تفسير الشنقيطي تفسير الصفحة 526 من المصحف


تفسير أضواء البيان - صفحة القرآن رقم 526


تفسير أضواء البيان - صفحة القرآن رقم 67

 {وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ * مَا ضَلَّ صَـٰحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ * وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَىٰ * عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ * ذُو مِرَّةٍ فَٱسْتَوَىٰ * وَهُوَ بِٱلاٍّفُقِ ٱلاٌّعْلَىٰ * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ * فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَآ أَوْحَىٰ * مَا كَذَبَ ٱلْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ * أَفَتُمَـٰرُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ * وَلَقَدْ رَءَاهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ * عِندَ سِدْرَةِ ٱلْمُنتَهَىٰ * عِندَهَا جَنَّةُ ٱلْمَأْوَىٰ * إِذْ يَغْشَىٰ ٱلسِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ * مَا زَاغَ ٱلْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ * لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ ءَايَـٰتِ رَبِّهِ ٱلْكُبْرَىٰ * أَفَرَءَيْتُمُ ٱللَّـٰتَ وَٱلْعُزَّىٰ * وَمَنَوٰةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلاٍّخْرَىٰ * أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلاٍّنثَىٰ * تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ * إِنْ هِىَ إِلاَّ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَءَابَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَـٰنٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَمَا تَهْوَى ٱلاٌّنفُسُ وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلْهُدَىٰ * أَمْ لِلإِنسَـٰنِ مَا تَمَنَّىٰ * فَلِلَّهِ ٱلاٌّخِرَةُ وٱلاٍّولَىٰ * وَكَمْ مِّن مَّلَكٍ فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ لاَ تُغْنِى شَفَـٰعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ ٱللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرْضَىٰ * إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلاٌّخِرَةِ لَيُسَمُّونَ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ تَسْمِيَةَ ٱلاٍّنثَىٰ * وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِى مِنَ ٱلْحَقِّ شَيْئاً * فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا * ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱهْتَدَىٰ * وَلِلَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلاٌّرْضِ لِيَجْزِىَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيِجْزِى ٱلَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِٱلْحُسْنَى}
قوله تعالى: {وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰمَا ضَلَّ صَـٰحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰوَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰإِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَىٰ}. اختلف العلماء في المراد بهذا النجم الذي أقسم الله به في هذه الآية الكريمة، فقال بعضهم: المراد به النجم إذا رجمت به الشياطين، وقال بعضهم: إن المراد به الثريا، وهو مروي عن ابن عباس وغيره، ولفظة النجم علم للثريا بالغلبة، فلا تكاد العرب تطلق لفظ النجم مجرداً إلا عليها، ومنه قول نابغة ذبيان: أقول والنجم قد مالت أواخره إلى المغيب تثبت نظرة حار

فقوله: {وَٱلنَّجْمِ}: يعني الثريا. وقوله تعالى {إِذَا هَوَىٰ}: أي أسقط مع الصبح، وهذا اختيار ابن جرير. وقيل النجم: الزهرة، وقيل المراد بالنجم نجوم السماء، وعليه فهو من إطلاق المفرد وإرادة الجمع كقوله: {وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ} يعني الأدبار. وقوله: {وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلْمَلَكُ صَفّاً صَفّا} أي والملائكة. وقوله: {أُوْلَـٰئِكَ يُجْزَوْنَ ٱلْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا} أي الغرف.
وقد قدمنا أمثلة كثيرة لهذا في القرآن، وفي كلام العرب في سورة الحج في الكلام على قوله تعالى: {ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلا}، وإطلاق النجم مراداً به النجوم معروف في اللغة، ومنه قول عمر بن أبي ربيعة: ثم قالوا تحبها قلت بهرا عدد النجم والحصى والتراب

وقول الراعي: فباتت تعد النجم في مستحيرة سريع بأيدي الآكلين جمودها

وعلى هذا القول، فمعنى هوى النجوم سقوطها إذا غربت أو انتثارها يوم القيامة. وقيل: النجم النبات الذي لا ساق له. وقال بعض أهل العلم: المراد بالنجم الجملة النازلة من القرآن، فإنه نزل على النبي صلى الله عليه وسلم أنجماً منجماً في ثلاث وعشرين سنة، وكل جملة منه وقت نزولها يصدق عليها اسم النجم صدقاً عربياً صحيحاً كما يطلق على ما حان وقته من الدية المنجمة على العاقلة، والكتابة المنجمة على العبد المكاتب.
وعلى هذا فقوله: {إِذَا هَوَىٰ}، أي نزل به الملك من السماء إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وقوله {هَوَىٰ} يهوي هُوياً إذا اخترق الهوى نازلاً من أعلا إلى أسفل.
اعلم أولاً أن القول بأنه الثريا وأن المراد بالنجم خصوصها، وإن اختاره ابن جرير وروي عن ابن عباس وغير واحد، ليس بوجيه عندي.
والأظهر أن النجم يراد به النجوم. وإن قال ابن جرير بأنه لا يصح، والدليل على ذلك جمعه تعالى للنجوم في القسم في قوله تعالى: {فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَٰقِعِ ٱلنُّجُومِ}، لأن الظاهر أن المراد بالنجم إذا هوى هنا، كالمراد بمواقع النجوم في الواقعة.
وقد اختلف العلماء أيضاً في المراد بمواقع النجوم فقال بعضهم: هي مساقطها إذا غابت. وقال بعضهم: انتثارها يوم القيامة. وقال بعضهم: منازلها في السماء، لأن النازل في محل واقع فيه. وقال بعضهم: هي مواقع نجوم القرآن النازل بها الملك إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: أظهر الأقوال عندي وأقربها للصواب في نظري، أن المراد بالنجم إذا هوى هنا في هذه السورة، وبمواقع النجوم في الواقعة هو نجوم القرآن التي نزل بها الملك نجماً فنجماً، وذلك لأمرين أحدهما أن هذا الذي أقسم الله عليه بالنجم إذا هوى الذي هو أن النبي صلى الله عليه وسلم على حق وأنه ما ضل وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى موافق في المعنى لما أقسم عليه بمواقع النجوم، وهو قوله: {إِنَّهُ لَقُرْءَانٌ كَرِيمٌ فِى كِتَـٰبٍ مَّكْنُونٍ} ـ إلى قوله ـ {تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ}.
والإقسام بالقرآن على صحة رسالة النبي صلى الله عليه وسلم وعلى صدق القرآن العظيم وأنه منزل من الله جاء موضحاً في آيات من كتاب الله كقوله تعالى: {يسۤ وَٱلْقُرْءَانِ ٱلْحَكِيم ِإِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ عَلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيم ٍتَنزِيلَ ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ}. وقوله تعالى: {حـم ۤوَٱلْكِتَـٰبِ ٱلْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْنَـٰهُ قُرْءَاناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَإِنَّهُ فِىۤ أُمِّ ٱلْكِتَـٰبِ لَدَيْنَا لَعَلِىٌّ حَكِيمٌ} وخير ما يفسر به القرآن القرآن.
والثاني: أن كون المقسم به المعبر بالنجوم، هو القرآن العظيم أنسب لقوله بعده:
{وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ}، لأن هذا التعظيم من الله يدل على أن هذا المقسم به في غاية العظمة.
ولا شك أن القرآن الذي هو كلام الله أنسب لذلك من نجوم السماء ونجم الأرض. والعلم عند الله تعالى.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {مَا ضَلَّ صَـٰحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ}، قال بعض العلماء: الضلال يقع من الجهل بالحق، والغيي هو العدول عن الحق مع معرفته، أي ما جهل الحق وما عدل عنه، بل هو عالم بالحق متبع له.
وقد قدمنا إطلاقات الضلال في القرآن بشواهدها العربية في سورة الشعراء في الكلام على قوله تعالى: {قَالَ فَعَلْتُهَآ إِذاً وَأَنَاْ مِنَ ٱلضَّآلِّينَ} وفي سورة الكهف في الكلام على قوله تعالى {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِٱلاٌّخْسَرِينَ أَعْمَـٰلاًٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ}.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من كونه صلى الله عليه وسلم على هدى مستقيم، جاء موضحاً في آيات كثيرة، من كتاب الله كقوله تعالى: {فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّكَ عَلَى ٱلْحَقِّ ٱلْمُبِينِ} وقوله تعالى {فَلاَ يُنَـٰزِعُنَّكَ فِى ٱلاٌّمْرِ وَٱدْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُّسْتَقِيمٍ} وقوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِىۤ إِلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ}.
وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا في سورة الزخرف في الكلام على قوله تعالى: {فَٱسْتَمْسِكْ بِٱلَّذِىۤ أُوحِىَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ}. وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة {إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَىٰ} استدل به علماء الأصول على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يجتهد، والذين قالوا إنه قد يقع منه الاجتهاد، استدلوا بقوله تعالى: {عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ}. وقوله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي ٱلاٌّرْضِ}. وقوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِىِّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ}.
قالوا: فلو لم يكن هذا عن اجتهاد، لما قال {عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ}. ولما قال: {مَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ}، ولا منافاة بين الآيات، لأن قوله: {إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَىٰ} معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يبلغ عن الله إلا شيئاً أوحى الله إليه أن يبلغه، فمن يقول: إنه شعر أو سحر أو كهانة، أو أساطير الأولين هو أكذب خلق الله وأكفرهم، ولا ينافي ذلك أنه أذن للمتخلفين عن غزوة تبوك، وأسر الأسارى يوم بدر، واستغفر لعمه أبي طالب من غير أن ينزل عليه وحي خاص في ذلك، وقد أوضحنا هذا في غير هذا الموضع. قوله تعالى: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ}. المراد بشديد القوى في هذه الآية: هو جبريل عليه السلام، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم علمه هذا الوحي. ملك شديد القوى هو جبريل.
وهذه الآية الكريمة قد تضمنت أمرين:
أحدهما: أن هذا الوحي الذي من أعظمه هذا القرآن العظيم، علمه جبريل النبي صلى الله عليه وسلم بأمر من الله.
والثاني: أن جبريل شديد القوة.
وهذان الأمران جاءا موضحين في غير هذا الموضع.
أما الأول منهما وهو كون جبريل نزل عليه بهذا الوحي وعلمه إياه، فقد جاء موضحاً في آيات من كتاب الله كقوله تعالى: {قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ}. وقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِين َنَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلاٌّمِينُ عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُنْذِرِينَ}. وقوله تعالى: {وَلاَ تَعْجَلْ بِٱلْقُرْءانِ مِن قَبْلِ إَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ}. وقوله تعالى: {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْءَانَهُ فَإِذَا قَرَأْنَـٰهُ فَٱتَّبِعْ قُرْءَانَهُ} أي إذا قرأه عليك الملك المرسل به إليك منا مبلغاً له عنا فاتبع قرآنه، أي اقرأ كما سمعته يقرأ.
وأما الأمر الثاني، وهو شدة قوة جبريل النازل بهذا الوحي، فقد ذكره في قوله: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِى قُوَّةٍ عِندَ ذِى ٱلْعَرْشِ مَكِينٍ}. وقوله في آية التكوير هذه: {لَقَوْلُ رَسُولٍ} أي لقوله المبلغ له عن الله، فقرينة ذكر الرسول تدل على أنه إنما يبلغ شيئاً أرسل به، فالكلام كلام الله بألفاظه ومعانيه، وجبريل مبلغ عن الله، وبهذا الاعتبار نسب القول له. لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما سمعه إلا منه، فهو القول الذي أرسله الله به. وأمره بتبليغه، كما تدل عليه قرينة ذكر الرسول، وسيأتي إيضاح هذه المسألة إن شاء الله في سورة التكوير. والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى: {مَا زَاغَ ٱلْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ}. قد قدمنا بعض الكلام عليه في أول سورة الإسراء. قوله تعالى: {أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلاٍّنثَىٰ تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ}. قد قدمنا الآيات الموضحة له بكثرة سورة النحل في الكلام على قوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ٱلْبَنَـٰتِ}، وفي مواضع متعددة من هذا الكتاب المبارك. قوله تعالى: {فَلِلَّهِ ٱلاٌّخِرَةُ وٱلاٍّولَىٰ}. بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن له الآخرة والأولى وهي الدنيا، وبيَّن هذا في غير هذا الموضع كقوله {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰوَإِنَّ لَنَا لَلاٌّخِرَةَ وَٱلاٍّولَىٰ} وبين في موضع آخر أن له كل شيء، وذلك في قوله: {إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبِّ هَذِهِ ٱلْبَلْدَةِ ٱلَّذِى حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَىءٍ}، وهذا من المعلوم من الدين بالضرورة. قوله تعالى: {وَكَمْ مِّن مَّلَكٍ فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ لاَ تُغْنِى شَفَـٰعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ ٱللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرْضَىٰ}. قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة البقرة في الكلام على قوله تعالى: {وَٱتَّقُواْ يَوْمًا لاَّ تَجْزِى نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَـٰعَةٌ}، وفي غير ذلك من المواضع. قوله تعالى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلاٌّخِرَةِ لَيُسَمُّونَ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ تَسْمِيَةَ ٱلاٍّنثَىٰ}. وقد قدمنا الآيات الموضحة في سورة الزخرف في الكلام على قوله تعالى: {وَجَعَلُواْ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَـٰثا}، وفي غير ذلك من المواضع. قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلاٌّرْضِ لِيَجْزِىَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيِجْزِى ٱلَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِٱلْحُسْنَى}. قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الأحقاف في الكلام على قوله تعالى {مَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلاٌّرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًى}، وفي سورة الذاريات في الكلام على قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}.