تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم ..

  1. تفسير السعدي
  2. تفسير البغوي
  3. التفسير الوسيط
  4. تفسير ابن كثير
  5. تفسير الطبري
الفسير الوسيط | التفسير الوسيط للقرآن الكريم للطنطاوي | تأليف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (المتوفى: 1431هـ) : ويعتبر هذا التفسير من التفاسير الحديثة و القيمة لطلاب العلم و الباحثين في تفسير القرآن العظيم بأسلوب منهجي سهل و عبارة مفهومة, تفسير الآية 52 من سورةالمائدة - التفسير الوسيط .
  
   

﴿ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾
[ سورة المائدة: 52]

معنى و تفسير الآية 52 من سورة المائدة : فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم .


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تفسير السعدي : فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم


ولما نهى الله المؤمنين عن توليهم، أخبر أن ممن يدعي الإيمان طائفةً تواليهم، فقال: فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ْ أي: شك ونفاق، وضعف إيمان، يقولون: إن تولينا إياهم للحاجة، فإننا نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ْ أي: تكون الدائرة لليهود والنصارى، فإذا كانت الدائرة لهم، فإذا لنا معهم يد يكافؤننا عنها، وهذا سوء ظن منهم بالإسلام، قال تعالى -رادا لظنهم السيئ-: فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ ْ الذي يعز الله به الإسلام على اليهود والنصارى، ويقهرهم المسلمون أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِندِهِ ْ ييأس به المنافقون من ظفر الكافرين من اليهود وغيرهم فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا ْ أي: أضمروا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ ْ على ما كان منهم وضرهم بلا نفع حصل لهم، فحصل الفتح الذي نصر الله به الإسلام والمسلمين، وأذل به الكفر والكافرين، فندموا وحصل لهم من الغم ما الله به عليم.

تفسير البغوي : مضمون الآية 52 من سورة المائدة


( فترى الذين في قلوبهم مرض ) أي : نفاق يعني عبد الله بن أبي وأصحابه من المنافقين الذين يوالون اليهود ، ) ( يسارعون فيهم ) في معونتهم وموالاتهم ، ( يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة ) دولة ، يعني : أن يدول الدهر دولة فنحتاج إلى نصرهم إيانا ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : معناه نخشى أن لا يتم أمر محمد فيدور الأمر علينا ، وقيل: نخشى أن يدور الدهر علينا بمكروه من جدب وقحط فلا يعطونا الميرة والقرض ( فعسى الله أن يأتي بالفتح ) قال قتادة ومقاتل : بالقضاء الفصل من نصر محمد صلى الله عليه وسلم على من خالفه ، وقال الكلبي والسدي : فتح مكة ، وقال الضحاك : فتح قرى اليهود مثل خيبر وفدك ، ( أو أمر من عنده ) قيل: بإتمام أمر محمد صلى الله عليه وسلم ، وقيل: هو عذاب لهم ، وقيل: إجلاء بني النضير ، ) ( فيصبحوا ) يعني : هؤلاء المنافقون ، ( على ما أسروا في أنفسهم ) من موالاة اليهود ودس الأخبار إليهم ، ) ( نادمين ) .

التفسير الوسيط : فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم


وبعد هذا النهى الشديد عن موالاة أعداء الله، صور القرآن حالة من حالات المنافقين بين فيها كيفية توليهم لأعداء الله، وأشعر بسببه فقال: فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ.
والدائرة: من الصفات الغالبة التي لا يذكر معها موصوفها.
وأصلها داورة.
لأنها من دار يدور.
ومعناها لغة: ما أحاط بالشيء.
والمراد بها هنا: المصيبة من مصائب الدهر التي تحيط بالناس كما تحيط الدائرة بما في داخلها.
والمعنى: فترى- يا محمد أولئك المنافقين الذين ضعف إيمانهم، وذهب يقينهم، يسارعون في مناصرة أعداء الإسلام مسارعة الداخل في الشيء، قائلين في أنفسهم أو للناصحين لهم بالثبات على الحق: اتركونا وشأننا فإننا نخشى أن تنزل بنا مصيبة من المصائب التي يدور بها الزمان كأن تمسنا أزمة مالية، أو ضائقة اقتصادية، أو أن يكون النصر في النهاية لهؤلاء الذين نواليهم فنحن نصادقهم ونصافيهم لنتقى شرهم، ولننال عونهم عند الملمات والضوائق.
قال الجمل: والفاء في قوله فَتَرَى إما للسببية المحضة: أى: بسبب أن الله لا يهدى القوم الظالمين المتصفين بما ذكر فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ وإما للعطف على قوله: إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ من حيث المعنى.
والرؤية في قوله فَتَرَى.
بصرية، فتكون جملة يسارعون حال.
وقيل علمية فتكون جملة يسارعون مفعولا ثانيا.
والأول أنسب بظهور نفاقهم.
وقوله: يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ حال من ضمير يسارعون .
والتعبير بقوله: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ تعبير قوى رائع، وصف القرآن به المنافقين وأشباههم في الكفر والضلال في مواطن كثيرة، لأنه لما كانت قوة القلب تضرب مثلا للثبات والتماسك.
كان ضعف القلب الذي عبر عنه بالمرض يضرب مثلا للخور، والتردد والتزلزل، وانهيار النفس.
وهذه طبيعة المنافقين ومن على شاكلتهم في كل زمان ومكان.
إنهم لا يمكن أن يكونوا صرحاء في انحيازهم إلى ناحية معينة.
وإنما هم يترددون بين الناحيتين، ويلتمسون الحظوة في الجانبين- فهم كما يقال: يصلون خلف على ويأكلون على مائدة معاوية- وأبلغ من كل ذلك وصف الله لهم بقوله: مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ.
والتعبير بقوله- سبحانه - ترى.. تصوير للحال الواقعة منهم بأنها كالمرئية المكشوفة التي لا تخفى على العقلاء البصراء.
وفي ذلك تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم وتحذير له ولأصحابه من مكر أولئك الذين في قلوبهم مرض.
والتعبير بقوله: يُسارِعُونَ فِيهِمْ يشير إلى أنهم لا يدخلون ابتداء في صفوف الأعداء «وإنما هم منغمرون فيهم دائما» ولا يخرجون عن دائرتهم بل ينتقلون في صفوفهم بسرعة ونشاط من دركة إلى دركة، ومن إثم إلى آثام.
وقوله-تبارك وتعالى- حكاية عنهم: يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ بيان لما اعتذروا به من معاذير كاذبة تدل على سقوط همتهم، وقلة ثقتهم بما وعد الله به المؤمنين من حسن العاقبة.
ولذا فقد رد الله عليهم بما يكبتهم، وبما يزيد المؤمنين إيمانا على إيمانهم فقال تعالى: فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ.
وعسى: لفظ يدل على الرجاء والطمع في الحصول على المأمول، وإذا صدر من الله-تبارك وتعالى- كان متحقق الوقوع لأنه صادر من أكرم الأكرمين الذي لا يخلف وعده، ولا يخيب من رجاه.
والفتح يطلق بمعنى التوسعة بعد الضيق كما في قوله: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ.
ويطلق بمعنى الفصل بين الحق والباطل.
ومن ذلك قوله-تبارك وتعالى-: رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ ويطلق بمعنى الظفر والنصر كما في قوله-تبارك وتعالى- إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً.
ولفظ الفتح هنا يشمل هذه الأمور الثلاثة فهو سعة بعد ضيق، وفصل بين حق وباطل، ونصر بعد جهاد طويل.
والمعنى: لا تهتموا أيها المؤمنون بمسارعة هؤلاء الذين في قلوبهم مرض إلى صفوف أعدائكم وارتمائهم في أحضانهم خشية أن تصيبهم دائرة، فلعل الله- عز وجل - بفضله وصدق وعده أن يأتى بالخير العميم والنصر المؤزر الذي يظهر دينه.
ويجعل كلمته هي العليا.. أو يأتى بأمر من عنده لا أثر لكم فيه فيزلزل قلوب أعدائكم، وينصركم عليهم، ويجعل الهزيمة والندم للموالين لأعدائكم، وبسبب شكهم في أن تكون العاقبة للإسلام والمسلمين.
ولقد صدق الله وعده، ففضح المنافقين وأذلهم، وأنزل الهزيمة باليهود، وأورث المؤمنين أرضهم وديارهم وأموالهم.
وقد جاء التعبير في قوله-تبارك وتعالى-: فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ بصيغة الرجاء، لتعليم المؤمنين عدم اليأس من رحمة الله، ومن مجيء نصره، ولتعويدهم على أن يتوجهوا إليه- سبحانه - في مطالبهم بالرجاء الصادق، والأمل الخالص.
قال الفخر الرازي: فإن قيل: شرط صحة التقسيم أن يكون ذلك بين قسمين متنافيين.
وقوله: فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ ليس كذلك، لأن الإتيان بالفتح داخل في قوله: أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ.
قلنا: قوله: أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ معناه: أو أمر من عنده لا يكون للناس فيه فعل ألبتة، كبني النضير الذين طرح الله في قلوبهم الرعب فأعطوا بأيديهم من غير محاربة ولا عسكر .
والضمير في قوله: فَيُصْبِحُوا يعود على أولئك المنافقين الذين في قلوبهم مرض والجملة معطوفة على أَنْ يَأْتِيَ داخل معه في حيز خبر عسى.
وعبر- سبحانه - عن ندمهم بالوصف نادِمِينَ لا بالفعل، للإيذان بأنه ندم دائم تصحبه الحسرات والآلام المستمرة، بسبب ما وقعوا فيه من ظن فاسد، وأمل خائب.

تفسير ابن كثير : شرح الآية 52 من سورة المائدة


وقوله : ( فترى الذين في قلوبهم مرض ) أي : شك ، وريب ، ونفاق ( يسارعون فيهم ) أي : يبادرون إلى موالاتهم ومودتهم في الباطن والظاهر ، ( يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة ) أي : يتأولون في مودتهم وموالاتهم أنهم يخشون أن يقع أمر من ظفر الكفار بالمسلمين ، فتكون لهم أياد عند اليهود والنصارى فينفعهم ذلك ، عند ذلك قال الله تعالى : ( فعسى الله أن يأتي بالفتح ) قال السدي : يعني فتح مكة . وقال غيره : يعني القضاء والفصل ( أو أمر من عنده ) قال السدي : يعني ضرب الجزية على اليهود والنصارى ( فيصبحوا ) يعني : الذين والوا اليهود والنصارى من المنافقين ( على ما أسروا في أنفسهم نادمين ) من الموالاة ( نادمين ) أي : على ما كان منهم ، مما لم يجد عنهم شيئا ، ولا دفع عنهم محذورا ، بل كان عين المفسدة ، فإنهم فضحوا ، وأظهر الله أمرهم في الدنيا لعباده المؤمنين ، بعد أن كانوا مستورين لا يدرى كيف حالهم . فلما انعقدت الأسباب الفاضحة لهم ، تبين أمرهم لعباد الله المؤمنين ، فتعجبوا منهم كيف كانوا يظهرون أنهم من المؤمنين ، ويحلفون على ذلك ويتأولون ، فبان كذبهم وافتراؤهم ; ولهذا قال تعالى :

تفسير الطبري : معنى الآية 52 من سورة المائدة


القول في تأويل قوله : فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌاختلف أهل التأويل فيمن عنى بهذه الآية.
فقال بعضهم: عنى بها عبد الله بن أبي ابن سلول.
ذكر من قال ذلك:12166 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، سمعت أبي، عن عطية بن سعد: " فترى الذين في قلوبهم مرض "، عبد الله بن أبي=" يسارعون فيهم "، في ولايتهم=" يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة "، إلى آخر الآية: فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ .
12167 - حدثنا هناد قال، حدثنا يونس بن بكير قال، حدثنا ابن إسحاق قال، حدثني والدي إسحاق بن يسار، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت: " فترى الذين في قلوبهم مرض "، يعني عبد الله بن أبي=" يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة "، لقوله: إني أخشى دائرةً تُصِيبني! (16)* * *وقال آخرون: بل عُني بذلك قومٌ من المنافقين كانوا يُناصِحون اليهود ويغشون المؤمنين، ويقولون: " نخشى أن تكون الدائرة لليهود على المؤمنين "! (17)ذكر من قال ذلك:12168 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره: " فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم "، قال: المنافقون، في مصانعة يهود، ومناجاتهم، واسترضاعهم أولادَهم إياهم= وقول الله تعالى ذكره: " نخشى أن تصيبنا دائرة "، قال يقول: نخشى أن تكون الدَّائرة لليهود.
12169 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
12170 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " فترى الذين في قلوبهم مرض " إلى قوله: نَادِمِينَ ، أُناسٌ من المنافقين كانوا يوادُّون اليهود ويناصحونهم دون المؤمنين.
12171 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " فترى الذين في قلوبهم مرض "، قال: شك =" يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة "، و " الدائرة "، ظهور المشركين عليهم.
* * *قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن ذلك من الله خبر عن ناس من المنافقين كانوا يوالون اليهودَ والنصارى ويغشُّون المؤمنين، ويقولون: نخشى أن تدور دوائر= إما لليهود والنصارى، وإما لأهل الشرك من عبدة الأوثان، أو غيرهم= على أهل الإسلام، أو تنزل بهؤلاء المنافقين نازلةٌ، فيكون بنا إليهم حاجة.
وقد يجوز أن يكون ذلك كان من قول عبد الله بن أبي، ويجوز أن يكون كان من قول غيره، غير أنه لا شك أنه من قول المنافقين.
* * *فتأويل الكلام إذًا: فترى، يا محمد، الذين في قلوبهم شكٌّ، (18) ومرضُ إيمانٍ بنبوّتك وتصديق ما جئتهم به من عند ربك (19) =" يسارعون فيهم "، يعني في اليهود والنصارى= ويعني بمسارعتهم فيهم: مسارعتهم في مُوالاتهم ومصانعتهم (20) =" يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة "، يقول هؤلاء المنافقون: إنما نسارع في موالاة هؤلاء اليهود والنصارى، خوفًا من دائرة تدور علينا من عدوّنا.
(21)* * *ويعني ب" الدائرة "، الدولة، كما قال الراجز: (22)تَرُدُّ عَنْكَ القَدَرَ المَقْدُورَاوَدَائِرَاتِ الدَّهْرِ أَنْ تَدُورَا (23)يعني: أن تدول للدهر دولة، فنحتاج إلى نصرتهم إيانا، فنحن نواليهم لذلك.
فقال الله تعالى ذكره لهم: فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ .
* * *القول في تأويل قوله : فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52)قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده "، فلعل الله أن يأتي بالفتح.
(24)* * *ثم اختلفوا في تأويل " الفتح " في هذا الموضع.
فقال بعضهم: عُنى به ههنا، القضاء.
ذكر من قال ذلك:12172 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " فعسى الله أن يأتي بالفتح "، قال: بالقضاء.
* * *وقال آخرون: عني به فتح مكة.
ذكر من قال ذلك:12173 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " فعسى الله أن يأتي بالفتح "، قال: فتح مكة.
* * *و " الفتح " في، كلام العرب، هو القضاء، كما قال قتادة، ومنه قول الله تعالى ذكره: رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ [سورة الأعراف: 89].
وقد يجوز أن يكون ذلك القضاء الذي وعدَ الله نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم بقوله: " فعسى الله أن يأتي بالفتح " فتح، مكة، لأن ذلك كان من عظيم قضاءِ الله، وفَصْل حُكمه بين أهل الإيمان والكفر، ومقرِّرًا عند أهل الكفر والنفاق، (25) أن الله معلي كلمته وموهن كيد الكافرين.
(26)* * *وأما قوله: " أو أمر من عنده "، فإن السدي كان يقول في ذلك، ما:-12174 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " أو أمر من عنده " قال: " الأمر "، الجزية.
* * *وقد يحتمل أن يكون " الأمر " الذي وعد الله نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يأتي به هو الجزية، ويحتمل أن يكون غيرها.
(27) غير أنه أيّ ذلك كان، فهو مما فيه إدالة المؤمنين على أهل الكفر بالله وبرسوله، ومما يسوء المنافقين ولا يسرُّهم.
وذلك أن الله تعالى ذكره قد أخبر عنهم أنّ ذلك الأمر إذا جاء، أصبحوا على ما أسرُّوا في أنفسهم نادمين.
* * *وأما قوله: " فيصبحوا على ما أسرُّوا في أنفسهم نادمين "، فإنه يعني هؤلاء المنافقين الذين كانوا يوالون اليهود والنصارى.
يقول تعالى ذكره: لعل الله أن يأتي بأمرٍ من عنده يُديل به المؤمنين على الكافرين من اليهود والنصارى وغيرهم من أهل الكفر، فيصبح هؤلاء المنافقون على ما أسرُّوا في أنفسهم من مخالّة اليهود والنصارى ومودّتهم، وبغْضَة المؤمنين ومُحَادّتهم،" نادمين "، كما:-12175 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين "، من موادّتهم اليهود، ومن غِشِّهم للإسلام وأهله.
----------------الهوامش :(16) الأثر: 12167- سيرة ابن هشام 3: 53 ، مختصرًا وهو تابع الأثر السالف رقم: 12158.
(17) في المطبوعة: "أن تكون دائرة" ، وأثبت ما في المخطوطة.
(18) في المطبوعة: "في قلوبهم مرض وشك إيمان" ، غير ما في المخطوطة وهو الصواب المحض.
لأنه يريد: أن المرض قد دخل إيمانهم وتصديقهم ، بعد ذكر"الشك".
(19) انظر تفسير"المرض" فيما سلف 1: 278- 281.
(20) انظر تفسير"المسارعة" فيما سلف 7: 130 ، 207 ، 418/10: 301 وما بعدها.
(21) انظر تفسير"الإصابة" فيما سلف ص: 1393 ، تعليق: 2 ، والمراجع هناك.
(22) هو حميد الأرقط.
(23) مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 169 ، ولم أجد سائر الرجز.
(24) انظر تفسير"عسى" فيما سلف 4: 298/8: 579.
(25) في المطبوعة والمخطوطة: "ويقرر" ، وكأن الصواب ما أثبت.
(26) انظر تفسير"الفتح" فيما سلف 2: 254 ، 332/9: 323 ، 324.
(27) في المخطوطة: "أن يكون إلى غيرها" ، وكأنه خطأ من الناسخ.

فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين

سورة : المائدة - الأية : ( 52 )  - الجزء : ( 6 )  -  الصفحة: ( 117 ) - عدد الأيات : ( 120 )

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: قال لقد علمت ما أنـزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض بصائر وإني لأظنك يافرعون مثبورا
  2. تفسير: وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما
  3. تفسير: وإلى السماء كيف رفعت
  4. تفسير: قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله خير أما يشركون
  5. تفسير: ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون
  6. تفسير: ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال
  7. تفسير: قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون
  8. تفسير: وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن
  9. تفسير: ياأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون
  10. تفسير: فأنت عنه تلهى

تحميل سورة المائدة mp3 :

سورة المائدة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة المائدة

سورة المائدة بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة المائدة بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة المائدة بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة المائدة بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة المائدة بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة المائدة بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة المائدة بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة المائدة بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة المائدة بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة المائدة بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب