تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : لمثل هذا فليعمل العاملون ..
﴿ لِمِثْلِ هَٰذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ﴾
[ سورة الصافات: 61]
معنى و تفسير الآية 61 من سورة الصافات : لمثل هذا فليعمل العاملون .
تفسير الجلالين | التفسير الميسر | تفسير السعدي |
تفسير البغوي | التفسير الوسيط | تفسير ابن كثير |
تفسير الطبري | تفسير القرطبي | إعراب الآية |
تفسير السعدي : لمثل هذا فليعمل العاملون
{ لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ } فهو أحق ما أنفقت فيه نفائس الأنفاس وأولى ما شمر إليه العارفون الأكياس، والحسرة كل الحسرة، أن يمضي على الحازم، وقت من أوقاته، وهو غير مشتغل بالعمل، الذي يقرب لهذه الدار، فكيف إذا كان يسير بخطاياه إلى دار البوار؟"
تفسير البغوي : مضمون الآية 61 من سورة الصافات
قال الله تعالى : ( لمثل هذا فليعمل العاملون ) أي : لمثل هذا المنزل ولمثل هذا النعيم الذي ذكره من قوله : " أولئك لهم رزق معلوم " إلى " فليعمل العاملون " .
التفسير الوسيط : لمثل هذا فليعمل العاملون
ثم يقول لهم- أيضا-: لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ أى: لمثل هذا العطاء الجزيل، والنعيم المقيم، فليعمل العاملون، لا لغير ذلك من الأعمال الدنيوية الزائلة الفانية.ثم ساق- سبحانه - ما يدل على البون الشاسع. بين النعيم المقيم الذي يعيش فيه عباد الله المخلصون. وبين الشقاء الدائم الذي يعيش فيه الكافرون، فقال-تبارك وتعالى-:
تفسير ابن كثير : شرح الآية 61 من سورة الصافات
وقوله : { لمثل هذا فليعمل العاملون } قال قتادة : هذا من كلام أهل الجنة .
وقال ابن جرير : هو من كلام الله تعالى ، ومعناه : لمثل هذا النعيم وهذا الفوز فليعمل العاملون في الدنيا ، ليصيروا إليه في الآخرة .
وقد ذكروا قصة رجلين كانا شريكين في بني إسرائيل ، تدخل في ضمن عموم هذه الآية الكريمة .
قال أبو جعفر بن جرير : حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد ، حدثنا عتاب بن بشير ، عن خصيف ، عن فرات بن ثعلبة البهراني في قوله : { إني كان لي قرين } قال : إن رجلين كانا شريكين ، فاجتمع لهما ثمانية آلاف دينار ، وكان أحدهما له حرفة ، والآخر ليس له حرفة ، فقال الذي له حرفة للآخر : ليس عندك حرفة ، ما أراني إلا مفارقك ومقاسمك ، فقاسمه وفارقه ، ثم إن الرجل اشترى دارا بألف دينار كانت لملك ، مات ، فدعا صاحبه فأراه فقال : كيف ترى هذه الدار ؟ ابتعتها بألف دينار ؟ قال : ما أحسنها ! فلما خرج قال : اللهم إن صاحبي ابتاع هذه الدار بألف دينار ، وإني أسألك دارا من دور الجنة ، فتصدق بألف دينار ، ثم مكث ما شاء الله أن يمكث ، ثم إنه تزوج بامرأة بألف دينار ، فدعاه وصنع له طعاما . فلما أتاه قال : إني تزوجت امرأة بألف دينار . قال : ما أحسن هذا ! فلما انصرف قال : يا رب ، إن صاحبي تزوج امرأة بألف دينار ، وإني أسألك امرأة من الحور العين . فتصدق بألف دينار ، ثم إنه مكث ما شاء الله أن يمكث . ثم اشترى بستانين بألفي دينار ، ثم دعاه فأراه فقال : إني ابتعت هذين البستانين . فقال : ما أحسن هذا ! فلما خرج قال : يا رب ، إن صاحبي قد اشترى بستانين بألفي دينار ، وأنا أسألك بستانين في الجنة . فتصدق بألفي دينار ، ثم إن الملك أتاهما فتوفاهما ، ثم انطلق بهذا المتصدق ، فأدخله دارا تعجبه ، وإذا امرأة تطلع يضيء ما تحتها من حسنها ، ثم أدخله بستانين وشيئا الله به عليم ، فقال عند ذلك : ما أشبه هذا برجل كان من أمره كذا وكذا . قال : فإنه ذاك ، ولك هذا المنزل والبستانان والمرأة . قال : فإنه كان لي صاحب يقول : أئنك لمن المصدقين ؟ قيل له : فإنه في الجحيم . قال : هل أنتم مطلعون ؟ فاطلع فرآه في سواء الجحيم . فقال عند ذلك : { تالله إن كدت لتردين . ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين } الآيات .
قال ابن جرير : وهذا يقوي قراءة من قرأ : " أئنك لمن المصدقين " بالتشديد .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا عمر بن عبد الرحمن الأبار أبو حفص قال : سألت إسماعيل السدي عن هذه الآية : { قال قائل منهم إني كان لي قرين . يقول أئنك لمن المصدقين } ؟ قال : فقال لي : ما ذكرك هذا ؟ قلت : قرأته آنفا فأحببت أن أسألك عنه ؟ فقال : أما فاحفظ ، كان شريكان في بني إسرائيل ، أحدهما مؤمن والآخر كافر ، فافترقا على ستة آلاف دينار ، كل واحد منهما ثلاثة آلاف دينار ، فمكثا ما شاء الله أن يمكثا ، ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن : ما صنعت في مالك ؟ أضربت به شيئا ؟ أتجرت به في شيء ؟ فقال له المؤمن : لا فما صنعت أنت ؟ فقال : اشتريت به أرضا ونخلا وثمارا وأنهارا قال : فقال له المؤمن : أو فعلت ؟ قال : نعم . فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل صلى ما شاء الله أن يصلي ، فلما انصرف أخذ ألف دينار فوضعها بين يديه ، ثم قال : اللهم إن فلانا - يعني شريكه الكافر - اشترى أرضا ونخلا وثمارا وأنهارا بألف دينار ، ثم يموت غدا ويتركها ، اللهم إني اشتريت منك بهذه الألف دينار أرضا ونخلا وثمارا وأنهارا في الجنة . قال : ثم أصبح فقسمها في المساكين . قال : ثم مكثا ما شاء الله أن يمكثا ، ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن : ما صنعت في مالك ، أضربت به في شيء ؟ أتجرت به في شيء ؟ قال : لا فما صنعت أنت . قال : كانت ضيعتي قد اشتد علي مؤنتها ، فاشتريت رقيقا بألف دينار ، يقومون بي فيها ، ويعملون لي فيها . فقال له المؤمن : أوفعلت ؟ قال : نعم . قال : فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل صلى ما شاء الله أن يصلي ، فلما انصرف أخذ ألف دينار فوضعها بين يديه ، ثم قال : اللهم إن فلانا - يعني شريكه الكافر - اشترى رقيقا من رقيق الدنيا بألف دينار ، يموت غدا ويتركهم ، أو يموتون فيتركونه ، اللهم ، وإني أشتري منك بهذه الألف الدينار رقيقا في الجنة . ثم أصبح فقسمها في المساكين . قال : ثم مكثا ما شاء الله تعالى أن يمكثا ، ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن : ما صنعت في مالك ؟ أضربت به في شيء ؟ أتجرت به في شيء ؟ قال لا فما صنعت أنت ؟ قال : أمري كله قد تم إلا شيئا واحدا ، فلانة قد مات عنها زوجها ، فأصدقتها ألف دينار ، فجاءتني بها ومثلها معها . فقال له المؤمن : أوفعلت ؟ قال : نعم . فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل صلى ما شاء الله أن يصلي ، فلما انصرف أخذ الألف الدينار الباقية ، فوضعها بين يديه ، وقال : اللهم إن فلانا - يعني شريكه الكافر - تزوج زوجة من أزواج الدنيا فيموت غدا فيتركها ، أو يموت فتتركه ، اللهم وإني أخطب إليك بهذه الألف الدينار حوراء عيناء في الجنة . ثم أصبح فقسمها بين المساكين . قال : فبقي المؤمن ليس عنده شيء . قال : فلبس قميصا من قطن ، وكساء من صوف ، ثم أخذ مرا فجعله على رقبته ، يعمل الشيء ويحفر الشيء بقوته . قال : فجاءه رجل فقال : يا عبد الله ، أتؤاجرني نفسك مشاهرة ، شهرا بشهر ، تقوم على دواب لي تعلفها وتكنس سرقينها ؟ قال : نعم . قال : فواجره نفسه مشاهرة ، شهرا بشهر ، يقوم على دوابه . قال : فكان صاحب الدواب يغدو كل يوم ينظر إلى دوابه ، فإذا رأى منها دابة ضامرة ، أخذ برأسه فوجأ عنقه ، ثم يقول له : سرقت شعير هذه البارحة ؟ فلما رأى المؤمن هذه الشدة قال : لآتين شريكي الكافر ، فلأعملن في أرضه فيطعمني هذه الكسرة يوما ، ويكسوني هذين الثوبين إذا بليا . قال : فانطلق يريده ، فلما انتهى إلى بابه وهو ممس ، فإذا قصر مشيد في السماء ، وإذا حوله البوابون فقال لهم : استأذنوا لي صاحب هذا القصر فإنكم إذا فعلتم سره ذلك ، فقالوا له : انطلق إن كنت صادقا فنم في ناحية ، فإذا أصبحت فتعرض له . قال : فانطلق المؤمن ، فألقى نصف كسائه تحته ، ونصفه فوقه ، ثم نام . فلما أصبح أتى شريكه فتعرض له ، فخرج شريكه الكافر وهو راكب ، فلما رآه عرفه فوقف عليه وسلم عليه وصافحه ، ثم قال له : ألم تأخذ من المال مثل ما أخذت ؟ قال : بلى وهذه حالي وهذه حالك . قال : أخبرني ما صنعت في مالك ؟ قال : لا تسألني عنه . قال : فما جاء بك ؟ قال : جئت أعمل في أرضك هذه ، فتطعمني هذه الكسرة يوما بيوم ، وتكسوني هذين الثوبين إذا بليا . قال : لا ولكن أصنع بك ما هو خير من هذا ، ولكن لا ترى مني خيرا حتى تخبرني ما صنعت في مالك ؟ قال : أقرضته : قال : من ؟ قال : المليء الوفي . قال : من ؟ قال : الله ربي . قال : وهو مصافحه فانتزع يده من يده ، ثم قال : { أئنك لمن المصدقين . أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون } - قال السدي : محاسبون - قال : فانطلق الكافر وتركه . قال : فلما رآه المؤمن ليس يلوي عليه ، رجع وتركه ، يعيش المؤمن في شدة من الزمان ، ويعيش الكافر في رخاء من الزمان . قال : فإذا كان يوم القيامة وأدخل الله المؤمن الجنة ، يمر فإذا هو بأرض ونخل وثمار وأنهار ، فيقول : لمن هذا ؟ فيقال : هذا لك . فيقول : يا سبحان الله ! أوبلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا ؟ ! قال : ثم يمر فإذا هو برقيق لا تحصى عدتهم ، فيقول : لمن هذا ؟ فيقال : هؤلاء لك . فيقول : يا سبحان الله ! أوبلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا ؟ ! قال : ثم يمر فإذا هو بقبة من ياقوتة حمراء مجوفة ، فيها حوراء عيناء ، فيقول : لمن هذه ؟ فيقال : هذه لك . فيقول : يا سبحان الله ! أوبلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا ؟ ! قال : ثم يذكر المؤمن شريكه الكافر فيقول : { إني كان لي قرين . يقول أئنك لمن المصدقين . أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون } قال : فالجنة عالية ، والنار هاوية . قال : فيريه الله شريكه في وسط الجحيم ، من بين أهل النار ، فإذا رآه المؤمن عرفه ، فيقول { تالله إن كدت لتردين . ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين . أفما نحن بميتين . إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين . إن هذا لهو الفوز العظيم . لمثل هذا فليعمل العاملون } بمثل ما من عليه . قال : فيتذكر المؤمن ما مر عليه في الدنيا من الشدة ، فلا يذكر مما مر عليه في الدنيا من الشدة ، أشد عليه من الموت .
تفسير الطبري : معنى الآية 61 من سورة الصافات
وقوله ( لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ ) يقول تعالى ذكره: لمثل هذا الذي أعْطَيتُ هؤلاء المؤمنين من الكرامة في الآخرة، فليعمل في الدنيا لأنفسهم العاملون، ليدركوا ما أدرك هؤلاء بطاعة ربهم.
تفسير آيات من القرآن الكريم
- تفسير: والليل إذا يغشى
- تفسير: وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون
- تفسير: وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون
- تفسير: فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل
- تفسير: يتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم
- تفسير: ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض وما لكم من دون الله من ولي
- تفسير: ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين
- تفسير: فاصبر إن وعد الله حق فإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون
- تفسير: ياأيتها النفس المطمئنة
- تفسير: إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا
تحميل سورة الصافات mp3 :
سورة الصافات mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الصافات
ماهر المعيقلي
سعد الغامدي
عبد الباسط
أحمد العجمي
المنشاوي
الحصري
مشاري العفاسي
ناصر القطامي
فارس عباد
ياسر الدوسري
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب