أن زوج بريرة كان عبدا أسود لبني المغيرة يوم أعتقت بريرة والله لكأني

الحياةُ الزَّوجيَّةُ قائمةٌ على المودةِ والرَّحمةِ وقَبولِ الطَّرَفينِ بعضِهما لبَعضٍ، ونُفورُ أحَدِهما عنِ الآخَرِ يُعرقِلُ تلك الحياةَ، فيُصبِحُ مِن الصَّعبِ استِمرارُها.
وفي هذا الحديثِ يَحكي عبدُ اللهِ بنُ عباسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: "أنَّ زوجَ بَرِيرَةَ" واسمُهُ مُغِيثٌ، كما جاء -عندَ التِّرمذيِّ- "كان عبْدًا أسودَ لِبَنِـي المُغِيرةِ يومَ أُعْتِقَتْ بَرِيرَةُ"، وكانتْ بَرِيرَةُ أَمَةً عندَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قال ابنُ عباسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: "واللهِ لَكأنِّي به في طُرُقِ المدينةِ ونواحِيها، وإنَّ دُموعَه لَتَسيلُ على لِـحيتِه" وهو يَسيرُ خلْفَ بَرِيرَةَ، "يَترضَّاهَا لِتَختارَهُ، فلمْ تَفْعَلْ"، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قد خَيَّرَها بَعدَما أُعتِقتْ بيْن أنْ تَبقَى مع زَوجِها مُغيثٍ أو تُفارِقَه، فرفَضَتِ استِمرارَ الزَّواجِ، فقالَتْ: "ما أُحِبُّ أنْ أكونَ معَه وأنَّ لي كذا وكذا"، كما عندَ أبي داودَ مِن حديثِ عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها، أي: لا أُحِبُّ استِمرارَ زَواجي به ولو أُعطيتُ مالًا كثيرًا نَظيرَ ذلك.
وفي حديثِ عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها عندَ التِّرمذيِّ: "ولو كان حُرًّا لم يُخيِّرْها"، أي: لو كان مُغِيثٌ زوجُ بَرِيرَةَ حُرًّا مِثلَها لم يَكُنْ لِيُخيِّرَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ وذلك لأنَّ الأَمَةَ إذا كانت مُعتَقةً عن زَوجٍ مَملوكٍ يكونُ لها الخِيارُ، وإنْ كان زوجُها حُرًّا يَنتَفي عنها الخِيارُ؛ وذلك لانعِدامِ الكفاءَةِ بينَهما؛ لأنَّ المرأةَ إذا صارَت حُرَّةً وكان زوجُها مَملوكًا لم يكُنْ مُساويًا لها .