تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم ..

  1. تفسير السعدي
  2. تفسير البغوي
  3. التفسير الوسيط
  4. تفسير ابن كثير
  5. تفسير الطبري
الفسير الوسيط | التفسير الوسيط للقرآن الكريم للطنطاوي | تأليف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (المتوفى: 1431هـ) : ويعتبر هذا التفسير من التفاسير الحديثة و القيمة لطلاب العلم و الباحثين في تفسير القرآن العظيم بأسلوب منهجي سهل و عبارة مفهومة, تفسير الآية 23 من سورةالنساء - التفسير الوسيط .
  
   

﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾
[ سورة النساء: 23]

معنى و تفسير الآية 23 من سورة النساء : حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم .


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تفسير السعدي : حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم


هذه الآيات الكريمات مشتملات على المحرمات بالنسب، والمحرمات بالرضاع، والمحرمات بالصهر، والمحرمات بالجمع، وعلى المحللات من النساء.
فأما المحرمات في النسب فهن السبع اللاتي ذكرهن الله.
الأم يدخل فيها كل من لها عليك ولادة، وإن بعدت، ويدخل في البنت كل من لك عليها ولادة، والأخوات الشقيقات، أو لأب أو لأم.
والعمة: كل أخت لأبيك أو لجدك وإن علا.
والخالة: كل أخت لأمك، أو جدتك وإن علت وارثة أم لا.
وبنات الأخ وبنات الأخت أي: وإن نزلت.
فهؤلاء هن المحرمات من النسب بإجماع العلماء كما هو نص الآية الكريمة وما عداهن فيدخل في قوله: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ وذلك كبنت العمة والعم وبنت الخال والخالة.
وأما المحرمات بالرضاع فقد ذكر الله منهن الأم والأخت.
وفي ذلك تحريم الأم مع أن اللبن ليس لها، إنما هو لصاحب اللبن، دل بتنبيهه على أن صاحب اللبن يكون أبا للمرتضع فإذا ثبتت الأبوة والأمومة ثبت ما هو فرع عنهما كإخوتهما وأصولهم وفروعهم وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" فينتشر التحريم من جهة المرضعة ومن له اللبن كما ينتشر في الأقارب، وفي الطفل المرتضع إلى ذريته فقط.
لكن بشرط أن يكون الرضاع خمس رضعات في الحولين كما بينت السنة.
وأما المحرمات بالصهر فهن أربع.
حلائل الآباء وإن علوا، وحلائل الأبناء وإن نزلوا، وارثين أو محجوبين.
وأمهات الزوجة وإن علون، فهؤلاء الثلاث يحرمن بمجرد العقد.
والرابعة: الربيبة وهي بنت زوجته وإن نزلت، فهذه لا تحرم حتى يدخل بزوجته كما قال هنا وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ الآية.
وقد قال الجمهور: إن قوله: اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ قيد خرج مخرج الغالب لا مفهوم له، فإن الربيبة تحرم ولو لم تكن في حجره ولكن للتقييد بذلك فائدتان: إحداهما: فيه التنبيه على الحكمة في تحريم الربيبة وأنها كانت بمنزلة البنت فمن المستقبح إباحتها.
والثانية: فيه دلالة على جواز الخلوة بالربيبة وأنها بمنزلة من هي في حجره من بناته ونحوهن.
والله أعلم.
وأما المحرمات بالجمع فقد ذكر الله الجمع بين الأختين وحرمه وحرم النبي صلى الله عليه وسلم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها، فكل امرأتين بينهما رحم محرم لو قدر إحداهما ذكرًا والأخرى أنثى حرمت عليه فإنه يحرم الجمع بينهما، وذلك لما في ذلك من أسباب التقاطع بين الأرحام.

تفسير البغوي : مضمون الآية 23 من سورة النساء


قوله تعالى : ( حرمت عليكم أمهاتكم ) الآية ، بين الله تعالى في هذه الآية المحرمات بسبب الوصلة ، وجملة المحرمات في كتاب الله تعالى أربع عشرة : سبع بالنسب ، وسبع بالسبب .
فأما السبع بالسبب فمنها اثنتان بالرضاع وأربع بالصهرية والسابعة المحصنات ، وهن ذوات الأزواج .
وأما السبع بالنسب فقوله تعالى : ( حرمت عليكم أمهاتكم ) وهي جمع أم فيدخل فيهن الجدات وإن علون من قبل الأم ومن قبل الأب ، ( وبناتكم ) جمع : البنت ، فيدخل فيهن بنات الأولاد وإن سفلن ، ( وأخواتكم ) جمع الأخت سواء كانت من قبل الأب والأم أو من قبل أحدهما ، ( وعماتكم ) جمع العمة ، ويدخل فيهن جميع أخوات آبائك وأجدادك وإن علون ، ( وخالاتكم ) جمع خالة ، ويدخل فيهن جميع أخوات أمهاتك وجداتك ، ( وبنات الأخ وبنات الأخت ) ويدخل فيهن بنات أولاد الأخ والأخت وإن سفلن ، وجملته : أنه يحرم على الرجل أصوله وفصوله وفصول أول أصوله وأول فصل من كل أصل بعده ، والأصول هي الأمهات والجدات ، والفصول البنات وبنات الأولاد ، وفصول أول أصوله هي الأخوات وبنات الإخوة والأخوات ، وأول فصل من كل أصل بعده هن العمات والخالات وإن علون .
وأما المحرمات بالرضاع فقوله تعالى : ( وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة )وجملته : أنه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب ، أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أنا زاهر بن أحمد ، أنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنا أبو مصعب ، عن مالك ، عن عبد الله بن دينار ، عن سليمان بن يسار عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة " .
أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أنا زاهر بن أحمد ، أنا أبو إسحاق الهاشمي ، قال : أخبرنا أبو مصعب ، عن مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عمرة بنت عبد الرحمن ، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها أخبرتها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عندها وأنها سمعت صوت رجل يستأذن في بيت حفصة ، فقالت عائشة رضي الله عنها فقلت : يا رسول الله لو كان فلان حيا - لعمها من الرضاعة - أيدخل علي؟ فقال رسول الله صلى الله نعم إن الرضاعة تحرم ما يحرم من الولادة .
وإنما تثبت حرمة الرضاع بشرطين أحدهما : أن يكون قبل استكمال المولود حولين ، لقوله تعالى " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين " ( البقرة - 233 ) وروي عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء " .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا رضاع إلا ما أنشز العظم وأنبت اللحم " ، وإنما يكون هذا في حال الصغر .
وعند أبي حنيفة رضي الله عنه : مدة الرضاع ثلاثون شهرا ، لقوله تعالى : " وحمله وفصاله ثلاثون شهرا " ( الأحقاف - 15 ) ، وهو عند الأكثرين لأقل مدة الحمل ، وأكثر مدة الرضاع وأقل مدة الحمل ستة أشهر .
والشرط الثاني أن يوجد خمس رضعات متفرقات ، يروى ذلك عن عائشة رضي الله عنها ، وبه قال عبد الله بن الزبير وإليه ذهب الشافعي رحمه الله تعالى .
وذهب أكثر أهل العلم إلى أن قليل الرضاع وكثيره يحرم ، وهو قول ابن عباس وابن عمر ، وبه قال سعيد بن المسيب وإليه ذهب سفيان الثوري ، ومالك ، والأوزاعي وعبد الله بن المبارك وأصحاب الرأي .
واحتج من ذهب إلى أن القليل لا يحرم بما أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي ، أنا أبو العباس الأصم ، أنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، أنا أنس بن عياض ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الزبير يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تحرم المصة من الرضاع والمصتان " هكذا روى بعضهم هذا الحديث ، ورواه عبد الله بن أبي مليكة عن عبد الله بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو الصحيح .
أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أنا زاهر بن أحمد ، أنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنا أبو مصعب ، عن مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمر بن حزم ، عن عمرة بنت عبد الرحمن ، عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت : كان فيما أنزل الله في القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ، ثم نسخن بخمس معلومات ، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن .
وأما المحرمات بالصهرية فقوله : ( وأمهات نسائكم ) وجملته : أن كل من عقد النكاح على امرأة تحرم على الناكح أمهات المنكوحة وجداتها وإن علون من الرضاعة والنسب بنفس العقد .
( وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن ) والربائب جمع : ربيبة : وهي بنت المرأة ، سميت ربيبة لتربيته إياها ، وقوله : ( في حجوركم ) أي : في تربيتكم ، يقال : فلان في حجر فلان إذا كان في تربيته ، ( دخلتم بهن ) أي : جامعتموهن .
ويحرم عليه أيضا بنات المنكوحة وبنات أولادها ، وإن سفلن من الرضاع والنسب بعد الدخول بالمنكوحة ، حتى لو فارق المنكوحة قبل الدخول بها أو ماتت جاز له أن ينكح بنتها ، [ ولا يجوز له أن ينكح أمها ] لأن الله تعالى أطلق تحريم الأمهات وقال في تحريم الربائب .
( فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم ) يعني : في نكاح بناتهن إذا فارقتموهن أو متن ، وقال علي رضي الله عنه : أم المرأة لا تحرم إلا بالدخول بالبنت كالربيبة .
( وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم ) يعني : أزواج أبنائكم ، واحدتها : حليلة ، والذكر حليل ، سميا بذلك لأن كل واحد منهما [ حلال لصاحبه ، وقيل: سميا بذلك لأن كل واحد منهما ] يحل حيث يحل صاحبه من الحلول وهو النزول ، وقيل: إن كل واحد منهما يحل إزار صاحبه من الحل وهو ضد العقل .
وجملته : أنه يحرم على الرجل حلائل أبنائه وأبناء أولاده وإن سفلوا من الرضاع والنسب بنفس العقد ، وإنما قال " من أصلابكم " ليعلم أن حليلة المتبنى لا تحرم على الرجل الذي تبناه ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج امرأة زيد بن حارثة ، وكان زيد تبناه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والرابع من المحرمات بالصهرية : حليلة الأب والجد وإن علا فيحرم على الولد وولد الولد بنفس العقد سواء كان الأب من الرضاع أو من النسب ، لقوله تعالى : ( ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء ) وقد سبق ذكره .
وكل امرأة تحرم عليك بعقد النكاح تحرم بالوطء في ملك اليمين ، والوطء بشبهة النكاح ، حتى لو وطئ امرأة بالشبهة أو جارية بملك اليمين فتحرم على الواطئ أم الموطوءة وابنتها وتحرم الموطوءة على أب الواطئ وعلى ابنه .
ولو زنى بامرأة فقد اختلف فيه أهل العلم : فذهبت جماعة إلى أنه لا تحرم على الزاني أم المزني بها وابنتها ، وتحرم الزانية على أب الزاني وابنه ، وهو قول علي وابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما ، وبه قال سعيد بن المسيب وعروة والزهري ، وإليه ذهب مالك والشافعي رحمهم الله تعالى .
وذهب قوم إلى التحريم ، يروى ذلك عن عمران بن حصين وأبي هريرة رضي الله عنهما ، وبه قال جابر بن زيد والحسن وهو قول أصحاب الرأي .
ولو لمس امرأة بشهوة أو قبلها ، فهل يجعل ذلك كالدخول في إثبات حرمة المصاهرة؟ وكذلك لو لمس امرأة بشهوة فهل يجعل كالوطء في تحريم الربيبة؟ فيه قولان ، أصحهما وهو قول أكثر أهل العلم : أنه تثبت به الحرمة ، والثاني : لا تثبت كما لا تثبت بالنظر بالشهوة .
قوله تعالى : ( وأن تجمعوا بين الأختين ) لا يجوز للرجل أن يجمع بين الأختين في النكاح سواء كانت الأخوة بينهما بالنسب أو بالرضاع ، فإذا نكح امرأة ثم طلقها بائنا جاز له نكاح أختها ، وكذلك لو ملك أختين بملك اليمين لم يجز له أن يجمع بينهما في الوطء ، فإذا وطئ إحداهما لم يحل له وطء الأخرى حتى يحرم الأولى على نفسه .
وكذلك لا يجوز أن يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها ، لما أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أخبرنا زاهر بن أحمد ، أنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنا أبو مصعب ، عن مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يجمع بين المرأة وعمتها ، ولا بين المرأة وخالتها " .
قوله تعالى : ( إلا ما قد سلف ) يعني : لكن ما مضى فهو معفو عنه ، لأنهم كانوا يفعلونه قبل الإسلام ، وقال عطاء والسدي : إلا ما كان من يعقوب عليه السلام فإنه جمع بين ليا أم يهوذا وراحيل أم يوسف ، وكانتا أختين .
( إن الله كان غفورا رحيما ) .

التفسير الوسيط : حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم


ثم بين- سبحانه - بعد ذلك من يحرم نكاحهن من الأقارب فقال تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ وليس المراد بقوله حُرِّمَتْ تحريم ذاتهن، لأن الحرمة لا تتعلق بالذوات وإنما تتعلق بأفعال المكلفين.
فالكلام على حذف مضاف أى حرم عليكم نكاح أمهاتكم وبناتكم.. إلخ وإلى هذا المعنى أشار صاحب الكشاف بقوله، معنى حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ تحريم نكاحهن لقوله.
وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ ولأن تحريم نكاحهن هو الذي يفهم من تحريمهن، كما يفهم من تحريم الخمر تحريم شربها.
ومن تحريم لحم الخنزير تحريم أكله» .
وقد ذكر- سبحانه - في هذه الجملة الكريمة أربع طوائف من الأقارب يحرم نكاحهن.
أما الطائفة الأولى: طائفة الأمهات من النسب.
أى حرم الله عليكم نكاح أمهاتكم من النسب، ويعم هذا التحريم أيضا الجدات سواء أكن من جهة الأب أم من جهة الأم، لأنه إذا كان يحرم نكاح العمة أو الخالة فمن الأولى أن يكون نكاح الجدة محرما، إذ الأم هي طريق الوصول في القرابة إلى هؤلاء.
وقد أجمع المسلمون على تحريم نكاح الجدات.
والطائفة الثانية: هي طائفة الفروع من النساء، وقد عبر القرآن عن ذلك بقوله وَبَناتُكُمْ بالعطف على أمهاتكم.
أى حرم الله عليكم نكاح أمهاتكم ونكاح بناتكم.
والبنت هي كل امرأة لك عليها ولادة سواء أكانت بنتا مباشرة أم بواسطة فتشمل حرمة النكاح البنات وبنات الأبناء وبنات البنات وإن نزلن.
وقد انعقد الإجماع على تحريم الفروع من النساء مهما تكن طبقتهن.
والطائفة الثالثة: هي طائفة فروع الأبوين.
وقد عبر القرآن عن ذلك بقوله وَأَخَواتُكُمْ ثم بقوله، وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ بالعطف على أُمَّهاتُكُمْ.
أى وحرم الله عليكم نكاح أخواتكم سواء أكن شقيقات أم غير شقيقات حرم عليكم أيضا نكاح بنات إخوانكم وبنات أخواتكم من أى وجه يكن.
والطائفة الرابعة: هي طائفة العمات والخالات.
وقد ثبت تحريم نكاحهن بقوله-تبارك وتعالى- وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ بالعطف على أُمَّهاتُكُمْ.
أى حرم الله عليكم نكاح عماتكم وخالاتكم كما حرم عليكم نكاح أمهاتكم وبناتكم.
والعمة: هي كل امرأة شاركت أباك مهما علا في أصليه أو في أحدهما.
والخالة: هي كل امرأة شاركت أمك مهما علت في أصليها أو في أحدهما.
وإذن فالعمات والخالات يشملن عمات الأب والأم، وخالات الأب والأم، وعمات الجد والجدة، وخالات الجد والجدة.
لأن هؤلاء يطلق عليهن عرفا اسم العمة والخالة.
تلك هي الطوائف الأربع اللاتي يحرم نكاحهن من الأقارب، وإن هذا التحريم يتناسب مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها، ويتفق مع العقول السليمة التي تحب مكارم الأخلاق، وذلك لأن شريعة الإسلام قد نوهت بمنزلة القرابة القريبة للإنسان، وأضفت عليها الكثير من ألوان الوقار والاحترام والزواج وما يصاحبه من شهوات ومداعبات ورضا واختلاف يتنافى مع ما أسبغه الله-تبارك وتعالى- على هذه القرابة القريبة من وقار ومن عواطف شريفه.
ولأن التجارب العلمية قد أثبتت أن التلاقح بين سلائل متباعدة الأصول غالبا ما ينتج نسلا قويا، أما التلاقح بين السلائل المتحدة في أصولها القريبة فإنه غالبا ما ينتج نسلا ضعيفا.
ثم بين- سبحانه - النساء اللائي يحرم الزواج بهن لأسباب أخرى سوى القرابة فقال-تبارك وتعالى- وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ.
أى: وحرم الله- عليكم نكاح أمهاتكم اللاتي أرضعنكم، وحرم عليكم- أيضا- نكاح أخواتكم من الرضاعة.
والأم من الرضاع: هي كل امرأة أرضعتك وكذلك كل امرأة انتسبت إلى تلك المرضعة بالأمومة من جهة النسب أو من جهة الرضاع.
والأخت من الرضاع: هي التي التقيت أنت وهي على ثدي واحد.
قال القرطبي: وهي الأخت لأب وأم.
وهي التي أرضعتها أمك بلبان أبيك، سواء أرضعتها معك أو رضعت قبلك أو بعدك والأخت من الأب دون الأم، وهي التي أرضعتها زوجة أبيك.
والأخت من الأم دون الأب وهي التي أرضعتها أمك بلبان رجل آخر» .
هذا، وظاهر قوله-تبارك وتعالى- وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ يقتضى أن مطلق الرضاع محرم للنكاح.
وبذلك قال المالكية والأحناف:ويرى الشافعية والحنابلة أن الرضاع المحرم هو الذي يبلغ خمس رضعات.
واستدلوا بما رواه مسلم وغيره عن عائشة- رضى الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تحرم المصة ولا المصتان» وفي رواية عنها أنه قال: «لا تحرم الرضعة والرضعتان، والمصة والمصتان» .
كذلك ظاهر هذه الجملة الكريمة يقتضى أن الرضاع يحرم النكاح ولو في سن الكبر، إلا أن جمهور العلماء يرون أن الرضاع المحرم هو ما كان قبل بلوغ الحولين أما ما كان بعد بلوغ الحولين فلا يحرم ولا يكون الرضيع ابنا من الرضاعة وذلك لقوله-تبارك وتعالى- وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ.
وأخرج الترمذي عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء، وكان قبل الفطام» .
قال ابن كثير عند تفسيره لقوله-تبارك وتعالى- وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ.
أى: كما يحرم عليك نكاح أمك التي ولدتك كذلك يحرم عليك نكاح أمك التي أرضعتك.
ولهذا ثبت في الصحيحين عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة» وفي لفظ لمسلم: «يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب» .
ومن الحكم التي ذكرها العلماء من وراء تحريم النكاح بسبب الرضاعة: أن المولود يتكون جسمه من جسم المرأة التي أرضعته فيكون جزءا منها، كما أنه جزء من أمه التي حملته.
وإذا كانت هذه قد غذته بدمها وهو في بطنها فإن تلك قد غذته بلبانها وهو في حجرها، فكان من التكريم لهذه الأم من الرضاع أن تعامل معاملة الأم الحقيقية، وأن يعامل كل من التقيا على ثدي امرأة واحدة معاملة الإخوة من حيث التكريم وحرمة النكاح بينهم.
هذا، ومن أراد المزيد من المعرفة لأحكام الرضاع فليرجع إلى كتب الفقه ثم ذكر- سبحانه - نوعا ثالثا من المحرمات لغير سبب القرابة فقال: وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ.
أى: وكذلك حرم الله عليكم نكاح أمهات زوجاتكم سواء أكن أمهات مباشرات أم جدات، لأن كلمة الأم تشمل الجدات، ولإجماع الفقهاء على ذلك.
قال الآلوسى: والمراد بالنساء المعقود عليهن على الإطلاق، سواء أكن مدخولا بهن أم لا.
وهو مجمع عليه عند الأئمة الأربعة، لكن يشترط أن يكون النكاح صحيحا.
أما إذا كان فاسدا فلا تحرم الأم إلا إذا وطئ ابنتها.
فقد أخرج البيهقي في سننه وغيره من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا نكح الرجل المرأة فلا يحل له أن يتزوج أمها دخل بالابنة أو لم يدخل.
وإذا تزوج الأم ولم يدخل بها ثم طلقها فإن شاء تزوج الابنة » .
ثم بين- سبحانه - نوعا رابعا من المحرمات لغير سبب القرابة فقال تعالى- وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ.
وقوله وَرَبائِبُكُمُ جمع ربيبة.
وهي بنت امرأة الرجل من غيره.
وسميت بذلك لأن الزوج في أغلب الأحوال يربها أى يربيها في حجره ويعطف عليها.
والحجور: جمع حجر- بالفتح والكسر مع سكون الجيم- وهو ما يحويه مجتمع الرجلين للجالس المتربع.
والمراد به هنا معنى مجازى وهو الحضانة والكفالة والعطف.
يقال: فلان في حجر فلان أى في كنفه ومنعته ورعايته.
ومقتضى ظاهر الجملة الكريمة أن الربيبة لا يحرم نكاحها على زوج أمها إلا بشرطين:أولهما: كونها في حجره.
وثانيهما: أن يكون الزوج قد دخل بأمها.
أما عن الشرط الأول فلم يأخذ به جمهور العلماء، وقالوا: إن هذا الشرط خرج مخرج الغالب والعادة، إذ الغالب كون البنت مع الأم عند الزوج، لا أنه شرط في التحريم فهم يرون أن نكاح الربيبة حرام على زوج أمها سواء أكانت في حجره أم لم تكن قالوا: وفائدة هذا القيد تقوية علة الحرمة أو أنه ذكر للتشنيع عليهم، إذ أن نكاحها محرم عليهم في جميع الصور إلا أنه يكون أشد قبحا في حالة وجودها في حجره هذا رأى عامة الصحابة والفقهاء.
ولكن هناك رواية عن مالك بن أوس عن على بن أبى طالب أنه قال: الربيبة لا يحرم نكاحها على زوج الأم إلا إذا كانت في حجره أخذا بظاهر الآية الكريمة.
وقد أخذ بذلك داود الظاهري وأشياعه.
وأصحاب الرأى الأول لم يعتدوا بهذه الرواية المروية عن على- رضى الله عنه- وأما عن الشرط الثاني- وهو أن يكون الزوج قد دخل بأم الربيبة- فقد أخذ به العلماء إلا أنهم اختلفوا في معنى الدخول فقال بعضهم: معناه الوطء والجماع.
وقال بعضهم: معناه التمتع كاللمس والقبلة، فلو حصل منه مع الأم ما يشبه ذلك حرم عليه نكاح ابنتها من غيره.
قال القرطبي ما ملخصه: اتفق الفقهاء على أن الربيبة تحرم على زوج أمها إذا دخل بالأم، وإن لم تكن الربيبة في حجره.
وشذ بعض المتقدمين وأهل الظاهر فقالوا: لا تحرم عليه الربيبة إلا أن تكون في حجر المتزوج بأمها.
ثم قال وقوله-تبارك وتعالى- فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ يعنى الأمهات فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ يعنى في نكاح بناتهن إذا طلقتموهن أو متن عنكم.
وأجمع العلماء على أن الرجل إذا تزوج المرأة ثم طلقها أو ماتت قبل أن يدخل بها حل له نكاح ابنتها.
واختلفوا في معنى الدخول بالأمهات الذي يقع به التحريم للربائب.
فروى عن ابن عباس أنه قال: الدخول: الجماع.
واتفق مالك والثوري وأبو حنيفة على أنه إذا مسها بشهوة حرمت عليه أمها وابنتها وحرمت على الأب والابن، وهو أحد قولي الشافعى ...
} .
والحكمة في تحريم الربائب على أزواج أمهاتهن أنهن حينئذ يشبهن البنات الصلبيات بالنسبة لهؤلاء الأزواج، بسبب ما يجدنه منهم من رعاية وتربية في العادة، ولأنه لو أبيح للرجل أن يتزوج ببنت امرأته التي دخل بها، لأدى ذلك إلى تقطيع الأرحام بين الأم وابنتها.
ولأدى ذلك أيضا إلى الانصراف عن رعاية هؤلاء الربائب خشية الرغبة في الزواج بواحدة منهن.
ثم بين- سبحانه - نوعا خامسا من المحارم فقال.
تعالى-: وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ.
والحلائل: جمع حليلة وهي الزوجة.
وسميت بذلك لحلها للزوج وحل الزوج لها، فكلاهما حلال لصاحبه.
ويقال للزوج حليل.
أى: وحرم الله-تبارك وتعالى- عليكم نكاح زوجات أبنائكم الذين هم من أصلابكم.
أى: من ظهوركم.
وقال- سبحانه - وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ بدون تقييد بالدخول.
للاشارة إلى أن حليلة الابن تحرم على الأب بمجرد عقد الابن عليها.
قال القرطبي: أجمع العلماء على تحريم ما عقد عليه الآباء على الأبناء.
وما عقد عليه الأبناء على الآباء سواء أكان مع العقد وطء أم لم يكن: لقوله-تبارك وتعالى-: وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ وقوله-تبارك وتعالى-: وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ.
وقيد الله الأبناء بالذين هم من الأصلاب، ليخرج الابن المتبنى.
فهذا تحل زوجته للرجل الذي تبناه.
وقد كان العرب يعتبرون الابن بالتبني كأولادهم من ظهورهم، ويحرمون زوجة الابن بالتبني على من تبناه.
وقد سمى القرآن الأبناء بالتبني أدعياء فقال-تبارك وتعالى-:وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ، ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ.
ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ.
ثم أبطل القرآن ما كان عليه أهل الجاهلية في شأن الابن المتبنى، فأباح للرجل أن يتزوج من زوجة الابن الذي تبناه بعد فراقه عنها.
وقد أمر الله-تبارك وتعالى- نبيه- صلى الله عليه وسلم - أن يتزوج بزينب بنت جحش بعد أن طلقها زوجها زيد بن حارثة، وكان زيد قد تبناه النبي صلى الله عليه وسلم فقال المشركون: تزوج محمد امرأة ابنه فأنزل الله-تبارك وتعالى- فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا.
فإن قيل: إن قيد «من أصلابكم» .
يخرج الابن من الرضاع كما أخرج الابن بالتبني؟أى: وحرم الله-تبارك وتعالى- عليكم نكاح زوجات أبنائكم الذين هم من أصلابكم.
أى: من ظهوركم.
وقال- سبحانه - وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ بدون تقييد بالدخول.
للاشارة إلى أن حليلة الابن تحرم على الأب بمجرد عقد الابن عليها.
قال القرطبي: أجمع العلماء على تحريم ما عقد عليه الآباء على الأبناء.
وما عقد عليه الأبناء على الآباء سواء أكان مع العقد وطء أم لم يكن: لقوله-تبارك وتعالى-: وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ وقوله-تبارك وتعالى-: وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ.
وقيد الله الأبناء بالذين هم من الأصلاب، ليخرج الابن المتبنى.
فهذا تحل زوجته للرجل الذي تبناه.
وقد كان العرب يعتبرون الابن بالتبني كأولادهم من ظهورهم، ويحرمون زوجة الابن بالتبني على من تبناه.
وقد سمى القرآن الأبناء بالتبني أدعياء فقال-تبارك وتعالى-:وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ، ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ.
ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ.
ثم أبطل القرآن ما كان عليه أهل الجاهلية في شأن الابن المتبنى، فأباح للرجل أن يتزوج من زوجة الابن الذي تبناه بعد فراقه عنها.
وقد أمر الله-تبارك وتعالى- نبيه- صلى الله عليه وسلم - أن يتزوج بزينب بنت جحش بعد أن طلقها زوجها زيد بن حارثة، وكان زيد قد تبناه النبي صلى الله عليه وسلم فقال المشركون: تزوج محمد امرأة ابنه فأنزل الله-تبارك وتعالى- فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا.
فإن قيل: إن قيد «من أصلابكم» .
يخرج الابن من الرضاع كما أخرج الابن بالتبني؟الإمام أحمد عن الضحاك بن فيروز عن أبيه قال: أسلمت وعندي امرأتان أختان فأمرنى النبي صلى الله عليه وسلم أن أطلق إحداهما» .
وكما أنه يحرم الجمع بين الأختين في عصمة رجل واحد، فكذلك يحرم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها أو ابنة أخيها أو ابنة أختها لنهى النبي- صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقد جاء في صحيح مسلم وفي سنن أبى داود والترمذي والنسائي عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها، ولا على ابنة أخيها ولا على ابنة أختها» .
وفي رواية الطبراني أنه قال: «فإنكم إن فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم» والسر في تحريم هذا النوع من النكاح أنه يؤدى إلى تقطيع الأرحام- كما جاء في الحديث الشريف- إذ من شأن الضرائر أن يكون بينهن من الكراهية وتبادل الأذى ما هو مشاهد ومعلوم.
فكان من رحمة الله بعباده أن حرم عليهم هذه الأنواع من الأنكحة السابقة صيانة للأسرة من التمزق والتشتت، وحماية لها من الضعف والوهن، وسموا بها عن مواطن الريبة والغيرة والفساد وقد عفا- سبحانه - عما حدث من هذه الأنكحة الفاسدة في الجاهلية أو قبل نزول هذه الآية الكريمة بتحريمها، لأنه- سبحانه - كان وما زال غفارا للذنوب، ستارا للعيوب، رحيما بعباده، ومن رحمته بهم أنه لا يعذبهم من غير نذير، ولا يؤاخذهم على ما اكتسبوا إلا بعد بيان واضح.

تفسير ابن كثير : شرح الآية 23 من سورة النساء


هذه الآية الكريمة هي آية تحريم المحارم من النسب ، وما يتبعه من الرضاع والمحارم بالصهر ، كما قال ابن أبي حاتم :حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان بن حبيب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : حرمت عليكم سبع نسبا ، وسبع صهرا ، وقرأ : ( حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم ) الآية .وحدثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيد ، حدثنا أبو أحمد ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن إسماعيل بن رجاء عن عمير مولى ابن عباس ، عن ابن عباس قال : يحرم من النسب سبع ومن الصهر سبع ، ثم قرأ : ( حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت ) فهن النسب .وقد استدل جمهور العلماء على تحريم المخلوقة من ماء الزاني عليه بعموم قوله تعالى : ( وبناتكم ) ; فإنها بنت فتدخل في العموم ، كما هو مذهب أبي حنيفة ، ومالك ، وأحمد بن حنبل . وقد حكي عن الشافعي شيء في إباحتها; لأنها ليست بنتا شرعية ، فكما لم تدخل في قوله تعالى : ( يوصيكم الله في أولادكم ) فإنها لا ترث بالإجماع ، فكذلك لا تدخل في هذه الآية . والله أعلم .وقوله : ( وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة ) أي كما تحرم عليك أمك التي ولدتك ، كذلك يحرم عليك أمك التي أرضعتك; ولهذا روى البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث مالك بن أنس ، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن عمرة بنت عبد الرحمن ، عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة " ، وفي لفظ لمسلم : " يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب " .وقد قال بعض الفقهاء : كما يحرم بالنسب يحرم بالرضاع إلا في أربع صور . وقال بعضهم : ست صور ، هي مذكورة في كتب الفروع . والتحقيق أنه لا يستثنى شيء من ذلك; لأنه يوجد مثل بعضها في النسب ، وبعضها إنما يحرم من جهة الصهر ، فلا يرد على الحديث شيء أصلا البتة ، ولله الحمد .ثم اختلف الأئمة في عدد الرضعات المحرمة ، فذهب ذاهبون إلى أنه يحرم مجرد الرضاع لعموم هذه الآية . وهذا قول مالك ، ويحكى عن ابن عمر ، وإليه ذهب سعيد بن المسيب ، وعروة بن الزبير ، والزهري .وقال آخرون : لا يحرم أقل من ثلاث رضعات لما ثبت في صحيح مسلم ، من طريق هشام بن عروة عن أبيه ، عن عائشة ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تحرم المصة والمصتان " .وقال قتادة ، عن أبي الخليل ، عن عبد الله بن الحارث ، عن أم الفضل قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان ، والمصة ولا المصتان " ، وفي لفظ آخر : " لا تحرم الإملاجة ولا الإملاجتان " رواه مسلم .وممن ذهب إلى هذا القول الإمام أحمد بن حنبل ، وإسحاق ابن راهويه ، وأبو عبيد ، وأبو ثور . ويحكى عن علي ، وعائشة ، وأم الفضل ، وابن الزبير ، وسليمان بن يسار ، وسعيد بن جبير ، رحمهم الله .وقال آخرون : لا يحرم أقل من خمس رضعات ، لما ثبت في صحيح مسلم من طريق مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عمرة عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : كان فيما أنزل [ الله ] من القرآن : عشر رضعات معلومات يحرمن . ثم نسخن بخمس معلومات ، فتوفي رسول الله صلى لله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن .وروى عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة نحو ذلك .وفي حديث سهلة بنت سهيل : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن ترضع مولى أبي حذيفة خمس رضعات وكانت عائشة تأمر من يريد أن يدخل عليها أن يرضع خمس رضعات . وبهذا قال الشافعي ، رحمه الله [ تعالى ] وأصحابه . ثم ليعلم أنه لا بد أن تكون الرضاعة في سن الصغر دون الحولين على قول الجمهور . وكما قدمنا الكلام على هذه المسألة في سورة البقرة ، عند قوله : ( يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ) [ الآية : 233 ] .واختلفوا : هل يحرم لبن الفحل ، كما هو قول جمهور الأئمة الأربعة وغيرهم ؟ وإنما يختص الرضاع بالأم فقط ، ولا ينتشر إلى ناحية الأب كما هو لبعض السلف ؟ على قولين ، تحرير هذا كله في كتاب " الأحكام الكبير " .وقوله : ( وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم ) أما أم المرأة فإنها تحرم بمجرد العقد على ابنتها ، سواء دخل بها أو لم يدخل . وأما الربيبة وهي بنت المرأة فلا تحرم بمجرد العقد على أمها حتى يدخل بها ، فإن طلق الأم قبل الدخول بها جاز له أن يتزوج بنتها ، ولهذا قال : ( وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم ) [ أي ] في تزويجهن ، فهذا خاص بالربائب وحدهن .وقد فهم بعضهم عود الضمير إلى الأمهات [ و ] الربائب فقال : لا تحرم واحدة من الأم ولا البنت بمجرد العقد على الأخرى حتى يدخل بها; لقوله : ( فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم )وقال ابن جرير : حدثنا ابن بشار ، حدثنا ابن أبي عدي وعبد الأعلى ، عن سعيد عن قتادة ، عن خلاس بن عمرو ، عن علي ، رضي الله عنه ، في رجل تزوج امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها ، أيتزوج أمها ؟ قال : هي بمنزلة الربيبة .وحدثنا ابن بشار حدثنا يحيى بن سعيد ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، عن زيد بن ثابت قال : إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فلا بأس أن يتزوج أمها .وفي رواية عن قتادة ، عن سعيد ، عن زيد بن ثابت ; أنه كان يقول : إذا ماتت عنده وأخذ ميراثها كره أن يخلف على أمها ، فإذا طلقها قبل أن يدخل بها فإن شاء فعل .وقال ابن المنذر : حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن ابن جريج قال : أخبرني أبو بكر بن حفص ، عن مسلم بن عويمر الأجدع أن بكر بن كنانة أخبره أن أباه أنكحه امرأة بالطائف قال : فلم أجامعها حتى توفي عمي عن أمها ، وأمها ذات مال كثير ، فقال أبي : هل لك في أمها ؟ قال : فسألت ابن عباس وأخبرته الخبر فقال : انكح أمها . قال : فسألت ابن عمر فقال : لا تنكحها . فأخبرت أبي ما قال ابن عباس وما قال ابن عمر ، فكتب إلى معاوية وأخبره في كتابه بما قال ابن عمر وابن عباس فكتب معاوية : إني لا أحل ما حرم الله ، ولا أحرم ما أحل [ الله ] وأنت وذاك والنساء سواها كثير . فلم ينه ولم يأذن لي ، فانصرف أبي عن أمها فلم ينكحها .وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن سماك بن الفضل ، عن رجل ، عن عبد الله بن الزبير قال : الربيبة والأم سواء ، لا بأس بها إذا لم يدخل بالمرأة . وفي إسناده رجل مبهم لم يسم .وقال ابن جريج أخبرني عكرمة بن خالد أن مجاهدا قال له : ( وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم ) أراد بهما الدخول جميعا فهذا القول مروي كما ترى عن علي ، وزيد بن ثابت ، وعبد الله بن الزبير ، ومجاهد ، وابن جبير وابن عباس ، وقد توقف فيه معاوية ، وذهب إليه من الشافعية أبو الحسن أحمد بن محمد بن الصابوني ، فيما نقله الرافعي عن العبادي . [ وقد خالفه جمهور العلماء من السلف والخلف ، فرأوا أن الربيبة لا تحرم بمجرد العقد على الأم ، وأنها لا تحرم إلا بالدخول بالأم ، بخلاف الأم فإنها تحرم بمجرد العقد على الربيبة ] .قال ابن أبي حاتم : حدثنا جعفر بن محمد بن هارون بن عزرة حدثنا عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أنه كان يقول إذا طلق الرجل امرأة قبل أن يدخل بها أو ماتت لم تحل له أمها ، أنه قال : إنها مبهمة ، فكرهها .ثم قال : وروي عن ابن مسعود ، وعمران بن حصين ، ومسروق ، وطاوس ، وعكرمة ، وعطاء ، والحسن ، ومكحول ، وابن سيرين ، وقتادة ، والزهري نحو ذلك . وهذا مذهب الأئمة الأربعة والفقهاء السبعة ، وجمهور الفقهاء قديما وحديثا ، ولله الحمد والمنة .قال ابن جرير : والصواب ، أعني قول من قال : " الأم من المبهمات " ; لأن الله لم يشرط معهن الدخول كما شرط ذلك مع أمهات الربائب ، مع أن ذلك أيضا إجماع من الحجة التي لا يجوز خلافها فيما جاءت به متفقة عليه . وقد روي بذلك أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم خبر ، غير أن في إسناده نظرا ، وهو ما حدثني به المثنى ، حدثنا حبان بن موسى ، حدثنا ابن المبارك ، أخبرنا المثنى بن الصباح ، عن عمرو بن شعيب عن أبيه ، عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا نكح الرجل المرأة فلا يحل له أن يتزوج أمها ، دخل بالبنت أو لم يدخل ، وإذا تزوج الأم فلم يدخل بها ثم طلقها ، فإن شاء تزوج الابنة .ثم قال : وهذا الخبر ، وإن كان في إسناده ما فيه ، فإن في إجماع الحجة على صحة القول به مستغنى عن الاستشهاد على صحته بغيره .وأما قوله : ( وربائبكم اللاتي في حجوركم ) فجمهور الأئمة على أن الربيبة حرام سواء كانت في حجر الرجل أو لم تكن في حجره ، قالوا : وهذا الخطاب خرج مخرج الغالب ، فلا مفهوم له كقوله تعالى : ( ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا ) [ النور : 33 ]وفي الصحيحين أن أم حبيبة قالت : يا رسول الله ، انكح أختي بنت أبي سفيان - وفي لفظ لمسلم : عزة بنت أبي سفيان - قال : " أو تحبين ذلك ؟ " قالت : نعم ، لست لك بمخلية ، وأحب من شاركني في خير أختي . قال : " فإن ذلك لا يحل لي " . قالت : فإنا نحدث أنك تريد أن تنكح بنت أبي سلمة . قال بنت أم سلمة ؟ " قالت نعم . قال : إنها لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي ، إنها لبنت أخي من الرضاعة ، أرضعتني وأبا سلمة ثويبة فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن " . وفي رواية للبخاري : " إني لو لم أتزوج أم سلمة ما حلت لي " .فجعل المناط في التحريم مجرد تزويجه أم سلمة وحكم بالتحريم لذلك ، وهذا هو مذهب الأئمة الأربعة والفقهاء السبعة وجمهور الخلف والسلف . وقد قيل بأنه لا تحرم الربيبة إلا إذا كانت في حجر الرجل ، فإذا لم يكن كذلك فلا تحرم .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا إبراهيم بن موسى ، أنبأنا هشام - يعني ابن يوسف - عن ابن جريج ، حدثني إبراهيم بن عبيد بن رفاعة ، أخبرني مالك بن أوس بن الحدثان قال : كانت عندي امرأة فتوفيت ، وقد ولدت لي ، فوجدت عليها ، فلقيني علي بن أبي طالب فقال : مالك ؟ فقلت : توفيت المرأة . فقال علي : لها ابنة ؟ قلت : نعم ، وهي بالطائف . قال : كانت في حجرك ؟ قلت : لا هي بالطائف قال : فانكحها . قلت : فأين قول الله [ عز وجل ] ( وربائبكم اللاتي في حجوركم ) قال : إنها لم تكن في حجرك ، إنما ذلك إذا كانت في حجرك .هذا إسناد قوي ثابت إلى علي بن أبي طالب ، على شرط مسلم ، وهو قول غريب جدا ، وإلى هذا ذهب داود بن علي الظاهري وأصحابه . وحكاه أبو القاسم الرافعي عن مالك ، رحمه الله ، واختاره ابن حزم ، وحكى لي شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي أنه عرض هذا على الشيخ الإمام تقي الدين ابن تيمية ، رحمه الله ، فاستشكله ، وتوقف في ذلك ، والله أعلم .وقال ابن المنذر : حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا الأثرم ، عن أبي عبيدة قوله : ( اللاتي في حجوركم ) قال : في بيوتكم .وأما الربيبة في ملك اليمين فقد قال الإمام مالك بن أنس ، عن ابن شهاب : أن عمر بن الخطاب سئل عن المرأة وبنتها من ملك اليمين توطأ إحداهما بعد الأخرى ؟ فقال عمر : ما أحب أن أخبرهما جميعا . يريد أن أطأهما جميعا بملك يميني . وهذا منقطع .وقال سنيد بن داود في تفسيره : حدثنا أبو الأحوص ، عن طارق بن عبد الرحمن عن قيس قال : قلت لابن عباس : أيقع الرجل على امرأة وابنتها مملوكين له ؟ فقال : أحلتهما آية وحرمتهما آية ، ولم أكن لأفعله .قال الشيخ أبو عمر بن عبد البر ، رحمه الله : لا خلاف بين العلماء أنه لا يحل لأحد أن يطأ امرأة وابنتها من ملك اليمين ، لأن الله حرم ذلك في النكاح ، قال : ( وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم ) وملك اليمين هم تبع للنكاح ، إلا ما روي عن عمر وابن عباس ، وليس على ذلك أحد من أئمة الفتوى ولا من تبعهم . وروى هشام عن قتادة : بنت الربيبة وبنت ابنتها لا تصلح وإن كانت أسفل ببطون كثيرة . وكذا قال قتادة عن أبي العالية .ومعنى قوله تعالى : ( اللاتي دخلتم بهن ) أي : نكحتموهن . قاله ابن عباس وغير واحد .وقال ابن جريج عن عطاء : هو أن تهدى إليه فيكشف ويفتش ويجلس بين رجليها . قلت : أرأيت إن فعل ذلك في بيت أهلها . قال : هو سواء ، وحسبه قد حرم ذلك عليه ابنتها .وقال ابن جرير : وفي إجماع الجميع على أن خلوة الرجل بامرأته لا يحرم ابنتها عليه إذا طلقها قبل مسيسها ومباشرتها أو قبل النظر إلى فرجها بشهوة ، ما يدل على أن معنى ذلك هو الوصول إليها بالجماع .وقوله : ( وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم ) أي : وحرمت عليكم زوجات أبنائكم الذين ولدتموهم من أصلابكم ، يحترز بذلك عن الأدعياء الذين كانوا يتبنونهم في الجاهلية ، كما قال تعالى : ( فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم [ إذا قضوا منهن وطرا ] ) الآية [ الأحزاب : 37 ] .وقال ابن جريج : سألت عطاء عن قوله : ( وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم ) قال : كنا نحدث ، والله أعلم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نكح امرأة زيد ، قال المشركون بمكة في ذلك ، فأنزل الله [ عز وجل ] ( وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم ) ونزلت : ( وما جعل أدعياءكم أبناءكم ) [ الأحزاب : 4 ] . ونزلت : ( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ) [ الأحزاب : 40 ] .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، حدثنا الجرح بن الحارث ، عن الأشعث ، عن الحسن بن محمد أن هؤلاء الآيات مبهمات : ( وحلائل أبنائكم ) ( أمهات نسائكم ) ثم قال : وروي عن طاوس وإبراهيم والزهري ومكحول نحو ذلك .قلت : معنى مبهمات : أي عامة في المدخول بها وغير المدخول ، فتحرم بمجرد العقد عليها ، وهذا متفق عليه . فإن قيل : فمن أين تحرم امرأة ابنه من الرضاعة ، كما هو قول الجمهور ، ومن الناس من يحكيه إجماعا وليس من صلبه ؟ فالجواب من قوله صلى الله عليه وسلم : " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " .وقوله : ( وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف [ إن الله كان غفورا رحيما ] ) أي : وحرم عليكم الجمع بين الأختين معا في التزويج ، وكذا في ملك اليمين إلا ما كان منكم في جاهليتكم فقد عفونا عن ذلك وغفرناه . فدل على أنه لا مثنوية فيما يستقبل ولا استثناء فيما سلف ، كما قال : ( لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ) [ الدخان : 56 ] فدل على أنهم لا يذوقون فيها الموت أبدا . وقد أجمع العلماء من الصحابة والتابعين والأئمة قديما وحديثا على أنه يحرم الجمع بين الأختين في النكاح ، ومن أسلم وتحته أختان خير ، فيمسك إحداهما ويطلق الأخرى لا محالة .قال الإمام أحمد بن حنبل : حدثنا موسى بن داود حدثنا ابن لهيعة عن أبي وهب الجيشاني عن الضحاك بن فيروز ، عن أبيه قال : أسلمت وعندي امرأتان أختان ، فأمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أطلق إحداهما .ثم رواه الإمام أحمد ، والترمذي ، وابن ماجه ، من حديث ابن لهيعة . وأخرجه أبو داود والترمذي أيضا من حديث يزيد بن أبي حبيب ، كلاهما عن أبي وهب الجيشاني . قال الترمذي : واسمه ديلم بن الهوشع ، عن الضحاك بن فيروز الديلمي ، عن أبيه ، به وفي لفظ للترمذي : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " اختر أيتهما شئت " . ثم قال الترمذي : هذا حديث حسن .وقد رواه ابن ماجه أيضا بإسناد آخر فقال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا عبد السلام بن حرب ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة ، عن أبي وهب الجيشاني عن أبي خراش الرعيني قال : قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي أختان تزوجتهما في الجاهلية ، فقال : " إذا رجعت فطلق إحداهما " .قلت : فيحتمل أن أبا خراش هذا هو الضحاك بن فيروز ، ويحتمل أن يكون غيره ، فيكون أبو وهب قد رواه عن اثنين ، عن فيروز الديلمي ، والله أعلم .وقال ابن مردويه : حدثنا عبد الله بن يحيى بن محمد بن يحيى ، حدثنا أحمد بن يحيى الخولاني حدثنا هيثم بن خارجة ، حدثنا يحيى بن إسحاق ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن رزيق بن حكيم ، عن كثير بن مرة ، عن الديلمي قال : قلت : يا رسول الله ، إن تحتي أختين ؟ قال : " طلق أيهما شئت " .فالديلمي المذكور أولا هو الضحاك بن فيروز الديلمي [ رضي الله عنه ] قال أبو زرعة الدمشقي : كان يصحب عبد الملك بن مروان ، والثاني هو أبو فيروز الديلمي ، رضي الله عنه ، وكان من جملة الأمراء باليمن الذين ولوا قتل الأسود العنسي المتنبئ لعنه الله .وأما الجمع بين الأختين في ملك اليمين فحرام أيضا لعموم الآية ، وقال ابن أبي حاتم :حدثنا أبو زرعة ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن عبد الله بن أبي عنبة - أو عتبة عن ابن مسعود : أنه سئل عن الرجل يجمع بين الأختين ، فكرهه ، فقال له - يعني السائل - : يقول الله عز وجل : ( إلا ما ملكت أيمانكم ) فقال له ابن مسعود : وبعيرك مما ملكت يمينك .وهذا هو المشهور عن الجمهور والأئمة الأربعة وغيرهم ، وإن كان بعض السلف قد توقف في ذلك . قال الإمام مالك ، عن ابن شهاب ، عن قبيصة بن ذؤيب : أن رجلا سأل عثمان بن عفان عن الأختين في ملك اليمين ، هل يجمع بينهما ؟ فقال عثمان : أحلتهما آية وحرمتهما آية ، وما كنت لأصنع ذلك ، فخرج من عنده فلقي رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فسأله عن ذلك فقال : لو كان لي من الأمر شيء ثم وجدت أحدا فعل ذلك لجعلته نكالا . قال مالك : قال ابن شهاب : أراه علي بن أبي طالب : قال : وبلغني عن الزبير بن العوام مثل ذلك .قال الشيخ أبو عمر بن عبد البر النمري ، رحمه الله ، في كتابه " الاستذكار " : إنما كنى قبيصة بن ذؤيب عن علي بن أبي طالب ، لصحبته عبد الملك بن مروان ، وكانوا يستثقلون ذكر علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه .ثم قال أبو عمر ، رحمه الله : حدثني خلف بن أحمد ، رحمه الله ، قراءة عليه : أن خلف بن مطرف حدثهم : حدثنا أيوب بن سليمان وسعيد بن سليمان ومحمد بن عمر بن لبابة قالوا : حدثنا أبو زيد عبد الرحمن بن إبراهيم ، حدثنا أبو عبد الرحمن المقري عن موسى بن أيوب الغافقي ، حدثني عمي إياس بن عامر قال : سألت علي بن أبي طالب [ رضي الله عنه ] فقلت : إن لي أختين مما ملكت يميني ، اتخذت إحداهما سرية فولدت لي أولادا ، ثم رغبت في الأخرى ، فما أصنع ؟ فقال علي ، رضي الله عنه : تعتق التي كنت تطأ ثم تطأ الأخرى . قلت : فإن ناسا يقولون : بل تزوجها ثم تطأ الأخرى . فقال علي : أرأيت إن طلقها زوجها أو مات عنها أليس ترجع إليك ؟ لأن تعتقها أسلم لك . ثم أخذ علي بيدي فقال لي : إنه يحرم عليك ما ملكت يمينك ما يحرم عليك في كتاب الله عز وجل من الحرائر إلا العدد - أو قال : إلا الأربع - ويحرم عليك من الرضاع ما يحرم عليك في كتاب الله من النسب .ثم قال أبو عمر : هذا الحديث رحلة لو لم يصب الرجل من أقصى المشرق أو المغرب إلى مكة غيره لما خابت رحلته .قلت : وقد روي عن علي نحو ما تقدم عن عثمان ، وقال أبو بكر بن مردويه :حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم ، حدثنا محمد بن العباس ، حدثني محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي حدثنا عبد الرحمن بن غزوان ، حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال لي علي بن أبي طالب : حرمتهما آية وأحلتهما آية - يعني الأختين - قال ابن عباس : يحرمهن علي قرابتي منهن ، ولا يحرمهن على قرابة بعضهن من بعض - يعني الإماء - وكانت الجاهلية يحرمون ما تحرمون إلا امرأة الأب والجمع بين الأختين ، فلما جاء الإسلام أنزل الله [ عز وجل ] ( ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف ) ( وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف ) يعني : في النكاح .ثم قال أبو عمر : روى الإمام أحمد بن حنبل : حدثنا محمد بن سلمة ، عن هشام ، عن ابن سيرين ، عن ابن مسعود قال : يحرم من الإماء ما يحرم من الحرائر إلا العدد . وعن ابن سيرين والشعبي مثل ذلك .قال أبو عمر ، رحمه الله : وقد روي مثل قول عثمان عن طائفة من السلف ، منهم : ابن عباس ، ولكنهم اختلف عليهم ، ولم يلتفت إلى ذلك أحد من فقهاء الأمصار والحجاز ولا بالعراق ولا ما وراءهما من المشرق ولا بالشام ولا المغرب ، إلا من شذ عن جماعتهم باتباع الظاهر ونفي القياس ، وقد ترك من يعمل ذلك ما اجتمعنا عليه ، وجماعة الفقهاء متفقون على أنه لا يحل الجمع بين الأختين بملك اليمين في الوطء ، كما لا يحل ذلك في النكاح . وقد أجمع المسلمون على أن معنى قوله [ تعالى ] ( حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم [ وعماتكم وخالاتكم ] ) إلى آخر الآية : أن النكاح وملك اليمين في هؤلاء كلهن سواء ، فكذلك يجب أن يكون نظرا وقياسا الجمع بين الأختين وأمهات النساء والربائب . وكذلك هو عند جمهورهم ، وهم الحجة المحجوج بها من خالفها وشذ عنها ، والله المحمود .

تفسير الطبري : معنى الآية 23 من سورة النساء


القول في تأويل قوله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (23)قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره: حُرّم عليكم نكاح أمهاتكم = فترك ذكر " النكاح "، اكتفاءً بدلالة الكلام عليه.
وكان ابن عباس يقول في ذلك ما:-8944 - حدثنا به أبو كريب قال، حدثنا ابن أبي زائدة، عن الثوري، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن عمير مولى ابن عباس، عن ابن عباس قال: حُرّم من النسب سبعٌ، ومن الصِّهر سبعٌ.
ثم قرأ: " حُرّمت عليكم أمهاتكم " حتى بلغ: " وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف "، قال: والسابعة: وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ .
8945 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن عمير مولى ابن عباس، عن ابن عباس قال: يحرم من النسب سبع، ومن الصهر سبع.
ثم قرأ: " حُرّمت عليكم أمهاتكم " إلى قوله: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ .
8946 - حدثنا ابن بشار مرة أخرى قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن عمير مولى ابن عباس، عن ابن عباس مثله.
(38)8947 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري بنحوه.
8948 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن حبيب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: حرم عليكم سبع نَسَبًا، وسبعٌ صهرًا.
" حُرّمت عليكم أمهاتكم " الآية.
(39)8949 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن علي بن صالح، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: " حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم " قال: حَرّم الله من النسب سبعًا ومن الصهر سبعًا.
ثم قرأ: " وأمهات نسائكم وربائبكم "، الآية.
8950 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مطرِّف، عن عمرو بن سالم مولى الأنصار قال، حُرّم من النسب سبع، ومن الصهر سبع: " حُرِّمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت " = ومن الصهر: " أمهاتكم اللاتي أرضَعْنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم ; وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جُناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف " = ثم قال: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ = وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ .
(40)* * *قال أبو جعفر: فكل هؤلاء اللواتي سَمَّاهن الله تعالى وبيَّن تحريمَهن في هذه الآية، مُحَرَّمات، غيرُ جائز نكاحُهن لمن حَرَّم الله ذلك عليه من الرجال، بإجماع جميع الأمة، لا اختلاف بينهم في ذلك: إلا في أمهات نسائِنا اللواتي لم يدخُلْ بهن أزواجُهن، فإن في نكاحهن اختلافًا بين بعض المتقدِّمين من الصحابة: إذا بانت الابنة قبلَ الدخول بها من زوجها، هل هُنّ من المُبْهمات، أم هنّ من المشروط فيهن الدخول ببناتهنّ؟فقال جميع أهل العلم متقدمهم ومتأخرهم: من المُبهمات، (41) وحرام على من تزوَّج امرأةً أمُّها، (42) دخل بامرأته التي نكحها أو لم يدخل بها.
وقالوا: شرطُ الدخول في الرَّبيبة دون الأم، فأما أمُّ المرأة فمُطْلقة بالتحريم.
قالوا: ولو جاز أن يكون شرطُ الدخول في قوله: " وربائبكم اللاتي في حُجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن "، يرجع موصولا به قوله: " وأمهات نسائكم "، (43) جاز أن يكون الاستثناء في قوله: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ من جميع المحرّمات بقوله: " حرّمت عليكم "، الآية.
قالوا: وفي إجماع الجميع على أنّ الاستثناء في ذلك إنما هو مما وَلِيَه من قوله: وَالْمُحْصَنَاتُ ، أبينُ الدِّلالة على أن الشرط في قوله: " من نسائكم اللاتي دخلتم بهن "، مما وَليه من قوله: " وربائبكم اللاتي في حجوركم من نِسَائكم اللاتي دخلتم بهن "، دون أمَّهات نسائنا.
* * *وروي عن بعض المتقدِّمين أنه كان يقول: حلالٌ نكاح أمَّهات نسائنا اللواتي لم ندخل بهن، وأنّ حكمهن في ذلك حكم الربائب.
*ذكر من قال ذلك:8951 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي وعبد الأعلى، عن سعيد، عن قتادة، عن خلاس بن عمرو، عن علي رضي الله عنه: في رجل تزوّج امرأة فطلّقها قبل أن يدخل بها، أيتزوَّج أمها؟ قال: هي بمنزلة الربيبة.
8952 - حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد قال، حدثنا قتادة، عن خلاس، عن علي رضي الله عنه قال: هي بمنزلة الربيبة.
(44)8953 - حدثنا حميد قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد قال، حدثنا قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن زيد بن ثابت: أنه كان يقول: إذا ماتت عنده وأخذَ ميراثها، كُرِه أن يخلُف على أمِّها.
وإذا طلَّقها قبل أن يدخُل بها، فإن شاءَ فعل.
8954 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى بن سعيد، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن زيد بن ثابت قال: إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخُل بها، فلا بأس أن يتزوج أمَّها.
8955 - حدثنا القاسم قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج، أخبرني عكرمة بن خالد: أن مجاهدًا قال له: " وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم "، أريد بهما الدُّخُول جميعًا.
(45)* * *قال أبو جعفر: والقول الأول أولى بالصواب، أعني قولَ من قال: " الأمّ من المبهمات ".
لأن الله لم يشرط معهن الدخول ببناتهن، كما شرط ذلك مع أمهات الرَّبائب، مع أن ذلك أيضًا إجماعٌ من الحجة التي لا يجوز خِلافُها فيما جاءت به متفقة عليه.
وقد روي بذلك أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم خبرٌ، غيرَ أنَّ في إسناده نظرًا، وهو ما:-8956 - حدثنا به المثنى قال، حدثنا حبان بن موسى قال، أخبرنا ابن المبارك قال، أخبرنا المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا نكح الرجلُ المرأة، فلا يحل له أن يتزوج أمَّها، دخل بالابنة أم لم يدخل.
وإذا تزوج الأمَّ فلم يدخل بها ثم طلقها، فإن شاء تزوَّج الابنة.
(46)* * *قال أبو جعفر: وهذا خبر، وإن كان في إسناده ما فيه، فان في إجماع الحجة على صحة القول به، مستغنًى عن الاستشهاد على صِحَّته بغيره.
8957 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال لعطاء: الرجل ينكح المرأة لم يَرَها ولم يجامعها حتى يطلقها، (47) أيحل له أمها؟ قال: لا هي مُرسلة.
قلت لعطاء: أكان ابن عباس يقرأ: " وأمهات نسائكم اللاتي دخلتم بهن "؟ قال: " لا "، تترى = (48) قال حجاج، قلت لابن جريج: ما " تترى " = (49) ؟ قال: كأنه قال: لا! لا! (50)* * *وأما " الربائب " فإنه جمع " ربيبة "، وهي ابنة امرأة الرجل.
قيل لها " ربيبة " لتربيته إياها، وإنما هي" مربوبة " صرفت إلى " ربيبة "، كما يقال: " هي قتيلة " من " مقتولة ".
(51) وقد يقال لزوج المرأة: " هو ربيب ابن امرأته "، يعني به: " هو رَابُّه "، كما يقال: " هو خابر، وخبير " و " شاهد، وشهيد ".
(52)* * *واختلف أهل التأويل في معنى قوله: " من نسائكم اللاتي دخلتم بهن ".
فقال بعضهم: معنى " الدخول " في هذا الموضع، الجماعُ.
*ذكر من قال ذلك:8958 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " من نسائكم اللاتي دخلتم بهن "، والدخول النكاح.
* * *وقال آخرون: " الدخول " في هذا الموضع: هو التَّجريد.
*ذكر من قال ذلك:8959 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج، قلت لعطاء: قوله: " اللاتي دخلتم بهن "، ما " الدّخول بهن "؟ قال: أن تُهْدَى إليه فيكشف ويَعْتسَّ، ويجلس بين رجليها.
(53) قلت: أرأيت إن فعل ذلك في بيتِ أهلها؟ قال: هو سواءٌ، وَحسْبُه! قد حرَّم ذلك عليه ابنتَها.
قلت: تحرم الربيبة مِمَّن يصنع هذا بأمها؟ ألا يحرُم عليَّ من أمَتي إن صنعته بأمها؟ (54) قال: نعم، سواء.
قال عطاء: إذا كشف الرجل أَمته وجلس بين رجليها، أنهاه عن أمِّها وابنتها.
* * *قال أبو جعفر: وأولى القولين عندي بالصواب في تأويل ذلك، ما قاله ابن عباس، من أنّ معنى: " الدخول " الجماع والنكاح.
لأن ذلك لا يخلو معناه من أحد أمرين: إما أن يكون على الظاهر المتعارَف من معاني" الدخول " في الناس، وهو الوصول إليها بالخلوة بها = أو يكون بمعنى الجماع.
وفي إجماع الجميع على أن خلوة الرجل بامرأته لا يحرِّم عليه ابنتها إذا طلِّقها قبل مَسِيسها ومُباشرتها، أو قبل النَّظر إلى فرجها بالشهوة، ما يدلُّ على أن معنى ذلك هو الوصول إليها بالجماع.
وإذْ كان ذلك كذلك، فمعلوم أن الصحيح من التأويل في ذلك ما قلناه.
* * *وأما قوله: " فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم "، فإنه يقول: فإن لم تكونوا، أيها الناس، دخلتم بأمهات ربائبكم اللاتي في حجوركم فجامعتموهن حتى طلقتموهن =" فلا جناح عليكم "، يقول: فلا حرج عليكم في نكاح من كان من ربائبكم كذلك.
(55)* * *وأما قوله: " وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم "، فإنه يعني: وأزواج أبنائكم الذين من أصلابكم.
* * *وهي جمع " حليلة " وهي امرأته.
وقيل: سميت امرأة الرجل " حليلته "، لأنها تحلُّ معه في فراش واحد.
* * *ولا خلاف بين جميع أهل العلم أن حليلة ابن الرجل، حرامٌ عليه نكاحها بعقد ابنه عليها النكاح، دخل بها أو لم يدخل بها.
* * *فإن قال قائل: فما أنت قائلٌ في حلائل الأبناء من الرضاع، فإن الله تعالى إنما حرم حلائل أبنائِنا من أصلابنا؟قيل: إن حلائل الأبناء من الرضاع، وحلائل الأبناء من الأصلاب، سواء في التحريم.
وإنما قال: " وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم "، لأن معناه: وحلائل أبنائكم الذين ولدتموهم، دون حلائل أبنائكم الذين تبنيتموهم، كما:-8960 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: قوله: " وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم "، قال: كنا نُحدَّث، (56) والله أعلم، أنها نزلت في محمد صلى الله عليه وسلم.
حين نكح امرأة زَيْد بن حارثة، قال المشركون في ذلك، فنزلت: " وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم "، ونزلت: وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ [سورة الأحزاب: 4]، ونزلت: مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ [سورة الأحزاب: 40]* * *وأما قوله: " وأن تجمعوا بين الأختين " فإن معناه: وحرم عليكم أن تجمعوا بين الأختين عندكم بنكاح = ف " أن " في موضع رفع، كأنه قيل: والجمع بين الأختين.
(57)* * *=" إلا ما قد سلف " لكن ما قد مضى منكم (58) =" إن الله كان غفورًا " (59) لذنوب عباده إذا تابوا إليه منها =" رحيما " بهم فيما كلَّفهم من الفرائض، وخفَّف عنهم فلم يحمِّلهم فوق طاقتهم.
يخبر بذلك جل ثناؤه: أنه غفور لمن كان جمع بين الأختين بنكاح في جاهليته، وقبلَ تحريمه ذلك، إذا اتقى الله تبارك وتعالى بعدَ تحريمه ذلك عليه، فأطاعه باجتنابه = رحيمٌ به وبغيره من أهل طاعته من خَلْقِه.
* * *---------------الهوامش :(38) الآثار: 8944 - 8946 -"إسماعيل بن رجاء بن ربيعة الزبيدي" ، روى له مسلم والأربعة.
ثقة ، كان يجمع صبيان المكاتب ويحدثهم لكي لا ينسى حديثه!و"عمير مولى ابن عباس" هو: عمير بن عبد الله الهلالي ، مولى أم الفضل.
ثقة.
وروى خبر ابن عباس ، الحاكم في المستدرك 2: 304 من طريق: محمد بن كثير ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن إسماعيل بن رجاء ، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي.
وأشار إليه الحافظ في الفتح 5: 133 ، ونسبه للطبراني.
وابن كثير في التفسير 2: 390.
(39) الأثر: 8948 - رواه بهذا الإسناد البخاري في صحيحه (الفتح 5: 132) بغير هذا اللفظ ، ورواه بلفظه البيهقي في السنن الكبرى 7: 158 ، ولفظ البخاري: "حرم من النسب سبع ، ومن الصهر سبع" كالخبر السالف ، وانظر تفسير ابن كثير 2: 390.
(40) الأثر: 8950 -"عمرو بن سالم" ، هو : "أبو عثمان الأنصاري" قاضي مرو ، مختلف فيه وفي اسم أبيه اختلاف كثير.
وقيل: "اسمه كنيته" ، وهو مشهور بكنيته ، ولكن الطبري جاء به غير مكنى باسمه واسم أبيه.
(41) "المبهمات" هن من المحرمات: ما لا يحل بوجه ولا سبب كتحريم الأم والأخت وما أشبهه.
وقال القرطبي في تفسيره (5: 107): "وتحريم الأمهات عام في كل حال ، لا يتخصص بوجه من الوجوه ، ولهذا يسميه أهل العلم: (المبهم) ، أي لا باب فيه ولا طريق إليه ، لانسداد التحريم وقوته".
وسأسوق لك ما قاله الأزهري في تفسيرها قال: "رأيت كثيرًا من أهل العلم يذهبون بهذا إلى إبهام الأمر واستبهامه ، وهو إشكاله = وهو غلط.
قال: وكثير من ذوي المعرفة لا يميزون بين المبهم وغير المبهم من ألوان الخيل الذي لا شية فيه تخالف معظم لونه.
قال: ولما سئل ابن عباس عن قوله: "وأمهات نسائكم" ولم يبين الله الدخول بهن ، أجاب فقال: هذا من مبهم التحريم ، الذي لا وجه فيه غير التحريم ، سواء دخلتم بالنساء أو لم تدخلوا بهن.
فأمهات نسائكم حرمن عليكم من جميع الجهات.
وأما قوله: "وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن" ، فالربائب ههنا لسن من المبهمات ، لأن لهن وجهين مبينين: أحللن في أحدهما ، وحرمن في الآخر.
فإذا دخل بأمهات الربائب حرمت الربائب ، وإن لم يدخل بأمهات الربائب لم يحرمن"فهذا تفسير"المبهم" الذي أراده ابن عباس فافهمه".
وعقب على هذا ابن الأثير فقال: "هذا التفسير من الأزهري ، إنما هو للربائب والأمهات ، لا الحلائل ، وهو في أول الحديث إنما جعل سؤال ابن عباس عن الحلائل لا عن الربائب" ، وهو تعقيب غير جيد.
ثم انظر"الإنصاف" للبطليوسي: 28 ، 29.
(42) يعني: والذي تزوج امرأة فحرام عليه أمها.
(43) في المخطوطة: "موضع موصولا به" ، ولا معنى لها ، وفي المطبوعة: "فوضع موصولا به" ولا معنى لها أيضًا ، واستظهرت صحتها"يرجع موصولا به" ، أي أن الشرط راجع إلى أمهات النساء والربائب جميعًا.
(44) الأثران: 8951 ، 8952 -"خلاس بن عمرو الهجري" ثقة ، تكلموا في سماعه من علي ، وأن حديثه عنه من صحيفة كانت عنده ، ونص البخاري على ذلك في التاريخ الكبير 2 / 1 / 208.
فمن أجل ذلك قال القرطبي في هذا الأثر: "وحديث خلاس عن علي لا تقوم به حجة ، ولا تصح روايته عند أهل العلم بالحديث ، والصحيح عنه مثل قول الجماعة".
(45) الأثر: 8955 -"عكرمة بن خالد بن العاص بن هشام المخزومي" ، روى عن أبيه وأبي هريرة وابن عباس وابن عمر وغيرهم.
وهو ثقة.
وقال بعضهم: "منكر الحديث" وإنما خلط بينه وبين"عكرمة بن خالد بن سلمة بن العاص بن هشام المخزومي" ، وهما مختلفان.
وانظر ما قاله ابن كثير في هذا الباب من تفسيره 2: 392-394 ، وذكر هذه الآثار.
(46) الحديث: 8956 - المثنى بن الصباح الأبناوي المكي: مضت له ترجمة في: 4611.
ونزيد هنا أنا نرى أن حديثه حسن ، لأنه اختلط أخيرًا ، كما فصلنا في شرح المسند ، في الحديث: 6893.
ومن أجل الكلام فيه ذهب الطبري إلى أن في إسناد هذا الحديث نظرًا.
وقد رواه البيهقي أيضًا في السنن الكبرى 7: 160 ، من طريق ابن المبارك ، عن المثنى بن الصباح.
ثم قال البيهقي: "مثنى بن الصباح: غير قوي".
ولكن المثنى لم ينفرد بروايته.
فقد رواه البيهقي أيضًا - عقب رواية المثنى - من طريق ابن لهيعة ، عن عمر بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه ، فهذه متابعة قوية للمثنى ، ترفع ما قد يظن من خطئه في روايته.
والحديث نقله ابن كثير عن رواية الطبري هذه 2: 394 ، ضمن ما نقله من كلام الطبري في هذا الموضع.
وذكره السيوطي 2: 135 وزاد نسبته لعبد الرزاق ، وعبد بن حميد.
ونص على أن البيهقي رواه من طريقين وهما اللتان ذكرناهما.
(47) في المخطوطة والمطبوعة: "لم يرها ولا يجامعها حتى يطلقها" ، وأثبت ما في الدر المنثور 2: 135 ، فهو أجود ، وقد مضى في الأثر رقم: 8941 ، "ثم لا يراها حتى يطلقها" ، وانظر تخريج الأثر.
(48) في المطبوعة: "لا تبرأ" ، ثم في الذي يليه"ما تبرأ" ، وهو خطأ ، لم يحسن قراءة المخطوطة ، وفيها: "تترى" غير منقوطة.
وصواب قراءتها ما أثبت.
وقوله: "تترى" ، أي: متتابعة ، واحدة بعد واحدة ، وقد جاء السؤال عن"تترى" أيضًا في حديث رواه ابن سعد 2 / 2 / 131 ، عن قباث بن أشيم الليثي ، وجاء تفسيرها فيه"متفرقين".
(49) في المطبوعة: "لا تبرأ" ، ثم في الذي يليه"ما تبرأ" ، وهو خطأ ، لم يحسن قراءة المخطوطة ، وفيها: "تترى" غير منقوطة.
وصواب قراءتها ما أثبت.
وقوله: "تترى" ، أي: متتابعة ، واحدة بعد واحدة ، وقد جاء السؤال عن"تترى" أيضًا في حديث رواه ابن سعد 2 / 2 / 131 ، عن قباث بن أشيم الليثي ، وجاء تفسيرها فيه"متفرقين".
(50) الأثر: 8597 - مضى هذا الأثر مختصرًا بإسناده ، وبغير هذا اللفظ فيما سلف قريبًا رقم: 8941 ، وانظر التعليق عليه هناك.
(51) في المطبوعة والمخطوطة: "قبيلة من مقبولة" بالباء الموحدة ، وليس صوابا ، بل الصواب ما أثبت ، ولعل الناسخ كتب ما كتب ، لأنهم قالوا: "رجل قتيل ، وامرأة قتيل" ، فهذا هو المشهور ، ولكنه أغفل أنهم إذا تركوا ذكر المرأة قالوا: "هذه قتيلة بني فلان" وقالوا: "مررت بقتيلة" ، ولم يقولوا في هذا"مررت بقتيل".
(52) في المطبوعة: "جابر وجبير" بالجيم ، وفي المخطوطة ، أهمل نقط الأولى ، ونقط الثانية جيما ، وهو خطأ ، ليس في العربية شيء من ذلك ، بل الصواب ما أثبت و"الخابر والخبير": العالم بالخبر.
(53) في المطبوعة: "يعس" ، وفي المخطوطة"يعيس" ، وصواب قراءتها ما أثبت.
يقال: "اعتس الشيء" ، لمسه ورازه ليعرف خبره.
وهو من الألفاظ التي لم تبين معناها كتب اللغة ، ولكن معناها مفرق في أثناء كلامها.
(54) في المطبوعة والمخطوطة: "ألا ما يحرم علي من أمتي" ، وهو غير مستقيم ، وكأن الصواب المحض ما أثبته.
(55) انظر تفسير"الجناح" فيما سلف 3: 230 ، 231 / 4: 162 ، 566 / 5: 70 ، 117 ، 138.
(56) في المخطوطة والمطبوعة: "كنا نتحدث" ، وهو خطأ ، والصواب ما أثبت ، لأن عطاء يروي ما سمعه من أهل العلم من شيوخه.
وانظر ابن كثير 2: 396.
(57) انظر معاني القرآن للفراء 1: 260.
(58) انظر تفسير"إلا" ، وتفسير"سلف" فيما سلف قريبًا: 137 ، 138 ، تعليق: 50.
(59) في المخطوطة والمطبوعة: "فإن الله" ، فأثبتها على منهجه في التفسير ، بذكر نص الآية.

حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفورا رحيما

سورة : النساء - الأية : ( 23 )  - الجزء : ( 4 )  -  الصفحة: ( 81 ) - عدد الأيات : ( 176 )

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: أيحسب أن لن يقدر عليه أحد
  2. تفسير: ثم أنـزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم
  3. تفسير: اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب
  4. تفسير: لآكلون من شجر من زقوم
  5. تفسير: خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا
  6. تفسير: والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة
  7. تفسير: وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن
  8. تفسير: وإنه لحق اليقين
  9. تفسير: لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون
  10. تفسير: وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون

تحميل سورة النساء mp3 :

سورة النساء mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة النساء

سورة النساء بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة النساء بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة النساء بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة النساء بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة النساء بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة النساء بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة النساء بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة النساء بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة النساء بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة النساء بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب