عن ابن عباس أن وطء الحرام لا يحرم

كان الصَّحابةُ الكرامُ رِضوانُ اللهِ عليهم يَجتهِدونَ في تطبيقِ أحكامِ الشرعِ وفَهمِ نصوصِ القرآنِ والسُّنَّةِ، مع الاجتهادِ فيما لم يَرِدْ فيه نصٌّ صريحٌ، كما يُوضِّحُ هذا الأثرُ؛ فعن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عنهما قال: "وطءُ الحرامِ لا يُحرِّمُ"، وهذا رأيُ ابنِ عبَّاسٍ، وهو يعني: أنَّ الزِّنا في الحرامِ لا يُحرِّمُ ما أحَلَّه اللهُ مِن العَلاقاتِ المَبنيَّةِ على أساسٍ شرعيٍّ صحيحٍ قبلَ الوقوعِ في الفاحِشةِ أو بعدَها؛ فإذا زَنَى الرجُلُ بأُمِّ زوجتِه مثلًا، فلا تحرُمُ عليه زوجتُه؛ وذلك لأنَّ الحرامَ لا يُحرِّمُ الحلالَ، ولمَّا كان زواجُه مِنِ امرأتِه حلالًا، وكان زِناهُ بأُمِّها حرامًا، لم تحرُمْ عليه زوجتُه بهذا الزِّنا، ويكونُ الزَّوجُ قد استوجَبَ حدَّ الزِّنا، مع بقاءِ زواجِه صحيحًا، وكذا إذا زَنَى بأُختِ زوجتِه؛ لأنَّ المُحرَّمَ هو الجمعُ بينَ الأُختينِ بالنِّكاحِ خاصَّةً لا بالزِّنا.
.