تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن ..
﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾
[ سورة الإسراء: 44]
معنى و تفسير الآية 44 من سورة الإسراء : تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن .
تفسير الجلالين | التفسير الميسر | تفسير السعدي |
تفسير البغوي | التفسير الوسيط | تفسير ابن كثير |
تفسير الطبري | تفسير القرطبي | إعراب الآية |
تفسير السعدي : تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن
{ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ } من حيوان ناطق وغير ناطق ومن أشجار ونبات وجامد وحي وميت { إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ } بلسان الحال ولسان المقال.
{ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ }- أي: تسبيح باقي المخلوقات التي على غير لغتكم بل يحيط بها علام الغيوب.{ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا } حيث لم يعاجل بالعقوبة من قال فيه قولا تكاد السماوات والأرض تتفطر منه وتخر له الجبال ولكنه أمهلهم وأنعم عليهم وعافاهم ورزقهم ودعاهم إلى بابه ليتوبوا من هذا الذنب العظيم ليعطيهم الثواب الجزيل ويغفر لهم ذنبهم، فلولا حلمه ومغفرته لسقطت السماوات على الأرض ولما ترك على ظهرها من دابة.
تفسير البغوي : مضمون الآية 44 من سورة الإسراء
( تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن ) قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وحفص ويعقوب : " تسبح " بالتاء وقرأ الآخرون بالياء للحائل بين الفعل والتأنيث .( وإن من شيء إلا يسبح بحمده ) روي عن ابن عباس أنه قال : وإن من شيء حي إلا يسبح بحمده .وقال قتادة : يعني الحيوانات والناميات .وقال عكرمة : الشجرة تسبح والأسطوانة لا تسبح .وعن المقدام بن معد يكرب قال : إن التراب يسبح ما لم يبتل فإذا ابتل ترك التسبيح وإن الخرزة تسبح ما لم ترفع من موضعها فإذا رفعت تركت التسبيح وإن الورقة لتسبح ما دامت على الشجرة فإذا سقطت تركت التسبيح وإن الثوب ليسبح ما دام جديدا فإذا وسخ ترك التسبيح وإن الماء يسبح ما دام جاريا فإذا ركد ترك التسبيح وإن الوحش والطير تسبح إذا صاحت فإذا سكنت تركت التسبيح .وقال إبراهيم النخعي : وإن من شيء جماد إلا يسبح بحمده حتى صرير الباب ونقيض السقف .وقال مجاهد : كل الأشياء تسبح لله حيا كان أو ميتا أو جمادا ، وتسبيحها سبحان الله وبحمده .أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا محمد بن المثنى أخبرنا أبو أحمد الزبير أخبرنا إسرائيل عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال : كنا نعد الآيات بركة وأنتم تعدونها تخويفا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقل الماء فقال : " اطلبوا فضلة من ماء فجاءوا بإناء فيه ماء قليل فأدخل يده في الإناء ثم قال : حي على الطهور المبارك والبركة من الله فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل " .وقال بعض أهل المعاني : تسبح السموات والأرض والجمادات وسائر الحيوانات سوى العقلاء ما دلت بلطيف تركيبها وعجيب هيئتها على خالقها فيصير ذلك بمنزلة التسبيح منها .والأول هو المنقول عن السلف .واعلم أن لله تعالى علما في الجمادات لا يقف عليه غيره فينبغي أن يوكل علمه إليه .( ولكن لا تفقهون تسبيحهم ) أي لا تعلمون تسبيح ما عدا من يسبح بلغاتكم وألسنتكم ( إنه كان حليما غفورا )
التفسير الوسيط : تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن
ثم بين - سبحانه - أن جميع الكائنات تسبح بحمده فقال - تعالى - : { تُسَبِّحُ لَهُ السماوات السبع والأرض وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ولكن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } .والتسبيح : مأخوذ من السبح ، وهو المر السريع فى الماء أو فى الهواء ، فالمسبح مسرع فى تنزيه الله وتبرئته من السوء ، ومن كل ما لا يليق به - سبحانه - .أى تنزه الله - تعالى - وتمجده السموات السبع ، والأرض ، ومن فيهن من الإِنس والجن والملائكة وغير ذلك ، وما من شئ من مخلوقاته التى لا تحصى إلا ويسبح بحمد خالقه - تعالى - ، ولكن أنتم يا بنى آدم { ولكن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } لأن تسبيحهم بخلاف لغتكم ، وفوق مستوى فهمكم ، وإنما الذى يعلم تسبيحهم هو خالقهم عز وجل ، وصدق - سبحانه - إذ يقول : { أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطيف الخبير } والمتدبر فى هذه الآية الكريمة ، يراها تبعث فى النفوس الخشية والرهبة من الخالق - عز وجل - ، لأنها تصرح تصريحا بليغا بأن كل جماد ، وكل حيوان ، وكل طير ، وكل حشرة .. بل كل كائن فى هذا الوجود يسبح بحمده - تعالى - .وهذا التصريح يحمل كل إنسان عاقل على طاعة الله ، وإخلاص العبادة له ، ومداومة ذكره .. حتى لا يكون - وهو الذى كرمه ربه وفضله - أقل من غيره طاعة لله - تعالى - .وقوله : { إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً } تذييل قصد به بيان فضل الله - تعالى - ورحمته بعباده مع تقصيرهم فى تسبيحه وذكره .أى : { إِنَّهُ كَانَ حَلِيماًً } لا يعاجل المقصر بالعقوبة ، بل يمهله لعله يرعوى وينزجر عن تقصيره ومعصيته ، { غفورا } لمن تاب وآمن وعمل صالحا واهتدى إلى صراطه المستقيم .هذا ، ومن العلماء من يرى أن تسبيح هذه الكائنات بلسان الحال .قال بعض العلماء تسبيح هذه الكائنات لله - تعالى - هو دلالتها - بإمكانها وحدوثها ، وتغير شئونها ، وبديع صنعها - على وجود مبدعها ، ووحدته وقدرته ، وتنزهه عن لوازم الإِمكان والحدوث ، كما يدل الأثر على المؤثر .فهي دلالة بلسان الحال، لا يفقهها إلا ذوو البصائر. أما الكافرون فلا يفقهون هذا التسبيح، لفرط جهلهم وانطماس بصيرتهم.. .ومنهم من يرى أن تسبيحها بلسان المقال، أى أن التسبيح بمعناه الحقيقي، فالكل يسبح بحمد الله، ولكن بلغته الخاصة التي لا يفهمها الناس.قال الإمام ابن كثير ما ملخصه: وقوله: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ أى: وما من شيء من المخلوقات إلا يسبح بحمد الله وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ أى: لا تفقهون تسبيحهم- أيها الناس- لأنها بخلاف لغتكم وهذا عام في الحيوانات والنبات والجماد.وهذا أشهر القولين كما ثبت في صحيح البخاري وغيره، عن ابن مسعود أنه قال: كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل.وفي حديث أبى ذر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ في يده حصيات، فسمع لهن تسبيح كحنين النحل. وكذا في يد أبى بكر وعمر وعثمان- رضى الله عنهم- وهو حديث مشهور في المسانيد ...ثم قال ويشهد لهذا القول آية السجدة في أول سورة الحج- وهو قوله-تبارك وتعالى-:لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ، وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ، وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ.. .وقال القرطبي: قوله-تبارك وتعالى-: تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ أعاد على السموات والأرض ضمير من يعقل، لما أسند إليها فعل العاقل وهو التسبيح. وقوله وَمَنْ فِيهِنَّ يريد الملائكة والإنس والجن، ثم عمم بعد ذلك الأشياء كلها في قوله:وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ.واختلف في هذا العموم هل هو مخصص أولا. فقالت فرقة: ليس مخصوصا، والمراد به تسبيح الدلالة، كل محدث يشهد على نفسه بأن الله- عز وجل - خالق قادر.وقالت طائفة: هذا التسبيح حقيقة، وكل شيء على العموم يسبح تسبيحا لا يسمعه البشر: ولا يفقهونه، ولو كان ما قاله الأولون من أنه أثر الصفة والدلالة، لكان أمرا مفهوما، والآية تنطق بأن هذا التسبيح لا يفقه..ويستدل لهذا القول من الكتاب بقوله-تبارك وتعالى-: وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ...وقوله-تبارك وتعالى-: وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ. إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ.ثم قال: فالصحيح أن الكل يسبح للأخبار الدالة على ذلك، ولو كان ذلك التسبيح تسبيح دلالة، فأى تخصيص لداود، وإنما ذلك تسبيح المقال، بخلق الحياة والإنطاق بالتسبيح. وقد نصت السنة على ما دل عليه ظاهر القرآن من تسبيح كل شيء فالقول به أولى .والذي تطمئن إليه النفس أن التسبيح حقيقى وبلسان المقال، لأن هذا هو الظاهر من الآية الكريمة، ولأن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية تؤيد ذلك.
تفسير ابن كثير : شرح الآية 44 من سورة الإسراء
يقول تعالى تقدسه السموات السبع والأرض ومن فيهن أي من المخلوقات وتنزهه وتعظمه وتجله وتكبره عما يقول هؤلاء المشركون وتشهد له بالوحدانية في ربوبيته وإلهيته
ففي كل شيء له آية تدل على أنه واحد
كما قال تعالى : { تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا } [ مريم 90 - 92] .
وقال أبو القاسم الطبراني حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا سعيد بن منصور حدثنا مسكين بن ميمون مؤذن مسجد الرملة حدثنا عروة بن رويم عن عبد الرحمن بن قرط أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري إلى المسجد الأقصى كان بين المقام وزمزم جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره فطار به حتى بلغ السماوات السبع ، فلما رجع قال سمعت تسبيحا في السماوات العلى مع تسبيح كثير سبحت السماوات العلى من ذي المهابة مشفقات لذي العلو بما علا سبحان العلي الأعلى سبحانه وتعالى .
وقوله { وإن من شيء إلا يسبح بحمده } أي وما من شيء من المخلوقات إلا يسبح بحمد الله { ولكن لا تفقهون تسبيحهم } أي لا تفقهون تسبيحهم أيها الناس لأنها بخلاف لغتكم وهذا عام في الحيوانات والنبات والجماد وهذا أشهر القولين كما ثبت في صحيح البخاري عن ابن مسعود أنه قال كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل .
وفي حديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ في يده حصيات فسمع لهن تسبيح كحنين النحل وكذا يد أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم [ أجمعين] ، وهو حديث مشهور في المسانيد .
وقال الإمام أحمد حدثنا ابن لهيعة حدثنا زبان عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه مر على قوم وهم وقوف على دواب لهم ورواحل فقال لهم اركبوها سالمة ودعوها سالمة ولا تتخذوها كراسي لأحاديثكم في الطرق والأسواق فرب مركوبة خير من راكبها وأكثر ذكرا لله منه .
وفي سنن النسائي عن عبد الله بن عمرو قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الضفدع وقال نقيقها تسبيح "
وقال قتادة عن عبد الله بن بابي ، عن عبد الله بن عمرو أن الرجل إذا قال لا إله إلا الله فهي كلمة الإخلاص التي لا يقبل الله من أحد عملا حتى يقولها وإذا قال الحمد لله فهي كلمة الشكر التي لم يشكر الله عبد قط حتى يقولها وإذا قال الله أكبر فهي تملأ ما بين السماء والأرض وإذا قال سبحان الله فهي صلاة الخلائق التي لم يدع الله أحد من خلقه إلا قرره بالصلاة والتسبيح وإذا قال لا حول ولا قوة إلا بالله " قال أسلم عبدي واستسلم
وقال الإمام أحمد حدثنا وهب بن جرير حدثنا أبي ، سمعت الصقعب بن زهير يحدث ] عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عمرو قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابي عليه جبة من طيالسة مكفوفة بديباج أو مزورة بديباج - فقال إن صاحبكم هذا يريد أن يرفع كل راع ابن راع ويضع كل رأس ابن رأس فقام إليه النبي صلى الله عليه وسلم مغضبا فأخذ بمجامع جبته فاجتذبه ، فقال لا أرى عليك ثياب من لا يعقل ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس فقال إن نوحا عليه السلام لما حضرته الوفاة دعا ابنيه فقال إني قاص عليكما الوصية آمركما باثنتين وأنهاكما عن اثنتين أنهاكما عن الشرك بالله والكبر وآمركما بلا إله إلا الله فإن السماوات والأرض وما بينهما لو وضعت في كفة الميزان ووضعت لا إله إلا الله في الكفة الأخرى كانت أرجح ولو أن السماوات والأرض كانتا حلقة فوضعت لا إله إلا الله عليهما لفصمتهما أو لقصمتهما وآمركما بسبحان الله وبحمده فإنها صلاة كل شيء وبها يرزق كل شيء "
ورواه الإمام أحمد أيضا ، عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد عن الصقعب بن زهير به أطول من هذا تفرد به .
وقال ابن جرير حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي حدثنا محمد بن يعلى عن موسى بن عبيدة عن زيد بن أسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم بشيء أمر به نوح ابنه إن نوحا عليه السلام قال لابنه يا بني آمرك أن تقول سبحان الله فإنها صلاة الخلق وتسبيح الخلق وبها يرزق الخلق قال الله تعالى : { وإن من شيء إلا يسبح بحمده } إسناده فيه ضعف فإن الربذي ضعيف عند الأكثرين
وقال عكرمة في قوله تعالى { وإن من شيء إلا يسبح بحمده } قال : الأسطوانة تسبح ، والشجرة تسبح - الأسطوانة السارية
وقال بعض السلف : إن صرير الباب تسبيحه وخرير الماء تسبيحه قال الله تعالى : { وإن من شيء إلا يسبح بحمده }
وقال سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم قال الطعام يسبح
ويشهد لهذا القول آية السجدة أول سورة الحج
وقال آخرون إنما يسبح ما كان فيه روح يعنون من حيوان أو نبات
وقال قتادة في قوله { وإن من شيء إلا يسبح بحمده } قال : كل شيء فيه الروح يسبح من شجر أو شيء فيه
وقال الحسن ، والضحاك في قوله : { وإن من شيء إلا يسبح بحمده } قالا : كل شيء فيه الروح
وقال ابن جرير حدثنا محمد بن حميد حدثنا يحيى بن واضح وزيد بن حباب قالا : حدثنا جرير أبو الخطاب قال كنا مع يزيد الرقاشي ومعه الحسن في طعام فقدموا الخوان فقال يزيد الرقاشي يا أبا سعيد يسبح هذا الخوان ؟ فقال كان يسبح مرة .
قلت الخوان هو المائدة من الخشب فكأن الحسن رحمه الله ذهب إلى أنه لما كان حيا فيه خضرة كان يسبح فلما قطع وصار خشبة يابسة انقطع تسبيحه وقد يستأنس لهذا القول بحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير ؛ أما أحدهما فكان لا يستتر من البول وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين ثم غرز في كل قبر واحدة ثم قال لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا أخرجاه في الصحيحين .
قال بعض من تكلم على هذا الحديث من العلماء إنما قال ما لم ييبسا لأنهما يسبحان ما دام فيهما خضرة فإذا يبسا انقطع تسبيحهما والله أعلم
وقوله تعالى ] { إنه كان حليما غفورا } أي إنه [ تعالى] لا يعاجل من عصاه بالعقوبة بل يؤجله وينظره فإن استمر على كفره وعناده أخذه أخذ عزيز مقتدر كما جاء في الصحيحين إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد } [ هود 102 ] الآية ، وقال الله تعالى : { وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير } [ الحج 48 ] . ومن أقلع عما هو فيه من كفر أو عصيان ورجع إلى الله وتاب إليه تاب عليه كما قال تعالى : { ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما } [ النساء 110] .
وقال هاهنا { إنه كان حليما غفورا } كما قال في آخر فاطر " { إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا } إلى أن قال { ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا } [ فاطر 41 - 45] .
تفسير الطبري : معنى الآية 44 من سورة الإسراء
وقوله ( تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ ) يقول:تنزه الله أيها المشركون عما وصفتموه به إعظاما له وإجلالا السماوات السبع والأرض، ومن فيهنّ من المؤمنين به من الملائكة والإنس والجنّ، وأنتم مع إنعامه عليكم، وجميل أياديه عندكم، تفترون عليه بما تَفْتَرون.وقوله ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ) يقول جلّ ثناؤه:وما من شيء من خلقه إلا يسبح بحمده.كما حدثني به نصر بن عبد الرحمن الأوْدِيّ، قال: ثنا محمد بن يعلَى، عن موسى بن عبيدة، عن زيد بن أسلم، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا أُخْبِرُكُمْ بِشَيْءٍ أَمَرَ بِهِ نُوحٌ ابْنَهُ؟ إِنَّ نُوحا قالَ لابْنِهِ يا بُنَيَّ آمُرُكَ أنْ تَقُولَ سُبْحانَ الله وبِحَمْدِهِ فإنَّها صَلاةُ الخَلْق، وَتَسْبِيحُ الخَلْقِ، وبِها تُرْزَقُ الخَلْقُ، قالَ الله ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ).حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا عيسى بن عبيد، قال: سمعت عكرمة يقول: لا يَعِيبنّ أحدكم دابته ولا ثوبه، فإن كل شيء يسبح بحمده.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ) قال: الشجرة تسبح، والأسْطوانة تسبح.حدثنا ابن حميد، قال : ثنا يحيى بن واضح وزيد بن حباب، قالا ثنا جرير أبو الخطاب، قال: كنا مع يزيد الرقاشي ومعه الحسن في طعام، فقدّموا الخوان، فقال يزيد الرقاشي: يا أبا سعيد يسبح هذا الخوان: فقال: كان يسبح مرّة.حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا جويبر، عن الضحاك، ويونس، عن الحسن أنهما قالا في قوله ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ) قالا كلّ شيء فيه الروح.حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الكبير بن عبد المجيد، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، قال: الطعام يسبح.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر عن قتادة ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ) قال: كلّ شيء فيه الروح يسبح، من شجر أو شيء فيه الروح.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد ، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن عبد الله بن أبي، عن عبد الله بن عمرو، أن الرجل إذا قال: لا إله إلا الله فهي كلمة الإخلاص التي لا يقبل الله من أحد عملا حتى يقولها، فإذا قال الحمد لله، فهي كلمة الشكر التي لم يشكر الله عبد قطّ حتى يقولها، فإذا قال الله أكبر، فهي تملأ ما بين السماء والأرض، فإذا قال سبحان الله، فهي صلاة الخلائق التي لم يَدْعُ الله أحد من خلقه إلا نوّره بالصلاة والتسبيح، فإذا قال لا حول ولا قوّة إلا بالله، قال: أسلم عبدي واستسلم.وقوله ( وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) يقول تعالى ذكره : ولكن لا تفقهون تسبيح ما عدا تسبيح من كان يسبح بمثل ألسنتكم ( إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا ) يقول: إن الله كان حليما لا يعجل على خلقه، الذين يخالفون أمره، ويكفرون به، ولولا ذلك لعاجل هؤلاء المشركين الذين يدعون معه الآلهة والأنداد بالعقوبة ( غَفُورًا ) يقول: ساترا عليهم ذنوبهم، إذا هم تابوا منها بالعفو منه لهم.كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا ) عن خلقه، فلا يعجل كعجلة بعضهم على بعض ( غَفُورًا ) لهم إذا تابوا.
تفسير آيات من القرآن الكريم
- تفسير: ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون
- تفسير: ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون
- تفسير: وأكيد كيدا
- تفسير: فأذاقهم الله الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون
- تفسير: وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين
- تفسير: خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع
- تفسير: ألم نشرح لك صدرك
- تفسير: أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون
- تفسير: وأن أقيموا الصلاة واتقوه وهو الذي إليه تحشرون
- تفسير: عندها جنة المأوى
تحميل سورة الإسراء mp3 :
سورة الإسراء mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الإسراء
ماهر المعيقلي
سعد الغامدي
عبد الباسط
أحمد العجمي
المنشاوي
الحصري
مشاري العفاسي
ناصر القطامي
فارس عباد
ياسر الدوسري
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب