تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن ..

  1. تفسير السعدي
  2. تفسير البغوي
  3. التفسير الوسيط
  4. تفسير ابن كثير
  5. تفسير الطبري
الفسير الوسيط | التفسير الوسيط للقرآن الكريم للطنطاوي | تأليف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (المتوفى: 1431هـ) : ويعتبر هذا التفسير من التفاسير الحديثة و القيمة لطلاب العلم و الباحثين في تفسير القرآن العظيم بأسلوب منهجي سهل و عبارة مفهومة, تفسير الآية 194 من سورة البقرة - التفسير الوسيط .
  
   

﴿ الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ ۚ فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾
[ سورة البقرة: 194]

معنى و تفسير الآية 194 من سورة البقرة : الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن .


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تفسير السعدي : الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن


يقول تعالى: { الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ } يحتمل أن يكون المراد به ما وقع من صد المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عام الحديبية, عن الدخول لمكة, وقاضوهم على دخولها من قابل, وكان الصد والقضاء في شهر حرام, وهو ذو القعدة, فيكون هذا بهذا، فيكون فيه, تطييب لقلوب الصحابة, بتمام نسكهم, وكماله.
ويحتمل أن يكون المعنى: إنكم إن قاتلتموهم في الشهر الحرام فقد قاتلوكم فيه, وهم المعتدون, فليس عليكم في ذلك حرج، وعلى هذا فيكون قوله: { وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ } من باب عطف العام على الخاص،- أي: كل شيء يحترم من شهر حرام, أو بلد حرام, أو إحرام, أو ما هو أعم من ذلك, جميع ما أمر الشرع باحترامه, فمن تجرأ عليها فإنه يقتص منه، فمن قاتل في الشهر الحرام, قوتل، ومن هتك البلد الحرام, أخذ منه الحد, ولم يكن له حرمة، ومن قتل مكافئا له قتل به, ومن جرحه أو قطع عضوا, منه, اقتص منه، ومن أخذ مال غيره المحترم, أخذ منه بدله، ولكن هل لصاحب الحق أن يأخذ من ماله بقدر حقه أم لا؟ خلاف بين العلماء, الراجح من ذلك, أنه إن كان سبب الحق ظاهرا كالضيف, إذا لم يقره غيره, والزوجة, والقريب إذا امتنع من تجب عليه النفقة [من الإنفاق عليه] فإنه يجوز أخذه من ماله.
وإن كان السبب خفيا, كمن جحد دين غيره, أو خانه في وديعة, أو سرق منه ونحو ذلك, فإنه لا يجوز له أن يأخذ من ماله مقابلة له, جمعا بين الأدلة, ولهذا قال تعالى, تأكيدا وتقوية لما تقدم: { فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ } هذا تفسير لصفة المقاصة, وأنها هي المماثلة في مقابلة المعتدي.
ولما كانت النفوس - في الغالب - لا تقف على حدها إذا رخص لها في المعاقبة لطلبها التشفي, أمر تعالى بلزوم تقواه, التي هي الوقوف عند حدوده, وعدم تجاوزها, وأخبر تعالى أنه { مَعَ الْمُتَّقِينَ }- أي: بالعون, والنصر, والتأييد, والتوفيق.
ومن كان الله معه, حصل له السعادة الأبدية، ومن لم يلزم التقوى تخلى عنه وليه, وخذله, فوكله إلى نفسه فصار هلاكه أقرب إليه من حبل الوريد.

تفسير البغوي : مضمون الآية 194 من سورة البقرة


قوله تعالى : ( الشهر الحرام بالشهر الحرام ) نزلت في عمرة القضاء وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج معتمرا في ذي القعدة فصده المشركون عن البيت بالحديبية فصالح أهل مكة على أن ينصرف عامه ذلك ويرجع العام القابل فيقضي عمرته فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عامه ذلك ورجع في العام القابل في ذي القعدة وقضى عمرته سنة سبع من الهجرة فذلك معنى قوله تعالى ( الشهر الحرام ) يعني ذا القعدة الذي دخلتم فيه مكة وقضيتم فيه عمرتكم سنة سبع ( بالشهر الحرام ) يعني ذا القعدة الذي صددتم فيه عن البيت سنة ست ( والحرمات قصاص ) جمع حرمة وإنما جمعها لأنه أراد حرمة الشهر الحرام والبلد الحرام وحرمة الإحرام والقصاص المساواة ، والمماثلة وهو أن يفعل بالفاعل مثل ما فعل وقيل هذا في أمر القتال معناه إن بدءوكم بالقتال في الشهر الحرام فقاتلوهم فيه فإنه قصاص بما فعلوا فيه ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه ) وقاتلوهم ( بمثل ما اعتدي عليكم ) سمي الجزاء باسم الابتداء على ازدواج الكلام كقوله تعالى " وجزاء سيئة سيئة مثلها " ( 40 - الشورى) ( واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين ) .

التفسير الوسيط : الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن


وقوله-تبارك وتعالى-: الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ بيان للحكمة في إباحة القتال في الأشهر الحرم، وإيذان بأن مراعاة حرمة الشهر الحرام إنما هي واجبة في حق من يصون حرمته، أما من هتكها فقد صار بسبب انتهاكه لحرمة الشهر الحرام محلا للقصاص والمعاقبة في الشهر وفي غيره.
وسمى الشهر الحرام لأنه يحرم فيه ما يحل في غيره من القتال ونحوه، والتعريف فيه- على الراجح - للجنس فهو يشمل الأشهر الحرم جميعها وهي أربعة: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب.
قال-تبارك وتعالى-: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ، فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ .
قال القرطبي: نزلت في عمرة القضاء، وذلك أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خرج معتمرا حتى بلغ الحديبية في ذي القعدة سنة ست، فصده المشركون كفار قريش عن البيت فانصرف ووعده- سبحانه - أنه سيدخله فدخله في ذي القعدة سنة سبع وقضى نسكه ونزلت هذه الآية والمعنى: هذا الشهر الحرام الذي تؤدون فيه عمرة القضاء، بذلك الشهر الحرام الذي صدكم المشركون فيه عن دخول المسجد الحرام، فإذا بدءوا بانتهاك حرمته بقتالكم فيه، فلا تبالوا أن تقاتلوهم فيه دفاعا عن أنفسكم، إذ هم البادئون بهتك حرمته.
وقوله: وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ متضمن لإقامة الحجة على الحكم السابق والحرمات: جمع حرمة، وهي ما يحفظ ويرعى ولا ينتهك.
والقصاص: المساواة.
أى، وكل حرمة يجرى فيها القصاص.
فمن هتك أية حرمة اقتص منه بأن تهتك له حرمة.
والمراد: أن المشركين إذا أقدموا على مقاتلتكم- أيها المؤمنون- في الحرم أو في الشهر الحرام، فقاتلوهم أنتم أيضا على سبيل القصاص والمجازاة بالمثل، حتى لا يتخذوا الأشهر الحرم ذريعة للغدر والإضرار بكم.
ثم أكد- سبحانه - هذا المعنى بقوله: فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ.
أى: فمن اعتدى عليكم وظلمكم فجازوه باعتدائه وقابلوه بمثل ما اعتدى عليكم بدون حيف أو تجاوز للحد الذي أباحه الله لكم.
وسمى جزاء الاعتداء اعتداء على سبيل المشاكلة.
قال الآلوسى: واستدل الشافعى بالآية على أن القاتل يقتل بمثل ما قتل به من محدد أو خنق أو حرق أو تجويع أو تغريق.
حتى لو ألقاه في ماء عذب لم يلق في ماء ملح.
واستدل بها أيضا على أن من غصب شيئا وأتلفه لزمه رد مثله، ثم إن المثل قد يكون من طريق الصورة- كما في ذوات الأمثال- وقد يكون من طريق المعنى كالقيم فيما لا مثل له .
ثم ختم- سبحانه - الآية الكريمة بالأمر بالتقوى والخشية منه فقال: وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ.
أى: اتقوا الله وراقبوه في الانتصار لأنفسكم، وترك الاعتداء فيما لم يرخص لكم فيه، واعلموا أن الله مع الذين يمتثلون أمره ويجتنبون نهيه بالنصر والرعاية والتأييد.

تفسير ابن كثير : شرح الآية 194 من سورة البقرة


قال عكرمة ، عن ابن عباس ، والضحاك ، والسدي ، ومقسم ، والربيع بن أنس ، وعطاء وغيرهم : لما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم معتمرا في سنة ست من الهجرة ، وحبسه المشركون عن الدخول والوصول إلى البيت ، وصدوه بمن معه من المسلمين في ذي القعدة ، وهو شهر حرام ، حتى قاضاهم على الدخول من قابل ، فدخلها في السنة الآتية ، هو ومن كان [ معه ] من المسلمين ، وأقصه الله منهم ، فنزلت في ذلك هذه الآية : { الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص }
وقال الإمام أحمد : حدثنا إسحاق بن عيسى ، حدثنا ليث بن سعد ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله ، قال : لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو في الشهر الحرام إلا أن يغزى ويغزوا فإذا حضره أقام حتى ينسلخ .
هذا إسناد صحيح ; ولهذا لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم وهو مخيم بالحديبية أن عثمان قد قتل وكان قد بعثه في رسالة إلى المشركين بايع أصحابه ، وكانوا ألفا وأربعمائة تحت الشجرة على قتال المشركين ، فلما بلغه أن عثمان لم يقتل كف عن ذلك ، وجنح إلى المسالمة والمصالحة ، فكان ما كان .
وكذلك لما فرغ من قتال هوازن يوم حنين وتحصن فلهم بالطائف ، عدل إليها ، فحاصرها ودخل ذو القعدة وهو محاصرها بالمنجنيق ، واستمر عليها إلى كمال أربعين يوما ، كما ثبت في الصحيحين عن أنس . فلما كثر القتل في أصحابه انصرف عنها ولم تفتح ، ثم كر راجعا إلى مكة واعتمر من الجعرانة ، حيث قسم غنائم حنين . وكانت عمرته هذه في ذي القعدة أيضا عام ثمان ، صلوات الله وسلامه عليه .
وقوله : { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } أمر بالعدل حتى في المشركين : كما قال : { وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به } [ النحل : 126 ] . وقال : { وجزاء سيئة سيئة مثلها } [ الشورى : 40 ] .
وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أن قوله : { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } نزلت بمكة حيث لا شوكة ولا جهاد ، ثم نسخ بآية الجهاد بالمدينة . وقد رد هذا القول ابن جرير ، وقال : بل [ هذه ] الآية مدنية بعد عمرة القضية ، وعزا ذلك إلى مجاهد ، رحمه الله .
وقد أطلق هاهنا الاعتداء على الاقتصاص ، من باب المقابلة ، كما قال عمرو بن أم كلثوم :
ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا
وقال ابن دريد :
لي استواء إن موالي استوا لي التواء إن معادي التوا
وقال غيره :
ولي فرس للحلم بالحلم ملجم ولي فرس للجهل بالجهل مسرج
ومن رام تقويمي فإني مقوم ومن رام تعويجي فإني معوج
وقوله : { واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين } أمر لهم بطاعة الله وتقواه ، وإخبار بأنه تعالى مع الذين اتقوا بالنصر والتأييد في الدنيا والآخرة .

تفسير الطبري : معنى الآية 194 من سورة البقرة


القول في تأويل قوله تعالى : الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌقال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: " الشهر الحرام بالشهر الحرام " ذا القعدة، وهو الشهر الذي كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم اعتمر فيه عُمرة الحديبية، فصدّه مشركو أهل مكة عن البيت ودخول مكة، سنة ست من هجرته، وصالح رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين في تلك السنة، على أن يعود من العام المقبل، فيدخل مكة ويقيم ثلاثا، فلما كان العامُ المقبل، وذلك سنة سبع من هجرته، خرج معتمرا وأصحابه في ذي القَعدة - وهو الشهر الذي كان المشركون صدُّوه عن البيت فيه في سنة ست- وأخلى له أهل مكة البلد حتى دخلها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقضى حاجته منها، وأتم عمرته، وأقام بها ثلاثا، ثم خرج منها منصرفا إلى المدينة، فقال الله جل ثناؤه لنبيه صلى الله عليه وسلم وللمسلمين مَعه " الشهرُ الحرام " = يعني ذا القَعدة، الذي أوصَلكم الله فيه إلى حَرَمه وبيته، على كراهة مشركي قُريش ذلك، حتى قضيتم منه وَطَركم =" بالشهر الحرام "، الذي صدكم مشركو قريش العامَ الماضيَ قَبله فيه حتى انصرفتم عن كره منكم عن الحرم، فلم تدخلوه، ولم تصلوا إلى بيت الله، فأقصَّكم الله أيها المؤمنون من المشركين بإدخالكم الحرم في الشهر الحرام على كره منهم لذلك، بما كان منهم إليكم في الشهر الحرام من الصدّ والمنْع من الوصول إلى البيت.
كما:3130 - حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع قال، حدثنا يوسف - يعني: ابن خالد السَّمْتيّ - قال، حدثنا نافع بن مالك، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: " والحرمات قصاص " قال: هم المشركون، حبسوا محمدا صلى الله عليه وسلم في ذي القَعدة، فَرَجَعه الله في ذي القَعدة فأدخله البيتَ الحرام، فاقتص له منهم ( 9 ) .
3131 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله جل ثناؤه: " الشهرُ الحرامُ بالشهر الحرام والحُرماتُ قِصَاص " قال: فخرت قريش بردِّها رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يوم الحُديبية محرِما في ذي القَعدة عن البلد الحرام، فأدخله الله مكة في العام المقبل من ذي القَعدة، فقضى عُمرته، وأقصَّه بما حيل بينه وبينها يوم الحديبية.
3132- حدثني المثنى قال، حدثني أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
3133 - حدثنا بشر بن معاذ، قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " الشهرُ الحرامُ بالشهر الحرام والحُرمات قِصَاص " أقبل نبيّ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فاعتمروا في ذي القَعدة ومعهم الهدي، حتى إذا كانوا بالحديبية صدّهم المشركون، فصالحهم نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم على أن يرجع من عامه ذلك، حتى يرجع من العام المقبل فيكون بمكة ثلاثة أيام ولا يدخلها إلا بسلاح راكب ويخرج، ولا يخرج بأحد من أهل مكة، فنحروا الهدْي بالحديبية، وحلَّقوا وَقصَّروا.
حتى إذا كان من العام المقبل، أقبل نبيُّ الله وأصحابه حتى دخلوا مكة، فاعتمروا في ذي القَعدة، فأقاموا بها ثلاث ليال، فكان المشركون قد فخروا عليه حين ردُّوه يوم الحديبية، فأقصَّه الله منهم، فأدخله مكة في ذلك الشهر الذي كانوا ردُّوه فيه في ذي القَعدة، فقال الله: " الشهرُ الحرامُ بالشهر الحرام والحُرمات قصَاص ".
3134 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، وعن عثمان، عن مقسم في قوله: " الشهرُ الحرام بالشهر الحرام والحُرمات قصَاص " قالا كان هذا في سَفر الحديبية، صدَّ المشركون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن البيت في الشهر الحرام، فقاضوا المشركين يومئذ قضيّة: ( 10 ) أنّ لكم أن تعتمروا في العام المقبل - في هذا الشهر الذي صدُّوهم فيه، فجعل الله تعالى ذكره لهم شهرًا حرامًا يعتمرون فيه، مكانَ شهرهم الذي صُدُّوا، فلذلك قال: " والحُرمات قصَاص ".
3135 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " الشهرُ الحرام بالشهر الحرام والحرمات قِصَاص " قال: لما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عُمرة الحديبية في ذي القعدة سنة ستٍّ من مُهاجَره، صدَّه المشركون وأبوا أن يتركوه، ثم إنهم صالحوه في صُلحهم على أن يُخْلوا له مكة من عام قابل ثلاثةَ أيام، يخرجون ويتركونه فيها، فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فتح خَيْبر من السنة السابعة، فخَلَّوْا له مكة ثلاثة أيام، فنكح في عُمرته تلك مَيمونة بنت الحارث الهلالية.
3136 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير عن جويبر، عن الضحاك في قوله: " الشهرُ الحرَام بالشهر الحرام والحرماتُ قِصاص "، أحصَرُوا النبي صلى الله عليه وسلم في ذي القَعدة عن البيت الحرام ( 11 ) فأدخله الله البيت الحرامَ العامَ المقبلَ، واقتصَّ له منهم، فقال: " الشهرُ الحرامُ بالشهر الحرام والحُرمات قصاص ".
3137 - حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، قال: أقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فأحرَموا بالعمرة في ذي القَعدة ومعهم الهدْي، حتى إذا كانوا بالحديبية صدهم المشركون، فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرجع ذلك العامَ حتى يرجع العامَ المقبل، فيقيم بمكة ثلاثة أيام ولا يخرج معه بأحد من أهل مكة.
فنحروا الهديَ بالحديبية وحلَّقوا وقصَّروا.
حتى إذا كانوا من العام المقبل، أقبل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى دخلوا مكة، فاعتمروا في ذي القَعدة، وأقاموا بها ثلاثة أيام، وكان المشركون قد فخروا عليه حين ردُّوه يوم الحديبية، فقاصَّ الله له منهم، وأدخله مكة في ذلك الشهر الذي كانوا ردُّوه فيه في ذي القعدة.
قال الله جل ثناؤه: " الشهرُ الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص ".
3138- حدثني محمد بن سعد، قال، حدثني أبي، قال، حدثني عمي، قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " والحُرمات قصاص " فهم المشركون، كانوا حبسوا محمدا صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة عن البيت، ففخروا عليه بذلك، فرجعه الله في ذي القعدة، فأدخله الله البيت الحرام واقتصَّ له منهم.
3139 - حدثني يونس، قال، أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قوله: " الشهرُ الحرامُ بالشهر الحرام " حتى فرغ من الآية، قال: هذا كله قد نُسخ، أمرَه أن يجاهد المشركين.
وقرأ: وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً [ سورة التوبة: 36 ] وقرأ: قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ [ سورة التوبة: 123 ] العرب، فلما فرغ منهم، قال الله جل ثناؤه: قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ حتى بلغ قوله: وَهُمْ صَاغِرُونَ [ سورة التوبة: 29 ] قال: وهم الروم.
قال: فوَجَّه إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3140 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال، حدثنا أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس في هذه الآية: " الشهرُ الحرامُ بالشهر الحرام والحرماتُ قصاص " قال: أمركم الله بالقصاص، [ ويأخذ ] منكم العدوان ( 12 ) .
3141 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج، قال، قلت لعطاء، وسألته عن قوله: " الشهر الحرام بالشهر الحرام والحُرمات قصاص " قال: نزلت في الحديبية، مُنعوا في الشهر الحرام، فنزلت: " الشهر الحرام بالشهر الحرام ": عمرة في شهر حرام، بعمرة في شهر حرام.
* * *قال أبو جعفر: وإنما سمى الله جل ثناؤه ذا القَعدة " الشهرَ الحرام "، لأن العرب في الجاهلية كانت تحرِّم فيه القتال والقتل، وتضع فيه السلاح، ولا يقتل فيه أحدٌ أحدًا، ولو لقي الرجل قاتل أبيه أو ابنه.
وإنما كانوا سموه " ذا القَعدة " لقعودهم فيه عن المغازي والحروب، فسماه الله بالاسم الذي كانت العرب تُسمِّيه به.
* * *وأما " الحرمات " فإنها جمع " حُرْمة "،" كالظلمات " جمع " ظلمة "،" والحجرات " جمع " حُجرة ".
وإنما قال جل ثناؤه: " والحرمات قصاص " فجمع، لأنه أراد: الشهرَ الحرام، والبلد الحرام وحُرمة الإحرام.
* * *فقال جل ثناؤه لنبيه محمد والمؤمنين معه: دخولكم الحرَم، بإحرامكم هذا، في شهركم هذا الحرام، قصاصُ مما مُنعتم من مثله عامَكم الماضي، وذلك هو " الحرمات " التي جعلها الله قصَاصًا.
* * *وقد بينا أن " القصاص " هو المجازاة من جهة الفعل أو القول أو البَدن ، وهو في هذا الموضع من جهة الفعل ( 13 ) .
* * *القول في تأويل قوله تعالى : فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْقال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل فيما نزل فيه قوله: " فمن اعتدَى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ".
فقال بعضهم بما:3142- حدثني به المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح، قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " فهذا ونحوه نزل بمكة والمسلمون يومئذ قليل، وليس لهم سلطانٌ يقهرُ المشركين، وكان المشركون يتعاطونهم بالشتم والأذى، فأمر الله المسلمين، مَنْ يجازي منهم أن يجازِيَ بمثل ما أُتي إليه أو يصبر أو يعفوَ فَهو.
أمثل فلما هاجر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وأعزّ الله سلطانه أمرَ المسلمين أن ينتهوا في مظالمهم إلى سُلطانهم، وأن لا يعدوَ بعضهم على بعض كأهل الجاهلية.
* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: فمن قاتلكم أيها المؤمنون من المشركين، فقاتلوهم كما قاتلوكم.
وقالوا: أنزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وبعد عُمرة القضيَّة.
* ذكر من قال ذلك:3143 - حدثني القاسم قال، حدثنا الحسين، قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال مجاهد: " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " فقاتلوهم فيه كما قاتلوكم.
* * *قال أبو جعفر: وأشبه التأويلين بما دلّ عليه ظاهر الآية، الذي حُكي عن مجاهد، لأن الآيات قبلها إنما هي أمرٌ من الله للمؤمنين بجهاد عدوهم على صفة، وذلك قوله: وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ والآيات بعدها، وقوله: " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه " إنما هو في سياق الآيات التي فيها الأمرُ بالقتال والجهاد، واللهُ جل ثناؤه إنما فرض القتال على المؤمنين بعد الهجرة.
فمعلوم بذلك أن قوله: " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " مدنيّ لا مكيّ، إذ كان فرضُ قتال المشركين لم يكن وَجَب على المؤمنين بمكة، وأنّ قوله: " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " نظيرُ قوله: وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وأن معناه: فمن اعتدى عليكم في الحَرم فقاتَلكم فاعتدوا عليه بالقتال نحو اعتدائه عليكم بقتاله إياكم، لأني قد جعلتُ الحُرمات قصاصًا، فمن استحلّ منكم أيها المؤمنون من المشركين حُرْمةً في حَرَمي، فاستحلوا منه مثله فيه.
وهذه الآية منسوخة بإذن الله لنبيه بقتال أهل الحرَم ابتداءً في الحرم وقوله: وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً [ سورة التوبة: 36 ]. ..
* * *. ..
( 14 ) على نحو ما ذكرنا، من أنه بمعنى: المجازاة وإتباع لفظٍ لفظًا، وإن اختلف معنياهما، كما قال: وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ [ سورة آل عمران: 54 ] وقد قال: فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ [ سورة التوبة: 79 ] وما أشبه ذلك مما أتبع لفظٌ لفظًا واختلف المعنيان ( 15 ) .
* * *والآخر: أن يكون بمعنى " العدو " الذي هو شدٌّ ووثوب.
من قول القائل: " عدا الأسد على فَريسته ".
فيكون معنى الكلام: فمن عَدا عليكم - أي فمن شد عليكم وَوثب - بظلم، فاعدوا عليه - أي فشُدُّوا عليه وثبُوا نحوَه - قصاصًا لما فعل عليكم لا ظلمًا.
ثم تُدخل " التاء " في عدا " ، فتقال: " افتعل " مكان " فعل " ، كما يقال: " اقترب هذا الأمر " بمعنى " قرب " ، و " اجتلب كذلك " بمعنى " جَلب " وما أشبه ذلك.
* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ( 194 )قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بذلك: واتقوا الله أيها المؤمنون في حُرُماته وحدوده أن تعتَدُوا فيها، فتتجاوزوا فيها ما بيَّنه وحدَّه لكم، واعلموا أن الله يُحب المتقين، الذين يتقونه بأداء فَرائضه وتجنب محارمه.
-الهوامش:( 9 ) الخبر : 3130- محمد بن عبد الله بن بزيع -بفتح الباء الموحدة وكسر الزاي- شيخ الطبري : ثقة ، وثقه أبو حاتم وغيره ، وروى عنه مسلم في صحيحه .
وقد مضى مثل هذا الإسناد ، ولكن حرف فيه اسم جده إلى "
زريع" ، وذكرنا أنه غير معروف ، واحتمال أن يكون صوابه "بن بزيغ" في : 2451- فقد تبين الصواب هنا .
يوسف بن خالد السمتي : ضعيف جدا كذاب ، كما ذكرنا في ذاك الإسناد ، ووقع في المطبوعة هنا "
السهمي" ، بدل "السمتي" .
وهو خطأ .
( 10 ) قاضي الرجل يقاضيه قضاء وقضية .
حاكمه في مخاصمة ، وانتهى معه إلى قضاء فصل وحكم يتراضيانه .
وفي صدر صلح الحديبية : "
هذا ما قاضى عليه محمد" أي صالح .
وبذلك سميت عمرة الحديبية هذه "
عمرة القضية" ، و "عمرة الصلح .
( 11 ) أحصره المرض وغيره : منعه وحبسه .
( 12 ) ما بين القوسين هكذا في الأصل .
ولم أجد الخبر في مكان .
وهو خطأ لا شك فيه ، أو بين الكلامين خرم لم أتبينه .
والمعنى على كل حال : أمركم الله بالقصاص ، وكره منكم العدوان ، أي أمرهم أن يقتصوا ولا يعتدوا .
هذا ما أرجحه إن شاء الله .
( 13 ) انظر ما سلف في هذا الجزء 3 : 357-366 .
( 14 ) وضعت هذه النقط ، وفصلت بين قوله : " وقاتلوا المشركين كافة " وقوله : " على نحو ما ذكرنا " لوجود خرم لا شك فيه .
فإنه سيقول بعد أسطر : " والآخر : أن يكون بمعنى العدو " .
فهو بصدد تفسير قوله : " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " ، من جهة اللغة .
ولا صلة بين كلامه في الآية أهي منسوخة أم غير منسوخة .
وقوله : " والآخر " دليل على أنه يذكر وجهين من تفسير" اعتدى " أهي من" العدوان " ، أم من" العدو " .
وكأن كلام الطبري في موضع هذا الخرم كان :[ وأما قوله : ( فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ) .
ففي" الاعتداء " وجهان من التأويل :أحدهما : أن يكون" الاعتداء " من" العُدْوَان " ، وَهوَ مجاوزة الحدّ ظُلْمًا وَبغيًا .
ويكون معنى الآية : فمن جاوز حدّه ظُلْمًا وَبغيًا ، فقاتلكم في الشهر الحرام فكافِئُوه بمثل ما فعل بكم ، على نحو ما ذكرنا من أنه . .
]هذا ما استظهرته من تفسير الطبري فيما سلف 2 : 307 ، وهذا الجزء 3 : 375 ، 376 ، 564 ، 573 ثم يبقى خرم قبل ذلك في كلامه عن الآية ، منسوخة هي أم غير منسوخة .
( 15 ) انظر ما سلف 2 : 307 ، وهذا الجزء 3 : 3 : 375 ، 376 ، 564 ، 573 .
( 16 ) انظر تفسير" سبيل الله " فيما سلف 2 : 497 ، وهذا الجزء 3 : 564 .

الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين

سورة : البقرة - الأية : ( 194 )  - الجزء : ( 2 )  -  الصفحة: ( 30 ) - عدد الأيات : ( 286 )

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من
  2. تفسير: وهو الذي ينـزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد
  3. تفسير: إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون
  4. تفسير: الذي يوسوس في صدور الناس
  5. تفسير: من قبل هدى للناس وأنـزل الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله
  6. تفسير: وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين
  7. تفسير: ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون
  8. تفسير: وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم
  9. تفسير: وأنـزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون
  10. تفسير: خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين

تحميل سورة البقرة mp3 :

سورة البقرة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة البقرة

سورة البقرة بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة البقرة بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة البقرة بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة البقرة بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة البقرة بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة البقرة بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة البقرة بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة البقرة بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة البقرة بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة البقرة بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب