1. التفسير الميسر
  2. تفسير الجلالين
  3. تفسير السعدي
  4. تفسير البغوي
  5. التفسير الوسيط
تفسير القرآن | باقة من أهم تفاسير القرآن الكريم المختصرة و الموجزة التي تعطي الوصف الشامل لمعنى الآيات الكريمات : سبعة تفاسير معتبرة لكل آية من كتاب الله تعالى , [ الأنعام: 128] .

  
   

﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الْإِنسِ ۖ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الْإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا ۚ قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾
[ سورة الأنعام: 128]

القول في تفسير قوله تعالى : ويوم يحشرهم جميعا يامعشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من ..


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

التفسير الميسر : ويوم يحشرهم جميعا يامعشر الجن قد استكثرتم من


واذكر -أيها الرسول- يوم يحشر الله تعالى الكفار وأولياءهم من شياطين الجن فيقول: يا معشر الجن قد أضللتم كثيرًا من الإنس، وقال أولياؤهم من كفار الإنس: ربنا قد انتفع بعضنا من بعض، وبلغنا الأجل الذي أجَّلْتَه لنا بانقضاء حياتنا الدنيا، قال الله تعالى لهم: النار مثواكم، أي: مكان إقامتكم خالدين فيها، إلا مَن شاء الله عدم خلوده فيها من عصاة الموحدين. إن ربك حكيم في تدبيره وصنعه، عليم بجميع أمور عباده.

المختصر في التفسير : شرح المعنى باختصار


واذكر - أيها الرسول - يوم يحشر الله الثَّقَلَيْن من الإنس والجن، ثم يقول الله: يا معشر الجن، قد أكثرتم من إضلال الإنس وصدهم عن سبيل الله، وقال أتباعهم من الإنس مجيبين ربهم: يا ربنا، تَمَتَّع كل منا بصاحبه، فالجنِّي تَمَتَّع بطاعة الإنسي له، والإنسي تَمَتَّع بنيل شهواته، وبلغنا الأجل الذي أجَّلت لنا، فهذا يوم القيامة، قال الله: النار مُسْتَقَرُّكم خالدين فيها إلا ما شاء الله من قَدْرِ مدة ما بين مبعثهم من قبورهم إلى مصيرهم إلى جهنم، فتلك المدة التي استثناها الله من خلودهم في النار، إن ربك - أيها الرسول - حكيم في تقديره وتدبيره، عليم بعباده، وبمن يستحق منهم العذاب.

تفسير الجلالين : معنى و تأويل الآية 128


«و» اذكر «يوم نحشرهم» بالنون والياء أي الله الخلق «جميعا» ويقال لهم «يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس» بإغوائكم «وقال أولياؤهم» الذين أطاعوهم «من الإنس ربنا استمع بعضنا ببعض» انتفع الإنس بتزيين الجن لهم الشهوات والجن بطاعة الإنس لهم «وبلغنا أجلنا الذي أجَّلْتَ لنا» وهو يوم القيامة وهذا تحسر منهم قال تعالى لهم على لسان الملائكة: «النار مثواكم» مأواكم «خالدين فيها إلا ما شاء الله» من الأوقات التي يخرجون فيها لشرب الحميم فإنه خارجها كما قال تعالى (ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم) وعن ابن عباس أنه فيمن علم الله أنهم يؤمنون فما بمعني من «إن ربك حكيم» في صنعه «عليم» بخلقه.

تفسير السعدي : ويوم يحشرهم جميعا يامعشر الجن قد استكثرتم من


يقول تعالى { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا }- أي: جميع الثقلين، من الإنس والجن، من ضل منهم، ومن أضل غيره، فيقول موبخا للجن الذين أضلوا الإنس، وزينوا لهم الشر، وأزُّوهم إلى المعاصي: { يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ }- أي: من إضلالهم، وصدهم عن سبيل الله، فكيف أقدمتم على محارمي، وتجرأتم على معاندة رسلي؟ وقمتم محاربين لله، ساعين في صد عباد الله عن سبيله إلى سبيل الجحيم؟ فاليوم حقت عليكم لعنتي، ووجبت لكم نقمتي وسنزيدكم من العذاب بحسب كفركم، وإضلالكم لغيركم.
وليس لكم عذر به تعتذرون، ولا ملجأ إليه تلجأون، ولا شافع يشفع ولا دعاء يسمع، فلا تسأل حينئذ عما يحل بهم من النكال، والخزي والوبال، ولهذا لم يذكر الله لهم اعتذارا، وأما أولياؤهم من الإنس، فأبدوا عذرا غير مقبول فقالوا: { رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ }- أي: تمتع كل من الجِنّي والإنسي بصاحبه، وانتفع به.
فالجنّي يستمتع بطاعة الإنسي له وعبادته، وتعظيمه، واستعاذته به.
والإنسي يستمتع بنيل أغراضه، وبلوغه بسبب خدمة الجِنّي له بعض شهواته، فإن الإنسي يعبد الجِنّي، فيخدمه الجِنّي، ويحصل له منه بعض الحوائج الدنيوية،- أي: حصل منا من الذنوب ما حصل، ولا يمكن رد ذلك، { وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا }- أي: وقد وصلنا المحل الذي نجازي فيه بالأعمال، فافعل بنا الآن ما تشاء، واحكم فينا بما تريد، فقد انقطعت حجتنا ولم يبق لنا عذر، والأمر أمرك، والحكم حكمك.
وكأن في هذا الكلام منهم نوع تضرع وترقق، ولكن في غير أوانه.
ولهذا حكم فيهم بحكمه العادل، الذي لا جور فيه، فقال: { النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا } ولما كان هذا الحكم من مقتضى حكمته وعلمه، ختم الآية بقوله: { إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ } فكما أن علمه وسع الأشياء كلها وعمّها، فحكمته الغائية شملت الأشياء وعمتها ووسعتها.

تفسير البغوي : مضمون الآية 128 من سورة الأنعام


قوله عز وجل : ( ويوم يحشرهم ) قرأ حفص : ( يحشرهم ) بالياء ، ( جميعا ) يعني : الجن والإنس يجمعهم في موقف القيامة فيقول : ( يا معشر الجن ) والمراد بالجن : الشياطين ، ( قد استكثرتم من الإنس ) أي : استكثرتم من الإنس بالإضلال والإغواء أي : أضللتم كثيرا ، ( وقال أولياؤهم من الإنس ) يعني : أولياء الشياطين الذي أطاعوهم من الإنس ، ( ربنا استمتع بعضنا ببعض )قال الكلبي : استمتاع الإنس بالجن هو أن الرجل كان إذا سافر ونزل بأرض قفر وخاف على نفسه من الجن قال : أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه ، فيبيت في جوارهم .
وأما استمتاع الجن بالإنس : هو أنهم قالوا قد سدنا الإنس مع الجن ، حتى عاذوا بنا فيزدادون شرفا في قومهم وعظما في أنفسهم ، وهذا كقوله تعالى ( وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا ) ( الجن ، 6 ) .
وقيل: استمتاع الإنس بالجن ما كانوا يلقون إليهم من الأراجيف والسحر والكهانة وتزيينهم لهم الأمور التي يهوونها ، وتسهيل سبيلها عليهم ، واستمتاع الجن بالإنس طاعة الإنس لهم فيما يزينون لهم من الضلالة والمعاصي .
قال محمد بن كعب : هو طاعة بعضهم بعضا وموافقة بعضهم [ لبعض ] .
( وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا ) يعني : القيامة والبعث ، ( قال ) الله تعالى ( النار مثواكم ) مقامكم ، ( خالدين فيها إلا ما شاء الله )اختلفوا في هذا الاستثناء كما اختلفوا في قوله : ( خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك ) ( هود ، 107 ) .
قيل: أراد إلا قدر مدة ما بين بعثهم إلى دخولهم جهنم ، يعني : هم خالدون في النار إلا هذا المقدار .
وقيل: الاستثناء يرجع إلى العذاب ، وهو قوله ( النار مثواكم ) أي : خالدين في النار سوى ما شاء الله من أنواع العذاب .
وقال ابن عباس : الاستثناء يرجع إلى قوم سبق فيهم علم الله أنهم يسلمون فيخرجون من النار ، و " ما " بمعنى " من " على هذا التأويل ، ( إن ربك حكيم عليم ) قيل: عليم بالذي استثناه وبما في قلوبهم من البر والتقوى .

التفسير الوسيط : ويستفاد من هذه الآية


ثم بين- سبحانه - جانبا من أحوال الظالمين يوم القيامة عند ما يقفون أمام ربهم للحساب فقال: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ.
ففي هذه الآيات عرض مؤثر زاخر بالحوار والاعتراف والمناقشة والحكم تحكيه السورة الكريمة وهي تصور مشاهد المجرمين يوم القيامة.
وقوله: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ.
المعشر: الجماعة الذين يعاشر بعضهم بعضا أو الذين يربطهم أمر مشترك بينهم والمراد بالجن شياطينهم ومردتهم.
والمعنى: واذكر يا محمد- أو أيها العاقل- يوم نحشر الضالين والمضلين جميعا من الإنس والجن، فنقول للمضلين من الجن: قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ أى: قد أكثرتم من إغوائكم الإنس وإضلالكم إياهم، أو قد أكثرتم منهم بأن جعلتموهم أتباعكم، وأهل طاعتكم، ووسوستكم لهم بالمعاصي حتى غررتموهم وأوردتموهم هذا المصير الأليم.
و «يوم» منصوب على الظرفية والعامل فيه مقدر، أى: اذكر يوم نحشرهم جميعا.
والضمير المنصوب في «نحشرهم» لمن يحشر من الثقلين.
وقيل للكفار الذين تتحدث عنهم هذه الآيات.
ووجه الخطاب إلى معشر الجن، لأنهم هم الأصل في إضلال أتباعهم من الإنس، وهم السبب في صدهم عن السبيل القويم.
والمقصود من هذا القول لهم توبيخهم وتقريعهم على ما كان يصدر منهم من إغواء الغافلين من الإنس.
وهنا يحكى القرآن رد الضالين من الإنس على هذا التوبيخ فيقول: وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا.
أى: وقال الذين أطاعوهم وانقادوا لهم من الإنس يا ربنا، لقد استمتع بعضنا ببعض.
أى: انتفع الإنس بالجن حيث دلوهم على المفاسد وما يوصل إليها، وانتفع الجن بالإنس، حيث أطاعوهم واستجابوا لوسوستهم، وخالفوا أمر ربهم.
وقال الحسن: ما كان استمتاع بعضهم ببعض إلا أن الجن أمرت وعملت الإنس.
أى:فالجن نالت التعظيم منهم فعبدت، والإنس بوسوستهم تمتعوا بإيثار الشهوات الحاضرة على اللذات الغائبة.
وقيل: استمتاع الإنس بالجن معناه أن الرجل في الجاهلية كان إذا سافر فنزل بأرض قفر خاف على نفسه من الجن فيقول.
أعوذ بسيد هذا الوادي من شر سفهاء قومه، فيبيت في جوارهم.
وأما استمتاع الجن بالإنس فهو أنهم قالوا.
سدنا الإنس حتى عاذوا بنا، فيزدادون بذلك شرفا في قومهم وعظما في أنفسهم.
وقيل: استمتاع الإنس بالجن هو ما كانوا يلقون إليهم من الأراجيف والسحر والكهانة، واستمتاع الجن بالإنس هو طاعة الإنس لهم فيما يزينون لهم من المعاصي فصاروا كالرؤساء لهم.
والذي نراه.
أن استمتاع الجن بالإنس والإنس بالجن يتناول كل ذلك، حيث انتفع كل فريق من صاحبه باللذة العاجلة التي أوردته إلى سوء المصير.
وقولهم هذا، هو تحسر منهم على حالهم، إذ قالوه اعترافا بما فعلوه من طاعة للشياطين واتباع الهوى، وتكذيب أمر البعث.
وإنما قال الأتباع من الإنس هذا القول مع أن الخطاب موجه إلى المتبوعين من شياطين الجن، للإيذان بأن شياطين الجن قد أفحموا.
ولم يستطيعوا أن ينطقوا أو يجيبوا.
ثم أتبعوا تحسرهم هذا بتحسر آخر وهو قولهم: «وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا» .
أى: ها نحن يا ربنا قد استمتع بعضنا ببعض في الدنيا عن طريق الشهوات المحرمة.
واللذات الفانية القبيحة، وها نحن قد وصلنا بعد استمتاع بعضنا ببعض إلى الأجل الذي حددته لنا، وهو يوم القيامة والجزاء.
ونحن في أقبح صورة وأسوأ عيش.
وهنا يأتيهم الرد الحاسم.
والحكم النافذ من الله العلى الكبير.
حيث يقول- سبحانه - قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ.
مثواكم: الثواء مع الإقامة مع الاستقرار.
يقال: ثوى يثوى ثواء أى: استقر، والثوية مأوى الغنم.
والمعنى: قال الله-تبارك وتعالى- لهؤلاء الظالمين المعترفين على أنفسهم بارتكاب الموبقات: النار منزلكم ومحل إقامتكم الدائمة.
فأنتم خالدون فيها في كل وقت إلا في وقت مشيئة الله بخلاف ذلك، لأن الأمور كلها متروكة إليه، وخاضعة لمشيئته.
والأرجح أن المراد بهذا الاستثناء وبنظائره في آيات أخر، المبالغة في الخلود.
أى: أنه لا ينتفى في وقت ما إلا وقت مشيئته-تبارك وتعالى- وهو سبحانه لا يشاء ذلك.
فقد أخبر في آيات متعددة من كتابه أن هؤلاء الكفار لا يخرجون من النار أبدا.
وفي إيراد هذا المعنى بتلك الصورة، بلاغ للناس بأن مرد الأمور كلها إلى مشيئة الله، وأن خلود المشركين في نار جهنم إنما هو بمحض مشيئته، ولو شاء غير ذلك ما خلدوا، وفيه إلى جانب ذلك تنكيل آخر بهؤلاء الأشقياء لأنهم قد صاروا في حيرة دائمة من أمرهم.
تجعلهم مشتتين بين الطمع في الخروج مما هم فيه، واليأس منه.
وهذا التفسير للجملة الكريمة هو الذي نختاره ونرجحه، وهناك وجوه أخرى في تفسيرها منها ما ذهب إليه الزمخشري حيث قال:وقوله: خالِدِينَ فِيها إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ أى: يخلدون في عذاب النار الأبد كله إلا الأوقات التي ينقلون فيها من عذاب النار إلى عذاب الزمهرير فقد روى أنهم يدخلون واديا فيه من الزمهرير ما يميز بعض أوصالهم من بعض، فيتعاوون ويطلبون الرد إلى الجحيم، أو أن يكون من قول الموتور- أى المظلوم- الذي ظفر بواتره، ولم يزل يحرق عليه أنيابه، وقد طلب أن ينفس عن خناقه.
أهلكنى الله إن نفست عنك إلا إذا شئت، علم أنه لا يشاء إلا التشفي منه بأقصى ما يقدر عليه من التعنت والتشديد.
فيكون قوله إلا إذا شئت من أشد الوعيد مع تهكم بالموعد لخروجه في صورة الاستثناء الذي فيه إطماع .
ومنها: ما نقل عن ابن عباس أنه-تبارك وتعالى- استثنى قوما قد سبق في علمه أنهم يدخلون في الإسلام، وهو مبنى على أن الاستثناء.
ليس من المحكي وأن «ما» بمعنى «من» .
ومنها: أنهم تفتح لهم أبواب الجنة ويخرجون من النار فإذا توجهوا للدخول أغلقت في وجوههم استهزاء بهم.
فهم فيها إلا الوقت الذي يخرجون منها متجهين إلى الجنة حيث تقفل في وجوههم ليكون ذلك أعظم في حسرتهم.
ومنها: أن هذا الاستثناء إشارة إلى فناء النار.
أى: إلا وقت مشيئة الله فناءها وزوال عذابها.
وهي مسألة خلافية بين العلماء.
وهناك أقوال أخرى لا مجال لذكرها.
والقول الذي نرجحه ونعتمده هو الذي سقناه أولا كما أشرنا إلى ذلك من قبل لأنه قول المحققين من العلماء ولأنه يتناسب مع ما يليق بذات الله من كمال قدرته.
ونفاذ إرادته.
وجملة «إن ربك حكيم عليم» تسلية لبيان ما تقتضيه حكمته وإرادته.
أى: إن ربك حكيم في التعذيب والإثابة وفي كل أفعاله.
عليم بأحوال الثقلين وأعمالهم وبما يليق بها من جزاء.

ويوم يحشرهم جميعا يامعشر الجن قد استكثرتم من: تفسير ابن كثير


يقول تعالى : واذكر يا محمد فيما تقصه عليهم وتذكرهم به { ويوم يحشرهم جميعا } يعني : الجن وأولياءهم { من الإنس } الذين كانوا يعبدونهم في الدنيا ، ويعوذون بهم ويطيعونهم ، ويوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا . { يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس } أي: ثم يقول : يا معشر الجن . وسياق الكلام يدل على المحذوف .
ومعنى قوله : { قد استكثرتم من الإنس } أي: من إضلالهم وإغوائهم ، كما قال تعالى { ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون } [ يس : 60 - 62 ] .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : { يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس } يعني : أضللتم منهم كثيرا . وكذلك قال مجاهد ، والحسن ، وقتادة .
{ وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض } يعني : أن أولياء الجن من الإنس قالوا مجيبين لله تعالى عن ذلك بهذا .
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو الأشهب هوذة بن خليفة ، حدثنا عوف ، عن الحسن في هذه الآية قال : استكثر ربكم أهل النار يوم القيامة ، فقال أولياؤهم من الإنس : ربنا استمتع بعضنا ببعض . قال الحسن : وما كان استمتاع بعضهم ببعض إلا أن الجن أمرت ، وعملت الإنس .
وقال محمد بن كعب في قوله : { ربنا استمتع بعضنا ببعض } قال : الصحابة في الدنيا .
وقال ابن جريج : كان الرجل في الجاهلية ينزل الأرض ، فيقول : " أعوذ بكبير هذا الوادي " : فذلك استمتاعهم ، فاعتذروا يوم القيامة .
وأما استمتاع الجن بالإنس فإنه كان - فيما ذكر - ما ينال الجن من الإنس من تعظيمهم إياهم في استعانتهم بهم ، فيقولون : قد سدنا الإنس والجن .
{ وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا } قال السدي ، أي الموت .
قال : { النار مثواكم } أي: مأواكم ومنزلكم ، أنتم وأولياؤكم . { خالدين فيها } أي: ماكثين مكثا مخلدا إلا ما شاء الله .
قال بعضهم : يرجع معنى هذا الاستثناء إلى البرزخ . وقال بعضهم : هذا رد إلى مدة الدنيا . وقيل غير ذلك من الأقوال التي سيأتي تقريرها إن شاء الله عند قوله تعالى في سورة هود : { خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد } [ الآية : 107 ] .
وقد روى ابن جرير وابن أبي حاتم في تفسير هذه الآية من طريق عبد الله بن صالح - كاتب الليث - : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قال : { النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم } قال : إن هذه الآية آية لا ينبغي لأحد أن يحكم على الله في خلقه ، ولا ينزلهم جنة ولا نارا .

تفسير القرطبي : معنى الآية 128 من سورة الأنعام


قوله تعالى ويوم يحشرهم جميعا يامعشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليمقوله تعالى " ويوم نحشرهم " نصب على الفعل المحذوف ، أي ويوم نحشرهم نقول .
جميعا نصب على الحال .
والمراد حشر جميع الخلق في موقف القيامة .
يا معشر نداء مضاف .
الجن قد استكثرتم من أي من الاستمتاع بالإنس ; فحذف المصدر المضاف إلى المفعول ، وحرف الجر ; يدل على ذلك قوله ربنا استمتع بعضنا ببعض .
وهذا يرد قول من قال : إن الجن هم الذين استمتعوا من الإنس ; لأن الإنس قبلوا منهم .
والصحيح أن كل واحد مستمتع بصاحبه .
والتقدير في العربية : استمتع بعضنا بعضا ; فاستمتاع الجن من الإنس أنهم تلذذوا بطاعة الإنس إياهم ، وتلذذ الإنس بقبولهم من الجن حتى زنوا وشربوا الخمور بإغواء الجن إياهم .
وقيل : كان الرجل إذا مر بواد في سفره وخاف على نفسه قال : أعوذ برب هذا الوادي من جميع ما أحذر .
وفي التنزيل : وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا .
فهذا استمتاع الإنس بالجن .
وأما استمتاع الجن بالإنس فما كانوا يلقون إليهم من الأراجيف والكهانة والسحر .
وقيل : استمتاع الجن بالإنس أنهم يعترفون أن الجن يقدرون أن يدفعوا عنهم ما يحذرون .
ومعنى الآية تقريع الضالين والمضلين وتوبيخهم في الآخرة على أعين العالمين .
وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا يعني الموت والقبر ، ووافينا نادمين .
قال النار مثواكم أي موضع مقامكم .
والمثوى المقام .
خالدين فيها إلا ما شاء الله استثناء ليس من الأول .
قال الزجاج : يرجع إلى يوم القيامة ، أي خالدين في النار إلا ما شاء الله من مقدار حشرهم من قبورهم ومقدار مدتهم في الحساب ; فالاستثناء منقطع .
وقيل : يرجع الاستثناء إلى النار ، أي إلا ما شاء الله من تعذيبكم بغير النار في بعض الأوقات .
وقال ابن عباس : الاستثناء لأهل الإيمان .
ف ( ما ) على هذا بمعنى ( من ) .
وعنه أيضا أنه قال : هذه الآية توجب الوقف في جميع الكفار .
ومعنى ذلك أنها توجب الوقف فيمن لم يمت ، إذ قد يسلم .
وقيل : إلا ما شاء الله من كونهم في الدنيا بغير عذاب .
ومعنى هذه الآية معنى الآية التي في " هود " .
قوله : فأما الذين شقوا ففي النار وهناك يأتي مستوفى إن شاء الله .
إن ربك حكيم أي في عقوبتهم وفي جميع أفعاله .
عليم بمقدار مجازاتهم .

﴿ ويوم يحشرهم جميعا يامعشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم ﴾ [ الأنعام: 128]

سورة : الأنعام - الأية : ( 128 )  - الجزء : ( 8 )  -  الصفحة: ( 144 )

English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين
  2. تفسير: قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنـزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون
  3. تفسير: فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون
  4. تفسير: ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون
  5. تفسير: وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم
  6. تفسير: وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها
  7. تفسير: لا يصلاها إلا الأشقى
  8. تفسير: فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا
  9. تفسير: لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين
  10. تفسير: فيومئذ لا يعذب عذابه أحد

تحميل سورة الأنعام mp3 :

سورة الأنعام mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الأنعام

سورة الأنعام بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة الأنعام بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة الأنعام بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة الأنعام بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة الأنعام بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة الأنعام بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة الأنعام بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة الأنعام بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة الأنعام بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة الأنعام بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب