى : فإن آنستم منهم رشدا فتعين اعتبار الرشد ولكن يختلف إيناسه بحسب اختلاف حال الراشد .
فاعرفه وركب عليه واجتنب التحكم الذي لا دليل عليه .
السابعة : واختلفوا فيما فعلته ذات الأب في تلك المدة ؛ فقيل : هو محمول على الرد لبقاء الحجر ، وما عملته بعده فهو محمول على الجواز .
وقال بعضهم : ما عملته في تلك المدة محمول على الرد إلا أن يتبين فيه السداد ، وما عملته بعد ذلك محمول على الإمضاء حتى يتبين فيه السفه .
الثامنة : واختلفوا في دفع المال إلى المحجور عليه هل يحتاج إلى السلطان أم لا ؟ فقالت فرقة : لا بد من رفعه إلى السلطان ، ويثبت عنده رشده ثم يدفع إليه ماله .
وقالت فرقة : ذلك موكول إلى اجتهاد الوصي دون أن يحتاج إلى رفعه إلى السلطان .
قال ابن عطية : والصواب في أوصياء زماننا ألا يستغنى عن رفعه إلى السلطان وثبوت الرشد عنده ، لما حفظ من تواطؤ الأوصياء على أن يرشد الصبي ، ويبرأ المحجور عليه لسفهه وقلة تحصيله في ذلك الوقت .
التاسعة : فإذا سلم المال إليه بوجود الرشد ، ثم عاد إلى السفه بظهور تبذير وقلة تدبير عاد إليه الحجر عندنا ، وعند الشافعي في أحد قوليه .
وقال أبو حنيفة : لا يعود ؛ لأنه بالغ عاقل ؛ بدليل جواز إقراره في الحدود والقصاص .
ودليلنا قوله تعالى : ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وقال تعالى : فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل ولم يفرق بين أن يكون محجورا سفيها أو يطرأ ذلك عليه بعد الإطلاق .
العاشرة : ويجوز للوصي أن يصنع في مال اليتيم ما كان للأب أن يصنع من تجارة وإبضاع وشراء وبيع .
وعليه أن يؤدي الزكاة من سائر أمواله : عين وحرث وماشية وفطرة .
ويؤدي عنه أروش الجنايات وقيم المتلفات ، ونفقة الوالدين وسائر الحقوق اللازمة .
ويجوز أن يزوجه ويؤدي عنه الصداق ، ويشتري له جارية يتسررها ، ويصالح له وعليه على وجه النظر له .
وإذا قضى الوصي بعض الغرماء وبقي من المال بقية تفي ما عليه من الدين كان فعل الوصي جائزا .
فإن تلف باقي المال فلا شيء لباقي الغرماء على الوصي ولا على الذين اقتضوا .
وإن اقتضى الغرماء جميع المال ثم أتى غرماء آخرون فإن كان عالما بالدين الباقي أو كان الميت معروفا بالدين الباقي ضمن الوصي لهؤلاء الغرماء ما كان يصيبهم في المحاصة ، ورجع على الذين اقتضوا دينهم بذلك .
وإن لم يكن عالما بذلك ، ولا كان الميت معروفا بالدين فلا شيء على الوصي .
وإذا دفع الوصي دين الميت بغير إشهاد ضمن .
وأما إن أشهد وطال الزمان حتى مات الشهود فلا شيء عليه .
وقد مضى في البقرة عند قوله تعالى : وإن تخالطوهم فإخوانكم من أحكام الوصي في الإنفاق وغيره ما فيه كفاية ، والحمد لله .
الحادية عشرة : قوله تعالى : ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ليس يريد أن أكل مالهم من غير إسراف جائز ، فيكون له دليل خطاب ، بل المراد ولا تأكلوا أموالهم فإنه إسراف .
فنهى الله سبحانه وتعالى الأوصياء عن أكل أموال اليتامى بغير الواجب المباح لهم ؛ على ما يأتي بيانه .
والإسراف في اللغة الإفراط ومجاوزة الحد .
وقد تقدم في آل عمران والسرف الخطأ في الإنفاق .
ومنه قول الشاعر :أعطوا هنيدة يحدوها ثمانية ما في عطائهم من ولا سرفأي ليس يخطئون مواضع العطاء .
وقال آخر :وقال قائلهم والخيل تخبطهم أسرفتم فأجبنا أننا سرفقال النضر بن شميل : السرف التبذير ، والسرف الغفلة .
