تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : وما تكون في شأن وما تتلو منه ..

  1. تفسير السعدي
  2. تفسير البغوي
  3. التفسير الوسيط
  4. تفسير ابن كثير
  5. تفسير الطبري
الفسير الوسيط | التفسير الوسيط للقرآن الكريم للطنطاوي | تأليف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (المتوفى: 1431هـ) : ويعتبر هذا التفسير من التفاسير الحديثة و القيمة لطلاب العلم و الباحثين في تفسير القرآن العظيم بأسلوب منهجي سهل و عبارة مفهومة, تفسير الآية 61 من سورة يونس - التفسير الوسيط .
  
   

﴿ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ۚ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾
[ سورة يونس: 61]

معنى و تفسير الآية 61 من سورة يونس : وما تكون في شأن وما تتلو منه .


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تفسير السعدي : وما تكون في شأن وما تتلو منه


يخبر تعالى، عن عموم مشاهدته، واطلاعه على جميع أحوال العباد في حركاتهم، وسكناتهم، وفي ضمن هذا، الدعوة لمراقبته على الدوام فقال‏:‏ ‏{‏وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ‏}‏ أي‏:‏ حال من أحوالك الدينية والدنيوية‏.‏ ‏{‏وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ‏}‏ أي‏:‏ وما تتلو من القرآن الذي أوحاه الله إليك‏.‏‏{‏وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ‏}‏ صغير أو كبير ‏{‏إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ‏}‏ أي‏:‏ وقت شروعكم فيه، واستمراركم على العمل به‏.‏فراقبوا الله في أعمالكم، وأدوها على وجه النصيحة، والاجتهاد فيها، وإياكم، وما يكره الله تعالى، فإنه مطلع عليكم، عالم بظواهركم وبواطنكم‏.‏‏{‏وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ‏}‏ أي‏:‏ ما يغيب عن علمه، وسمعه، وبصره ومشاهدته ‏{‏مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ‏}‏ أي‏:‏ قد أحاط به علمه، وجرى به قلمه‏.‏وهاتان المرتبتان من مراتب القضاء والقدر، كثيرًا ما يقرن الله بينهما، وهما‏:‏ العلم المحيط بجميع الأشياء، وكتابته المحيطة بجميع الحوادث، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ‏}‏

تفسير البغوي : مضمون الآية 61 من سورة يونس


قوله عز وجل : ( وما تكون ) يا محمد ، ( في شأن ) عمل من الأعمال ، وجمعه شئون ، ( وما تتلو منه ) من الله ، ( من قرآن ) نازل ، وقيل: " منه " أي من الشأن من قرآن ، نزل فيه ، ثم خاطبه وأمته فقال : ( ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه ) أي : تدخلون وتخوضون فيه ، الهاء عائدة إلى العمل ، والإفاضة : الدخول في العمل .
وقال ابن الأنباري : تندفعون فيه .
وقيل: تكثرون فيه .
والإفاضة : الدفع بكثرة .
( وما يعزب عن ربك ) يغيب عن ربك ، وقرأ الكسائي " يعزب " بكسر الزاي ، وقرأ الآخرون بضمها ، وهما لغتان .
( من مثقال ذرة ) أي : مثقال ذرة ، و " من " صلة ، والذرة هي : النملة الحميراء الصغيرة .
( في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ) أي : من الذرة ، ( ولا أكبر ) قرأ حمزة ويعقوب : برفع الراء فيهما ، عطفا على موضع المثقال قبل دخول " من " ، وقرأ الآخرون : بنصبهما ، إرادة للكسرة ، عطفا على الذرة في الكسر .
( إلا في كتاب مبين ) وهو اللوح المحفوظ .

التفسير الوسيط : وما تكون في شأن وما تتلو منه


وبعد أن ذكر- سبحانه - عباده بفضله، وما يجب عليهم من شكره، عطف على ذلك تذكيره إياهم بإحاطة علمه بكل صغير وكبير في هذا الكون فقال: وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ.
وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ، وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً....أى: وما تكون- أيها الرسول الكريم- في شأن من الشئون أو في حال من الأحوال.
وما تتلو من أجل ذلك الشأن من قرآن يهدى الى الرشد.
ولا تعملون- أيها الناس- عملا ما صغيرا أو كبيرا، إلا كنا عليكم مطلعين.
ومن في قوله مِنْهُ للتعليل، والضمير يعود إلى الشأن، إذ التلاوة أعظم شئونه صلى الله عليه وسلم ولذا خصت بالذكر.
ويجوز أن يعود للقرآن الكريم، ويكون الإضمار قبل الذكر لتفخيم شأنه، وتعظيم أمره.
ومن في قوله مِنْ قُرْآنٍ مزيدة لتأكيد النفي.
وقال الآلوسى: «والخطاب الأول خاص برأس النوع الإنسانى، وسيد المخاطبين صلى الله عليه وسلم هذا.
وقوله وَلا تَعْمَلُونَ ...
عام يشمل سائر العباد برهم وفاجرهم وقد روعي في كل من المقامين ما يليق به، فعبر في مقام الخصوص في الأول بالشأن، لأن عمل العظيم عظيم، وفي الثاني بالعمل العام للجليل والحقير.
وقيل: الخطاب الأول عام للأمة أيضا كما في قوله-تبارك وتعالى-: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ.
وقوله: إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً استثناء مفرغ من أعم أحوال المخاطبين بالأفعال الثلاثة.
أى: وما تلابسون بشيء منها في حال من الأحوال إلا حال كوننا رقباء مطلعين عليه، حافظين له
» .
وقوله: إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ أى: تخوضون وتندفعون في ذلك العمل، لأن الإفاضة في الشيء معناها الاندفاع فيه بكثرة وقوة.
وقوله: وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ بيان لشمول علمه- سبحانه - لكل شيء.
ويعزب: أى يبعد ويغيب، وأصله من قولهم: عزب الرجل يعزب بإبله إذا أبعد بها وغاب في طلب الكلأ والعشب.
والكلام على حذف مضاف.
أى: وما يغيب ويخفى عن علم ربك مثقال ذرة في الوجود علويه وسفليه ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، إلا وهو معلوم ومسجل عنده في كتاب عظيم الشأن، تام البيان.
وقوله: مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ تمثيل لقلة الشيء ودقته، ومن فيه لتأكيد النفي وقدمت الأرض على السماء هنا، لأن الكلام في حال أهلها، والمقصود إقامة البرهان على إحاطة علمه- سبحانه - بتفاصيلها.
فكأنه- سبحانه - يقول: إن من يكون هذا شأنه لا يخفى عليه شيء من أحوال أهل الأرض مع نبيهم صلى الله عليه وسلم.
وقوله: وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ جملة مستقلة ليست معطوفة على ما قبلها.
ولا نافية للجنس وأَصْغَرَ اسمها منصوب لشبهه بالمضاف، وأَكْبَرَ معطوف عليه.
وفِي كِتابٍ مُبِينٍ متعلق بمحذوف خبرها.
وقدم ذكر الأصغر على الأكبر، لأنه هو الأهم في سياق العلم بما خفى من الأمور.
وقرأ حمزة ويعقوب وخلف وَلا أَصْغَرَ بالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف.
أى:ولا ما هو أصغر من ذلك.
والمراد بالكتاب المبين: علم الله الذي وسع كل شيء، أو اللوح المحفوظ الذي حفظ الله فيه كل شيء.
وبذلك نرى أن هذه الآيات الكريمة قد أقامت الأدلة على شمول قدرة الله-تبارك وتعالى- لكل شيء، وعلى دعوة الناس إلى الانتفاع بما جاء به القرآن من خيرات وبركات، وعلى وجوب التزامهم بما شرعه- سبحانه - وعلى إحاطة علمه بما ظهر وبطن من الأمور.
وبعد أن وجه- سبحانه - نداء إلى الناس دعاهم فيه إلى الانتفاع بما جاء في القرآن من خيرات، وتوعد الذين شرعوا شرائع لم يأذن بها الله، وأقام الأدلة على نفاذ قدرته، وشمول علمه.
بعد كل ذلك، بشر أولياءه بحسن العاقبة، وأنذر أعداءه بسوء المصير، ورد على الذين قالوا اتخذ الله ولدا بما يكبتهم ويخرس ألسنتهم فقال-تبارك وتعالى-:

تفسير ابن كثير : شرح الآية 61 من سورة يونس


يخبر تعالى نبيه ، صلوات الله عليه وسلامه أنه يعلم جميع أحواله وأحوال أمته ، وجميع الخلائق في كل ساعة وآن ولحظة ، وأنه لا يعزب عن علمه وبصره مثقال ذرة في حقارتها وصغرها في السماوات ولا في الأرض ، ولا أصغر منها ولا أكبر إلا في كتاب مبين ، كقوله : { وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين } [ الأنعام : 59 ] ، فأخبر تعالى أنه يعلم حركة الأشجار وغيرها من الجمادات وكذلك الدواب السارحة في قوله : { وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون } [ الأنعام : 38 ] ، وقال تعالى : { وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين } [ هود : 6 ] .
وإذا كان هذا علمه بحركات هذه الأشياء ، فكيف بعلمه بحركات المكلفين المأمورين بالعبادة ، كما قال تعالى : { وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين } [ الشعراء : 217 - 219 ] ؛ ؛ ولهذا قال تعالى : { وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه } أي: إذ تأخذون في ذلك الشيء نحن مشاهدون لكم راءون سامعون ، ولهذا قال ، عليه السلام لما سأله جبريل عن الإحسان [ قال ] أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " .

تفسير الطبري : معنى الآية 61 من سورة يونس


القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ( 61 )قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ( وما تكون )، يا محمد ، ( في شأن ) ، يعني: في عمل من الأعمال ، ( وما تتلوا منه من قرآن )، يقول: وما تقرأ من كتاب الله من قرآن ( 14 )( ولا تعملون من عمل )، يقول: ولا تعملون من عمل أيها الناس ، من خير أو شر ، ( إلا كنَّا عليكم شهودًا ) ، يقول: إلا ونحن شهود لأعمالكم وشئونكم ، إذ تعملونها وتأخذون فيها.
( 15 )* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك رُوي القول عن ابن عباس وجماعة.
ذكر من قال ذلك:17696- حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: ( إذ تفيضون فيه ) ، يقول: إذ تفعلون.
* * *وقال آخرون: معنى ذلك: إذ تشيعون في القرآن الكذبَ.
*ذكر من قال ذلك:17697- حدثت عن المسيب بن شريك، عن أبي روق، عن الضحاك: ( إذ تفيضون فيه ) ، يقول: تشيعون في القرآن من الكذب.
( 16 )* * *وقال آخرون: معنى ذلك: إذ تفيضون في الحق.
*ذكر من قال ذلك:17698- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ( إذ تفيضون فيه )، في الحق ما كان.
17699- . . . . قال، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
17700- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
* * *قال أبو جعفر: وإنما اخترنا القول الذي اخترناه فيه، لأنه تعالى ذكره أخبر أنه لا يعمل عباده عملا إلا كان شاهدَه، ثم وصل ذلك بقوله: ( إذ يفيضون فيه ) ، فكان معلومًا أن قوله: ( إذ تفيضون فيه ) إنما هو خبرٌ منه عن وقت عمل العاملين أنه له شاهد ، لا عن وَقْت تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم القرآن، لأن ذلك لو كان خبرًا عن شهوده تعالى ذكره وقتَ إفاضة القوم في القرآن، لكانت القراءة بالياء: " إذ يفيضون فيه " خبرًا منه عن المكذبين فيه.
فإن قال قائل: ليس ذلك خبرًا عن المكذبين، ولكنه خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، ( 17 ) أنه شاهده إذْ تلا القرآن.
، فإن ذلك لو كان كذلك لكان التنزيل : ( إذ تفيضون فيه ) ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم واحدٌ لا جمع، كما قال: ( وما تتلوا منه من قرآن )، فأفرده بالخطاب ، ولكن ذلك في ابتدائه خطابَه صلى الله عليه وسلم بالإفراد ، ثم عَوْده إلى إخراج الخطاب على الجمع نظير قوله: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ ، [ سورة الطلاق: 1 ] ، وذلك أن في قوله: إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ ، دليلا واضحًا على صرفه الخطابَ إلى جماعة المسلمين مع النبي صلى الله عليه وسلم مع جماعة الناس غيره، لأنه ابتدأ خطابه ، ثم صرف الخطابَ إلى جماعة الناس، والنبي صلى الله عليه وسلم فيهم.
، وخبرٌ عن أنه لا يعمل أحدٌ من عباده عملا إلا وهو له شاهد ، ( 18 ) يحصى عليه ويعلمه كما قال: ( وما يعزب عن ربك ) ، يا محمد ، عمل خلقه، ولا يذهب عليه علم شيء حيث كان من أرض أو سماء.
* * *وأصله من " عزوب الرجل عن أهله في ماشيته "، وذلك غيبته عنهم فيها، يقال منه: " عزَبَ الرَّجل عن أهله يَعْزُبُ ويَعْزِبُ ".
* * *، لغتان فصيحتان، قرأ بكل واحدة منهما جماعة من القراء.
وبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، لاتفاق معنييهما واستفاضتهما في منطق العرب، غير أني أميل إلى الضم فيه ، لأنه أغلب على المشهورين من القراء.
* * *وقوله: ( من مثقال ذرة )، يعني: من زنة نملة صغيرة.
* * *يحكى عن العرب: " خذ هذا فإنه أخف مثقالا من ذاك، أي: أخفُّ وزنًا.
( 19 )* * *و "
الذرّة " واحدة : " الذرّ" ، و " الذرّ" ، صغار النمل.
( 20 )* * *قال أبو جعفر: وذلك خبَرٌ عن أنه لا يخفى عليه جل جلاله أصغر الأشياء، وإن خف في الوزن كلّ الخفة، ومقاديرُ ذلك ومبلغه، ولا أكبرها وإن عظم وثقل وزنه، وكم مبلغ ذلك .
يقول تعالى ذكره لخلقه: فليكن عملكم أيها الناس فيما يرضي ربَّكم عنكم، فإنّا شهود لأعمالكم، لا يخفى علينا شيء منها، ونحن محصُوها ومجازوكم بها.
* * *واختلفت القراء في قراءة قوله: ( ولا أصغر من ذلك ولا أكبر ) .
فقرأ ذلك عامة القراء بفتح الراء من ( أَصْغَرَ ) و ( أَكْبَرَ ) على أن معناها الخفض، عطفًا بالأصغر على الذرة ، وبالأكبر على الأصغر، ثم فتحت راؤهما ، لأنهما لا يُجْرَيان.
* * *وقرأ ذلك بعض الكوفيين: [ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ ] رفعًا، عطفًا بذلك على معنى المثقال، لأن معناه الرفع.
وذلك أن ( مِنْ ) لو ألقيت من الكلام ، لرفع المثقال، وكان الكلام حينئذٍ: "
وما يعزُب عن ربك مثقالُ ذرة ولا أصغرُ من مثقال ذرة ولا أكبرُ" ، وذلك نحو قوله: مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ ، و غَيْرُ اللَّهِ ، [ سورة فاطر: 3 ].
( 21 )* * *قال أبو جعفر: وأولى القراءتين في ذلك بالصواب، قراءةُ من قرأ بالفتح ، على وجه الخفض والردّ على الذرة، لأن ذلك قراءة قراء الأمصار ، وعليه عَوَامٌّ القراء، وهو أصحُّ في العربية مخرجًا ، وإن كان للأخرى وجهٌ معروفٌ.
* * *وقوله: ( إلا في كتاب ) ، يقول: وما ذاك كله إلا في كتاب عند الله ، ( مبين ) ، عن حقيقة خبر الله لمن نظر فيه.
( 22 ) أنه لا شيء كان أو يكون إلا وقد أحصاه الله جل ثناؤه فيه، وأنه لا يعزُب عن الله علم شيء من خلقه حيث كان من سمائه وأرضه.
* * *17701- حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله قال ، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: ( وما يعزب ) ، يقول: لا يغيب عنه.
17702- حدثني محمد بن عمارة قال ، حدثنا عبد الله قال، أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد، عن ابن عباس: ( وما يعزب عن ربك )، قال: ما يغيب عنه.
الهوامش:( 14 ) انظر تفسير "
التلاوة " فيما سلف من فهارس اللغة ( تلا .
)
.
( 15 ) انظر تفسير "
الإفاضة " فيما سلف 4 : 170 .
( 16 ) في المطبوعة : "
فتشيعون " بالفاء ، لم يحسن قراءة المخطوطة .
( 17 ) في المطبوعة : "
ولكن خطاب " ، بحذف الهاء ، وأثبتها من المخطوطة .
( 18 ) قوله : "
وخبر عن أنه لا يعمل أحد " معطوف على قوله في أول هذه الفقرة : " إنما هو خبر عن وقت عمل العاملين . . .
" .
( 19 ) انظر تفسير "
المثقال " فيما سلف 8 : 360 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 278 ، وهو نص كلامه .
( 20 ) انظر تفسير "
الذرة " فيما سلف 8 : 360 ، 361 .
( 21 ) لم يذكر أبو جعفر قراءة الرفع في هذه الآية ، في موضعها من تفسير "
سورة فاطر " ، فيما سيأتي 22 : 77 ( بولاق ) ، وسأشير إلى ذلك في موضعه هناك .
وهذا دليل آخر على اختصار أبي جعفر ، تفسيره في مواضع ، كما أشرت إليه في كثير من تعليقاتي .
( 22 ) انظر تفسير "
مبين " فيما سلف من فهارس اللغة ( بين )

وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين

سورة : يونس - الأية : ( 61 )  - الجزء : ( 11 )  -  الصفحة: ( 215 ) - عدد الأيات : ( 109 )

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: نصفه أو انقص منه قليلا
  2. تفسير: ثم كان علقة فخلق فسوى
  3. تفسير: وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته
  4. تفسير: خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون
  5. تفسير: والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين
  6. تفسير: ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينـزل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها
  7. تفسير: فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون
  8. تفسير: إذ يغشى السدرة ما يغشى
  9. تفسير: ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا بالنذر
  10. تفسير: متاع قليل ولهم عذاب أليم

تحميل سورة يونس mp3 :

سورة يونس mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة يونس

سورة يونس بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة يونس بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة يونس بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة يونس بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة يونس بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة يونس بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة يونس بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة يونس بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة يونس بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة يونس بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب