دفن النبي ﷺ في بيت عائشة - الأحاديث الصحيحة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الكتب الستة

باب دفن النبي ﷺ في بيت عائشة

عن عائشة قالت: إن كان رسول الله ﷺ ليتعذر في مرضه: «أين أنا اليوم، أين أنا غدا؟» استبطاء ليوم عائشة، فلما كان يومي قبضه الله بين سَحْري ونحري ودفن في بيتي.

متفق عليه: رواه البخاري في الجنائز (١٣٨٩) ومسلم في فضائل الصحابة (٢٤٤٣: ٨٤) كلاهما من طرق عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، فذكرته، واللفظ للبخاري. ولفظ مسلم: «ليتفقد».
وقولها: «»سَحْري«: هي الرئة وما يتعلق بها، تريد أنه مات وهو مستند لصدرها ما بين جوفها وعنقها.
عن عروة، عن عائشة قالت لعبد الله بن الزبير: ادفني مع صواحبي، ولا تدفني مع النبي ﷺ في البيت، فإني أكره أن أزكى.
وقال عروة: إن عمر أرسل إلى عائشة: ائذني لي أن أدفن مع صاحبي. فقالت: إي والله.
قال: وكان الرجل إذا أرسل إليها من الصحابة قالت: لا والله، لا أوثرهم بأحد أبدا.

صحيح: رواه البخاري في الاعتصام (٧٣٢٧) عن عبيد بن إسماعيل، حدثنا أبو أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، فذكر وصية عائشة فقط.
ثم قال البخاري عقبه (٧٣٢٨): وعن هشام، عن أبيه أن عمر أرسل فذكره.
وهذا من خصائص النبي ﷺ، فإنه لم ينقل عن أحد من السلف أنه دفن في غير مقبرة المسلمين.
وقد استنبط أهل العلم من حديث أبي هريرة عند مسلم (٧٨٠): «لا تجعلوا بيوتكم مقابر» أن ظاهره يقتضي النهي عن الدفن في البيوت مطلقا.
وبذلك ظهرت خصوصية دفن النبي ﷺ في بيته لحكمة أرادها الله تعالى.
قال مالك رحمه الله تعالى: إنه بلغه أن رسول الله ﷺ توفي يوم الاثنين، ودفن يوم الثلاثاء،
وصلى الناس عليه أفذاذا، لا يؤمّهم أحدٌ، فقال ناس: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «ما دفن نبي قط إلا في مكانه الذي توفي فيه«، فحُفِرَ له فيه، فلما كان عند غسله، أرادوا نزعَ قميصه، فسمعوا صوتا يقول: لا تنزعوا القميص، فلم ينزع القميص، وغسل وهو عليه ﷺ. انتهى.
هذه رواية يحيى عن مالك، وفي رواية أبي مصعب الزهري (الجنائز ٩٧١) عن مالك قال: إنه بلغه أن رسول الله ﷺ توفي يوم الاثنين، ودفن يوم الثلاثاء، وصلى الناس عليه أفذاذا، لا يؤمّهم أحدٌ، فقال ناس: يُدفن عند المنبر وقال آخرون: يُدفن بالبقيع، فجاء أبو بكر الصديق فقال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «ما دفن نبي قط إلا في مكانه الذي توفي فيه«، فحفر له فيه، ثم ذكر بقية الحديث مثله.
قال الحافظ ابن عبد البر في التمهيد (٢٤/ ٣٩٤) بعد أن ذكر الحديث بهذا اللفظ: «هذا الحديث لا أعلمه يُروى على هذا النسق بوجهٍ من الوجوه غير بلاغ مالك هذا، ولكنه صحيح من وجوه مختلفة، وأحاديث شتى جمعها مالك.
قال الأعظمي: هذا هو الصحيح، فقد رُويَ هذا الحديث من أوجه كثيرة تفيد الصحة منها: عن عائشة قالت: لما قبض رسول الله ﷺ اختلفوا في دفنه، فقال أبو بكر: سمعت من رسول الله ﷺ شيئا ما نسيته قال: «ما قبضَ الله نبيًا إلا في الموضع الذي يُحب أن يدفن فيه».
حسن: رواه الترمذي في سننه (١٠١٨) وفي الشمائل (٣٧٢) والبزار في مسنده (٦٠)، وأبو يعلى (١/ ٤٦) كلهم من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر، عن ابن أبي مُليكة، عن عائشة، فذكرته.
قال الترمذي: «هذا حديث غريب، وعبد الرحمن بن أبي بكر المليكي يُضعف من قِبل حفظه، وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه، فرواه ابنُ عباس عن أبي بكر الصديق عن النبي ﷺ.
قال الأعظمي: ابن أبي مليكة مختلف في توثيقه، وخلاصته أنه يُحسّن حديثه إذا يوجد ما يؤيّده، وهذا منه.
فقد روي أيضا عن ابن عباس كما قال الترمذي أنه قال: «لقد اختلف المسلمون في المكان الذي يحفر له، فقال قائلون: يدفن في مسجده، وقال قائلون يدفن مع أصحابه، فقال أبو بكر: إني سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: «ما قبض نبيّ إلا دُفنَ حيث يُقبض».
رواه ابنُ ما جه (١٦٢٨)، والبزار (١٨)، وأحمد (٢٦٠) والبيهقي في دلائل النبوة (٧/ ٢٦٠) كلهم من طريق محمد بن إسحاق، عن حسين بن عبد الله الهاشمي، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.
وفيه حسين بن عبد الله الهاشمي ضعيف. وبه أعله الحافظ ابن حجر في الفتح (٥/ ٥٢٩) فقال: «حسين بن عبد الله الهاشمي ضعيف»، وقال: «وله طريق أخرى مرسلة، ذكرها البيهقي في الدلائل».
وفيه أيضا محمد بن إسحاق، وهو مدلس إلا أنه صرح بالتحديث عند ابن ماجه وغيره.
ومنه ما رواه عبد العزيز بن عبد الله الماجشون قال: إن أصحاب رسول الله ﷺ لم يدروا أين
يقبرون النبي ﷺ حتى قال أبو بكر الصديق: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «لن يقبر نبي إلا حيث يموت». فأخروا فراشه، وحفروا له تحت فراشه.
رواه الإمام أحمد (٢٧) من حديث عبد الرزاق، وهو في مصنفه (٦٥٣٤) قال: أخبرني ابنُ جريج قال: أخبرني أبي فذكره. ورواه إسحاق بن راهويه (١٣٤٨) عن عيسى بن يونس، نا ابن جريج بإسناده نحوه.
وابن جريج هو عبد الملك، وأبوه عبد العزيز بن عبد الله الماجشون، وعبد العزيز الماجشون لم يُدرك أبا بكر الصديق.
وكذا أعلّه أيضا ابن كثير في البداية والنهاية (٨/ ١٣٦).
ومنه: ما رواه أبو بكر بن عمر بن حفص عن أبي بكر قال: سمعت خليلي يقول: «ما مات نبيٌّ قط في مكان إلا دفن فيه».
رواه ابن سعد (٢/ ٩٢٣) عن الفضل بن دكين قال: أخبرنا عمر بن ذر قال: قال أبو بكر فذكره. وأبو بكر بن عمر بن حفص لم يلق أبا بكر الصديق.
ومنه: ما رواه القاسم بن محمد قال: كان الناس اختلفوا في دفن النبي ﷺ، فقال أبو بكر: سمعت رسول الله ﷺ يقول: ما من نبي يموت إلا يدفن حيث يُقبض، فخُطّوا حول فراش النبي ﷺ، تم أدفنوه حيث قُبِضَ.
رواه إسحاق، أخبرنا بشر بن عمر الزهراني قال: سمعت سليمان بن بلال يحدث قال: سمعت يحيى بن سعيد، يحدّث عن القاسم بن محمد قال: فذكره. وهو مرسل.
قال ابن حجر في المطالب (١٧/ ٥٤٤): «رواه أحمد متصل ضعيف في أثناء حديث، وأخرجه أيضا بسند معضل، وهذه الطريق المرسلة أصحّ مخرجا، وهي تعضد ذلك المتصل، وتُشعر بأن له أصلا».
قال الأعظمي: وهو كما قال؛ فإن هذه الطرق باختلاف مخارجها يُقوّي بعضُها بعضًا، وقد رُويَ أيضا موقوفا، وهو ما رواه سالم بن عبيد وكان من أصحاب الصفة -، عن أبي بكر في قصة مرض النبي ﷺ، ووفاته، والصلاة عليه، وفيه قالوا: يا صاحب النبي ﷺ، هل يدفن النبي ﷺ؟ قال: نعم. قالوا: وأين يدفن؟ قال: في المكان الذي قبَض الله فيه روحَه؛ فإن الله لم يقبضْ روحَه إلا في مكانٍ طيبٍ.
رواه الترمذي في الشمائل (٣٧٩)، والنسائي في الكبرى (١/ ٣٩٥)، والبيهقي في دلائل النبوة (٧/ ٢٥٩) كلهم من حديث سلمة بن نبيط، عن أبيه نبيط بن شريط الأشجعي، عن سالم بن عبيد فذكره.
قال الحافظ ابن حجر: إسناده صحيح لكنه موقوف.
قال الأعظمي: وهو كما قال، ولكن له حكم الرفع.
قال الأعظمي: وكذلك رواه عروة وغيره، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وهذه الأسانيد كلها صحيحة، ولم
يخالف أحد من أصحاب رسول الله ﷺ في قول أبي بكر، فصار كالإجماع، ويعد هذا من خصائص النبي ﷺ، بأنه دُفِنَ في البيت الذي مات فيه، ولا يجوز لأحد أن ينكر وجود قبر النبي ﷺ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: ليس في الأرض قبر نبي معلوم بالتواتر والإجماع إلا قبر نبينا ﷺ. مجموع الفتاوى (٢٧/ ٢٥٤).
وفيه صيانة لقبره ﷺ من أن يتخذ مسجدًا، كما ورد التحذير في حديث عائشة عند البخاري في صحيحه (١٣٩٠) ولولا ذلك أبرز قبره، غير أنه خُشي أن يتخذ مسجدا. أي لو دُفِنَ في مقابر المسلمين العامة.
قوله: «خُشِيَ أو خَشِي» - بالضم - أي أن الصحابة هم الذين خافوا أن يقع ذلك من بعض الناس، - وبالفتح - أي أن النبي ﷺ خاف أن يتخذ قبره مسجدًا.
وبهذا تحقق دعاء النبي ﷺ كما جاء عن أبي هريرة «اللَّهم لا تجعلْ قبري وثنًا، لعنَ الله قومًا اتخذوا قبورَ أنبيائهم مساجدَ» رواه الإمام أحمد (٧٣٥٨) وابنُ سعد (٢/ ٢٤١، ٢٤٢) وغيرهما من حديث سفيان عن حمزة بن المغيرة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكره.
وإسناده حسن من أجل حمزة بن المغيرة فإنه حسن الحديث.
ورَوى الحاكم في المستدرك (٣/ ٦٠) من حديث الحميدي، ثنا سفيان قال: سمعتُ يحيى بن سعيد يحدث عن سعيد بن المسيب قال: قالت عائشة: رأيتُ كأنّ ثلاثة أقمار سقطت في حُجْرتي فسألتُ أبا بكر فقال: يا عائشة إن تصدُقْ رؤياك يُدفن في بيتك خير أهل الأرض ثلاثة، فلما قبض رسولُ الله ﷺ ودُفن، قال لي أبو بكر: يا عائشة هذا خير أقمارك، وهو أحدها.
وأخرجه أيضًا البيهقي في الدلائل (٧/ ٢٦٢) من وجه آخر عن سفيان. قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ثم قال الحاكم: وقد كتبناه من حديث أنس بن مالك مسندًا، ثم أخرجه من طريق موسى بن عبد الله السلمي، عن عمر بن حماد بن سعيد الأبَحّ، عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن أنس قال: «كان النبي ﷺ يُعجبه الرؤيا ..» فذكرتْ عائشةُ رؤياها، فقال النبي ﷺ مثل قول أبي بكر.
ولكن قال الذهبي: عمر بن سعيد بن حماد الأبَحّ أحد الضعفاء، تمرّد به عنه موسى بن عبد الله السلمي، لا أدري مَن هو؟ .
ورَوى الإمام أحمد (٢٥٦٦٠) ومن طريقه الحاكم وصحّحه، فقال: ثنا حماد بن أسامة، أنبأنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: كنتُ أدخلُ بيتي الذي فيه رسول الله ﷺ، وإني واضعٌ ثوبي، وأقول: إنما هو زوجي وأبي، فلما دُفن عمر معهم، فوالله ما دخلتُ إلا وأنا مشدودةٌ عليّ ثيابي، حياءً من عمر. أي أن عائشة ﵂ بعد دفن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم تكن تدخل حجرتها إلا في حجابها، حتى أقامتْ جدارا بينها وبين القبور كما سيأتي في أخبارها، ثم بعد
وفاتها سُدّت أبواب الحجرة، وفي إحدى الليالي الممطرة سقط جدار الحجرة النبوية، ففزع لذلك عمر بن عبد العزيز ﵀ وأمر ببناء الجدار، فأخذوا في بنائه فبدتْ لهم قدَمٌ، ففزعوا، وظنُّوا أنها قدمُ النبي ﷺ، فما وجدوا أحدًا يعلم ذلك، حتى قال لهم عروة: لا، والله، ما هي قدمُ النبي ﷺ، ما هي إلا قدمُ عمر ﷺ كما رواه البخاري في الجنائز (١٣٩٠) عن فروة ثنا علي عن هشام بن عروة عن أبيه به.
ولما احتاج المسلمون إلى الزيادة في مسجد النبي ﷺ زاد فيه عمر رضي الله عنه، وبناه علي بنيانه في عهد رسول الله ﷺ باللبن والجريد، وأعاد عمده خشبًا، ثم غيّره عثمان فزاد فيه زيادة كبيرة، وبنى جداره بالحجارة المنقوشة والقصّة، وجعل عُمُده من حجارة منقوشة، وسقفه بالساج كما في صحيح البخاري (٤٤٦).
ثم لما ولي الوليد بن عبد الملك عام أمرَ عمرَ بن عبد العزيز - وكان عاملَه على المدينة آنذاك - بهدم بيوت أزواج النبي ﷺ، وإدخالها في المسجد، وقد عارضه علماء المدينة وفقهاؤها في إدخال قبر النبي ﷺ في المسجد إلا أن عمر بن عبد العزيز بنى حيطانًا مرتفعًا، وجدارَين من الشرق والغرب يلتقيان في الشمال برأس مثلث فصار لا يتأتى لأحد استقبال القبور عند الصلاة أو الدعاء، لأنه ينحرف به عن القبلة.
ولم يكنْ ثمة قبةٌ، والقبة الموجودة الآن بُنيتْ في عهد السلطان الأشرف قايتباي - سلطان مصر - وجُعلت دعائمها في الأرض، وجعلوها حائزة على جميع الحجرة، وما اتصل بها من المثلث الشمالي، وكان ذلك عام (٨٨٩ هـ) في أواخر القرن التاسع الهجري.
وعلى هذا صارت القبور الثلاثة محجوزة بعدة حواجز: جدار حجرة عائشة، وجدار عمر بن عبد العزيز، والجدار الذي عليه القبةُ، ثم الحاجز الحديدي من ناحية القبلة، والغرب، وعليه فلا يمكن لأحد أن يصِل إلى القبور.
وتم بهذه الجهود المبذولة في بناء الحواجز عبر القرون تحقيقُ دعوة النبي ﷺ: «اللَّهم لا تجعلْ قبري وثنًا».

أبواب الكتاب (عرض 50 باباً حول الباب الحالي)

الباب الحالي في المركز 455 من أصل 659 باباً

معلومات عن حديث: دفن النبي ﷺ في بيت عائشة

  • 📜 حديث عن دفن النبي ﷺ في بيت عائشة

    أحاديث نبوية شريفة تتعلق بـ دفن النبي ﷺ في بيت عائشة من مصادر موثوقة.

  • 🔍 صحة حديث دفن النبي ﷺ في بيت عائشة

    تحقق من درجة أحاديث دفن النبي ﷺ في بيت عائشة (صحيح، حسن، ضعيف).

  • 📖 تخريج حديث دفن النبي ﷺ في بيت عائشة

    تخريج علمي لأسانيد أحاديث دفن النبي ﷺ في بيت عائشة ومصادرها.

  • 📚 أحاديث عن دفن النبي ﷺ في بيت عائشة

    مجموعة شاملة من الأحاديث النبوية في موضوع دفن النبي ﷺ في بيت عائشة.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Friday, August 22, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب