شرح حديث خطب علي الناس فقال شاورني عمر في أمهات الأولاد فرأيت أنا وعمر
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
كان للصَّحابةِ رَضِي اللهُ عنهم مُراجعاتٌ لبعضِهم البعضَ فيما كانوا يَنقُلونَه عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن أحكامٍ؛ وذلك لتفاوُتِ العِلمِ بينَهم فيما تَحصَّلوه عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وما فَقِهوهُ مِن الشريعةِ ومقاصدِها.
وفي هذا الحديثِ يقولُ التابعيُّ عَبِيدةُ بنُ عمرٍو السَّلْمانيُّ: "خطَبَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ الناسَ"، وذلك لَمَّا وَلِيَ الخلافةَ، "فقال: شاوَرَني عُمَرُ" مِن المَشورةِ وأخذِ الرأيِ، "في أمَّهاتِ الأولادِ" في شأنِ أمَّهاتِ الأولادِ ما بينَ عِتقِهنَّ أو إبقائِهنَّ في العبوديَّةِ، وهنَّ الإماءُ المملوكاتُ اللاتي وَطِئَهُنَّ أسيادُهنَّ ومالِكوهنَّ فحَمَلْنَ وولَدْنَ، "فرأيتُ أنا وعُمَرُ أنْ أُعتِقَهنَّ" بعدَ وفاةِ السيِّدِ والمالكِ؛ وذلك لأنَّ ابنَها أَعتَقَها، "فقَضى به عُمَرُ حياتَه، وعثمانُ حياتَه" في خلافتِهما، "فلمَّا وُلِّيتُ رأيتُ أنْ أُرِقَّهُنَّ" ويَبقَيْنَ ضِمنَ مالِ السيِّدِ بعدَ موتِه.
وهذا القولُ مِن عليٍّ رَضِي اللهُ عنه لم يُلزِمْ به غيرَه، أو لم يَثبُتْ عليه؛ بل رجَعَ إلى رأيِ عُمَرَ ورأيِ الجماعةِ في عدمِ بيعِ أمَّهاتِ الأولادِ؛ وذلك أنَّه رَضِي اللهُ عنه لَمَّا قَدِم العِراقَ، وسأَلَه أهلُها عن رأيِه في أُمِّ الولدِ: هل تُباعُ أو لا؟ فأخبَرَهم أنَّ رأيَه كان كرأيِ عُمَرَ رَضِي اللهُ عنه في عدمِ بيعِ أمَّهاتِ الأولادِ، وأنَّه رجَعَ عنه فرَأَى أنْ يُبَعْنَ، فقال له عَبِيدةُ السَّلْمانيُّ: رأيُك ورأيُ عُمَرَ في الجماعةِ أَحَبُّ إليَّ مِن رأيِك وحدَك في الفُرقةِ، فقال له عليٌّ رَضِي اللهُ عنه كما أورَدَه البخاريُّ: "اقضُوا كما كنتُم تَقضُونَ؛ فإنِّي أَكرَهُ الاختلافَ، حتى يكونَ للنَّاسِ جماعةٌ، أو أموتَ كما مات أصحابي"، معناه: إلى أنْ أموتَ كما مات أصحابي على الحقِّ والهدايةِ، والمرادُ مَن سبَقَه مِن الخُلفاءِ الرَّاشدينَ .
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم