تفسير الشنقيطي تفسير الصفحة 457 من المصحف


تفسير أضواء البيان - صفحة القرآن رقم 457


تفسير أضواء البيان - صفحة القرآن رقم 67

 {إِنَّ هَـٰذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ * هَـٰذَا وَإِنَّ لِلطَّـٰغِينَ لَشَرَّ مَئابٍ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ * هَـٰذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ * وَءَاخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَٰجٌ * هَـٰذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ لاَ مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا ٱلنَّارِ * قَالُواْ بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ * قَالُواْ رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَـٰذَا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِى ٱلنَّارِ * وَقَالُواْ مَا لَنَا لاَ نَرَىٰ رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِّنَ ٱلاٌّشْرَارِ * أَتَّخَذْنَـٰهُمْ سِخْرِيّاً أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ ٱلأَبْصَـٰرُ * إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ ٱلنَّارِ * قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مُنذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ ٱللَّهُ ٱلْوَٰحِدُ ٱلْقَهَّارُ * رَبُّ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلاٌّرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفَّارُ * قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ * أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ * مَا كَانَ لِىَ مِنْ عِلْمٍ بِٱلْمَـَلإِ ٱلاٌّعْلَىٰ إِذْ يَخْتَصِمُونَ * إِن يُوحَىٰ إِلَىَّ إِلاَّ أَنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ * إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَـٰئِكَةِ إِنِّى خَـٰلِقٌ بَشَراً مِّن طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى فَقَعُواْ لَهُ سَـٰجِدِينَ * فَسَجَدَ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ كُـلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلاَّ إِبْلِيسَ ٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَـٰفِرِينَ *قَالَ يٰإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَىَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْعَـٰلِينَ * قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِى مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ * قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِىۤ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدِّينِ * قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِىۤ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ * إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ * قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ * قَالَ فَٱلْحَقُّ وَٱلْحَقَّ أَقُولُ * لاّمْلاّنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ * قُلْ مَآ أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَآ أَنَآ مِنَ ٱلْمُتَكَلِّفِينَ * إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَـٰلَمِينَ * وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ}
قوله تعالى: {إِنَّ هَـٰذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ}. ما تضمنته هذه الآية الكريمة من أن نعيم الجنة، لا نفاد له، أي لا انقطاع له ولا زوال، ذكره جل وعلا في آيات أخر كقوله تعالى فيه: {عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ}. وقوله تعالى: {مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٍ}. قوله تعالى: {إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ ٱلنَّارِ}. قد قدمنا ما يوضحه، من الآيات القرآنية في مواضع متعددة، من هذا الكتاب المبارك، ذكرنا بعضها في سورة البقرة، في الكلام على قوله تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوا}، وذكرنا بعضه في سورة الأعراف، في الكلام على قوله تعالى: {حَتَّىٰ إِذَا ٱدَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعً} وغير ذلك من المواضع. قوله تعالى: {قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِى مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ}.
قد تقدم إيضاحه، مع بعض المباحث في سورة البقرة، في الكلام على قوله تعالى: {إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَـٰفِرِينَ}. قوله تعالى: {قُلْ مَآ أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَآ أَنَآ مِنَ ٱلْمُتَكَلِّفِينَ}. قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة هود، وذكرنا الأحكام المتعلقة بالآيات، في الكلام على قوله تعالى عن نبيه نوح {وَيٰقَوْمِ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ}. قوله تعالى: {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ}. الحين المذكور هنا، قال بعض العلماء: المراد به بعد الموت، ويدل له ما قدمنا في سورة الحجر، في الكلام على قوله تعالى: {وَٱعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ ٱلْيَقِينُ}.
وقال بعض العلماء: الحين المذكور هنا، هو يوم القيامة ولا منافاة بين القولين، لأن الإنسان بعد الموت تتبين له حقائق الهدى والضلال.
واللام في لتعلمن موطئه للقسم، وقد أكد في هذه الآية الكريمة أنهم سيعلمون نبأ القرآن أي صدقه، وصحة جميع ما فيه بعد حين بالقسم، ونون التوكيد.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من تهديد الكفار بأنهم سيعلمون نبأه بعد حين، قد أشار إليه تعالى، في سورة الأنعام، في قوله تعالى: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ ٱلْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}.
قال غير واحد من العلماء: لكل نبإ مستقر، أي لكل خبر حقيقة ووقوع، فإن كان حقاً تبين صدقه ولو بعد حين، وإن كان كذباً تبين كذبه، وستعلمون صدق هذا القرآن ولو بعد حين.

تم بحمد الله تفسيرسورة ص