وسيأتي لمعنى الإسراف زيادة بيان في " الأنعام " إن شاء الله تعالى .
" وبدارا " معناه : ومبادرة كبرهم ، وهو حال البلوغ .
والبدار والمبادرة كالقتال والمقاتلة .
وهو معطوف على إسرافا .
و أن يكبروا في موضع نصب ب بدارا ، أي لا تستغنم مال محجورك فتأكله وتقول أبادر كبره لئلا يرشد ويأخذ ماله ؛ عن ابن عباس وغيره .
الثانية عشرة : قوله تعالى : ومن كان غنيا فليستعفف الآية .
بين الله تعالى ما يحل لهم من أموالهم ؛ فأمر الغني بالإمساك وأباح للوصي الفقير أن يأكل من مال وليه بالمعروف .
يقال : عف الرجل عن الشيء واستعف إذا أمسك .
والاستعفاف عن الشيء تركه .
ومنه قوله تعالى : وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا .
والعفة : الامتناع عما لا يحل ولا يجب فعله .
روى أبو داود من حديث حسين المعلم ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني فقير ليس لي شيء ولي يتيم .
قال : فقال : كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مبادر ولا متأثل .
الثالثة عشرة : واختلف العلماء من المخاطب والمراد بهذه الآية ؟ ففي صحيح مسلم ، عن عائشة في قوله تعالى : ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف قالت : نزلت في ولي اليتيم الذي يقوم عليه ويصلحه إذا كان محتاجا جاز أن يأكل منه .
في رواية : بقدر ماله بالمعروف .
وقال بعضهم : المراد اليتيم إن كان غنيا وسع عليه وأعف عن ماله ، وإن كان فقيرا أنفق عليه بقدره ؛ قال ربيعة ويحيى بن سعيد .
والأول قول الجمهور وهو الصحيح ؛ لأن اليتيم لا يخاطب بالتصرف في ماله لصغره ولسفهه .
والله أعلم .
الرابعة عشرة : واختلف الجمهور في الأكل بالمعروف ما هو ؟ فقال قوم : ( هو القرض إذا احتاج ويقضي إذا أيسر ) ؛ قاله عمر بن الخطاب وابن عباس وعبيدة وابن جبير والشعبي ومجاهد وأبو العالية ، وهو قول الأوزاعي .
ولا يستسلف أكثر من حاجته .
قال عمر : ( ألا إني أنزلت نفسي من مال الله منزلة الولي من مال اليتيم ، إن استغنيت استعففت ، وإن افتقرت أكلت بالمعروف ؛ فإذا أيسرت قضيت ) .
روى عبد الله بن المبارك ، عن عاصم ، عن أبي العالية ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف قال : قرضا - ثم تلا فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم .
وقول ثان - روي عن إبراهيم وعطاء والحسن البصري والنخعي وقتادة : لا قضاء على الوصي الفقير فيما يأكل بالمعروف ؛ لأن ذلك حق النظر ، وعليه الفقهاء .
قال الحسن : هو طعمة من الله له ؛ وذلك أنه يأكل ما يسد جوعته ، ويكتسي ما يستر عورته ، ولا يلبس الرفيع من الكتان ولا الحلل .
والدليل على صحة هذا القول إجماع الأمة على أن الإمام الناظر للمسلمين لا يجب عليه غرم ما أكل بالمعروف ؛ لأن الله تعالى قد فرض سهمه في مال الله .
فلا حجة لهم في قول عمر : ( فإذا أيسرت قضيت ) - أن لو صح .
وقد روي عن ابن عباس وأبي العالية والشعبي أن ( الأكل بالمعروف هو كالانتفاع بألبان المواشي ، واستخدام العبيد ، وركوب الدواب إذا لم يضر بأصل المال ؛ كما يهنأ الجرباء ، وينشد الضالة ، ويلوط الحوض ، ويجذ التمر .
فأما أعيان الأموال وأصولها فليس للوصي أخذها ) .
وهذا كله يخرج مع قول الفقهاء : إنه يأخذ بقدر أجر عمله ؛ وقالت به طائفة وأن ذلك هو المعروف ، ولا قضاء عليه ، والزيادة على ذلك محرمة .
وفرق الحسن بن صالح بن حي - ويقال ابن حيان - بين وصي الأب والحاكم ؛ فلوصي الأب أن يأكل بالمعروف ، وأما وصي الحاكم فلا سبيل له إلى المال بوجه ؛ وهو القول الثالث .
وقول رابع روي عن مجاهد قال : ليس له أن يأخذ قرضا ولا غيره .
وذهب إلى أن الآية منسوخة ، نسخها قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم وهذا ليس بتجارة .
وقال زيد بن أسلم : إن الرخصة في هذه الآية منسوخة بقوله تعالى : إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما الآية .
وحكى بشر بن الوليد ، عن ابن يوسف ، قال : لا أدري ، لعل هذه الآية منسوخة بقوله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم .
وقول خامس - وهو الفرق بين الحضر والسفر ؛ فيمنع إذا كان مقيما معه في المصر .
فإذا احتاج أن يسافر من أجله فله أن يأخذ ما يحتاج إليه ، ولا يقتني شيئا ؛ قاله أبو حنيفة وصاحباه أبو يوسف ومحمد .
وقول سادس - قال أبو قلابة : فليأكل بالمعروف مما يجني من الغلة ؛ فأما المال الناض فليس له أن يأخذ منه شيئا قرضا ولا غيره .
وقول سابع - روى عكرمة ، عن ابن عباس ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف قال : ( إذا احتاج واضطر ) .
وقال الشعبي : كذلك إذا كان منه بمنزلة الدم ولحم الخنزير أخذ منه ؛ فإن وجد أوفى .
قال النحاس : وهذا لا معنى له لأنه إذا اضطر هذا الاضطرار كان له أخذ ما يقيمه من مال يتيمه أو غيره من قريب أو بعيد .
وقال ابن عباس أيضا والنخعي : ( المراد أن يأكل الوصي بالمعروف من مال نفسه حتى لا يحتاج إلى مال اليتيم ؛ فيستعفف الغني بغناه ، والفقير يقتر على نفسه حتى لا يحتاج إلى مال يتيمه ) .
قال النحاس : وهذا من أحسن ما روي في تفسير الآية ؛ لأن أموال الناس محظورة لا يطلق شيء منها إلا بحجة قاطعة .
قلت : وقد اختار هذا القول الكيا الطبري في أحكام القرآن له ؛ فقال : " توهم متوهمون من السلف بحكم الآية أن للوصي أن يأكل من مال الصبي قدرا لا ينتهي إلى حد السرف ، وذلك خلاف ما أمر الله تعالى به من قوله : - لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا يتحقق ذلك في مال اليتيم .
فقوله : ومن كان غنيا فليستعفف يرجع إلى أكل مال نفسه دون مال اليتيم .
فمعناه ولا تأكلوا أموال اليتيم مع أموالكم ، بل اقتصروا على أكل أموالكم .
وقد دل عليه قوله تعالى : ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا وبان بقوله تعالى : ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف الاقتصار على البلغة ، حتى لا يحتاج إلى أكل مال اليتيم ؛ فهذا تمام معنى الآية .
فقد وجدنا آيات محكمات تمنع أكل مال الغير دون رضاه ، سيما في حق اليتيم .
وقد وجدنا هذه الآية محتملة للمعاني ، فحملها على موجب الآيات المحكمات متعين .
فإن قال من ينصر مذهب السلف : إن القضاة يأخذون أرزاقهم لأجل عملهم للمسلمين ، فهلا كان الوصي كذلك إذا عمل لليتيم ، ولم لا يأخذ الأجرة بقدر عمله ؟ قيل له : اعلم أن أحدا من السلف لم يجوز للوصي أن يأخذ من مال الصبي مع غنى الوصي ، بخلاف القاضي ؛ فذلك فارق بين المسألتين .
وأيضا فالذي يأخذه الفقهاء والقضاة والخلفاء القائمون بأمور الإسلام لا يتعين له مالك .
وقد جعل الله ذلك المال الضائع لأصناف بأوصاف ، والقضاة من جملتهم ، والوصي إنما يأخذ بعمله مال شخص معين من غير رضاه ؛ وعمله مجهول وأجرته مجهولة وذلك بعيد عن الاستحقاق .
قلت : وكان شيخنا الإمام أبو العباس يقول : إن كان مال اليتيم كثيرا يحتاج إلى كبير قيام عليه بحيث يشغل الولي عن حاجاته ومهماته فرض له فيه أجر عمله ، وإن كان تافها لا يشغله عن حاجاته فلا يأكل منه شيئا ؛ غير أنه يستحب له شرب قليل اللبن وأكل القليل من الطعام والسمن ، غير مضر به ولا مستكثر له ، بل على ما جرت العادة بالمسامحة فيه .
قال شيخنا : وما ذكرته من الأجرة ، ونيل اليسير من التمر واللبن كل واحد منهما معروف ؛ فصلح حمل الآية على ذلك .
والله أعلم .
قلت : والاحتراز عنه أفضل ، إن شاء الله .
وأما ما يأخذه قاضي القسمة ويسميه رسما ونهب أتباعه فلا أدري له وجها ولا حلا ، وهم داخلون في عموم قوله تعالى : إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا .
الخامسة عشرة : قوله تعالى : فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم أمر الله تعالى بالإشهاد تنبيها على التحصين وزوالا للتهم .
وهذا الإشهاد مستحب عند طائفة من العلماء ؛ فإن القول قول الوصي ؛ لأنه أمين .
وقالت طائفة : هو فرض ؛ وهو ظاهر الآية ، وليس بأمين فيقبل قوله ، كالوكيل إذا زعم أنه قد رد ما دفع إليه أو المودع ، وإنما هو أمين للأب ، ومتى ائتمنه الأب لا يقبل قوله على غيره .
ألا ترى أن الوكيل لو ادعى أنه قد دفع لزيد ما أمره به بعدالته لم يقبل قوله إلا ببينة ؛ فكذلك الوصي .
ورأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وابن جبير أن هذا الإشهاد إنما هو على دفع الوصي في يسره ما استقرضه من مال يتيمه حالة فقره .
قال عبيدة : هذه الآية دليل على وجوب القضاء على من أكل ؛ المعنى : فإذا اقترضتم أو أكلتم فأشهدوا إذا غرمتم .
والصحيح أن اللفظ يعم هذا وسواه .
والظاهر أن المراد إذا أنفقتم شيئا على المولى عليه فأشهدوا ، حتى ولو وقع خلاف أمكن إقامة البينة ؛ فإن كل مال قبض على وجه الأمانة بإشهاد لا يبرأ منه إلا بالإشهاد على دفعه ، لقوله تعالى : فأشهدوا فإذا دفع لمن دفع إليه بغير إشهاد فلا يحتاج في دفعها لإشهاد إن كان قبضها بغير إشهاد .
والله أعلم .
السادسة عشرة : قوله تعالى : كما على الوصي والكفيل حفظ مال يتيمه والتثمير له ، كذلك عليه حفظ الصبي في بدنه .
فالمال يحفظه بضبطه ، والبدن يحفظه بأدبه .
وقد مضى هذا المعنى في " البقرة " .
وروي أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : إن في حجري يتيما أآكل من ماله ؟ قال : نعم غير متأثل مالا ولا واق مالك بماله .
قال : يا رسول الله ، أفأضربه ؟ قال : ما كنت ضاربا منه ولدك .
قال ابن العربي : وإن لم يثبت مسندا فليس يجد أحد عنه ملتحدا .
السابعة عشرة : قوله تعالى : وكفى بالله حسيبا أي كفى الله حاسبا لأعمالكم ومجازيا بها .
ففي هذا وعيد لكل جاحد حق .
والباء زائدة ، وهو في موضع رفع .


شرح المفردات و معاني الكلمات : ابتلوا , اليتامى , بلغوا , النكاح , آنستم , رشدا , فادفعوا , إليهم , أموالهم , تأكلوها , إسرافا , بدارا , يكبروا , غنيا , فليستعفف , فقيرا , فليأكل , المعروف , دفعتم , أموالهم , فأشهدوا , الله , حسيبا , فادفعوا+إليهم+أموالهم+ولا+تأكلوها+إسرافا+وبدارا+أن+يكبروا , ومن+كان+غنيا+فليستعفف , ومن+كان+فقيرا+فليأكل+بالمعروف , فإذا+دفعتم+إليهم+أموالهم+فأشهدوا+عليهم , وكفى+بالله+حسيبا ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. تنـزيل من رب العالمين
  2. وما عليك ألا يزكى
  3. ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين
  4. ولله ما في السموات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا
  5. ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون
  6. وياقوم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم
  7. فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون
  8. وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب
  9. إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم
  10. ياأيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نـزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها

تحميل سورة النساء mp3 :

سورة النساء mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة النساء

سورة النساء بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة النساء بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة النساء بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة النساء بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة النساء بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة النساء بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة النساء بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة النساء بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة النساء بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة النساء بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 18, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب