حديث يا نبي الله بأبي أنت وأمي لا تشرف يصيبك سهم من سهام

أحاديث نبوية | صحيح البخاري | حديث أنس بن مالك

«لَمَّا كانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ النَّاسُ عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأَبُو طَلْحَةَ بيْنَ يَدَيِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُجَوِّبٌ به عليه بحَجَفَةٍ له، وكانَ أبو طَلْحَةَ رَجُلًا رَامِيًا شَدِيدَ القِدِّ، يَكْسِرُ يَومَئذٍ قَوْسَيْنِ أوْ ثَلَاثًا، وكانَ الرَّجُلُ يَمُرُّ معهُ الجَعْبَةُ مِنَ النَّبْلِ، فيَقولُ: انْشُرْهَا لأبِي طَلْحَةَ. فأشْرَفَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَنْظُرُ إلى القَوْمِ، فيَقولُ أبو طَلْحَةَ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، بأَبِي أنْتَ وأُمِّي، لا تُشْرِفْ يُصِيبُكَ سَهْمٌ مِن سِهَامِ القَوْمِ، نَحْرِي دُونَ نَحْرِكَ. ولقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بنْتَ أبِي بَكْرٍ وأُمَّ سُلَيْمٍ وإنَّهُما لَمُشَمِّرَتَانِ، أرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا، تُنْقِزَانِ القِرَبَ علَى مُتُونِهِمَا، تُفْرِغَانِهِ في أفْوَاهِ القَوْمِ، ثُمَّ تَرْجِعَانِ، فَتَمْلَآنِهَا، ثُمَّ تَجِيئَانِ فَتُفْرِغَانِهِ في أفْوَاهِ القَوْمِ، ولقَدْ وقَعَ السَّيْفُ مِن يَدَيْ أبِي طَلْحَةَ؛ إمَّا مَرَّتَيْنِ وإمَّا ثَلَاثًا.»

صحيح البخاري
أنس بن مالك
البخاري
[صحيح]

صحيح البخاري - رقم الحديث أو الصفحة: 3811 - أخرجه البخاري (3811)، ومسلم (1811)

شرح حديث لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

لا شكَّ أنْ مَعْصيةَ الرَّسولِ تَأْتي بالوَبالِ على المُسلِمينَ، فحِينَما عَصى الرُّماةُ يومَ أحُدٍ كَلامَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بنُزولِهم مِن فَوقِ الجَبلِ، استغَلَّ المُشرِكونَ هذا الأمرَ، وعادوا إلى المَعرَكةِ، واشتدَّ الأمرُ على المُسلِمينَ.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي أنَسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه لَمَّا انهَزَمَ النَّاسُ في غَزْوةِ أحُدٍ، والَّتي وقَعَت في السَّنةِ الثَّالثةِ مِن الهِجْرةِ بيْنَ مُشْرِكي مكَّةَ والمُسلِمينَ، وانهَزَمَ فيها المُسلِمونَ بسبَبِ مُخالَفةِ الرُّماةِ لأوامِرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وتَراجَعَ المُسلِمونَ، وانكشَفَ مَوقِعُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولم يَثبُتْ معَه وحَولَه إلَّا القَليلُ مِن المُهاجِرينَ والأنْصارِ، ومنهم طَلْحةُ بنُ عُبَيدٍ، وسَعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ، وغَيرُهما، وكان أبو طَلْحةَ الأنْصاريُّ «مُجَوِّبًا به عليه»، أي: مُتَرِّسًا بحَجَفةٍ، والجَحَفةُ: التُّرسُ، أي: أنَّ أبا طَلْحةَ كان يَحْمي النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ويَحجُزُه بتُرسٍ مِن جِلدٍ ليس فيها خشَبٌ، وكان أبو طَلْحةَ رَجلًا راميًا، أي: ماهِرًا في رَميِ السِّهامِ  بالقَوْسِ، شَديدَ القِدِّ، أي: شَديدَ وتَرِ القَوْسِ في النَّزعِ والمَدِّ، فكسَرَ يومَئذٍ قَوسَينِ أو ثَلاثًا، وكان الرَّجلُ يمُرُّ بأبي طَلْحةَ ومعَه الجَعْبةُ -وهي الكِنانةُ والكِيسُ- مِن السِّهامِ، فيَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «انشُرْها»، أيِ: انثُرْها على الأرضِ وأَعِدَّها لأبي طَلْحةَ؛ ليَرْميَ بها، فأشرَفَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أيِ: اطَّلعَ مِن فوقُ، يَنظُرُ إلى القَومِ وهم يَرْمونَ، فيقولُ له أبو طَلْحةَ: يا نَبيَّ اللهِ، بأبي أنتَ وأمِّي، لا تُشرِفْ، أي: أفْديكَ بأبي وأمِّي، لا تَطَّلعْ عليهم مِن فوقُ، فيُصيبُكَ سَهمٌ مِن سِهامِ الأعْداءِ، ولكنْ نَحْري دُونَ نَحرِكَ، أي: أقِفُ أنا بحيث يكونُ صَدْري كالتُّرسِ والحِمايةِ لصَدرِكَ.
ثمَّ ذكَر أنَسٌ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه رَأى أمَّ المؤمِنينَ عائشةَ بنتَ أبي بَكرٍ، وأُمَّ سُلَيمٍ زَوجَ أبي طَلْحةَ مُشمِّرَتينِ أثْوابَهما، يَرى خدَمَ سُوقِهما، والسُّوقُ جَمعُ ساقٍ، وخَدَمُ السُّوقِ: الخَلْخالُ، أو أصْلُ السَّاقِ، وكان ذلك قبْلَ نُزولِ الحِجابِ، وكانَتا تَنْقُزانِ، مِنَ النَّقْزِ، وهو الوَثْبُ والإسْراعُ في المَشيِ.
وقولُه: «على مُتونِهما»، أي: تَحْمِلانِ القِرَبَ على ظُهورِهما، وكانَتا تُفرِغانِ الماءَ في أفْواهِ القَومِ، أي: مِن المُسلِمينَ ليَشْرَبوا، ثمَّ تَرجِعانِ فتَمْلآنِها، ثمَّ تَجيئانِ فتُفرِغانِها.
ولقد وقَعَ السَّيفُ مِن يدَيْ أبي طَلْحةَ؛ إمَّا مرَّتَينِ وإمَّا ثَلاثًا، وزادَ مُسلِمٌ في رِوايتِه: «منَ النُّعاسِ»، وهو النَّومُ الَّذي أصابَهم، كما قال اللهُ تعالَى: { ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا } [ آل عمران: 154 ]، وهو الَّذي مَنَّ اللهُ به على أهلِ الصِّدقِ واليَقينِ مِن المؤمِنينَ يومَ أحُدٍ.
وفي الحَديثِ: فِداءُ الصَّحابةِ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأرْواحِهم، وشدَّةُ تَعلُّقِهم به صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: أنَّ للمَرأةِ دَوْرًا في حَياةِ المُسلِمينَ، حتَّى في الجِهادِ.
وفيه: فَضلٌ ومَنقَبةٌ لأبي طَلْحةَ رَضيَ اللهُ عنه.
وفيه: الحَثُّ على تَعلُّمِ الرَّميِ وفُنونِ القِتالِ.
وفيه: أنَّ الشُّجاعَ يُؤخَذُ له سِلاحُ غيرِه.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح البخاريما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأحد يمشي على الأرض إنه
صحيح البخاريكنت جالسا في مسجد المدينة فدخل رجل على وجهه أثر الخشوع فقالوا هذا
صحيح البخاريأتيت المدينة فلقيت عبد الله بن سلام رضي الله عنه فقال ألا تجيء
صحيح البخاريما غرت على امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة
صحيح البخاريرأى النبي صلى الله عليه وسلم النساء والصبيان مقبلين قال حسبت أنه
صحيح البخاريأن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فبعث إلى نسائه فقلن ما
صحيح البخاريأنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين فمكث بمكة
صحيح البخاريأمرني عبد الرحمن بن أبزى قال سل ابن عباس عن هاتين الآيتين ما
صحيح البخاريسألت مسروقا من آذن النبي صلى الله عليه وسلم بالجن ليلة استمعوا القرآن
صحيح البخاريأنه كان يحمل مع النبي صلى الله عليه وسلم إداوة لوضوئه وحاجته فبينما
صحيح البخاريسمعت سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل في مسجد الكوفة يقول والله
صحيح البخاريعن عبد الله بن عمر قال بينما هو في الدار خائفا إذ جاءه


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, July 18, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب