تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : وأن احكم بينهم بما أنـزل الله ولا ..

  1. تفسير السعدي
  2. تفسير البغوي
  3. التفسير الوسيط
  4. تفسير ابن كثير
  5. تفسير الطبري
الفسير الوسيط | التفسير الوسيط للقرآن الكريم للطنطاوي | تأليف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (المتوفى: 1431هـ) : ويعتبر هذا التفسير من التفاسير الحديثة و القيمة لطلاب العلم و الباحثين في تفسير القرآن العظيم بأسلوب منهجي سهل و عبارة مفهومة, تفسير الآية 49 من سورةالمائدة - التفسير الوسيط .
  
   

﴿ وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ﴾
[ سورة المائدة: 49]

معنى و تفسير الآية 49 من سورة المائدة : وأن احكم بينهم بما أنـزل الله ولا .


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تفسير السعدي : وأن احكم بينهم بما أنـزل الله ولا


وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ْ هذه الآية هي التي قيل: إنها ناسخة لقوله: فَاحْكُم بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ ْ والصحيح: أنها ليست بناسخة، وأن تلك الآية تدل على أنه صلى الله عليه وسلم مخير بين الحكم بينهم وبين عدمه، وذلك لعدم قصدهم بالتحاكم للحق.
وهذه الآية تدل على أنه إذا حكم، فإنه يحكم بينهم بما أنزل الله من الكتاب والسنة، وهو القسط الذي تقدم أن الله قال: وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ ْ ودل هذا على بيان القسط، وأن مادته هو ما شرعه الله من الأحكام، فإنها المشتملة على غاية العدل والقسط، وما خالف ذلك فهو جور وظلم.
وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ْ كرر النهي عن اتباع أهوائهم لشدة التحذير منها.
ولأن ذلك في مقام الحكم والفتوى، وهو أوسع، وهذا في مقام الحكم وحده، وكلاهما يلزم فيه أن لا يتبع أهواءهم المخالفة للحق، ولهذا قال: وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ْ أي: إياك والاغترار بهم، وأن يفتنوك فيصدوك عن بعض ما أنزل [الله] إليك، فصار اتباع أهوائهم سببا موصلا إلى ترك الحق الواجب، والفرض اتباعه.
فَإِن تَوَلَّوْا ْ عن اتباعك واتباع الحق فَاعْلَمْ ْ أن ذلك عقوبة عليهم وأن الله يريد أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ْ فإن للذنوب عقوبات عاجلة وآجلة، ومن أعظم العقوبات أن يبتلى العبد ويزين له ترك اتباع الرسول، وذلك لفسقه.
وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ْ أي: طبيعتهم الفسق والخروج عن طاعة الله واتباع رسوله.

تفسير البغوي : مضمون الآية 49 من سورة المائدة


قوله عز وجل : ) ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك ) قال ابن عباس رضي الله عنهما : قال كعب بن [ أسد ] وعبد الله بن [ صوريا ] وشاس بن قيس من رؤساء اليهود بعضهم لبعض : اذهبوا بنا إلى محمد لعلنا نفتنه عن دينه ، فأتوه فقالوا يا محمد قد عرفت أنا أحبار اليهود وأشرافهم وأنا إن اتبعناك لم يخالفنا اليهود ، وإن بيننا وبين الناس خصومات فنحاكمهم إليك فاقض لنا عليهم نؤمن بك ، ويتبعنا غيرنا ، ولم يكن قصدهم الإيمان ، وإنما كان قصدهم التلبيس ودعوته إلى الميل في الحكم فأنزل الله عز وجل الآية .
) ( فإن تولوا ) أي : أعرضوا عن الإيمان والحكم بالقرآن ، ( فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم ) أي : فاعلم أن إعراضهم من أجل أن الله يريد أن يعجل لهم العقوبة في الدنيا ببعض ذنوبهم ، ( وإن كثيرا من الناس ) يعني اليهود ، ) ( لفاسقون )

التفسير الوسيط : وأن احكم بينهم بما أنـزل الله ولا


ثم كرر- سبحانه - الأمر لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بأن يحكم بين اليهود وغيرهم بما أنزله الله-تبارك وتعالى- وحذره من مكرهم وكيدهم فقال: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ.
أخرج ابن جرير عن ابن عباس- رضى الله عنهما- قال: قال كعب بن أسد وابن صوريا وشاس بن قيس بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى محمد لعلنا نفتنه عن دينه: فأتوه فقالوا:يا محمد، إنك قد عرفت أنا أحبار اليهود وأشرافهم وساداتهم وإنا إن اتبعناك اتبعك يهود ولم يخالفونا.
وإن بيننا وبين قومنا خصومة فنحاكمهم إليك فتقضى لنا عليهم، ونؤمن لك ونصدق فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك.
فأنزل الله فيهم: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ إلى قوله: وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ .
وقوله: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ في محل نصب عطفا على الكتاب في قوله:وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ.
وقوله: أَنْ يَفْتِنُوكَ بدل اشتمال من المفعول في وَاحْذَرْهُمْ كأنه قيل: واحذر فتنتهم كما تقول: أعجبنى زيد علمه.
والمراد بالفتنة هنا محاولة إضلاله وصرفه عن الحكم بما أنزل الله.
والمعنى: وأنزلنا إليك الكتاب يا محمد فيه حكم الله، وأنزلنا إليك فيه أن أحكم بينهم بما أنزل الله، ولا تتبع أهواء هؤلاء اليهود الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا، واحذرهم أن يضلوك أو يصدوك عن بعض ما أنزلناه إليك ولو كان أقل قليل بأن يصوروا لك الباطل في صورة الحق، أو بأن يحاولوا حملك على الحكم الذي يناسب شهواتهم:وقد كرر- سبحانه - على نبيه صلى الله عليه وسلم وجوب التزامه في أحكامه بما أنزل الله، لتأكيد هذا الأمر في مقام يستدعى التأكيد، لأن اليهود كانوا لا يكفون عن محاولتهم فتنته صلى الله عليه وسلم وإغراءه بالميل إلى الأحكام التي تتفق مع أهوائهم، ولأنه قد جاء في الآية السابقة ما قد يوهم بأن لكل قوم شريعة خاصة بهم لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً وأن حكم القرآن ليس له صفة العموم فأراد- سبحانه - أن ينفى هذا الوهم نفيا واضحا وأن يؤكد أن شريعة القرآن هي الشريعة العامة الخالدة التي يجب أن يتحاكم إليها الناس في كل زمان ومكان، لأنها نسخت ما سبقها من شرائع.
وقوله-تبارك وتعالى- وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ تيئيس لأولئك اليهود الذين حاولوا إغراء الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يقضى لهم بما يرضيهم لكي يتبعوه، ونهى له صلى الله عليه وسلم ولأتباعه عن الاستجابة لأهواء هؤلاء ولو في أقل القليل مما يتنافى مع الحق الذي أمره الله-تبارك وتعالى- بالسير عليه في القضاء بين الناس.
ثم بين- سبحانه - سوء عاقبة كل من يعرض عن حكم الله-تبارك وتعالى- فقال: فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ.
أى: فإن تولوا عن حكمك، وأعرضوا عنك بعد تحاكمهم إليك وأرادوا الحكم بغير ما أنزل الله.
فاعلم أن حكمة الله قد اقتضت أن يعاقبهم بسبب بعض هذه الذنوب التي اقترفوها بتوليهم عن حكم الله، وإعراضهم عنك، وانصرافهم عن الهدى والرشاد إلى الغي والضلال، لأن الأمة التي لا تخضع لأحكام شرع الله، وتسير وراء لذائذها ومتعها وشهواتها وأهوائها الباطلة، لا بد أن يصيبها العقاب الشديد بسبب ذلك.
وعبر- سبحانه - عما يصيبهم من عقاب بأنه بسبب ارتكابهم لبعض الذنوب، للإشارة بأن لهم ذنوبا كثيرة بعضها كاف لإنزال العقوبة الشديدة بهم.
وقوله: وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ اعتراض تذييلى مقرر لمضمون ما قبله، ومتضمن تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم عما لقيه من مخالفيه ولا سيما اليهود.
أى: وإن كثيرا من الناس لخارجون عن طاعتنا، ومتمردون على أحكامنا، ومتبعون لخطوات الشيطان الذي استحوذ عليهم، وإذا كان الأمر كذلك فلا تبتئس يا محمد عما لقيته من أصحاب النفوس المريضة، بل اصبر حتى يحكم الله بينك وبينهم.
ثم ختم- سبحانه - هذه الآية الكريمة بتوبيخ أولئك الذين يرغبون عن حكم الله إلى حكم غيره فقال: أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ.
فالهمزة هنا للاستفهام الإنكارى التوبيخي.
والفاء للعطف على مقدر يستدعيه المقام.
والمعنى: أينصرفون عن حكمك بما أنزل الله ويعرضون عنه فيبغون حكم الجاهلية مع أن ما أنزله الله إليك من قرآن فيه الأحكام العادلة التي ترضى كل ذي عقل سليم، ومنطق قويم.
وقدم- سبحانه - المفعول «أفحكم» لإفادة التخصيص المفيد لتأكيد الإنكار والتعجيب من أحوال أولئك اليهود الذين يريدون حكم الجاهلية.
إذ أن التولي عن حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حكم آخر منكر عجيب.
وطلب حكم الجاهلية أقبح وأعجب.
والمراد بالجاهلية: الملة الجاهلية التي هي متابعة الهوى، والمداهنة في الأحكام، فيكون ذلك توبيخا لليهود بأنهم مع كونهم أهل كتاب يبغون حكم الملة الجاهلية.
وعدم الأخذ بشريعة المساواة.
فيكون ذلك- أيضا- تعييرا لهم لاقتدائهم بأهل الجاهلية.
قال الآلوسى: فقد روى أن بنى النضير لما تحاكموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في خصومة قتيل وقعت بينهم وبين بنى قريظة، طلب بعضهم من رسول الله أن يحكم بينهم بما كان عليه أهل الجاهلية من التفاضل، فقال صلى الله عليه وسلم: «القتلى سواء» - أى: متساوون- فقال بنو النضير: نحن لا نرضى بحكمك، فنزلت هذه الآية» .
وقوله-تبارك وتعالى- وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ إنكار منه- سبحانه - لأن يكون هناك حكم أحسن من حكمه أو مساو له.
أى: لا أحد أحسن حكما من حكم الله-تبارك وتعالى- عند قوم يوقنون بصحة دينه، ويذعنون لتكاليف شريعته، ويقرون بوحدانيته، ويتبعون أنبياءه ورسله.
فاللام في قوله: لِقَوْمٍ بمعنى عند، وهي متعلقة بأحسن، ومفعول يُوقِنُونَ محذوف أى لقوم يوقنون بحكمه وأنه أعدل الأحكام.
والجملة حالية متضمنة لمعنى الإنكار السابق.
وخص- سبحانه - الموقنين بالذكر، لأنهم هم الذين يحسنون التدبر فيما شرعه الله من أحكام، وينتفعون بما اشتملت عليه من عدل ومساواة.
هذا، وقد شدد الإمام ابن كثير النكير على الذي يرغبون عن حكم الله إلى أحكام من عند البشر، ووصف من يفعل ذلك بالكفر، وأفتى بوجوب مقاتلته حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله فقال- رحمه الله-:«ينكر-تبارك وتعالى- على من خرج عن حكم الله- المشتمل على كل خير الناهي عن كل شر- وعدل عنه إلى ما سواه من الآراء والأهواء والإصلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات.
مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم «جنكزخان» الذي وضع لهم «الباسق» وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها من شرائع شتى.
فصارت في بنيه شرعا متبعا يقدمونه على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فمن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله، فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير.

تفسير ابن كثير : شرح الآية 49 من سورة المائدة


وقوله : ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم ) تأكيد لما تقدم من الأمر بذلك ، والنهي عن خلافه .ثم قال [ تعالى ] ( واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك ) أي : احذر أعداءك اليهود أن يدلسوا عليك الحق فيما ينهونه إليك من الأمور ، فلا تغتر بهم ، فإنهم كذبة كفرة خونة . ( فإن تولوا ) أي : عما تحكم به بينهم من الحق ، وخالفوا شرع الله ( فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم ) أي : فاعلم أن ذلك كائن عن قدر الله وحكمته فيهم أن يصرفهم عن الهدى لما عليهم من الذنوب السالفة التي اقتضت إضلالهم ونكالهم . ( وإن كثيرا من الناس لفاسقون ) أي : أكثر الناس خارجون عن طاعة ربهم ، مخالفون للحق ناؤون عنه ، كما قال تعالى : ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ) [ يوسف : 103 ] . وقال تعالى : ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ) [ الآية ] [ الأنعام : 116 ] .وقال محمد بن إسحاق : حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس قال : قال كعب بن أسد وابن صلوبا وعبد الله بن صوريا وشاس بن قيس بعضهم لبعض : اذهبوا بنا إلى محمد لعلنا نفتنه عن دينه! فأتوه ، فقالوا : يا محمد ، إنك قد عرفت أنا أحبار يهود وأشرافهم وساداتهم ، وإنا إن اتبعناك اتبعنا يهود ولم يخالفونا ، وإن بيننا وبين قومنا خصومة فنحاكمهم إليك ، فتقضي لنا عليهم ، ونؤمن لك ، ونصدقك! فأبى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله عز وجل فيهم : ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك ) إلى قوله : ( لقوم يوقنون ) رواه ابن جرير وابن أبي حاتم .

تفسير الطبري : معنى الآية 49 من سورة المائدة


القول في تأويل قوله عز ذكره : وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49)قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " وأن احكم بينهم بما أنزل الله "، وأنزلنا إليك، يا محمد، الكتابَ مصدقًا لما بين يديه من الكتاب، وأنِ احكم بينهم= ف" أن " في موضع نصب ب" التنزيل ".
* * *ويعني بقوله: " بما أنزل الله "، بحكم الله الذي أنزله إليك في كتابه.
* * *وأما قوله: " ولا تتبع أهواءهم "، فإنه نهيٌ من الله نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يتّبع أهواء اليهود الذين احتكموا إليه في قتيلهم وفاجِرَيْهم، (33) وأمرٌ منه له بلزوم العمل بكتابه الذي أنزله إليه.
* * *وقوله: " واحذرهم أن يفتِنُوك عن بعض ما أنزل الله إليك "، يقول تعالى ذكره لنبيه محمدٍ صلى الله عليه وسلم: واحذر، يا محمد، هؤلاء اليهود الذين جاءوك محتكمين إليك=" أن يفتنوك "، فيصدُّوك عن بعض ما أنزل الله إليك من حكم كتابه، فيحملوك على ترك العمل به واتّباع أهوائهم.
(34)* * *وقوله: " فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم "، يقول تعالى ذكره: فإن تولى هؤلاء اليهود الذين اختصموا إليك عنك، فتركوا العمل بما حكمت به عليهم وقضيت فيهم (35) " فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم "، يقول: فاعلم أنهم لم يتولوا عن الرضى بحكمك وقد قضيت بالحقّ، إلا من أجل أن الله يريد أن يتعجّل عقوبتهم في عاجل الدنيا ببعض ما قد سلف من ذنوبهم (36) =" وإن كثيرًا من الناس لفاسقون "، يقول: وإن كثيرًا من اليهود=" لفاسقون "، يقول: لتاركُو العمل بكتاب الله، ولخارجون عن طاعته إلى معصيته.
(37)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك جاءت الروايةُ عن أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:12150 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال، حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس قال: قال كعب بن أسد، وابن صوريا وشأس بن قيس، (38) بعضُهم لبعضٍ: اذهبوا بنا إلى محمد، لعلّنا نفتنه عن دينه! فأتوه فقالوا: يا محمد، إنك قد عرفت أنَّا أحبار يهود وأشرافهم وساداتهم، وأنَّا إن اتّبعناك اتّبعنا يهود ولم يخالفونا، وأن بيننا وبين قومِنا خصومة، فنحاكمهم إليك، فتقضي لنا عليهم، ونؤمن لك ونصدقك! فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله فيهم: " وأنِ احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتِنُوك عن بعض ما أنزل الله إليك "، إلى قوله: لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ .
(39)12151 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك "، قال: أن يقولوا: " في التوراة كذا "، وقد بينَّا لك ما في التوراة.
وقرأ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ [سورة المائدة: 45]، بعضُها ببعضٍ.
12152 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن الشعبي، قال: دخل المجوسُ مع أهل الكتاب في هذه الآية: " وأن احكم بينهم بما أنزل الله ".
-----------------الهوامش :(33) قوله: "وفاجريهم" ، يعني اليهودي واليهودية اللذان زنيا ، فرجمها صلى الله عليه وسلم.
(34) انظر تفسير"الفتنة" فيما سلف 10: 317 ، تعليق: 2 ، والمراجع هناك.
(35) انظر تفسير"تولى" فيما سلف 10: 336 ، تعليق: 3 ، والمراجع هناك.
(36) انظر تفسير"الإصابة" فيما سلف 8: 514 ، 538 ، 540 ، 555.
(37) انظر تفسير"الفسق" فيما سلف 10: 393 ، تعليق: 3 ، والمراجع هناك.
(38) في ابن هشام: "وابن صلوبا ، وعبد الله بن صوريا".
(39) الأثر: 12150- سيرة ابن هشام 2: 216 ، وهو تابع الأثر السالف رقم: 11974.

وأن احكم بينهم بما أنـزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنـزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون

سورة : المائدة - الأية : ( 49 )  - الجزء : ( 6 )  -  الصفحة: ( 116 ) - عدد الأيات : ( 120 )

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: ذواتا أفنان
  2. تفسير: ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم
  3. تفسير: وطور سينين
  4. تفسير: إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا
  5. تفسير: هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ضلال مبين
  6. تفسير: قال هل أنتم مطلعون
  7. تفسير: قل انظروا ماذا في السموات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون
  8. تفسير: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه
  9. تفسير: فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون
  10. تفسير: يوم تشقق الأرض عنهم سراعا ذلك حشر علينا يسير

تحميل سورة المائدة mp3 :

سورة المائدة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة المائدة

سورة المائدة بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة المائدة بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة المائدة بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة المائدة بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة المائدة بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة المائدة بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة المائدة بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة المائدة بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة المائدة بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة المائدة بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب