تفسير ابن كثير تفسير الصفحة 596 من المصحف



تفسير ابن كثير - صفحة القرآن رقم 596

596 : تفسير الصفحة رقم 596 من القرآن الكريم

 ( سورة الضحى )

الآيات ( 93 1 11 )
مقدمة تفسير سورة الليل ولله الحمد والمنة تفسير سورة الضحى روينا من طريق أبي الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي بزة المقرئ قال قرأت على عكرمة بن سليمان وأخبرني أنه قرأ على إسماعيل بن قسطنطين وشبل بن عباد فلما بلغت والضحى قالا لي كبر حتى تختم مع خاتمة كل سورة فإنا قرأنا على بن كثير فأمرنا بذلك وأخبرنا أنه قرأ على مجاهد فأمره بذلك وأخبره مجاهد أنه قرأ على بن عباس فأمره بذلك وأخبره بن عباس أنه قرأ على أبي بن كعب فأمره بذلك وأخبره أبي أنه قرأ على رسول الله فأمره بذلك فهذه سنة تفرد بها أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله البزي من ولد القاسم بن أبي بزة وكان إماما في القراءات فأما في الحديث فقد ضعفه أبو حاتم الرازي وقال لا أحدث عنه وكذلك أبو جعفر العقيلي 1127 قال هو منكر الحديث لكن حكى الشيخ شهاب الدين أبو شامة في شرح الشاطبية 735 عن الشافعي أنه سمع رجلا يكبر هذا التكبير في الصلاة فقال أحسنت وأصبت السنة وهذا يقتضي صحة هذا الحديث ثم اختلف القراء في موضع هذا التكبير وكيفيته فقال بعضهم يكبر من آخر والليل إذا يغشى وقال آخرون من آخر والضحى وكيفية التكبير عند بعضهم أن يقول الله أكبر ويقتصر ومنهم من يقول الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر وذكر القراء في مناسبة التكبير من أول سورة الضحى أنه لما تأخر الوحي عن رسول الله وفتر تلك المدة ثم جاء الملك فأوحى إليه ( والضحى والليل إذا سجى ) السورة بتمامها كبر فرحا وسرورا ولم يرو ذلك بإسناد يحكم عليه بصحة ولا ضعف فالله
أعلم
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الإمام أحمد حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن الأسود بن قيس قال سمعت جندبا يقول اشتكى النبي فلم يقم ليلة أو ليلتين فأتت إمرأة فقالت يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك فأنزل الله عز وجل ( والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى ) رواه البخاري 4951 ومسلم 1797 والترمذي 3345 والنسائي 11681 وبن أبي حاتم وبن جرير من طرق عن الأسود بن قيس عن جندب هو بن عبد الله البجلي ثم العلقي به وفي رواية سفيان بن عيينة عن الأسود بن قيس سمع جندبا قال أبطأ جبريل على رسول الله فقال المشركون ودع محمدا ربه فأنزل الله تعالى ( والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى ) وقال بن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج وعمرو بن عبد الله الأودي قالا حدثنا أبو أسامة حدثني سفيان حدثني الأسود بن قيس أنه سمع جندبا يقول رمى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بحجر في أصبعه فقال هل أنت إلا أصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت قال فمكث ليلتين أو ثلاثا لا يقوم فقالت له امرأة ما أرى شيطانك إلا قد تركك فنزلت ( والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى ) والسياق لأبي سعيد قيل إن هذه المرأة هي أم جميل امراة أبي لهب وذكر أن أصبعه عليه السلام دميت وقوله هذا الكلام الذي اتفق أنه موزون ثابت في الصحيحين ولكن الغريب ها هنا جعله سببا لتركه القيام ونزول هذه السورة فأما ما رواه بن جرير حدثنا بن أبي الشوارب حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا سليمان الشيباني عن عبد الله بن شداد أن خديجة قالت للنبي ما أرى ربك إلا قد قلاك فأنزل الله ( والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى ) وقال أيضا حدثنا أبو كريب حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه قال أبطأ جبريل على النبي فجزع جزعا شديدا فقالت خديجة إني أرى ربك قد قلاك مما نرى من جزعك قال فنزلت ( والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى ) إلى آخرها فإنه حديث مرسل من هذين الوجهين ولعل ذكر خديجة ليس محفوظا أو قالته على وجه التأسف والتحزن والله أعلم وقد ذكر بعض السلف منهم بن إسحاق أن هذه السورة هي التي أوحاها جبريل إلى رسول الله حين تبدى له في صورته التي خلقه الله عليها ودنا إليه وتدلى منهبطا عليه وهو بالأبطح ( فأوحى إلى عبده ما أوحى ) قال قال له هذه السورة ( والضحى والليل إذا سجى ) قال العوفي عن بن عباس لما نزل على رسول الله القرآن أبطأ عنه جبريل أياما فتغير بذلك فقال المشركون ودعه ربه وقلاه فأنزل الله ( ما ودعك ربك وما قلى ) وهذا قسم منه تعالى بالضحى وما جعل فيه من الضياء ( والليل إذا سجى ) أي سكن فأظلم وادلهم قاله مجاهد وقتادة والضحاك وبن زيد وغيرهم وذلك دليل ظاهر على قدرة خالق هذا وهذا كما قال تعالى ( والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى ) وقال تعالى ( فالق الأصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم ) وقوله تعالى ( ما ودعك ربك ) أي ما تركك ( وما قلى ) أي وما أبغضك ( وللآخرة خير لك من الأولى أي ) وللدار الآخرة خير لك من هذه الدار ولهذا كان رسول الله أزهد الناس في الدنيا وأعظمهم لها إطراحا كما هو معلوم بالضرورة من سيرته ولما خير عليه السلام في آخر عمره بين الخلد في الدنيا إلى آخرها ثم الجنة وبين الصيرورة إلى الله عز وجل اختار ما عند الله على هذه الدنيا الدنية قال الإمام أحمد 1391 حدثنا يزيد حدثنا المسعودي عن عمرو بن مرة عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن عبد الله هو بن مسعود قال اضطجع رسول الله على حصير فأثر في جنبه فلما استيقظ جعلت أمسح جنبه وقلت يا رسول الله ألا آذنتنا حتى نبسط لك على الحصير شيئا فقال رسول الله ما لي وللدنيا إنما مثلي ومثل الدنيا كراكب ظل تحت شجرة ثم راح وتركها ورواه الترمذي 2377 وبن ماجة 4109 من حديث المسعودي به وقال الترمذي حسن صحيح وقوله تعالى ( ولسوف يعطيك ربك فترضى ) أي في الدار الآخرة يعطيه حتى يرضيه في أمته وفيما أعده له من الكرامة ومن جملته نهر الكوثر الذي حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف وطينه مسك أذفر كما سيأتي وقال الإمام أبو عمرو الأوزاعي عن إسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر المخزومي عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه قال عرض على رسول الله ما هو مفتوح على أمته من بعده كنزا كنزا فسر بذلك فأنزل الله ( ولسوف يعطيك ربك فترضى ) فأعطاه في الجنة ألف ألف قصر
في كل قصر ما ينبغي له من الأزواج والخدم رواه بن جرير وبن أبي حاتم من طريقه وهذا إسناد صحيح إلى بن عباس ومثل هذا ما يقال إلا عن توقيف وقال السدي عن بن عباس من رضاء محمد أن لا يدخل أحد من أهل بيته النار رواه بن جرير وبن أبي حاتم وقال الحسن يعني بذلك الشفاعة وهكذا قال أبو جعفر الباقر وقال أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا معاوية بن هشام عن علي بن صالح عن يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال قال رسول الله إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا ( ولسوف يعطيك ربك فترضى ) ثم قال تعالى يعدد نعمه على عبده ورسوله محمد صلوات الله وسلامه عليه ( ألم يجدك يتيما فآوى ) وذلك أن أباه توفي وهو حمل في بطن أمه وقيل بعد أن ولد عليه السلام ثم توفيت أمه آمنة بنت وهب وله من العمر ست سنين ثم كان في كفالة جده عبد المطلب إلى أن توفي وله من العمر ثمان سنين فكفله عمه أبو طالب ثم لم يزل يحوطه وينصره ويرفع من قدره ويوقره ويكف عنه أذى قومه بعد أن ابتعثه الله على راس أربعين سنة من عمره هذا وأبو طالب على دين قومه من عبادة الأوثان وكل ذلك بقدر الله وحسن تدبيره إلى أن توفي أبو طالب قبل الهجرة بقليل فأقدم عليه سفهاء قريش وجهالهم فاختار الله له الهجرة من بين أظهرهم إلى بلد الأنصار من الأوس والخزرج كما أجرى الله سنته على الوجه الأتم الأكمل فلما وصل إليهم آووه ونصروه وحاطوه وقاتلوا بين يديه رضي الله عنهم أجمعين وكل هذا من حفظ الله له وكلاءته وعنايته به وقوله تعالى ( ووجدك ضالا فهدى ) كقوله ( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا ) الآية ومنهم من قال أن المراد بهذا أن النبي ضل في شعاب مكة وهو صغير ثم رجع وقيل إنه ضل وهو مع عمه في طريق الشام وكان راكبا ناقة في الليل فجاء إبليس فعدل بها عن الطريق فجاء جبريل فنفخ إبليس نفخة ذهب منها إلى الحبشة ثم عدل بالراحلة إلى الطريق حكاهما البغوي وقوله تعالى ( ووجدك عائلا فأغنى ) أي كنت فقيرا ذا عيال فأغناك الله عمن سواه فجمع له بين مقامي الفقير الصابر والغني الشاكر صلوات الله وسلامه عليه وقال قتادة في قوله ( ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فأغنى ) قال كانت هذه منازل رسول الله قبل أن يبعثه الله عز وجل رواه بن جرير وبن أبي حاتم وفي الصحيحين من طريق عبد الرزاق عن معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا أبو هريرة قال قال رسول الله ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس وفي صحيح مسلم 1054 عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه ثم قال تعالى ( فأما اليتيم فلا تقهر ) أي كما كنت يتيما فآواك الله فلا تقهر اليتيم أي لا تذله وتنهره وتهنه ولكن أحسن إليه وتلطف به قال قتادة كن لليتيم كالأب الرحيم ( وأما السائل فلا تنهر ) أي وكما كنت ضالا فهداك الله فلا تنهر السائل في العلم المسترشد قال بن إسحاق ( وأما السائل فلا تنهر أي وكما كنت ضالا فهداك الله فلا تنهر السائل في العلم المسترشد قال بن إسحاق وأما السائل فلا تنهر ) أي فلا تكن جبارا ولا متكبرا ولا فحاشا ولا فظا على الضعفاء من عباد الله وقال قتادة يعني رد المسكين برحمة ولين ( وأما بنعمة ربك فحدث ) أي وكما كنت عائلا فقيرا فأغناك الله فحدث بنعمة الله عليك كما جاء في الدعاء المأثور النبوي واجعلنا شاكرين لنعمتك مثنين بها عليك قابليها وأتمها علينا وقال بن جرير حدثنا يعقوب حدثنا بن علية حدثنا سعيد بن إياس الجريري عن أبي نضرة قال كان المسلمون يرون أن من شكر النعم أن يحدث بها وقال عبد الله بن الإمام أحمد 4278 حدثنا منصور بن أبي مزاحم حدثنا الجراح بن مليح عن أبي عبد الرحمن عن الشعبي عن النعمان بن بشير قال قال رسول الله على المنبر من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله والتحدث بنعمة الله شكر وتركها كفر والجماعة رحمة والفرقة عذاب وإسناده ضعيف وفي الصحيحين عن أنس أن المهاجرين قالوا يا رسول الله ذهب الأنصار بالأجر كله قال لا ما دعوتم الله لهم وأثنيتم عليهم وقال أبو داود 4811 حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا الربيع بن مسلم عن محمد بن زياد عن أبي هريرة عن النبي قال لا يشكر الله من لا يشكر الناس ورواه الترمذي 1954 عن أحمد بن محمد عن بن المبارك عن الربيع بن مسلم
وقال صحيح وقال أبو داود 4814 حدثنا عبد الله بن الجراح حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن النبي قال من أبلى بلاء فذكره فقد شكره ومن كتمه فقد كفره تفرد به أبو داود وقال أبو داود حدثنا مسدد حدثنا بشر حدثنا عمارة بن غزية حدثني رجل من قومي عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من أعطي عطاء فوجد فليجز به فإن لم يجد فليثن به فمن أثنى به فقد شكره ومن كتمه فقد كفره قال أبو داود ورواه يحيى بن أيوب عن عمارة بن غزية عن شرحبيل عن جابر كرهوه فلم يسموه تفرد به أبو داود وقال مجاهد يعني النبوة التي أعطاك ربك وفي رواية عنه القرآن وقال ليث عن رجل عن الحسن بن علي ( وأما بنعمة ربك فحدث ) قال ما عملت من خير فحدث إخوانك وقال محمد بن إسحاق ما جاءك من الله من نعمة وكرامة من النبوة فحدث بها واذكرها وادع إليها قال فجعل رسول الله يذكر ما أنعم الله به عليه من النبوة سرا إلى من يطمئن إليه من أهله وافترضت عليه الصلاة فصلى

( سورة ألم نشرح لك )

الآيات ( 94 1 8 )
مقدمة تفسير سورة الشرح بسم الله الرحمن الرحيم سورة ألم نشرح لك وهي
مكية يقول تعالى ( ألم نشرح لك صدرك ) يعني أما شرحنا لك صدرك أي نورناه وجعلناه فسيحا رحيبا واسعا كقوله ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ) وكما شرح الله صدره كذلك جعل شرعه فسيحا واسعا سمحا سهلا لاحرج فيه ولا إصر ولا ضيق وقيل المراد بقوله ( ألم نشرح لك صدرك ) شرح صدره ليلة الإسراء كما تقدم من رواية مالك بن صعصعة وقد أورده الترمذي 3346 ها هنا وهذا وإن كان واقعا ليلة الإسراء كما رواه مالك بن صعصعة ولكن لا منافاة فإن من جملة شرح صدره الذي فعل بصدره ليلة الإسراء وما نشأ عنه من الشرح المعنوي أيضا فالله أعلم قال عبد الله بن الإمام أحمد 5139 حدثني محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى البزاز حدثنا يونس بن محمد حدثنا معاذ بن محمد بن أبي بن كعب حدثني أبو محمد بن معاذ عن معاذ عن محمد عن أبي بن كعب أن أبا هريرة كان جريئا على أن يسأل رسول الله عن أشياء لا يسأله عنها غيره فقال يا رسول الله ما أول ما رأيت من أمر النبوة فاستوى رسول الله جالسا وقال لقد سألت يا أبا هريرة إني في الصحراء بن عشر سنين وأشهر وإذا بكلام فوق رأسي وإذا رجل يقول لرجل أهو هو فاستقبلاني بوجوه لم أرها قط وأرواح لم أجدها من خلق قط وثياب لم أرها على أحد قط فأقبلا إلي يمشيان حتى أخذ كل واحد منهما بعضدي لا أجد لأحدهما مسا فقال أحدهما لصاحبه أضجعه فأضجعاني بلا قصر ولا هصر فقال أحدهما لصاحبه إفلق صدره فهوى أحدهما إلى صدري ففلقه فيما أرى بلا دم ولا وجع فقال له أخرج الغل والحسد فأخرج شيئا كهيئة العلقة ثم نبذها فطرحها فقال له ادخل الرأفة والرحمة فإذا مثل الذي أخرج شبه الفضة ثم هز إبهام رجلي اليمنى فقال أعد وأسلم فرجعت بها أعدو رقة على الصغير ورحمة للكبير وقوله تعالى ( ووضعنا عنك وزرك ) بمعنى ( ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) ( الذي أنقض ظهرك ) الإنقاض الصوت وقال غير واحد من السلف في قوله ( الذي أنقض ظهرك ) أي أثقلك حمله وقوله تعالى ( ورفعنا لك ذكرك ) قال مجاهد لا أذكر إلا ذكرت معي أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله وقال قتادة رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا ينادي بها أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وقال بن جرير حدثني يونس أخبرنا بن وهب أخبرنا عمرو بن الحارث عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد عن رسول الله أنه قال أتاني جبريل فقال إن ربي وربك يقول كيف رفعت ذكرك قال الله أعلم قال إذا ذكرت ذكرت معي وكذا رواه بن أبي حاتم عن يونس عن عبد الأعلى به ورواه أبو يعلى 1308 من طريق بن لهيعة عن دراج وقال بن أبي حاتم
حدثنا أبو زرعة حدثنا أبو عمر الحوضي حدثنا حماد بن زيد حدثنا عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال قال رسول الله سألت ربي مسألة وددت أني لم أسأله قلت قد كان قبلي أنبياء منهم من سخرت له الريح ومنهم من يحيي الموتى قال يامحمد ألم أجدك يتيما فآويتك قلت بلى يارب قال ألم أجدك ضالا فهديتك قلت بلى يارب قال ألم أجدك عائلا فأغنيتك قلت بلى يارب قال ألم أشرح لك صدرك ألم أرفع لك ذكرك قلت بلى يارب وقال أبو نعيم في دلائل النبوة حدثنا أبو أحمد الغطريفي حدثنا موسى بن سهل الجويني حدثنا أحمد بن القاسم بن بهزان الهيتي حدثنا نصر بن حماد عن عثمان بن عطاء عن الزهري عن أنس قال قال رسول الله لما فرغت مما أمرني به من أمر السماوات والأرض قلت يارب إنه لم يكن نبي قبلي إلا وقد كرمته جعلت إبراهيم خليلا وموسى كليما وسخرت لداود الجبال ولسليمان الريح والشياطين وأحييت لعيسى الموتى فما جعلت لي قال أو ليس قد أعطيتك أفضل من ذلك كله إني لا أذكر إلا ذكرت معي وجعلت صدور أمتك أناجيل يقرؤون القرآن ظاهرا ولم أعطها أمة وأعطيتك كنزا من كنوز عرشي لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وحكى البغوي عن بن عباس ومجاهد أن المراد بذلك الأذان يعني ذكره فيه وأورد من شعر حسان بن ثابت
أغر عليه للنبوة خاتم من الله من نور يلوح ويشهد

وضم الإله اسم النبي إلى اسمه إذا قال في الخمس المؤذن أشهد

وشق له من اسمه ليجله فذو العرش محمود وهذا محمد
وقال آخرون رفع الله ذكره في الأولين والآخرين ونوه به حين أخذ الميثاق على جميع النبيين أن يؤمنوا به وأن يأمروا أممهم بالإيمان به ثم شهر ذكره في أمته فلا يذكر الله إلا ذكر معه وما أحسن ما قال الصرصري رحمه الله
لايصح الأذان في الفرض إلا باسمه العذب في الفم المرضي
وقال أيضا
ألم تر أنا لا يصح أذاننا ولا فرضنا إن لم نكرره فيهما
وقوله تعالى ( فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ) أخبر تعالى أن مع العسر يوجد اليسر ثم أكد هذا الخبر قال بن ابي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا محمود بن غيلان حدثنا حميد بن حماد بن أبي خوار أبو الجهم حدثنا عائذ بن شريح قال سمعت أنس بن مالك يقول كان النبي جالسا وحياله حجر فقال لو جاء العسر فدخل هذا الحجر لجاء اليسر حتى يدخل عليه فيخرجه فأنزل الله عز وجل ( فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ) ورواه أبو بكر البزار في مسنده 2288 عن محمد بن معمر عن حميد بن حماد به ولفظه لو جاء العسر حتى يدخل هذا الحجر لجاء اليسر حتى يخرجه ثم قال ( فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ) ثم قال البزار لا نعلم رواه عن أنس إلا عائذ بن شريح قلت وقد قال فيه أبو حاتم الرازي 716 في حديثه ضعف ولكن رواه شعبة عن معاوية بن قرة عن رجل عن عبد الله بن مسعود موقوفا وقال بن أبي حاتم حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح حدثنا أبو قطن حدثنا المبارك بن فضالة عن الحسن قال كانوا يقولون لا يغلب عسر واحد يسرين اثنين وقال بن جرير حدثنا بن عبد الأعلى حدثنا بن ثور عن معمر عن الحسن قال خرج النبي يوما مسرورا فرحا وهو يضحك وهو يقول لن يغلب عسر يسرين لن يغلب عسر يسرين ( فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ) وكذا رواه من حديث عوف الأعرابي ويونس بن عبيد عن الحسن مرسلا وقال سعيد عن قتادة ذكر لنا أن رسول الله بشر أصحابه بهذه الأية فقال لن يغلب عسر يسرين ومعنى هذا أن العسر معرف في الحالتين فهو مفرد واليسر منكر فتعدد ولهذا قال لن يغلب عسر يسرين يعني قوله ( فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ) فالعسر الأول عين الثاني واليسر تعدد وقال الحسن بن سفيان حدثنا يزيد بن صالح حدثنا خارجة عن عباد بن كثير عن أبي الزناد عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله قال نزل المعونة من السماء على قدر المؤونة ونزل الصبر على قدر المصيبة ومما يروى عن الشافعي أنه قال
صبرا جميلا ما أقرب الفرجا من راقب الله في الأمور نجا

من صدق الله لم ينله أذى ومن رجاه يكون حيث رجا
وقال بن دريد أنشدني أبو حاتم السجستاني
إذا اشتملت على اليأس القلوب وضاق لما به الصدر الرحيب

وأوطأت المكاره واطمأنت وأرست في أماكنها الخطوب

ولم تر لانكشاف الضر وجها ولا أغنى بحيلته الأريب

أتاك على قنوط منك غوث يمن به اللطيف المستجيب

وكل الحادثات إذا تناهت فموصول بها الفرج القريب
وقال آخر
ولرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعا وعند الله منها المخرج

كملت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكان يظنها لا تفرج
وقوله تعالى ( فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب ) أي إذا فرغت من أمور الدنيا وأشغالها وقطعت علائقها فانصب إلى العبادة وقم إليها نشيطا فارغ البال وأخلص لربك النية والرغبة ومن هذا القبيل قوله في الحديث المتفق على صحته لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان وقوله إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء فابدؤوا بالعشاء قال مجاهد في هذه الآية إذا فرغت من أمر الدنيا فقمت إلى الصلاة فانصب لربك وفي رواية عنه إذا قمت إلى الصلاة فانصب في حاجتك وعن بن مسعود إذا فرغت من الفرائض فانصب في قيام الليل وعن بن عياض نحوه وفي رواية عن بن مسعود ( فانصب وإلى ربك فارغب ) بعد فراغك من الصلاة وأنت جالس وقال علي بن أبي طلحة عن بن عباس فإذا فرغت فانصب يعني في الدعاء وقال زيد بن أسلم والضحاك ( فإذا فرغت ) أي من الجهاد ( فانصب ) أي في العبادة ( وإلى ربك فارغب ) قال الثوري اجعل نيتك ورغبتك إلى الله عز وجل