﴿ ۞ وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا ۖ وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ ۖ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۚ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾
[ المائدة: 12]

سورة : المائدة - Al-Maidah  - الجزء : ( 6 )  -  الصفحة: ( 109 )

Indeed Allah took the covenant from the Children of Israel (Jews), and We appointed twelve leaders among them. And Allah said: "I am with you if you perform As-Salat (Iqamat-as-Salat) and give Zakat and believe in My Messengers; honour and assist them, and lend to Allah a good loan. Verily, I will remit your sins and admit you to Gardens under which rivers flow (in Paradise). But if any of you after this, disbelieved, he has indeed gone astray from the Straight Path."


نقيبا : أمينا كفيلا
عزّرتُمُوهم : نصرتُموهم . أو عظمتُموهم
قرضا حسنا : احتسابا بطيبة نفس

ولقد أخذ الله العهد المؤكَّد على بني إسرائيل أن يخلصوا له العبادة وحده، وأمر الله موسى أن يجعل عليهم اثني عشر عريفًا بعدد فروعهم، يأخذون عليهم العهد بالسمع والطاعة لله ولرسوله ولكتابه، وقال الله لبني إسرائيل: إني معكم بحفظي ونصري، لئن أقمتم الصلاة، وأعطيتم الزكاة المفروضة مستحقيها، وصدَّقتم برسلي فيما أخبروكم به ونصرتموهم، وأنفقتم في سبيلي، لأكفِّرنَّ عنكم سيئاتكم، ولأدْخِلَنَّكُم جناتٍ تجري من تحت قصورها الأنهار، فمن جحد هذا الميثاق منكم فقد عدل عن طريق الحق إلى طريق الضلال.

ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال - تفسير السعدي

يخبر تعالى أنه أخذ على بني إسرائيل الميثاق الثقيل المؤكد، وذكر صفة الميثاق وأجرهم إن قاموا به، وإثمهم إن لم يقوموا به، ثم ذكر أنهم ما قاموا به، وذكر ما عاقبهم به، فقال: { وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ْ}- أي: عهدهم المؤكد الغليظ، { وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا ْ}- أي: رئيسا وعريفا على من تحته، ليكون ناظرا عليهم، حاثا لهم على القيام بما أُمِرُوا به، مطالبا يدعوهم.
{ وَقَالَ اللَّهُ ْ} للنقباء الذين تحملوا من الأعباء ما تحملوا: { إِنِّي مَعَكُمْ ْ}- أي: بالعون والنصر، فإن المعونة بقدر المؤنة.
ثم ذكر ما واثقهم عليه فقال: { لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ ْ} ظاهرا وباطنا، بالإتيان بما يلزم وينبغي فيها، والمداومة على ذلك { وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ ْ} لمستحقيها { وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي ْ} جميعهم، الذين أفضلهم وأكملهم محمد صلى الله عليه وسلم، { وَعَزَّرْتُمُوهُمْ ْ}- أي: عظمتموهم، وأديتم ما يجب لهم من الاحترام والطاعة { وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ْ} وهو الصدقة والإحسان، الصادر عن الصدق والإخلاص وطيب المكسب، فإذا قمتم بذلك { لَأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ْ} فجمع لهم بين حصول المحبوب بالجنة وما فيها من النعيم، واندفاع المكروه بتكفير السيئات، ودفع ما يترتب عليها من العقوبات.
{ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ ْ} العهد والميثاق المؤكد بالأيمان والالتزامات، المقرون بالترغيب بذكر ثوابه.
{ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ْ}- أي: عن عمد وعلم، فيستحق ما يستحقه الضالون من حرمان الثواب، وحصول العقاب.
فكأنه قيل: ليت شعري ماذا فعلوا؟ وهل وفوا بما عاهدوا الله عليه أم نكثوا؟

تفسير الآية 12 - سورة المائدة

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا : الآية رقم 12 من سورة المائدة

 سورة المائدة الآية رقم 12

ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال - مكتوبة

الآية 12 من سورة المائدة بالرسم العثماني


﴿ ۞ وَلَقَدۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ وَبَعَثۡنَا مِنۡهُمُ ٱثۡنَيۡ عَشَرَ نَقِيبٗاۖ وَقَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مَعَكُمۡۖ لَئِنۡ أَقَمۡتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَيۡتُمُ ٱلزَّكَوٰةَ وَءَامَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرۡتُمُوهُمۡ وَأَقۡرَضۡتُمُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَلَأُدۡخِلَنَّكُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۚ فَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ مِنكُمۡ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ  ﴾ [ المائدة: 12]


﴿ ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل ﴾ [ المائدة: 12]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة المائدة Al-Maidah الآية رقم 12 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 12 من المائدة صوت mp3


تدبر الآية: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال

من التدابير الحكيمة اتخاذُ نُقباءَ يكونون مرجعًا عند النزاع، ومفوَّضين عن غيرهم في جلبِ النفع ودفع الضُّرِّ من أمور الحياة.
معِيَّة الله حِصنٌ حصين، ومأوًى أمين، فمَن كان الله معه فلا شيءَ يضرُّه، ولا أحدَ يُضلُّه.
طاعة الله وطاعة رسوله ﷺ هي طريقُ الظفَر بمعِيَّة الله، فمَن كان أكثرَ إسراعًا في هذه الطريق كان أسرعَ وصولًا إلى تلك الغاية العُليا.
علامَ يسمِّي الإنفاقَ قرضًا لولا أنه يَعِدُ بردِّه؟ أتُراه وهو الغنيُّ عن القَرض يُخلف وعدَه، ومُلكُ السماوات والأرض بيده وحدَه؟! لا ينفكُّ المسلم عن الخطأ والزَّلل، فإذا خاض غمارَ هذه الهَنات، ثم ركب قاربَ التوبة وبادر بالحسنات، فليُبشِر بغُفران السيِّئات.
يا طُوبى لعبدٍ جمع الله له يوم القيامة بين حصول المحبوب، واندفاع المكروه، فنال النعيمَ الذي رجاه، وأمِنَ ما كان يخشاه! لا بدَّ من التخلية قبل التحلية، فليحرِص المؤمنُ على تكفير السيِّئات، فذلك مفتاح دخول الجنات.
إنما يعظُم الكفرُ بعِظَم النعمة التي يُكفَر بها، فإن زادت النعمةُ زاد قبحُ كفرانها، فأيُّ نعمةٍ أعظم من الإيمان؟ وأيُّ كفرٍ أعظم من الكفر بها؟!

قال الفخر الرازي: قوله-تبارك وتعالى- وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ، وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ اعلم أن في اتصال هذه الآية بما قبلها وجوه:الأول: أنه-تبارك وتعالى- خاطب المؤمنين فيما تقدم فقال: وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا.
ثم ذكر الآن أنه أخذ الميثاق من بنى إسرائيل لكنهم نقضوه وتركوا الوفاء به، فلا تكونوا- أيها المؤمنون- مثلهم في هذا الخلق الذميم.
الثاني: أنه لما ذكر قوله: اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ وقد ذكرت بعض الروايات أنها نزلت في اليهود، وأنهم أرادوا إيقاع الشر بالمؤمنين.
فلما ذكر- سبحانه ذلك أتبعه بذكر فضائحهم، وبيان أنهم كانوا أبدا مواظبين على نقض العهود والمواثيق.
الثالث: أن الغرض من الآيات المتقدمة ترغيب المكلفين في قبول التكاليف وترك التمرد والعصيان.
فذكر- سبحانه - أنه كلف من كان قبل المسلمين كما كلفهم ليعلموا أن عادة الله في التكليف والإلزام غير مخصوصة بهم، بل هي عادة جارية له مع جميع عباده».
والميثاق: العهد الموثق المؤكد، مأخوذ من لفظ وثق المتضمن معنى الشد والربط على الشيء بقوة وإحكام.
والمراد به: ما أخذه الله على بنى إسرائيل لكي يؤدوا ما أوجب عليهم من تكاليف ولكي يعملوا بما تضمنته التوراة من أحكام وتشريعات وغير ذلك مما جاء فيها.
والنقيب: كبير القوم.
والكفيل عليهم والمنقب عن أحوالهم وأسرارهم فيكون شاهدهم وضمينهم وعريفهم، وأصله من النقب وهو الثقب الواسع.
قال الآلوسى.
والنقيب: قيل فعيل بمعنى فاعل مشتق من النقب بمعنى التفتيش ومنه فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ وسمى بذلك لتفتيشه عن أحوال القوم وأمرهم.
قال الزجاج: وأصله من النقب وهو الثقب الواسع والطريق في الجبل:ويقول: فلان حسن النقيبة.
أى: جميل الخليقة، ويقال: فلان نقاب للعالم بالأشياء، الذكي القلب، الكثير البحث عن الأمور .
والمعنى: ولقد أخذ الله العهود المؤكدة على بنى إسرائيل.
لكي يعملوا بما كلفهم من تكاليف، وأمر نبيه موسى- عليه السلام- أن يختار متهم اثنى عشر نقيبا.
وأن يرسل هؤلاء النقباء إلى الأرض المقدسة لكي يطلعوا على أحوال ساكنيها، ثم يخبروا نبيهم موسى- عليه السلام- بعد ذلك بما شاهدوه من أحوالهم.
وسنفصل القول في شأن بعث هؤلاء النقباء عند تفسيرنا لقوله-تبارك وتعالى- بعد ذلك وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً.
وأكد- سبحانه - ما أخذه على بنى إسرائيل من عهود بقد وباللام، للاهتمام بشأن هذا الخبر، ولترغيب المؤمنين في الوفاء بعهودهم مع الله-تبارك وتعالى- حتى لا يصيبهم ما أصاب بنى إسرائيل من عقوبات بسبب نقضهم لمواثيقهم.
وأسند- سبحانه - الأخذ إليه، لأنه هو الذي أمر به موسى- عليه السلام- ولأن في إسناد أخذ الميثاق إليه- سبحانه - زيادة في توثيقه، وتعظيم توكيده وأى عهد يكون أقوى وأوثق من عهد يكون بين العبد والرب؟وفي قوله: وَبَعَثْنا التفات إلى المتكلم العظيم- سبحانه - لتهويل شأن هذا الابتعاث، لأن الله-تبارك وتعالى- هو الذي أمر به.
وإنما اختار موسى- عليه السلام- اثنى عشر نقيبا من بنى إسرائيل لأنهم كانوا اثنى عشر سبطا، كما قال-تبارك وتعالى- وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً ولأن كل نقيب كان بمنزلة الرقيب على القبيلة التي هو منها يذكرها بالفضائل ويرغبها في اتباع موسى- عليه السلام- وينهاها عن معصيته.
والمعية في قوله-تبارك وتعالى- وَقالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ معية مجازية بمعنى الحفظ والرعاية والنصرة.
أى: أخذ الله على بنى إسرائيل العهود الموثقة، وأمر نبيه موسى أن يرسل منهم اثنى عشر نقيبا لمعرفة أحوال الجبارين الذين يسكنون الأرض المقدسة وقال الله-تبارك وتعالى- لهؤلاء النقباء، أو لبنى إسرائيل جميعا: إنى معكم لا تخفى علىّ خافية من أحوالكم.
وسأؤيدكم برعايتي ونصرى متى وفيتم بعهدي، واتبعتم رسلي.
فالجملة الكريمة تحذير لهم من معصية الله لأنه لا تخفى عليه خافية، ووعد لهم بالنصر متى أطاعوه.
ثم بين- سبحانه - بعض التكاليف التي كلفهم بها، وأخذ عليهم العهد بالمحافظة عليها فقال: لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ، وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ، وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي، وَعَزَّرْتُمُوهُمْ، وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً، لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ، وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ.
واللام في قوله لَئِنْ موطئة للقسم المحذوف، و «إن» شرطية، وقوله: لَأُكَفِّرَنَّ جواب القسم وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه.
وقوله: وَعَزَّرْتُمُوهُمْ من التعزيز بمعنى النصر والإعانة مع التعظيم والتفخيم يقال: عزر فلان فلانا إذا نصره وقواه، وأصل معناه: المنع والذب لأن من نصر إنسانا منع عنه أعداءه.
والمعنى: لئن داومتم على إقامة الصلاة، وعلى أدائها على الوجه الأكمل بخضوع وخشوع، وأعطيتم الزكاة لمستحقيها وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي إيمانا كاملا، ونصرتموهم مع تعظيمهم وطاعتهم وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً بأن أنفقتم جانبا من أموالكم في وجوه الخير والبر، لئن فعلتم ذلك لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ بأن أغفرها لكم، ولأدخلنكم في الآخرة جنات تجرى من تحت أشجارها وبساتينها الأنهار فأنت ترى أن الله-تبارك وتعالى- قد كلف بنى إسرائيل بخمسة أمور نافعة ووعدهم على أدائها بتكفير سيئاتهم في الدنيا، وبإدخالهم جناته في الآخرة.
قال الإمام الرازي: وأخر- سبحانه - الإيمان بالرسل عن إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة مع أنه مقدم عليها لأن اليهود كانوا مقرين بأنه لا بد في حصول النجاة من الصلاة وإيتاء الزكاة، إلا أنهم كانوا مصرين على تكذيب بعض الرسل.
فذكر بعد إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة أنه لا بد من الإيمان بجميع الرسل حتى يحصل المقصود.
وإلا لم يكن لإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة تأثير في حصول النجاة بدون الإيمان بجميع الرسل» .
والمراد بالزكاة في قوله وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ الزكاة المفروضة.
والمراد بالقرض الحسن في قوله وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً الصدقات غير المفروضة التي يبذلها القادرون عليها في وجوه الخير المتنوعة بدون رياء أو أذى وفي التعبير بقوله: وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً تأنيس للقلوب وترغيب للنفوس في البذل والعطاء، حيث شبه- سبحانه - ما يعطى للمحتاج رغبة في الثواب بالقرض الذي سيكافئ الله-تبارك وتعالى- صاحبه عليه بأضعافه من الخير والنعم.
وأضاف- سبحانه - الرسل إليه في قوله وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي لتشريفهم وتكريمهم وتعظيم شأن رسالاتهم وللإشارة إلى أن الايمان بهم جميعا واجب، فمن أطاعهم فقد أطاع الله، ومن كفر بواحد منهم كفر بالله-تبارك وتعالى-.
ثم بعد أن فتح الله-تبارك وتعالى- لهم باب كرمه إن أدوا ما أمرهم به حذرهم من المخالفة والعصيان فقال: فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ أى: فمن جحد منكم شيئا مما أمرته به فتركه، أو أعرض عن التكاليف التي كلفته بها بعد أن عرفها فقد بعد عن السبيل المستوية، أخطأ الطريق الواضح المستقيم، وسار في متاهات الضلال التي لا هداية فيها ولا خير معها.
فالجملة الكريمة تهديد شديد لمن ترك الدين الحق واتجه إلى الأديان الباطلة.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت: من كفر قبل ذلك أيضا فقد ضل سواء السبيل، فلم قال: فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ؟ قلت: أجل من كفر قبل ذلك أيضا فقد ضل.
ولكن الضلال بعده أظهر وأعظم: لأن الكفر إنما عظم قبحه لعظم النعمة المكفورة، فإذا زادت النعمة زاد قبح الكفر وبلغ النهاية العظمى».
وبذلك نرى الآية الكريمة قد بينت أن الله-تبارك وتعالى- قد أخذ الميثاق على بنى إسرائيل بأن يقوموا بالتكليفات التي كلفهم بها، وحذرهم من النقض والخيانة والكفر، ورغبهم في الطاعة والإيمان فماذا كان موقفهم من عهود الله-تبارك وتعالى-؟
قوله تعالى : ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيلقوله تعالى : ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا فيه ثلاث مسائل :الأولى : قال ابن عطية : هذه الآيات المتضمنة الخبر عن نقضهم مواثيق الله تعالى تقوي أن الآية المتقدمة في كف الأيدي إنما كانت في بني النضير ، واختلف أهل التأويل في كيفية بعث هؤلاء النقباء بعد الإجماع على أن النقيب كبير القوم ، القائم بأمورهم الذي ينقب عنها وعن مصالحهم فيها ، والنقاب : الرجل العظيم الذي هو في الناس على هذه الطريقة ; ومنه قيل في عمر رضي الله عنه : إنه كان لنقابا .
فالنقباء الضمان ، واحدهم نقيب ، وهو شاهد القوم وضمينهم ; يقال : نقب عليهم ، وهو حسن النقيبة أي : حسن الخليقة ، والنقب والنقب الطريق في الجبل ، وإنما قيل : نقيب لأنه يعلم دخيلة أمر القوم ، ويعرف مناقبهم وهو الطريق إلى معرفة أمورهم ، وقال قوم : النقباء الأمناء على قومهم ; وهذا كله قريب بعضه من بعض ، والنقيب أكبر مكانة من العريف .
قال عطاء بن يسار : حملة القرآن عرفاء أهل الجنة ; ذكره الدارمي في مسنده .
قال قتادة - رحمه الله - وغيره : هؤلاء النقباء قوم كبار من كل سبط ، تكفل كل واحد بسبطه بأن يؤمنوا ويتقوا الله ; ونحو هذا كان النقباء ليلة العقبة ; بايع فيها سبعون رجلا وامرأتان .
فاختار رسول الله صلى الله عليه وسلم من السبعين اثني عشر رجلا ، وسماهم النقباء اقتداء بموسى صلى الله عليه وسلم ، وقال الربيع والسدي وغيرهما : إنما بعث النقباء من بني إسرائيل أمناء على الاطلاع على الجبارين والسبر لقوتهم ومنعتهم ; فساروا ليختبروا حال من بها ، ويعلموه بما اطلعوا عليه فيها حتى ينظر في الغزو إليهم ; فاطلعوا من الجبارين على قوة عظيمة - على ما يأتي - وظنوا أنهم لا قبل لهم بها ; فتعاقدوا بينهم على أن يخفوا ذلك عن بني إسرائيل ، وأن يعلموا به موسى عليه السلام ، فلما انصرفوا إلى بني إسرائيل خان منهم عشرة فعرفوا قراباتهم ، ومن وثقوه على سرهم ; ففشا الخبر حتى اعوج أمر بني إسرائيل فقالوا : فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون .
الثانية : ففي الآية دليل على قبول خبر الواحد فيما يفتقر إليه المرء ، ويحتاج إلى اطلاعه من حاجاته الدينية والدنيوية ; فتركب عليه الأحكام ، ويرتبط به الحلال والحرام ; وقد جاء أيضا مثله في الإسلام ; قال صلى الله عليه وسلم لهوازن : ارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم .
أخرجه البخاري .
الثالثة : وفيها أيضا دليل على اتخاذ الجاسوس ، والتجسس : التبحث ، وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبسة عينا ; أخرجه مسلم ، وسيأتي حكم الجاسوس في " الممتحنة " إن شاء الله تعالى ، وأما أسماء نقباء بني إسرائيل فقد ذكر أسماءهم محمد بن حبيب في " المحبر " فقال : من سبط روبيل شموع بن ركوب ، ومن سبط شمعون شوقوط بن حوري ، ومن سبط يهوذا كالب بن يوقنا ، ومن سبط الساحر يوغول بن يوسف ، ومن سبط أفراثيم بن يوسف يوشع بن النون ، ومن سبط بنيامين يلظى بن روقو ، ومن سبط ربالون كرابيل بن سودا ومن سبط منشا بن يوسف كدي بن سوشا ، ومن سبط دان عمائيل بن كسل ، ومن سبط شير ستور بن ميخائيل ، ومن سبط نفتال يوحنا بن وقوشا ، ومن سبط كاذاكوال بن موخي ; فالمؤمنون منهم يوشع وكالب ، ودعا موسى عليه السلام على الآخرين فهلكوا مسخوطا عليهم ; قاله الماوردي ، وأما نقباء ليلة العقبة فمذكورون في سيرة ابن إسحاق فلينظروا هناك .
قوله تعالى : وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة قال الربيع بن أنس : قال ذلك للنقباء ، وقال غيره : قال ذلك لجميع بني إسرائيل ، وكسرت " إن " لأنها مبتدأة .
معكم لأنه ظرف ، أي : بالنصر والعون .
ثم ابتدأ فقال : لئن أقمتم الصلاة إلى أن قال لأكفرن عنكم سيئاتكم أي : إن فعلتم ذلك ولأدخلنكم جنات واللام في لئن لام توكيد ومعناها القسم ; وكذا لأكفرن عنكم ، ولأدخلنكم ، وقيل : المعنى لئن أقمتم الصلاة لأكفرن عنكم سيئاتكم ، وتضمن شرطا آخر لقوله : لأكفرن أي : إن فعلتم ذلك لأكفرن ، وقيل : قوله لئن أقمتم الصلاة جزاء لقوله : إني معكم وشرط لقوله : لأكفرن والتعزير : التعظيم والتوقير ; وأنشد أبو عبيدة :وكم من ماجد لهم كريم ومن ليث يعزر في النديأي : يعظم ويوقر ، والتعزير : الضرب دون الحد ، والرد ; تقول : عزرت فلانا إذا أدبته ورددته عن القبيح .
فقوله : عزرتموهم أي : رددتم عنهم أعداءهم .
أي : رددتم عنهم أعداءهم .
وأقرضتم الله قرضا حسنا يعني الصدقات ; ولم يقل إقراضا ، وهذا مما جاء من المصدر بخلاف المصدر كقوله : والله أنبتكم من الأرض نباتا ، فتقبلها ربها بقبول حسن وقد تقدم .
ثم قيل : حسنا أي : طيبة بها نفوسكم ، وقيل : يبتغون بها وجه الله ، وقيل : حلالا ، وقيل : قرضا اسم لا مصدر .
فمن كفر بعد ذلك منكم أي : بعد الميثاق .
فقد ضل سواء السبيل أي : أخطأ قصد الطريق ، والله أعلم .


شرح المفردات و معاني الكلمات : , أخذ , الله , ميثاق , بني , إسرائيل , وبعثنا , اثني , عشر , نقيبا , وقال , الله , لئن , أقمتم , الصلاة , وآتيتم , الزكاة , آمنتم , برسلي , وعزرتموهم , أقرضتم , الله , قرضا , حسنا , لأكفرن , سيئاتكم , ولأدخلنكم , جنات , تجري , الأنهار , كفر , ضل , سواء , السبيل ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم
  2. وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين
  3. يابني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين
  4. ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا وما يزيدهم إلا نفورا
  5. قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين
  6. تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل
  7. وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين
  8. فلما رأوها قالوا إنا لضالون
  9. إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم
  10. إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم

تحميل سورة المائدة mp3 :

سورة المائدة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة المائدة

سورة المائدة بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة المائدة بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة المائدة بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة المائدة بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة المائدة بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة المائدة بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة المائدة بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة المائدة بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة المائدة بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة المائدة بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 21, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب