تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من ..

  1. تفسير السعدي
  2. تفسير البغوي
  3. التفسير الوسيط
  4. تفسير ابن كثير
  5. تفسير الطبري
الفسير الوسيط | التفسير الوسيط للقرآن الكريم للطنطاوي | تأليف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (المتوفى: 1431هـ) : ويعتبر هذا التفسير من التفاسير الحديثة و القيمة لطلاب العلم و الباحثين في تفسير القرآن العظيم بأسلوب منهجي سهل و عبارة مفهومة, تفسير الآية 9 من سورةالجمعة - التفسير الوسيط .
  
   

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾
[ سورة الجمعة: 9]

معنى و تفسير الآية 9 من سورة الجمعة : ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من .


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تفسير السعدي : ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من


يأمر تعالى عباده المؤمنين بالحضور لصلاة الجمعة والمبادرة إليها، من حين ينادى لها والسعي إليها، والمراد بالسعي هنا: المبادرة إليها والاهتمام لها، وجعلها أهم الأشغال، لا العدو الذي قد نهي عنه عند المضي إلى الصلاة، وقوله: وَذَرُوا الْبَيْعَ أي: اتركوا البيع، إذا نودي للصلاة، وامضوا إليها.
فإن ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ من اشتغالكم بالبيع، وتفويتكم الصلاة الفريضة، التي هي من آكد الفروض.
إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أن ما عند الله خير وأبقى، وأن من آثر الدنيا على الدين، فقد خسر الخسارة الحقيقية، من حيث ظن أنه يربح، وهذا الأمر بترك البيع مؤقت مدة الصلاة.

تفسير البغوي : مضمون الآية 9 من سورة الجمعة


قوله - عز وجل - : ( ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ) أي في يوم الجمعة كقوله : " أروني ماذا خلقوا من الأرض أي في الأرض " [ أي في الأرض ] وأراد بهذا النداء الأذان عند قعود الإمام على المنبر للخطبة .
أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا آدم ، حدثنا ابن أبي ذئب ، عن الزهري عن السائب بن يزيد قال : كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر ، فلما كان عثمان وكثر الناس زاد النداء الثاني على الزوراء قرأ الأعمش : " من يوم الجمعة " بسكون الميم ، وقرأ العامة بضمها .
واختلفوا في تسمية هذا اليوم جمعة ، منهم من قال : لأن الله تعالى جمع فيه خلق آدم عليه السلام .
وقيل: لأن الله تعالى فرغ من خلق الأشياء فاجتمعت فيه المخلوقات .
وقيل: لاجتماع الجماعات فيه .
وقيل: لاجتماع الناس فيها للصلاة .
وقيل: أول من سماها جمعة كعب بن لؤي قال أبو سلمة : أول من قال " أما بعد " كعب بن لؤي وكان أول من سمى الجمعة جمعة ، وكان يقال له يوم العروبة .
وعن ابن سيرين قال : جمع أهل المدينة قبل أن يقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة .
وقبل أن ينزل الجمعة وهم الذين سموها الجمعة .
وقالوا : لليهود يوم يجتمعون فيه كل سبعة أيام ، وللنصارى يوم ، فهلم فلنجعل يوما نجتمع فيه ، فنذكر الله ونصلي فيه ، فقالوا : يوم السبت لليهود ، ويوم الأحد للنصارى ، فاجعلوه يوم العروبة ، فاجتمعوا إلى أسعد بن زرارة فصلى بهم ركعتين وذكرهم فسموه يوم الجمعة ، ثم أنزل الله - عز وجل - في ذلك بعد .
وروي عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه كعب ، أنه كان إذا سمع النداء يوم الجمعة ترحم لأسعد بن زرارة ، فقلت له : إذا سمعت النداء ترحمت لأسعد بن زرارة ؟ قال : لأنه أول من جمع بنا في هزم النبيت من حرة بني بياضة في بقيع يقال له بقيع الخضمات ، قلت له : كم كنتم يومئذ ؟ قال : أربعون وأول جمعة جمعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه على ما ذكر أهل السير : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قدم المدينة مهاجرا نزل قباء على بني عمرو بن عوف ، وذلك يوم الاثنين لثنتي عشرة [ ليلة ] خلت من شهر ربيع الأول حين امتد الضحى ، فأقام بقباء يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء ويوم الخميس ، وأسس مسجدهم ، ثم خرج من بين أظهرهم يوم الجمعة عامدا المدينة ، فأدركته صلاة الجمعة في بني سالم بن عوف في بطن واد لهم ، وقد اتخذ اليوم في ذلك الموضع مسجدا ، فجمع هناك وخطبقوله - عز وجل - : ( فاسعوا إلى ذكر الله ) أي : فامضوا إليه واعملوا له ، وليس المراد من السعي الإسراع ، إنما المراد منها العمل والفعل ، كما قال : " وإذا تولى سعى في الأرض " ( البقرة - 205 ) وقال : " إن سعيكم لشتى " ( الليل - 4 ) .
وكان عمر بن الخطاب يقرأ : فامضوا إلى ذكر الله ، وكذلك هي في قراءة عبد الله بن مسعود .
وقال الحسن : أما والله ما هو بالسعي على الأقدام ، ولقد نهوا أن يأتوا الصلاة إلا وعليهم السكينة والوقار ، ولكن بالقلوب والنية والخشوعوقال قتادة في هذه الآية : " فاسعوا إلى ذكر الله " قال : فالسعي أن تسعى بقلبك وعملك وهو المشي إليها وكان يتأول قوله : " فلما بلغ معه السعي " ( الصافات - 102 ) يقول فلما مشى معه .
أخبرنا الإمام أبو [ علي ] الحسين بن محمد القاضي ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ، أخبرنا محمد بن أحمد بن معقل الميداني ، حدثنا محمد بن يحيى ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري عن ابن المسيب ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون ، ولكن ائتوها تمشون وعليكم السكينة [ والوقار ] فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموها " قوله ( إلى ذكر الله ) أي إلى الصلاة ، وقال سعيد بن المسيب : " فاسعوا إلى ذكر الله " قال هو موعظة الإمام ( وذروا البيع ) يعني البيع والشراء لأن اسم البيع يتناولهما جميعا .
وإنما يحرم البيع والشراء عند الأذان الثاني وقال الزهري : عند خروج الإمام .
وقال الضحاك : إذا زالت الشمس حرم البيع والشراء ( ذلكم ) الذي ذكرت من حضور الجمعة وترك البيع ، ( خير لكم ) من المبايعة ( إن كنتم تعلمون ) مصالح أنفسكم .
واعلم أن صلاة الجمعة من فروض الأعيان ، فتجب على كل من جمع العقل ، والبلوغ ، والحرية والذكورة والإقامة إذا لم يكن له عذر .
ومن تركها استحق الوعيد .
وأما الصبي والمجنون فلا جمعة عليهما ، لأنهما ليسا من أهل أن يلزمهما فرض الأبدان لنقصان أبدانهما ، ولا جمعة على النساء بالاتفاق :أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب ، أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، أخبرنا أبو العباس الأصم ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا إبراهيم بن محمد ، حدثني سلمة بن عبد الله الخطمي عن محمد بن كعب أنه سمع رجلا من بني وائل يقول : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " تجب الجمعة على كل مسلم إلا امرأة أو صبيا أو مملوكا " وذهب أكثرهم إلى أنه لا جمعة على العبيد .
وقال الحسن وقتادة والأوزاعي : تجب على العبد المخارج ، ولا تجب على المسافر عند الأكثرين .
وقال النخعي والزهري : تجب على المسافر إذا سمع النداء ، وكل من له عذر من مرض أو تعهد مريض أو خوف ، جاز له ترك الجمعة ، وكذلك له تركها بعذر المطر والوحل .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل [ حدثنا مسدد حدثنا إسماعيل ] أخبرني عبد الحميد صاحب الزيادي ، حدثنا عبد الله بن الحارث بن عمر ، حدثنا محمد بن سيرين قال ابن عباس لمؤذنه في يوم مطير : إذا قلت : أشهد أن محمدا رسول الله ، فلا تقل : حي على الصلاة .
قل : صلوا في بيوتكم .
فكأن الناس استنكروا فقال : فعله من هو خير مني إن الجمعة عزمة ، وإني كرهت أن أخرجكم فتمشوا في الطين والدحض .
وكل من لا يجب عليه حضور الجمعة ، فإذا حضر وصلى مع الإمام [ الجمعة ] سقط عنه فرض الظهر ، ولكن لا يكمل به عدد الجمعة إلا صاحب العذر ، فإنه إذا حضر يكمل به العدد .
أخبرنا الإمام أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي ، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي في سنة إحدى وثمانين وثلثمائة ، أخبرنا عيسى بن عمر بن العباس السمرقندي ، حدثنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي السمرقندي ، أخبرنا يحيى بن حسان حدثنا معاوية بن سلام ، أخبرني زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام يقول حدثني الحكم بن مينا أن ابن عمر حدثه وأبا هريرة أنهما سمعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على أعواد منبره : " لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين "أخبرنا أبو عثمان الضبي ، أخبرنا أبو محمد الجراحي ، حدثنا أبو العباس المحبوبي ، حدثنا أبو عيسى الترمذي ، حدثنا علي بن خشرم ، أخبرنا عيسى بن يونس ، عن محمد بن عمرو عن عبيدة بن سفيان ، عن أبي الجعد يعني الضميري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من ترك الجمعة ثلاث مرات تهاونا بها طبع الله على قلبه "واختلف أهل العلم في موضع إقامة الجمعة ، وفي العدد الذي تنعقد به الجمعة ، وفي المسافة التي يجب أن يؤتى منها : أما الموضع : فذهب قوم إلى أن كل قرية اجتمع فيها أربعون رجلا من أهل الكمال ، بأن يكونوا أحرارا عاقلين [ بالغين ] مقيمين لا يظعنون عنها شتاء ولا صيفا إلا ظعن حاجة ، تجب عليهم إقامة الجمعة فيها .
وهو قول عبيد الله بن عبد الله ، وعمر بن عبد العزيز وبه قال الشافعي وأحمد وإسحاق .
وقالوا : لا تنعقد الجمعة بأقل من أربعين رجلا على هذه الصفة ، وشرط عمر بن عبد العزيز مع عدد الأربعين أن يكون فيهم وال ، والوالي غير شرط عند الشافعي .
وقال علي : لا جمعة إلا في مصر جامع وهو قول أصحاب الرأي .
ثم عند أبي حنيفة ، رضي الله عنه تنعقد بأربعة ، والوالي شرط وقال الأوزاعي وأبو يوسف : تنعقد بثلاثة إذا كان فيهم وال .
وقال الحسن وأبو ثور : تنعقد باثنين كسائر الصلوات .
وقال ربيعة : تنعقد باثني عشر رجلا .
والدليل على جواز إقامتها في القرى ما : أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا محمد بن المثنى ، أخبرنا أبو عامر العقدي ، حدثنا إبراهيم بن طهمان ، عن أبي حمزة الضبعي عن ابن عباس قال : إن أول جمعة جمعت بعد جمعة في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسجد عبد القيس بجواثى من البحرينوإذا كان الرجل مقيما في قرية لا تقام فيها الجمعة ، أو كان مقيما في برية ، فذهب قوم إلى أنه إن كان يبلغهم النداء من موضع الجمعة يلزمهم حضور الجمعة ، وإن كان لا يبلغهم النداء فلا جمعة عليهم .
وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق .
والشرط أن يبلغهم نداء مؤذن جهوري الصوت يؤذن في وقت تكون الأصوات فيه هادئة والرياح ساكنة ، وكل قرية تكون في موضع الجمعة في القرب على هذا القدر يجب على أهلها حضور الجمعة .
وقال سعيد بن المسيب : تجب على كل من آواه المبيت .
وقال الزهري : تجب على من كان على ستة أميال .
وقال ربيعة : على أربعة أميال .
وقال مالك والليث : على ثلاثة أميال .
وقال أبو حنيفة رضي الله عنه : لا جمعة على أهل السواد قريبة كانت القرية أو بعيدة .
وكل من تلزمه صلاة الجمعة لا يجوز له أن يسافر يوم الجمعة بعد الزوال قبل أن يصلي الجمعة ، وجوز أصحاب الرأي أن يسافر بعد الزوال إذا كان يفارق البلد قبل خروج الوقت .
أما إذا سافر قبل الزوال بعد طلوع الفجر فيجوز ، غير أنه يكره إلا أن يكون سفره سفر طاعة من حج أو غزو ، وذهب بعضهم إلى أنه إذا أصبح يوم الجمعة مقيما فلا يسافر حتى يصلي الجمعة ، والدليل على جوازه ما :أخبرنا أبو عثمان الضبي ، أخبرنا أبو محمد الجراحي ، أخبرنا أبو العباس المحبوبي ، أخبرنا أبو عيسى ، حدثنا أحمد بن منيع ، حدثنا أبو معاوية عن الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال : بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن رواحة في سرية فوافق ذلك يوم الجمعة ، فغدا أصحابه ، وقال : أتخلف فأصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم ألحقهم ، فلما صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - رآه فقال : ما منعك أن تغدو مع أصحابك ؟ قال : أردت أن أصلي معك ثم ألحقهم ، فقال : " لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما أدركت فضل غدوتهم " وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمع رجلا عليه هيئة السفر يقول : لولا أن اليوم يوم الجمعة لخرجت ، فقال عمر : اخرج فإن الجمعة لا تحبس عن سفروقد ورد أخبار في سنن يوم الجمعة وفضله منها : ما أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد السرخسي ، أخبرنا زاهر بن أحمد الفقيه ، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي ، أخبرنا أبو مصعب ، عن مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهاد ، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة أنه قال : خرجت إلى [ الطور ] فلقيت كعب الأحبار ، فجلست معه فحدثني عن التوراة ، وحدثته عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فكان فيما حدثته أن قلت له : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم ، وفيه أهبط وفيه تيب عليه ، وفيه مات وفيه تقوم الساعة وما من دابة إلا وهي مصيخة يوم الجمعة من حين تصبح حين تطلع الشمس شفقا من الساعة إلا الجن والإنس وفيه ساعة لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه " قال كعب : ذلك في كل سنة يوم ، فقلت : بل في كل جمعة ، قال : فقرأ كعب التوراة فقال : صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
قال أبو هريرة : ثم لقيت عبد الله بن سلام فحدثته بمجلسي مع كعب الأحبار وما حدثته في يوم الجمعة ، فقال عبد الله بن سلام : قد علمت أية ساعة هي ، هي آخر ساعة في يوم الجمعة ، قال أبو هريرة : وكيف تكون آخر ساعة في يوم الجمعة ! وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي " وتلك ساعة لا يصلى فيها ؟ فقال عبد الله بن سلام : ألم يقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جلس مجلسا ينتظر الصلاة فهو في صلاة حتى يصليها ؟ قال أبو هريرة : بلى ، قال : فهو ذاك .
أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أخبرنا زاهر بن أحمد ، أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي ، أخبرنا أبو مصعب عن مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل "أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، حدثنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا آدم ، حدثنا ابن أبي ذئب ، عن سعيد المقبري ، أخبرني أبي عن عبد الله بن وديعة عن سلمان الفارسي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر ، ويدهن من دهنه ، أو يمس من طيب بيته ، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ، ثم يصلي ما كتب له ، ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى " .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان ، حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني ، حدثنا حميد بن زنجويه ، حدثنا أحمد بن خالد ، حدثنا محمد بن إسحاق ، عن محمد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعن أبي أمامة يعني سهل بن حنيف حدثاه عن أبي سعيد وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من اغتسل يوم الجمعة واستن ومس من طيب إن كان عنده ولبس من أحسن ثيابه ثم خرج حتى يأتي المسجد ، فلم يتخط رقاب الناس ثم ركع ما شاء الله أن يركع ، وأنصت إذا خرج الإمام كانت كفارة ما بينها وبين الجمعة التي كانت قبلها " قال أبو هريرة : وزيادة ثلاثة أيام لأن الله تعالى يقول : " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " ( الأنعام - 160 ) .
أخبرنا أبو طاهر عمر بن عبد العزيز القاشاني ، أخبرنا أبو القاسم بن جعفر الهاشمي ، أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد بن عمر اللؤلؤي ، حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني ، حدثنا محمد بن حاتم الجرجرائي ، حدثنا ابن المبارك عن الأوزاعي ، حدثني حسان بن عطية ، حدثني أبو الأشعث الصنعاني ، حدثني أوس بن أوس الثقفي قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من غسل يوم الجمعة واغتسل ثم بكر وابتكر ومشى ولم يركب ، ودنا من الإمام واستمع ، ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها " أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب ، أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، حدثنا أبو العباس الأصم ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا سفيان ، عن الزهري عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الناس على منازلهم الأول فالأول فإذا خرج الإمام طويت الصحف واستمعوا الخطبة والمهجر إلى الصلاة كالمهدي بدنة ، ثم الذي يليه كالمهدي بقرة ، ثم الذي يليه كالمهدي شاة ثم الذي يليه كالمهدي كبشا حتى ذكر الدجاجة والبيضة " .

التفسير الوسيط : ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من


والمقصود بالنداء في قوله- سبحانه -: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ ...
جميع المكلفين بها، الذين يجب عليهم أداؤها..وناداهم- سبحانه - بصفة الإيمان، لتحريك حرارة الإيمان في قلوبهم، ولتحريضهم على المسارعة إليها، إذ من شأن المؤمن القوى، أن يكون مطيعا لما يأمره خالقه به.
والمراد بالنداء: الأذان والإعلام بوقت حلولها.
والمقصود بالصلاة المنادى لها هنا: صلاة الجمعة، بدليل قوله-تبارك وتعالى- مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ.
واللام في قوله لِلصَّلاةِ للتعليل، ومِنْ بمعنى في، أو للبيان، أو للتبعيض، لأن يوم الجمعة زمان، تقع فيه أعمال، منها الصلاة المعهودة فيه وهي صلاة الجمعة لأن الأمر بترك البيع خاص بها، لوجود الخطبة فيها.
وقوله: فَاسْعَوْا ...
جواب الشرط، من السعى، وهو المشي السريع.
والمراد به هنا: المشي المتوسط بوقار وسكينة، وحسن تهيؤ لصلاة الجمعة..قال الآلوسى ما ملخصه: قوله: فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ أى: امشوا إليه بدون إفراط في السرعة..فقد أخرج الستة في كتبهم عن أبى سلمة من حديث أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وأنتم تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا» .
والمراد بذكر الله: الخطبة والصلاة جميعا، لاشتمالهما عليه، واستظهر بعضهم أن المراد به الصلاة، وقصره بعضهم على الخطبة.. .
وإنما عبر- سبحانه - بالسعي لتضمنه معنى زائدا على المشي، وهو الجد والحرص على التبكير، وعلى توقى التأخير.
والمعنى: يا من آمنتم بالله حق الإيمان، إذا نادى المنادى لأجل الصلاة في يوم الجمعة، فامضوا إليها بجد، وإخلاص نية، وحرص على الانتفاع بما تسمعونه من خطبة الجمعة، التي هي لون من ألوان ذكر الله-تبارك وتعالى- وطاعته.
والأمر في قوله- سبحانه -: فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ، وَذَرُوا الْبَيْعَ.. الظاهر أنه للوجوب، لأن الأمر يقتضى الوجوب، ما لم يوجد له صارف عن ذلك، ولا صارف له هنا.
والمراد من البيع هنا: المعاملة بجميع أنواعها، فهو يعم البيع والشراء وسائر أنواع المعاملات.
أى: إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة، فاخرجوا إليها بحرص وسكينة ووقار.
واتركوا المعاملات الدنيوية من بيع، وشراء، وإجارة، وغيرها.
وإنما قال- سبحانه -: وَذَرُوا الْبَيْعَ ...
لأنه أهم أنواع المعاملات، فهو من باب التعبير عن الشيء بأهم أجزائه.
واسم الإشارة في قوله- سبحانه -: ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يعود إلى ما سبق ذكره من الأمر بالسعي إلى ذكر الله، متى نودي للصلاة، وترك الاشتغال بالبيع وما يشبهه.
أى: ذلكم الذي أمرتكم به من السعى إلى ذكر الله عند النداء للصلاة من يوم الجمعة، ومن ترك أعمالكم الدنيوية.. خير لكم مما يحصل لكم من رزق في هذه الأوقات، عن طريق البيع أو الشراء أو غيرهما.
فالمفضل عليه محذوف، لدلالة الكلام عليه، والمفضل هو السعى إلى ذكر الله-تبارك وتعالى-.
وهذا التفضيل باعتبار أن منافع السعى إلى ذكر الله-تبارك وتعالى- باقية دائمة، أما المنافع الدنيوية فهي زائلة فانية ...
وجواب الشرط في قوله إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ محذوف.
أى: إن كنتم تعلمون ما هو خير لكم، فاسعوا إلى ذكر الله عند النداء للصلاة، واتركوا البيع والشراء.
أو إن كنتم من أهل العلم والفقه السليم للأمور، عرفتم أن امتثال أمر الله-تبارك وتعالى- بأن تسعوا، إلى ذكره عند النداء لصلاة الجمعة، خير لكم من الاشتغال في هذا الوقت بالبيع والشراء..إذ في هذا الامتثال سعادتكم ونجاتكم من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.

تفسير ابن كثير : شرح الآية 9 من سورة الجمعة


إنما سميت الجمعة جمعة ; لأنها مشتقة من الجمع ، فإن أهل الإسلام يجتمعون فيه في كل أسبوع مرة بالمعابد الكبار وفيه كمل جميع الخلائق ، فإنه اليوم السادس من الستة التي خلق الله فيها السماوات والأرض . وفيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة ، وفيه أخرج منها . وفيه تقوم الساعة . وفيه ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يسأل الله فيها خيرا إلا أعطاه إياه كما ثبتت بذلك الأحاديث الصحاحوقال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا عبيدة بن حميد ، عن منصور ، عن أبي معشر ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن قرثع الضبي ، حدثنا سلمان قال : قال أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم - : " يا سلمان ما يوم الجمعة ؟ " . قلت : الله ورسوله أعلم . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يوم جمع فيه أبواك - أو أبوكم "وقد روي عن أبي هريرة من كلامه ، نحو هذا ، فالله أعلم .وقد كان يقال له في اللغة القديمة يوم العروبة . وثبت أن الأمم قبلنا أمروا به فضلوا عنه ، واختار اليهود يوم السبت الذي لم يقع فيه خلق واختار النصارى يوم الأحد الذي ابتدئ فيه الخلق ، واختار الله لهذه الأمة يوم الجمعة الذي أكمل الله فيه الخليقة ، كما أخرجه البخاري ، ومسلم من حديث عبد الرزاق ، عن معمر ، عن همام بن منبه قال : هذا ما حدثنا أبو هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " نحن الآخرون السابقون يوم القيامة ، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا . ثم هذا يومهم الذي فرض الله عليهم ، فاختلفوا فيه ، فهدانا الله له ، فالناس لنا فيه تبع اليهود غدا ، والنصارى بعد غد " لفظ البخاري .وفي لفظ لمسلم : " أضل الله من كان قبلنا فكان لليهود يوم السبت ، وكان للنصارى يوم الأحد . فجاء الله بنا فهدانا الله ليوم الجمعة ، فجعل الجمعة والسبت والأحد ، وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة ، نحن الآخرون من أهل الدنيا ، والأولون يوم القيامة ، المقضي بينهم قبل الخلائق " .وقد أمر الله المؤمنين بالاجتماع لعبادته يوم الجمعة ، فقال : ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ) أي : اقصدوا واعمدوا واهتموا في مسيركم إليها ، وليس المراد بالسعي ها هنا المشي السريع ، وإنما هو الاهتمام بها ، كقوله تعالى : ( ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن ) [ الإسراء : 19 ] وكان عمر بن الخطاب وابن مسعود رضي الله عنهما يقرآنها : " فامضوا إلى ذكر الله " . فأما المشي السريع إلى الصلاة فقد نهي عنه ، لما أخرجاه في الصحيحين ، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة ، وعليكم السكينة والوقار ، ولا تسرعوا ، فما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فأتموا " . لفظ البخاريوعن أبي قتادة قال : بينما نحن نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ سمع جلبة رجال ، فلما صلى قال : " ما شأنكم ؟ " . قالوا : استعجلنا إلى الصلاة . قال : " فلا تفعلوا ، إذا أتيتم الصلاة فامشوا وعليكم بالسكينة فما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فأتموا " . أخرجاهوقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون ، ولكن ائتوها تمشون ، وعليكم السكينة والوقار ، فما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فأتموا " .رواه الترمذي من حديث عبد الرزاق كذلك ، وأخرجه من طريق يزيد بن زريع ، عن معمر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة بمثلهقال الحسن أما والله ما هو بالسعي على الأقدام ، ولقد نهوا أن يأتوا الصلاة إلا وعليهم السكينة والوقار ، ولكن بالقلوب والنية والخشوع .وقال قتادة في قوله : ( فاسعوا إلى ذكر الله ) يعني : أن تسعى بقلبك وعملك ، وهو المشي إليها ، وكان يتأول قوله تعالى : ( فلما بلغ معه السعي ) [ الصافات : 102 ] أي : المشي معه . روي عن محمد بن كعب ، وزيد بن أسلم وغيرهما نحو ذلك .ويستحب لمن جاء الجمعة أن يغتسل قبل مجيئه إليها ، لما ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل "ولهما عن أبي سعيد رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم "وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " حق لله على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام ، يغسل رأسه وجسده " . رواه مسلموعن جابر رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " على كل رجل مسلم في كل سبعة أيام غسل يوم ، وهو يوم الجمعة " . رواه أحمد ، والنسائي ، وابن حبانوقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن آدم ، حدثنا ابن المبارك ، عن الأوزاعي ، عن حسان بن عطية ، عن أبي الأشعث الصنعاني ، عن أوس بن أوس الثقفي قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من غسل واغتسل يوم الجمعة ، وبكر وابتكر ، ومشى ولم يركب ، ودنا من الإمام واستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة أجر سنة ، أجر صيامها وقيامها " .وهذا الحديث له طرق وألفاظ ، وقد أخرجه أهل السنن الأربعة وحسنه الترمذيوعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ، ثم راح فكأنما قرب بدنة ، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة ، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر " أخرجاهويستحب له أن يلبس أحسن ثيابه ، ويتطيب ويتسوك ، ويتنظف ويتطهر . وفي حديث أبي سعيد المتقدم : " غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم ، والسواك ، وأن يمس من طيب أهله " .وقال الإمام أحمد : حدثنا يعقوب ، حدثنا أبي ، عن محمد بن إسحاق ، حدثني محمد بن إبراهيم التيمي ، عن عمران بن أبي يحيى ، عن عبد الله بن كعب بن مالك ، عن أبي أيوب الأنصاري : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب أهله - إن كان عنده - ولبس من أحسن ثيابه ، ثم خرج حتى يأتي المسجد فيركع - إن بدا له - ولم يؤذ أحدا ، ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يصلي ، كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة الأخرى "وفي سنن أبي داود ، وابن ماجه عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه ، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول على المنبر : " ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته "وعن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس يوم الجمعة ، فرأى عليهم ثياب النمار ، فقال : " ما على أحدكم إن وجد سعة أن يتخذ ثوبين لجمعته ، سوى ثوبي مهنته " . رواه ابن ماجهوقوله تعالى : ( إذا نودي للصلاة ) المراد بهذا النداء هو النداء الثاني الذي كان يفعل بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج فجلس على المنبر ، فإنه كان حينئذ يؤذن بين يديه ، فهذا هو المراد ، فأما النداء الأول الذي زاده أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه ، فإنما كان هذا لكثرة الناس ، كما رواه البخاري رحمه الله حيث قال : حدثنا آدم - هو ابن أبي إياس - حدثنا ابن أبي ذئب ، عن الزهري ، عن السائب بن يزيد قال : كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأبي بكر ، وعمر فلما كان عثمان بعد زمن وكثر الناس ، زاد النداء الثاني على الزوراء يعني : يؤذن به على الدار التي تسمى بالزوراء ، وكانت أرفع دار بالمدينة بقرب المسجد .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا محمد بن راشد المكحولي ، عن مكحول : أن النداء كان في يوم الجمعة مؤذن واحد حين يخرج الإمام ، ثم تقام الصلاة ، وذلك النداء الذي يحرم عنده البيع والشراء إذا نودي به ، فأمر عثمان رضي الله عنه ، أن ينادى قبل خروج الإمام حتى يجتمع الناس .وإنما يؤمر بحضور الجمعة الرجال الأحرار دون النساء ، والعبيد ، والصبيان ويعذر المسافر ، والمريض ، وقيم المريض ، وما أشبه ذلك من الأعذار ، كما هو مقرر في كتب الفروع .وقوله : ( وذروا البيع ) أي : اسعوا إلى ذكر الله واتركوا البيع إذا نودي للصلاة : ولهذا اتفق العلماء رضي الله عنهم على تحريم البيع بعد النداء الثاني . واختلفوا : هل يصح إذا تعاطاه متعاط أم لا ؟ على قولين ، وظاهر الآية عدم الصحة كما هو مقرر في موضعه ، والله أعلم .وقوله : ( ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ) أي : ترككم البيع وإقبالكم إلى ذكر الله وإلى الصلاة خير لكم ، أي : في الدنيا والآخرة إن كنتم تعلمون .

تفسير الطبري : معنى الآية 9 من سورة الجمعة


يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من عباده: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله ( إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ) وذلك هو النداء، ينادي بالدعاء إلى صلاة الجمعة عند قعود الإمام على المنبر للخطبة ؛ ومعنى الكلام: إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ( فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ) يقول: فامضوا إلى ذكر الله، واعملوا له؛ وأصل السعي في هذا الموضع العمل، وقد ذكرنا الشواهد على ذلك فيما مضى قبل.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك :حدثنا الحسن بن عرفة، قال: ثنا إسماعيل بن عياش، عن شُرحبيل بن مسلم الخَوْلانّي، في قول الله: ( فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ) قال: فاسعوا في العمل، وليس السعي في المشي.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ) والسعي يا ابن آدم أن تسعى بقلبك وعملك، وهو المضيّ إليها.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا ابن أَبي عديّ، عن شعبة، قال: أخبرني مغيرة، عن إبراهيم أنه قيل لعمر رضي الله عنه: إن أبيًّا يقرؤها( فَاسْعَوْا ) قال: أما إنه أقرؤنا وأعلمنا بالمنسوخ وإنما هي فامضوا.
حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري ، قال: أخبرنا سفيان، عن الزهريّ، عن سالم، عن أبيه، قال: ما سمعت عمر يقرؤها قطّ إلا فامضوا.
حدثنا أبو كُرَيْب، قال: ثنا ابن يمان، قال: ثنا حنظلة، عن سالم بن عبد الله، قال: كان عمر رضي الله عنه يقرؤها: ( فَامْضُوا إلَى ذِكْرِ اللهِ ).
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن حنظلة، عن سالم بن عبد الله أن عمر بن الخطاب قرأها: فامضوا.
حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثنا حنظلة بن أَبي سفيان الجمحّي، أنه سمع سالم بن عبد الله يحدّث عن أبيه، أنه سمع عمر بن الخطاب يقرأ ( إذَا نُودِيَ لِلْصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمْعَةِ فَامْضُوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ ).
قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني سالم بن عبد الله بن عمر، أن عبد الله قال: لقد توفى الله عمر رضي الله عنه، وما يقرأ هذه الآية التي ذكر الله فيها الجمعة: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ) إلا فامضوا إلى ذكر الله.
حدثني أَبو السائب، قال: ثنا معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، قال: كان عبد الله يقرؤها " فامضوا إلى ذكر الله " ويقول: لو قرأتها فاسعوا ، لسعيت حتى يسقط ردائي.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا ابن أَبي عدي، عن شعبة، عن سليمان، عن إبراهيم، قال: قال عبد الله: لو كان السعي لسعيت حتى يسقط ردائي، قال: ولكنها(فَامْضُوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ ) قال: هكذا كان يقرؤها.
حدثني عليّ بن الحسين الأزدي، قال: ثنا يحيى بن يمان الأزدي، عن أَبي جعفر الرازي، عن الربيع عن أَبي العالية أنه يقرؤها( فَامْضُوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ ).
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، قال: ثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أَبي العالية، أنه قرأها( فَامْضُوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ ).
حدثنا أبو كُرَيْب، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، ابن جُرَيج، عن عطاء، قال: هي للأحرار.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن منصور عن رجل، عن مسروق، قال: عند الوقت.
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن رجل، عن مسروق ( إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ ) قال: عند الوقت.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن جابر، عن مجاهد، قال: هو عند العزمة عند الخطبة، عند الذكر.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال : ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ( إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ) قال: النداء عند الذكر عزيمة.
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن جابر، عن مجاهد ( إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ) قال: العزمة عند الذكر عند الخطبة.
قال: ثنا مهران، عن سفيان عن المُغيرة والأعمش، عن إبراهيم، عن ابن مسعود، قال: لو قرأتها( فَاسْعَوْا ) لسعيت حتى يسقط ردائي، وكان يقرؤها(فَامْضُوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ ).
قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عطاء بن السائب، عن الشعبيّ، عن ابن مسعود قال: قرأها( فامضوا )حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن أَبي حيان، عن عكرِمة ( فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ) قال: السعي: العمل.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: وسألته عن قول الله: ( إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ) قال: إذا سمعتم الداعي الأوّل، فأجيبوا إلى ذلك وأسرعوا ولا تبطئوا؛ قال: ولم يكن في زمان النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أذان إلا أذانان: أذان حين يجلس على المنبر ، وأذان حين يُقام الصلاة؛ قال: وهذا الآخر شيء أحدثه الناس بعد؛ قال: لا يحلّ له البيع إذا سمع النداء الذي يكون بين يدي الإمام إذا قعد على المنبر وقرأ ( فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ) قال : ولم يأمرهم يذرون شيئًا غيره، حرم البيع ثم أذن لهم فيه إذا فرغوا من الصلاة، قال: والسعي أن يُسرع إليها، أن يُقبِل إليها.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة: إن في حرف ابن مسعود ( إذَا نُودِيَ لِلْصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمْعَةِ فَامْضُوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ ).
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ) السعي: هو العمل، قال الله: إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى .
وقوله: ( وَذَرُوا الْبَيْعَ ) يقول: ودعوا البيع والشراء إذا نودي للصلاة عند الخطبة.
وكان الضحاك يقول في ذلك ما حدثنا أَبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن جُوَيبر، عن الضحاك، قال: إذا زالت الشمس حرم البيع والشراء.
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن جُوَيبر، عن الضحاك ( إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ) قال: إذا زالت الشمس حرم البيع والشراء.
حدثنا مهران، عن سفيان ، عن إسماعيل السديّ، عن أَبي مالك، قال: كان قوم يجلسون في بقيع الزبير، فيشترون ويبيعون إذا نودي للصلاة يوم الجمعة، ولا يقومون ، فنزلت: ( إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ) وأما الذكر الذي أمر الله تبارك وتعالى بالسعي إليه عباده المؤمنين، فإنه موعظة الإمام في خطبته فيما قيل.
* ذكر من قال ذلك :حدثنا ابن حُمَيْد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن جابر، عن مجاهد ( إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ) قال: العزمة عند الذكر عند الخطبة.
حدثنا عبد الله بن محمد الحنفي، قال: ثنا عبدان، قال : أخبرنا عبد الله، قال: أخبرنا منصور رجل من أهل الكوفة، عن موسى بن أَبي كثير، أنه سمع سعيد بن المسيب يقول : ( إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ) فهي موعظة الإمام فإذا قضيت الصلاة بعد.
وقوله: ( ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) يقول: سعيكم إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة إلى ذكر الله، وترك البيع خير لكم من البيع والشراء في ذلك الوقت، إن كنتم تعلمون مصالح أنفسكم ومضارّها.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ) فقرأت ذلك عامة قرّاء الأمصار: ( الْجُمُعَةِ ) بضم الميم والجيم، خلا الأعمش فإنه قرأها بتخفيف الميم.
* والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قرّاء الأمصار لإجماع الحجة من القرّاء عليه.

ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون

سورة : الجمعة - الأية : ( 9 )  - الجزء : ( 28 )  -  الصفحة: ( 554 ) - عدد الأيات : ( 11 )

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وكذلك
  2. تفسير: فأتبع سببا
  3. تفسير: صراط الله الذي له ما في السموات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور
  4. تفسير: وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله
  5. تفسير: وجعلنا سراجا وهاجا
  6. تفسير: مرفوعة مطهرة
  7. تفسير: والله جعل لكم الأرض بساطا
  8. تفسير: قال ألقها ياموسى
  9. تفسير: إنه كان في أهله مسرورا
  10. تفسير: والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون

تحميل سورة الجمعة mp3 :

سورة الجمعة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الجمعة

سورة الجمعة بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة الجمعة بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة الجمعة بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة الجمعة بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة الجمعة بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة الجمعة بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة الجمعة بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة الجمعة بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة الجمعة بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة الجمعة بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب