المختصر في تفسير القرآن الكريم الصفحة 305 من المصحف

كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6) يَازَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8) قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9) قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (10) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (11)

سورة مريم
مكية

[مِنْ مَقَاصِدِ السُّورَةِ]
بيان مظاهر رحمة الله بأوليائه؛ كهبة الولد الصالح، وبيان تنزُّهه تعالى عن الولد والمُعين، ردًّا على المفترين.


[التَّفْسِيرُ]
1 - {كهيعص} تقدم الكلام على نظائرها في بداية سورة البقرة.
2 - هذا ذكر رحمة ربك بعبده زكريا عليه السلام، نقصّه عليك للاعتبار به.
3 - إذ دعا ربه سبحانه دعاء خفيًّا ليكون أقرب إلى الإجابة.
4 - قال: يا رب، إني ضعفت عظامي، وكثر شيب رأسي, ولم أكن خائبًا في دعائي لك، بل كما دعوتك أجبتني.
5 - وإني خفت قرابتي ألا يقوموا بعد موتي بحق الدين لانشغالهم بالدنيا، وكانت امرأتي عقيمًا لا تلد، فأعطني من عندك ولدًا مُعِينًا.
6 - يرث النبوّة عني، ويرثها من آل يعقوب عليه السلام، وصيِّره -يا رب- مرضيًّا في دينه وخلقه وعلمه.
7 - فاستجاب الله دعاءه, وناداه: يا زكريا، إنا نخبرك بما يسرّك، فقد أجبنا دعاءك، وأعطيناك غلامًا اسمه يحيى، لم نجعل لغيره من قبله هذا الاسم.
8 - قال زكريا متعجبًا من قدرة الله: كيف يولد لي ولد وامرأتي عقيم لا تلد، وقد بلغت نهاية العمر من الكبر وضعف العظام؟!
9 - قال المَلَك: الأمر كما قلت من أن امرأتك لا تلد، وأنك قد بلغت نهاية العمر من الكبر وضعف العظام، لكن ربك قال: خلْق ربك ليحيى من أمّ عاقر ومن أب بلغ نهاية العمر سهْل، وقد خلقتك -يا زكريا- من قبل ذلك ولم تكن شيئًا يذكر؛ لأنك كنت عدمًا.
10 - قال زكريا عليه السلام: يا رب، اجعل لي علامة أطمئنّ بها تدل على حصول ما بشّرتني به الملائكة، قال: علامتك على حصول ما بُشِّرتَ به ألا تستطيع كلام الناس ثلاث ليال من غير علة، بل أنت صحيح معافى.
11 - فخرج زكريا على قومه من مصلّاه، فأشار إليهم من غير كلام: أن سبّحوا الله سبحانه أول النهار وآخره.

[مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
• الضعف والعجز من أحب وسائل التوسل إلى الله؛ لأنه يدل على التَّبَرُؤِ من الحول والقوة، وتعلق القلب بحول الله وقوته.
• يستحب للمرء أن يذكر في دعائه نعم الله تعالى عليه، وما يليق بالخضوع.
• الحرص على مصلحة الدين وتقديمها على بقية المصالح.
• تستحب الأسماء ذات المعاني الطيبة.

(1/305)