﴿ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ۚ وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ ۚ فَإِن يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ ۖ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾
[ التوبة: 74]

سورة : التوبة - At-Taubah  - الجزء : ( 10 )  -  الصفحة: ( 199 )

They swear by Allah that they said nothing (bad), but really they said the word of disbelief, and they disbelieved after accepting Islam, and they resolved that (plot to murder Prophet Muhammad SAW) which they were unable to carry out, and they could not find any cause to do so except that Allah and His Messenger had enriched them of His Bounty. If then they repent, it will be better for them, but if they turn away, Allah will punish them with a painful torment in this worldly life and in the Hereafter. And there is none for them on earth as a Wali (supporter, protector) or a helper.


ما نقموا : ما كرهوا و ما عابوا شيئا

يحلف المنافقون بالله أنهم ما قالوا شيئًا يسيء إلى الرسول وإلى المسلمين، إنهم لكاذبون؛ فلقد قالوا كلمة الكفر وارتدوا بها عن الإسلام وحاولوا الإضرار برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، فلم يمكنهم الله من ذلك، وما وجد المنافقون شيئًا يعيبونه، وينتقدونه، إلا أن الله -تعالى- تفضل عليهم، فأغناهم بما فتح على نبيه صلى الله عليه وسلم من الخير والبركة، فإن يرجع هؤلاء الكفار إلى الإيمان والتوبة فهو خير لهم، وإن يعرضوا، أو يستمروا على حالهم، يعذبهم الله العذاب الموجع في الدنيا على أيدي المؤمنين، وفي الآخرة بنار جهنم، وليس لهم منقذ ينقذهم ولا ناصر يدفع عنهم سوء العذاب.

يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا - تفسير السعدي

‏{‏يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ‏}‏ أي‏:‏ إذا قالوا قولا كقول من قال منهم ‏{‏ليخرجن الأعز منها الأذل‏}‏ والكلام الذي يتكلم به الواحد بعد الواحد، في الاستهزاء بالدين، وبالرسول‏.‏فإذا بلغهم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد بلغه شيء من ذلك، جاءوا إليه يحلفون باللّه ما قالوا‏.‏قال تعالى مكذبا لهم ‏{‏وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ‏}‏ فإسلامهم السابق ـ وإن كان ظاهره أنه أخرجهم من دائرة الكفر ـ فكلامهم الأخير ينقض إسلامهم، ويدخلهم بالكفر‏.‏‏{‏وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا‏}‏ وذلك حين هموا بالفتك برسول اللّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في غزوة تبوك، فقص اللّه عليه نبأهم، فأمر من يصدهم عن قصدهم‏.‏‏{‏و‏}‏ الحال أنهم ‏{‏مَا نَقَمُوا‏}‏ وعابوا من رسول اللّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏{‏إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ‏}‏ بعد أن كانوا فقراء معوزين، وهذا من أعجب الأشياء، أن يستهينوا بمن كان سببا لإخراجهم من الظلمات إلى النور، ومغنيا لهم بعد الفقر، وهل حقه عليهم إلا أن يعظموه، ويؤمنوا به ويجلوه‏؟‏‏"‏ فاجتمع الداعي الديني وداعي المروءة الإنسانية‏.‏ثم عرض عليهم التوبة فقال‏:‏ ‏{‏فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ‏}‏ لأن التوبة، أصل لسعادة الدنيا والآخرة‏.‏‏{‏وَإِنْ يَتَوَلَّوْا‏}‏ عن التوبة والإنابة ‏{‏يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ‏}‏ في الدنيا بما ينالهم من الهم والغم والحزن على نصرة اللّه لدينه، وإعزار نبيه، وعدم حصولهم على مطلوبهم، وفي الآخرة، في عذاب السعير‏.‏‏{‏وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ‏}‏ يتولى أمورهم، ويحصل لهم المطلوب ‏{‏وَلَا نَصِيرٍ‏}‏ يدفع عنهم المكروه، وإذا انقطعوا من ولاية اللّه تعالى، فَثَمَّ أصناف الشر والخسران، والشقاء والحرمان‏.‏

تفسير الآية 74 - سورة التوبة

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة : الآية رقم 74 من سورة التوبة

 سورة التوبة الآية رقم 74

يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا - مكتوبة

الآية 74 من سورة التوبة بالرسم العثماني


﴿ يَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدۡ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلۡكُفۡرِ وَكَفَرُواْ بَعۡدَ إِسۡلَٰمِهِمۡ وَهَمُّواْ بِمَا لَمۡ يَنَالُواْۚ وَمَا نَقَمُوٓاْ إِلَّآ أَنۡ أَغۡنَىٰهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ مِن فَضۡلِهِۦۚ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيۡرٗا لَّهُمۡۖ وَإِن يَتَوَلَّوۡاْ يُعَذِّبۡهُمُ ٱللَّهُ عَذَابًا أَلِيمٗا فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۚ وَمَا لَهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ مِن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٖ  ﴾ [ التوبة: 74]


﴿ يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير ﴾ [ التوبة: 74]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة التوبة At-Taubah الآية رقم 74 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 74 من التوبة صوت mp3


تدبر الآية: يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا

شأن المنافق أن يُلبِسَ الحقَّ بالباطل، والغِشَّ بالنصيحة، فإذا جبَهَهُ المؤمنُ استترَ بأغلظ الأيمان، وتترَّسَ بالكذب والتزوير.
رُبَّ كلمةٍ يطلقُها اللسان، يخرج بها صاحبُها من الإسلام، فرحمَ اللهُ امرءًا راقب كلماتِه، وانتقى ألفاظَه وعباراتِه.
من رحمة الله تبارك وتعالى بعباده المؤمنين ألا يبلغَ المنافقون كلَّ مُرادهم، ولا يصِلوا إلى جميع غايات مكرهم.
إذا وصل الإحسانُ إلى اللئيم فاتَّقِ شرَّه؛ فإن طبعه يغلبه؛ فما أسرعَ أن ينسى الإحسانَ ويَطغَى إذا استغنى.
من أعجب العجَب أن يستهينَ المنافقون بمَن كان سببًا في إخراجهم من الظلُمات إلى النور، ومُغنيًا لهم بعد الفقر! إن حقَّه عليهم أن يؤمنوا به ويجلُّوه، استجابةً للداعي الدينيِّ وداعي المروءة الإنسانيَّة.
التائب الصادقُ يقدِّم لنفسه خيرًا يستدفع به العذاب، ويجلِب به الثواب، ويستنزل به الرضوان، ويَسلَمُ من النيران.
باب التوبة مفتوح، فمَن شاء الخيرَ إليه دَلَف، ومَن شاء العقوبةَ عنه انصرف.
قد يجدُ المتمادي في الباطل على الشرِّ أعوانًا، ولكن إذا نزل العذابُ فلن يجدَ لنفسه في جميع أقطار الأرض أنصارًا.

ذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآية روايات منها: ما رواه ابن جرير عن هشام بن عروة عن أبيه قال: نزلت هذه الآية: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا.
الآية في الجلاس بن سويد بن الصامت.
أقبل هو وابن امرأته مصعب من قباء.
فقال الجلاس: إن كان ما يقول محمد حقا لنحن أشر من حمرنا هذه التي نحن عليها!! فقال مصعب: أما والله يا عدو الله لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قلت: قال مصعب:فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم.
وخشيت أن ينزل في القرآن أو تصيبني قارعة.. فقلت يا رسول الله:أقبلت أنا والجلاس من قباء.
فقال كذا وكذا، ولولا مخافة أن أخلط بخطيئة أو تصيبني قارعة ما أخبرتك.
قال مصعب: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الجلاس فقال له: أقلت الذي قال مصعب؟فحلف الجلاس بأنه ما قال ذلك.
فأنزل الله الآية» .
وأخرج ابن إسحاق وابن أبى حاتم عن كعب بن مالك قال: لما نزل القرآن وفيه ذكر المنافقين قال الجلاس بن سويد: والله لئن كان هذا الرجل صادقا لنحن شر من الحمير.
فسمعه عمير بن سعد فقال: والله يا جلاس إنك لأحب الناس إلى.
وأحسنهم عندي أثرا.
ولقد قلت مقالة لئن ذكرتها لتفضحنك، ولئن سكت عنها هلكت، ولإحداهما أشد على من الأخرى.
فمشى عمير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ما قال الجلاس.
فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم الجلاس عما قاله عمير، فحلف بالله ما قال ذلك، وزعم أن عميرا كذب عليه فنزلت هذه الآية .
وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد أخبرنا الوليد بن عبد الله بن جميع عن أبى الطفيل.
قال: لما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أمر مناديه فنادى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ طريق العقبة- وهو مكان مرتفع ضيق- فلا يأخذها أحد.
قال: فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يقود ركابه حذيفة ويسوقه عمار، إذا أقبل رهط ملثمون على الرواحل، فغشوا عمارا وهو يسوق برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل عمار يضرب وجوه الرواحل.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحذيفة: «قد، قد» .
أى حسبك حسبك.
حتى هبط رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجع عمار.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عمار: «هل عرفت القوم» ؟ فقال: لقد عرفت عامة الرواحل والقوم متلثمون.
قال: «هل تدرى ما أرادوا» ؟ قال: الله ورسوله أعلم.
قال:«أرادوا أن ينفروا برسول الله صلى الله عليه وسلم راحلته فيطرحوه» .. .
هذه بعض الروايات التي وردت في سبب نزول هذه الآية وهي تكشف عن كذب المنافقين وغدرهم.
وقوله.
سبحانه: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا ...
استئناف مسوق لبيان جانب مما صدر عنهم من جرائم تستدعى جهادهم والإغلاظ عليهم.
أى: يحلف هؤلاء المنافقون بالله كذبا وزورا أنهم ما قالوا هذا القول القبيح الذي بلغك عنهم يا محمد.
والحق أنهم قد قالوا «كلمة الكفر» وهي تشمل كل ما نطقوا به من أقوال يقصدون بها إيذاءه.
صلى الله عليه وسلم، كقولهم: «هو أذن» وقولهم.
«لئن كان ما جاء به حقا فنحن أشر من حمرنا ...
» وغير ذلك من الكلمات القبيحة التي نطقوا بها.
وأنهم قد «كفروا بعد إسلامهم» أى: أظهروا الكفر بعد إظهارهم الإسلام.
وأنهم قد «هموا بما لم ينالوا» أى: حاولوا إلحاق الأذى برسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنهم لم يستطيعوا ذلك، لأن الله تعالى.
عصمه من شرورهم.
وقوله: وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ توبيخ لهم على جحودهم وكنودهم ومقابلتهم الحسنة بالسيئة.
ومعنى: نقموا: كرهوا وعابوا وأنكروا، يقال نقم منه الشيء إذا أنكره، وكرهه وعابه، وكذا إذا عاقبه عليه.
أى: وما أنكر هؤلاء المنافقون من أمر الإسلام شيئا، إلا أنهم بسببه أغناهم الله ورسوله من فضله بالغنائم وغيرها من وجوه الخيرات التي كانوا لا يجدونها قبل حلول الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه بينهم.
وهذه الجملة الكريمة جاءت على الأسلوب الذي يسميه علماء البلاغة: تأكيد المدح بما يشبه الذم.
قال الجمل: كأنه قال- سبحانه - ليس له صلى الله عليه وسلم صفة تكره وتعاب، سوى أنه ترتب على قدومه إليهم وهجرته عندهم، إغناء الله إياهم بعد شدة الحاجة، وهذه ليست صفة ذم- بل هي صفة مدح- فحينئذ ليس له صفة تذم أصلا» .
وشبيه بهذا الأسلوب قول الشاعر يمدح قوما بالشجاعة والإقدام.
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ...
بهن فلول من قراع الكتائبثم ختم- سبحانه - الآية الكريمة بترغيبهم وترهيبهم فقال: فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ.
وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ..أى: فإن يتب هؤلاء المنافقون عن نفاقهم وشقاقهم وقبائح أقوالهم وأفعالهم، يكن المتاب خيرا لهم في دنياهم وآخرتهم.
«وإن يتولوا» ويعرضوا عن الحق: ويستمروا في ضلالهم «يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة» .
أما عذاب الدنيا فمن مظاهره: حذرهم وخوفهم من أن يطلع المؤمنون على أسرارهم وجبنهم عن مجابهة الحقائق، وشعورهم بالضعف أمام قوة المسلمين، وإحساسهم بالعزلة والمقاطعة من جانب المؤمنين ومعاقبة الرسول صلى الله عليه وسلم إياهم بالعقوبة المناسبة لجرمهم..وأما عذاب الآخرة، فهو أشد وأبقى، بسبب إصرارهم على النفاق، وإعراضهم عن دعوة الحق.
وقوله: وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ تذييل قصد به تيئيسهم من كل معين أو ناصر.
أى: أن هؤلاء المنافقين ليس لهم أحد في الأرض يدفع عنهم عذاب الله، أو يحميهم من عقابه، لأن عقاب الله لن يدفعه دافع إلا هو، فعليهم أن يثوبوا إلى رشدهم، وأن يتوبوا إلى ربهم قبل أن يحل بهم عذابه.
ثم حكى- سبحانه - بعد ذلك نماذج أخرى من جحودهم، ونقضهم لعهودهم، وبخلهم بما آتاهم الله من فضله فقال- سبحانه -.
قوله تعالى يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصيرفيه ست مسائل :الأولى : قوله تعالى يحلفون بالله ما قالوا روي أن هذه الآية نزلت في الجلاس بن سويد بن الصامت ، ووديعة بن ثابت ; وقعوا في النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا : والله لئن كان محمد صادقا على إخواننا الذين هم ساداتنا وخيارنا لنحن شر من الحمير .
فقال له عامر بن قيس : أجل والله إن محمدا لصادق مصدق ; وإنك لشر من حمار .
وأخبر عامر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم .
وجاء الجلاس فحلف بالله عند منبر النبي صلى الله عليه وسلم إن عامرا لكاذب .
وحلف عامر لقد قال ، وقال : اللهم أنزل على نبيك الصادق شيئا ، فنزلت .
وقيل : إن الذي سمعه عاصم بن عدي .
وقيل حذيفة .
وقيل : بل سمعه ولد امرأته واسمه عمير بن سعد ; فيما قال ابن إسحاق .
وقال غيره : اسمه مصعب .
فهم الجلاس بقتله لئلا يخبر بخبره ; ففيه نزل : وهموا بما لم ينالوا .
قال مجاهد : وكان الجلاس لما قال له صاحبه إني سأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقولك هم بقتله ، ثم لم يفعل ، عجز عن ذلك .
قال ، ذلك هي الإشارة بقوله وهموا بما لم ينالوا .
وقيل : إنها نزلت في عبد الله بن أبي ، رأى رجلا من غفار يتقاتل مع رجل من جهينة ، وكانت جهينة حلفاء الأنصار ، فعلا الغفاري الجهني .
فقال ابن أبي : يا بني الأوس والخزرج ، انصروا أخاكم فوالله ما مثلنا ومثل محمد إلا كما قال القائل : سمن كلبك يأكلك ، ولئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل .
فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، فجاءه عبد الله بن أبي فحلف أنه لم يقله ; قاله قتادة .
وقول ثالث أنه قول جميع المنافقين ; قاله الحسن .
ابن العربي : وهو الصحيح ; لعموم القول ووجود المعنى فيه وفيهم ، وجملة ذلك اعتقادهم فيه أنه ليس بنبي .
الثانية : قوله تعالى ولقد قالوا كلمة الكفر قال النقاش : تكذيبهم بما وعد الله من الفتح .
وقيل : كلمة الكفر قول الجلاس : إن كان ما جاء به محمد حقا لنحن أشر من الحمير .
وقول عبد الله بن أبي : لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل .
قال القشيري : كلمة الكفر سب النبي صلى الله عليه وسلم والطعن في الإسلام .
وكفروا بعد إسلامهم أي بعد الحكم بإسلامهم .
فدل هذا على أن المنافقين كفار ، وفي قوله تعالى : ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا دليل قاطع .
ودلت الآية أيضا على أن الكفر يكون بكل ما يناقض التصديق والمعرفة ; وإن كان الإيمان لا يكون إلا بلا إله إلا الله دون غيره من الأقوال والأفعال إلا في الصلاة .
قال إسحاق بن راهويه : ولقد أجمعوا في الصلاة على شيء لم يجمعوا عليه في سائر الشرائع ; لأنهم بأجمعهم قالوا : من عرف بالكفر ثم رأوه يصلي الصلاة في وقتها حتى صلى صلوات كثيرة ، ولم يعلموا منه إقرارا باللسان أنه يحكم له بالإيمان ، ولم يحكموا له في الصوم والزكاة بمثل ذلك .
الثالثة : قوله تعالى وهموا بما لم ينالوا يعني المنافقين من قتل النبي صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة في غزوة تبوك ، وكانوا اثني عشر رجلا .
قال حذيفة : سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عدهم كلهم .
فقلت : ألا تبعث إليهم فتقتلهم ؟ فقال : أكره أن تقول العرب لما ظفر بأصحابه أقبل يقتلهم بل يكفيهم الله بالدبيلة .
قيل : يا رسول الله وما الدبيلة ؟ قال : شهاب من جهنم يجعله على نياط فؤاد أحدهم حتى تزهق نفسه .
فكان كذلك .
خرجه مسلم بمعناه .
وقيل هموا بعقد التاج على رأس ابن أبي ليجتمعوا عليه .
وقد تقدم قول مجاهد في هذا .
الرابعة : قوله تعالى : وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله أي ليس ينقمون شيئا ; كما قال النابغة :ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائبويقال : نقم ينقم ، ونقم ينقم ; قال الشاعر في الكسر :ما نقموا من بني أمية إلا أنهم يحلمون إن غضبواوقال زهير :يؤخر فيوضع في كتاب فيدخر ليوم الحساب أو يعجل فينقمينشد بكسر القاف وفتحها .
قال الشعبي : كانوا يطلبون دية فيقضي لهم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستغنوا .
ذكر عكرمة أنها كانت اثني عشر ألفا .
ويقال : إن القتيل كان مولى الجلاس .
وقال الكلبي : كانوا قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم في ضنك من العيش ، لا يركبون الخيل ولا يحوزون الغنيمة ، فلما قدم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم استغنوا بالغنائم .
وهذا المثل مشهور : اتق شر من أحسنت إليه .
قال القشيري أبو نصر : قيل للبجلي أتجد في كتاب الله تعالى اتق شر من أحسنت إليه ؟ قال نعم ، وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله .
الخامسة : قوله تعالى فإن يتوبوا يك خيرا لهم روي أن الجلاس قام حين نزلت الآية فاستغفر وتاب .
فدل هذا على توبة الكافر الذي يسر الكفر ويظهر الإيمان ; وهو الذي يسميه الفقهاء الزنديق .
وقد اختلف في ذلك العلماء ; فقال الشافعي : تقبل توبته .
وقال مالك : توبة الزنديق لا تعرف ; لأنه كان يظهر الإيمان ويسر الكفر ، ولا يعلم إيمانه إلا بقوله .
وكذلك يفعل الآن في كل حين ، يقول : أنا مؤمن وهو يضمر خلاف ما يظهر ; فإذا عثر عليه وقال : تبت ، لم يتغير حاله عما كان عليه .
فإذا جاءنا تائبا من قبل نفسه قبل أن يعثر عليه قبلت توبته ; وهو المراد بالآية .
والله أعلم .
السادسة : قوله تعالى وإن يتولوا أي يعرضوا عن الإيمان والتوبةيعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا بالقتل ، وفي الآخرة بالنار وما لهم في الأرض من ولي أي مانع يمنعهم ولا نصير أي معين .
وقد تقدم .


شرح المفردات و معاني الكلمات : يحلفون , الله , كلمة , الكفر , كفروا , إسلامهم , وهموا , ينالوا , نقموا , أغناهم , الله , رسوله , فضله , يتوبوا , يك , خيرا , يتولوا , يعذبهم , الله , عذابا , أليما , الدنيا , الآخرة , الأرض , ولي , نصير ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم


تحميل سورة التوبة mp3 :

سورة التوبة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة التوبة

سورة التوبة بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة التوبة بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة التوبة بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة التوبة بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة التوبة بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة التوبة بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة التوبة بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة التوبة بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة التوبة بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة التوبة بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Friday, April 26, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب