تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح ..

  1. تفسير السعدي
  2. تفسير البغوي
  3. التفسير الوسيط
  4. تفسير ابن كثير
  5. تفسير الطبري
الفسير الوسيط | التفسير الوسيط للقرآن الكريم للطنطاوي | تأليف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (المتوفى: 1431هـ) : ويعتبر هذا التفسير من التفاسير الحديثة و القيمة لطلاب العلم و الباحثين في تفسير القرآن العظيم بأسلوب منهجي سهل و عبارة مفهومة, تفسير الآية 101 من سورةالنساء - التفسير الوسيط .
  
   

﴿ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا﴾
[ سورة النساء: 101]

معنى و تفسير الآية 101 من سورة النساء : وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح .


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تفسير السعدي : وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح


تفسير الآيتين 101 و102 : هاتان الآيتان أصل في رخصة القصر، وصلاة الخوف، يقول تعالى: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ أي: في السفر، وظاهر الآية [أنه] يقتضي الترخص في أي سفر كان ولو كان سفر معصية، كما هو مذهب أبي حنيفة رحمه الله، وخالف في ذلك الجمهور، وهم الأئمة الثلاثة وغيرهم، فلم يجوزوا الترخص في سفر المعصية، تخصيصا للآية بالمعنى والمناسبة، فإن الرخصة سهولة من الله لعباده إذا سافروا أن يقصروا ويفطروا، والعاصي بسفره لا يناسب حاله التخفيف.
وقوله: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ أي: لا حرج ولا إثم عليكم في ذلك، ولا ينافي ذلك كون القصر هو الأفضل، لأن نفي الحرج إزالة لبعض الوهم الواقع في كثير من النفوس، بل ولا ينافي الوجوب كما تقدم ذلك في سورة البقرة في قوله: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ إلى آخر الآية.
وإزالة الوهم في هذا الموضع ظاهرة، لأن الصلاة قد تقرر عند المسلمين وجوبها على هذه الصفة التامة، ولا يزيل هذا عن نفوس أكثرهم إلا بذكر ما ينافيه.
ويدل على أفضلية القصر على الإتمام أمران: أحدهما: ملازمة النبي صلى الله عليه وسلم على القصر في جميع أسفاره.
والثاني: أن هذا من باب التوسعة والترخيص والرحمة بالعباد، والله تعالى يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته.
وقوله: أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ ولم يقل أن تقصروا الصلاة فيه فائدتان: إحداهما: أنه لو قال أن تقصروا الصلاة لكان القصر غير منضبط بحد من الحدود، فربما ظن أنه لو قصر معظم الصلاة وجعلها ركعة واحدة لأجزأ، فإتيانه بقوله: مِنَ الصَّلَاةِ ليدل ذلك على أن القصر محدود مضبوط، مرجوع فيه إلى ما تقرر من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
الثانية: أن من تفيد التبعيض ليعلم بذلك أن القصر لبعض الصلوات المفروضات لا جميعها، فإن الفجر والمغرب لا يقصران وإنما الذي يقصر الصلاة الرباعية من أربع إلى ركعتين.
فإذا تقرر أن القصر في السفر رخصة، فاعلم أن المفسرين قد اختلفوا في هذا القيد، وهو قوله: إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا الذي يدل ظاهره أن القصر لا يجوز إلا بوجود الأمرين كليهما، السفر مع الخوف.
ويرجع حاصل اختلافهم إلى أنه هل المراد بقوله: أَنْ تَقْصُرُوا قصر العدد فقط؟ أو قصر العدد والصفة؟ فالإشكال إنما يكون على الوجه الأول.
وقد أشكل هذا على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حتى سأل عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما لنا نقصر الصلاة وقد أمِنَّا؟ أي: والله يقول: إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته" أو كما قال.
فعلى هذا يكون هذا القيد أتى به نظرا لغالب الحال التي كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عليها، فإن غالب أسفاره أسفار جهاد.
وفيه فائدة أخرى وهي بيان الحكمة والمصلحة في مشروعية رخصة القصر، فبيَّن في هذه الآية أنهى ما يتصور من المشقة المناسبة للرخصة، وهي اجتماع السفر والخوف، ولا يستلزم ذلك أن لا يقصر مع السفر وحده، الذي هو مظنة المشقة.
وأما على الوجه الثاني، وهو أن المراد بالقصر: قصر العدد والصفة فإن القيد على بابه، فإذا وجد السفر والخوف، جاز قصر العدد، وقصر الصفة، وإذا وجد السفر وحده جاز قصر العدد فقط، أو الخوف وحده جاز قصر الصفة.
ولذلك أتى بصفة صلاة الخوف بعدها بقوله: وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ أي: صليت بهم صلاة تقيمها وتتم ما يجب فيها ويلزم، فعلمهم ما ينبغي لك ولهم فعله.
ثم فسَّر ذلك بقوله: فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ أي: وطائفة قائمة بإزاء العدو كما يدل على ذلك ما يأتي: فَإِذَا سَجَدُوا أي: الذين معك أي: أكملوا صلاتهم وعبر عن الصلاة بالسجود ليدل على فضل السجود، وأنه ركن من أركانها، بل هو أعظم أركانها.
فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا وهم الطائفة الذين قاموا إزاء العدو فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ ودل ذلك على أن الإمام يبقى بعد انصراف الطائفة الأولى منتظرا للطائفة الثانية، فإذا حضروا صلى بهم ما بقي من صلاته ثم جلس ينتظرهم حتى يكملوا صلاتهم، ثم يسلم بهم وهذا أحد الوجوه في صلاة الخوف.
فإنها صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه كثيرة كلها جائزة، وهذه الآية تدل على أن صلاة الجماعة فرض عين من وجهين: أحدهما: أن الله تعالى أمر بها في هذه الحالة الشديدة، وقت اشتداد الخوف من الأعداء وحذر مهاجمتهم، فإذا أوجبها في هذه الحالة الشديدة فإيجابها في حالة الطمأنينة والأمن من باب أَوْلَى وأحرى.
والثاني: أن المصلين صلاة الخوف يتركون فيها كثيرا من الشروط واللوازم، ويعفى فيها عن كثير من الأفعال المبطلة في غيرها، وما ذاك إلا لتأكد وجوب الجماعة، لأنه لا تعارض بين واجب ومستحب، فلولا وجوب الجماعة لم تترك هذه الأمور اللازمة لأجلها.
وتدل الآية الكريمة على أن الأولى والأفضل أن يصلوا بإمام واحد.
ولو تضمن ذلك الإخلال بشيء لا يخل به لو صلوها بعدة أئمة، وذلك لأجل اجتماع كلمة المسلمين واتفاقهم وعدم تفرق كلمتهم، وليكون ذلك أوقع هيبة في قلوب أعدائهم، وأمر تعالى بأخذ السلاح والحذر في صلاة الخوف، وهذا وإن كان فيه حركة واشتغال عن بعض أحوال الصلاة فإن فيه مصلحة راجحة وهو الجمع بين الصلاة والجهاد، والحذر من الأعداء الحريصين غاية الحرص على الإيقاع بالمسلمين والميل عليهم وعلى أمتعتهم، ولهذا قال تعالى: وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً ثم إن الله عذر من له عذر من مرض أو مطر أن يضع سلاحه، ولكن مع أخذ الحذر فقال: وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ومن العذاب المهين ما أمر الله به حزبه المؤمنين وأنصار دينه الموحدين من قتلهم وقتالهم حيثما ثقفوهم، ويأخذوهم ويحصروهم، ويقعدوا لهم كل مرصد، ويحذروهم في جميع الأحوال، ولا يغفلوا عنهم، خشية أن ينال الكفار بعض مطلوبهم فيهم.
فلله أعظم حمد وثناء على ما مَنَّ به على المؤمنين، وأيَّدَهم بمعونته وتعاليمه التي لو سلكوها على وجه الكمال لم تهزم لهم راية، ولم يظهر عليهم عدو في وقت من الأوقات.
وفي قوله: فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ يدل على أن هذه الطائفة تكمل جميع صلاتها قبل ذهابهم إلى موضع الحارسين.
وأن الرسول صلى الله عليه وسلم يثبت منتظرا للطائفة الأخرى قبل السلام، لأنه أولا ذكر أن الطائفة تقوم معه، فأخبر عن مصاحبتهم له.
ثم أضاف الفعل بعْدُ إليهم دون الرسول، فدل ذلك على ما ذكرناه.
وفي قوله: وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ دليل على أن الطائفة الأولى قد صلوا، وأن جميع صلاة الطائفة الثانية تكون مع الإمام حقيقة في ركعتهم الأولى، وحكما في ركعتهم الأخيرة، فيستلزم ذلك انتظار الإمام إياهم حتى يكملوا صلاتهم، ثم يسلم بهم، وهذا ظاهر للمتأمل.

تفسير البغوي : مضمون الآية 101 من سورة النساء


قوله عز وجل : ( وإذا ضربتم في الأرض ) أي : سافرتم ، ( فليس عليكم جناح ) أي : حرج وإثم ( أن تقصروا من الصلاة ) يعني من أربع ركعات إلى ركعتين ، وذلك في صلاة الظهر والعصر والعشاء ( إن خفتم أن يفتنكم ) أي : يغتالكم ويقتلكم ( الذين كفروا ) في الصلاة ، نظيره قوله تعالى : " على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم " ( يونس - 83 ) أي : يقتلهم .
( إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا ) أي : ظاهر العداوة .
اعلم أن قصر الصلاة في السفر جائز بإجماع الأمة ، واختلفوا في جواز الإتمام : فذهب أكثرهم إلى أن القصر واجب ، وهو قول عمر وعلي وابن عمر وجابر وابن عباس رضي الله عنهما ، وبه قال الحسن وعمر بن عبد العزيز وقتادة وهو قول مالك وأصحاب الرأي ، لما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : " الصلاة أول ما فرضت ركعتين فأقرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر " .
وذهب قوم إلى جواز الإتمام ، روي ذلك عن عثمان وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما ، وبه قال الشافعي رضي الله عنه ، إن شاء أتم وإن شاء قصر ، والقصر أفضل .
[ أخبرنا الإمام عبد الوهاب بن محمد الخطيب ، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، أنا أبو العباس الأصم ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، أنا إبراهيم بن محمد ، عن طلحة بن عمرو ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : " كل ذلك قد فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قصر الصلاة وأتم " .
وظاهر القرآن يدل على هذا ، لأنه قال : ( فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ) ولفظ لا جناح إنما يستعمل في الرخص لا فيما يكون حتما ، فظاهر الآية [ يوجب أن القصر ] لا يجوز إلا عند الخوف وليس الأمر على ذلك ، إنما نزلت الآية على غالب أسفار النبي صلى الله عليه وسلم ، وأكثرها لم يخل عن خوف العدو .
والقصر جائز في السفر في حال الأمن عند عامة أهل العلم ، والدليل عليه ما أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب ، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، أنا أبو العباس الأصم ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، أنا مسلم بن خالد وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن ابن جريج ، أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار ، عن عبد الله بن باباه ، عن يعلى بن أمية ، قال : قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : إنما قال الله تعالى ( أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ) وقد أمن الناس ، فقال عمر رضي الله عنه : عجبت مما عجبت منه ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " صدقة تصدق الله بها عليكم ، فاقبلوا صدقته " .
أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب ، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، أنا أبو العباس الأصم ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، أنا عبد الوهاب ، عن أيوب السختياني ، عن محمد بن سيرين ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : سافر رسول الله بين مكة والمدينة آمنا لا يخاف إلا الله فصلى ركعتين " .
وذهب قوم إلى أن ركعتي المسافر ليستا بقصر إنما القصر أن يصلي ركعة واحدة في الخوف ، يروى ذلك عنجابر رضي الله عنه وهو قول عطاء وطاوس والحسن ومجاهد ، وجعلوا شرط الخوف المذكور في الآية : باقيا وذهب أكثر أهل العلم إلى أن الاقتصار على ركعة واحدة لا يجوز خائفا كان أو آمنا .
واختلف أهل العلم في مسافة القصر ، فقالت طائفة : يجوز القصر في السفر الطويل والقصير ، روي ذلك عن أنس رضي الله عنه ، وقال عمرو بن دينار : قال لي جابر بن زيد : اقصر بعرفة ، أما عامة الفقهاء فلا يجوزون القصر في السفر القصير .
واختلف في حد ما يجوز به القصر ، فقال الأوزاعي : مسيرة يوم ، وكان ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم يقصران ويفطران في أربعة برد ، وهي ستة عشر فرسخا ، وإليه ذهب مالك وأحمد وإسحاق ، وقول الحسن والزهري قريب من ذلك ، قالا مسيرة يومين ، وإليه ذهب الشافعي رضي الله عنه ، قال : مسيرة ليلتين قاصدتين ، وقال في موضع : ستة وأربعون ميلا بالهاشمي ، وقال سفيان الثوري وأصحاب الرأي : مسيرة ثلاثة أيام .
وقيل: قوله ( إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ) متصل بما بعده من صلاة الخوف منفصل عما قبله ، روي عن أبي أيوب الأنصاري أنه قال : نزل قوله ( فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ) هذا القدر ، ثم بعد حول سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الخوف فنزل : ( إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا ) وإذا كنت فيهم
) الآية .
ومثله في القرآن كثير ، أن يجيء الخبر بتمامه ثم ينسق عليه خبر آخر ، وهو في الظاهر كالمتصل به ، وهو منفصل عنه ، كقوله تعالى : " الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين " ( يوسف - 51 ) ، وهذه حكاية عن امرأة العزيز ، وقوله : " ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب " ( يوسف - 52 ) إخبار عن يوسف عليه السلام .

التفسير الوسيط : وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح


قوله وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ أى: إذا سافرتم، وأطلق الضرب في الأرض على السفر لأن المسافر يضرب برجله وبراحلته على الأرض.
والمراد من الأرض: ما يشمل البر والبحر.
أى إذا سافرتم- أيها المؤمنون- في أى مكان يسافر فيه من بر أو بحر فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أى: حرج أو إثم في أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ أى في أن تنقصوا منها ما خففه الله عنكم رحمة بكم.
وقوله تَقْصُرُوا من القصر وهو ضد المد.
يقال قصرت الشيء أى جعلته قصيرا بحذف بعض أجزائه أو أوصافه.
ومن في قوله مِنَ الصَّلاةِ يجوز أن تكون زائدة للتأكيد فيكون لفظ الصلاة مفعولا به لتقصروا.
ويجوز أن تكون للتبعيض فيكون المفعول محذوفا.
والجار والمجرور في موضع الصفة.
أى: فليس عليكم جناح في أن تقصروا شيئا من الصلاة.
وقوله إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا جملة شرطية وجوابها محذوف دل عليه ما قبله.
والمراد بالفتنة هنا: إنزال الأذى بالمؤمنين.
أى: إن خفتم أن يتعرض لكم المشركون بما تكرهونه من القتال أو غيره حين سفركم فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة.
وقوله إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً تعليل لتأكيد أخذ الحذر من الكفار دائما، لأن عداوتهم للمؤمنين ظاهرة، وكراهتهم لهم شديدة.
أى: إن الكافرين كانوا وما زالوا بالنسبة لكم- أيها المؤمنون- يظهرون العداوة، وما تخفيه صدورهم لكم من أحقاد وكراهية أشد وأكبر.
وقد أكد- سبحانه - هذه العداوة بإن الدالة على التوكيد، وبكان المفيدة للدوام والاستمرار، وبوصف هذه العداوة بالسفور والظهور، لكي يحترس المسلمون منهم أشد الاحتراس.
هذا، ومن الأحكام التي أخذها العلماء من هذه الآية ما يأتى:1- أن قصر الصلاة في السفر سنة.
ومنهم من يرى أن المصلى مخير فيه كما يخير في الكفارات.
ومنهم من يرى أنه فرض.
قال القرطبي ما ملخصه: واختلف العلماء في حكم القصر في السفر فروى عن جماعة أنه فرض وهو قول عمر بن عبد العزيز والكوفيين.
واحتجوا بحديث عائشة «فرضت الصلاة ركعتين ركعتين» ولا حجة فيه لمخالفتها له فإنها كانت تتم في السفر وذلك يوهنه ...
وحكى ابن الجهم أن أشهب روى عن مالك أن القصر فرض.
ومشهور مذهبه وجل أصحابه، وأكثر العلماء من السلف والخلف أن القصر سنة.
وهو الصحيح.
ومذهب عامة البغداديين من المالكيين أن الفرض التخيير.
ثم اختلفوا في أيهما أفضل، فقال بعضهم: القصر أفضل.. وقيل: الإتمام أفضل» .
أما بالنسبة لمسافة السفر التي يجوز معها قصر الصلاة للعلماء فيها أقوال منها: أن السفر الذي يسوغ القصر هو ما كان مسيرة ثلاثة أيام بلياليها بالسير المعتاد.
وهذا رأى الأحناف.
ومن حججهم قوله صلى الله عليه وسلم: «يمسح المقيم يوما وليلة والمسافر ثلاثة أيام بلياليها» وأيضا ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم منع المرأة من السفر فوق ثلاث إلا مع زوج أو محرم، فدل هذا على أن ما دون الثلاث لا يعد سفرا، بل هو في حكم الإقامة، حيث جعل الثلاث فاصلا بين الخروج بدون محرم وعدمه.
وأيضا فقد جرى عرف العرب أن الرجل كان لا يعتبر مسافرا إلا بسير نحو ثلاثة أيام.
أما المالكية والشافعية وأكثر الأئمة فيرون أن السفر الذي تقصر فيه الصلاة هو ما كان مسيرة يوم وليلة وقيل يوم فقط، وذلك لما رواه ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا أهل مكة لا تقصروا في أدنى من أربعة برد.
من مكة إلى عسفان، وقد قدرت هذه المسافة بمسيرة يوم وليلة أو يوم فقط.
ويرى داود الظاهري وأتباعه أن القصر في كل ما يسمى سفرا، سواء أكان قصيرا أم طويلا لأن المدار عندهم في تحقيق القصر على تحقيق شرطه وهو الضرب في الأرض، ولأن كلمة الضرب في الأرض قد جاءت على إطلاقها من غير تقييد بمدة معلومة ولا مسافة محدودة.
وقد رد جمهور العلماء عليهم بردود منها: أن الضرب في الأرض حقيقته الانتقال من مكان إلى مكان.
وظاهر أن مجرد الانتقال من مكان إلى آخر لا يكون سببا في الرخصة، فلا بد أن يكون السفر المرخص فيه بالقصر سفرا مخصوصا، وقد بينت السنة النبوية الشريفة مقداره على خلاف في الروايات.
هذا، وقد حكى القرطبي أقوال بعض العلماء في نقد أولئك الذين يأخذون الأمور بظواهرها بدون فهم سليم فقال:قال ابن العربي: وقد تلاعب قوم بالدين فقالوا: إن من خرج من البلد إلى ظاهره أكل وقصر وقائل هذا أعجمى لا يعرف السفر عند العرب، أو مستخف بالدين.
ولولا أن العلماء ذكروه لما رضيت أن ألمحه بمؤخر عيني، ولا أفكر فيه بفضول قلبي.
ولم يذكر حد السفر الذي يقع به القصر لا في القرآن ولا في السنة.
وإنما كان كذلك، لأنها كانت لفظة عربية مستقر علمها عند العرب الذين خاطبهم الله بالقرآن فنحن نعلم قطعا أن من برز عن الدور لبعض الأمور أنه لا يكون مسافرا لا لغة ولا شرعا.
وإن من مشى مسافرا ثلاثة أيام فإنه يكون مسافرا قطعا.
كما أننا نحكم على من مشى يوما وليلة أنه كان مسافرا، لحديث «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم منها» وهذا هو الصحيح لأنه وسط بين الحالين.
وعليه عول مالك.
ولكنه لم يجد هذا الحديث متفقا عليه، فقد روى مرة «يوما وليلة» ومرة «ثلاثة أيام» ...
ثم قال القرطبي: واختلفوا في نوع السفر الذي تقصر فيه الصلاة.
فأجمع الناس على الجهاد والحج والعمرة وما ضارعها من صلة رحم.. واختلفوا فيما سوى ذلك.
فالجمهور على جواز القصر في السفر المباح كالتجارة وغيرها.
وعلى أنه لا قصر في سفر المعصية كالباغي وقاطع الطريق وما في معناهما.
ثم قال: واختلف العلماء في مدة الإقامة التي إذا نواها المسافر أتم.
فقال مالك والشافعى والليث بن سعد: إذا نوى الإقامة أربعة أيام أتم.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: إذا نوى الإقامة خمس عشرة ليلة أتم، وإن كان أقل من ذلك قصر.
2- ذهب جمهور العلماء إلى أن الآية الكريمة المقصود منها تشريع صلاة السفر، وأن المراد بالقصر في قوله «أن تقصروا من الصلاة» هو القصر في الكمية أى في عدد الركعات، بأن يصلى المسافر الصلاة الرباعية ركعتين، وأن حكمها للمسافر في حال الأمن كحكمها في حال الخوف لتظاهر السنن على مشروعيتها مطلقا.
وقد وضح هذه المسألة الإمام ابن كثير توضيحا حسنا فقال ما ملخصه: وقوله-تبارك وتعالى- إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا الشرط فيه خرج مخرج الغالب حال نزول هذه الآية.
إذ كانت أسفارهم بعد الهجرة في مبدئها مخوفة.
بل كانوا لا ينهضون إلا إلى غزو عام، أو سرية خاصة، وسائر الأحياء حرب للإسلام وأهله.
والمنطوق إذا خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له.
كقوله-تبارك وتعالى- وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً وقوله-تبارك وتعالى- وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ.
ومما يشهد بأن للمسافر أن يقصر سواء أكان آمنا أم خائفا ما رواه الترمذي والنسائي عن ابن عباس.
أن النبي صلى الله عليه وسلم: خرج من المدينة إلى مكة لا يخاف إلا الله رب العالمين فصلى ركعتين.
وروى البخاري عن حارثة بن وهب الخزاعي قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم آمن ما كان بمنى ركعتين.
وروى البخاري عن أنس قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة.
فكان يصلى ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة.
وروى مسلم وأحمد وأهل السنن عن يعلى بن أمية قال: سألت عمر بن الخطاب.
قلت له:قوله-تبارك وتعالى-: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا.
وقد أمن الناس؟ فقال لي عمر: عجبت مما عجبت منه.
فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: «صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته» .
وروى أبو بكر بن أبى شيبة عن أبى حنظلة الحذاء قال: سألت ابن عمر عن صلاة السفر؟فقال: ركعتان، فقلت له: أين قوله، إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ونحن آمنون؟فقال: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فأنت ترى من هذه النصوص أنها تدل على أن الآية الكريمة مسوقة في تشريع صلاة السفر سواء أكان المسافر آمنا أم خائفا، وأن قوله-تبارك وتعالى- أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ المراد من القصر هنا قصر عدد الركعات من أربع إلى اثنين كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم في أسفاره، وأن القصر للصلاة في السفر بالنظر لما كانت عليه في الحضر.
قالوا: ومما يدل على أن لفظ القصر كان مخصوصا في عرفهم بنقص عدد الركعات، ما رواه البخاري عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «انصرف من اثنتين- أى صلى الصلاة الرباعية ركعتين عن سهو- فقال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ ....هذا ويرى بعض العلماء أن هذه الآية نزلت في صلاة الخوف، وأن المقصود بالقصر هنا هو قصر الكيفية لا الكمية- أى تخفيف ما اشتملت عليه من قراءة وتسبيح وغير ذلك- لأنهم يرون أن كمية صلاة المسافر ركعتان فهي تمام غير قصر.
قال ابن كثير ما ملخصه: ومن العلماء من قال: إن المراد من القصر هاهنا إنما هو قصر الكيفية لا الكمية وهو قول مجاهد والضحاك والسدى واعتقدوا بما رواه الإمام مالك عن عائشة أنها قالت فرضت الصلاة ركعتين ركعتين في السفر والحضر، فأقرت صلاة السفر، وزيد في صلاة الحضر.
قالوا: فإذا كان أصل الصلاة في السفر هي اثنتين فكيف يكون المراد بالقصر هنا قصر الكمية.
لأن ما هو الأصل لا يقال فيه فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ.
وروى الإمام أحمد والنسائي وابن ماجة عن عمر- رضى الله عنه- قال: صلاة السفر ركعتان وصلاة الأضحى ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان، وصلاة الجمعة ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم» .
وقال القرطبي: وذهب جماعة إلى أن هذه الآية إنما هي مبيحة للقصر في السفر للخائف من العدو فمن كان آمنا فلا قصر له.
روى عن عائشة أنها كانت تقول في السفر: أتموا صلاتكم.
فقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقصر.
فقالت: إنه كان في حرب وكان يخاف وهل أنتم تخافون؟ ...
وذهب جماعة إلى أن الله-تبارك وتعالى- لم يبح القصر في كتابه إلا بشرطين: السفر والخوف وفي غير الخوف بالسنة .
ويبدو لنا أن الأولى ما ذهب إليه جمهور العلماء من أن الآية الكريمة المقصود منها تشريع صلاة السفر وأن المراد بالقصر فيها قصر كمية الصلاة بحيث يصلى المسافر الصلاة الرباعية ركعتين تخفيفا من الله-تبارك وتعالى- عليه، سواء أكان في حالة أمن أم حالة خوف، لأن النصوص التي ساقها الجمهور لتأييد رأيهم صريحة في صحة ما ذهبوا إليه، ولأن القصر في اللغة معناه أن تقتصر من الشيء على بعضه، وهذا أظهر ما يكون في قصر الركعات على اثنين بدل أربع، أما القصر في الصفة أو الكيفية فهو تغيير في الصلاة لا إتيان بالبعض، إذ هو إحلال للإيماء محل الركوع والسجود- مثلا-.
وأيضا فإن مِنَ في قوله أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ تكون أظهر في الاقتصار على بعض الركعات عند من يجعل هذا الحرف للتبعيض.
ومن أراد مزيد بيان لتلك المسائل فليرجع إلى أمهات كتب الفقه والتفسير.

تفسير ابن كثير : شرح الآية 101 من سورة النساء


يقول تعالى : ( وإذا ضربتم في الأرض ) أي : سافرتم في البلاد ، كما قال تعالى : ( علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله [ وآخرون يقاتلون في سبيل الله ] ) الآية [ المزمل : 20 ] .وقوله : ( فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ) أي : تخففوا فيها ، إما من كميتها بأن تجعل الرباعية ثنائية ، كما فهمه الجمهور من هذه الآية ، واستدلوا بها على قصر الصلاة في السفر ، على اختلافهم في ذلك : فمن قائل لا بد أن يكون سفر طاعة ، من جهاد ، أو حج ، أو عمرة ، أو طلب علم ، أو زيارة ، وغير ذلك ، كما هو مروي عن ابن عمر وعطاء ، ويحكى عن مالك في رواية عنه نحوه ، لظاهر قوله : ( إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا )ومن قائل لا يشترط سفر القربة ، بل لا بد أن يكون مباحا ، لقوله : ( فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم [ فإن الله غفور رحيم ] ) [ المائدة : 3 ] أباح له تناول الميتة مع اضطراره إلا بشرط ألا يكون عاصيا بسفره . وهذا قول الشافعي وأحمد وغيرهما من الأئمة .وقد قال أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا وكيع ، حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم قال : جاء رجل فقال : يا رسول الله ، إني رجل تاجر ، أختلف إلى البحرين " فأمره أن يصلي ركعتين " وهذا مرسل .ومن قائل : يكفي مطلق السفر ، سواء كان مباحا أو محظورا ، حتى لو خرج لقطع الطريق وإخافة السبيل ، ترخص ، لوجود مطلق السفر . وهذا قول أبي حنيفة ، رحمه الله ، والثوري وداود ، لعموم الآية وخالفهم الجمهور . وأما قوله : ( إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ) فقد يكون هذا خرج مخرج الغالب حال نزول هذه الآية ، فإن في مبدأ الإسلام بعد الهجرة كان غالب أسفارهم مخوفة ، بل ما كانوا ينهضون إلا إلى غزو عام ، أو في سرية خاصة ، وسائر الأحياء حرب الإسلام وأهله ، والمنطوق إذا خرج مخرج الغالب أو على حادثة فلا مفهوم له ، كقوله ( ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا ) [ النور : 33 ] ، وكقوله : ( وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم ) الآية [ النساء : 23 ] .وقال الإمام أحمد : حدثنا ابن إدريس ، حدثنا ابن جريج ، عن ابن أبي عمار ، عن عبد الله بن بابيه ، عن يعلى بن أمية قال : سألت عمر بن الخطاب قلت : ( ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ) وقد أمن الله الناس ؟ فقال لي عمر : عجبت مما عجبت منه ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقال : " صدقة تصدق الله بها عليكم ، فاقبلوا صدقته " .وهكذا رواه مسلم وأهل السنن ، من حديث ابن جريج ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار ، به . وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . وقال علي بن المديني : هذا حديث صحيح من حديث عمر ، ولا يحفظ إلا من هذا الوجه ، ورجاله معروفون وقال أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا أبو نعيم ، حدثنا مالك بن مغول ، عن أبي حنظلة الحذاء قال : سألت ابن عمر عن صلاة السفر فقال : ركعتان . فقلت : أين قوله تعالى : ( إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ) ونحن آمنون ؟ فقال : سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .وقال ابن مردويه : حدثنا عبد الله بن محمد بن عيسى ، حدثنا علي بن محمد بن سعيد ، حدثنا منجاب ، حدثنا شريك ، عن قيس بن وهب ، عن أبي الوداك : سألت ابن عمر عن ركعتين في السفر ؟ فقال : هي رخصة ، نزلت من السماء ، فإن شئتم فردوها .وقال أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا ابن عون ، عن ابن سيرين ، عن ابن عباس قال : صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة ، ونحن آمنون ، لا نخاف بينهما ، ركعتين ركعتين .وكذا رواه النسائي ، عن محمد بن عبد الأعلى ، عن خالد الحذاء عن عبد الله بن عون ، به قال أبو عمر بن عبد البر : وهكذا رواه أيوب ، ، ويزيد بن إبراهيم التستري ، عن محمد بن سيرين ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثله .قلت : وهكذا رواه الترمذي والنسائي جميعا ، عن قتيبة ، عن هشيم ، عن منصور بن زاذان ، عن محمد بن سيرين ، عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة إلى مكة ، لا يخاف إلا رب العالمين ، فصلى ركعتين ، ثم قال الترمذي : صحيح .وقال البخاري : حدثنا أبو معمر ، حدثنا عبد الوارث ، حدثنا يحيى بن أبي إسحاق قال : سمعت أنسا يقول : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة ، فكان يصلي ركعتين ركعتين ، حتى رجعنا إلى المدينة . قلت : أقمتم بمكة شيئا ؟ قال : أقمنا بها عشرا .وهكذا أخرجه بقية الجماعة من طرق عن يحيى بن أبي إسحاق الحضرمي ، به .وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن حارثة بن وهب الخزاعي قال : صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر بمنى - أكثر ما كان الناس وآمنه - ركعتين .ورواه الجماعة سوى ابن ماجه من طرق ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عنه ، به ولفظ البخاري : حدثنا أبو الوليد ، حدثنا شعبة ، أنبأنا أبو إسحاق ، سمعت حارثة بن وهب قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم آمن ما كان بمنى ركعتين .وقال البخاري : حدثنا مسدد ، حدثنا يحيى ، حدثنا عبيد الله ، أخبرنا نافع ، عن عبد الله بن عمر قال : صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين ، وأبي بكر وعمر ، ومع عثمان صدرا من إمارته ، ثم أتمها .وكذا رواه مسلم من حديث يحيى بن سعيد القطان [ الأنصاري ] به .وقال البخاري : حدثنا قتيبة ، حدثنا عبد الواحد ، عن الأعمش ، حدثنا إبراهيم ، سمعت عبد الرحمن بن يزيد يقول : صلى بنا عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ، بمنى أربع ركعات ، فقيل في ذلك لعبد الله بن مسعود فاسترجع ، ثم قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين ، وصليت مع أبي بكر بمنى ركعتين ، وصليت مع عمر بن الخطاب بمنى ركعتين ، فليت حظي مع أربع ركعات ركعتان متقبلتان .ورواه البخاري أيضا من حديث الثوري ، عن الأعمش ، به . وأخرجه مسلم من طرق ، عنه . منها عن قتيبة كما تقدم .فهذه الأحاديث دالة صريحا على أن القصر ليس من شرطه وجود الخوف ; ولهذا قال من قال من العلماء : إن المراد من القصر هاهنا إنما هو قصر الكيفية لا الكمية . وهو قول مجاهد ، والضحاك ، والسدي كما سيأتي بيانه ، واعتضدوا أيضا بما رواه الإمام مالك ، عن صالح بن كيسان ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، أنها قالت : فرضت الصلاة ركعتين ركعتين في السفر والحضر ، فأقرت صلاة السفر ; وزيد في صلاة الحضر .وقد روى هذا الحديث البخاري عن عبد الله بن يوسف التنيسي ، ومسلم عن يحيى بن يحيى ، وأبو داود عن القعنبي ، والنسائي عن قتيبة ، أربعتهم عن مالك ، به .قالوا : فإذا كان أصل الصلاة في السفر هي الثنتين ، فكيف يكون المراد بالقصر هاهنا قصر الكمية ; لأن ما هو الأصل لا يقال فيه : ( فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ) ؟وأصرح من ذلك دلالة على هذا ، ما رواه الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان - وعبد الرحمن حدثنا سفيان - عن زبيد اليامي ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن عمر ، رضي الله عنه ، قال : صلاة السفر ركعتان ، وصلاة الأضحى ركعتان ، وصلاة الفطر ركعتان ، وصلاة الجمعة ركعتان ، تمام غير قصر ، على لسان محمد صلى الله عليه وسلم .وهكذا رواه النسائي وابن ماجه ، وابن حبان في صحيحه ، من طرق عن زبيد اليامي به .وهذا إسناد على شرط مسلم . وقد حكم مسلم في مقدمة كتابه بسماع ابن أبي ليلى ، عن عمر . وقد جاء مصرحا به في هذا الحديث وفي غيره ، وهو الصواب إن شاء الله . وإن كان يحيى بن معين ، وأبو حاتم ، والنسائي قد قالوا : إنه لم يسمع منه . وعلى هذا أيضا ، فقد وقع في بعض طرق أبي يعلى الموصلي ، من طريق الثوري ، عن زبيد ، عن عبد الرحمن [ بن أبي ليلى ] عن الثقة ، عن عمر فذكره ، وعند ابن ماجه من طريق يزيد بن أبي زياد بن أبي الجعد ، عن زبيد ، عن عبد الرحمن ، عن كعب بن عجرة ، عن عمر ، به . ، فالله أعلم .وقد روى مسلم في صحيحه ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه ، من حديث أبي عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري - زاد مسلم والنسائي : وأيوب بن عائد - كلاهما عن بكير بن الأخنس ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن عباس قال : فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعا ، وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة ، [ هكذا رواه وكيع وروح بن عبادة عن أسامة بن زيد الليثي : حدثني الحسن بن مسلم بن يساف عن طاوس عن ابن عباس قال : فرض الله ورسوله صلى الله عليه وسلم الصلاة في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين ] فكما يصلى في الحضر قبلها وبعدها ، فكذلك يصلى في السفر .ورواه ابن ماجه من حديث أسامة بن زيد ، عن طاوس نفسه .فهذا ثابت عن ابن عباس ، رضي الله عنهما ولا ينافي ما تقدم عن عائشة لأنها أخبرت أن أصل الصلاة ركعتان ، ولكن زيد في صلاة الحضر ، فلما استقر ذلك صح أن يقال : إن فرض صلاة الحضر أربع ، كما قاله ابن عباس ، والله أعلم . لكن اتفق حديث ابن عباس وعائشة على أن صلاة السفر ركعتان ، وأنها تامة غير مقصورة ، كما هو مصرح به في حديث عمر ، رضي الله عنه ، وإذا كان كذلك ، فيكون المراد بقوله تعالى : ( فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ) قصر الكيفية كما في صلاة الخوف ; ولهذا قال : ( إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا [ إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا ] ) .ولهذا قال بعدها : ( وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة [ فلتقم طائفة منهم معك ] ) الآية فبين المقصود من القصر هاهنا وذكر صفته وكيفيته ; ولهذا لما عقد البخاري" كتاب صلاة الخوف " صدره بقوله تعالى : ( وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ) إلى قوله : ( إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا )وهكذا قال جويبر ، عن الضحاك في قوله : ( فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ) قال : ذاك عند القتال ، يصلي الرجل الراكب تكبيرتين حيث كان وجهه .وقال أسباط ، عن السدي في قوله : ( وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم ) الآية : إن الصلاة إذا صليت ركعتين في السفر فهي تمام ، التقصير لا يحل ، إلا أن تخاف من الذين كفروا أن يفتنوك عن الصلاة ، فالتقصير ركعة .وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ) يوم كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بعسفان والمشركون بضجنان ، فتوافقوا ، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الظهر أربع ركعات ، بركوعهم وسجودهم وقيامهم معا جميعا ، فهم بهم المشركون أن يغيروا على أمتعتهم وأثقالهم .روى ذلك ابن أبي حاتم . ورواه ابن جرير ، عن مجاهد والسدي ، وعن جابر وابن عمر ، واختار ذلك أيضا ، فإنه قال بعد ما حكاه من الأقوال في ذلك : وهو الصواب . وقال ابن جرير : حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، حدثنا ابن أبي فديك ، حدثنا ابن أبي ذئب ، عن ابن شهاب ، عن أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد : أنه قال لعبد الله بن عمر : إنا نجد في كتاب الله قصر صلاة الخوف ، ولا نجد قصر صلاة المسافر ؟ فقال عبد الله : إنا وجدنا نبينا صلى الله عليه وسلم يعمل عملا عملنا به .فقد سمى صلاة الخوف مقصورة ، وحمل الآية عليها ، لا على قصر صلاة المسافر ، وأقره ابن عمر على ذلك ، واحتج على قصر الصلاة في السفر بفعل الشارع لا بنص القرآن .وأصرح من هذا ما رواه ابن جرير أيضا : حدثني أحمد بن الوليد القرشي ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن سماك الحنفي : سألت ابن عمر عن صلاة السفر ، فقال : ركعتان تمام غير قصر ، إنما القصر صلاة المخافة . فقلت : وما صلاة المخافة ؟ فقال : يصلي الإمام بطائفة ركعة ، ثم يجيء هؤلاء إلى مكان هؤلاء ، ويجيء هؤلاء إلى مكان هؤلاء ، فيصلي بهم ركعة ، فيكون للإمام ركعتان ، ولكل طائفة ركعة ركعة .

تفسير الطبري : معنى الآية 101 من سورة النساء


القول في تأويل قوله : وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (101)قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " وإذا ضربتم في الأرض "، وإذا سرتم أيها المؤمنون في الأرض، (86) =" فليس عليكم جناح "، يقول: فليس عليكم حرج ولا إثم (87) =" أن تقصروا من الصلاة "، يعني: أن تقصروا من عددها، فتصلوا ما كان لكم عدده منها في الحضر وأنتم مقيمون أربعًا، اثنتين، في قول بعضهم.
وقيل: معناه: لا جناح عليكم أن تقصروا من الصلاة إلى أقلِّ عددها في حال ضربكم في الأرض= أشار إلى واحدة، في قولِ آخرين.
وقال آخرون: معنى ذلك: لا جناح عليكم أن تقصروا من حدود الصلاة.
=" إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا "، يعني: إن خشيتم أن يفتنكم الذين كفروا في صلاتكم.
(88) وفتنتهم إياهم فيها: حملهم عليهم وهم فيها ساجدون حتى يقتلوهم أو يأسروهم، فيمنعوهم من إقامتها وأدائها، ويحولوا بينهم وبين عبادة الله وإخلاص التوحيد له.
(89)= ثم أخبرهم جل ثناؤه عما عليه أهل الكفر لهم فقال: " إن الكافرين كانوا لكم عدوًّا مبينًا "، يعني: الجاحدين وحدانية الله (90) =" كانوا لكم عدوَّا مبينًا "، يقول: عدوًّا قد أبانوا لكم عداوتهم بمناصبتهم لكم الحرب على إيمانكم بالله وبرسوله، وترككم عبادة ما يعبدون من الأوثان والأصنام، ومخالفتكم ما هم عليه من الضلالة.
واختلف أهل التأويل في معنى: " القصر " الذي وضع الله الجُناح فيه عن فاعله.
فقال بعضهم: في السفر، من الصلاة التي كان واجبًا إتمامها في الحضر أربعَ ركعات، (91) وأذِن في قصرها في السفر إلى اثنتين.
*ذكر من قال ذلك:10310- حدثني عبيد بن إسماعيل الهبَّاري قال، حدثنا عبد الله بن إدريس، عن ابن جريج، عن ابن أبي عمار، عن عبد الله بن بابيه، عن يعلى بن منية قال: قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: " فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم "، وقد أمن الناس! فقال: عجبتُ مما عجبتَ منه، حتى سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: صدقة تصدَّق الله بها عليكم، فاقبلوا صدَقته.
(92)10311- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس، عن ابن جريج، عن ابن أبي عمار، عن عبد الله بن بابيه، عن يعلى بن أمية، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
10312- حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال، حدثنا محمد بن أبي عدي، عن ابن جريج قال، سمعت عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار يحدث، عن عبد الله بن بابيه يحدِّث، عن يعلى بن أمية قال: قلت لعمر بن الخطاب: أعجبُ من قصر الناس الصلاة وقد أمنوا، وقد قال الله تبارك وتعالى: " أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا "! فقال عمر: عجبتُ مما عجبتَ منه، فذكرتُ ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: صدقة تصدَّق الله بها عليكم، فاقبلوا صَدقته.
(93)10313- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا هشام بن عبد الملك قال، حدثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن أبي العالية قال: سافرت إلى مكة، فكنت أصلّي ركعتين، فلقيني قُرَّاء من أهل هذه الناحية، فقالوا: كيف تصلي؟ قلت ركعتين.
قالوا: أسنة أو قرآن؟ قلت: كلٌّ، سنة وقرآن، (94) [فقد] صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين.
(95) قالوا: إنه كان في حرب! قلت: قال الله: لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ [سورة الفتح: 27]، وقال: " وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة "، فقرأ حتى بلغ: فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ .
(96)10314- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن هاشم قال، أخبرنا سيف، عن أبي روق، عن أبي أيوب، عن علي قال: سأل قومٌ من التجار رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، إنا نضرب في الأرض، فكيف نصلي؟ فأنزل الله: " وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة "، ثم انقطع الوحي.
فلما كان بعد ذلك بِحَوْلٍ، غزا النبي صلى الله عليه وسلم فصلى الظُّهر، فقال المشركون: لقد أمْكَنكم محمد وأصحابه من ظهورهم، هلا شددتم عليهم؟ فقال قائل منهم: إنّ لهم أخرى مثلها في إِثرها! فأنزل الله تبارك وتعالى بين الصلاتين: إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا * وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ إلى قوله: إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ، فنزلت صلاة الخوف.
(97)قال أبو جعفر: وهذا تأويل للآية حسن، لو لم يكن في الكلام " إذا "، و " إذا " تؤذن بانقطاع ما بعدها عن معنى ما قبلها.
(98) ولو لم يكن في الكلام " إذا "، كان معنى الكلام - على هذا التأويل الذي رواه سيف عن أبي روق: إن خفتم، أيها المؤمنون، أن يفتنكم الذين كفروا في صلاتكم، وكنت فيهم، يا محمد، فأقمت لهم الصلاة،" فلتقم طائفة منهم معك " الآية.
* * *وبعد، فإن ذلك فيما ذُكر في قراءة أبيّ بن كعب: (99) ( وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ) .
10315- حدثني بذلك الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا الثوري، عن واصل بن حيان، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن أبيّ بن كعب، أنه كان يقرأ: ( أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ) ، ولا يقرأ: " إن خفتم ".
(100)10316- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا بكر بن شرود عن الثوري، عن واصل الأحدب، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبيّ بن كعب أنه قرأ: ( أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ أَنْ يَفْتِنَكُم ) ، قال بكر: وهي في" الإمام " مصحف عثمان رحمة الله عليه: " إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا " .
(101)وهذه القراءة تنبئ على أن قوله: " إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا "، مواصلٌ قوله: " فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة " (102) =، وأن معنى الكلام: وإذا ضربتم في الأرض، فإن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا، فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة= وأن قوله: وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ ، قصة مبتدأة غير قصة هذه الآية.
وذلك أن تأويل قراءة أبيٍّ هذه التي ذكرناها عنه: وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة أن لا يفتنكم الذين كفروا، فحذفت " لا " لدلالة الكلام عليها، كما قال جل ثناؤه: يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا ، [سورة النساء: 176]، بمعنى: أن لا تضلوا.
ففيما وصفنا دلالة بينة على فساد التأويل الذي رواه سيف، عن أبي روق.
* * *وقال آخرون: بل هو القصر في السفر، غير أنه إنما أذن جل ثناؤه به للمسافر في حال خوفه من عدوٍّ يخشى أن يفتِنَه في صلاته.
*ذكر من قال ذلك:10317- حدثني أبو عاصم عمران بن محمد الأنصاري قال، حدثنا عبد الكبير بن عبد المجيد قال، حدثني محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قال: سمعت أبي يقول: سمعت عائشة تقول في السفر: أتموا صلاتكم.
فقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّي في السفر ركعتين؟ فقالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في حرب، وكان يخاف، هل تخافون أنتم؟ .
(103)10318- حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال، حدثنا ابن أبي فديك قال، حدثنا ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب، عن أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد: أنه قال لعبد الله بن عمر: إنا نجد في كتاب الله قصْرَ صلاة الخوف، (104) ولا نجد قصر صلاة المسافر؟ فقال عبد الله: إنا وجدنا نبينا صلى الله عليه وسلم يعمل عملا عملنا به.
(105)10319- حدثنا علي بن سهل الرملي قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه: أن عائشة كانت تصلي في السفر ركعتين.
10320- حدثنا سعيد بن يحيى قال، حدثني أبي قال، حدثنا ابن جريج قال: قلت لعطاء: أيُّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتم الصلاة في السفر؟ قال: عائشة وسعد بن أبي وقاص.
* * *وقال آخرون: بل عنى بهذه الآية قصر صلاة الخوف، في غير حال المُسَايفة.
قالوا: وفيها نزل.
*ذكر من قال ذلك:10321- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة "، قال: يوم كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بعُسْفان، والمشركون بضَجْنَان، فتواقفوا، (106) فصلّى النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الظهر ركعتين= أو: أربعًا، شك أبو عاصم= ركوعهم وسجودهم وقيامهم معًا جميعًا، فهمَّ بهم المشركون أن يغيروا على أمْتعتهم وأثقالهم، فأنزل الله عليه: " فلتقم طائفة منهم معك "، فصلَّى العصر، فصفَّ أصحابه صَفَّين، ثم كبَّر بهم جميعًا، ثم سجد الأولون سجدة، والآخرون قيام، ثم سجد الآخرون حين قام النبي صلى الله عليه وسلم، ثم كبر بهم وركعوا جميعًا، فتقدم الصف الآخر واستأخر الأوَّل، فتعاقبوا السجود كما فعلوا أول مرة، وقصَرَ العصرَ إلى ركعتين.
10322- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة "، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بعُسْفان والمشركون بضَجْنَان، فتواقفوا، (107) فصلى النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الظهر ركعتين، ركوعهم وسجودهم وقيامهم جميعًا، فهم بهم المشركون أن يغيروا على أمتعتهم وأثقالهم، فأنزل الله تبارك وتعالى: " فلتقم طائفة منهم معك "، فصلَّى بهم صلاة العصر، فصفّ أصحابه صفّين، ثم كبر بهم جميعًا، ثم سجد الأولون لسجوده، (108) والآخرون قيام لم يسجدوا، حتى قام النبي صلى الله عليه وسلم، ثم كبَّر بهم وركعوا جميعًا، فتقدم الصفُّ الآخر واستأخر الصف المقدم، فتعاقبوا السجود كما دخلوا أوّل مرة، وقصرت صلاة العصر إلى ركعتين.
10323- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، عن أبي عياش الزُّرقي قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعُسْفان، وعلى المشركين خالد بن الوليد.
قال: فصلَّينا الظهر، فقال المشركون: لقد كانوا على حالٍ، لو أردنا لأصبنا غِرَّة، لأصبنا غفلة.
(109) فأنزلت آية القَصر بين الظهر والعصر، فأخذ الناس السلاحَ وصفّوا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم مستقبلي القبلة والمشركون مُسْتَقْبَلهم، (110) فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبَّروا جميعًا، ثم ركع وركعوا جميعًا، ثم رفع رأسه فرفعوا جميعًا، ثم سجد وسجد الصفُّ الذي يليه، وقام الآخرون يحرسونهم.
فلما فرغ هؤلاء من سجودهم سجد هؤلاء، ثم نكصَ الصفّ الذي يليه وتقدم الآخرون، فقاموا في مقامهم، فركع رسول الله صلى الله عليه وسلم فركعوا جميعًا، ثم رفع رأسه فرفعوا جميعًا، ثم سجد وسجد الصف الذي يليه، وقام الآخرون يحرسونهم.
فلما فرغ هؤلاء من سجودهم سجد هؤلاء الآخرون، ثم استووْا معه، فقعدوا جميعًا، ثم سلم عليهم جميعًا، فصلاها بعُسْفان، وصلاها يوم بني سُلَيْم.
(111)10324- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عبيد الله بن موسى، عن شيبان النحوي، عن منصور، عن مجاهد، عن أبي عياش الزرقي= وعن إسرائيل، عن منصور، عن مجاهد، عن أبي عياش، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعُسفان، ثم ذكر نحوه.
(112)10325- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا معاذ بن هشام قال، حدثنا أبي، عن قتادة، عن سليمان اليشكري: أنه سأل جابر بن عبد الله عن إقصار الصلاة: أي يوم أنزل؟ أو: أيَّ يوم هو؟ فقال جابر: انطلقنا نتلقى عِير قريش آتية من الشأم، حتى إذا كنا بنخل، جاء رجلٌ من القوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد! قال: نعم.
قال: هل تخافني؟ قال: لا! قال: فمن يمنعك مني؟ قال: الله يمنعني منك! قال: فسلَّ السيف، ثم هَدَّده وأوعده، ثم نادى بالرَّحيل وأخْذِ السلاح، ثم نودي بالصلاة، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بطائفة من القوم وطائفة أخرى يحرسونهم، فصلى بالذين يلونه ركعتين، ثم تأخر الذين يلونه على أعقابهم فقاموا في مصَافِّ أصحابهم، ثم جاء الآخرون فصلى بهم ركعتين والآخرون يحرسونهم، ثم سلم.
فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم أربعُ ركعات، وللقوم ركعتين ركعتين، فيومئذ أنزل الله في إقصار الصلاة وأمر المؤمنين بأخْذِ السلاح.
(113)* * *وقال آخرون: بل عنى بها قصر صلاة الخوف في حال غير شدة الخوف، إلا أنه عنى به القصر في صلاة السفر لا في صلاة الإقامة.
(114) قالوا: وذلك أن صلاة السفر في غير حال الخوف ركعتان، تمامٌ غير قصرٍ، كما أن صلاة الإقامة أربعُ ركعات في حال الإقامة.
قالوا: فقصرت في السفر في حال الأمن غير الخوف عن صلاة المقيم، فجعلت على النصف، وهي تمامٌ في السفر.
ثم قصرت في حال الخوف في السفر عن صلاة الأمن فيه، فجعلت على النصف، ركعة.
*ذكر من قال ذلك:10326- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا "، إلى قوله: " عدوًّا مبينًا "، إن الصلاة إذا صليت ركعتين في السفر فهو تمام.
(115) والتقصير لا يحلّ، إلا أن تخاف من الذين كفروا أن يفتنوك عن الصلاة.
والتقصير ركعة: يقوم الإمام ويقوم جنده جندين، طائفة خلفه، وطائفة يوازون العدوّ، فيصلّي بمن معه ركعة، ويمشون إليهم على أدبارهم حتى يقوموا في مقام أصحابهم، وتلك المشية القَهْقرى.
ثم تأتي الطائفة الأخرى فتصلي مع الإمام ركعة أخرى، ثم يجلس الإمام فيسلم، فيقومون فيصلّون لأنفسهم ركعة، ثم يرجعون إلى صفهم، ويقوم الآخرون فيضيفون إلى ركعتهم ركعة.
والناس يقولون: لا بل هي ركعة واحدة، لا يصلي أحد منهم إلى ركعته شيئًا، تجزئه ركعة الإمام.
فيكون للإمام ركعتان، ولهم ركعة.
فذلك قول الله: وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ إلى قوله: وَخُذُوا حِذْرَكُمْ .
10327- حدثني أحمد بن الوليد القرشي قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن سماك الحنفي قال: سألت ابن عمر عن صلاة السفر فقال: ركعتان تمام غير قصر، إنما القصر صلاة المخافة.
فقلت: وما صلاة المخافة؟ قال: يصلي الإمام بطائفة ركعة، ثم يجيء هؤلاء مكان هؤلاء، ويجيء هؤلاء مكان هؤلاء، فيصلي بهم ركعة، فيكون للإمام ركعتان، ولكل طائفة ركعة ركعة.
(116)10328- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى قال، حدثنا سفيان، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير قال: كيف تكون قصرًا وهم يصلون ركعتين؟ إنما هي ركعة.
10329- حدثني سعيد بن عمرو السكوني قال، حدثنا بقية قال، حدثنا المسعودي قال، حدثني يزيد الفقير، عن جابر بن عبد الله قال: صلاة الخوف ركعة.
(117)10330- حدثني أحمد بن عبد الرحمن قال، حدثني عمي عبد الله بن وهب قال، أخبرني عمرو بن الحارث قال، حدثني بكر بن سوادة: أن زياد بن نافع حدثه عن كعب= وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قُطعت يده يوم اليَمامة=: أن صلاة الخوف لكل طائفة، ركعة وسجدتان.
(118)واعتل قائلو هذه المقالة من الآثار بما:-10331- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا يحيى بن سعيد قال، حدثنا سفيان قال، حدثني أشعث بن أبي الشعثاء، عن الأسود بن هلال، عن ثعلبة بن زَهدم اليربوعي قال: كنا مع سعيد بن العاص بطبرستان فقال: أيكم يحفظ صلاةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخوف؟ فقال حذيفة: أنا.
فأقامنا خلفه صفًّا، وصفًّا موازيَ العدو، (119) فصلى بالذين يلونه ركعة، ثم ذهب هؤلاء إلى مصافِّ أولئك، وجاء أولئك فصلى بهم ركعة.
(120)10332- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى وعبد الرحمن قالا حدثنا سفيان، عن الرُّكين بن الربيع، عن القاسم بن حسان قال: سألت زيد بن ثابت عنه فحدثني، بنحوه.
(121)10333- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن الأشعث، عن الأسود بن هلال، عن ثعلبة بن زهدم اليربوعي، عن حذيفة بنحوه.
(122)10334- حدثنا ابن بشار قال، حدثني يحيى قال، حدثنا سفيان قال، حدثني أبو بكر بن أبي الجهم، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بذي قَرَد، فصفّ الناس خلفه صفين، صفًّا خلفه، وصفًّا موازي العدو، فصلى بالذين خلفه ركعة، ثم انصرف هؤلاء إلى مكان هؤلاء، وجاء أولئك، فصلى بهم ركعة.
ولم يَقْضوا.
(123)10335- حدثنا تميم بن المنتصر قال، أخبرنا إسحاق الأزرق، عن شريك، عن أبي بكر بن صخير، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس مثله.
(124)10336- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا أبو عوانة، عن بكير بن الأخنس، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: فرض الله الصلاة على لسان نبيكم عليه السلام في الحضر أربعًا، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعةً.
10337- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا أبو عوانة، عن بكير بن الأخنس، عن مجاهد، عن ابن عباس مثله.
(125)10338- حدثنا نصر بن عبد الرحمن الأزديّ قال، حدثنا المحاربي، عن أيوب بن عائذ الطائي، عن بكير بن الأخنس، عن مجاهد، عن ابن عباس مثله.
(126)10339- حدثنا يعقوب بن ماهان قال: حدثنا القاسم بن مالك، عن أيوب بن عائذ الطائي، عن بكير بن الأخنس، عن مجاهد، عن ابن عباس مثله.
(127)10340- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن الحكم، عن يزيد الفقير، عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الخوف، فقام صفٌّ بين يديه وصف خلفه، فصلى بالذين خلفه ركعةً وسجدتين، ثم تقدم هؤلاء حتى قاموا مقام أصحابهم، وجاء أولئك حتى قاموا مقام هؤلاء، فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة وسجدتين، ثم سلم، فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم ركعتين، ولهم ركعة.
(128)10341- حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال، حدثني عمي عبد الله بن وهب قال، أخبرني عمرو بن الحارث: أن بكر بن سوادة حدثه، عن زياد بن نافع حدثه، عن أبي موسى: أن جابر بن عبد الله حدثهم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الخوف يوم محارب وثعلبة، لكل طائفة ركعة وسجدتين.
(129)10342- حدثني أحمد بن محمد الطوسي قال، حدثنا عبد الصمد قال، حدثنا سعيد بن عبيد الهنائي قال، حدثنا عبد الله بن شقيق قال، حدثنا أبو هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بين ضَجْنان وعُسْفان، فقال المشركون: إن لهؤلاء صلاة هي أحبَّ إليهم من أبنائهم وأبْكارهم، وهي العصر، فأجمعوا أمركم فميلوا عليهم ميلةً واحدة.
وإن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم وأمرَه أن يقسم أصحابه شَطْرين، فيصلي ببعضهم، وتقوم طائفة أخرى وراءهم فيأخذوا حِذْرهم وأسلحتهم، ثم يأمر الأخرى فيصلوا معه، ويأخذ هؤلاء حذرهم وأسلحتهم، فتكون لهم ركعة ركعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين.
(130)* * *وقال آخرون: عنى به القصر في السفر، إلا أنه عنى به القصر في شدَّة الحرب وعند المسايفة، فأبيح عند التحام الحرب للمصلي أن يركع ركعة إيماءً برأسه حيث توجَّه بوجهه.
قالوا: فذلك معنى قوله: " ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ".
*ذكر من قال ذلك:10343- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: " وإذا ضربتم في الأرض "، الآية، قصرُ الصلاة، إن لقيت العدوَّ وقد حانت الصلاة: أن تكبر الله، وتخفض رأسك إيماء، راكبًا كنت أو ماشيًا.
* * *قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال التي ذكرناها بتأويل الآية، قول من قال: عنى بالقصر فيها، القصرَ من حدودها.
وذلك ترك إتمام ركوعها وسجودها، وإباحة أدائها كيف أمكن أداؤها، مستقبلَ القبلة فيها ومستدبرَها، وراكبًا وماشيًا، وذلك في حال السَّلَّة والمسايفة والتحام الحرب وتزاحف الصفوف، (131) وهي الحالة التي قال الله تبارك وتعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا ، [سورة البقرة: 239]، وأذِن بالصلاة المكتوبة فيها راكبًا، إيماءً بالركوع والسجود، على نحو ما روي عن ابن عباس من تأويله ذلك.
وإنما قلنا ذلك أولى التأويلات بقوله: " وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا "، لدلالة قول الله تعالى: فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ على أن ذلك كذلك.
لأن إقامتها: إتمامُ حدودها من الركوع والسجود وسائر فروضها، دون الزيادة في عددها التي لم تكن واجبًة في حال الخوف.
فإن ظن ظان أن ذلك أمرٌ من الله بإتمام عددها الواجب عليه في حال الأمن بعد زوال الخوف، فقد يجب أن يكون المسافر في حال قصره صلاته عن صلاة المقيم، غيرَ مقيم صلاته، لنقص عدد صلاته من الأربع اللازمة كانت له في حال إقامته إلى الركعتين.
وذلك قولٌ إن قاله قائل، (132) مخالف لما عليه الأمة مجمعة: من أن المسافر لا يستحق أن يقال له= إذا أتى بصلاته بكمال حدودها المفروضة عليه فيها، وقصر عددها عن أربع إلى اثنتين=: " إنه غير مقيم صلاته " وإذا كان ذلك كذلك،.
وكان الله تعالى قد أمر الذي أباح له أن يقصر صلاته خوفًا من عدوه أن يفتنه، أن يقيم صلاتَه إذا اطمأن وزال الخوف، كان معلومًا أن الذي فرض عليه من إقامة ذلك في حال الطمأنينة، عين الذي كان أسقط عنه في حال الخوف.
وإذْ كان الذي فرض عليه في حال الطمأنينة: إقامة صلاته، فالذي أسقط عنه في غير حال الطمأنينة: ترك إقامتها.
وقد دللنا على أن ترك إقامتها، إنما هو ترك حدودها، على ما بيّنّا.
* * *---------------(86) انظر تفسير"الضرب في الأرض" فيما سلف 5 : 593 / 7 : 332.
(87) انظر تفسير"الجناح" فيما سلف 8 : 180 ، تعليق: 1 ، والمراجع هناك.
(88) انظر تفسير"الخوف" فيما سلف 8 : 298 ، 318 ، تعليق: 3 ، والمراجع هناك.
(89) انظر تفسير"الفتنة" فيما سلف 9 : 28 ، تعليق: 1 ، والمراجع هناك.
(90) في المطبوعة: "يعني: الجاحدون" بالرفع ، والذي أثبت من المخطوطة ، صواب محض ، وهو الذي جرى عليه أبو جعفر في مثله من التفسير(91) في المطبوعة: "تمامها" ، وأثبت ما في المخطوطة.
(92) الأثر: 10310 -"عبيد بن إسماعيل الهباري" ، وهو"عبيد الله بن إسماعيل الهباري" ، مضى برقم: 2890 ، 3185 ، 3325 ، 4888.
و"ابن إدريس" ، هو"عبد الله بن إدريس الأودي" ، مضى برقم: 438 ، 2030 ، 2890 ، وغيرها.
و"ابن أبي عمار" ، هو: عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار القرشي ، هو"القس" صاحب"سلامة" ، التي يقال لها"سلامة القس".
وهو ثقة.
و"عبد الله بن بابيه" ثقة.
(وهو بباء ، بعدها ألف ، بعدها باء مفتوحة ، بعدها ياء ساكنة).
ويقال"عبد الله بن باباه".
و"يعلى بن منية" ، هو"يعلى بن أمية المكي" ، و"منية" جدته ، نسب إليها.
صحابي ، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وكان في المطبوعة في هذا الأثر والذي يليه جميعًا"يعلى بن أمية" ، ولكن المخطوطة في هذا الأثر وحده ، كان فيها ما أثبته.
وهذا الأثر رواه الإمام أحمد في مسنده رقم: 174 ، 244 ، 245 ، ورواه مسلم في صحيحه 5 : 195 ، 196 بإسنادين.
والبيهقي في السنن 3 : 134 ، 140 ، 141 ، وأبو داود في سننه 2 : 4 ، رقم: 1199 ، ورواه ابن ماجه رقم: 1065 ، وخرجه ابن كثير في تفسيره 2 : 557 ، 558.
وسيأتي بإسنادين آخرين بعد ، وهو حديث صحيح.
وقال علي بن المديني: "هذا حديث حسن صحيح من حديث عمر ، ولا يحفظ إلا من هذا الوجه ، ورجاله معروفون".
(93) الأثران: 10311 ، 10312 - صحيحا الإسناد ، وهما مكرر الذي قبله.
(94) في المطبوعة: "كل ذلك سنة وقرآن" ، وأثبت ما في المخطوطة ، والدر المنثور ، وهو الصواب.
والزيادة من الناسخ أو الناشر.
(95) في المطبوعة والمخطوطة: "قلت صلى رسول الله .
.
.
" ، وقوله"قلت" ليست في الدر المنثور ، فاستظهرت قراءتها كما أثبتها بين القوسين.
(96) الأثر: 10212 - خرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 209 ، وقصر نسبته إلى ابن جرير وحده.
(97) الأثر: 10314 - هذا الأثر خرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 209 ، وابن كثير في تفسيره 2: 565 ، ولم ينسباه لغير ابن جرير.
وفي ابن كثير: "قال ابن جرير ، حدثني ابن المثنى ، حدثنا إسحاق.
.
.
" ، مخالفا ما في المطبوعة والمخطوطة فجعله"ابن المثنى" يعني"محمد بن المثنى" ، والطبري يروي عنهما جميعًا ، عن"المثنى بن إبراهيم" ، وعن"محمد بن المثنى" ، ولكني أرجح أن الصواب ما في المطبوعة ، لكثرة رواية المثنى عن إسحاق بن الحجاج الطاحوني ، كما سلف مئات من المرات.
وكان في المخطوطة والمطبوعة: "يوسف ، عن أبي روق" ، والصواب"سيف" كما في تفسير ابن كثير.
ومما سيأتي في كلام أبي جعفر.
وهو سيف بن عمر التميمي ، وهو متروك الحديث.
أما "عبد الله بن هاشم" ، فلم أجد له ترجمة ولا ذكرًا.
وقد قال ابن كثير بعد أن ساق هذا الأثر: "وهذا سياق غريب جدًا ، ولكن لبعضه شاهد من رواية أبي عياش الزرقي ، واسمه زيد بن الصامت" ، ثم ساق الأثر الآتي برقم: 10323 ، من رواية أحمد وأبي داود ، كما سيأتي.
ورد أبي جعفر الآتي بعد ، دال على تضعيفه هذا الحديث.
(98) يعني بذلك"إذا" في قوله تعالى: "وإذا كنت فيهم .
.
.
"(99) في المخطوطة: "وبعدد فإن" ، وهو من غريب سهو الناسخ في كتابته.
(100) الأثر: 10315 -"الحارث" هو"الحارث بن أبي أسامة" وهو"الحارث بن محمد بن أبي أسامة" سلف قريبًا برقم: 10295.
و"عبد العزيز" هو"عبد العزيز بن أبان الأموي" سلف برقم: 10295 .
و"واصل بن حيان الأحدب" مضى برقم: 10.
(101) الأثر: 10316 -"بكر بن شرود" مضى برقم: 8562.
(102) في المخطوطة: "وهي في الإمام مصحف عثمان رحمة الله عليه: "إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا" من أصل قوله: "فليس عليكم جناح" .
.
.
وأن معنى الكلام.
.
.
.
" ، وهي عبارة فاسدة مضطربة ، كأن ناسخًا غير ناسخنا ، أو كأن الناشر ، زاد أحدهما"وهذه القراءة.
.
" إلخ ، حتى اتصل الكلام واستقام ، فتركت ما في المطبوعة على حاله ، إلا أنه كتب"تنبئ على أن قوله" ، فجعلتها"تنبئ عن أن قوله.
.
.
".
وتصحيحه"من أصل" فجعلها"مواصل" هو الصواب إن شاء الله.
(103) الأثر: 10317 -"أبو عاصم عمران بن محمد الأنصاري" ، شيخ الطبري ، لم أجد له ترجمة.
و"عبد الكبير بن عبد المجيد ، أبو بكر الحنفي" مضى برقم: 6822.
وأما "محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق" فهو ثقة.
مترجم في التهذيب.
وكان في المطبوعة والمخطوطة والدر المنثور 2: 210 ، "عمر" مكان"محمد" ، وهو خطأ ، والناسخ كثيرًا ما يكتب"محمد""عمر" كما مر في مواضع كثيرة.
وأبوه: "عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق" ، المعروف بابن أبي عتيق.
روى عن عمة أبيه عائشة ، وروى عنه ابناه ، عبد الرحمن ومحمد (المذكور قبل).
وهذا الأثر لم أجده في شيء من دواوين السنة التي بين يدي ، وخرجه السيوطي في الدر المنثور ، ولم ينسبه لغير ابن جرير.
(104) في المطبوعة: "قصر الصلاة في الخوف" ، وفي المخطوطة: "قصر الصلاة الخوف" ، وصوابها من تفسير ابن كثير.
(105) الأثر: 10318 - خرجه ابن كثير في تفسيره 2 : 561 ، والدر المنثور 2: 210 ، ولم ينسباه لغير ابن جرير.
وأخرجه البيهقي في سننه 3 : 136 من طريق ابن وهب ، عن يونس ، عن ابن شهاب.
وقال البيهقي: "ورواه الليث ، عن ابن شهاب ، عن عبد الله بن أبي بكر ، وأسنده جماعة عن ابن شهاب فلم يقيموا إسناده".
(106) "تواقف الفريقان في القتال" ، كفا ساعة عن القتال.
وفي المطبوعة: "توافقوا" بتقديم الفاء على القاف ، وهو خطأ.
(107) "تواقف الفريقان في القتال" ، كفا ساعة عن القتال.
وفي المطبوعة: "توافقوا" بتقديم الفاء على القاف ، وهو خطأ.
(108) في المطبوعة: "بسجوده" بالباء وأثبت ما في المخطوطة ، وهو جيد.
(109) في المطبوعة: "كانوا على حال" ، أسقط "لقد" ، لأن ناسخ المخطوطة كتبها"لو كانوا.
.
.
" ، والصواب ما أثبت.
(110) في المطبوعة والمخطوطة"مستقبلهم" (وقراءتها بضم الميم وسكون السين وفتح الباء) ، يعني: أمامهم.
وكان المشركون يومئذ بينهم وبين القبلة.
(111) الأثر: 10323 ، 10324 - ساق أبو جعفر هذا الأثر من ثلاث طرق ، وسيأتي بإسناد آخر رقم: 10387 وهو حديث صحيح ، رواه أحمد في مسنده 4: 59 ، 60 من طريقين.
من طريق عبد الرازق ، عن الثوري عن منصور= ومن طريق غندر ، عن شعبة عن منصور.
ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده: 191 ، 192 من طريق ورقاء عن منصور.
ورواه النسائي في السنن 3: 176 ، 177 ، من طريق شعبة عن منصور= ومن طريق عبد العزيز بن عبد الصمد عن منصور.
ورواه أبو داود في سننه 2 : 16 رقم: 1236 ، من طريق جرير بن عبد الحميد عن منصور ، كإسناد أبي جعفر الأول.
ورواه الحاكم في المستدرك 1: 337 وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".
وقال الذهبي: على شرطهما.
ورواه البيهقي في السنن في موضعين 3 : 254 من طريق ورقاء عن منصور.
ثم 3: 256 ، من طريق جرير بن عبد الحميد عن منصور.
قال البيهقي: "وهذا إسناد صحيح ، وقد رواه قتيبة بن سعيد ، عن جرير ، فذكر فيه سماع مجاهد من أبي عياش زيد بن الصامت الزرقي".
وقال ابن كثير في تفسيره 2: 566 ، 567 : "هذا إسناد صحيح وله شواهد كثيرة".
(112) الأثر: 10323 ، 10324 - ساق أبو جعفر هذا الأثر من ثلاث طرق ، وسيأتي بإسناد آخر رقم: 10387 وهو حديث صحيح ، رواه أحمد في مسنده 4: 59 ، 60 من طريقين.
من طريق عبد الرازق ، عن الثوري عن منصور= ومن طريق غندر ، عن شعبة عن منصور.
ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده: 191 ، 192 من طريق ورقاء عن منصور.
ورواه النسائي في السنن 3: 176 ، 177 ، من طريق شعبة عن منصور= ومن طريق عبد العزيز بن عبد الصمد عن منصور.
ورواه أبو داود في سننه 2 : 16 رقم: 1236 ، من طريق جرير بن عبد الحميد عن منصور ، كإسناد أبي جعفر الأول.
ورواه الحاكم في المستدرك 1: 337 وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".
وقال الذهبي: على شرطهما.
ورواه البيهقي في السنن في موضعين 3 : 254 من طريق ورقاء عن منصور.
ثم 3: 256 ، من طريق جرير بن عبد الحميد عن منصور.
قال البيهقي: "وهذا إسناد صحيح ، وقد رواه قتيبة بن سعيد ، عن جرير ، فذكر فيه سماع مجاهد من أبي عياش زيد بن الصامت الزرقي".
وقال ابن كثير في تفسيره 2: 566 ، 567 : "هذا إسناد صحيح وله شواهد كثيرة".
(113) الأثر: 10325 -"سليمان اليشكري" هو: سليمان بن قيس اليشكري.
روى عن جابر ، وأبي سعيد الخدري.
وروى عنه قتادة ، وعمرو بن دينار ، وأبو بشر جعفر بن أبي وحشية.
قال البخاري: "يقال إنه مات في حياة جابر بن عبد الله ، ولم يسمع منه قتادة ، ولا أبو بشر ، ولا نعرف لأحد منهم سماعًا ، إلا أن يكون عمرو بن دينار ، سمع منه في حياة جابر".
وقال أبو حاتم: "جالس جابرًا فسمع منه وكتب عنه صحيفة ، فتوفى وبقيت الصحيفة عند امرأته.
فروى أبو الزبير وأبو سفيان والشعبي عن جابر ، وهم قد سمعوا من جابر ، وأكثره من الصحيفة ، وكذلك قتادة" ، مترجم في التهذيب ، والكبير للبخاري 2 / 2 / 32 ، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 136.
وهذا الخبر ، رواه أحمد في مسنده 3: 364 ، 390 ، من طريق أبي عوانة عن أبي بشر ، عن سليمان بن قيس ، بغير هذا اللفظ ، وبمعناه.
وأشار إلى خبر سليمان بن قيس ، أبو داود في سننه 2: 24 ، والبيهقي في السنن 3 : 259 ، ومعاني الآثار للطحاوي 1: 187 .
وقال ابن كثير في تفسيره 2 : 568 ، وذكر حديث أحمد في المسند ، وقال: "تفرد به من هذا الوجه".
(114) في المطبوعة: "القصر في صلاة السفر ، لا في صلاة الإقامة" وأثبت ما في المخطوطة.
(115) في المطبوعة: "فهي تمام" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو صواب أيضًا.
(116) الأثر: 10327 - رواه البيهقي في السنن 3 : 263 ، وخرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 210 ، وزاد نسبه إلى عبد بن حميد.
وأشار إليه أبو داود في السنن 2 : 23.
(117) الأثر: 10329-"يزيد الفقير" هو"يزيد بن صهيب" ، وهذا الأثر بهذا الإسناد ، مضى برقم: 5563.
(118) الأثر: 10330 -"أحمد بن عبد الرحمن بن وهب المصري" و"عبد الله بن وهب" ، مضيا ، برقم: 2747.
و"عمرو بن الحارث بن يعقوب الأنصاري" مضى برقم: 1387 ، 6889.
و"بكر بن سوادة بن ثمامة الجذامي المصري".
تابعي ثقة ، مترجم في التهذيب.
و"زيادة بن نافع التجيبي المصري" ، ذكره ابن حبان في الثقات.
مترجم في التهذيب.
و"كعب" الأقطع ، مترجم في الإصابة ، والكبير للبخاري 4 / 1 / 222 .
وهذا الأثر ساقه الحافظ ابن حجر في ترجمة"كعب الأقطع" ، وقال: "أظن في إسناده انقطاعًا ، فقد علقه البخاري من طريق زياد بن نافع ، عن أبي موسى الغافقي ، عن جابر بن عبد الله.
وقال البخاري في التاريخ ، كعب قطعت يده يوم اليمامة ، له صحبة.
روى عنه زياد بن نافع".
(119) في المطبوعة: "وصف موازي العدو" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو الموافق لما في روايات الحديث.
(120) الأثر: 10331 - وسيأتي بإسناد آخر رقم: 10333.
"أشعث بن أبي الشعثاء" هو: أشعث بن سليم بن أسود المحاربي ، من ثقات شيوخ الكوفيين ، مترجم في التهذيب.
و"الأسود بن هلال المحاربي" ، كان جاهليًا ، أدرك الإسلام.
روى عن معاذ بن جبل ، وعمر ، وابن مسعود.
مترجم في التهذيب.
و"ثعلبة بن زهدم الحنظلي" ، مختلف في صحبته ، روى عن حذيفة وأبي مسعود ، وعامة روايته عن الصحابة.
مترجم في التهذيب.
وهذا الأثر رواه أحمد في مسنده 5 : 385 ، 399 ، 404 ، وأبو داود في السنن 2 : 23 رقم: 1246 ، والنسائي في السنن 3 : 167 ، 168 والبيهقي ، في سننه 3 : 261 ، والحاكم في المستدرك 1 : 335 وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه" ، ووافقه الذهبي.
والطحاوي في معاني الآثار 1 : 183.
وخرجه السيوطي في الدر المنثور 2 : 212 ، وزاد نسبته لابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن حبان.
(121) الأثر: 10332 -"ركين بن الربيع بن عميلة الفزاري".
ثقة كوفي.
و"القاسم بن حسان العامري".
ذكره ابن حبان في الثقات ، قال الحافظ ابن حجر: في أتباع التابعين ، ومقتضاه أنه لم يسمع من زيد بن ثابت ، ثم وجدته قد ذكره (يعني ابن حبان) في التابعين أيضًا".
وقد ساق الخبر ، البيهقي في سننه 3 : 262 ، وفيه تصريح بسماعه عن زيد بن ثابت ، قال: "عن القاسم بن حسان قال: أتيت فلان بن وديعة فسألته عن صلاة الخوف فقال: إيت زيد بن ثابت فاسأله ، فأتيت زيدًا فسألته.
.
.
" وساق الخبر.
وانظر معاني الآثار للطحاوي 1 : 183.
(122) الأثر: 10333 - انظر التعليق على الأثر: 10331.
(123) الأثر: 10334 -"أبو بكر بن أبي الجهم" ، هو: "أبو بكر بن عبد الله بن أبي الجهم العدوي" نسب إلى جده.
كما في التهذيب ، وفي الكنى للبخاري : 13"أبو بكر ابن أبي الجهم بن صخير" ، وفي ابن أبي حاتم 4 / 2 / 338 : "أبو بكر بن عبد الله بن أبي الجهم بن صخير" ، وقال الحافظ ابن حجر في التهذيب: "واسم أبي الجهم ، صخير" ، كان فقيهًا ، ثقة ، قال ابن سعد: "كان قليل الحديث".
مترجم في التهذيب.
وانظر ما كتبه أخي السيد أحمد في شرح مسند أحمد.
و"عبيد الله بن عبد الله" هو ابن عتبة بن مسعود الهذلي ، تابعي ، كان عالمًا ثقة كثير الحديث والعلم ، تقيًا ، شاعرًا محسنًا ، وكان أحد فقهاء المدينة ، وهو معلم عمر بن عبد العزيز.
وهذا الأثر رواه أحمد في مسنده: 2063 ، 3364 ، وإسناده صحيح.
وانظر شرح أخي السيد أحمد هناك.
وانظر معاني الآثار للطحاوي 1 : 182.
(124) الأثر: 10335 -"أبو بكر بن صخير" ، هو"أبو بكر بن أبي الجهم" ، في الإسناد السابق ، وكان في المطبوعة والمخطوطة: "ابن صحير" بالحاء المهملة ، وهو خطأ.
(125) الأثران: 10336 ، 10337 -"أبو عوانة" هو: "الوضاح بن عبد الله اليشكري" ، مضى برقم: 4498.
و"بكير بن الأخنس" كوفي ثقةوهذا الأثر رواه أحمد في المسند رقم: 2124 ، 2293 ، وانظر شرح أخي السيد أحمد هناك.
ورواه مسلم أيضًا 5 : 196.
(126) الأثران: 10338 ، 10339 -"نصر بن عبد الرحمن الأزدي" سبق برقم: 423 ، 875 ، 2859 ، وقد بين أخي السيد أحمد أن صحة نسبته"الأزدي" لا"الأودي" بالواو.
وكان في المطبوعة هنا أيضًا"الأودي".
وهذا التكرار يوجب على أن أشك في أمر هذه النسبة ، وأخشى أن يكون دخل على أخي بعض اللبس فيها ، ولكني لم أستطع تحقيق هذا الموضع من المراجع التي هي تحت يدي الآن.
ومع ذلك فقد تابعته في تصحيح"الأودي" إلى"الأزدي".
و"المحاربي" هو"عبد الرحمن بن محمد المحاربي" مضى برقم: 221 ، 875.
و"أيوب بن عائذ بن مدلج الطائي" ثقة ، مترجم في الكبير 1 / 1 / 420.
وهذا الأثر بهذا الإسناد رواه أحمد في المسند رقم: 2177 من طريق القاسم بن مالك الآتي ، وهو إسناد صحيح ، انظر شرح أخي السيد أحمد هناك.
ورواه مسلم 5 : 197.
وأما الأثر: 10339 ، ففيه"يعقوب بن ماهان" وقد مضى برقم: 4901.
وأما "القاسم بن مالك المزني" ، من شيوخ أحمد ، ثقة.
مترجم في التهذيب.
(127) الأثران: 10338 ، 10339 -"نصر بن عبد الرحمن الأزدي" سبق برقم: 423 ، 875 ، 2859 ، وقد بين أخي السيد أحمد أن صحة نسبته"الأزدي" لا"الأودي" بالواو.
وكان في المطبوعة هنا أيضًا"الأودي".
وهذا التكرار يوجب على أن أشك في أمر هذه النسبة ، وأخشى أن يكون دخل على أخي بعض اللبس فيها ، ولكني لم أستطع تحقيق هذا الموضع من المراجع التي هي تحت يدي الآن.
ومع ذلك فقد تابعته في تصحيح"الأودي" إلى"الأزدي".
و"المحاربي" هو"عبد الرحمن بن محمد المحاربي" مضى برقم: 221 ، 875.
و"أيوب بن عائذ بن مدلج الطائي" ثقة ، مترجم في الكبير 1 / 1 / 420.
وهذا الأثر بهذا الإسناد رواه أحمد في المسند رقم: 2177 من طريق القاسم بن مالك الآتي ، وهو إسناد صحيح ، انظر شرح أخي السيد أحمد هناك.
ورواه مسلم 5 : 197.
وأما الأثر: 10339 ، ففيه"يعقوب بن ماهان" وقد مضى برقم: 4901.
وأما "القاسم بن مالك المزني" ، من شيوخ أحمد ، ثقة.
مترجم في التهذيب.
(128) الأثر: 10340 -"يزيد الفقير" ، هو: يزيد بن صهيب ، مضى برقم: 10329 .
وهذا الأثر ، رواه النسائي في السنن 3 : 174 ، ورواه النسائي أيضًا من طريق المسعودي ، عن يزيد الفقير 3 : 175 ، والبيهقي في السنن 3 : 263 ، وانظر كلام البيهقي فيه ، وقد أشار إلى طريق الحكم بن عتيبة ، عن يزيد الفقير.
وتفسير ابن كثير 2: 569.
(129) الأثر: 10341 -"أبو موسى" هو: "علي بن رباح" ، قال الحافظ ابن حجر في الفتح 7 : 324 ، و"هو تابعي معروف أخرج له مسلم" ، وقال أيضًا إن أبا موسى في هذا الأثر: "يقال هو الغافقي: مالك بن عبادة ، وهو صحابي معروف أيضًا".
وقد مضى ذكر"علي بن رباح" رقم: 4747.
وهذا الأثر رواه البخاري (الفتح 7 : 324).
(130) الأثر: 10342 -"سعيد بن عبيد الهنائي" ، قال أبو حاتم: "شيخ" ، وذكره ابن حبان في الثقات.
مترجم في التهذيب.
و"عبد الله بن شقيق العقيلي" مضى برقم: 196 - 199.
وهذا الأثر رواه النسائي في السنن 3 : 174 ، والترمذي في السنن ، في كتاب التفسير.
وخرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 211 ، واقتصر على نسبته لابن جرير والترمذي.
وقال الترمذي: "هذا حديث صحيح غريب من حديث عبد الله بن شقيق ، عن أبي هريرة".
(131) في المطبوعة: "في حال الشبكة والمسايفة" ، وهو خطأ فارغ ، صوابه من المخطوطة ، ولم يحسن قراءتها.
و"السلة" : استلال السيوف ، يقال: "أتيناهم عند السلة" ، أي عند استلال السيوف في المعركة ، إذا تدانى أهل القتال.
(132) في المطبوعة: "فذلك قول" والصواب من المخطوطة.

وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا

سورة : النساء - الأية : ( 101 )  - الجزء : ( 5 )  -  الصفحة: ( 94 ) - عدد الأيات : ( 176 )

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: فنظر نظرة في النجوم
  2. تفسير: قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون
  3. تفسير: قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم
  4. تفسير: وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة
  5. تفسير: فالفارقات فرقا
  6. تفسير: ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله
  7. تفسير: قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض
  8. تفسير: فأوجس في نفسه خيفة موسى
  9. تفسير: ياأيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن
  10. تفسير: إذ نسويكم برب العالمين

تحميل سورة النساء mp3 :

سورة النساء mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة النساء

سورة النساء بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة النساء بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة النساء بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة النساء بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة النساء بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة النساء بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة النساء بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة النساء بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة النساء بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة النساء بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب