تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة ..
﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾
[ سورة النور: 4]
معنى و تفسير الآية 4 من سورة النور : والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة .
تفسير الجلالين | التفسير الميسر | تفسير السعدي |
تفسير البغوي | التفسير الوسيط | تفسير ابن كثير |
تفسير الطبري | تفسير القرطبي | إعراب الآية |
تفسير السعدي : والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة
لما عظم تعالى أمر الزاني بوجوب جلده، وكذا رجمه إن كان محصنا، وأنه لا تجوز مقارنته، ولا مخالطته على وجه لا يسلم فيه العبد من الشر، بين تعالى تعظيم الإقدام على الأعراض بالرمي بالزنا فقال: { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ْ}- أي: النساء الأحرار العفائف، وكذاك الرجال، لا فرق بين الأمرين، والمراد بالرمي الرمي بالزنا، بدليل السياق، { ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا ْ} على ما رموا به { بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ْ}- أي: رجال عدول، يشهدون بذلك صريحا، { فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ْ} بسوط متوسط، يؤلم فيه، ولا يبالغ بذلك حتى يتلفه، لأن القصد التأديب لا الإتلاف، وفي هذا تقدير حد القذف، ولكن بشرط أن يكون المقذوف كما قال تعالى محصنا مؤمنا، وأما قذف غير المحصن، فإنه يوجب التعزير.{ وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ْ}- أي: لهم عقوبة أخرى، وهو أن شهادة القاذف غير مقبولة، ولو حد على القذف، حتى يتوب كما يأتي، { وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ْ}- أي: الخارجون عن طاعة الله، الذين قد كثر شرهم، وذلك لانتهاك ما حرم الله، وانتهاك عرض أخيه، وتسليط الناس على الكلام بما تكلم به، وإزالة الأخوة التي عقدها الله بين أهل الإيمان، ومحبة أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، وهذا دليل على أن القذف من كبائر الذنوب.
تفسير البغوي : مضمون الآية 4 من سورة النور
قوله - عز وجل - : ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ) أراد بالرمي القذف بالزنا . وكل من رمى محصنا أو محصنة بالزنا فقال له : زنيت أو يا زاني فيجب عليه جلد ثمانين جلدة ، إن كان حرا ، وإن كان عبدا فيجلد أربعين ، وإن كان المقذوف غير محصن ، فعلى القاذف التعزير .وشرائط الإحصان خمسة : الإسلام والعقل والبلوغ والحرية والعفة من الزنى ، حتى أن من زنى مرة في أول بلوغه ثم تاب وحسنت حالته وامتد عمره فقذفه قاذف فلا حد عليه . فإن أقر المقذوف على نفسه بالزنا أو أقام القاذف أربعة من الشهود على زناه سقط الحد عن القاذف ؛ لأن الحد الذي وجب عليه حد الفرية وقد ثبت صدقه .وقوله : ( والذين يرمون المحصنات ) أي : يقذفون بالزنا المحصنات ، يعني المسلمات الحرائر العفائف ( ثم لم يأتوا بأربعة شهداء ) يشهدون على زناهن ( فاجلدوهم ثمانين جلدة ) أي : اضربوهم ثمانين جلدة . ( ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون )
التفسير الوسيط : والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة
وبعد أن نفر - سبحانه - من جريمة الزنا أعظم تنفير ، وأمر بتنفيذ عقوبته فى مرتكبها بدون رأفة أو تساهل ... أتبع ذلك بتشريعات أخرى من شأنها أن تحمى أعراض الناس وأنفسهم من اعتداء المعتدين ، فقال - تعالى - : { والذين يَرْمُونَ ... } .قوله - تعالى - { يَرْمُونَ } من الرمى ، وأصله القذف بشىء صلب أو ما يشبهه تقول : رمى فلان فلانا بحجر . إذا قذفه به . والمراد به هنا : الشتم والقذف بفاحشة الزنا ، أو ما يستلزمه كالطعن فى النسب .قال الإمام الرازى : وقد أجمع العلماء على أن المراد هنا : الرمى بالزنا .وفى الآية أقوال تدل عليه . أحدها : تقدم ذكر الزنا . وثانيها : أنه - تعالى - ذكر المحصنات ، وهن العفائف ، فدل ذلك على أن المراد بالرمى رميهن بضد العفاف ، وثالثها : قوله { ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ } يعنى على صحة ما رموهن به ، ومعلوم أن هذا العدد من الشهود غير مشروط إلا بالزنا ، ورابعها : انعقاد الإجماع على أنه لا يجب الجلد بالرمى بغير الزنا . فوجب أن يكون المراد هنا هو الرمى بالزنا ... " .و " المحصنات " جمع محصنة ، والإحصان فى اللغة بمعنى المنع ، هذه درع حصينة ، أى : مانعة صاحبها من الجراحة . ويقال هذا موضع حصين ، أى : مانع من يريده بسوء .والمراد بالمحصنات هنا : النساء العفيفات البعيدات عن كل ريبة وفاحشة .وسميت المرأة العفيفة بذلك . لأنها تمنع نفسها من كل سوء .قالوا : ويطلق الإحصان على المرأة والرجل ، إذا توفرت فيهما صفات العفاف . والإسلام ، والحرية ، والزواج .وأنما خص - سبحانه - النساء بالذكر هنا : لأن قذفهن أشنع ، والعار الذى يلحقهن بسبب ذلك أشد ، وإلا فالرجال والنساء فى هذه الأحكام سواء .وقوله - تعالى - : { والذين يَرْمُونَ المحصنات ... } مبتدأ ، أخبر عنه بعد ذلك بثلاث جمل ، وهى قوله : " فاجلدوهم ... ، ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا ، وأولئك هم الفاسقون " .والمعنى أن الذين يرمون النساء العفيفات بالفاحشة ، ثم لم يأتوا بأربعة شهداء يشهدون لهم على صحة ما قذفوهن به ، فاجلدوا - أيها الحكام - هؤلاء القاذفين ثمانين جلدة ، عقابا لهم على ما تفوهوا به من سوء فى حق هؤلاء المحصنات ، ولا تقبلوا لهؤلاء الفاسفين شهادة أبدا بسبب إلصاقهم التهم الكاذبة بمن هو برىء منها . وأولئك هم الفاسقون . أى : الخارجون على أحكام شريعة الله - تعالى - وعلى آدابها السامية .فأنت ترى أن الله - تعالى - قد عاقب هؤلاء القاذفين للمحصنات بثلاث عقوبات .أولاها : حسية ، وتتمثل فى جلدهم ثمانين جلدة ، وهى عقوبة قريبة من عقوبة الزنا .وثانيتها : معنوية ، وتتمثل فى عدم قبول شهادتهم ، بأن تهدر أقوالهم ، ويصيرون فى المجتمع أشبه ما يكونون بالمنبوذين ، الذين إن قالوا لا يصدق الناس أقوالهم ، وإن شهدوا لا تقبل شهادتهم ، لأنهم انسخلت عنهم صفة الثقة من الناس فيهم .وثالثتها : دينية ، وتتمثل فى وصف الله - تعالى - لهم بالفسق . أى : بالخروج عن طاعته - سبحانه - وعن آداب دينه وشريعته .وما عاقب الله - تعالى - هؤلاء القاذفين فى أعراض الناس ، بتلك العقوبات الرادعة ، إلا لحكم من أهمها : حماية أعراض المسلمين من ألسنة السوء ، وصيانتهم من لك ما يخدش كرامتهم ، ويجرح عفافهم .وأقسى شىء على النفوس الحرة الشريفة الطاهرة ، أن تلصق بهم التهم الباطلة . وعلى رأس الرذائل التى تؤدى إلى فساد المجتمع ، ترك ألسنة السوء تنهش أعراض الشرفاء ، دون أن تجد هذه الألسنة من يخرسها أو يردعها .
تفسير ابن كثير : شرح الآية 4 من سورة النور
هذه الآية الكريمة فيها بيان حكم جلد القاذف للمحصنة ، وهي الحرة البالغة العفيفة ، فإذا كان المقذوف رجلا فكذلك يجلد قاذفه أيضا ، ليس في هذا نزاع بين العلماء . فأما إن أقام القاذف بينة على صحة ما قاله ، رد عنه الحد; ولهذا قال تعالى : { ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون } ، فأوجب على القاذف إذا لم يقم بينة على صحة ما قاله ثلاثة أحكام :
أحدها : أن يجلد ثمانين جلدة .
الثاني : أنه ترد شهادته دائما .
الثالث : أن يكون فاسقا ليس بعدل ، لا عند الله ولا عند الناس .
تفسير الطبري : معنى الآية 4 من سورة النور
يقول تعالى ذكره: والذين يَشْتمون العفائف من حرائر المسلمين، فيرمونهنّ بالزنا، ثم لم يأتوا على ما رمَوْهن به من ذلك بأربعة شهداء عدول يشهدون، عليهنّ أنهنّ رأوهن يفعلن ذلك، فاجلدوا الذين رموهن بذلك ثمانين جلدة، ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا، وأولئك هم الذين خالفوا أمر الله وخرجوا من طاعته ففسقوا عنها.وذُكر أن هذه الآية إنما نزلت في الذين رموا عائشة، زوج النبيّ صلى الله عليه وسلم بما رموها به من الإفك.*ذكر من قال ذلك:حدثني أبو السائب وإبراهيم بن سعيد، قالا ثنا ابن فضيل، عن خصيف، قال: قلت لسعيد بن جُبير: الزنا أشدّ، أو قذف المحصنة؟ قال: لا بل الزنا. قلت: إن الله يقول: ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ) قال: إنما هذا في حديث عائشة خاصة.حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ). .. الآية في نساء المسلمين.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) قال: الكاذبون.
تفسير آيات من القرآن الكريم
- تفسير: قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين
- تفسير: فتول عنهم فما أنت بملوم
- تفسير: إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى
- تفسير: وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون
- تفسير: أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون
- تفسير: وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال
- تفسير: أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم
- تفسير: على أن نبدل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين
- تفسير: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير
- تفسير: ياأهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا
تحميل سورة النور mp3 :
سورة النور mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة النور
ماهر المعيقلي
سعد الغامدي
عبد الباسط
أحمد العجمي
المنشاوي
الحصري
مشاري العفاسي
ناصر القطامي
فارس عباد
ياسر الدوسري
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب