تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ..
﴿ وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ ۚ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾
[ سورة البقرة: 280]
معنى و تفسير الآية 280 من سورة البقرة : وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة .
تفسير الجلالين | التفسير الميسر | تفسير السعدي |
تفسير البغوي | التفسير الوسيط | تفسير ابن كثير |
تفسير الطبري | تفسير القرطبي | إعراب الآية |
تفسير السعدي : وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة
وإن كان المدين ذو عسرة لا يجد وفاء فنظرة إلى ميسرة وهذا واجب عليه أن ينظره حتى يجد ما يوفي به وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون إما بإسقاطها أو بعضها.
تفسير البغوي : مضمون الآية 280 من سورة البقرة
فأنزل الله تعالى ( وإن كان ذو عسرة )يعني وإن كان الذي عليه الدين معسرا رفع الكلام باسم كان ولم يأت لها بخبر وذلك جائز في النكرة تقول إن كان رجل صالح فأكرمه ، وقيل " كان " بمعنى وقع وحينئذ لا يحتاج إلى خبر قرأ أبو جعفر " عسرة " بضم السين ( فنظرة ) أمر في صيغة الخبر تقديره فعليه نظرة ( إلى ميسرة ) قرأ نافع " ميسرة " بضم السين وقرأ الآخرون بفتحها وقرأ مجاهد " ميسرة " بضم السين مضافا ومعناها اليسار والسعة ( وأن تصدقوا ) أي تتركوا رءوس أموالكم إلى المعسر ( خير لكم إن كنتم تعلمون ) قرأ عاصم تصدقوا بتخفيف الصاد والآخرون بتشديدها .أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، أخبرنا أبو الطيب سهل بن محمد بن سليمان ، أخبرنا أبو العباس إسماعيل بن عبد الله الميكالي ، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى بن عبدان الحافظ ، أخبرنا أبو طاهر أحمد بن عمرو بن السرح ، أخبرنا ابن وهب عن جرير عن حازم عن أيوب عن يحيى ابن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أنه كان يطلب رجلا بحق فاختبأ منه فقال : ما حملك على ذلك قال : العسرة فاستحلفه على ذلك فحلف فدعا بصكه فأعطاه إياه وقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من أنظر معسرا أو وضع عنه أنجاه الله من كرب يوم القيامة " .أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أبو منصور محمد بن سمعان أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني ، أخبرنا حميد بن زنجويه أخبرنا عبيد الله بن موسى أخبرنا إسرائيل عن منصور عن ربعي عن أبي مسعود رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم " إن الملائكة لتلقت روح رجل كان قبلكم فقالوا هل عملت خيرا قط؟ قال : لا قالوا : تذكر قال : لا إلا أني رجل كنت أداين الناس فكنت آمر فتياني أن ينظروا الموسر ويتجاوزوا عن المعسر قال الله تبارك وتعالى " تجاوزوا عنه " .أخبرنا عبد الواحد بن المليحي ، أخبرنا أبو منصور السمعاني أخبرنا أبو جعفر الرياني ، أخبرنا حميد بن زنجويه ، أخبرنا أحمد بن عبد الله ، أخبرنا زائدة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي عن أبي اليسر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول " من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله " .فصل في الدين وحسن قضائه وتشديد أمره أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل أخبرنا أبو الوليد ، أخبرنا شعبة، أخبرنا سلمة بن كهيل قال: سمعت أبا سلمة بمنى يحدث عن أبي هريرة رضي الله عنه" أن رجلاً تقاضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأغلظ له فهم أصحابه فقال: دعوه فإن لصاحب الحق مقالاً، واشتروا له بعيراً فأعطوه إياه ، قالوا: لا نجد إلا أفضل من سنه قال: اشتروه فأعطوه إياه فإن خياركم أحسنكم قضاء ".أخبرنا أبو الحسن السرخسي أخبرنا زاهر بن أحمد السرخسي ، أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي ، أخبرنا أبو مصعب عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " مطل الغني ظلم وإذا أتبع أحدكم على ملأ فليتبعه ". أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب ، أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، أخبرنا أبو العباس الأصم ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا إبراهيم بن سعيد بن إبراهيم عن أبيه عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه ".أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أخبرنا زاهر بن أحمد السرخسي ، أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي ، أخبرنا أبو مصعب عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن عبد الله بن قتادة الأنصاري عن أبيه أنه قال:" جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يارسول الله أرأيت إن قتلت في سبيل الله صابراً محتسباً، مقبلاً غير مدبر، يكفر الله عن خطاياي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم فلما أدبر ناداه رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أمر به فنودي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف قلت؟ فأعاد عليه قوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم إلا الدين كذلك قال جبريل".
التفسير الوسيط : وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة
ثم أمر الله-تبارك وتعالى- الدائنين أن يصبروا على المدينين الذين لا يجدون ما يؤدون منه ديونهم فقال-تبارك وتعالى-: وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ.والعسرة: اسم من الإعسار وهو تعذر الموجود من المال يقال: أعسر الرجل إذا صار إلى حالة العسرة وهي الحالة التي يتعسر فيها وجود المال.والنظرة: اسم من الإنظار بمعنى الإمهال. يقال: نظره وانتظره وتنظره، تأنى عليه وأمهله في الطلب.والميسرة: مفعلة من اليسر الذي هو ضد الإعسار. يقال: أيسر الرجل فهو موسر إذا اغتنى وكثر ماله وحسنت حاله.والمعنى: وإن وجد مدين معسر فأمهلوه في أداء دينه إلى الوقت الذي يتمكن فيه من سداد ما عليه من ديون، ولا تكونوا كأهل الجاهلية الذين كان الواحد منهم إذا كان له دين على شخص وحل موعد الدين طالبه بشدة وقال له: إما أن تقضى وإما أن تربى أى تدفع زيادة على أصل الدين.وكانَ هنا الظاهر أنها تامة بمعنى وجد أو حدث، فتكتفى بفاعلها كسائر الأفعال. وقيل يجوز أن تكون ناقصة واسمها ضمير مستكن فيها يعود إلى المدين وإن لم يذكر وذلك على قراءة ذا عسرة بالنصب وقوله: فَنَظِرَةٌ الفاء جواب الشرط. ونظرة خبر لمبتدأ محذوف أى فالأمر أو فالواجب أو مبتدأ محذوف الخبر أى فعليكم نظرة.ثم حبب- سبحانه - إلى عباده التصدق بكل أو ببعض ما لهم من ديون على المدينين المعسرين فقال-تبارك وتعالى-: وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ.أى: وأن تتركوا للمعسر كل أو بعض ما لكم عليه من ديون وتتصدقوا بها عليه، فإن فعلكم هذا يكون أكثر ثوابا لكم من الإنظار.وجواب الشرط في قوله: إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ محذوف. أى إن كنتم تعلمون أن هذا التصدق خير لكم فلا تتباطؤا في فعله، بل سارعوا إلى تنفيذه فإن التصدق بالدين على المعسر ثوابه جزيل عند الله-تبارك وتعالى-.وقد أورد بعض المفسرين جملة من الأحاديث النبوية التي تحض على إمهال المعسر، والتجاوز عما عليه من ديون.ومن ذلك ما أخرجه مسلّم في صحيحه عن أبى قتادة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من نفس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة» .وروى الطبراني عن أسعد بن زرارة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من سره أن يظله الله يوم لا ظل إلا ظلله فلييسر على معسر أو ليضع عنه» .وروى الإمام أحمد عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من أراد أن تستجاب دعوته وأن تكشف كربته فليفرج عن معسر» .
تفسير ابن كثير : شرح الآية 280 من سورة البقرة
وقوله : ( وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون ) : يأمر تعالى بالصبر على المعسر الذي لا يجد وفاء ، فقال : ( وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ) [ أي ] : لا كما كان أهل الجاهلية يقول أحدهم لمدينه إذا حل عليه الدين : إما أن تقضي وإما أن تربي .ثم يندب إلى الوضع عنه ، ويعد على ذلك الخير والثواب الجزيل ، فقال : ( وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون ) أي : وأن تتركوا رأس المال بالكلية وتضعوه عن المدين . وقد وردت الأحاديث من طرق متعددة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بذلك :فالحديث الأول : عن أبي أمامة أسعد بن زرارة [ النقيب ] ، قال الطبراني : حدثنا عبد الله بن محمد بن شعيب الرجاني حدثنا يحيى بن حكيم المقوم ، حدثنا محمد بن بكر البرساني ، حدثنا عبد الله بن أبي زياد ، حدثني عاصم بن عبيد الله ، عن أبي أمامة أسعد بن زرارة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من سره أن يظله الله يوم لا ظل إلا ظله ، فلييسر على معسر أو ليضع عنه " .حديث آخر : عن بريدة ، قال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا عبد الوارث ، حدثنا محمد بن جحادة ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " من أنظر معسرا فله بكل يوم مثله صدقة " . قال : ثم سمعته يقول : " من أنظر معسرا فله بكل يوم مثلاه صدقة " . قلت : سمعتك يا رسول الله تقول : " من أنظر معسرا فله بكل يوم مثله صدقة " . ثم سمعتك تقول : " من أنظر معسرا فله بكل يوم مثلاه صدقة " ؟ ! قال : " له بكل يوم مثله صدقة قبل أن يحل الدين ، فإذا حل الدين فأنظره ، فله بكل يوم مثلاه صدقة " .حديث آخر : عن أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري ، قال [ الإمام ] أحمد : حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة ، أخبرنا أبو جعفر الخطمي ، عن محمد بن كعب القرظي : أن أبا قتادة كان له دين على رجل ، وكان يأتيه يتقاضاه ، فيختبئ منه ، فجاء ذات يوم فخرج صبي فسأله عنه ، فقال : نعم ، هو في البيت يأكل خزيرة فناداه : يا فلان ، اخرج ، فقد أخبرت أنك هاهنا فخرج إليه ، فقال : ما يغيبك عني ؟ فقال : إني معسر ، وليس عندي . قال : آلله إنك معسر ؟ قال : نعم . فبكى أبو قتادة ، ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من نفس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة " . ورواه مسلم في صحيحه .حديث آخر : عن حذيفة بن اليمان ، قال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا الأخنس أحمد بن عمران حدثنا محمد بن فضيل ، حدثنا أبو مالك الأشجعي ، عن ربعي بن حراش ، عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتى الله بعبد من عبيده يوم القيامة ، قال : ماذا عملت لي في الدنيا ؟ فقال : ما عملت لك يا رب مثقال ذرة في الدنيا أرجوك بها ، قالها ثلاث مرات ، قال العبد عند آخرها : يا رب ، إنك أعطيتني فضل مال ، وكنت رجلا أبايع الناس وكان من خلقي الجواز ، فكنت أيسر على الموسر ، وأنظر المعسر . قال : فيقول الله ، عز وجل : أنا أحق من ييسر ، ادخل الجنة " .وقد أخرجه البخاري ، ومسلم ، وابن ماجه من طرق عن ربعي بن حراش ، عن حذيفة . زاد مسلم : وعقبة بن عامر وأبي مسعود البدري عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه . ولفظ البخاري .حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا يحيى بن حمزة ، حدثنا الزهري ، عن عبد الله بن عبد الله أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " كان تاجر يداين الناس ، فإذا رأى معسرا قال لفتيانه : تجاوزوا عنه ، لعل الله يتجاوز عنا ، فتجاوز الله عنه " .حديث آخر : عن سهل بن حنيف ، قال الحاكم في مستدركه : حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى ، حدثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك ، حدثنا عمرو بن ثابت ، حدثنا عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن عبد الله بن سهل بن حنيف ، أن سهلا حدثه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من أعان مجاهدا في سبيل الله أو غازيا ، أو غارما في عسرته ، أو مكاتبا في رقبته ، أظله الله يوم لا ظل إلا ظله " ثم قال : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه .حديث آخر : عن عبد الله بن عمر ، قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن عبيد ، عن يوسف بن صهيب ، عن زيد العمي ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أراد أن تستجاب دعوته ، وأن تكشف كربته ، فليفرج عن معسر " ، انفرد به أحمد .حديث آخر : عن أبي مسعود عقبة بن عمرو ، قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا أبو مالك ، عن ربعي بن حراش ، عن حذيفة ، أن رجلا أتى به الله عز وجل ، فقال : ماذا عملت في الدنيا ؟ فقال له الرجل : ما عملت مثقال ذرة من خير أرجوك بها ، فقالها له ثلاثا ، وقال في الثالثة : أي رب كنت أعطيتني فضلا من المال في الدنيا ، فكنت أبايع الناس ، فكنت أتيسر على الموسر ، وأنظر المعسر . فقال تبارك وتعالى : نحن أولى بذلك منك ، تجاوزوا عن عبدي . فغفر له . قال أبو مسعود : هكذا سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم ، وهكذا رواه مسلم من حديث أبي مالك سعد بن طارق به .حديث آخر : عن عمران بن حصين ، قال الإمام أحمد : حدثنا أسود بن عامر ، أخبرنا أبو بكر ، عن الأعمش ، عن أبي داود ، عن عمران بن حصين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من كان له على رجل حق فأخره كان له بكل يوم صدقة " .غريب من هذا الوجه وقد تقدم عن بريدة نحوه .حديث آخر : عن أبي اليسر كعب بن عمرو ، قال الإمام أحمد : حدثنا معاوية بن عمرو ، حدثنا زائدة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن ربعي ، قال : حدثني أبو اليسر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله ، عز وجل ، في ظله يوم لا ظل إلا ظله " .وقد أخرجه مسلم في صحيحه من وجه آخر ، من حديث عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت ، قال : خرجت أنا وأبي نطلب العلم في هذا الحي من الأنصار قبل أن يهلكوا ، فكان أول من لقينا أبا اليسر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومعه غلام له معه ضمامة من صحف ، وعلى أبي اليسر بردة ومعافري ، وعلى غلامه بردة ومعافري فقال له أبي : يا عم ، إني أرى في وجهك سفعة من غضب ؟ قال أجل ، كان لي على فلان بن فلان الحرامي مال ، فأتيت أهله فسلمت ، فقلت : أثم هو ؟ قالوا : لا فخرج علي ابن له جفر فقلت : أين أبوك ؟ فقال : سمع صوتك فدخل أريكة أمي . فقلت : اخرج إلي فقد علمت أين أنت ؟ فخرج ، فقلت : ما حملك على أن اختبأت مني ؟ قال : أنا والله أحدثك ثم لا أكذبك ; خشيت والله أن أحدثك فأكذبك ، وأن أعدك فأخلفك ، وكنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكنت - والله - معسرا قال : قلت : آلله ؟ قال : قلت : آلله ، قال : الله . قلت : آلله ؟ قال : الله . قال : فأتى بصحيفته فمحاها بيده ، ثم قال : فإن وجدت قضاء فاقضني ، وإلا فأنت في حل ، فأشهد بصر عيني ووضع أصبعيه على عينيه وسمع أذني هاتين ، ووعاه قلبي وأشار إلى مناط قلبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : " من أنظر معسرا ، أو وضع عنه أظله الله في ظله " . وذكر تمام الحديث .حديث آخر : عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان ، قال عبد الله بن الإمام أحمد [ في مسند أبيه ] حدثني أبو يحيى البزاز محمد بن عبد الرحيم ، حدثنا الحسن بن بشر بن سلم الكوفي ، حدثنا العباس بن الفضل الأنصاري ، عن هشام بن زياد القرشي ، عن أبيه ، عن محجن مولى عثمان ، عن عثمان ، قال : سمعت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يقول : " أظل الله عينا في ظله ، يوم لا ظل إلا ظله من أنظر معسرا ، أو ترك لغارم " .حديث آخر : عن ابن عباس ، قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن يزيد ، حدثنا نوح بن جعونة السلمي الخراساني ، عن مقاتل بن حيان ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد ، وهو يقول بيده هكذا وأومأ عبد الرحمن بيده إلى الأرض : " من أنظر معسرا أو وضع له ، وقاه الله من فيح جهنم ، ألا إن عمل الجنة حزن بربوة ثلاثا ، ألا إن عمل النار سهل بسهوة ، والسعيد من وقي الفتن ، وما من جرعة أحب إلى الله من جرعة غيظ يكظمها عبد ، ما كظمها عبد لله إلا ملأ الله جوفه إيمانا " تفرد به أحمد .طريق أخرى : قال الطبراني : حدثنا أحمد بن محمد البوراني قاضي الحديثة من ديار ربيعة ، حدثنا الحسين بن علي الصدائي ، حدثنا الحكم بن الجارود ، حدثنا ابن أبي المتئد خال ابن عيينة عن أبيه ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أنظر معسرا إلى ميسرته أنظره الله بذنبه إلى توبته " .
تفسير الطبري : معنى الآية 280 من سورة البقرة
القول في تأويل قوله تعالى : وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍقال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بذلك: " وإن كان " ممن تقبضون منه من غرمائكم رؤوسَ أموالكم =" ذو عُسْرَة " يعني: معسرًا برؤوس أموالكم التي كانت لكم عليهم قبلَ الإرباء، فأنظروهم إلى ميسرتهم.وقوله: " ذو عسرة "، مرفوع ب " كان "، فالخبر متروك، وهو ما ذكرنا. وإنما صلح ترك خبرها، من أجل أنّ النكرات تضمِرُ لها العربُ أخبارَها، ولو وُجِّهت " كان " في هذا الموضع، إلى أنها بمعنى الفعل المكتفِي بنفسه التام، لكان وجهًا صحيحًا، ولم يكن بها حاجة حينئذ إلى خبر. فيكون تأويلُ الكلام عند ذلك: وإن وُجد ذُو عسرة من غرمائكم برؤوس أموالكم، فنَظِرة إلى ميسرة.وقد ذكر أنّ ذلك في قراءة أبي بن كعب: ( وَإِنْ كَانَ ذَا عُسْرَةٍ )، بمعنى: وإن كان الغريم ذا عسرة =" فنظرة إلى ميسرة ". وذلك وإن كان في العربية جائزا فغيرُ جائز القراءة به عندنا، لخلافه خطوط مصاحف المسلمين. (36)* * *وأما قوله: ( فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ )، فإنه يعني: فعليكم أن تنظروه إلى ميسرة، كما قال: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ [سورة البقرة: 196]، وقد ذكرنا وجه رفع ما كان من نظائرها فيما مضى قبلُ، فأغنى عن تكريره. (37) .* * *و " الميسرَة "، المفعلة من " اليُسر "، مثل " المرْحمة " و " والمشأمة ".* * *ومعنى الكلام: وإن كان من غرمائكم ذو عسرة، فعليكم أن تنظروه حتى يُوسر بالدَّين الذي لكم، (38) فيصيرَ من أهل اليُسر به.وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.ذكر من قال ذلك:6277 - حدثني واصل بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن فضيل، عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن ابن عباس في قوله: " وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة "، قال: نزلت في الربا.6278 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، حدثنا هشام، عن ابن سيرين: أن رجلا خاصَم رجلا إلى شُرَيح، قال: فقضى عليه وأمرَ بحبسه، قال: فقال رجل عند شريح: إنه مُعسرٌ، والله يقول في كتابه: " وإن كان ذو عسرة فنَظِرة إلى ميسرة "! قال: فقال شريح: إنما ذلك في الربا! وإن الله قال في كتابه: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ [سورة النساء: 58] ولا يأمرنا الله بشيء ثم يعذبنا عليه.6279 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم في قوله: " وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة "، قال: ذلك في الربا.6280 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا مغيرة، عن الشعبيّ أن الربيع بن خثيم كان له على رجل حق، فكان يأتيه ويقوم على بابه ويقول: أيْ فلان، إن كنت مُوسرًا فأدِّ، وإن كنت مُعسرًا فإلى مَيسرة. (39)6281- حدثنا يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن أيوب، عن محمد، قال: جاء رجل إلى شريح فكلَّمه فجعل يقول: إنه معسر، إنه مُعسر! ! قال: فظننت أنه يكلِّمه في محبوس، فقال شريح: إن الربا كان في هذا الحي من الأنصار، فأنزل الله عز وجل: " وإنْ كان ذُو عُسْرَة فَنظِرة إلى ميسرة " وقال الله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ، فما كان الله عز وجل يأمرنا بأمر ثم يعذبنا عليه، أدّوا الأمانات إلى أهلها.6282- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن سعيد، عن قتادة في قوله: " وإن كان ذو عسرة فنطرة إلى ميسرة "، قال: فنظرة إلى ميسرة برأس ماله.6283 - حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: " وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة "، إنما أمر في الربا أن ينظر المعسر، وليست النَّظِرة في الأمانة، ولكن يؤدِّي الأمانة إلى أهلها. (40)6284 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " وإن كان ذو عسرة فنظرة " برأس المال =" إلى ميسرة "، يقول: إلى غنى.6285- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: قال ابن عباس: " وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة "، هذا في شأن الربا.6286 - حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ، قال: أخبرنا عبيد بن سليمان قال (41) سمعت الضحاك في قوله: (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) ، هذا في شأن الربا، وكان أهل الجاهلية بها يتبايعون، فلما أسلم من أسلم منهم، أمِروا أن يأخذوا رءوس أموالهم.6287 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: " وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة "، يعني المطلوب.6288 - حدثني ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن أبي جعفر في قوله: " وإن كان ذُو عسرة فنظِرةَ إلى ميسرة "، قال: الموت.6289 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا إسرائيل، عن جابر، عن محمد بن علي مثله.6290- حدثني المثنى قال، حدثنا قبيصة بن عقبة قال، حدثنا سفيان، عن المغيرة، عن إبراهيم: " وإن كان ذُو عسرة فنظرة إلى ميسرة "، قال: هذا في الربا.6291- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا شريك، عن منصور، عن إبراهيم في الرجل يتزوج إلى الميسرة، قال: إلى الموت، أو إلى فُرْقة.6292- حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم: " فنظرة إلى ميسرة "، قال: ذلك في الربا.6293 - حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا مندل، عن ليث، عن مجاهد: " فنظرة إلى ميسرة "، قال: يؤخّره، ولا يزدْ عليه. وكان إذا حلّ دين أحدهم فلم يجد ما يعطيه، زاد عليه وأخَّره.6294 - وحدثني أحمد بن حازم قال، حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا مندل، عن ليث، عن مجاهد: " وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة " قال: يؤخره ولا يزدْ عليه.* * *وقال آخرون: هذه الآية عامة في كل من كان له قِبَل رجل معسر حقٌّ (42) من أيّ وجهة كان ذلك الحق، من دين حلال أو ربا.ذكر من قال ذلك:6295 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال، أخبرنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك قال: من كان ذا عُسرة فنظرة إلى ميسرة، وأن تصدّقوا خير لكم. قال: وكذلك كل دين على مسلم، فلا يحلّ لمسلم له دَين على أخيه يعلم منه عُسرة أن يسجنه، ولا يطلبه حتى ييسره الله عليه. وإنما جعل النظرة في الحلال، فمن أجل ذلك كانت الدّيون على ذلك.6296- حدثني علي بن حرب قال، حدثنا ابن فضيل، عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن ابن عباس: " وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة " قال: نزلت في الدَّين. (43)* * *قال أبو جعفر: والصواب من القول في قوله: " وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة "، أنه معنيٌّ به غرماء الذين كانوا أسلموا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهم عليهم ديون قد أربَوْا فيها في الجاهلية، فأدركهم الإسلام قبل أن يقبضوها منهم، فأمر الله بوضع ما بقي من الربا بعد ما أسلموا، وبقبض رؤوس أموالهم، ممن كان منهم من غرمائهم موسرا، أو إنظار من كان منهم معسرا برؤوس أموالهم إلى ميسرتهم. فذلك حكم كل من أسلم وله ربا قد أربى على غريم له، فإن الإسلام يبطل عن غريمه ما كان له عليه من قِبْل الربا، ويلزمه أداء رأس ماله - الذي كان أخذ منه، أو لزمه من قبل الإرباء - إليه، إن كان موسرا. (44) وإن كان معسرا، كان منظرا برأس مال صاحبه إلى ميسرته، وكان الفضل على رأس المال مبطلا عنه.غير أن الآية وإن كانت نزلت فيمن ذكرنا، وإياهم عنى بها، فإن الحكم الذي حكم الله به: من إنظاره المعسر برأس مال المربي بعد بطول الربا عنه، حكم واجب لكل من كان عليه دين لرجل قد حل عليه، وهو بقضائه معسر: في أنه منظر إلى ميسرته، لأن دين كل ذي دين، في مال غريمه، وعلى غريمه قضاؤه منه - لا في رقبته. فإذا عدم ماله، فلا سبيل له على رقبته بحبس ولا بيع، وذلك أن مال رب الدين لن يخلو من أحد وجوه ثلاثة: إما أن يكون في رقبة غريمه، أو في ذمته يقضيه من ماله، أو في مال له بعينه.= فإن يكن في مال له بعينه، فمتى بطل ذلك المال وعدم، فقد بطل دين رب المال، وذلك ما لا يقوله أحد.= ويكون في رقبته، (45) فإن يكن كذلك، فمتى عدمت نفسه، فقد بطل دين رب الدين، وإن خلف الغريم وفاء بحقه وأضعاف ذلك، وذلك أيضا لا يقوله أحد.فقد تبين إذا، إذ كان ذلك كذلك، أن دين رب المال في ذمة غريمه يقضيه من ماله، فإذا عدم ماله فلا سبيل له على رقبته، لأنه قد عدم ما كان عليه أن يؤدي منه حق صاحبه لو كان موجودا، وإذا لم يكن على رقبته سبيل، لم يكن إلى حبسه وهو معدوم بحقه، سبيل. (46) لأنه غير مانعه حقا، له إلى قضائه سبيل، فيعاقب بمطله إياه بالحبس. (47)* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280)قال أبو جعفر: يعني جل وعز بذلك: وأن تتصدقوا برؤوس أموالكم على هذا المعسر، =" خير لكم " أيها القوم من أن تنظروه إلى ميسرته، لتقبضوا رؤوس أموالكم منه إذا أيسر =" إن كنتم تعلمون " موضع الفضل في الصدقة، وما أوجب الله من الثواب لمن وضع عن غريمه المعسر دينه.* * *واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.فقال بعضهم: معنى ذلك: " وأن تصدقوا " برؤوس أموالكم على الغني والفقير منهم =" خير لكم ".ذكر من قال ذلك:6297 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ ، والمال الذي لهم على ظهور الرجال جعل لهم رؤوس أموالهم حين نزلت هذه الآية. فأما الربح والفضل فليس لهم، ولا ينبغي لهم أن يأخذوا منه شيئا =" وأن تصدقوا خير لكم " ، يقول: أن تصدقوا بأصل المال، خير لكم. (48)6298 - حدثني يعقوب قال حدثنا ابن علية، عن سعيد، عن قتادة: " وأن تصدقوا "، أي برأس المال، فهو خير لكم.6299 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم: (وأن تصدقوا خير لكم) قال: من رؤوس أموالكم.6300 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى، عن سفيان، عن المغيرة، عن إبراهيم بمثله.6301- حدثني المثنى قال، حدثنا قبيصة بن عقبة قال، حدثنا سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم: " وأن تصدقوا خير لكم "، قال: أن تصدقوا برؤوس أموالكم.* * *وقال آخرون: معنى ذلك: وأن تصدقوا به على المعسر، خير لكم - نحو ما قلنا في ذلك.ذكر من قال ذلك:6302 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " وأن تصدقوا خير لكم "، قال: وأن تصدقوا برؤوس أموالكم على الفقير، فهو خير لكم، فتصدق به العباس.6303 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: ( وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ )، يقول: وإن تصدقت عليه برأس مالك فهو خير لك.6304 - حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ، قال أخبرنا عبيد قال، سمعت الضحاك في قوله: ( وأن تصدقوا خير لكم) ، يعني: على المعسر، فأما الموسر فلا ولكن يؤخذ منه رأس المال، والمعسر الأخذ منه حلال والصدقة عليه أفضل.6305 - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال: أخبرنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك: وأن تصدقوا برؤوس أموالكم، خير لكم من نظرة إلى ميسرة. فاختار الله عز وجل الصدقة على النظارة. (49)6306 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم "، قال: من النظرة =" إن كنتم تعلمون ".6307- حدثني يحيى بن أبي طالب قال، أخبرنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك: (فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم)، والنظرة واجبة، وخير الله عز وجل الصدقة على النظرة، (50) والصدقة لكل معسر، فأما الموسر فلا.* * *قال أبو جعفر: وأولى التأويلين بالصواب تأويل من قال: معناه: " وأن تصدقوا على المعسر برءوس أموالكم خير لكم " لأنه يلي ذكر حكمه في المعنيين. وإلحاقه بالذي يليه، أحب إلي من إلحاقه بالذي بعد منه.* * *قال أبو جعفر: وقد قيل إن هذه الآيات في أحكام الربا، هن آخر آيات نزلت من القرآن.ذكر من قال ذلك:6308 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن سعيد = وحدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن سعيد، = عن قتادة، عن سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب قال: كان آخر ما نزل من القرآن آية الربا، وإن نبي الله صلى الله عليه وسلم قبض قبل أن يفسرها، فدعوا الربا والريبة. (51)6039- حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا داود، عن عامر: أن عمر رضي الله عنه قام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: " أما بعد، فإنه والله ما أدري لعلنا نأمركم بأمر لا يصلح لكم، وما أدري لعلنا ننهاكم عن أمر يصلح لكم، وإنه كان من آخر القرآن تنزيلا آيات الربا، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يبينه لنا، فدعوا ما يريبكم إلى ما لا يريبكم ". (52)6310 - حدثني أبو زيد عمر بن شبة قال، حدثنا قبيصة قال، حدثنا سفيان الثوري، عن عاصم الأحول، عن الشعبي، عن ابن عباس قال: آخر ما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم آية الربا، وإنا لنأمر بالشيء لا ندري لعل به بأسا، وننهى عن الشيء لعله ليس به بأس. (53)-------------------(36) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 186 .(37) انظر ما سلف 4 : 34 .(38) في المخطوطة والمطبوعة : "حتى يوسر بما ليس لكم" ، واجتهد مصحح المطبوعة وقال : "لعل (ليس) زائدة من الناسخ" . ولا أراه كذلك ، بل قوله"بما ليس" ، هي في الأصل الذي نقل عنه الناسخ"بالدين" مرتبطة الحروف ، كما يكون كثيرا في المخطوطة القديمة ، فلم يحسن الناسخ قراءتها ، فقرأها"بما ليس" ، وحذف"الذي" ، لظنه أنها زائدة سهوا من الناسخ قبله ، وتبين صحة ما أثبتناه ، من كلام الطبري بعد في آخر تفسير الآية . ولو قرئت : "برأس ما لكم" ، لكان صوابا في المعنى ، كما يتبين من الآثار الآتية .(39) الأثر : 6280 - كان في المطبوعة : "مغيرة ، عن الحسن . . . " ، وفي المخطوطة"مغيرة ، عن الحسى" مشددة الياء بالقلم ، والناسخ كثير السهو والغفلة والتصحيف كما أسلفنا . وإنما هو"الشعبي" ، وهذا الإسناد إلى الشعبي قد مضى مئات من المرات ، انظر مثلا : 4385 . وكان في المطبوعة : "الربيع بن خيثم" وهو تصحيف والصواب ما أثبت ، وقد مضت ترجمته في رقم : 1430 .(40) في المخطوطة : "ولكن مؤدي الأمانة . . . " ، وهو تصحيف من الناسخ .(41) في المطبوعة : "عبيد بن سلمان" ، والصواب من المخطوطة ، وقد مضى الكلام على هذا الإسناد فيما سلف .(42) في المخطوطة : "هذه الآية عام . . . " تصحيف من الناسخ وسهو .(43) الأثر : 6296-"علي بن حرب بن محمد بن علي الطائي" . قال النسائي : "صالح" ، وقال أبو حاتم : "صدوق" توفي سنة 265 ، مترجم في التهذيب .(44) سياق العبارة"ويلزمه أداء رأس ماله . . . إليه . . . " ، وما بينهما فصل .(45) في المطبوعة : "ويكون في رقبته" ، والصواب من المخطوطة .(46) في المطبوعة : "لم يكن إلى حبسه بحقه وهو معدوم سبيل" قدم"بحقه" ، وأثبت ما في المخطوطة ، فهو صواب جيد .(47) في المطبوعة : "فيعاقب بظلمه إياه . . . " ، وفي المخطوطة"فيعاقب بطله إياه . . " وصواب قراءتها ما أثبت . مطله حقه يمطله مطلا ، وماطله مطالا : سوفه ودافعه بالعدة والدين . هذا ، وأبو جعفر رضي الله عنه ، رجل قويم الحجة ، أسد اللسان ، سديد المنطق ، عارف بالمعاني ومنازلها من الرأي ، ومساقطها من الصواب . وهذه حجة بينة فاصلة من حججه التي أشرت إليها كثيرا في بعض تعليقي على هذا التفسير الجليل .(48) الأثر : 6297- سلف برقم : 6268 . وانظر التعليق هناك .(49) النظارة (بكسر النون) : الإنظار وهو الإمهال . وهو مصدر لم أجده في كتب اللغة ، ولكنه عريق في عربيته . كالنذارة ، من الإنذار ، وهو عزيز ، ولكنه عربي البناء والقياس .(50) يقال : "اخترت فلانا على فلان" بمعنى : فضلت فلانا على فلان ، ولذلك عدى بعلى . ومثله"خير فلانا على فلان" ، أي فضله عليه . وقد جاء في الأثر : "خير بين دور الأنصار" ، أي فضل بعضها على بعض . وقلما تجد هذا التعبير .(51) الحديث : 6308- سعيد : هو ابن أبي عروبة .والحديث رواه أحمد في المسند : 246 ، عن يحيى ، وهو القطان .و : 350 ، عن ابن علية - كلاهما عن ابن أبي عروبة . بهذا الإسناد .ورواه ابن ماجه : 2276 ، من طريق خالد بن الحارث ، عن سعيد ، وهو ابن أبي عروبة ، به .وذكره ابن كثير 2 : 58 ، عن الموضع الأول من المسند .وذكره السيوطي في الدر المنثور 1 : 365 ، وزاد نسبته لابن الضريس ، وابن المنذر . وأشار إليه في الإتقان 1 : 33 ، موجزا ، منسوبا لأحمد وابن ماجه فقط .وهذا الحديث - على جلالة رواته وثقتهم - ضعيف الإسناد ، لانقطاعه . فإن سعيد بن المسيب لم يسمع من عمر ، كما بينا في شرح المسند : 109 ، وانظر كتاب المراسيل لابن أبي حاتم ، ص : 26-27 .(52) الحديث : 6309- داود : هو ابن أبي هند . عامر : هو الشعبي .وهذا الإسناد ضعيف أيضًا ، فإن الشعبي لم يدرك عمر ، كما قلنا فيما مضى : 1608 ، نقلا عن ابن كثير .وذكره الحافظ في الفتح 8 : 153 ، منسوبا للطبري ، وقال : "وهو منقطع ، فإن الشعبي لم يدرك عمر" .وذكر ابن كثير 2 : 58 ، نحو معناه ، قال : "رواه ابن ماجه وابن مردويه ، من طريق هياج ابن بسطام ، عن داود بن أبي هند ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : خطبنا عمر . . . " إلخ .وهياج بن بسطام الهروي : اختلفوا فيه جدا ، فضعفه أحمد ، وابن معين ، وابن أبي حاتم ، وغيرهم . وقال المكي بن إبراهيم - شيخ البخاري : "ما علمنا الهياج إلا ثقة صادقا عالما" . ووثقه محمد ابن يحيى الذهلي . وقد أنكروا عليه أحاديث ، ثم ظهر أن الحمل فيها على ابنه خالد الذي رواها عنه . والراجح عندنا هذا ، فإن البخاري ترجمه في الكبير 4/2/242 ، فلم يذكر فيه جرحا . وكأنه ذهب فيه إلى ما اختاره شيخاه : المكي بن إبراهيم ، ومحمد بن يحيى الذهلي .وابن كثير لم يبين من رواه عن الهياج . ثم لم أعرف موضعه في ابن ماجه ، وليس عندي كتاب ابن مردويه .ولكني وجدت له إسنادا إلى الهياج . فرواه الخطيب في ترجمته في تاريخ بغداد 14 : 80-81 ، من طريق محمد بن بكار بن الريان ، -وهو ثقة- عن الهياج ، بهذا الإسناد .فعن هذا ظهر أن إسناده صحيح ، والحمد لله .(53) الحديث : 6310- أبو زيد عمر بن شبة - بفتح الشين المعجمة وتشديد الباء الموحدة - النميري النحوي : ثقة صاحب عربية وأدب . قال الخطيب : "كان ثقة عالما بالسير وأيام الناس" . مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 3/1/116 ، وتاريخ بغداد 11 : 208-210 .قبيصة : هو ابن عقبة . مضت ترجمته في : 489 ، 2792 . وهذا الحديث من روايته عن سفيان الثوري . وقد بينا هناك أن روايته عنه صحيحة ، خلافا لمن تكلم فيها .عاصم الأحول : هو عاصم بن سليمان . وقد مضى مرارا . ووقع في المطبوعة هنا"عاصم عن الأحول" . وهو خطأ مطبعي . وثبت على الصواب في المخطوطة .وهذا الحديث رواه البخاري في الصحيح 8 : 153 (فتح) ، عن قبيصة ، بهذا الإسناد . ولكنه اقتصر على أوله ، إلى قوله"آية الربا" لأن الباقي موقوف من كلام ابن عباس .وذكر السيوطي 1 : 365 رواية البخاري ، وزاد نسبتها لأبي عبيد ، والبيهقي في الدلائل .وقال الحافظ في الفتح : "المراد بالآخرية في الربا : تأخر نزول الآيات المتعلقة به من سورة البقرة . وأما حكم تحريم الربا فنزوله سابق لذلك بمدة طويلة ، على ما يدل عليه قوله تعالى في آل عمران ، في أثناء قصة أحد : (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة) الآية" .
تفسير آيات من القرآن الكريم
- تفسير: وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من
- تفسير: قال فأت به إن كنت من الصادقين
- تفسير: وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون
- تفسير: بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين
- تفسير: منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين
- تفسير: ياأيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى
- تفسير: وما أدراك ما يوم الفصل
- تفسير: هذه جهنم التي كنتم توعدون
- تفسير: ويتجنبها الأشقى
- تفسير: أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم
تحميل سورة البقرة mp3 :
سورة البقرة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة البقرة
ماهر المعيقلي
سعد الغامدي
عبد الباسط
أحمد العجمي
المنشاوي
الحصري
مشاري العفاسي
ناصر القطامي
فارس عباد
ياسر الدوسري
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب