تفسير الطبري تفسير الصفحة 448 من المصحف

 تفسير الطبري - صفحة القرآن رقم 448
449
447
 الآية : 51 -53
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {قَالَ قَآئِلٌ مّنْهُمْ إِنّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَإِنّكَ لَمِنَ الْمُصَدّقِينَ * أَإِذَا مِتْنَا وَكُنّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنّا لَمَدِينُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: قال قائل من أهل الـجنة إذ أقبل بعضهم علـى بعض يتساءلون: إنـي كانَ لـي قَرِينٌ فـاختلف أهل التأويـل فـي القرين الذي ذُكر فـي هذا الـموضع, فقال بعضهم: كان ذلك القرين شيطانا, وهو الذي كان يقول له: أئِنّكَ لَـمِنَ الـمُصَدّقِـينَ بـالبعث بعد الـمـمات. ذكر من قال ذلك:
22511ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبـي نـجيح عن مـجاهد فـي قول الله: إنّـي كانَ لـي قَرِينٌ قال: شيطان. وقال آخرون: ذلك القرين شريك كان له من بنـي آدم أو صاحب. ذكر من قال ذلك:
22512ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إنّـي كانَ لِـي قَرِينٌ يقول أئِنّكَ لَـمِنَ الـمُصَدّقِـينَ قال: هو الرجل الـمشرك يكون له الصاحب فـي الدنـيا من أهل الإيـمان, فـيقول له الـمشرك: إنك لتُصدّق بأنك مبعوث من بعد الـموت أئذا كنا ترابـا؟ فلـما أن صاروا إلـى الاَخرة وأدخـل الـمؤمُن الـجنة, وأدخـل الـمشرك النار, فـاطلع الـمؤمن, فرأى صاحبه فـي سَواء الـجحيـم قَالَ تَاللّهِ إنْ كِدْتَ لُتردِينِ.
22513ـ حدثنـي إسحاق بن إبراهيـم بن حبـيب بن الشهيد, قال: عتاب بن بشير, عن خَصيف, عن فُرات بن ثعلبة البهرانـي فـي قوله: إنّـي كانَ لِـي قَرِينٌ قال: إن رجلـين كانا شريكين, فـاجتـمع لهما ثمانـية آلاف دِينار, وكان أحدهما له حرفة, والاَخر لـيس له حرفة, فقال الذي له حرفة للاَخر: لـيس لك حرفة, ما أُرانـي إلا مفـارقك ومُقاسمك, فقاسمه وفـارقه ثم إن الرجل اشترى دارا بألف دينار كانت لـملك قد مات فدعا صاحبه فأراه, فقال: كيف ترى هذه الدار ابتعُتها بألف دينار؟ قال: ما أحسنها فلـما خرج قال: اللهمّ إن صاحبـي هذا قد ابتاع هذه الدار بألف دينار, وإنـي أسألك دارا من دور الـجنة, فتَصَدّقَ بألف دينار ثم مكث ما شاء الله أن يـمكث, ثم إنه تزوّج امرأة بألف دينار, فدعاه وصنع له طعاما فلـما أتاه قال: إنـي تزوّجت هذه الـمرأة بألف دينار قال: ما أحسن هذا فلـما انصرف قال: يا ربّ إن صاحبـي تزوّج امرأة بألف دينار, وإنـي أسألك امرأة من الـحُور العين, فتصدّق بألف دينار ثم إنه مكث ما شاء الله أن يـمكث, ثم اشترى بستانـين بألفـي دينار, ثم دعاه فأراه, فقال: إنـي ابتعت هذين البستانـين, فقال: ما أحسن هذا فلـما خرج قال: يا ربّ إن صاحبـي قد اشترى بساتـين بألفـي دينار, وأنا أسألك بستانـين من الـجنة, فتصدّق بألفـي دينار ثم إن الـملك أتاهما فتوفّـاهما ثم انطلق بهذا الـمتصدّق فأدخـله دارا تعجبه, فإذا امرأة تطلع يضيء ما تـحتها من حُسنها, ثم أدخـله بستانـين, وشيئا الله به علـيـم, فقال عند ذلك: ما أشبه هذا برجل كان من أمره كذا وكذا. قال: فإنه ذاك, ولك هذا الـمنزل والبستانان والـمرأة. قال: فإنه كان لـي صاحب يقول: أئِنّكَ لَـمِنَ الـمُصَدّقِـينَ قـيـل له: فإنه من الـجحيـم, قال: فهل أنتـم مُطّلِعون؟ فـاطّلَع فرآه فـي سواء الـجحيـم, فقال عند ذلك: تاللّهِ إنْ كِدْتَ لَتُرْدينِ وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبـي لَكُنْتُ مِنَ الـمُـحْضَرِينَ... الاَيات..
وهذا التأويـل الذي تأوّله فرات بن ثعلبة يقوّي قراءة من قرأ «إنّكَ لـمِنَ الـمُصّدّقِـينَ» بتشديد الصاد بـمعنى: لـمن الـمتصدقـين, لأنه يذكر أن الله تعالـى ذكره إنـما أعطاه ما أعطاه علـى الصدقة لا علـى التصديق, وقراءة قرّاء الأمصار علـى خلاف ذلك, بل قراءتها بتـخفـيف الصاد وتشديد الدال, بـمعنى: إنكار قرينه علـيه التصديق أنه يبعث بعد الـموت, كأنه قال: أتصدّق بأنك تبعث بعد مـماتك, وتُـجْزَى بعملك, وتـحاسَب؟ يدل علـى ذلك قول الله: أئِذَا مِتْنا وكُنّا تُرَابـا وَعِظاما أئِنّا لَـمَدِينونَ وهي القراءة الصحيحة عندنا التـي لا يجوز خِلافُها لإجماع الـحجة من القرّاء علـيها.
وقوله: أئِنّا لَـمَدِينُونَ يقول: أئنا لـمـحاسبون ومـجزيّون بعد مصيرنا عظاما ولـحومنا ترابـا. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
22514ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: أئِنّا لَـمَدِينُونَ يقول: أئنا لـمـجازوْن بـالعمل, كما تَدِين تُدان.
22515ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: أئِنّا لَـمَدينُونَ: أئنا لـمـحاسبون.
22516ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين, قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ أئِنّا لَـمَدينُونَ مـحاسبون.

الآية : 54 -57
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {قَالَ هَلْ أَنتُمْ مّطّلِعُونَ * فَاطّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَآءِ الْجَحِيمِ * قَالَ تَاللّهِ إِن كِدتّ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ }.
يقول تعالـى ذكره: قال هذا الـمؤمن الذي أُدخـل الـجنة لأصحابه: هل أنتـم مُطّلِعون فـي النار, لعلـيّ أرى قرينـي الذي كان يقول لـي: إنك لـمن الـمصَدّقـين بأنا مبعوثون بعد الـمـمات. وقوله: فـاطّلَعَ فَرآهُ فِـي سَوَاءِ الـجَحِيـمِ يقول: فـاطلع فـي النار فرآه فـي وَسَط الـجحيـم. وفـي الكلام متروك استغنـي بدلالة الكلام علـيه من ذكره, وهو فقالوا: نعم. وبنـحو الذي قلنا فـي تأويـل قوله: فـاطّلَعَ فَرآهُ فِـي سَوَاءِ الـجَحيـمِ قال: أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
22517ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا أبو صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: فِـي سَوَاءِ الـجَحِيـمِ يعنـي: وفـي وَسَط الـجحيـم.
حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس فِـي سِواءِ الـجَحِيـمِ يعنـي: فـي وسط الـجحيـم.
22518ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا عبـاد بن راشد, عن الـحسن, فـي قوله: فِـي سَواءِ الـجَحِيـمِ يقول: فـي وسط الـجحيـم.
حدثنا ابن سنان, قال: حدثنا عبد الصمد, قال: حدثنا عبـاد بن راشد, قال: سمعت الـحسن, فذكر مثله.
22519ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا سلـيـمان بن حرب, قال: حدثنا أبو هلال, قال: حدثنا قتادة, فـي قوله: سَوَاءِ الـجَحِيـمِ قال: وَسَطها.
حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قال: هَلْ أنْتُـمْ مُطّلِعُونَ قال: سأل ربه أن يطلعه, قال فأطّلَعَ فَرآهُ فِـي سَوَاءِ الـجَحيـمِ: أي فـي وسط الـجحيـم.
22520ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, عن خـلـيد العصري, قال: لولا أن الله عرّفه إياه ما عرفه, لقد تغيّر حِبْرُه وسِبْرُه بعده, وذُكر لنا أنه اطلع فرأى جماجم القوم, فقال: تاللّهِ إنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبّـي لَكُنْتُ مِنَ الـمُـحْضَرِينَ.
22521ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا إبراهيـم بن أبـي الوزير, قال: حدثنا سفـيان بن عيـينة, عن سعيد بن أبـي عروبة, عن قتادة, عن مطرّف بن عبد الله, فـي قوله: فـاطّلَعَ فَرآهُ فِـي سَوَاءِ الـجَحِيـمِ قال: والله لولا أنه عرّفه ما عرفه, لقد غيرت النار حِبْرَهُ وسِبْره.
22522ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ, قوله: هَلْ أنْتُـمْ مُطّلِعُونَ قال: كان ابن عبـاس يقرؤها: «هَلْ أنْتُـمْ مُطّلِعُونِـي فـاطّلَعَ فَرآهُ فِـي سَوَاءِ الـجَحِيـم» قال: فـي وسط الـجحيـم.
وهذه القراءة التـي ذكرها السديّ, عن ابن عبـاس, أنه كان يقرأ فـي مُطّلِعُونَ إن كانت مـحفوظة عنه, فإنها من شواذّ الـحروف, وذلك أن العرب لا تؤثر فـي الـمكنـي من الأسماء إذا اتصل بفـاعل علـى الإضافة فـي جمع أو توحيد, لا يكادون أن يقولوا أنت مُكَلّـمنـي ولا أنتـما مكلـمانـي ولا أنتـم مكلـمونـي ولا مكلـموننـي, وإنـما يقولون أنت مكلّـمي, وأنتـما مكلـماي, وأنتـم مكلّـميّ وإن قال قائل منهم ذلك قاله علـى وجه الغلط توهما به: أنت تكلـمنـي, وأنتـما تكلـماننـي, وأنتـم تكلـموننـي, كما قال الشاعر:
وَما أدْرِي وَظَنّـي كُلّ ظَنّأَمُسْلِـمُنِـي إلـى قَوْمِي شَرَاحِي؟
فقال: مسلـمنـي, ولـيس ذلك وجه الكلام, بل وجه الكلام أمسلـمي فأما إذا كان الكلام ظاهرا ولـم يكن متصلاً بـالفـاعل, فإنهم ربـما أضافوا, وربـما لـم يضيفوا, فـيقال: هذا مكلـم أخاك, ومكلـم أخيك, وهذان مكلـما أخيك, ومكلـمان أخاك, وهؤلاء مكلـمو أخيك, ومكلـمون أخاك وإنـما تـختار الإضافة فـي الـمكنـي الـمتصل بفـاعل لـمصير الـحرفـين بـاتصال أحدهما بصاحبه, كالـحرف الواحد.
وقوله: تاللّهِ إنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ يقول: فلـما رأى قرينه فـي النار قال: تالله إن كدت فـي الدنـيا لتهلكنـي بصدّك إيايّ عن الإيـمان بـالبعث والثواب والعقاب. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
22523ـ حدثنـي مـحمد بن الـحسين, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ قوله: إنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ قال: لتهلكنـي, يقال منه: أردَى فلان فلانا: إذا أهلكه, ورديَ فلانٌ: إذا هلك, كما قال الأعشى.
أَفِـي الطّوْفِ خِفْتِ عَلـيّ الرّدَىوكَمْ مِنْ رَدٍ أهْلَهُ لَـمْ يَرِمْ
يعنـي بقوله «وكم من رد»: وكم من هالك.
وقوله: وَلَوْلا نَعْمَةُ رَبّـي لَكُنْتُ مِنَ الـمُـحْضَرِينَ يقول: ولولا أن الله أنعم علـيّ بهدايته, والتوفـيق للإيـمان بـالبعث بعد الـموت, لكنتُ من الـمـحضَرِين معك فـي عذاب الله, كما:
22524ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة لَكُنْتُ مِنَ الـمُـحْضَرينَ: أي فـي عذاب الله.
22525ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ, قوله: لَكُنْتُ مِنَ الـمُـحْضَرِينَ قال: من الـمعذّبـين.

الآية : 58 -61
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {أَفَمَا نَحْنُ بِمَيّتِينَ * إِلاّ مَوْتَتَنَا الاُولَىَ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذّبِينَ * إِنّ هَـَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * لِمِثْلِ هَـَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ }.
يقول تعالـى ذكره مخبرا عن قـيـل هذا الـمؤمن الذي أعطاه الله ما أعطاه من كرامته فـي جنته سرورا منه بـما أعطاه فـيها أفمَا نَـحْنُ بِـمَيّتِـينَ إلاّ مَوْتَتَنا الأُولـى يقول: أفما نـحن بـميتـين غير موتتنا الأولـى فـي الدنـيا, وَما نَـحْنُ بِـمُعَذّبِـينَ يقول: وما نـحن بـمعذّبـين بعد دخولنا الـجنة إنّ هَذا لَهُوَ الفَوْزُ العَظِيـمُ يقول: إن هذا الذي أعطاناه الله من الكرامة فـي الـجنة, أنا لا نعذّب ولا نـموت, لهو النّـجاء العظيـم مـما كنا فـي الدنـيا نـحذر من عقاب الله, وإدراك ما كنا فـيها, نؤمل بإيـماننا, وطاعتنا ربنا, كما:
22526ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد عن قتادة, قوله: أَفَمَا نَـحْنُ بِـمَيّتِـينَ... إلـى قوله: الفَوْزُ العَظِيـمُ قال: هذا قول أهل الـجنة.
وقوله: لِـمِثْلِ هَذَا فَلَـيْعْمَلِ العامِلُونَ يقول تعالـى ذكره: لـمثل هذا الذي أَعْطَيتُ هؤلاء الـمؤمنـين من الكرامة فـي الاَخرة, فلـيعمل فـي الدنـيا لأنفسهم العاملون, لـيدركوا ما أدرك هؤلاء بطاعة ربهم.
الآية : 62 -66
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {أَذَلِكَ خَيْرٌ نّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزّقّومِ * إِنّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لّلظّالِمِينَ * إِنّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِيَ أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنّهُ رُءُوسُ الشّيَاطِينِ * فَإِنّهُمْ لاَكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: أهذا الذي أعطيت هؤلاء الـمؤمنـين الذين وصفت صفتهم من كرامتـي فـي الـجنة, ورزقتهم فـيها من النعيـم خير, أو ما أعددت لأهل النار من الزّقُوم. وعُنِـي بـالنزل: الفضل, وفـيه لغتان: نُزُل ونُزْل يقال للطعام الذي له ريع: هو طعام له نُزْل ونُزُل. وقوله: أمْ شَجَرَةُ الزّقّومِ ذكر أن الله تعالـى لـما أنزل هذه الاَية قال الـمشركون: كيف ينبتُ الشجر فـي النار, والنار تُـحْرق الشجر؟ فقال الله: إنّا جَعَلْناها فِتْنَةً للظّالِـمِينَ يعنـي لهؤلاء الـمشركين الذين قالوا فـي ذلك ما قالوا, ثم أخبرهم بصفة هذه الشجرة فَقالَ إنّها شَجَرَةُ تَـخْرُجُ فِـي أصْلِ الـجَحِيـمِ. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
22527ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة أذلكَ خَيْرٌ نُزُلاً أمْ شَجَرَةُ الزّقّومِ حتـى بلغ فِـي أصْلِ الـجَحِيـمِ قال: لـما ذكر شجرة الزقوم افتتن الظَلَـمة, فقالوا: ينبئكم صاحبكم هذا أن فـي النار شجرة, والنار تأكل الشجر, فأنزل الله ما تسمعون: إنها شجرة تـخرج فـي أصل الـجحيـم, غُذِيت بـالنار ومنها خُـلقت.
22528ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين, قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ, قال: قال أبو جهل: لـما نزلت إنّ شَجَرَةَ الزّقّومِ قال: تعرفونها فـي كلام العرب: أنا آتـيكم بها, فدعا جارية فقال: ائتـينـي بتـمر وزُبْد, فقال: دونكم تَزَقّموا, فهذا الزّقوم الذي يخوّفكم به مـحمد, فأنزل الله تفسيرها: أذلكَ خَيْرٌ نُزُلاً أمْ شَجَرَةُ الزّقّومِ إنّا جَعَلْناها فِتْنَةً للظّالِـمِينَ قال: لأبـي جهل وأصحابه.
22529ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: إنّا جَعَلْناها فِتْنَةً للظّالِـمينَ قال: قول أبـي جهل: إنـما الزّقوم التـمر والزبد أتَزَفّمه.
وقوله: طَلْعُها كأنّهُ رُؤُوسُ الشّياطِين يقول تعالـى ذكره: كأن طلع هذه الشجرة, يعنـي شجرة الزقوم فـي قُبحه وسماجته رؤوس الشياطين فـي قُبحها.
وذُكر أن ذلك فـي قراءة عبد الله: «إنّها شَجَرَةٌ نابِتَةٌ فِـي أصْلِ الـجَحِيـمِ», كما:
22530ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: طَلْعُها كأنّهُ رُءُوسُ الشّياطِينُ قال: شبهه بذلك.
فإن قال قائل: وما وجه تشبـيهه طلع هذه الشجرة برؤوس الشياطين فـي القبح, ولا علـم عندنا بـمبلغ قبح رؤوس الشياطين, وإنـما يـمثّل الشيء بـالشيء تعريفـا من الـمُـمّثل الـمُـمّثل له قربُ اشتبـاه الـمـمثّل أحدهما بصاحبه مع معرفة الـمُـمَثّل له الشيئين كلـيهما, أو أحدَهما, ومعلوم أن الذين خوطبوا بهذه الاَية من الـمشركين, لـم يكونوا عارفـين شَجَرة الزقوم, ولا برؤوس الشياطين, ولا كانوا رأوهما, ولا واحدا منهما؟.
قـيـل له: أما شجرة الزقوم فقد وصفها الله تعالـى ذكره لهم وبـينها حتـى عرفوها ما هي وما صفتها, فقال لهم: شَجَرَةُ تَـخْرُجُ فِـي أصْلِ الـجَحِيـمِ طَلْعُها كأنّهُ رُؤُوسُ الشّياطِينِ فلـم يتركهم فـي عَماء منها. وأما فـي تـمثـيـله طلعها برؤوس الشياطين, فأقول لكلّ منها وجه مفهوم: أحدها أن يكون مثل ذلك برؤوس الشياطين علـى نـحو ما قد جرى به استعمال الـمخاطبـين بـالاَية بـينهم وذلك أن استعمال الناس قد جرى بـينهم فـي مبـالغتهم إذا أراد أحدهم الـمبـالغة فـي تقبـيح الشيء, قال: كأنه شيطان, فذلك أحد الأقوال. والثانـي أن يكون مُثّل برأس حية معروفة عند العرب تسمى شيطانا, وهي حية لها عُرْف فـيـما ذُكر قبـيح الوجه والـمنظر, وإياه عنى الراجز بقوله:
عَنْـجَرِدٌ تَـحْلِفُ حِينَ أحْلِفُكمِثْلِ شَيْطانِ الـحَماطِ أعْرَفُ
ويروى عُجَيّزٌ. والثالث: أن يكون مثل نبت معروف برؤوس الشياطين ذُكِر أنه قبـيح الرأس فإنّهُمْ لاََكِلُونَ مِنْها فَمالِئُونَ منها البُطُونَ يقول تعالـى ذكره: فإن هؤلاء الـمشركين الذين جعل الله هذه الشجرة لهم فتنة, لاَكلون من هذه الشجرة التـي هي شجرة الزّقوم, فمالئون من زَقّومها بطونهم.
الآية : 67 -70
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {ثُمّ إِنّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ * ثُمّ إِنّ مَرْجِعَهُمْ لإِلَى الْجَحِيمِ * إِنّهُمْ أَلْفَوْاْ آبَآءَهُمْ ضَآلّينَ * فَهُمْ عَلَىَ آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: ثُمّ إنّ لَهُمْ عَلَـيْها لَشَوْبـا مِنْ حَمِيـمٍ ثم إن لهؤلاء الـمشركين علـى ما يأكلون من هذه الشجرة شجرة الزقوم شَوْبـا, وهو الـخَـلْط من قول العرب: شاب فلان طعامه فهو يشوبه شَوْبـا وشيابـا مِنْ حَمِيـمٍ والـحميـم: الـماء الـمـحموم, وهو الذي أُسخْن فـانتهى حرّه, وأصله مفعول صُرف إلـى فعيـل. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
22531ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا أبو صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: ثُمّ إنّ لَهُمْ عَلَـيْها لَشَوْبـا مِنْ حَمِيـمٍ. يقول: لَـمَزْجا.
22532ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: ثُمّ إنّ لَهُمْ عَلَـيْها لَشوْبـا مِنْ حَمِيـمٍ يعنـي: شرب الـحميـم علـى الزّقوم.
22533ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ثُمّ إنّ لَهُمْ عَلَـيْها لَشَوْبـا مِنْ حَمِيـمٍ قال: مِزاجا من حميـم.
22534ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين, قال: حدثنا أحمد بن مفضل, قال: حدثنا أسبـاط, عن السّديّ ثُمّ إنّ لَهُمْ عَلَـيْها لَشَوْبـا مِنْ حَمِيـمٍ قال: الشّوب: الـخَـلْط, وهو الـمَزْج.
22535ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد فـي قوله: ثُمّ إنّ لَهُمْ عَلَـيْها لَشَوْبـا مِنْ حَمِيـمٍ قال: حميـم يُشاب لهم بغسّاق مـما تَغْسِقُ أعينهم, وصديد من قـيحهم ودمائهم مـما يخرج من أجسادهم.
وقوله: ثُمّ إنّ مَرْجِعَهُمْ لإَلـى الـجَحِيـمِ يقول تعالـى ذكره: ثم إن مآبهم ومصيرهم لإلـى الـجحيـم, كما:
22536ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ثُمّ إنّ مَرْجِعَهُمْ لإَلـى الـجَحِيـمِ فهم فـي عنا وعذاب من نار جهنـم, وتلا هذه الاَية: يَطُوفُونَ بَـيْنَهَا وَبـينَ حَمِيـمٍ آنٍ.
22537ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسبـاط, عن السدّي, فـي قوله: ثُمّ إنّ مَرْجِعَهُم لإَلـى الـجَحِيـمِ قال: فـي قراءة عبد الله: «ثُمّ إنّ مُنْقَلَبَهُمْ لإَلـى الـجَحِيـمِ» وكان عبد الله يقول: والذي نفسي بـيده, لا ينتصف النهار يوم القـيامة حتـى يَقِـيـلَ أهلُ الـجنة فـي الـجنة, وأَهلُ النار فـي النار, ثم قال: أصحَابُ الـجَنّةِ يَوْمَئِذٍ خَيُرٌ مُسْتَقَرّا وأحْسَنُ مَقِـيلاً.
22538ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: ثُمّ إنّ مَرْجِعَهُمْ لإَلـى الـجَحِيـمِ قال: موتهم.
وقوله: إنّهُمْ ألْفَوْا آبـاءَهُمْ ضَالـينَ يقول: إن هؤلاء الـمشركين الذين إذا قـيـل لهم: قولوا لا إله إلا الله يستكبرون, وجدوا آبـاءهم ضُلاّلاً عن قصد السبـيـل, غير سالكين مَـحَجّة الـحقّ فَهُمْ علـى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ يقول: فهؤلاء يُسْرع بهم فـي طريقهم, لـيقتفوا آثارهم وسنتهم يقال منه: أُهْرِع فلان: إذا سار سيرا حثـيثا فـيه شبه بـالرعدة. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
22539ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا أبو صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس قوله: إنّهُمْ ألْفَوْا آبـاءَهُمْ ضَالّـينَ: أي وجدوا آبـاءهم ضالّـين.
22540ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: إنّهُمْ ألْفَوْا آبـاءَهُمْ: أي وجدوا آبـاءهم.
وبنـحو الذي قلنا فـي يُهْرَعون أيضا, قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
22541ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: فَهُمْ علـى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ قال: كهيئة الهرْوَلة.
22542ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة فَهُمْ علـى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ: أي يُسرعون إسراعا فـي ذلك.
22543ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين, قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ, فـي قوله: يُهْرَعُونَ قال: يُسْرِعون.
22544ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: يُهْرَعُونَ إلَـيْهِ قال: يستعجلون إلـيه.
الآية : 71 - 74
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَلَقَدْ ضَلّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الأوّلِينَ * وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مّنذِرِينَ * فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ * إِلاّ عِبَادَ اللّهِ الْمُخْلَصِينَ }. يقول تعالـى ذكره: ولقد ضلّ يا مـحمد عن قصد السبـيـل وَمـحجة الـحقّ قبل مشركي قومك من قريش أكثر الأمـم الـخالـية مِن قبلهم وَلَقَدْ أرْسَلْنا فِـيهِمْ مُنْذِرِينَ يقول: ولقد أرسلنا فـي الأمـم التـي خـلت من قبل أمتك, ومن قبل قومك الـمكذّبـيك منذرين تنذرهم بأسنا علـى كفرهم بنا, فكذّبوهم ولـم يقبلوا منهم نصائحهم, فأحللنا بهم بأسنا وعقوبتنا فـانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الـمُنْذَرِينَ يقول: فتأمل وتبـين كيف كان غِبّ أمر الذين أنذَرْتهم أنبـياؤنا, وإلاَمَ صار أمرهم, وما الذي أعقبهم كفرهم بـالله, ألـم نهلكهم فنصيرهم للعبـاد عِبرة ولـمن بعدهم عظة؟.
وقوله: إلاّ عِبـادَ اللّهِ الـمُخْـلَصِينَ يقول تعالـى: فـانظر كيف كان عاقبة الـمنذَرين, إلا عبـاد الله الذين أخـلصناهم للإيـمان بـالله وبرسله واستثنى عبـاد الله من الـمنذَرين, لأن معنى الكلام: فـانظر كيف أهلكنا الـمنذَرين إلا عبـاد الله الـمؤمنـين, فلذلك حسن استثناؤهم منهم. وبنـحو الذي قلنا فـي قوله: إلاّ عِبـادَ اللّهِ الـمُخْـلَصِينَ قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
22545ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين, قال: حدثنا أحمد بن مفضل, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ, فـي قوله: إلاّ عِبـادَ اللّهِ الـمُخْـلَصِينَ قال: الذين استـخـلَصهم الله.
الآية : 75 - 77
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ * وَنَجّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ * وَجَعَلْنَا ذُرّيّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ }.
يقول تعالـى ذكره: لقد نادانا نوح بـمسألته إيانا هلاك قومه, فقال: رَبّ إنّـي دَعَوْتُ قَوْمي لَـيْلاً ونهارا فَلَـمْ يَزِدْهُمْ دُعائي إلاّ فِرَارا... إلـى قوله: رَبّ لا تَذَرْ علـى الأرْضِ مِنَ الكافِرِينَ دَيّارا. وقوله: فَلَنِعْمَ الـمُـجِيبُونَ يقول: فلنعم الـمـجيبون كنا له إذ دعانا, فأجبنا له دعاءه, فأهلكنا قومه وَنَـجّيْناهُ وأهْلَهُ يعنـي: أهل نوح الذين ركبوا معه السفـينة. وقد ذكرناهم فـيـما مضى قبل, وبـيّنا اختلاف العلـماء فـي عددهم. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
22546ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة ولَقَدْ نادَانا نُوحٌ فَلَنَعْمَ الـمُـجِيبُونَ قال: أجابه الله.
وقوله: مِنَ الكَرْبِ العَظِيـمِ يقول: من الأذى والـمكروه الذي كان فـيه من الكافرين, ومن كرب الطّوفـان والغرق الذي هلك به قوم نوح, كما:
22547ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين, قال: حدثنا أحمد بن الـمفضّل, قال: حدثنا أسبـاط عن السديّ وَنـجّيْناهُ وأهْلَهُ مِنَ الكَرْبِ العَظِيـمِ قال: من الغرق.
وقوله: وَجَعَلْنا ذُرّيّتَهُ هُمُ البـاقِـينَ يقول: وجعلنا ذرّية نوح هم الذين بقوا فـي الأرض بعد مَهْلَك قومه, وذلك أن الناس كلهم من بعد مَهْلَك نوح إلـى الـيوم إنـما هم ذرّية نوح, فـالعجم والعرب أولاد سام بن نوح, والترك والصقالبة والـخَزَر أولاد يافث بن نوح, والسودان أولاد حام بن نوح, وبذلك جاءت الاَثار, وقالت العلـماء.
22548ـ حدثنا مـحمد بن بشار, قال: حدثنا ابن عَثْمة, قال: حدثنا سعيد بن بشير, عن قتادة, عن الـحسن, عن سَمُرة, عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم, فـي قوله: وَجَعَلْنا ذُرّيّتَهُ هُمُ البـاقِـينَ قال: «سام وحام ويافث».
22549ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, فـي قوله: وَجَعَلْنا ذُرّيّتَهُ هُمُ البـاقِـينَ قال: فـالناس كلهم من ذرية نوح.
22550ـ حدثنا علـيّ, قال: حدثنا أبو صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـي, عن ابن عبـاس, فـي قوله: وَجَعَلْنا ذُرّيّتَهُ هُمُ البـاقِـينَ يقول: لـم يبق إلا ذريةُ نوح