تفسير الآية - القول في معنى قوله تعالى : وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين ..

  1. تفسير السعدي
  2. تفسير البغوي
  3. التفسير الوسيط
  4. تفسير ابن كثير
  5. تفسير الطبري
الفسير الوسيط | التفسير الوسيط للقرآن الكريم للطنطاوي | تأليف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي (المتوفى: 1431هـ) : ويعتبر هذا التفسير من التفاسير الحديثة و القيمة لطلاب العلم و الباحثين في تفسير القرآن العظيم بأسلوب منهجي سهل و عبارة مفهومة, تفسير الآية 85 من سورةالأنبياء - التفسير الوسيط .
  
   

﴿ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ ۖ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ﴾
[ سورة الأنبياء: 85]

معنى و تفسير الآية 85 من سورة الأنبياء : وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين .


تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

تفسير السعدي : وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين


تفسير الآيتين 85 و 86 :أي: واذكر عبادنا المصطفين، وأنبياءنا المرسلين بأحسن الذكر، وأثن عليهم أبلغ الثناء، إسماعيل بن إبراهيم، وإدريس، وذا الكفل، نبيين من أنبياء بني إسرائيل كُلٌّ من هؤلاء المذكورين مِنَ الصَّابِرِينَ والصبر: هو حبس النفس ومنعها، مما تميل بطبعها إليه، وهذا يشمل أنواع الصبر الثلاثة: الصبر على طاعة الله والصبر عن معصية الله، والصبر على أقدار الله المؤلمة، فلا يستحق العبد اسم الصبر التام، حتى يوفي هذه الثلاثة حقها.
فهؤلاء الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، قد وصفهم الله بالصبر، فدل أنهم وفوها حقها، وقاموا بها كما ينبغي، ووصفهم أيضا بالصلاح، وهو يشمل صلاح القلب، بمعرفة الله ومحبته، والإنابة إليه كل وقت، وصلاح اللسان، بأن يكون رطبا من ذكر الله، وصلاح الجوارح، باشتغالها بطاعة الله وكفها عن المعاصي.
فبصبرهم وصلاحهم، أدخلهم الله برحمته، وجعلهم مع إخوانهم من المرسلين، وأثابهم الثواب العاجل والآجل، ولو لم يكن من ثوابهم، إلا أن الله تعالى نوه بذكرهم في العالمين، وجعل لهم لسان صدق في الآخرين، لكفى بذلك شرفا وفضلا.

تفسير البغوي : مضمون الآية 85 من سورة الأنبياء


قوله عز وجل : ( وإسماعيل ) يعني ابن إبراهيم ، ( وإدريس ) وهو أخنوخ ، ( وذا الكفل كل من الصابرين ) على أمر الله واختلفوا في ذا الكفل .
قال عطاء : إن نبيا من أنبياء بني إسرائيل أوحى الله إليه أني أريد قبض روحك فاعرض ملكك على بني إسرائيل فمن تكفل لك أن يصلي بالليل لا يفتر ويصوم بالنهار ولا يفطر ويقضي بين الناس ولا يغضب فادفع ملكك إليه ففعل ذلك فقام شاب فقال أنا أتكفل لك بهذا فتكفل ووفى به فشكر الله له ونبأه فسمي ذا الكفل .
وقال مجاهد : لما كبر اليسع قال [ لو ] أني أستخلف رجلا على الناس يعمل عليهم في حياتي حتى أنظر كيف يعمل قال فجمع الناس فقال من يتقبل مني بثلاث أستخلفه يصوم النهار ويقوم الليل ولا يغضب فقام رجل تزدريه العين فقال أنا فرده ذلك اليوم وقال مثلها اليوم الآخر فسكت الناس وقام ذلك الرجل فقال : أنا فاستخلفه فأتاه إبليس في صورة شيخ ضعيف حين أخذ مضجعه للقائلة وكان لا ينام بالليل [ والنهار ] إلا تلك النومة فدق الباب فقال من هذا؟ قال شيخ كبير مظلوم فقام ففتح الباب فقال إن بيني وبين قومي خصومة وإنهم ظلموني وفعلوا وفعلوا فجعل يطول حتى حضر الرواح وذهبت القائلة ، فقال إذا رحت فائتني [ فإني ] آخذ حقك فانطلق وراح فكان في مجلسه ينظر هل يرى الشيخ فلم يره فقام يبتغيه فلما كان الغد جلس يقضي بين الناس وينتظره فلا يراه فلما رجع إلى القائلة فأخذ مضجعه أتاه فدق الباب فقال من هذا؟ فقال الشيخ المظلوم ففتح [ له الباب ] فقال ألم أقل لك إذا قعدت فائتني؟ فقال إنهم أخبث قوم إذا عرفوا أنك قاعد قالوا نحن نعطيك حقك وإذا قمت جحدوني قال فانطلق فإذا رحت فائتني ففاتته القائلة وراح فجعل ينظر فلا يراه فشق عليه النعاس فقال لبعض أهله لا تدعن أحدا يقرب هذا الباب حتى أنام فإنه قد شق علي النوم فلما كان تلك الساعة جاء فلم يأذن له الرجل فلما أعياه نظر فرأى كوة في البيت فتسور منها فإذا هو في البيت يدق الباب من داخل فاستيقظ فقال يا فلان ألم آمرك ، فقال أما من قبلي فلم تؤت فانظر من أين أتيت فقام إلى الباب فإذا هو مغلق كما أغلقه وإذا الرجل معه في البيت فقال أتنام والخصوم ببابك؟ فعرفه فقال أعدو الله؟ قال نعم أعييتني ففعلت ما ترى لأغضبك فعصمك الله فسمي ذا الكفل لأنه تكفل بأمر فوفى به .
وقيل إن إبليس جاءه وقال إن لي غريما يمطلني فأحب أن تقوم معي وتستوفي حقي منه فانطلق معه حتى إذا كان في السوق خلاه وذهب وروي أنه اعتذر إليه وقال إن صاحبي هربوقيل إن ذا الكفل رجل كفل أن يصلي كل ليلة مائة ركعة إلى أن يقبضه الله فوفى به .
واختلفوا في أنه كان نبيا ، فقال بعضهم كان نبيا .
وقيل هو إلياس .
وقيل: زكريا .
وقال أبو موسى : لم يكن نبيا ولكن كان عبدا صالحا .

التفسير الوسيط : وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين


وإسماعيل: هو الابن الأكبر لإبراهيم- عليهما السلام- وهو الذبيح الذي افتداه الله-تبارك وتعالى- بذبح عظيم.
وإدريس: هو واحد من أنبياء الله-تبارك وتعالى-، قالوا: وهو جد نوح- عليه السلام- وأنه ولد في حياة آدم، وبعث بعد موته.
أما ذو الكفل: فقد قال الآلوسى في شأنه ما ملخصه: ظاهر نظم ذي الكفل في سلك الأنبياء أنه منهم، وهذا ما ذهب إليه الأكثر.
واختلف في اسمه: فقيل: بشر وهو ابن أيوب، بعثه الله-تبارك وتعالى- بعد أبيه، وكان مقيما بالشام.
وقيل: هو إلياس بن ياسين وينتهى نسبه إلى هارون- عليه السلام-.
وقيل: هو زكريا والد يحيى- عليهما السلام- وسمى بذلك لكفالته مريم.
وقيل: لم يكن نبيا وإنما كان عبدا صالحا..» .
ثم مدح- سبحانه - هؤلاء الأنبياء فقال: كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ أى: كل واحد منهم من عبادنا الصابرين الذين تحملوا في سبيلنا الكثير من المصاعب والآلام.

تفسير ابن كثير : شرح الآية 85 من سورة الأنبياء


أما إسماعيل فالمراد به ابن إبراهيم الخليل ، عليهما السلام ، وقد تقدم ذكره في سورة مريم ، وكذلك إدريس ، عليه السلام وأما ذو الكفل فالظاهر من السياق أنه ما قرن مع الأنبياء إلا وهو نبي . وقال آخرون : إنما كان رجلا صالحا ، وكان ملكا عادلا وحكما مقسطا ، وتوقف ابن جرير في ذلك ، فالله أعلم .وقال ابن جريج ، عن مجاهد في قوله : ( وذا الكفل ) قال : رجل صالح غير نبي ، تكفل لنبي قومه أن يكفيه أمر قومه ويقيمهم له ويقضي بينهم بالعدل ، ففعل ذلك ، فسمي : ذا الكفل . وكذا روى ابن أبي نجيح ، عن مجاهد أيضا .وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عفان ، حدثنا وهيب ، حدثنا داود ، عن مجاهد قال : لما كبر اليسع قال : لو أني استخلفت رجلا على الناس يعمل عليهم في حياتي ، حتى أنظر كيف يعمل؟ فجمع الناس ، فقال : من يتقبل مني بثلاث : أستخلفه يصوم النهار ، ويقوم الليل ، ولا يغضب . قال : فقام رجل تزدريه العين ، فقال : أنا . فقال : أنت تصوم النهار ، وتقوم الليل ، ولا تغضب؟ قال : نعم ، قال : فردهم ذلك اليوم ، وقال مثلها في اليوم الآخر ، فسكت الناس ، وقام ذلك الرجل وقال : أنا . فاستخلفه ، قال : وجعل إبليس يقول للشياطين : عليكم بفلان . فأعياهم ذلك ، قال : دعوني وإياه ، فأتاه في صورة شيخ كبير فقير ، فأتاه حين أخذ مضجعه للقائلة - وكان لا ينام الليل والنهار إلا تلك النومة - فدق الباب ، فقال : من هذا؟ قال : شيخ كبير مظلوم . قال : فقام ففتح الباب ، فجعل يقص عليه ، فقال : إن بيني وبين قومي خصومة ، وإنهم ظلموني ، وفعلوا بي وفعلوا . وجعل يطول عليه حتى حضر الرواح وذهبت القائلة ، فقال : إذا رحت فأتني آخذ لك بحقك . فانطلق ، وراح . فكان في مجلسه ، فجعل ينظر هل يرى الشيخ؟ فلم يره ، فقام يتبعه ، فلما كان الغد جعل يقضي بين الناس ، وينتظره ولا يراه ، فلما رجع إلى القائلة فأخذ مضجعه ، أتاه فدق الباب ، فقال : من هذا؟ قال الشيخ الكبير المظلوم . ففتح له فقال : ألم أقل لك إذا قعدت فأتني؟ قال : إنهم أخبث قوم ، إذا عرفوا أنك قاعد قالوا : نحن نعطيك حقك . وإذا قمت جحدوني . قال : فانطلق ، فإذا رحت فأتني . قال : ففاتته القائلة ، فراح فجعل ينتظره ولا يراه ، وشق عليه النعاس ، فقال لبعض أهله : لا تدعن أحدا يقرب هذا الباب حتى أنام ، فإني قد شق علي النوم . فلما كان تلك الساعة أتاه فقال له الرجل : وراءك وراءك؟ فقال : إني قد أتيته أمس ، فذكرت له أمري ، فقال : لا والله لقد أمرنا ألا ندع أحدا يقربه . فلما أعياه نظر فرأى كوة في البيت ، فتسور منها ، فإذا هو في البيت ، وإذا هو يدق الباب من داخل ، قال : فاستيقظ الرجل فقال : يا فلان ، ألم آمرك؟ فقال أما من قبلي والله فلم تؤت ، فانظر من أين أتيت؟ قال : فقام إلى الباب فإذا هو مغلق كما أغلقه ، وإذا الرجل معه في البيت ، فعرفه ، فقال : أعدو الله؟ قال : نعم ، أعييتني في كل شيء ، ففعلت ما ترى لأغضبك . فسماه الله ذا الكفل ; لأنه تكفل بأمر فوفى به .وهكذا رواه ابن أبي حاتم ، من حديث زهير بن إسحاق ، عن داود ، عن مجاهد ، بمثله .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أحمد بن يونس ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن الأعمش ، عن مسلم ، قال : قال ابن عباس : كان قاض في بني إسرائيل ، فحضره الموت ، فقال : من يقوم مقامي على ألا يغضب؟ قال : فقال رجل : أنا . فسمي ذا الكفل . قال : فكان ليله جميعا يصلي ، ثم يصبح صائما فيقضي بين الناس - قال : وله ساعة يقيلها - قال : فكان كذلك ، فأتاه الشيطان عند نومته ، فقال له أصحابه : ما لك؟ قال : إنسان مسكين ، له على رجل حق ، وقد غلبني عليه . قالوا : كما أنت حتى يستيقظ - قال : وهو فوق نائم قال : فجعل يصيح عمدا حتى يوقظه ، قال : فسمع ، فقال : ما لك؟ قال : إنسان مسكين ، له على رجل حق . قال : اذهب فقل له يعطيك . قال : قد أبى . قال : اذهب أنت إليه . قال : فذهب ، ثم جاء من الغد ، فقال : ما لك؟ قال : ذهبت إليه فلم يرفع بكلامك رأسا . قال : اذهب إليه فقل له يعطيك حقك ، قال : فذهب ، ثم جاء من الغد حين قال ، قال : فقال له أصحابه : اخرج ، فعل الله بك ، تجيء كل يوم حين ينام ، لا تدعه ينام؟ . فجعل يصيح : من أجل أني إنسان مسكين ، لو كنت غنيا؟ قال : فسمع أيضا ، فقال : ما لك؟ قال : ذهبت إليه فضربني . قال : امش حتى أجيء معك . قال : فهو ممسك بيده ، فلما رآه ذهب معه نثر يده منه ففر .وهكذا روي عن عبد الله بن الحارث ، ومحمد بن قيس ، وابن حجيرة الأكبر ، وغيرهم من السلف ، نحو من هذه القصة ، والله أعلم .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو الجماهر ، أخبرنا سعيد بن بشير ، حدثنا قتادة ، عن أبي كنانة بن الأخنس قال : سمعت الأشعري وهو يقول على هذا المنبر : ما كان ذو الكفل بنبي ، ولكن كان - يعني : في بني إسرائيل - رجل صالح يصلي كل يوم مائة صلاة ، فتكفل له ذو الكفل من بعده ، فكان يصلي كل يوم مائة صلاة ، فسمي ذا الكفل .وقد رواه ابن جرير من حديث عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة قال : " قال أبو موسى الأشعري . . . " فذكره منقطعا ، والله أعلم .وقد روى الإمام أحمد حديثا غريبا فقال :حدثنا أسباط بن محمد ، حدثنا الأعمش ، عن عبد الله بن عبد الله ، عن سعد مولى طلحة ، عن ابن عمر قال : سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا لو لم أسمعه إلا مرة أو مرتين - حتى عد سبع مرات - ولكن قد سمعته أكثر من ذلك ، قال : " كان الكفل من بني إسرائيل ، لا يتورع من ذنب عمله ، فأتته امرأة فأعطاها ستين دينارا ، على أن يطأها ، فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته ، أرعدت وبكت ، فقال : ما يبكيك؟ أكرهتك؟ قالت : لا ولكن هذا عمل لم أعمله قط ، وإنما حملني عليه الحاجة . قال : فتفعلين هذا ولم تفعليه قط؟ فنزل فقال : اذهبي فالدنانير لك . ثم قال : " والله لا يعصي الله الكفل أبدا . فمات من ليلته فأصبح مكتوبا على بابه : قد غفر الله للكفل " .هكذا وقع في هذه الرواية " الكفل " ، من غير إضافة ، فالله أعلم . وهذا الحديث لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة ، وإسناده غريب ، وعلى كل تقدير فلفظ الحديث إن كان " الكفل " ، ولم يقل : " ذو الكفل " ، فلعله رجل آخر ، والله أعلم .

تفسير الطبري : معنى الآية 85 من سورة الأنبياء


يعني تعالى ذكره بإسماعيل: إسماعيل بن إبراهيم صادق الوعد ، وبإدريس: أخنوخ ، وبذي الكفل: رجلا تكفل من بعض الناس ، إما من نبيّ وإما من ملك من صالحي الملوك بعمل من الأعمال ، فقام به من بعده ، فأثنى الله عليه حسن وفائه بما تكفل به ، وجعله من المعدودين في عباده ، مع من حمد صبره على طاعة الله، وبالذي قلنا في أمره جاءت الأخبار عن سلف العلماء.
*ذكر الرواية بذلك عنهم: حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبد الله بن الحارث: أن نبيا من الأنبياء ، قال: من تكفل لي أن يصوم النهار ويقوم الليل ، ولا يغضب ، فقام شاب فقال: أنا ، فقال : اجلس: ثم عاد فقال: من تكفل لي أن يقوم الليل ويصوم النهار ، ولا يغضب؟ فقام ذلك الشاب فقال: أنا، فقال: اجلس، ثم عاد فقال: من تكفل لي أن يقوم الليل ، ويصوم النهار ، ولا يغضب؟ فقام ذلك الشاب فقال: أنا ، فقال: تقوم الليل، وتصوم النهار ، ولا تغضب فمات ذلك النبيّ ، فجلس ذلك الشاب مكانه يقضي بين الناس ، فكان لا يغضب، فجاءه الشيطان في صورة إنسان ليُغضبه وهو صائم يريد أن يقيل ، فضرب الباب ضربا شديدا ، فقال: من هذا؟ فقال: رجل له حاجة، فأرسل معه رجلا فقال: لا أرضى بهذا الرجل، فأرسل معه آخر ، فقال: لا أرضى بهذا، فخرج إليه فأخذ بيده ، فانطلق معه ، حتى إذا كان في السوق خلاه وذهب ، فسمي ذا الكفل.
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا عفان بن مسلم ، قال : ثنا وهيب ، قال : ثنا داود ، عن مجاهد ، قال: لما كبر اليسع قال: لو أني استخلفت على الناس رجلا يعمل عليهم في حياتي حتى أنظر كيف يعمل، قال: فجمع الناس ، فقال: من يتقبل لي بثلاث أستخلفه: يصوم النهار ، ويقوم الليل ، ولا يغضب ، قال: فقام رجل تزدريه العين ، فقال: أنا، فقال: أنت تصوم النهار ، وتقوم الليل ولا تغضب؟ قال: نعم، قال: فردّهم ذلك اليوم ، وقال مثلها اليوم الآخر ، فسكت الناس وقام ذلك الرجل ، فقال: أنا، فاستخلفه، قال: فجعل إبليس يقول للشياطين: عليكم بفلان، فأعياهم ، فقال: دعوني وإياه، فأتاه في صورة شيخ كبير فقير ، فأتاه حين أخذ مضجعه للقائلة ، وكان لا ينام الليل والنهار إلا تلك النومة ، فدقّ الباب ، فقال: من هذا؟ قال: شيخ كبير مظلوم، قال: فقام ففتح الباب ، فجعل يقص عليه ، فقال: إن بيني وبين قومي خصومة ، وإنهم ظلموني وفعلوا بي وفعلوا، فجعل يطوّل عليه ، حتى حضر الرواح ، وذهبت القائلة ، وقال: إذا رحت فأتني آخذ لك بحقك، فانطلق وراح ، فكان في مجلسه ، فجعل ينظر هل يرى الشيخ ، فلم يره ، فجعل يبتغيه فلما كان الغد جعل يقضي بين الناس وينتظره فلا يراه، فلما رجع إلى القائلة ، فأخذ مضجعه ، أتاه فدقّ الباب ، فقال: من هذا؟ قال: الشيخ الكبير المظلوم، ففتح له ، فقال: ألم أقل لك إذا قعدت فأتني، فقال: إنهم أخبث قوم إذا عرفوا أنك قاعد ، قالوا نحن نعطيك حقك ، وإذا قمت جحدوني، قال: فانطلق فإذا رحت فأتني، قال: ففاتته القائلة ، فراح فجعل ينظر فلا يراه ، فشقّ عليه النعاس ، فقال لبعض أهله: لا تدعن أحدا يقرب هذا الباب حتى أنام ، فإني قد شقّ عليّ النوم، فلما كان تلك الساعة جاء ، فقال له الرجل وراءك ، فقال: إني قد أتيته أمس فذكرت له أمري ، قال: والله لقد أمرنا أن لا ندع أحدا يقربه، فلما أعياه نظر فرأى كوّة في البيت ، فتسوّر منها ، فإذا هو في البيت ، وإذا هو يدقّ الباب ، قال: واستيقظ الرجل فقال: يا فلان ، ألم آمرك؟ قال: أما من قِبلي والله فلم تؤت ، فانظر من أين أتيت، قال: فقام إلى الباب ، فإذا هو مغلق كما أغلقه ، وإذا هو معه في البيت ، فعرفه فقال: أعدوّ الله؟ قال: نعم أعييتني في كل شيء ، ففعلت ما ترى لأغضبك، فسماه ذا الكفل ، لأنه تكفل بأمر فوفى به.
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال: ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، في قوله ( وَذَا الْكِفْلِ ) قال رجل صالح غير نبيّ ، تكفل لنبيّ قومه أن يكفيه أمر قومه ، ويقيمه لهم ، ويقضي بينهم بالعدل ، ففعل ذلك ، فسمي ذا الكفل.
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد بنحوه ، إلا أنه قال: ويقضي بينهم بالحق.
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال: ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن أبي معشر ، عن محمد بن قيس قال: كان في بني إسرائيل ملك صالح ، فكبر ، فجمع قومه فقال: أيكم يكفل لي بملكي هذا ، على أن يصوم النهار، ويقوم الليل ، ويحكم بين بني إسرائيل بما أنزل الله ، ولا يغضب؟ قال: فلم يقم أحد إلا فتى شاب ، فازدراه لحداثة سنه فقال: أيكم يكفل لي بملكي هذا على أن يصوم النهار، ويقوم الليل ، ولا يغضب ، ويحكم بين بني إسرائيل بما أنزل الله؟ فلم يقم إلا ذلك الفتى، قال: فازدراه ، فلما كانت الثالثة قال مثل ذلك ، فلم يقم إلا ذلك الفتى ، فقال: تعال، فخلى بينه وبين ملكه، فقام الفتى ليلة، فلما أصبح جعل يحكم بين بني إسرائيل، فلما انتصف النهار دخل ليقيل ، فأتاه الشيطان في صورة رجل من بني آدم ، فجذب ثوبه ، فقال: أتنام والخصوم ببابك؟ قال: إذا كان العشية فأتني، قال: فانتظره بالعشيّ فلم يأته، فلما انتصف النهار دخل ليقيل ، جذب ثوبه ، وقال: أتنام والخصوم على بابك؟ قال: قلت لك: ائتني العشيّ فلم تأتني ، ائتني بالعشي، فلما كان بالعشيّ انتظره فلم يأت، فلما دخل ليقيل جذب ثوبه ، فقال: أتنام والخصوم ببابك؟ قال: أخبرني من أنت ، لو كنت من الإنس سمعت ما قلت، قال: هو الشيطان ، جئت لأفتنك فعصمك الله مني، فقضى بين بني إسرائيل بما أنزل الله زمانا طويلا وهو ذو الكفل ، سمي ذا الكفل لأنه تكفل بالملك.
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أبي موسى الأشعري ، قال وهو يخطب الناس: إن ذا الكفل لم يكن نبيا ولكن كان عبدا صالحا ، تكفل بعمل رجل صالح عند موته ، كان يصلي لله كل يوم مائة صلاة ، فأحسن الله عليه الثناء في كفالته إياه.
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا الحكم ، قال : ثنا عمرو ، قال: أما ذو الكفل فإنه كان على بني إسرائيل ملك، فلما حضره الموت ، قال: من يكفل لي أن يكفيني بني إسرائيل، ولا يغضب ، ويصلي كل يوم مائة صلاة، فقال ذو الكفل: أنا، فجعل ذو الكفل يقضي بين الناس ، فإذا فرغ صلى مائة صلاة، فكاده الشيطان ، فأمهله حتى إذا قضى بين الناس ، وفرغ من صلاته وأخذ مضجعه فنام ، أتى الشيطان بابه فجعل يدقه ، فخرج إليه ، فقال: ظُلمت وصُنع بي، فأعطاه خاتمه وقال: اذهب فأتني بصاحبك، وانتظره ، فأبطأ عليه الآخر ، حتى إذا عرف أنه قد نام وأخذ مضجعه ، أتى الباب أيضا كي يغضبه ، فجعل يدقه ، وخدش وجه نفسه فسالت الدماء ، فخرج إليه فقال: ما لك؟ فقال: لم يتبعني ، وضُربت وفعل، فأخذه ذو الكفل ، وأنكر أمره ، فقال: أخبرني من أنت؟ وأخذه أخذا شديدا ، قال: فأخبره من هو.
حدثنا الحسن ، قال: أخبرنا عبد الرزاق ، قال: أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله ( وَذَا الْكِفْلِ ) قال: قال أبو موسى الأشعري: لم يكن ذو الكفل نبيا ، ولكنه كفل بصلاة رجل كان يصلي كل يوم مائة صلاة ، فوفى ، فكفل بصلاته ، فلذلك سمي ذا الكفل، ونصب إسماعيل وإدريس وذا الكفل ، عطفا على أيوب ، ثم استؤنف بقوله ( كُلّ ) فقال ( كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ ) ومعنى الكلام: كلهم من أهل الصبر فيما نابهم في الله.

وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين

سورة : الأنبياء - الأية : ( 85 )  - الجزء : ( 17 )  -  الصفحة: ( 329 ) - عدد الأيات : ( 112 )

تفسير آيات من القرآن الكريم

  1. تفسير: وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين
  2. تفسير: وفاكهة وأبا
  3. تفسير: قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم
  4. تفسير: إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من
  5. تفسير: واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين
  6. تفسير: كلا والقمر
  7. تفسير: فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح المجرمون
  8. تفسير: لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير
  9. تفسير: ويمنعون الماعون
  10. تفسير: ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول

تحميل سورة الأنبياء mp3 :

سورة الأنبياء mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الأنبياء

سورة الأنبياء بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة الأنبياء بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة الأنبياء بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة الأنبياء بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة الأنبياء بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة الأنبياء بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة الأنبياء بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة الأنبياء بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة الأنبياء بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة الأنبياء بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري

,

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب