تفسير القرآن | باقة من أهم تفاسير القرآن الكريم المختصرة و الموجزة التي تعطي الوصف الشامل لمعنى الآيات الكريمات : سبعة تفاسير معتبرة لكل آية من كتاب الله تعالى , [ النساء: 135] .
﴿ ۞ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾
﴿ ۞ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾
[ سورة النساء: 135]
القول في تفسير قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو ..
تفسير الجلالين | التفسير الميسر | تفسير السعدي |
تفسير البغوي | التفسير الوسيط | تفسير ابن كثير |
تفسير الطبري | تفسير القرطبي | إعراب الآية |
التفسير الميسر : ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، كونوا قائمين بالعدل، مؤدين للشهادة لوجه الله تعالى، ولو كانت على أنفسكم، أو على آبائكم وأمهاتكم، أو على أقاربكم، مهما كان شأن المشهود عليه غنيًّا أو فقيرًا؛ فإن الله تعالى أولى بهما منكم، وأعلم بما فيه صلاحهما، فلا يحملنَّكم الهوى والتعصب على ترك العدل، وإن تحرفوا الشهادة بألسنتكم فتأتوا بها على غير حقيقتها، أو تعرضوا عنها بترك أدائها أو بكتمانها، فإن الله تعالى كان عليمًا بدقائق أعمالكم، وسيجازيكم بها.
المختصر في التفسير : شرح المعنى باختصار
يا أيها الذين آمنوا بالله واتبعوا رسوله، كونوا قائمين بالعدل في كل أحوالكم، مؤدِّين الشهادة بالحق مع كل أحد، ولو اقتضى ذلك أن تُقِرُّوا على أنفسكم بالحق، أو على والديكم أو الأقربين منكم، ولا يحملنَّكم فقر أحد أو غناه على الشهادة أو تركها، فالله أولى بالفقير والغني منكم وأعلم بمصالحهما، فلا تتبعوا الأهواء في شهادتكم لئلا تميلوا عن الحق فيها، وإن حرفتم الشهادة بأدائها على غير وجهها، أو أعرضتم عن أدائها؛ فإن الله كان بما تعملون خبيرًا.
تفسير الجلالين : معنى و تأويل الآية 135
«يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين» قائمين «بالقسط» بالعدل «شهداء» بالحق «لله ولو» كانت الشهادة «على أنفسكم» فاشهدوا عليها بأن تقروا بالحق ولا تكتموه «أو» على «الوالدين والأقربين إن يكن» المشهود عليه «غنيّا أو فقيرا فالله أولى بهما» منكم وأعلم بمصالحهما «فلا تتَّبعوا الهوى» في شهادتكم بأن تحابوا الغني لرضاه أو الفقير رحمةّ له لـ «أن» لا «تعدلوا» تميلوا عن الحق «وإن تلووا» تحرفوا الشهادة وفي قراءة بحذف الواو الأولى تخفيفا «أو تعرضوا» عن أدائها «فإن الله كان بما تعملون خبيرا» فيجازيكم به.
تفسير السعدي : ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله
يأمر تعالى عباده المؤمنين أن يكونوا { قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ ْ} والقوَّام صيغة مبالغة،- أي: كونوا في كل أحوالكم قائمين بالقسط الذي هو العدل في حقوق الله وحقوق عباده، فالقسط في حقوق الله أن لا يستعان بنعمه على معصيته، بل تصرف في طاعته.
والقسط في حقوق الآدميين أن تؤدي جميع الحقوق التي عليك كما تطلب حقوقك.
فتؤدي النفقات الواجبة، والديون، وتعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به، من الأخلاق والمكافأة وغير ذلك.
ومن أعظم أنواع القسط القسط في المقالات والقائلين، فلا يحكم لأحد القولين أو أحد المتنازعين لانتسابه أو ميله لأحدهما، بل يجعل وجهته العدل بينهما، ومن القسط أداء الشهادة التي عندك على أي وجه كان، حتى على الأحباب بل على النفس، ولهذا قال: { شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا ْ}- أي: فلا تراعوا الغني لغناه، ولا الفقير بزعمكم رحمة له، بل اشهدوا بالحق على من كان.
والقيام بالقسط من أعظم الأمور وأدل على دين القائم به، وورعه ومقامه في الإسلام، فيتعين على من نصح نفسه وأراد نجاتها أن يهتم له غاية الاهتمام، وأن يجعله نُصْب عينيه، ومحل إرادته، وأن يزيل عن نفسه كل مانع وعائق يعوقه عن إرادة القسط أو العمل به.
وأعظم عائق لذلك اتباع الهوى، ولهذا نبه تعالى على إزالة هذا المانع بقوله: { فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا ْ}- أي: فلا تتبعوا شهوات أنفسكم المعارضة للحق، فإنكم إن اتبعتموها عدلتم عن الصواب، ولم توفقوا للعدل، فإن الهوى إما أن يعمي بصيرة صاحبه حتى يرى الحق باطلا والباطل حقا، وإما أن يعرف الحق ويتركه لأجل هواه، فمن سلم من هوى نفسه وفق للحق وهدي إلى الصراط المستقيم.
ولما بيَّن أن الواجب القيام بالقسط نهى عن ما يضاد ذلك، وهو لي اللسان عن الحق في الشهادات وغيرها، وتحريف النطق عن الصواب المقصود من كل وجه، أو من بعض الوجوه، ويدخل في ذلك تحريف الشهادة وعدم تكميلها، أو تأويل الشاهد على أمر آخر، فإن هذا من اللي لأنه الانحراف عن الحق.
{ أَوْ تُعْرِضُوا ْ}- أي: تتركوا القسط المنوط بكم، كترك الشاهد لشهادته، وترك الحاكم لحكمه الذي يجب عليه القيام به.
{ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ْ}- أي: محيط بما فعلتم، يعلم أعمالكم خفيها وجليها، وفي هذا تهديد شديد للذي يلوي أو يعرض.
ومن باب أولى وأحرى الذي يحكم بالباطل أو يشهد بالزور، لأنه أعظم جرما، لأن الأولين تركا الحق، وهذا ترك الحق وقام بالباطل.
تفسير البغوي : مضمون الآية 135 من سورة النساء
( ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ) يعني : كونوا قائمين بالشهادة بالقسط ، أي : بالعدل لله ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : كونوا قوامين بالعدل في الشهادة على من كانت ، ( ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين ) في الرحم ، أي : قولوا الحق ولو على أنفسكم بالإقرار أو الوالدين والأقربين ، فأقيموها عليهم لله ، ولا تحابوا غنيا لغناه ولا ترحموا فقيرا لفقره ، فذلك قوله تعالى : ( إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما ) منكم أي أقيموا على المشهود عليه وإن كان غنيا وللمشهود له وإن كان فقيرا فالله أولى بهما منكم ، أي كلوا أمرهما إلى الله . وقال الحسن : معناه الله أعلم بهما ، ( فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا ) أي تجوروا وتميلوا إلى الباطل من الحق ، وقيل: معناه لا تتبعوا الهوى لتعدلوا ، أي : لتكونوا عادلين كما يقال : لا تتبع الهوى لترضي ربك .( وإن تلووا ) أي : تحرفوا الشهادة لتبطلوا الحق ( أو تعرضوا ) عنها فتكتموها ولا تقيموها ، ويقال : تلووا أي تدافعوا في إقامة الشهادة ، يقال : لويته حقه إذا دفعته ، ومطلته ، وقيل: هذا خطاب مع الحكام في ليهم الأشداق ، يقول : وإن تلووا أي تميلوا إلى أحد الخصمين أو تعرضوا عنه ، قرأ ابن عامر وحمزة ( تلوا ) بضم اللام ، قيل: أصله تلووا ، فحذفت إحدى الواوين تخفيفا ، وقيل: معناه وإن تلوا القيام بأداء الشهادة أو تعرضوا فتتركوا أداءها ( فإن الله كان بما تعملون خبيرا ) .
التفسير الوسيط : ويستفاد من هذه الآية
وقوله قَوَّامِينَ جمع قوام وهو صيغة مبالغة من قائم. والقوام: هو المبالغ في القيام بالشيء وفي الإتيان به على أتم وجه وأحسنه.وقوله شُهَداءَ جمع شهيد بوزن فعيل. والأصل في هذه الصيغة أنها تدل على الصفات الراسخة في النفس ككريم وحكيم.والمعنى: يا أيها الذين آمنوا بالحق إيمانا صادقا. كونوا مواظبين على إقامة العدل فيما بينكم في جميع الظروف والأحوال دون أن يصرفكم عن ذلك صارف، وكونوا «شهداء لله» أى: مقيمين للشهادة بالحق ابتغاء وجه الله لا لغرض من الأغراض الدنيوية. ولا لمطمع من المطامع الشخصية، فإن الإيمان الحق يستلزم منكم أن تعدلوا في أحكامكم وأن تؤدوا الشهادة على وجهها.وفي ندائه- سبحانه - لهم بقوله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تنبيه إلى الأمر الخير الذي ناداهم من أجله ودعاهم إلى تنفيذه وهو التزام العدالة في كل أمورهم، وتحريك لعاطفة الإيمان في قلوبهم بمقتضى وصفهم- بهذه الصفة الجليلة.وعبر- سبحانه - بقوله كُونُوا قَوَّامِينَ بصيغة المبالغة الدالة على الكثرة والمداومة على الشيء، لتمكين صفة العدالة في نفوسهم، وترسيخها في قلوبهم.فكأنه- سبحانه - يقول لهم: روضوا أنفسكم على التزام كلمة الحق، وعودوها على نصرة المظلوم وخذلان الظلم، وليكن ذلك خلقا من أخلاقكم. وسجية من سجاياكم، فلا يكفى أن تعدلوا في أحكامكم مرة أو مرتين، وإنما الواجب عليكم أن تداوموا على إقامة العدل في كل الأحوال، ومع كل الأشخاص.قال صاحب المنار: وهذه العبارة- وهي قوله-تبارك وتعالى- كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ أبلغ ما يمكن أن يقال في تأكيد أمر العدل والعناية به فالأمر بالعدل والقسط مطلقا يكون بعبارات مختلفة بعضها آكد من بعض تقول: اعدلوا أو أقسطوا. وتقول: كونوا عادلين أو مقسطين.وهذه العبارة أبلغ لأنها أمر بتحصيل الصفة لا بمجرد الإتيان بالقسط الذي يصدق بمرة.وتقول: أقيموا القسط. وأبلغ منه: كونوا قائمين بالقسط. وأبلغ من هذا وذاك: كونوا قوامين بالقسط. أى: لتكن المبالغة والعناية بإقامة القسط على وجهه صفة من صفاتكم، بأن تتحروه بالدقة التامة حتى تكون ملكة راسخة في نفوسكم. والقسط يكون في العمل كالقيام بما يجب من العدل بين الزوجات والأولاد ويكون في الحكم بين الناس.. .وقوله شُهَداءَ خبر ثان لكونوا. وقوله لِلَّهِ متعلق بمحذوف حال من ضمير شُهَداءَ.أى: كونوا ملازمين للعدل في كل أموركم وكونوا مقيمين للشهادة على وجهها حالة كونها لوجه الله، لا لعرض من أعراض الدنيا.قال الفخر الرازي: وإنما قدم- سبحانه - الأمر بالقيام بالقسط على الأمر بالشهادة لوجوه:الأول: أن أكثر الناس من عادتهم أنهم يأمرون غيرهم بالمعروف، فإذا آل الأمر إلى أنفسهم تركوه حتى إن أقبح القبيح إذا صدر عنهم كان في محل المسامحة وأحسن الحسن. وإذا صدر عن غيرهم كان محل المنازعة. فالله-تبارك وتعالى- نبه في هذه الآية على سوء هذه الطريقة. وذلك أنه- سبحانه - أمرهم بالقيام بالقسط أولا، ثم أمرهم بالشهادة على الغير ثانيا، تنبيها على أن الطريقة الحسنة أن تكون مضايقة الإنسان مع نفسه فوق مضايقته مع الغير.الثاني: أن القيام بالشهادة عبارة عن دفع ضرر العقاب عن الغير، وهو الذي عليه الحق.ودفع الضرر عن النفس مقدم على دفع الضرر عن الغير.الثالث: أن القيام بالقسط فعل، والشهادة قول والفعل أقوى من القول .وقوله: وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ تأكيد للأمر بالتزام الحق في الأحكام والشهادات.أى: كونوا قوامين بالقسط، وكونوا مقيمين للشهادة بالحق خالصة لوجه الله، ولو كانت الشهادة على أنفسكم- بأن تقروا بأن الحق عليها إذا كان واقع الأمر كذلك- ولو كانت- أيضا. على والديكم وعلى أقرب الناس إليكم.قال القرطبي: وشهادة المرء على نفسه إقراره بالحقوق عليها ثم ذكر الوالدين لوجوب برهما وعظم قدرهما. ثم ثنى بالأقربين إذ هم مظنة المودة والتعصب فكان الأجنبى من الناس أحرى أن يقام عليه بالقسط ويشهد عليه ... ولا خلاف بين أهل العلم في صحة أحكام هذه الآية، وأن شهادة الولد على الوالدين ماضية، ولا يمنع ذلك من برهما، بل أن يشهد عليهما ويخلصهما من الباطل. وكان من مضى من السلف الصالح يجيزون شهادة الوالدين والأخ، لأنه لم يكن أحد يتهم في ذلك من السلف. ثم ظهرت من الناس أمور حملت الولاة على اتهامهم، فتركت شهادة من يتهم. وأجاز قوم شهادة بعضهم لبعض إذا كانوا عدولا .ولَوْ في قوله وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ شرطية. والجار والمجرور خبر لكان المحذوفة مع اسمها. وجواب لو محذوف. والتقدير: ولو كانت الشهادة على أنفسكم فاشهدوا عليها بأن تقروا على أنفسكم بالحق ولا تكتموه.وقوله-تبارك وتعالى- إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما تأكيد لوجوب التزام الحق مع الغنى والفقير والصغير والكبير.أى: إن يكن المشهود عليه غنيا يرجى في العادة ويخشى أو فقيرا يترحم عليه في الغالب ولا يخشى، فلا تمتنعوا عن الشهادة، لأن الله-تبارك وتعالى- هو الأولى والأجدر بحساب كل من الغنى والفقير، وهو الأعلم بمصالح الناس، والأرحم بهم منكم. وجواب الشرط محذوف، أى: إن يكن المشهود عليه غنيا أو فقيرا فلا تتركوا الشهادة لأن الشهادة في مصلحتهما.قال صاحب الكشاف: فإن قلت: لم ثنى الضمير في «أولى بهما» وكان حقه أن يوحد لأن قوله: إن يكن غنيا أو فقيرا في معنى إن يكن أحد هذين؟قلت قد رجع الضمير إلى ما دل عليه قوله: إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً لا إلى المذكور، فلذلك ثنى ولم يفرد، وهو جنس الغنى وجنس الفقير. فكأنه قيل: فالله أولى بجنسى الغنى والفقير.أى: بالأغنياء والفقراء. وفي قراءة أبى: فالله أولى بهم وهي شاهدة على ذلك.وقال ابن جرير: نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم إذ اختصم إليه رجلان: غنى وفقير. وكان ضلعه- أى ميله- مع الفقير لأنه يرى أن الفقير لا يظلم الغنى. فأبى الله إلا أن يقوم بالقسط في الغنى والفقير فقال: إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما .والذي يستفاد من هذه الرواية ومن ظاهر الآية أن الغنى أو الفقر لا يصح أن يكونا سببا في التفاوت في الحكم. ويقاس عليهما غيرهما من أحوال الناس، لأن الله-تبارك وتعالى- هو الذي نظم الكون بحكمته، وهو أعلم بمصالح الناس من أنفسهم، وجعل فيهم الغنى والفقير لأن الغنى والفقر أمران ثابتان في هذا الوجود، ولا يمكن أن تخلو منهما الجماعة الإنسانية، لأن ذلك تنظيم الله- تعالى، وإرادته الخالدة، وهو الذي يتفق مع الطبيعة الإنسانية، إذ العقول متفاوتة، والعزائم مختلفة، والأعمال متنوعة، ونتيجة لذلك كانت الثمار ليست متحدة.والمراد بالهوى في قوله: فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا الخضوع للشهوات والميل مع نزعات النفس الأمارة بالسوء.وقوله أَنْ تَعْدِلُوا في موضع المفعول لأجله ويحتمل أن يكون بمعنى العدل فيكون علة للمنهى عنه، ويكون في الجملة مضاف مقدر. والمعنى: فلا تتبعوا الهوى والميل مع الشهوات كراهة أن تعدلوا بين الناس ويحتمل أن يكون بمعنى العدول عن الحق فيكون علة للنهى بتقدير لا، أى: أنهاكم عن اتباع الهوى لئلا تميلوا عن الحق وتتركوا العدل.قال ابن كثير: أى: لا يحملنكم الهوى والعصبية وبغض الناس إليكم، على ترك العدل في شئونكم. بل الزموا العدل على أى حال كان. كما قال-تبارك وتعالى- وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى. ومن هذا قول عبد الله بن رواحة لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم يخرص على أهل خيبر ثمارهم وزروعهم، فأرادوا أن يرشوه ليرفق بهم، فقال: والله لقد جئتكم من عند أحب الخلق إلى. ولأنتم أبغض الخلق إلى. وما يحملني حبى إياه وبغضي لكم على أن لا أعدل فيكم. فقالوا: بهذا قامت السموات والأرض .وقوله-تبارك وتعالى- وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً تذييل قصد به تهديدهم ووعيدهم على ترك العدل، وعلى الامتناع عن الشهادة بالحق.قال الفخر الرازي ما ملخصه: وفي الآية قراءتان. فقد قرأ الجمهور تَلْوُوا- بواوين قبلهما لام ساكنة- بمعنى الدفع والإعراض من قولهم: لواه حقه إذا مطله ودفعه. أو بمعنى التحريف والتبديل من قولهم لوى الشيء إذا فتله.وقرأ ابن عامر وحمزة تلوا بلام مضمومة بعدها واو ساكنة- من الولاية بمعنى مباشرة الشيء والاشتغال به .والمعنى على قراءة الجمهور: وإن تلووا ألسنتكم عن الشهادة بالحق بأن تحرفوها وتقيموها على غير وجهتها أو تعرضوا عنها رأسا وتتركوها يعاقبكم الله عقابا شديدا فإنه- سبحانه - عليم بدقائق الأشياء، خبير بخفايا النفوس، وسيجازى كل إنسان بما يستحقه.والمعنى على القراءة الثانية: وإن تلوا الشهادة فتباشروها على وجهها يعطكم الله أجرا حسنا، وإن تعرضوا عنها وتتركوها يعاقبكم الله عقابا أليما، فإن الله-تبارك وتعالى- خبير بكل أقوالكم وأعمالكم.وقيل: إن القراءتين بمعنى واحد لأن أصل {تلوا} - وهي قراءة حمزة وابن عامر- تلووا- وهي قراءة الجمهور- نقلت حركة الواو- في قراءة الجمهور- إلى الساكن قبلها فالتقى واوان ساكنان فحذفت إحداهما فصارت الكلمة {تلوا} .هذا، والمتأمل في هذه الآية الكريمة يراها تبنى المجتمع الإسلامى على أقوى القواعد، وأمتن الأسس وأشرف المبادئ. إنها تبنيه على قواعد العدل والقسط، وتأمر المؤمنين أن يلتزموا كلمة الحق مع أنفسهم ومع أقرب المقربين إليهم مهما تكلفوا في ذلك من جهاد شاق يقتضيه التزام الحق، فإن كلمة الحق كثيرا ما تجعل صاحبها عرضة للإيذاء والاعتداء والاتهام بالباطل من الأشرار والفجار. بل إن كلمة الحق قد تفضى بصاحبها إلى الموت. ولكن لا بأس، فإن الموت مع التمسك بالحق، خير من الحياة في ظلمات الباطل.
ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله: تفسير ابن كثير
يأمر تعالى عباده المؤمنين أن يكونوا قوامين بالقسط ، أي بالعدل ، فلا يعدلوا عنه يمينا ولا شمالا ولا تأخذهم في الله لومة لائم ، ولا يصرفهم عنه صارف ، وأن يكونوا متعاونين متساعدين متعاضدين متناصرين فيه .
وقوله : { شهداء لله } كما قال { وأقيموا الشهادة لله } أي: ليكن أداؤها ابتغاء وجه الله ، فحينئذ تكون صحيحة عادلة حقا ، خالية من التحريف والتبديل والكتمان ; ولهذا قال : { ولو على أنفسكم } أي: اشهد الحق ولو عاد ضررها عليك وإذا سئلت عن الأمر فقل الحق فيه ، وإن كان مضرة عليك ، فإن الله سيجعل لمن أطاعه فرجا ومخرجا من كل أمر يضيق عليه .
وقوله : { أو الوالدين والأقربين } أي: وإن كانت الشهادة على والديك وقرابتك ، فلا تراعهم فيها ، بل اشهد بالحق وإن عاد ضررها عليهم ، فإن الحق حاكم على كل أحد ، وهو مقدم على كل أحد .
وقوله : { إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما } أي: لا ترعاه لغناه ، ولا تشفق عليه لفقره ، الله يتولاهما ، بل هو أولى بهما منك ، وأعلم بما فيه صلاحهما .
وقوله { فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا } أي: فلا يحملنكم الهوى والعصبية وبغضة الناس إليكم ، على ترك العدل في أموركم وشؤونكم ، بل الزموا العدل على أي حال كان ، كما قال تعالى : { ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى } [ المائدة : 8 ]
ومن هذا القبيل قول عبد الله بن رواحة ، لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم يخرص على أهل خيبر ثمارهم وزرعهم ، فأرادوا أن يرشوه ليرفق بهم ، فقال : والله لقد جئتكم من عند أحب الخلق إلي ، ولأنتم أبغض إلي من أعدادكم من القردة والخنازير ، وما يحملني حبي إياه وبغضي لكم على ألا أعدل فيكم . فقالوا : " بهذا قامت السماوات والأرض " . وسيأتي الحديث مسندا في سورة المائدة ، إن شاء الله [ تعالى ] .
وقوله : { وإن تلووا أو تعرضوا } قال مجاهد وغير واحد من السلف : { تلووا } أي: تحرفوا الشهادة وتغيروها ، " واللي " هو : التحريف وتعمد الكذب ، قال الله تعالى : { وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب [ لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ] } [ آل عمران : 78 ] . و " الإعراض " هو : كتمان الشهادة وتركها ، قال الله تعالى : { ومن يكتمها فإنه آثم قلبه } [ البقرة : 283 ] وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " خير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها " . ولهذا توعدهم الله بقوله : { فإن الله كان بما تعملون خبيرا } أي: وسيجازيكم بذلك .
تفسير القرطبي : معنى الآية 135 من سورة النساء
قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيراياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين قوامين بناء مبالغة ، أي ليتكرر منكم القيام بالقسط ، وهو العدل في شهادتكم على أنفسكم ، وشهادة المرء على نفسه إقراره بالحقوق عليها . ثم ذكر الوالدين لوجوب برهما وعظم قدرهما ، ثم ثنى بالأقربين إذ هم مظنة المودة والتعصب ؛ فكان الأجنبي من الناس أحرى أن يقام عليه بالقسط ويشهد عليه ، فجاء الكلام في السورة في حفظ حقوق الخلق في الأموال .الثانية : لا خلاف بين أهل العلم في صحة أحكام هذه الآية ، وأن شهادة الولد على الوالدين الأب والأم ماضية ، ولا يمنع ذلك من برهما ، بل من برهما أن يشهد عليهما ويخلصهما من الباطل ، وهو معنى قوله تعالى : قوا أنفسكم وأهليكم نارا فإن شهد لهما أو شهدا له وهي :الثالثة : فقد اختلف فيها قديما وحديثا ؛ فقال ابن شهاب الزهري : كان من مضى من السلف الصالح يجيزون شهادة الوالدين والأخ ، ويتأولون في ذلك قول الله تعالى : كونوا قوامين بالقسط شهداء لله فلم يكن أحد يتهم في ذلك من السلف الصالح رضوان الله عليهم . ثم ظهرت من الناس أمور حملت الولاة على اتهامهم ، فتركت شهادة من يتهم ، وصار ذلك لا يجوز في الولد والوالد والأخ والزوج والزوجة ، وهو مذهب الحسن والنخعي والشعبي وشريح ومالك والثوري والشافعي وابن حنبل . وقد أجاز قوم شهادة بعضهم لبعض إذا كانوا عدولا . وروي عن عمر بن الخطاب أنه أجازه ؛ وكذلك روي عن عمر بن عبد العزيز ، وبه قال إسحاق والثوري والمزني . ومذهب مالك جواز شهادة الأخ لأخيه إذا كان عدلا إلا في النسب . وروى عنه ابن وهب أنها لا تجوز إذا كان في عياله أو في نصيب من مال يرثه . وقال مالك وأبو حنيفة : شهادة الزوج لزوجته لا تقبل ؛ لتواصل منافع الأملاك بينهما وهي محل الشهادة . وقال الشافعي : تجوز شهادة الزوجين بعضهما لبعض ؛ لأنهما أجنبيان ، وإنما بينهما عقد الزوجية وهو معرض للزوال . والأصل قبول الشهادة إلا حيث خص فيما عدا المخصوص فبقي على الأصل ؛ وهذا ضعيف ؛ فإن الزوجية توجب الحنان والمواصلة والألفة والمحبة ، فالتهمة قوية ظاهرة . وقد روى أبو داود من حديث سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد شهادة الخائن والخائنة وذي الغمر على أخيه ، ورد شهادة القانع لأهل البيت وأجازها لغيرهم . قال الخطابي : ذو الغمر الذي بينه وبين المشهود عليه عداوة ظاهرة ، فترد شهادته عليه للتهمة . وقال أبو حنيفة : شهادته على العدو مقبولة إذا كان عدلا . والقانع السائل والمستطعم ، وأصل القنوع السؤال . ويقال في القانع : إنه المنقطع إلى القوم يخدمهم ويكون في حوائجهم ؛ وذلك مثل الأجير أو الوكيل ونحوه . ومعنى رد هذه الشهادة التهمة في جر المنفعة إلى نفسه ؛ لأن القانع لأهل البيت ينتفع بما يصير إليهم من نفع . وكل من جر إلى نفسه بشهادته نفعا فشهادته مردودة ؛ كمن شهد لرجل على شراء دار هو شفيعها ، أو كمن حكم له على رجل بدين وهو مفلس ، فشهد المفلس على رجل بدين ونحوه . قال الخطابي : ومن رد شهادة القانع لأهل البيت بسبب جر المنفعة فقياس قوله أن يرد شهادة الزوج لزوجته ؛ لأن ما بينهما من التهمة في جر المنفعة أكثر ؛ وإلى هذا ذهب أبو حنيفة . والحديث حجة على من أجاز شهادة الأب لابنه ؛ لأنه يجر به النفع لما جبل عليه من حبه والميل إليه ؛ ولأنه يمتلك ماله ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : أنت ومالك لأبيك . وممن ترد شهادته عند مالك البدوي على القروي ؛ قال : إلا أن يكون في بادية أو قرية ، فأما الذي يشهد في الحضر بدويا ويدع جيرته من أهل الحضر عندي مريب . وقد روى أبو داود والدراقطني عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية . قال محمد بن عبد الحكم : تأول مالك هذا الحديث على أن المراد به الشهادة في الحقوق والأموال ، ولا ترد الشهادة في الدماء وما في معناها مما يطلب به الخلق . وقال عامة أهل العلم : شهادة البدوي إذا كان عدلا يقيم الشهادة على وجهها جائزة ؛ والله أعلم . وقد مضى القول في هذا في " البقرة " ، ويأتي في " براءة " تمامها إن شاء الله تعالى .الرابعة : قوله تعالى : شهداء لله نصب على النعت ل ( قوامين ) ، وإن شئت كان خبرا بعد خبر . قال النحاس : وأجود من هذين أن يكون نصبا على الحال بما في قوامين من ذكر الذين آمنوا ؛ لأنه نفس المعنى ، أي كونوا قوامين بالعدل عند شهادتكم . قال ابن عطية : والحال فيه ضعيفة في المعنى ؛ لأنها تخصيص القيام بالقسط إلى معنى الشهادة فقط . ولم ينصرف شهداء لأن فيه ألف التأنيث .الخامسة : قوله تعالى : لله معناه لذات الله ولوجهه ولمرضاته وثوابه . ولو على أنفسكم متعلق ب شهداء ؛ هذا هو الظاهر الذي فسر عليه الناس ، وأن هذه الشهادة المذكورة هي في الحقوق فيقر بها لأهلها ، فذلك قيامه بالشهادة على نفسه ؛ كما تقدم . أدب الله جل وعز المؤمنين بهذا ؛ كما قال ابن عباس : أمروا أن يقولوا الحق ولو على أنفسهم . ويحتمل أن يكون قوله : شهداء لله معناه بالوحدانية لله ، ويتعلق قوله : ولو على أنفسكم ب قوامين والتأويل الأول أبين .السادسة : قوله تعالى : إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما في الكلام إضمار وهو اسم كان ؛ أي إن يكن الطالب أو المشهود عليه غنيا فلا يراعى لغناه ولا يخاف منه ، وإن يكن فقيرا فلا يراعى إشفاقا عليه . فالله أولى بهما أي فيما اختار لهما من فقر وغنى . قال السدي : اختصم إلى النبي صلى الله عليه وسلم غني وفقير ، فكان ضلعه صلى الله عليه وسلم مع الفقير ، ورأى أن الفقير لا يظلم الغني ؛ فنزلت الآية .السابعة : قوله تعالى : فالله أولى بهما إنما قال بهما ولم يقل " به " وإن كانت أو إنما تدل على الحصول الواحد ؛ لأن المعنى فالله أولى بكل واحد منهما . وقال الأخفش : تكون أو بمعنى الواو ؛ أي إن يكن غنيا وفقيرا فالله أولى بالخصمين كيفما كانا ؛ وفيه ضعف . وقيل : إنما قال : بهما لأنه قد تقدم ذكرهما ؛ كما قال تعالى : وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس .الثامنة : قوله تعالى : فلا تتبعوا الهوى نهي ، فإن اتباع الهوى مرد ، أي مهلك ؛ قال الله تعالى : فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله فاتباع الهوى يحمل على الشهادة بغير الحق ، وعلى الجور في الحكم ، إلى غير ذلك . وقال الشعبي : أخذ الله عز وجل على الحكام ثلاثة أشياء : ألا يتبعوا الهوى ، وألا يخشوا الناس ويخشوه ، وألا يشتروا بآياته ثمنا قليلا . أن تعدلوا في موضع نصب .التاسعة : قوله تعالى : وإن تلووا أو تعرضوا قرئ " وإن تلووا " من لويت فلانا حقه ليا إذا دفعته به ، والفعل منه " لوى " والأصل فيه " لوى " قلبت الياء ألفا لحركتها وحركة ما قبلها ، والمصدر " ليا " والأصل لويا ، وليانا والأصل لويانا ، ثم أدغمت الواو في الياء . وقال القتبي : " تلووا " من اللي في الشهادة والميل إلى أحد الخصمين . وقرأ ابن عامر والكوفيون " تلوا " أراد قمتم بالأمر وأعرضتم ، من قولك : وليت الأمر ، فيكون في الكلام . التوبيخ للإعراض عن القيام بالأمر وقيل : إن معنى " تلوا " الإعراض . فالقراءة بضم اللام تفيد معنيين : الولاية والإعراض ، والقراءة بواوين تفيد معنى واحدا وهو الإعراض . وزعم بعض النحويين أن من قرأ " تلوا " فقد لحن ؛ لأنه لا معنى للولاية هاهنا . قال النحاس وغيره : وليس يلزم هذا ولكن تكون " تلوا " بمعنى " تلووا " وذلك أن أصله " تلووا " فاستثقلت الضمة على الواو بعدها واو أخرى . فألقيت الحركة على اللام وحذفت إحدى الواوين لالتقاء الساكنين ؛ وهي كالقراءة بإسكان اللام وواوين ؛ ذكره مكي . وقال الزجاج : المعنى على قراءته " وإن تلووا " ثم همز الواو الأولى فصارت " تلئوا " ثم خففت الهمزة بإلقاء حركتها على اللام فصارت " تلوا " وأصلها " تلووا " . فتتفق القراءتان على هذا التقدير . وذكره النحاس ومكي وابن العربي وغيرهم . قال ابن عباس : هو في الخصمين يجلسان بين يدي القاضي فيكون لي القاضي وإعراضه لأحدهما على الآخر ؛ فاللي على هذا مطل الكلام وجره حتى يفوت فصل القضاء وإنفاذه للذي يميل القاضي إليه . قال ابن عطية : وقد شاهدت بعض القضاة يفعلون ذلك ، والله حسيب الكل . وقال ابن عباس أيضا والسدي وابن زيد والضحاك ومجاهد : هي في الشهود يلوي الشاهد الشهادة بلسانه ويحرفها فلا يقول الحق فيها ، أو يعرض عن أداء الحق فيها . ولفظ الآية يعم القضاء والشهادة ، وكل إنسان مأمور بأن يعدل . وفي الحديث : لي الواجد يحل عرضه وعقوبته . قال ابن الأعرابي : عقوبته حبسه ، وعرضه شكايته .العاشرة : وقد استدل بعض العلماء في رد شهادة العبد بهذه الآية ؛ فقال : جعل الله تعالى الحاكم شاهدا في هذه الآية ، وذلك أدل دليل على أن العبد ليس من أهل الشهادة ؛ لأن المقصود منه الاستقلال بهذا المهم إذا دعت الحاجة إليه ، ولا يتأتى ذلك من العبد أصلا فلذلك ردت الشهادة .
English | Türkçe | Indonesia |
Русский | Français | فارسی |
تفسير | انجليزي | اعراب |
تفسير آيات من القرآن الكريم
- تفسير: نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا
- تفسير: فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا
- تفسير: ليوم الفصل
- تفسير: وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون
- تفسير: أبصارها خاشعة
- تفسير: ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا
- تفسير: اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون
- تفسير: من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد
- تفسير: كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون
- تفسير: فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا ياأبانا منع منا الكيل فأرسل معنا أخانا نكتل وإنا له
تحميل سورة النساء mp3 :
سورة النساء mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة النساء
ماهر المعيقلي
سعد الغامدي
عبد الباسط
أحمد العجمي
المنشاوي
الحصري
مشاري العفاسي
ناصر القطامي
فارس عباد
ياسر الدوسري
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب