تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : يابني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم ..

  1. تفسير السعدي
  2. تفسير البغوي
  3. التفسير الوسيط
  4. تفسير ابن كثير
  5. تفسير الطبري
الفسير الوسيط | التفسير الوسيط للقرآن الكريم للطنطاوي | تأليف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (المتوفى: 1431هـ) : ويعتبر هذا التفسير من التفاسير الحديثة و القيمة لطلاب العلم و الباحثين في تفسير القرآن العظيم بأسلوب منهجي سهل و عبارة مفهومة, تفسير الآية 40 من سورةالبقرة - التفسير الوسيط .
  
   

﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾
[ سورة البقرة: 40]

معنى و تفسير الآية 40 من سورة البقرة : يابني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم .


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تفسير السعدي : يابني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم


يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ المراد بإسرائيل: يعقوب عليه السلام، والخطاب مع فرق بني إسرائيل, الذين بالمدينة وما حولها, ويدخل فيهم من أتى من بعدهم, فأمرهم بأمر عام، فقال: اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وهو يشمل سائر النعم التي سيذكر في هذه السورة بعضها، والمراد بذكرها بالقلب اعترافا, وباللسان ثناء, وبالجوارح باستعمالها فيما يحبه ويرضيه.
وَأَوْفُوا بِعَهْدِي وهو ما عهده إليهم من الإيمان به, وبرسله وإقامة شرعه.
أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وهو المجازاة على ذلك.
والمراد بذلك: ما ذكره الله في قوله: وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ [وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي] إلى قوله: فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ثم أمرهم بالسبب الحامل لهم على الوفاء بعهده, وهو الرهبة منه تعالى, وخشيته وحده, فإن مَنْ خشِيَه أوجبت له خشيته امتثال أمره واجتناب نهيه.

تفسير البغوي : مضمون الآية 40 من سورة البقرة


قوله تعالى: يا بني إسرائيل يا أولاد يعقوب.
ومعنى اسرائيل: عبد الله، (وإيل) هو الله تعالى، وقيل صفوة الله، وقرأ أبو جعفر: إسرائيل بغير همز.
اذكروا احفظوا، والذكر: يكون بالقلب ويكون باللسان.
وقيل: أراد به الشكر، وذُكِر بلفظ الذكر لأن في الشكر ذكراً وفي الكفران نسياناً، قال الحسن: "ذكر النعمة شكرها".
نعمتي أي: نعمي، لفظها واحد ومعناها جمع كقوله تعالى: وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها [34-ابراهيم]التي أنعمت عليكم أي على أجدادكم وأسلافكم.
قال قتادة: "هي النعم التي خصت بها بنو إسرائيل: من فلق البحر وإنجائهم من فرعون بإغراقه وتظليل الغمام عليهم في التيه، وإنزال المن والسلوى وإنزال التوراة، في نعم كثيرة لا تحصى"، وقال غيره: هي جميع النعم التي لله عز وجل على عباده.
وأوفوا بعهدي أي بامتثال أمري.
أوف بعهدكم بالقبول والثواب.
قال قتادة ومجاهد: "أراد بهذا العهد ما ذكر في سورة المائدة ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا ...إلى أن قال: ...لأكفرن عنكم سيئاتكم [12-المائدة] فهذا قوله: أوف بعهدكم".
وقال الحسن: "هو قوله: وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة [63-البقرة] فهو شريعة التوراة".
وقال مقاتل: "هو قوله: وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله [83-البقرة]".
وقال الكلبي: "عهد الله إلى بني إسرائيل على لسان موسى: إني باعث من بني إسماعيل نبياً أمياً فمن اتبعه وصدق بالنور الذي يأتي به غفرت له ذنبه وأدخلته الجنة وجعلت له أجرين اثنين: وهو قوله: وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس [187-آل عمران] يعني أمر محمد صلى الله عليه وسلم".
وإياي فارهبون فخافوني في نقض العهد.
وأثبت يعقوب الياءات المحذوفة في الخط مثل (فارهبوني)، (فاتقوني)، و(اخشوني)، والآخرون يحذفونها على الخط.

التفسير الوسيط : يابني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم


إسرائيل هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم - عليهم السلام - وفي إضافتهم إلى أبيهم إسرائيل تشريف لهم وتكريم ، وحث لهم على الامتثال لأوامر الله ونواهيه ، فكأنه قيل : يا بني العبد الصالح ، والنبي الكريم ، كونوا مثل أبيكم في الطاعة والعبادة .
ويستعمل مثل هذا التعبير في مقام الترغيب والترهيب ، بناء على أن الحسنة في نفسها حسنة وهي من بيت النبوة أحسن ، والسيئة في نفسها سيئة وهي من بيت النبوة أسوأ ، ففي هذا النداء .
خير داع لذوي الفطر السليمة منهم إلى الإِقبال على ما يرد بعده من التذكير بالنعمة ، واستعمالها فيما خلقت له .
ومعنى { اذكروا نِعْمَتِيَ التي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ } تنبهوا بعقولكم وقلوبكم لتلك المنافع التي أتتكم على سبيل الإِحسان مني ، وقوموا بحقوقها وأكثروا من الحديث عنها بألسنتكم ، فإن التحدث بنعم الله فيه إغراء بشكرها .
والمراد بنعمة : المنعم بها عليهم ، وتجمع على نعم ، وقد وردت في القرآن الكريم بمعنى الجمع كما في قوله تعالى : { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ الله لاَ تُحْصُوهَا } فإن لفظ العدد والإِحصاء قرينة على أن المراد بالنعمة : النعم الكثيرة ، ويبدوا أن المراد بالنعمة في الآية التي معنا كذلك النعم المتعددة حيث إنه لم يقم دليل على أن المراد بها نعمة معهودة ، وعلماء البيان يعدون استعمال المفرد في معنى الجمع - اعتماداً على القرينة - من أبلغ الأساليب الكلامية .
ثم أمرهم - سبحانه - بالوفاء بما عاهدهم عليه ، فقال تعالى : { وَأَوْفُواْ بعهدي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ } العهد ما من شأنه أن يراعى ويحفظ ، كاليمين والوصية وغيرهما ، ويضاف إلى المعاهد والمعاهد جميعاً ، يقال : أوفيت بعهدي ، أي بما عاهدت غيري عليه ، وأوفيت بعهدك ، أي بما عاهدتني عليه ، وعهد الله : أوامره ونواهيه ، والوفاء به يتأتى باتباع ما أمر به ، واجتناب ما نهى عنه ، ويندرج فيه كل ما أخذ على بني إسرائيل من التوراة ، من اتباع محمد صلى الله عليه وسلم متى بعث ، والإِيمان بما جاء به من عند الله وتصديقه فيما يخبر عن ربه .
والمعنى : وأوفوا بما عاهدتموني عليه من الإِيمان بي ، والطاعة لي ، والتصديق برسلي ، أوف بما عاهدتكم عليه من التمكين في الأرض في الدنيا والسعادة في الآخرة .
ثم أمرهم - سبحانه - بأن يجعلوا خوفهم من خالقهم وحده ، فقال - تعالى - { وَإِيَّايَ فارهبون } أي : خافوني ولا تخافوا سواي ، ولتكن قلوبكم عامرة بخشيتي وحدي ، فإن ذلك يعينكم على طاعتي ، ويبعدكم عن معصيتي .
وحذف متعلق الرهبة للعموم ، أي ارهبوني في جميع ما تأتون ، وما تذرون ، حتى لا أنزل بكم من النقم مثل ما أنزلت بمن قبلكم من المسخ وغيره ، فالآيات الكريمة قد تضمنت وعداً ووعيداً وترغيباً وترهيباً .

تفسير ابن كثير : شرح الآية 40 من سورة البقرة


يقول تعالى آمرا بني إسرائيل بالدخول في الإسلام ، ومتابعة محمد عليه من الله أفضل الصلاة والسلام ، ومهيجا لهم بذكر أبيهم إسرائيل ، وهو نبي الله يعقوب ، عليه السلام ، وتقديره : يا بني العبد الصالح المطيع لله كونوا مثل أبيكم في متابعة الحق ، كما تقول : يا ابن الكريم ، افعل كذا . يا ابن الشجاع ، بارز الأبطال ، يا ابن العالم ، اطلب العلم ، ونحو ذلك .ومن ذلك أيضا قوله تعالى : ( ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا ) [ الإسراء : 3 ] فإسرائيل هو يعقوب عليه السلام ، بدليل ما رواه أبو داود الطيالسي : حدثنا عبد الحميد بن بهرام ، عن شهر بن حوشب ، قال : حدثني عبد الله بن عباس قال : حضرت عصابة من اليهود نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لهم : هل تعلمون أن إسرائيل يعقوب ؟ . قالوا : اللهم نعم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم اشهد وقال الأعمش ، عن إسماعيل بن رجاء ، عن عمير مولى ابن عباس ، عن عبد الله بن عباس أن إسرائيل كقولك : عبد الله .وقوله تعالى : ( اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم ) قال مجاهد : نعمة الله التي أنعم بها عليهم فيما سمى وفيما سوى ذلك ، فجر لهم الحجر ، وأنزل عليهم المن والسلوى ، وأنجاهم من عبودية آل فرعون .وقال أبو العالية : نعمته أن جعل منهم الأنبياء والرسل ، وأنزل عليهم الكتب .قلت : وهذا كقول موسى عليه السلام لهم : ( يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين ) [ المائدة : 20 ] يعني في زمانهم .وقال محمد بن إسحاق : حدثني محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة أو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، في قوله : ( اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم ) أي : بلائي عندكم وعند آبائكم لما كان نجاهم به من فرعون وقومه ( وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم ) قال : بعهدي الذي أخذت في أعناقكم للنبي صلى الله عليه وسلم إذا جاءكم . ( أوف بعهدكم ) أي : أنجز لكم ما وعدتكم عليه بتصديقه واتباعه ، بوضع ما كان عليكم من الإصر والأغلال التي كانت في أعناقكم بذنوبكم التي كانت من إحداثكم .[ وقال الحسن البصري : هو قوله : ( ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار ) الآية [ المائدة : 12 ] . وقال آخرون : هو الذي أخذه الله عليهم في التوراة أنه سيبعث من بني إسماعيل نبيا عظيما يطيعه جميع الشعوب ، والمراد به محمد صلى الله عليه وسلم فمن اتبعه غفر له ذنبه وأدخل الجنة وجعل له أجران . وقد أورد فخر الدين الرازي هاهنا بشارات كثيرة عن الأنبياء عليهم السلام بمحمد صلى الله عليه وسلم ] .وقال أبو العالية : ( وأوفوا بعهدي ) قال : عهده إلى عباده : دينه الإسلام أن يتبعوه .وقال الضحاك ، عن ابن عباس : ( أوف بعهدكم ) قال : أرض عنكم وأدخلكم الجنة .وكذا قال السدي ، والضحاك ، وأبو العالية ، والربيع بن أنس .وقوله : ( وإياي فارهبون ) أي : فاخشون ؛ قاله أبو العالية ، والسدي ، والربيع بن أنس ، وقتادة .وقال ابن عباس في قوله تعالى : ( وإياي فارهبون ) أي أنزل بكم ما أنزل بمن كان قبلكم من آبائكم من النقمات التي قد عرفتم من المسخ وغيره .وهذا انتقال من الترغيب إلى الترهيب ، فدعاهم إليه بالرغبة والرهبة ، لعلهم يرجعون إلى الحق واتباع الرسول والاتعاظ بالقرآن وزواجره ، وامتثال أوامره ، وتصديق أخباره ، والله الهادي لمن يشاء إلى صراطه المستقيم

تفسير الطبري : معنى الآية 40 من سورة البقرة


القول في تأويل قوله تعالى ذكره: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَقال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: " يا بني إسرائيل " ولد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن (16) وكان يعقوب يدعى " إسرائيل "، بمعنى عبد الله وصفوته من خلقه.
و " إيل " هو الله، و " إسرا " هو العبد، كما قيل: " جبريل " بمعنى عبد الله.
وكما:-798- حدثنا ابن حميد، حدثنا جرير، عن الأعمش عن إسماعيل بن رجاء، عن عُمير مولى ابن عباس، عن ابن عباس: أن إسرائيل كقولك: عبد الله.
(17)799- وحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن المنهال، عن عبد الله بن الحارث، قال: " إيل "، الله بالعبرانية.
(18)وإنما خاطب الله جل ثناؤه بقوله: " يا بني إسرائيل " أحبارَ اليهود من بني إسرائيل، الذين كانوا بين ظَهرانَيْ مُهاجَر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنسبهم جل ذكره إلى يعقوب، كما نسب ذرية آدم إلى آدم، فقال: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [سورة الأعراف: 31] وما أشبه ذلك.
وإنما خصّهم بالخطاب في هذه الآية والتي بعدها من الآي التي ذكَّرهم فيها نعمَه -وإن كان قد تقدّم ما أنزل فيهم وفي غيرهم في أول هذه السورة ما قد تقدم- أن الذي احتج به من الحجج والآيات التي فيها أنباء أسلافهم، وأخبارُ أوائلهم، وَقصَصُ الأمور التي هم بعلمها مخصوصون دون غيرهم من سائر الأمم، ليس عند غيرهم من العلم بصحته وحقيقته مثلُ الذي لهم من العلم به، إلا لمن اقتبس علم ذلك منهم.
فعرَّفهم بإطلاع محمّد على علمها- مع بعد قومه وعشيرته من معرفتها، وقلة مزاولة محمد صلى الله عليه وسلم درَاسةَ الكتب التي فيها أنباء ذلك (19) - أنّ محمدًا صلى الله عليه وسلم لم يَصلْ إلى علم ذلك إلا بوحي من الله وتنزيلٍ منه ذلك إليه - لأنهم من عِلْم صحة ذلك بمحلّ ليس به من الأمم غيرهم، فلذلك جل ثناؤه خص بقوله: " يا بني إسرائيل " خطابهم كما:-800- حدثنا به ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قوله: " يا بني إسرائيل "، قال: يا أهل الكتاب، للأحبار من يهود (20) .
القول في تأويل قوله: اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْقال أبو جعفر: ونعمته التي أنعم بها على بني إسرائيل جلّ ذكره، اصطفاؤه منهم الرسلَ، وإنزاله عليهم الكتب، واستنقاذُه إياهم مما كانوا فيه من البلاء والضَّرَّاء من فرعون وقومه، إلى التمكين لهم في الأرض، وتفجير عيون الماء من الحجر، وإطعام المنّ والسلوى.
فأمر جل ثناؤه أعقابهم أن يكون ما سلَف منه إلى آبائهم على ذُكْر، وأن لا ينسوا صنيعه إلى أسلافهم وآبائهم، فيحلّ بهم من النقم ما أحلّ بمن نسي نعمَه عنده منهم وكفرها، وجحد صنائعه عنده.
كما:-801- حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: " اذكروا نعمتِي التي أنعمتُ عليكم "، أي آلائي عندكم وعند آبائكم، لما كان نجّاهم به من فرعون وقومه (21) .
802- وحدثني المثنى، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، في قوله: " اذكروا نعمتي"، قال: نعمتُه أنْ جعل منهم الأنبياء والرسل، وأنزل عليهم الكتب (22) .
803- وحدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم "، يعني نعمتَه التي أنعم على بني إسرائيل، فيما سمى وفيما سوَى ذلك: فجَّر لهم الحجر، وأنزل عليهم المنّ والسلوى، وأنجاهم من عبودية آل فرعون (23) .
804- وحدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال قال ابن زيد في قوله: " نعمتي التي أنعمت عليكم " قال: نعمه عامة، ولا نعمةَ أفضلُ من الإسلام، والنعم بعدُ تبع لها، وقرأ قول الله يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (24) [سورة الحجرات: 17]وتذكيرُ الله الذين ذكّرهم جل ثناؤه بهذه الآية من نعمه على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، نظيرُ تذكير موسى صلوات الله عليه أسلافَهم على عهده، الذي أخبر الله عنه أنه قال لهم، وذلك قوله: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ [سورة المائدة: 20].
القول في تأويل قوله تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ (40)قال أبو جعفر: قد تقدم بياننا فيما مضى -عن معنى العهد- من كتابنا هذا (25) ، واختلاف المختلفين في تأويله، والصوابُ عندنا من القول فيه (26) .
وهو في هذا الموضع: عهدُ الله ووصيته التي أخذ على بني إسرائيل في التوراة، أن يبيِّنوا للناس أمر محمد صلى الله عليه وسلم أنه رسولٌ، وأنهم يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة أنه نبيّ الله، وأن يؤمنوا به وبما جاء به من عند الله.
" أوف بعهدكم ": وعهدُه إياهم أنهم إذا فعلوا ذلك أدخلهم الجنة، كما قال جل ثناؤه: وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ [سورة المائدة: 12]، وكما قال: فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (27) [سورة الأعراف: 156-157].
805- وكما حدثنا به ابن حميد، قال: حدثنا سلمة بن الفضل، عن ابن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس: " وأوفوا بعهدي" الذي أخذتُ في أعناقكم للنبِيّ محمد إذا جاءكم، (28) " أوف بعهدكم "، أي أنجزْ لكم ما وعدتكم عليه بتصديقه واتباعه، بوضع ما كان عليكم من الإصْر والأغلال التي كانت في أعْناقكم بذنوبكم التي كانت من أحداثكم (29) .
806- وحدثنا المثنى، قال: حدثنا آدم، قال حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية في قوله: " أوْفوا بعهدي أوفِ بعهدكم "، قال: عهدُه إلى عباده، دينُ الإسلام أن يتبعوه،" أوف بعهدكم "، يعني الجنة (30) .
807- وحدثنا موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: " أوفوا بعهدي أوف بعهدكم ": أما " أوفوا بعهدي"، فما عهدت إليكم في الكتاب.
وأما " أوف بعهدكم " فالجنة، عهدتُ إليكم أنكم إن عملتم بطاعتي أدخلتكم الجنة (31) .
808- وحدثني القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج في قوله: " وأفوا بعهدي أوف بعهدكم "، قال: ذلك الميثاق الذي أخذ عليهم في المائدة: وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا إلى آخر الآية [سورة المائدة: 12].
فهذا عهدُ الله الذي عهد إليهم، وهو عهد الله فينا، فمن أوفى بعهد الله وفَى الله له بعهده (32) .
809- وحُدِّثت عن المنجاب، قال: حدثنا بشر، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس، في قوله " وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم "، يقول: أوفوا بما أمرتكم به من طاعتي ونهيتكم عنه من معصيتي في النبي صلى الله عليه وسلم وفي غيره،" أوف بعهدكم "، يقول: أرض عنكم وأدخلكم الجنة (33) .
810- وحدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال قال ابن زيد في قوله: " وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم "، قال: أوفوا بأمري أوفِ بالذي وعدتكم، وقرأ: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ حتى بلغ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ [سورة التوبة: 111]، قال: هذا عهده الذي عهده لهم (34) .
* * *القول في تأويل قوله تعالى ذكره: وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40)قال أبو جعفر: وتأويل قوله: " وإياي فارهبون "، وإياي فاخْشَوْا - واتَّقُوا أيها المضيّعون عهدي من بني إسرائيل، والمكذبون رسولي الذي أخذتُ ميثاقكم - فيما أنزلتُ من الكتُب على أنبيائي -أن تؤمنوا به وتتبعوه- أن أُحِلّ بكمْ من عقوبتي، إن لم تنيبوا وتتوبوا إليّ باتباعه والإقرار بما أنزلت إليه، ما أحللتُ بمن خالف أمري وكذّب رُسلي من أسلافكم.
كما:-811- حدثني به محمد بن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: " وإيايَ فارهبون "، أن أنزل بكم ما أنزلت بمن كان قبلكم من آبائكم من النَّقِمات التي قد عرفتم، من المسخ وغيره.
(35)812- وحدثنا المثنى بن إبراهيم، قال: حدثني آدم العسقلاني، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، في قوله: " وإياي فارهَبُون "، يقول: فاخشَوْن.
813- وحدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: " وإياي فارهبون "، يقول: وإياي فاخشون.
(36)-------------الهوامش :(16) في المطبوعة : "يا ولد يعقوب .
.
.
" بزيادة النداء" .
(17) الخبر : 798- في ابن كثير 1 : : 149 ، والدر المنثور 1 : 63 .
وهذا إسناد صحيح .
إسماعيل بن رجاء بن ربيعة : ثقة ، أخرج له مسلم في صحيحه .
عمير مولى ابن عباس : هو عمير بن عبد الله الهلالي ، مولى أم الفضل ، وقد ينسب إلى ولاء زوجها"العباس" ، كما ورد في إسناد حديث آخر في المسند : 77 ، وقد ينسب إلى ولاء بعض أولادها ، كما في هذا الإسناد .
وهو تابعي ثقة ، ترجمه ابن أبي حاتم 3/1/380 ، وأخرج له الشيخان وغيرهما .
(18) الأثر : 799- في الدر المنثور 1 : 63 .
و"المنهال" : هو ابن عمرو الأسدي .
و"عبد الله بن الحارث" : هو الأنصاري البصري أبو الوليد ، وهو تابعي ثقة .
(19) قوله : "وقلة مزاولة محمد صلى الله عليه وسلم دراسة الكتب .
.
.
" ، هو كما نقول اليوم في عبارتنا المحدثة : "وعدم مزاولة محمد .
.
.
" .
قال الجاحظ في البيان والتبيين 1 : 285 : "واستجار عون ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، بمحمد بن مروان بنصيبين ، وتزوج بها امرأة فقال محمد : كيف ترى نصيبين؟ قال : "كثيرة العقارب ، قليلة الأقارب" .
يريد بقوله : "قليلة" ، كقول القائل : "فلان قليل الحياء" ، وليس يريد أن هناك حياء وإن قل .
يضعون : "قليلا ، في موضع"ليس" .
انتهى .
قلت : ومنه قول دريد بن الصمة في أخيه :قَلِيلُ التَّشَكِّي للمصيبات, حافظٌمِنَ الْيَوْمِ أعقابَ الأحاديث في غَدِوسيأتي قول الطبري في تفسير قوله تعالى من (سورة البقرة : 88)"فقليلا ما يؤمنون" : (1 : 324 ، بولاق) : "وإنما قيل : فقليلا ما يؤمنون ، وهم بالجميع كافرون ، كما تقول العرب : "قلما رأيت مثل هذا قط" .
وقد روى عنها سماعًا منها : "مررت ببلاد قلما تنبت إلا الكراث والبصل" ، يعني ما تنبت غير الكراث والبصل ، وما أشبه ذلك من الكلام الذي ينطق به بوصف الشيء بالقلة ، والمعنى فيه نفي جميعه" ، انتهى .
وفي الحديث : "إنه كان يقل اللغو" أي لا يلغو أصلا ، قال ابن الأثير : وهذا اللفظ يستعمل في نفي أصل الشيء (اللسان : قلل) .
ولولا زمان فسد فيه اللسان ، وقل الإيمان ، واشتدت بالمتهجمين الجرأة على تفسير الكلمات ، وتصيد الشبهات - ولولا أن يقول قائل فيفتري على الطبري أنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدارس كتب أهل الكتاب ، لكنت في غنى عن مثل هذه الإطالة .
(20) الأثر 800- في الدر المنثور 1 : 63 ، والشوكاني 1 : 61 بتمامه .
وسيأتي تمامه في الأثر التالي .
(21) الأثر : 801- من تمام الأثر السالف ، المراجع السالفة ، وابن كثير 1 : 149 .
(22) الأثر : 802- في ابن كير 1 : 149 .
(23) الأثر : 803- في ابن كثير 1 : 149 وفيه : "وفيما سوى ذلك : أن فجر" ، بالزيادة .
(24) الأثر : 804- لم أجده في مكان .
(25) انظر ما مضى : 410-415 .
(26) في المطبوعة : "قد تقدم بياننا معنى العهد فيما مضى من كتابنا .
.
.
" ، غيروه ليستقيم الكلام على ما ألفوه .
(27) في الأصول : " .
.
.
اثنى عشر نقيبًا ، الآية" .
و"النبي الأمي ، الآية" .
وآثرنا إتمام الآيتين ، كما جرينا عليه فيما سلف ، وفيما سيأتي .
(28) في المطبوعة : " .
.
.
للنبي صلى الله عليه وسلم إذا جاءكم .
.
.
" ، وفي المراجع الأخرى .
(29) الأثر : 805- من تمام الأثر السالف رقم : 800 ، ورقم 801 ، ومراجعه ما سلف .
(30) الأثر : 806- في ابن كثير 1 : 150 .
(31) الأثر : 807- في ابن كثير 1 : 150 تضمينًا .
(32) الأثر : 808- لم أجده بنصه في مكان .
(33) الأثر : 809- في ابن كثير 1 : 150 ، الدر المنثور 1 : 63 ، والشوكاني 1 : 61 .
(34) الأثر : 810- لم أجده في مكان .
(35) الأثر : 811- من تمام الآثار السالفة الأرقام : 800 ، 801 ، 805 .
وابن كثير 1 : 150 من تمام ما سلف في ص 149 .
المراجع المذكورة .
(36) الأثر : 813- في ابن كثير 1 : 150 .

يابني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون

سورة : البقرة - الأية : ( 40 )  - الجزء : ( 1 )  -  الصفحة: ( 7 ) - عدد الأيات : ( 286 )

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: فتولى فرعون فجمع كيده ثم أتى
  2. تفسير: يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين
  3. تفسير: وإذ أنجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يقتلون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء
  4. تفسير: فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين
  5. تفسير: وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا
  6. تفسير: وخلق الله السموات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون
  7. تفسير: كأنهن بيض مكنون
  8. تفسير: واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب
  9. تفسير: فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه
  10. تفسير: وإذا الكواكب انتثرت

تحميل سورة البقرة mp3 :

سورة البقرة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة البقرة

سورة البقرة بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة البقرة بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة البقرة بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة البقرة بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة البقرة بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة البقرة بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة البقرة بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة البقرة بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة البقرة بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة البقرة بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

إسرائيل , عهد ,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب