أنه رأى رسول الله توضأ من ثور أقط ثم رآه أكل من

كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حريصًا على أنْ يُعلِّمَ أصحابَهُ ما يَطْرَأُ مِن أسْبابٍ تُحتِّمُ الطَّهارةَ والنَّظافةَ بالوُضوءِ، وخاصَّةً مِن الأشياءِ الَّتي تَتْرُكُ أثرًا ورائحةً في الجَسَدِ.

وفي هذا الحديثِ يَروي أبو هُرَيْرةَ رضِيَ اللهُ عنه: "أنَّه رأى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَوَضَّأَ من ثَوْرٍ أَقِطٍ"، أي: بسَبَبِ أكْلِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قِطْعَةً من الأَقِطِ وهو اللَّبَنُ المُجَفَّفُ، وهذا إشارَةٌ إلى أنَّه يَجِبُ الوُضوءُ على مَنْ أَكَلَ طَعامًا قد أثَّرَتْ فيه النارُ وأَنْضَجَتْهُ، "ثم رَآهُ أَكَلَ من كَتِفِ شاةٍ"، أي: أَكَلَ من لَحْمِها بعدَ إنْضاجِها على النارِ، "ثم صَلَّى ولمْ يَتَوَضَّأْ"، أي: لم يُجَدِّدْ وُضوءَهُ بعدَ الأَكْلِ من الطَّعامِ الذي أُنضِجَ على النارِ، إشارةً إلى نَسْخِ الحُكْمِ السابِقِ، فقد رَوَى أبو داوُدَ والنَّسائِيُّ وغيرُهما عن جابرٍ رضِيَ اللهُ عنه قال: "كانَ آخِرُ الأمرَيْنِ مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَرْكَ الوضوءِ ممَّا مَسَّتِ النَّارُ"( ).