عدة الأنبياء والمرسلين - الأحاديث الصحيحة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الكتب الستة
باب ما جاء في عدّة الأنبياء والمرسلين
وهذه تسمية الأنبياء الذين نُصَّ على أسمائهم في القرآن:
وهم: آدم، وإدريس، ونوح، وهود، وصالح، وإبراهيم، ولوط، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، ويوسف، وأيوب، وشعيب، وموسى، وهارون، ويونس، وداود، وسليمان، وإلياس، واليسع، وزكريا، ويحي، وعيسى، وسيدهم جميعا محمد بن عبد اللَّه صلوات اللَّه وسلامه عليهم أجمعين.
وأما ذو الكفل، فقال كثيرٌ من المفسّرين أنّه أيضًا من الأنبياء.
كذا ذكره ابن كثير في تفسيره.
﴿وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ﴾ أي خلقًا آخرين لم يذكروا في القرآن.
واختلف في عدّة الأنبياء والمرسلين، فالصّحيح في هذا الباب أنه لم يثبت فيه حديث في ذكر عدد الأنبياء يعتمد عليه.
وأمّا الأحاديث التي رُويت في هذا الباب، فمنها:
ما رُوي عن أنس بن مالك، قال: «سئل النبيّ ﷺ كم المرسلون؟ فقال: ثلاثمائة وستة عشر، عدّة
أصحاب بدر».
رواه تمّام في «فوائده» (١٤٣١) عن أبي الحسن خيثمة بن سليمان: نا أبو عبد اللَّه محمد بن عيسى بن حيان بالمدائن: نا محمد بن الفضل بن عطية، عن زيد العمّي، عن معاوية بن قرّة، عن أنس بن مالك، فذكره.
وفيه محمد بن الفضل بن عطية العبديّ مولاهم الكوفيّ، أهل العلم مطبقون على تضعيفه، بل أكثر أهل العلم كذّبوه.
وشيخه زيد العمي هو: ابن الحواري البصريّ، اسم أبيه: مرّة، وهو ضعيف أيضًا.
ورُوي عنه أيضًا مرفوعًا: «بعث اللَّه ثمانية آلاف نبي: أربعة آلاف إلى بني إسرائيل، وأربعة آلاف إلى سائر النّاس».
رواه أبو يعلى (١٣٧٧) عن أحمد بن إسحاق أبي عبد اللَّه الجوهريّ البصريّ، حدّثنا مكّي بن إبراهيم: حدّثنا موسى بن عبيدة الرّبذيّ، عن يزيد الرَّقاشيّ، عن أنس بن مالك، فذكره.
ومن طريقه أورده الحافظ ابنُ كثير في «تفسيره» وقال: «وهذا أيضًا إسناد ضعيف، فيه الرّبذيّ ضعيف، وشيخه الرّقاشي أضعف منه أيضًا» انتهى.
والهيثمي أورده في «المجمع» (٨/ ٢١٠) وأعلّه بموسى بن عبيدة الرّبذيّ فقط، وهو تقصير منه، فإنّ شيخه أضعف منه كما قال الحافظ ابن كثير.
وذكر عنه حديثًا آخر، وعزاه إلى الطبرانيّ في «الأوسط»، وفيه إبراهيم بن مهاجر بن مسمار وهو ضعيف.
ورُوي عنه أيضًا مرفوعًا: «كان فيمن خلا من إخواني من الأنبياء ثمانية آلاف نبي، ثم كان عيسى ابن مريم، ثم كنتُ أنا».
رواه أبو يعلى (١٣٣٧) عن أبي الرّبيع الزّهرانيّ، حدّثنا محمد بن ثابت العبديّ، حدّثنا معبد بن خالد الأنصاريّ، عن يزيد الرّقاشيّ، عن أنس بن مالك، فذكره.
وأورده الهيثمي في «المجمع» (٨/ ٢١١) وأعلّه بمحمد بن ثابت العبديّ وقال: «وهو ضعيف».
وفيه معبد بن خالد الأنصاريّ مجهول، ويزيد الرّقاشي أضعف من الجميع.
وذكره الحافظ ابن كثير عنه من وجه آخر ولفظه: «بُعْثْتُ على إثر من ثمانية آلاف نبي من بني إسرائيل». وقال: «وهذا غريب من هذا الوجه، وإسناده لا بأس به، ورجاله كلّهم معروفون إلّا أحمد بن طارق هذا، فإني لا أعرفه بعدالة ولا جرح». انتهى.
وفي الباب أيضًا عن أبي ذرّ في حديث طويل، وفيه أنّه سأل النّبيّ ﷺ عن أشياء منها قوله: «قلت: يا رسول اللَّه، كم الأنبياء؟ قال: «مائة ألف وعشرون ألفًا». قلت: يا رسول اللَّه: كم الرّسل من ذلك؟ قال: «ثلاثمائة وثلاثة عشر جمًّا غفيرًا».
وإليكم الحديث بطوله، ولبعض فِقْراته شواهد صحيحة.
عن أبي ذر، قال: «دخلتُ المسجدَ، فإذا رسول اللَّه ﷺ جالس وحده. قال: «يا أبا ذرّ إنّ للمسجد تحيَّةً، وإنّ تحيتَه ركعتان فقُمْ فاركعْهُمَا». قال: فقُمتُ فركعتهما، ثم عُدْتُ فجلستُ إليه، فقلت: يا رسول اللَّه إنّك أمرتني بالصّلاة فما الصّلاة؟ قال: «خير موضوع، استَكْثِرْ أو اسْتَقِلَّ». قال: قلت: يا رسول اللَّه، أيُّ العمل أفضل؟ قال: «إيمان باللَّه، وجهاد في سبيل اللَّه». قال: قلت: يا رسول اللَّه، فأيُّ المؤمنين أكمل إيمانًا؟ قال: «أحسنهم خُلْقًا». فقلت: يا رسول اللَّه، فأيُّ المؤمنين أَسْلم؟ قال: «مَنْ سَلِم النَّاسُ من لسانه ويده». قال: قلت: يا رسول اللَّه، فأيُّ الصّلاة أفضل؟ قال: «طُول القنوت». قال: قلت: يا رسول اللَّه، فأيُّ الهجرة أفضل؟ قال: «مَنْ هجر السِّيئات». قال: قلت: يا رسول اللَّه، فما الصّيام؟ قال: «فَرْضٌ مُجْزِئٌ، وعند اللَّه أضعافٌ كثيرةٌ». قال: قلت: يا رسول اللَّه، فأيُّ الجهاد أفضل؟ قال: «مَنْ عُقِرَ جَوادُه، وأُهْريقَ دَمُه». قال: قلت: يا رسول اللَّه، فأيُّ الصدقة أفضل؟ قال: «جَهْدُ المُقِل يُسَرُّ إلى فَقِيرٍ». قلت: يا رسول اللَّه، فأيُّ ما أَنْزلَ اللَّهُ عليك أَعْظَمُ؟ قال: «آيةُ الكُرْسِي». ثم قال: يا أبا ذر، ما السّماواتُ السّبعُ مع الكرسي إلّا كَحَلْقَةِ مُلْقَاةٍ بأرض فَلاة، وفَضْلُ العرش على الكرسي كفضل الفَلاة على الحَلْقة». قال: قلت: يا رسول اللَّه، كم الأنبياء؟ قال: «مائةُ ألْفٍ وعشرون ألفًا». قلت: يا رسول اللَّه كم الرّسل من ذلك؟ قال: «ثلاثُمائة وثلاثةَ عَشَرَ جَمًّا غَفِيرًا». قال: قلت: يا رسول اللَّه، من كان أوّلُهم؟ قال: «آدم». قلت: يا رسول اللَّه، أَنَبيٌّ مُرسل؟ قال: «نعم، خلقه اللَّه بيده ونفخ فيه من روحه وكلَّمَه قِبَلًا». ثم قال: يا أبا ذر، أربعةٌ سُرْيانِيون: آدمُ، وشِيثُ، وأُخْنُوخُ -وهو إدريس، وهو أول من خط بالقلم- ونُوحٌ. وأربعةٌ من العرب: هودٌ، وشُعيبٌ، وصَالِحٌ، ونَبيُّك محمّد ﷺ». قلت: يا رسول اللَّه كم كتابًا أنزله اللَّه؟ قال: «مائةُ كتابٍ وأربعةُ كُتُب، أُنزلَ على شِيث خمسون صَحيفةً، وأُنْزِلَ على أُخْنوخَ ثلاثون صَحيفةً، وأُنزلَ على إبراهيم عَشْرُ صَحائف، وأُنزل على موسى قَبْل التّوراة عَشْرُ صحائفَ، وأُنْزل التَّوراة والإنجيلُ، والزّبور، والقرآن». قال: قلت: يا رسول اللَّه، ما كانتْ صحيفةُ إبراهيم؟ قال: «كانت أمثالًا كلُّها: أَيُّها الملك المسَلَّطُ المبتلى المغرورُ، إنّي لم أَبْعَثْك لتجمع الدّنيا بعضها على بعض، ولكني بعَثْتُك لترد عنْي دعوةَ المظلوم، فإني لا أَرُدُّها ولو كانت من كافر، وعلى العَاقِل ما لم يكن مغلوبًا على عقله أن تكونَ له ساعاتٌ: ساعةٌ يناجي فيها ربَّه، وساعة يحاسب فيها نفسَه، وساعةٌ يَتَفَكَّرُ فيها في صُنع اللَّه، وساعةٌ يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب. وعلى العاقل أن لا يكونَ ظَاعِنًا إلّا لثلاثٍ: تَزَوُّد لِمَعَادٍ، أو مَرَمَّةٍ لِمَعاش، أو لَذَّةٍ في غير مُحَرَّم. وعلى العاقل أن يكون بصيرًا بزمانه، مُقبلًا على شَأنِه، حافظا للسانه، ومَنْ حَسَبَ كَلامَهُ مِنْ عَمَلِه قَلَّ كَلامُه إلَّا فيما يَعْنِيه».
قلتُ: يا رسول اللَّه، فما كانت صُحُف موسى؟ قال: «كانتْ عِبَرًا كُلُّها: عَجِبْتُ لمن أيقن بالموت ثم هو يفرح، وعجبت لمن أيقن بالنار ثم هو يضحك، وعجبت لمن أيقن بالقدر ثم هو
يَنْصِبُ، عجبت لمن رأى الدّنيا وتقلبها بأهلها ثم اطمأن إليها، وعجبت لمن أيقن بالحساب غدًا ثم لا يعمل». قلت: يا رسول اللَّه، أَوْصِني. قال: «أوصيك بتقوى اللَّه؛ فإنّه رأس الأمر كلِّه». قلت: يا رسول اللَّه، زِدْني. قال: «عليك بتلاوة القرآن، وذكر اللَّه فإنّه نُورٌ لك في الأرض، وذُخْرٌ لك في السّماء». قلت: يا رسول اللَّه، زِدْني. قال: «إيَّاك وكثرَة الضَّحِك، فإنه يُميتُ القلب، ويَذْهبُ بنور الوجه». قلت: يا رسول اللَّه زِدْني. قال: «عليك بالصَّمت إلّا من خير؛ فإنّه مطردةٌ للشّيطان عنك، وعونٌ لك على أمر دينك». قلت: يا رسول اللَّه زدْني. قال: «عليك بالجهاد فإنّه رَهْبانيةُ أُمَّتِي». قلت: يا رسول اللَّه، زدني. قال: «أَحِبَّ المساكين وجَالِسْهم». قلت: يا رسول اللَّه زدني. قال: «انظر إلى من تحتك ولا تنظر إلى من فوقك؛ فإنّه أجدر أن لا تُزْدَرَى نِعْمهُ اللَّه عندك». قلت: يا رسول اللَّه، زِدْني. قال: «قلِ الحقَّ وإِنْ كان مُرًّا». قلت: يا رسول اللَّه، زدني. قال: «لِيرُدَّكَ عن النّاس ما تَعرفُ مِنْ نفسك، ولا تجد عليهم فيما تأتي، وكفى بك عَيْبًا أن تعرف من الناس ما تجهل من نفسك، أو تجدَ عليهم فيما تأتي». ثم ضرب بيده على صدري فقال: «يا أبا ذر، لا عَقْل كالتَّدْبِير، وَلا وَرَعَ كالكَفِّ، ولا حَبَبَ كحُسْن الخُلُقِ».
إسناده ضعيف جدًّا. رواه ابن حبان في «صحيحه» (٣٦١)، وأبو نعيم في الحلية (١/ ١٦٦)، والطبراني في الكبير (٢/ ١٦٧)، والآجري -كما ذكره ابن كثير في تفسيره (٢/ ٤٧٢) - كلّهم من طرق عن إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغسّانيّ، قال: حدّثني أبي، عن جدّي، عن أبي إدريس الخولانيّ، عن أبي ذرّ، فذكر الحديث بطوله، واللّفظ لابن حبان.
ذكره ابن كثير في «تفسيره» في سورة النساء (آية: ١٦٤) عن ابن مردويه بهذا الإسناد أيضًا وزاد فيه بعد قوله: «ونبيك محمد ﷺ». «وأوّل نبي من أنبياء بني إسرائيل: موسى، وآخرهم عيسى. وأوَل النّبيين آدم، وآخرهم نبيّك».
وقال: «روى هذا الحديث بطوله أبو حاتم بن حبان البُستيّ في كتابه، وقد وَسَمه بالصِّحة، وخالفه أبو الفرج بن الجوزيّ، فذكر هذا الحديث في كتابه»الموضوعات«، واتّهم به إبراهيم بن هشام، ولا شك أنه قد تَكلّم فيه غير واحد من أئمة الجرح والتعديل من أجل هذا الحديث». انتهى
وإبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغسّانيّ، قال فيه أبو حاتم: «قلت لأبي زرعة: لا تحدّث عن إبراهيم بن هشام بن يحيى، فإنّي ذهبتُ إلى قريته فذكر حكاية وقال: وأظنّه لم يطلب العلم وهو كذّاب.
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: ذكرتُ لعلي بن الحسين بن الجنيد بعض هذا الكلام عن أبي، فقال: صدق أبو حاتم، ينبغي أن لا يُحَّدث عنه». انتهى «الجرح والتعديل» (٢/ ١٤٣).
قال الهيثميّ في «المجمع» (٤/ ٢١٦): «فيه إبراهيم بن هشام بن يحيى الغسّانيّ، وثّقه ابنُ حبان، وضعّفه أبو حاتم وأبو زرعة».
وقال الذّهبي في «الميزان» (١/ ٧٢ - ٧٣): «هو صاحب حديث أبي ذرّ الطّويل، انفرد به عن
أبيه، عن جدّه».
ونقل قول أبي حاتم بأنّه كذّاب، كما نقل أيضًا عن ابن الجوزيّ أنه قال: قال أبو زرعة: كذّاب.
كما نقل عن الطبرانيّ قوله: «لم يرو هذا عن يحيى إلّا ولده وهم ثقات». وذكره ابن حبان في «الثقات» (٨/ ٧٩)، وأخرج حديثه في الأنواع.
وقال في موضع آخر من «الميزان» (٤/ ٣٧٨): «إبراهيم بن هشام أحد المتروكين الذين مشّاهم ابنُ حبان فلم يُصبْ».
قال الأعظمي: وفي قوله هذا دليلٌ واضح على تساهل ابن حبان، وإدخاله الضعفاء والمجاهيل في كتابه «الثقات» وإخراج أحاديثهم في «صحيحه» فتنبّه إلى ذلك! .
والحافظ ابن حجر هو الآخر أيضًا من تساهل، فنقل تصحيح ابن حبان ولم يتعقبه عليه، بل عضّده بقول مجاهد، أخرجه سعيد بن منصور في «تفسيره» بسند صحيح عنه. انظر: «الفتح» (١٣/ ٤١١).
ورواه الإمام أحمد (٢١٥٤٦) عن وكيع، حدّثنا المسعوديّ، أنبأني أبو عمر الدّمشقيّ، عن عبيد بن الخشخاش، عن أبي ذرّ، قال (فذكر قطعًا من الحديث).
والمسعوديّ هو عبد الرحمن بن عبد اللَّه. ومن طريقه أخرجه النسائيّ (٨/ ٢٧٥) ما يتعلّق بتعوّذ من شرّ شياطين الجنّ والإنس فقط.
وإسناده ضعيف أيضًا، عبيد بن الخشخاش قال فيه البخاريّ: «لم يذكر سماعًا من أبي ذرّ». وضعّفه الدّارقطني، وفي التقريب: «ليّن».
وأبو عمر، ويقال: أبو عمرو الدّمشقيّ، قال الدّارقطنيّ: «متروك». كما في «اللّسان» (٧/ ٨٧).
والمسعوديّ هو عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن عتبة وهو إن كان صدوقًا إلّا أنه اختلط قبل موته.
وكذلك لا يصح ما رواه الحاكم (٢/ ٥٩٧) من طريق يحيى بن سعيد السّعديّ البصريّ، ثنا عبد الملك بن جريج، عن عطاء، عن عبيد بن عمير اللّيثيّ، عن أبي ذرّ، فذكر فيه بعض الجمل من الحديث. ومن طريقه رواه البيهقيّ في «السنن» (٩/ ٤) وقال: «تفرّد به يحيى بن سعيد السّعديّ».
وقال الذهبيّ في «تلخيص المستدرك»: «السّعديّ ليس بثقة».
وللحديث أسانيد أخرى ولم يسلم منها شيء.
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن أبي أمامة قال: «كان رسول اللَّه ﷺ في المسجد جالسًا وكانوا يظنون أنّه ينزل عليه فانصروا عنه، حتى جاء أبو ذرّ فاقتحم فأتى فجلس إليه فأقبل عليه النّبيُّ ﷺ فقال: «يا أبا ذر، هلْ صليتَ اليوم؟». قال: لا قال: «قُمْ فَصلُ». فلمّا صلّى أربع ركعات الضُّحى أقبل عليه، فقال: «يا أبا ذر، تعوَّذْ منْ شَرِّ شياطين الجنّ والأنس». قال: يا نبي اللَّه، وهل للإنس شياطين؟ قال: «نعم شياطين الإنس والجن يوحي بعضُهم إلى بعض زخرف القول غرورًا». ثم
قال: «يا أبا ذر، ألا أُعلّمُكَ كلمة من كنز الجنّة؟». قال: بلى جعلني اللَّه فداءك. قال: «قُلْ لا حول ولا قوَّة إلّا باللَّه». قال: فقلت: لا حول ولا قوّة إلا باللَّه. قال: ثم سكت عنّى فاستبطأتُ كلامَه، قال: قلتُ: يا نبي اللَّه، إنّا كنّا أهل جاهليّة وعبادة أوثان فبعثك اللَّه رحمة للعالمين، أرأيت الصلاة ماذا هي؟ قال: «خيرٌ موضوعٌ من شاء استقَلَّ ومن شاء اسْتَكْثَر». قال: قلت: يا نبي اللَّه، أرأيتَ الصِّيام ماذا هو؟ قال: «فَرْضٌ مُجْزئٌ». قال: قلت: يا نبي اللَّه، أرأيتَ الصَّدقة ماذا؟ قال: «أضعاف مضاعفة، وعند اللَّه المزيد». قال: قلت: يا نبي اللَّه، فأيُّ الصّدقة أفضل؟ قال: «سِرٌّ إلى فقير، وجُهْدٌ مِنْ مُقِلٍّ»، قال: قلت: يا نبي اللَّه، أيُّما أُنزل عليك أعظم؟ قال: [آية الكرسي]. قال: قلتُ: يا نبي اللَّه أيُّ الشهداء أفضل؟ قال: من سُفك دَمُه وعُقِر جَوادُه. قال: قلت: يا نبي اللَّه، فأيُّ الرِّقاب أفضل؟ قال: «أغلاها ثمنًا، وأنفسها عند أهلها». قال: قلت: يا نبي اللَّه، فأيُّ الأنبياء كان أَولَّ؟ قال: «آدم عليه السلام». قال: قلتُ: يا نبي اللَّه أو نبيٌّ كان آدم؟ قال: «نعم نبيٌّ مُكلَّم، خلقه اللَّه بيده، ثم نفخ فيه رُوحَه، ثم قال له: يا آدمُ، -قُبلًا-». قال: قلتُ: يا رسول اللَّه كم وَفَي عِدَّةُ الأنبياء؟ قال: «مائةُ ألف وأربعةٌ وعشرون ألفًا، الرّسلُ من ذلك ثلاثُمائة وخمسةَ عَشَر جمًّا غفيرًا».
رواه الإمام أحمد (٢٢٢٨٨)، والطّبراني في الكبير (٧٨٧١) كلاهما من حديث أبي المغيرة، حدّثنا مُعان بن رفاعة، حدّثني علي بن يزيد، عن القاسم أبي عبد الرحمن، عن أبي أمامة، مثله.
وفيه سلسلة من الضّعفاء: فمعان بن رفاعة السلاميّ وشيخه: علي بن يزيد -وهو ابن أبي زياد الألهاني- وشيخه القاسم أبو عبد الرحمن كلّهم متكلّم فيهم، ويهم أعلّه الحافظ ابن كثير في تفسيره في سورة النساء (آية: ١٦٤).
وأمّا الهيثميّ فأورده في «المجمع» (١/ ١٥٩) وأعلَّه بعلي بن يزيد وحده فقال: «مداره عليه» وهو تقصير منه.
والقاسم هو: ابن عبد الرحمن الدّمشقيّ أبو عبد الرحمن صاحب أبي أمامة.
قال ابن حبان: «يروي عن الصّحابة المعضلات، ولكن وثّقه ابن معين، والعجليّ، وقال أبو حاتم: حديث الثقات عنه مستقيم لا بأس به».
قال الأعظمي: هنا يروي عنه علي بن زيد وهو مالك، وقد سبق أنّ أبا ذرّ، روى هذا الحديث، أو بعضه بنفسه.
وفي الباب أيضًا عن أبي الودّاك قال: قال لي أبو سعيد: «هل يُقِرُّ الخوارج بالدّجّال؟ فقلتُ: لا، فقال: قال رسول اللَّه ﷺ: «إنّي خاتمُ ألْف نبيٍّ أو أكْثر، ما بُعث نبيٌّ يتبع إلا قد حذَّر أمَّته الدّجال، وإنّي قد بيَّن لي من أمره ما لم يُبيّن لأحد، وإنّه أعور، وإنّ ربَّكم ليس بأعور، وعينُه اليُمنى عوراءُ جاحظةٌ ولا تخفى، كأنّها نُخامةٌ في حائط فجُصّص، وعينُه اليُسرى كأنّها نُخامة في
حائطٍ فجصَّص، وعينُه البشرى كأنّها كوكب دُرّي معه من كلّ لسانٍ، ومعه صورةُ الجنّة خضراءُ، يجري فيها الماء، وصور النار سوداءُ تدخنُ».
رواه عبد اللَّه بن الإمام أحمد في مسند أبيه (١١٧٥٢) قال: «وحدث هذا الحديث في كتاب أبي بخط يده: حدثنا عبد المتعال بن عبد الوهّاب، حدثنا يحيى بن سعيد الأمويّ، حدثنا مجالد، عن أبي الوداك». فذكر مثله.
وأخرجه الحاكم (٢/ ٥٩٧) من طريق مجالد، وسكت عليه.
ولكن قال الذّهبيّ: مجالد ضعيف.
وأورده الهيثميّ في «المجمع» (٧/ ٣٤٧) وقال: «رواه أحمد وفيه مجالد بن سعيد وثّقه النسائيّ في رواية، وقال في أخرى ليس بالقوي، وضعّفه جماعة».
قال الأعظمي: مجالد هو ابن سعيد بن عمر الهمْداني ضعّفه أكثر أهل العلم، وقال فيه البخاريّ: صدوق.
وقد رُوي من حديث جابر بن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «إنّي لخاتم ألف نبيّ أو أكثر، وإنّه ليس منهم نبيٌّ إِلَّا وقد أنذر قومه الدَّجال، وإنّه قد تبيّن لي ما لم يتبيّن لأحد منهم، وإنه أعور، وإنّ ربَّكم ليس بأعور».
رواه البزّار -كشف الأستار (٣٣٨٠) - عن عمرو بن علي، ثنا يحيى بن سعيد، ثنا مجالد، عن الشّعبيّ، عن جابر، فذكر مثله.
قال الهيثميّ في «المجمع» (٧/ ٣٤٧): «رواه البزّار، وفيه مجالد بن سعيد، وقد ضعّفه الجمهور، وفيه توثيق».
قال الأعظمي: مجالد هذا تغيّر في آخر عمره، ولعلّه لم يضبط اسم الصّحابيّ فمرّة رواه عن أبي سعيد، وأخرى عن جابر بن عبد اللَّه مع ضعف فيه.
والخلاصة: ليس في عدد الأنبياء والرّسل حديث صحيح، فال سماحة الشيخ ابن باز ﵀ بعد أن ذكر عدة أحاديث منها: حديث أبي ذر وغيره: «والمقصود أنه ليس في عدد الأنبياء والرسل خبر يُعتمد عليه».
انظر: مجموع فتاواه (٢/ ٦٦، ٦٧) (٣/ ٣٠).
أبواب الكتاب (عرض 50 باباً حول الباب الحالي)
الباب الحالي في المركز 239 من أصل 361 باباً
- 214 باب إخبار جبريل ﵇ النّبيَّ ﷺ بمؤامرة المشركين في غزوة قوم من جهينة
- 215 باب إرسال اللَّه جبريل إلى النبيّ ﷺ للسّؤال عن بكائه
- 216 باب أمر النبيّ ﷺ لاستماع قراءة جبريل
- 217 باب ما جاء في ذكر ميكائيل
- 218 باب ما جاء في ذكر إسرافيل وما كُلِّف به
- 219 باب ما جاء من ذكر منكر ونكير من الملائكة
- 220 باب ما جاء في السّفرة الكرام البررة
- 221 باب ما جاء في خزنة الجنة
- 222 باب إنّ خازن الجنّة أولُ من يفتح بابَ الجنة، لنبيّنا ﷺ-
- 223 باب ما جاء في مالك خازن النّار
- 224 باب ذكر ما جاء في ملك الموت
- 225 باب ما جاء في التوراة بأنّ اللَّه تعالى كتبها بيده وأنزلها على نبيّه وكليمه موسى ﵇-
- 226 باب ما جاء في أنّ موسى ﵇ ألقى الألواح فانكسرت
- 227 باب ترجمة كتاب اللَّه إلى اللّغات الأخرى
- 228 باب الإيمان بأنّ القرآن كلام اللَّه أنزله اللَّه تعالى بواسطة جبريل
- 229 باب إن القرآن أحدث الكتب عهدًا باللَّه ﷿
- 230 باب ما جاء في أوّل ما نزل من القرآن
- 231 باب ما جاء في آخر ما نزل من القرآن
- 232 باب نزول القرآن جملة واحدة في ليلة القدر إلى السّماء الدّنيا
- 233 باب مدّة نزول القرآن على النبيّ ﷺ-
- 234 باب استذكار القرآن وتعاهده
- 235 باب إنّ القرآن نزل بلسانٍ عربيٍّ مبين وبلسان قريش
- 236 باب القرّاء من أصحاب النبيّ ﷺ-
- 237 باب إذا استعجم القرآن على اللّسان في قيام اللّيل فليضطجع
- 238 باب كراهية السّفر بالقرآن إلى أرض العدو
- 239 باب ما جاء في عدّة الأنبياء والمرسلين
- 240 باب ما من نبيِّ إِلَّا وقد أُعطي من المعجزات ما آمن عليها البشر
- 241 باب من الأنبياء من لم يصدِّقْه من أمّته إِلَّا رجل واحد، ومنهم من لم يصدّقه أحد
- 242 باب أن اللَّه إذا أراد رحمة أمة قبض نبيها قبلها
- 243 باب في الأنبياء أنهم أحياء في قبورهم يصلّون
- 244 باب إنّ اللَّه حرَّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء
- 245 باب من خصائص الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم
- 246 باب ما جاء في نبوة آدم ﵇
- 247 باب ما جاء في كراهية المفاضلة بين الأنبياء
- 248 باب أشد الناس عذابا يوم القيامة من قتله نبيٌّ، أو قتل نبيا
- 249 باب عصمة الأنبياء فيما يخبرون عن اللَّه ﷾
- 250 باب وجوب الإيمان بنبوّة عيسى ﵇ وأنّه عبد اللَّه ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم
- 251 باب وجوب الإيمان بنزول عيسى ﵇ وقتله الدّجال
- 252 باب إن عيسى ﵇ يقتل الدجال بباب لُدّ
- 253 باب سلام النبيّ ﷺ على عيسى ﵇
- 254 باب قول النبيّ ﷺ: أنا أولى النّاس بعيسى ابن مريم ﵍
- 255 باب ما جاء أن عيسى ابن مريم ﵇ يحج البيت بعد قتله الدجال
- 256 وجوب الإيمان بعموم رسالة النبيّ ﷺ-
- 257 باب ما جاء في بعثة النبي ﷺ إلى الجن
- 258 باب عن نبوة محمد ﷺ وآدم بين الرّوح والجسد
- 259 وجوب الإيمان بالنّبيّ ﷺ ومحبته
- 260 باب من أحبّ رسول اللَّه ﷺ يكون معه في الجنة
- 261 باب فيمن يودّ رؤية النبي ﷺ بأهله وماله
- 262 باب فضل من آمن بالنّبيّ ولم يره
- 263 باب دعاء النبيّ ﷺ لمن شهد له بالرّسالة
معلومات عن حديث: عدة الأنبياء والمرسلين
📜 حديث عن عدة الأنبياء والمرسلين
أحاديث نبوية شريفة تتعلق بـ عدة الأنبياء والمرسلين من مصادر موثوقة.
🔍 صحة حديث عدة الأنبياء والمرسلين
تحقق من درجة أحاديث عدة الأنبياء والمرسلين (صحيح، حسن، ضعيف).
📖 تخريج حديث عدة الأنبياء والمرسلين
تخريج علمي لأسانيد أحاديث عدة الأنبياء والمرسلين ومصادرها.
📚 أحاديث عن عدة الأنبياء والمرسلين
مجموعة شاملة من الأحاديث النبوية في موضوع عدة الأنبياء والمرسلين.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Friday, August 22, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب