تفسير الشوكاني تفسير الصفحة 374 من المصحف



فتح القدير - صفحة القرآن رقم 374

373

160- "كذبت قوم لوط المرسلين" ذكر سبحانه القصة السادسة من قصص الأنبياء مع قومهم، وهي قصة لوط.
وقد تقدم تفسير قوله: "إذ قال لهم".
162- "إني لكم رسول أمين".
163- "فاتقوا الله وأطيعون".
إلى قوله: 164- "إلا على رب العالمين" في هذه السورة، وتقدم أيضاً تفسير قصة لوط مستوفى في الأعراف.
قوله: 165- "أتأتون الذكران من العالمين" الذكران جمع الذكر ضد الأثنى، ومعنى تأتون: تنكحون الذكران من العامين، وهم بنو آدم، أو كل حيوان، وقد كانوا يفعلون ذلك بالغرباء على ما تقدم في الأعراف.
166- "وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم" أي وتتركون ما خلقه الله لأجل استمتاعكم به من النساء، وأراد بالأزواج جنس الإناث "بل أنتم قوم عادون" أي مجاوزون للحد في جميع المعاصي، ومن جملتها هذه المعصية التي ترتكبونها من الذكران.
167- "قالوا لئن لم تنته يا لوط" عن الإنكار علينا وتقبيح أمرنا "لتكونن من المخرجين" من بلدنا المنفيين عنها.
168- "قال إني لعملكم" وهو ما أنتم فيه من إتيان الذكران "من القالين" المبغضين له، والقلي البغض، قليته أقليه قلا وقلاء، ومنه قول الشاعر: فلست بمقلي الخلال ولا قالي وقال الآخر: ومالك عندي إن نأيت قلاء ثم رغب عليه الصلاة والسلام عن محاورتهم، وطلب من الله عز وجل أن ينجيه.
فقال: 169- "رب نجني وأهلي مما يعملون" أي من عملهم الخبيث، أو من عقوبته التي ستصيبهم، فأجاب الله سبحانه دعاءه.
وقال: 170- "فنجيناه وأهله أجمعين" أي أهل بيته، ومن تابعه على دينه، وأجاب دعوته.
171- "إلا عجوزاً في الغابرين" هي امرأة لوط، ومعنى من الغابرين: من الباقين في العذاب. وقال أبو عبيدة: من الباقين في الهرم: أي بقيت حتى هرمت. قال النحاس: يقال للذاهب غابر وللباقي غابر. قال الشاعر: لا تكسع الشول بأغبارها إنك لا تدري من الناتج والأغبار بقية الألبان، وتقول العرب: ما مضى وما غبر: أي ما مضى وما بقي.
172- "ثم دمرنا الآخرين" أي أهلكناهم بالخسف والحصب.
173- "وأمطرنا عليهم مطراً" يعني الحجارة "فساء مطر المنذرين" المخصوص بالذم محذوف، والتقدير مطرهم.
وقد تقدم تفسير 174- "إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين".
175- "وإن ربك لهو العزيز الرحيم" في هذه السورة.
176- "كذب أصحاب الأيكة المرسلين" قرأ نافع وابن كثير وابن عامر " الأيكة " بلام واحدة وفتح التاء جعلوه، اسماً غير معرف بأل مضافاً إليه أصحاب، وقرأ الباقون "الأيكة" معرفاً، والأيكة الشجر الملتف، وهي الغيضة، وليكة اسم للقرية، وقيل هما يمعنى واحد اسم للغيضة. قال القرطبي فأما ما حكاه أبو عبيد من أن ليكة اسم القرية التي كانوا فيها، وأن الأيكة اسم البلد كله، فشيء لا يثبت ولا يعرف من قاله ولو عرف لكان فيه نظر، لأن أهل العلم جميعاً على خلافه. قال أبو علي الفارسي: الأيكة تعريف أيكة، فإذا حذفت الهمزة تخفيفاً ألقيت حركتها على اللام. قال الخليل: الأيكة غيضة تنبت السدر والأراك ونحوهما من ناعم الشجر.
177- "إذ قال لهم شعيب ألا تتقون" لم يقل أخوهم كما قال في الأنبياء قبله، لأنه لم يكن من أصحاب الأيكة في النسب، فلما ذكر مدين قال أخاهم شعيباً لأنه كان منهم، وقد مضى تحقيق نسبه في الأعراف.
وقد تقدم تفسير قوله: 177- "إني لكم رسول أمين".
179- "فاتقوا الله وأطيعون".
إلى قوله تعالى: 180- "إلا على رب العالمين" في هذه السورة.
قوله: 181- "أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين" أي أتموا الكيل لمن أراده وعامل به، ولا تكونوا من المخسرين: الناقصين للكيل والوزن، يقال أخسرت الكيل والوزن: أي نقصته، ومنه قوله تعالى: "وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون" ثم زاد سبحانه في البيان.
فقال: "وزنوا بالقسطاس المستقيم" أي أعطوا الحق بالميزان السوي، وقد مر بيان تفسير هذا في سورة سبحان، وقد قرئ بالقسطاس مضموناً ومكسوراً.
183- "ولا تبخسوا الناس أشياءهم" البخس النقص، يقال بخسه حقه: إذا نقصه: أي لا تنقصوا الناس حقوقهم التي لهم، وهذا تعميم بعد التخصيص، وقد تقدم تفسيره في سورة هود، وتقدم أيضاً تفسير "ولا تعثوا في الأرض مفسدين" فيها وفي غيرها.