شرح حديث
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
أخبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن أُمورٍ غَيبيَّةٍ ستَحْدُثُ بعدَه، وقد وقَعَ كَثيرٌ منها كما أخبَرَ، ممَّا يُعَدُّ دليلًا مُستمِرًّا على صِدقِ نُبوَّتِه، وأنَّ ما لم يأتِ وقْتُه سيَقَعُ في وقتِه كما أخبَر صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومِن ذلك ما في هذا الحَديثِ؛ حيث يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "سيكونُ بَعدي خُلَفاءُ يَعمَلون بما يَعلَمون"، أي: يَنتهي عمَلُهم إلى ما عَلِموه مِن الكِتابِ والسُّنةِ، "ويَفعَلون ما يُؤمَرون"، أي: يأْتون بما أمَرَهم الدِّينُ به فِعلًا واجتنابًا، وهؤلاء هم الخُلفاءُ الرَّاشدون الَّذين ذكَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّهم يُقِيمون خِلافةً على مِنْهاجِ النُّبوَّةِ وهم أبو بَكرٍ وعُمَرُ وعُثمانُ وعليٌّ رضِيَ اللهُ عنهم، قال: "وسيكونُ بَعْدي خُلفاءُ يَعمَلون بما لا يَعلَمون"، أي: يَعمَلون بغَيرِ عِلْمٍ صحيحٍ مِن الدِّينِ، "ويَفعَلون ما لا يُؤمَرون"، أي: يَفعَلون أفعالًا لا أصلَ لها في الدِّينِ؛ إذ فعَلوا ما لم يُؤمَروا به شرعًا مِن البِدَعِ المَنهيِّ عنها، وهؤلاء على عَكسِ خِلافةِ النُّبوَّةِ، وإنَّما أوقَعَ عليهم اسمَ الخِلافةِ بمعنى المُلكِ في غيرِ خِلافةِ النُّبوَّةِ، "فمَن أنكَرَ عليهم"، أي: أنكَرَ أفعالَهم ونصَحَهم، "بَرِئَ"، أي: خَلُصَ مِن تَبِعَتِهم وبرِئَت ذِمَّتُه أمامَ اللهِ منهم، "ومَن أمسَكَ يدَهُ سَلِمَ"، أي: لم يَدخُلْ في فِتَنِهم ولم يُشارِكْ في إيذاءِ النَّاسِ، فقد نجَا وسَلِمَ مِن الوقوعِ في الفِتنةِ والشَّرِّ، "ولكنْ مَن رضِيَ وتابَعَ"، أي: أمَّا مَن رضِيَ بظُلْمِهم وأفعالِهم المُنكَرةِ وتابعَهم على فِعلِها، فهو مِثلُهم في الإثمِ، وفي رِوايةِ مُسلمٍ: "فمَن جاهَدَهم بيَدِه فهو مُؤمِنٌ، ومَن جاهَدَهم بلِسانِه فهو مُؤمنٌ، ومَن جاهَدَهم بقَلْبِه فهو مُؤمنٌ، وليس وراءَ ذلك مِن الإيمانِ حَبَّةُ خَرْدلٍ".
وفي الحَديثِ: بَيانُ مُعجزةٍ ودَليلٍ مِن دَلائلِ النُّبوَّةِ؛ حيثُ وقَعَ ما أخبَرَ به النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: أنَّ مُوافَقةَ الظَّلمةِ ومُتابعتَهم والرِّضا بأفعالِهم يُشْرِكُ العَبدَ في وِزْرِهم.
وفيه: دَليلٌ على أثَرِ النِّيَّةِ في أعمالِ العبْدِ( ).
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم