عصمة الأنبياء فيما يخبرون عن الله - الأحاديث الصحيحة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الكتب الستة

باب عصمة الأنبياء فيما يخبرون عن اللَّه ﷾

قال اللَّه تعالى: ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [سورة البقرة: ١٣٦].

الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام معصومون فيما يخبرون عن اللَّه ﷾، وفي تبليغ رسالاته باتفاق الأمّة، ولهذا وجب الإيمان بكل ما أتوه.
وقال تعالى: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ [سورة البقرة: ٢٨٥].
والأنبياء معصومون من الإقرار على المعصية، وإن وقع منهم ذلك سارعوا إلى التوبة ولا يؤخِّرونها، ولذلك لم يذكر في القرآن شيئًا من ذلك عن نبيٍّ من الأنبياء إِلَّا مقرونًا بالتوبة والاستغفار، كقول آدم وزوجته: ﴿قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [سورة الأعراف: ٢٣]، وقول نوح: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [سورة هود: ٤٧]، وقول الخليل ﵇: ﴿وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ﴾ [سورة الشعراء: ٨٢]، وقول موسى: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ﴾ [سورة القصص: ١٦]، وقوله: ﴿فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [سورة الأعراف: ١٤٣]، وقوله تعالى عن داود: ﴿وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ﴾ [سورة ص: ٣٤]، وقوله تعالى عن سليمان ﴿قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ [سورة ص: ٣٥].
عن عبد اللَّه بن عمرو، قال: «كنتُ أكتبُ كلَّ شيءٍ أسمعه من رسول اللَّه ﷺ أريدُ حفظه، فنهتني قريش، وقالوا: لا تكتبْ كلَّ شيءٍ تسمعه من رسول اللَّه ﷺ، ورسول اللَّه ﷺ بشر يتكلّم في الغضب والرِّضا، فأمسكتُ عن الكتاب، فذكرتُ ذلك لرسول اللَّه ﷺ، فأومأ بإصبعه إلى فيه، فقال: «اكتبْ، فوالذي نفسي بيده ما يخرجُ منه إِلَّا حقّ».

صحيح: رواه أبو داود (٣٤٤٦) عن مسدّد وأبي بكر بن أبي شيبة، قالا: حدثنا يحيى، عن عبيد اللَّه بن الأخنس، عن الوليد بن عبد اللَّه بن أبي مغيث، عن يوسف بن ماهك، عن عبد اللَّه بن عمرو، قال (فذكره).
قال أبو داود: حدّثنا مؤمّل بن الفضل، حدّثنا الوليد، قال: قلت لأبي عمرو.
وإسناده صحيح، ويحيى هو ابن سعيد القطّان، وعنه رواه الإمام أحمد (٦٥١٠)، والحاكم (١/ ١٠٥ - ١٠٦) وقال: «رواة هذا الحديث قد احتجّا بهم عن آخرهم غير الوليد هذا، وأظنه الوليد بن أبي الوليد الشّاميّ، فإنّه الوليد بن عبد اللَّه، وقد غلبت على أبيه الكنية، فإن كان كذلك فقد احتجّ به مسلم» انتهى.
وقال الذّهبيّ في: تلخيصه«: «إنّ كان الوليد هو ابن أبي الوليد الشّامي فهو على شرط مسلم».
قال الأعظمي: كذا قالا، والصّحيح أنه الوليد بن عبد اللَّه بن أبي مغيث العبدريّ مولاهم المكيّ كما ساق نسبه أبو داود، ومن روانه. ورواه ابن ماجه غير أنه ثقة، وثّقه ابنُ معين وغيره.
وأمّا الوليد بن أبي الوليد الشّاميّ فلا يوجد من يسمّي بهذا الاسم فضلا عن أن يكون من رواة مسلم، والذي روى له مسلم هو الوليد بن أبي الوليد المدني لا الشّاميّ كما قال الحاكم، إِلَّا أن يكون أحد الرواة نسبه إلى الشّام خطأ، واسم أبيه عثمان لا عبد اللَّه.
عن طلحة بن عبيد اللَّه التيميّ قال: «مررتُ مع رسول اللَّه ﷺ بقوم على رؤوس النَّخل، فقال: «ما يصنعُ هؤلاء؟». فقالوا: يلقِّحونه، يجعلون الذَّكرَ في الأنثى فيتلقح. فقال رسول اللَّه ﷺ: «ما أظنُّ يُغني ذلك شيئًا». قال: فأُخبروا بذلك فتركوه. فأُخبر رسولُ اللَّه ﷺ بذلك فقال: «إن كان ينفعهم ذلك فلْيصنعوه. فإنّي إنّما ظننتُ ظنًّا فلا تُؤاخذوني بالظّن. ولكنْ إذا حدّثْتكم عن اللَّه شيئًا، فخذوا به. فإنّي لنْ أكذبَ على اللَّه عز وجل».

صحيح: رواه مسلم في الفضائل (٢٣٦١) من طرق عن أبي عوانة، عن سماك، عن موسى بن طلحة، عن أبيه، قال (فذكره).
عن رافع بن خديج، قال: «قدم نبيُّ اللَّه ﷺ المدينة. وهمْ يَأْبِرون النَّخْل. يقولون: يلقِّحون النّخل. فقال: «ما تصنعون؟». قالوا: كنّا نصنعُه. قال: «لعلّكم لو لم تفعلوا كان خيرًا». فتركوه. فنفضت أو فنقصت. قال: فذكروا ذلك له فقال: «إنّما أنا بشرٌ، إذا أمرْتكم بشيء من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من رأيٍ، فإنّما أنا بشر». قال عكرمة: أو نحو هذا. قال المَعْقِريّ: فتفضت ولم يشك.

صحيح: رواه مسلم في الفضائل (٢٣٦٢) من طرق عن النّضر بن محمد: حدّثنا عكرمة (وهو ابن عمّار): حدثنا أبو النجاشيّ: حدّثني رافع بن خديج، فذكره.
عن عائشة، وعن أنس: «أنّ النّبيَّ ﷺ مرَّ بقوم يُلقِّحون فقال: «لو لم تفعلوا لَصُلح». قال: فخرج شيصًا، فمرّ بهم، فقال: «ما لنخلكم؟». قالوا: قلت كذا وكذا. قال: «أنتم أعلم بأمر دنياكم».

صحيح: رواه مسلم في الفضائل (٢٣٦٢) من طرق عن الأسود بن عامر: حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، وعن ثابت عن أنس، فذكراه.
وقوله: «فخرج شيصًا» هو البسر الرديء الذي إذا يبس صار حشفًا.
من خصائص الأنبياء والمرسلين صلوات اللَّه عليهم أجمعين أنّهم معصومون فيما يخبرون به عن اللَّه تعالى، وفيما عداه فللنّاس فيه نزاع، والذي عليه جمهور أهل العلم أنّ الأنبياء معصومون عن الكبائر دون الصغائر. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه اللَّه تعالى: «وهو قول أكثر علماء الإسلام، وجميع الطوائف، حتى إنه قول أكثر أهل الكلام كما ذكر أبو الحسن الآمديّ أنّ هذا قول أكثر الأشعريّة، وهو أيضًا قول أكثر أهل التفسير والحديث والفقه، بل لم ينقل عن السّلف والأئمة، والصّحابة والتابعين وتابعيهم إِلَّا ما يوافق هذا القول». «مجموع الفتاوى» (٤/ ٣١٩).
وقال رحمه اللَّه تعالى أيضًا: «أهل السنة متفقون على أنهم لا يقرّون على خطأ في الدين أصلًا، ولا فسوق، ولا كذب. ففي الجملة: كل ما يقدح في نبوتهم وتبيلغهم عن اللَّه فهم متفقون على تنزيههم عنه. وعامة الجمهور الذين يجوزون عليهم الصّغائر يقولون إنّهم معصومون من الإقرار عليها. فلا يصدر عنهم ما يضرّهم كما جاء في الأثر: «كان داود بعد التوبة خيرًا منه قبل الخطيئة».»منهاج السنة (١/ ٤٧٢).
وخلاصة القول في عصمة الأنبياء:
١ - إنّ أهل السنة وجمهور المسلمين متفقون على أن الأنبياء ﵈ معصومون فيما يخبرون عن اللَّه تعالى، وفي تبليغ رسالته لأنّ العصمة هي التي يحصل بها مقصود الرسالة والنبوة.
٢ - اتفق أهل السنة أيضًا على وقوع الصّغائر منهم دون الكبائر في الأفعال، بدليل ما ورد في القرآن والأخبار الصحيحة، ولكنّهم لا يصرون عليها بل يبادرون إلى التوبة والاستغفار، فيكونون في هذه الحال معصومين من الإصرار عليها، ويكون الاقتداء بهم في التوبة منها، بحيث إننا أمرنا بالتأسي بهم، وباللَّه التوفيق.

أبواب الكتاب (عرض 50 باباً حول الباب الحالي)

الباب الحالي في المركز 249 من أصل 361 باباً

معلومات عن حديث: عصمة الأنبياء فيما يخبرون عن الله

  • 📜 حديث عن عصمة الأنبياء فيما يخبرون عن الله

    أحاديث نبوية شريفة تتعلق بـ عصمة الأنبياء فيما يخبرون عن الله من مصادر موثوقة.

  • 🔍 صحة حديث عصمة الأنبياء فيما يخبرون عن الله

    تحقق من درجة أحاديث عصمة الأنبياء فيما يخبرون عن الله (صحيح، حسن، ضعيف).

  • 📖 تخريج حديث عصمة الأنبياء فيما يخبرون عن الله

    تخريج علمي لأسانيد أحاديث عصمة الأنبياء فيما يخبرون عن الله ومصادرها.

  • 📚 أحاديث عن عصمة الأنبياء فيما يخبرون عن الله

    مجموعة شاملة من الأحاديث النبوية في موضوع عصمة الأنبياء فيما يخبرون عن الله .


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Friday, August 22, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب